
لماذا يعني نهائي كأس إنجلترا كثيرا لكريستال بالاس ومانشستر سيتي؟
تماماً في اللحظة التي كانت مسيرة كريستال بالاس في كأس الاتحاد الإنجليزي على وشك الانطلاق، قدم المدرب أوليفر غلاسنر لمحة بسيطة عن أحد الأسباب التي تقف وراء ذلك، فقد كان المدرب النمسوي يستقر على مقاعد البدلاء قبل الانتصار الكاسح بنتيجة (3 - 0) على فولهام في ملعب "كرافن كوتيدج"، ووجد لحظة ليقدر الأجواء المحيطة.
وقال غلاسنر بحماس "لهذا السبب أحب كرة القدم"، ولا شك أن بيب غوارديولا سيوافقه الرأي حينما يخطو إلى أرضية ملعب "ويمبلي" قبيل نهائي السبت بين بالاس ومانشستر سيتي، بعدما وصف هذا الأسبوع كأس الاتحاد الإنجليزي بأنها "أجمل بطولة كؤوس محلية في العالم".
وقد أبدى غلاسنر احتراماً كبيراً لهذه المكانة طوال مشوار بالاس في البطولة، من دون أن يظهر أدنى تهاون أو ما يشبه المواقف الحديثة تجاه الكأس.
لقد دفع بتشكيلة كاملة في كل جولة، وتعامل مع كل مباراة كما لو كانت نهائياً بحد ذاته، ومن المرجح أن يكون كريستال بالاس أكثر من سيثمن الفوز بالنهائي الحقيقي، ربما أكثر من أي ناد إنجليزي آخر، نظراً إلى عدم فوز النادي بأي لقب كبير في تاريخه.
وكان أقرب ما وصل إليه بالاس هما نهائيان سابقان في كأس الاتحاد، خسر كليهما أمام مانشستر يونايتد، ومن المحتمل أن تعرض لقطات كثيرة منهما في التمهيد للمباراة، وقد يتماشى هذا الشعور بالحنين مع اللحظة.
من السمات البارزة لموسم كريستال بالاس أن غلاسنر كان يطلب من اللاعبين الاستماع إلى أصوات البهجة القادمة من ساحة المدرسة القريبة من ملعب التدريب، وهي نصيحة لن تكون أكثر ملاءمة مما هي عليه قبل مباراة يمكن أن تتحقق فيها أحلام الطفولة، والهدف الأعمق من ذلك هو تذكير اللاعبين بسببهم الأول لممارسة كرة القدم، واستمداد الطاقة من هذا الشعور.
ويعد هذا النهائي الـ145 بمثابة عودة إلى الجذور من هذه الزاوية، إذ إن هذا اللقاء تحديداً يجمع بين عناصر يفضل كثر وجودها في مثل هذه المواجهات.
فمن جهة، هناك فريق من وسط الترتيب يتقدم بثبات ويملك رغبة حقيقية في التتويج، فريق يذوق طعم المتعة من مجرد الوصول إلى "ويمبلي"، ومن الجهة الأخرى، هناك أحد أفضل الفرق في إنجلترا، وإن كان يمر بلحظة ضعف تجعله يقدر هذه الكأس لأسباب مختلفة تماماً.
ثمة احتمال كبير في الأقل بأن نشهد مباراة مثيرة تنبض بالحماس، فكريستال بالاس غالباً ما يقدم أداءً جيداً أمام مانشستر سيتي، على رغم أن كثيراً من ذلك يظل مرهوناً بجاهزية فريق غوارديولا.
وقد وصف إيرلينغ هالاند هذا الموسم بأنه "كارثي" و"مروع" عشية النهائي، لكنه أضاف أن ذلك يعكس في الوقت نفسه جودة فريقه الجوهرية من حيث إنهم "على رغم كل شيء، تمكنوا من الوصول إلى هنا".
والمقصود بـ"هنا" هو أن يصبح سيتي النادي الـ10 فقط الذي يبلغ النهائي ثلاث مرات متتالية، فيما يسعى الفريق لمعادلة أندية تشيلسي وليفربول وتوتنهام هوتسبير كثالث أكثر الأندية فوزاً بالبطولة برصيد ثمانية ألقاب.
وربما يظهر اسم الراعي "طيران الإمارات" حرفياً على العلامة التجارية للكأس، لكن الجائزة الحقيقية التي تزين الكأس من جميع جوانبها هي ملك لجارتها أبوظبي، التي تملك الأصل الرياضي الأغلى.
وحرص هالاند على التأكيد بأن تعليقاته جاءت في سياق "المعايير" التي وضعها مانشستر سيتي خلال هذه الحقبة، لكن الشعور السائد يبقى أنه مجرد سعي إلى إضفاء بعض المجد على حملة يمكن وصفها بالنسيان، أما بالنسبة إلى كريستال بالاس فإن الفوز سيكون ذكرى لا تنسى مدى الحياة.
ولهذا يصعب ألا يكون فريق غلاسنر هو محور الاهتمام، فبالنسبة إلى سيتي الأمر روتيني، أما بالنسبة إلى بالاس فهو شيء استثنائي بحق.
لقد كان النادي الواقع في جنوب لندن، وبخاصة اللاعب المتألق إيبيريشي إيزي، بمثابة وجه لانتعاشة كأس الاتحاد الإنجليزي هذا الموسم، وكأننا عدنا لنذكر أنفسنا بما تمثله هذه البطولة حقاً.
وقد أسهمت بعض التغييرات في ذلك، فعلى رغم أنها خالفت التقاليد، فإن إلغاء مباريات الإعادة قد عزز فعلياً من روح الكأس الحقيقية، ومنح الإحساس بضرورة الحسم في اليوم ذاته.
ومع ذلك فإن الطابع العام لهذا الموسم يعد في الغالب نتيجة غير مقصودة لعملية "التمويل المتزايد" لكرة القدم، فقد تكون كأس الاتحاد الإنجليزي هي المسابقة التي تضررت أكثر من غيرها ضمن هذا الإطار، في الأقل من حيث ما كانت تمثله سابقاً.
ويكفي أن ننظر إلى نهائي الدوري الأوروبي الأربعاء المقبل بين مانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبير، الذي يبدو وكأنه مباراة أكبر بكثير، ويعود معظم ذلك إلى إدراجه في سياق التأهل لدوري أبطال أوروبا، وما يعنيه من أرباح مستقبلية قد تصل إلى 100 مليون جنيه استرليني (133.05 مليون دولار)، فلم يعد الأمر بالضرورة متعلقاً بالكأس نفسها.
وهذا ما يجعل وضع كأس الاتحاد الإنجليزي في العصر الحديث أكثر وضوحاً، فالمشكلة لم تعد في أنها أصبحت بلا معنى فحسب، بل في أنها أصبحت بلا مردود مالي أيضاً.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سيحصل الفائزون على ما يقل قليلاً عن 4 ملايين جنيه استرليني (5.32 مليون دولار)، وهو مبلغ يقل ببضعة مئات الآلاف عما تتقاضاه الأندية نظير مباراة واحدة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأقل من نصف ما تتقاضاه نظير مباراة واحدة في دوري أبطال أوروبا، وكل ذلك أصبح ذا أهمية مضاعفة في عالم تحكمه لوائح الربح والاستدامة المالية (بي أس آر).
ومع ذلك فإن هذه اللوائح والثروات نفسها هي ما أفضى إلى هذا التأثير غير المتوقع، فالضغط المالي تسبب في فوائض في الطاقة الكروية، فقد شهد الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم طبقة وسطى قوية من الأندية، غنية بالمواهب الحقيقية.
وكان كريستال بالاس مثالاً بارزاً على ذلك، بالنظر إلى عدد الأندية التي ترغب في ضم إيزي وآدم وارتون وجان فيليب ماتيتا، ومارك غويي وماكسنس لاكرو، وقد استطاع ستيف باريش فرض أسعار لا يمكن للآخرين تحملها في ظل قيود "بي أس آر"، لأن بالاس نفسه أصبح مدعوماً بمال وفير من أكثر من عقد في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وعلى رغم أن معظم هذه الأندية المتوسطة لم تتمكن في النهاية من المنافسة على مراكز دوري الأبطال، فإنها كانت قوية بما يكفي لتقديم مشوار ناجح في كأس الاتحاد الإنجليزي.
وعند هذه النقطة يبدأ شيء آخر بالظهور، شيء أكثر عاطفية، فعندما تقترب أكثر من الكأس، يتلاشى الحديث عن المال في أذهان اللاعبين، وحينها يرون المجد ويرون الصور العظيمة من الماضي، ويشعرون بفرصة نقش أسمائهم في سجل التاريخ.
وهذا هو الشعور السائد الآن في كريستال بالاس، فقد وصل الفريق إلى مرحلة متقدمة، يمتلك فيها مجموعة جيدة من اللاعبين يعملون بانسجام دقيق تحت قيادة مدربهم.
ويقول المطلعون داخل النادي إن اللاعبين ينظرون إلى غلاسنر باعتباره قائداً في ذروة تألقه المهني، وهناك انسجام تكتيكي عميق بين خطوط الفريق المختلفة، ويعد دانييل مونيوز صفقة بارزة ربطت بين العناصر بكفاءة عالية، أما المنافسون فيصفون غويي ولاكرو وكريس ريتشاردز بأنهم من أفضل الثلاثيات الدفاعية في الدوري.
يمكن لكريستال بالاس أن يلعب بأسلوب عنيف إن تطلب الأمر، أو بأسلوب سلس وجميل، بحسب ما تفرضه الظروف، وكثير من لاعبي الهجوم لديهم القدرة على تقديم لمسات استثنائية، وعلى رأسهم إيزي، الذي قد يجعل من هذه النسخة من كأس الاتحاد الإنجليزي ملكاً له، فقد تألق بالفعل في نصف النهائي، وأسهم في تفكيك أستون فيلا بثلاثية نظيفة بطريقة نادراً ما حدثت، ولو أن آدم وارتون كان النجم الأبرز خلفه في الملعب، ويُعتقد أنه لو كان وارتون لائقاً بدنياً طوال الموسم، لربما كان بالاس من فرق النخبة الثمانية في الجدول، لكن الأهم من كل ذلك هو أن الفريق نفسه يؤمن بقدرته على هزيمة أي خصم، ومع ذلك هنا يظهر الأثر المباشر لـ"التمويل المتزايد" على أرضية الملعب.
عاد مانشستر سيتي ليبدو أقرب إلى نسخته القديمة، لا سيما في مباريات الكأس، ويرى بعض المتابعين أن ذلك جاء بعد إنفاق يقارب ربع مليار جنيه استرليني (332.63 مليون دولار) في يناير (كانون الثاني) الماضي. وقدم عمر مرموش أداءً استثنائياً، وبغض النظر عن ذلك فإن لعب الفريقين في أفضل حالاتهما يعني – على الأرجح – فوز سيتي بفارق هدفين.
هذه هي الحقيقة ببساطة، وقد ظهر ذلك جلياً حين تغلبوا أخيراً على بالاس بنتيجة (5 - 2) في الدوري، بعدما كانوا متأخرين (0 - 2).
ولهذا السبب يتعين على كريستال بالاس أن يغير هذه الحقيقة. عليه أن يخترق صفوف سيتي، ويتعامل معهم بندية. فما زال فريق غوارديولا يعاني بعض المشكلات، كما ظهر في تعادلهم السلبي خارج أرضهم أمام ساوثهامبتون.
على أقل تقدير هذا النهائي ليس تحصيل حاصل، إنه متوازن بدقة ما بين الإحساس بالتاريخ وتكرار المألوف، ما بين رومانسية الحلم وقوة الموارد.
إنها مباراة حقيقية، برهانات حقيقية، ولهذا نحب كرة القدم، ولهذا تظل كأس الاتحاد الإنجليزي عظيمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 2 ساعات
- سعورس
غوارديولا مدرب سيتي يرغب في العمل مع تشكيلة أصغر حجما
ويملك سيتي 28 لاعبا في الفريق الأول دون احتساب أربعة لاعبين على سبيل الإعارة ويملك واحدا من أكثر الفرق قيمة في العالم إذ تقدر بعض التقارير الإعلامية قيمته بأكثر من 1.3 مليار يورو (1.47 مليار دولار). وقال جوارديولا بعد أن تقدم سيتي للمركز الثالث في الدوري قبل مباراة واحدة على نهاية الموسم "قلت للنادي ... لا أريد أن أترك خمسة أو ستة لاعبين في الثلاجة. "لا أريد ذلك. قلت لهم سأغادر إن لم يحدث ذلك. سأبقى إذا كانت التشكيلة أصغر حجما". ورغم التشكيلة الضخمة التي يملكها سيتي واجه النادي أزمة إصابات أواخر العام الماضي إذ خسر الفريق خمس مباريات متتالية في جميع المسابقات بين أكتوبر تشرين الأول ونوفمبر تشرين الثاني. واستقدم الفريق عمر مرموش وفيتور ريس وخوسانوف ونيكو جونزاليس بتكلفة تزيد عن 224 مليون دولار في فترة الانتقالات في يناير كانون الثاني للمساعدة في حل المشكلة. لكن في ظل غياب ثنائي الدفاع جون ستونز ونيثن آكي وهما اللاعبان الوحيدان خارج التشكيلة حاليا بسبب الإصابة، قال جوارديولا إنه "من المستحيل" أن يستمر في إبلاغ العديد من اللاعبين بأنهم سيشاهدون المباراة من المدرجات. وأضاف "إنها مسألة تخص النادي. لا أريد أن يكون لدي 24 أو 25 أو 26 لاعبا عندما يكون الجميع لائقا. إذا تعرضنا لإصابات لا قدر الله، لدينا بعض اللاعبين من الأكاديمية لتعويض الغائبين". وسيقود جوارديولا، الذي مدد عقده مع سيتي حتى 2027، النادي للدفاع عن لقبه في كأس العالم للأندية الشهر المقبل.


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
قائمة صغيرة أو الرحيل... غوارديولا يحدد مطالبه لإدارة مانشستر سيتي
على رغم أن مانشستر سيتي دخل موسم 2024-2025 كمرشح فوق العادة لمواصلة هيمنته محلياً وقارياً، بخاصة بعد ما قدمه الفريق تحت قيادة المدير الفني الإسباني بيب غوارديولا في المواسم الأخيرة، ولكن في الموسم الحالي جاء شكل الفريق داخل الملعب ليشكل صدمة كبيرة لجماهيره. وأخفق سيتي في الحفاظ على لقب الدوري الإنجليزي، مع تراجع واضح في الأداء الجماعي، وخروج مبكر من دوري أبطال أوروبا، جميعها عوامل أسهمت في رسم صورة صادمة لموسم قد يكون من بين الأسوأ في مسيرة المدرب الإسباني مع "السيتيزنز". وبين تشكيك في اختياراته الفنية وتراجع بعض الركائز الأساسية، بات الحديث عن نهاية مرحلة أمراً مطروحاً على الطاولة، حتى قبل أن يسدل الستار على الموسم، بخاصة بعد الموسم الصفري الثاني في تاريخه. كان أول موسم داخل جدران مانشستر سيتي 2016 - 2017، هو الصفري الأول له من دون تحقيق بطولات آنذاك، إذ احتل المركز الثالث في ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز خلف كل من تشيلسي وتوتنهام هوتسبير، وودع منافسات دوري أبطال أوروبا أمام موناكو من دور الـ16، إلى جانب خسارته في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي أمام أرسنال، وتوديع منافسات كأس الرابطة أمام مانشستر يونايتد من دور الـ16. وقد يكون هو الموسم الصفري الثاني في تاريخه التدريبي ككل، وذلك بعد تجربة ذهبية مع برشلونة منذ موسم 2008 – 2009 حتى 2011 – 2012، إذ حقق 16 بطولة على مدار هذه السنوات. أما في بايرن ميونيخ الألماني، فلم يخرج خالي الوفاض نهائياً في أي موسم قاد خلاله الفريق، منذ 2013 – 2014 حتى 2015 – 2016، إذ حقق سبع بطولات خلال المواسم الثلاثة التي قضاها داخل جدران النادي الألماني. وعن تراجع أداء اللاعبين، توقع بعضهم أن يطالب غوارديولا من مجلس إدارة مانشستر سيتي بكثير من الصفقات من أجل استعادة بريق الفريق في الموسم الجديد، وذلك للتتويج بالبطولات من جديد، إذ عقب المدرب الإسباني على نيته خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، وذلك في تصريحاته عقب الفوز على نظيره بورنموث في الجولة قبل الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز. وقال غوارديولا في تصريحاته "قلت للنادي، لا أريد أن أترك خمسة أو ستة لاعبين في الثلاجة، لا أريد ذلك، قلت لهم سأغادر إن لم يحدث ذلك، سأبقى إذا كانت التشكيلة أصغر حجماً". وأضاف "إنها مسألة تخص النادي، لا أريد أن يكون لدي 24 أو 25 أو 26 لاعباً عندما يكون الجميع لائقاً، إذا تعرضنا لإصابات، لدينا بعض اللاعبين من الأكاديمية لتعويض الغائبين". وسيقود غوارديولا، الذي مدد عقده مع سيتي حتى 2027، النادي للدفاع عن لقبه في كأس العالم للأندية الشهر المقبل، الذي يوجد خلاله ضمن منافسات المجموعة السابعة التي تضم كلاً من العين الإماراتي والوداد المغربي ويوفنتوس الإيطالي. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويسعى غوارديولا إلى أن يكون عدد اللاعبين الذين سيتعامل معهم خلال الموسم المقبل مناسباً، بدلاً من عدد لاعبين أكبر ويكون بعضهم لا يشارك نهائياً. وقد يكون هذا مريحاً بنسبة كبيرة لغوارديولا، ولكن في بعض الأحيان تحتاج إلى هؤلاء اللاعبين الذين يكونون ذخيرة للفريق في وقت الحاجة، على سبيل المثال في ظل غياب الإسباني رودري بسبب الإصابة في الرباط الصليبي خلال الموسم الحالي، ولم يستطيع تعويضه بأي لاعب موجود لديه ليكون أحد أسباب الانهيار والابتعاد من البطولات نهائياً. وكان غوارديولا استغنى عن خدمات جوليان ألفاريز لأتلتيكو مدريد خلال بداية الموسم الحالي، وجاء في منتصف الموسم وتعاقد مع عمر مرموش الذي يقدم الأدوار نفسها، وذلك بعد غياب البديل المناسب حال إصابة إيرلينغ هالاند في بعض المباريات، لذلك قد تكون وجهة نظر غوارديولا في بعض الأحيان غير صائبة، ويجب أن يمتلك عدداً من اللاعبين من أجل تفادي أي سقوط أو انهيار بسبب إصابة أحد لاعبيه المهمين. وكان النادي دخل خلال الفترة الأخيرة مفاوضات مع نجم باير ليفركوزن الألماني فلوريان فيرتز، إلا أن المغالاة المالية للصفقة حالت دون حدوثها، ليكون من المتوقع أن يدخل النادي في بعض المفاوضات مع لاعبين أخرين لتحقيق رغبة غوارديولا في ضم بعض الصفقات المعينة وليس تدعيماً بعدد لاعبين كبير فقط.


Independent عربية
منذ 5 ساعات
- Independent عربية
كريستال بالاس يطلق العنان للأحلام مع اقتراب مغامرته الأوروبية
اهتز ملعب "ويمبلي"، وكان ذلك رائعاً، والآن يستعد كريستال بالاس لخوض جولة أوروبية. تفاصيل مباراة الأمس في الدوري الإنجليزي الممتاز ضد ولفرهامبتون لم تكن ذات أهمية تذكر بالنسبة إلى جماهير الفريق في ملعب "سيلهرست بارك"، فبالنسبة إليهم كان الوقت وقت احتفال وعودة الأبطال الذين صنعوا مجد كأس الاتحاد الإنجليزي، وهو احتفال سيستمر طويلاً حتى الموسم المقبل عندما ينطلق بالاس نحو القارة الأوروبية للمرة الأولى في تاريخه. وبعد تحقيق ما اعتقد كثيرون أنه أبعد من المنال قد يضطر مشجعو "النسور" إلى تغيير نظرتهم النفسية، فلديهم الآن سبب للحلم الكبير. كريس بايفيلد، الذي هو من جماهير ملعب "سيلهرست بارك" منذ أن كان في السادسة من عمره قال لـ "اندبندنت" قبل المباراة "هذا ليس من المفترض أن يحدث مع بالاس، نحن لسنا معتادين على المجد والمفترض أن نعيش خيبات الأمل المريرة، وهذا هو جزء من هويتنا، أشعر بشعور مذهل ولا أعرف حقاً كيف أتعامل مع هذا الإحساس، الشعور بالروعة، إنها ليست مشاعر اعتدت عليها". وسيتطلعون إلى فرق مثل وست هام كنموذج يثبت أن الأندية ذات الموارد المحدودة يمكنها أن تنجح أوروبياً، وربما يستمدون بعض التشجيع من نهائي الدوري الأوروبي الليلة في بيلباو، والذي سيقام بين فريقين إنجليزيين يعتبران، من الناحية الموضوعية، أقل مستوى من هذا الفريق الحالي لكريستال بالاس. لكن الكيفية التي سيبني بها رجال أوليفر غلاسنر على انتصار السبت التاريخي ليست من أولويات الجماهير في الوقت الراهن، فالنادي قضى 164 عاماً من تاريخه من دون تحقيق أي لقب كبير، وقد استحق عن جدارة أن ينعم بمجد هذا الإنجاز. ومع بدء تجمع المشجعين حول ملعب "سيلهرست بارك" كان الشعور بالفرح الممزوج بعدم التصديق ملموساً على الفور، وجماهير المباراة، سواء كانوا أصدقاء أو غرباء، كانوا يتعانقون بصفتهم أبطال كأس الاتحاد الإنجليزي، وكانت عبارة "لا أزال لا أصدق" تتردد كثيراً بين مشجعي النسور، وعبارة أخرى كانت تتكرر أيضاً "ما زال صوتي مبحوحاً". داخل منطقة الجماهير المزدحمة، كان المشجعون يحتسون الجعة تحت شمس الربيع المتأخرة، وعلى الأرجح كان هذا امتداداً لمحاولة التخلص من آثار السكر لبعضهم، وكانت أغنية "واكا واكا" لشاكيرا تصدح عبر مكبرات الصوت، وهي الأغنية التي تبناها بالاس في ضوء بطولتهم في "ويمبلي". وكانت عبارات تتردد مثل "المركز الـ 12 مجدداً؟ ومن يهتم بحق الجحيم؟ لقد فزنا بكأس الاتحاد الإنجليزي"، ولم تكن تلك المرة الأخيرة التي يسمع فيها نشيد كأس العالم 2010 في تلك الأمسية. لم يكن هناك أي تركيز على التحدي القادم أمام ولفرهامبتون، فجميع من ارتدوا الأحمر والأزرق كانوا، وبكل حق، في حال من التأمل والتفكر وهم يحاولون استيعاب أن الحلم الذي بدا مستحيلاً قد أصبح واقعاً، وقال بايفيلد "كنت ما أزال أشعر بالقلق من أن كيفين دي بروين سيعادل النتيجة بعد 20 دقيقة من نهاية المباراة، وكان لدي شعور أن كل شيء سينقلب بشكل مأسوي. لكن مع زوال آثار السكر ومع مرور كل يوم بدأت أدرك أن الأمر حقيقي وأنه يحدث فعلاً، وهذا أمر عبثي". أما ميك لينز (50 سنة) فقال ببساطة "إنه أمر لا يصدق وحسب"، أما بالنسبة إلى آخرين فإن إنهاء نحس "ويمبلي" كان أمراً لا يمكن تصوره، خارج نطاق الخيال لدرجة أنه أصبح مصدر قلق، وقال أحد المشجعين مازحاً "لطالما تمنيت أن يفوز كريستال بالاس بكأس الاتحاد الإنجليزي قبل أن أموت، والآن أنا أتوقع أن يأتي قابض الأرواح ليأخذ روحي، لذا مشاعري متضاربة حيال ذلك". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حرص المشجعون على الدخول إلى المدرجات باكراً ليمنحوا لاعبيهم الاستقبال البطولي الذي يستحقونه، وكان أول من خرج من النفق هم البدلاء ومن بينهم جان فيليب ماتيتا الذي حصل على دخول فردي بأسلوب مصارعة المحترفين "دبليو دبليو إي" على أنغام أغنيته المميزة من فرقة "فينغابويس" التي باتت مرتبطة باسمه. وعلى رغم أن المهاجم الفرنسي الفوضوي لم يكن ضمن التشكيلة الأساس لكن أيقونة النادي الحقيقية كانت هناك، وهو جويل وارد، السيد كريستال بالاس، الذي قاد فريقه من الأبطال في آخر ظهور له على أرض ملعبه وسط تصفيق صاخب من الجماهير، أما لحظة التكريم العاطفية لمسيرته التي امتدت 13 عاماً فكانت قادمة لاحقاً في تلك الأمسية. تبع ذلك أداء صاخب لأغنية "غلاد أول أوفر"، ثم حان وقت المباراة، وحافظ ملعب "سيلهرست بارك" على صوته منذ صافرة البداية وحتى النهاية، وكان واضحاً أن لا نتيجة ممكن أن تفسد هذه الاحتفالات، وحاول ولفرهامبتون لعب دور مفسد الحفلة، أولاً عبر إيمانويل أغبادو في الدقيقة الـ 24، ثم يورغن ستراند لارسن في الدقيقة الـ 62، لكن في كلتا المناسبتين غمرت أصوات جماهير "الهولمزديل" المدرج، والتي انطلقت في ترديد "واكا واكا" كالعادة، وهتافاتهم غطت على فرحة مشجعي الضيوف في لحظة. لكن هدفا إيدي نكيتياه السريعين في الشوط الأول خلال خمس دقائق فقط، ألهبا حماسة جماهير أصحاب الأرض أكثر، على رغم أن فرحتهم لم تكن متوقفة على تألق المهاجم الإنجليزي، أما هدفا بن تشيلويل والهداف الوحيد في النهائي إبيريشي إيزي، فكانا بمثابة الكريمة على الكعكة، إذ تمكن رجال غلاسنر من تحطيم رقمهم القياسي في عدد النقاط في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مرور ثلاثة أيام فقط على كتابة صفحة أخرى من التاريخ. ومع ذلك لم تخل هذه المناسبة المفعمة بالنشوة من لحظة مؤثرة، فقد انتهى الظهور رقم 364 لجويل ورد بقميص كريستال بالاس في الدقيقة الـ 71، وسرعان ما انهمرت الدموع من الجماهير ومن اللاعب ومن ستيف باريش أيضاً، فعاد إلى أرضية الملعب بعد صافرة النهاية حاملاً كأس الاتحاد الإنجليزي الثمين في لحظة تكريم لمسيرته الأسطورية التي خلدها ملعب "سيلهرست بارك". وبينما كانت مدرجات ولفرهامبتون قد خلت من جماهيرها لم يغادر أي مشجع من أنصار بالاس مقعده، بينما صدحت أرجاء الملعب بهتاف "ليس هناك إلا جويل ورد واحد"، وقال ورد "ما كنت لأكتب قصة أفضل أو نهاية أجمل من هذه". اختتمت ليلة مفعمة بالفرح في منطقة SE25 بوداع عاطفي، حيث يملك كريستال بالاس للمرة الأولى في تاريخه لقباً كبيراً وسينهي موسم (2024 - 2025) بإحساس متجدد بالطموح. وقال غلاسنر بعد المباراة مؤكداً "هذه هي نتيجة ما نتحدث عنه، أن نحافظ دائماً على مستوى عال من المعايير وألا نرضى أبداً، وأن نخطو الخطوة التالية، وهذا ما يحاول هذا الفريق تحقيقه". وقد يكون الاحتفاظ بهذا الفريق المليء بالجواهر في الموسم المقبل مهمة صعبة، إذ تثار التكهنات حول مغادرة لاعبين مثل إيزي ومارك غيهي وإسماعيلا سار، وبناء عليه فإن هدف المدرب غلاسنر في الصيف متفائل لكنه بسيط، إذ قال "أتمنى أن أحتفظ بهذا الفريق، وربما أضيف لاعباً أو اثنين، لكن ربما تكون هذه أمنية موجهة إلى سانتا كلوز". ومع اقتراب خوض منافسات أوروبية يأمل غلاسنر أن يتجنب فريقه التفكك، أما الجماهير فسترفع دعاءها حتى لا يغرى مدربهم البارع بالرحيل، لأنه إذا حافظ هذا الفريق الأفضل في تاريخ النادي من حيث الأرقام على هيئته الحالية، فقد يكون العصر الذهبي على الأبواب في "كرويدون".