logo
انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

الأنباط -
(نبوءة الظل ‐ ثنائية الموت والحياة)٠
سليم النجار٠٠
تطرح المجموعة القصصية " انكسارات على حبات المسبحة"، مرسوم على حائط الواقع، عوالم يتحرك فيها القص بوصفه واقعاً صرفاً، واقعاً حين تقرأ تفاصيله لا بد من القول لم يحدث هذا، لم تره، قص يعلن في عدد مما تطرحه القاصة ناريمان مخاصمتها للواقع الزائف والهروب منه إلى الصور الإنسانية المفارقة وإن تحركت بين حدود الثنائيات الضدية التي تتحرك بين قوسيها تشكيلاتها، الحياة/ الموت‐ الضوء/ الضل‐ الروح كما تتنوع القصص بين بين عدد من الأساليب الصورية، والتنويعات الاجتماعية، لكننا اذا تأملنا جملة ما تطرحه القاصة ناريمان فسنلمح كيف تصطاد تفاصيل عالمها القصصي من مفردات منثورة في الواقع كما نقرأ في قصتها" إنها السادسة" ، فقد استطاعت عبر تشكيلها اللغوي أن تكسب دلالات جديدة عبر التصور المفارق، والتقطيع، واتصال البنيات الصغرى في تركيب الصورة القصصية،( ذلك الرجل النائم جواري في السرير لا يشعر بأرقي لا يدري كذلك بعدد محاولاتي البائسة كل ليلة لأحظّى ولو بساعة نوم واحدة ص١٢)٠
كما وظفت الاختلاف في قصتها " إنها السادسة"، ما بين بداية القصة ونهايتها وهنا يكمن الرمز في محاولة التوفيق وإيحاء نقطة تلاقي العلاقة بين فلسفة التذمر وفلسفة السكينة والقبول بالأمر الواقع، إنها قراءة لفهم الواقع ومساره العام واعنى بذلك ما أقره الفيلسوف هيغل من وحدة الواقع والعقل غير مجدية لفهم الواقع اليومي بتنوعه وتوتره وتغيراته،( اصحى حبيبي٠٠٠ إنها السادسة ص١٨)٠
ومن الموت الطقسي الذي تحيطه الخيالات والطقوس التي تحيل على ماض بعيد حيت الأجواء البيئية والخروج من مرحلة لأخرى عبرطقس العبور الذي ينتقل فيه الإنسان بين مراحل حياته بوصف الموت جزء من رحلة الوجود، ومن هذه القصة التي سمتها ناريمان" جرس" ترسم خطّا بيانّيا للطلوع بالروح عاكسًا فيها نبؤة الموت المبكر،( مازال يعنيه المطر في لحظة ما، ولسبب موجع، تقرر إعادة النظر في طبيعة علاقتنا مع الفصول ص٢٥)٠
ولعله من المفيد هنا التأكيد آن القصة القصيرة لن تتجاوز العقل والمعقول، ومن المفيد القول أن بدايات الفلسفة كان هاجس الفكر الأول هو البحث المتواصل عن المعقول حتى يصبح مقبولا وشائعا بين الناس٠ فقد كان مثلاً من شروط المحاورة الأفلاطونية أن تكون كل فكرة قابلة لأن تطرح على النقاش بين الفلاسفة والعلماء فيتم قبولها أو دحضها٠ ولأن الحياة اليومية تقتضي أيضاً فعالية الإحساس والعلاقات الشائكة بين العقل والوجدانية من حيث هي موطن العواطف وقبلة الإحساس، يتأتى القص كنقطة تلاقي بين فلسفة العقل وفلسفة الروح، التي عادة تكون القصة الجسر الواصل بينهما، وهذا ما نلحظه في قصة" صنم"،(لا أحد يعلم كم مضى من الزمن على هذا التمثال، منذ أن تحجر ‐ وسط حديقة الحي ‐ متخذا شكل صبي حتى الآن ص٣٤)٠
اختلف الكثير من الكتاب والمفكرين على تحديد اصل الفلسفة لكن هناك إجماع على أن إنها محبة الحكمة٠ وهذا يقودنا إلى التحرر من الواقع اليومي، فالرجل الحكيم ‐ بالنسبة إلى الأغريق ‐ هو الذي ينفصل عن الحياة العادية ويذهب إلى التفكير والنظر في الكون والعالم وكل ما يجعل الحياة ممكنة، هل هذا ما أرادت الذهاب إليه ناريمان في قصتها" صورة لم تكتمل"؟ أو البحث عن الحقيقة الخالصة بواسطة التفكير، أو الاعتماد على الذكرى، التي هي ميتافيزيقيا لعل، ومن اجرأ المفكرين الذين وجهوا نقدًا قاسياً للميتافيزيقيا كانط التي اعتبرها عائقاً أمام التنوير، كما أن هذا الميتافيزيقيا لا تعاشر الأفكار كما لا تعاشر الحياة اليومية، التي عادة ما تحيلها للماضي، الذي يتشكل من صور مختلف عليها، بفعل الزمن وتطور المفاهيم، فالماضي قضية إشكالية لنقرا ما سردت في قصتها " صورة لم تكتمل" ،( اللحظات السعيدة في صورة قبل أن يدوي انفجار مباغت، ويحيلها ‐ في طرفة عين ‐ إلى حسرات تحت الركام ص٤٩)٠
ويتجادل الحلم مع الزمن الذي يستدعي الطين والتراب بوصفه المادة الأولى للخلق، ومآل الإنسان حين يودع الحياة، وأذا كانت ناريمان أبوأسماعيل قد استعانت ببعض المفردات الطقوسية، كما كتبت في قصتها " لقاء"، ( هناك على الطاولة المقابلة كان الزمان يجلس كمخرج ماهر ص٥٥)٠ إنها تركيبة للعبة الزمان وانشطار الروح بين دقة الوصف المدلول وبداية الواقع الضعيف٠
إن قصص ناريمان رحلة شقاء، ونحت في صخر العيش، وانكسارات، واحلام قارة في المجاز، ومحبة للحياة، ورغبة في تجاوز الآلم والانعتقاق من محاصرة الموت، رغم اليقين بحقيقته كما نقرأ في قصة" الفستان الإحمر"( فيغادر المخيطة متجها إلى أقرب مقبرة ليودع التراب وما تبقى من أشلائه ص٦٠)٠
أولا: لم يأتي قصها صوت خطابي النزعة ‐ بل جاء نسيجا اجتماعيا٠ حافلا بالرموز والظلال والصُّور المبتكرة٠

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

دلالة العنوان في مجموعة «انكسارات على حبات المسبحة» لناريمان أبو إسماعيل
دلالة العنوان في مجموعة «انكسارات على حبات المسبحة» لناريمان أبو إسماعيل

الدستور

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • الدستور

دلالة العنوان في مجموعة «انكسارات على حبات المسبحة» لناريمان أبو إسماعيل

هاني علي الهندييعد العنوان ركناً أساساً من أركان العمل الأدبي فهو عتبة النص وبوابته الرئيسية للولوج إلى عمق النص، ومن خلاله يفهم القارئ النص ويغريه بالتأمل، فهو المفتاح الذي من خلاله يتم فتح المنافذ الموصلة إلى الحقيقة التي يختبئ خلفها النص القصصي، ولأهميته خُصص له علم خاص يسمى علم العنونة، تناوله النقاد مثل: جرار جينيت، وليو هوك، وكلود دودشي وجون كوهين وغيرهم في أبحاثهم ودراساتهم.فالعنوان صورة مكثفة أمام المتلقي تخبره عما تريد أن تقوله الأحداث عبر إشارات وقرائن لتضع القارئ أمام تجربة تفاعلية مع النص الأدبي، ففهم العنوان يكشف الغموض إذا كان فيه بعض الغموض.ما بين أيدينا مجموعة قصصية تحمل عنوان (انكسارات على حبات المسبحة) للقاصة ناريمان أبو إسماعيل الصادرة عن دار اليازوري العلمية للنشر والتوزيع، نحاول في هذه الدراسة الوقوف على جماليات ودلالة العنوان.غلاف المجموعة القصصية:تلعب لوحة الغلاف دورا كبيرا وأساسيا في تشكيل العلاقة بين النص والمتلقِّي فهو يحمل رؤية لغوية ودلالة بصرية تمكِّنه من إثارة المتلقِّي وإغرائه، ومن خلال القراءة البصرية لهذه اللوحة نجد إنها تشكلت من خمسة عناصر هي: خلفية اللوحة والعنوان ومسبحة طويلة و يد يبدو عليها التعب والإرهاق تحمل المسبحة، وصورة صاحب اليد يلبس ثوبا صحراوي اللون لا تظهر معالم وجهه.طغى اللون الأسود على خلفية اللوحة، واللون الأسود يحمل عدة دلالات منها؛ لغموض، والتمرد، والتحدي وغيرها، فهل ناريمان تعلن التمرد والتحدي لهذه الانكسارات؟ فتقول: «كنت سعيدة بالقفز، والتوازن الذي كنت أحققه، بعد ترنحي». ص69كما تقول: «تلك النقطة قررت أن تتمرد، وتثور على كل أصول التعبير والكتابة؛ فغافلت الكاتب، وغادرت النص على عجل» ص87.كما تضمنت صورة الغلاف مسبحة طويلة وكأننا نرى في كل حبة انكسار يداعبه صاحب صورة اليد الذي يلبس ثوبا صحراوي اللون لا تظهر معالم وجهه.عنوان المجموعة القصصية:تشكل عنوان المجموعة القصصية للكاتبة ناريمان من أربع كلمات؛ (انكسارات على حبات المسبحة)، وهي جملة حذف فيها المبتدأ لتمنح المتلقي فسحة شغل فراغ المبتدأ في الجملة الاسمية بما ينسجم مع السياق الإيحائي للعنوان. جاء العنوان بلون من درجات (الأبيض) الداكن الذي يميل إلى اللون الصحراوي الذي يرمز للقسوة والتيه والضياع، وجاءت لفظة (انكسارات) بحجم خط أكبر من خط (على حبات المسبحة)، ما يشير إلى ضخامة الانكسارات التي تشغل مضامين المجموعة القصصية، وجاء اسم القاصة ناريمان أبو اسماعيل في أعلى اللوحة يشغل مساحة لفظة انكسارات تقريبا ليعلن تحديه وإنه فوق كل الانكسارات.عناوين قصص المجموعة:تتشكل المجموعة القصصية من ست وعشرين قصة، تحمل كل قصة عنوانا منفصلا يصلها دلاليا بالعنوان الرئيس إذ تكررت الإشارة إلى الانكسار أو ما في معناها على امتداد المجموعة سواء على مستوى عنوان كل قصة، أم على مستوى أحداثها، وهذا يعني إن القاصة أبدعت نصوصها «بمنطق المجموعة القصصية وليس بمنطق القصص الفردية المتفرقة من حيث زمن الإنتاج أو من حيث الأسس الموضوعاتية والجمالية التي تقوم عليها قصص المجموعة» يعود كثرة العناوين الداخلية في «انكسارات على حبات المسبحة»، إلى إن أن خمس عشْرة قصة من مجموع قصص لا تتجاوز الصفحة الواحدة، وثلاث قصص جاءت ما بين (4 ـ 6) صفحات وخمس قصص جاءت بصفحتين، ولذلك لم تجنس ناريمان مجموعتها بالقصة القصيرة أو بالقصة القصيرة جدا، وإنما اكتفت بمفردة قصص جاءت في أعلى لوحة الغلاف، وهذا يعني إن القاصة لم تقيد نفسها بطول أو قصر الشكل القصصي، وإنما جاء حسب ما تمليه الفكرة.العناوين المفردة:هيمن العنوان المفرد النكرة في المجموعة (جرس، حلم، صنم، غرق، لقاء... عمارة)، هذه الصيغة تفتح أمام المتلقي أفاقا من القراءات وتغرقه بالتأمل والقراءة.البنية التركيبية لعناوين القصص:هيمنت الجملة الاسمية من حيث بنيتها التركيبية على عناوين القصص باستثناء قصة واحدة جاءت جملة فعلية هي (ما زال يعنيه المطر)، وكما هو معروف فإن الجملة الأسمية تدل على الثبوت والاستقرار، كما تساهم في رفع نسبة الانفعال العاطفي، وتجسدت الجملة الفعلية في عنوان وحيد كشف مدى انفعال القاصة نفسيا واجتماعيا. وبالعود إلى الجملة الاسمية نجد إنها جاءت:مبتدأ محذوف + خبر: جرس، غرق، حلم، صنم، الحجلة، خذلان، موت، لقاء، عمارة، النقطة، قرار، تمرد، رقص. وهو ما يوفر للعنوان إمكانات متعددة للتأويل.مبتدأ محذوف + خبر+ مضاف إليه: عمارة الأحلام، لما يمكن أن تنهض به علاقة الإضافة في مثل هذا السياق التركيبي من دور في تحديد المضاف (الخبر) وتخصيصه، لكن المضاف إليه مثل خرقا لوظيفة المضاف إليه في علاقته بالمضاف النكرة، فكان عبئا على المضاف ولم يزده إلا غموضا وإبهاما، وهو اختيار مقصود من الكاتبة لتشكيل العنوان وفق نسق انزياحي، فعلاقة الإضافة قامت بين الأحلام والعمارة لم توضح الدلالة، بل زادتها غموضا وإبهاما، إذ ما الصلة بين الأحلام والعمارة؟ وهل للأحلام عمارة؟مبتدأ محذوف +خبر+ توكيد: جميعهن سلمىمبتدأ محذوف +خبر+ صفة حادث مروري، الفستان الأحمر، ما جعل مركز العنونة ينتقل من الخبر إلى الصفةمبتدأ محذوف + خبر+ حرف جزم + فعل مضارع صورة لم تكتملمبتدأ محذوف+ حرف جر+ اسم مجرور+ مضاف إليه انكسارات على حبات المسبحةاعتمدت القاصة نمط التركيب القائم على حذف المبتدأ في كل عناوين القصص القصيرة للمجموعة، ربما لعدم الاهتمام بالمحذوف، ومحدودية دوره ووظيفته. بالعودة إلى عناوين قصص مجموعة «انكسارات على حبات المسبحة» نجد هيمنة العنوان المفرد، حيث بلغ (14) قصة من (26) قصة، أي بنسبة 54% من مجموع القصص، فهل أرادت القاصة من ذلك تشويش أفكار المتلقي وحثه البحث عن دلالات وإيحاءات العنوان؟وبالعودة إلى مضامين المجموعة وعنوانها نجد المحور الناظم لمعظم القصص تمحور حول الانكسار، خاصة في العلاقة بين المرأة والرجل، فهي الزوجة التي تعاني من تسلط الرجل وسيطرته عليها «منذ أن تزوجته لم أعد أملك نفسي، فكل خططي مرتبة بناء على رغبته» ص 16 وهي الحبيبة الغائبة التي تركته وحيدا «يجلس في المقعد المجاور لغيابها... لمرات لم يعد يذكر عددها» ص32وهي المعلمة الإنسانة التي تعاطفت مع سلمى الطالبة الفقيرة التي تحلم بملابس جديدة ومائدة طعام... لتكتشف المعلمة فيما بعد إن جميع الطالبات دون استثناء كلهن سلمى.وهي الطفلة التي تستعيد ذكرياتها مع لعبة (الحجلة) لتعلن في نهاية القصة تمردها على التأطير والقيود.ص69وهي الابنة التي قررت أن تتجاوز انكساراتها وتتقدم نحو أحلامها. ص97.وفي ختام هذه الدّراسة السيمائية نجد أنَّ غلاف المجموعة القصصية جاء لوحة معبرة عن مضامين القصص التي عكست نفسية، وذهنية القاصة ناريمان أبو إسماعيل التي اختارت العناوين المناسبة لمجموعتها القصصيّة. كما إن المحتوى الدلالي لمجمل قصص المجموعة، ارتبط بتجليات حضور المرأة وبطبيعة العلاقة التي قامت بينها وبين الرجل، والتي غالبا ما تكون صدامية لا تخرج منها المرأة إلا وهي في حالتين؛ هزيمة وانكسار أو إصرار على المواجهة.

انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية
انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

جهينة نيوز

time١٣-٠٣-٢٠٢٥

  • جهينة نيوز

انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

تاريخ النشر : 2025-03-13 - 03:56 pm (نبوءة الظل ‐ ثنائية الموت والحياة)٠ سليم النجار٠٠ تطرح المجموعة القصصية " انكسارات على حبات المسبحة"، مرسوم على حائط الواقع، عوالم يتحرك فيها القص بوصفه واقعاً صرفاً، واقعاً حين تقرأ تفاصيله لا بد من القول لم يحدث هذا، لم تره، قص يعلن في عدد مما تطرحه القاصة ناريمان مخاصمتها للواقع الزائف والهروب منه إلى الصور الإنسانية المفارقة وإن تحركت بين حدود الثنائيات الضدية التي تتحرك بين قوسيها تشكيلاتها، الحياة/ الموت‐ الضوء/ الضل‐ الروح كما تتنوع القصص بين بين عدد من الأساليب الصورية، والتنويعات الاجتماعية، لكننا اذا تأملنا جملة ما تطرحه القاصة ناريمان فسنلمح كيف تصطاد تفاصيل عالمها القصصي من مفردات منثورة في الواقع كما نقرأ في قصتها" إنها السادسة" ، فقد استطاعت عبر تشكيلها اللغوي أن تكسب دلالات جديدة عبر التصور المفارق، والتقطيع، واتصال البنيات الصغرى في تركيب الصورة القصصية،( ذلك الرجل النائم جواري في السرير لا يشعر بأرقي لا يدري كذلك بعدد محاولاتي البائسة كل ليلة لأحظّى ولو بساعة نوم واحدة ص١٢)٠ كما وظفت الاختلاف في قصتها " إنها السادسة"، ما بين بداية القصة ونهايتها وهنا يكمن الرمز في محاولة التوفيق وإيحاء نقطة تلاقي العلاقة بين فلسفة التذمر وفلسفة السكينة والقبول بالأمر الواقع، إنها قراءة لفهم الواقع ومساره العام واعنى بذلك ما أقره الفيلسوف هيغل من وحدة الواقع والعقل غير مجدية لفهم الواقع اليومي بتنوعه وتوتره وتغيراته،( اصحى حبيبي٠٠٠ إنها السادسة ص١٨)٠ ومن الموت الطقسي الذي تحيطه الخيالات والطقوس التي تحيل على ماض بعيد حيت الأجواء البيئية والخروج من مرحلة لأخرى عبرطقس العبور الذي ينتقل فيه الإنسان بين مراحل حياته بوصف الموت جزء من رحلة الوجود، ومن هذه القصة التي سمتها ناريمان" جرس" ترسم خطّا بيانّيا للطلوع بالروح عاكسًا فيها نبؤة الموت المبكر،( مازال يعنيه المطر في لحظة ما، ولسبب موجع، تقرر إعادة النظر في طبيعة علاقتنا مع الفصول ص٢٥)٠ ولعله من المفيد هنا التأكيد آن القصة القصيرة لن تتجاوز العقل والمعقول، ومن المفيد القول أن بدايات الفلسفة كان هاجس الفكر الأول هو البحث المتواصل عن المعقول حتى يصبح مقبولا وشائعا بين الناس٠ فقد كان مثلاً من شروط المحاورة الأفلاطونية أن تكون كل فكرة قابلة لأن تطرح على النقاش بين الفلاسفة والعلماء فيتم قبولها أو دحضها٠ ولأن الحياة اليومية تقتضي أيضاً فعالية الإحساس والعلاقات الشائكة بين العقل والوجدانية من حيث هي موطن العواطف وقبلة الإحساس، يتأتى القص كنقطة تلاقي بين فلسفة العقل وفلسفة الروح، التي عادة تكون القصة الجسر الواصل بينهما، وهذا ما نلحظه في قصة" صنم"،(لا أحد يعلم كم مضى من الزمن على هذا التمثال، منذ أن تحجر ‐ وسط حديقة الحي ‐ متخذا شكل صبي حتى الآن ص٣٤)٠ اختلف الكثير من الكتاب والمفكرين على تحديد اصل الفلسفة لكن هناك إجماع على أن إنها محبة الحكمة٠ وهذا يقودنا إلى التحرر من الواقع اليومي، فالرجل الحكيم ‐ بالنسبة إلى الأغريق ‐ هو الذي ينفصل عن الحياة العادية ويذهب إلى التفكير والنظر في الكون والعالم وكل ما يجعل الحياة ممكنة، هل هذا ما أرادت الذهاب إليه ناريمان في قصتها" صورة لم تكتمل"؟ أو البحث عن الحقيقة الخالصة بواسطة التفكير، أو الاعتماد على الذكرى، التي هي ميتافيزيقيا لعل، ومن اجرأ المفكرين الذين وجهوا نقدًا قاسياً للميتافيزيقيا كانط التي اعتبرها عائقاً أمام التنوير، كما أن هذا الميتافيزيقيا لا تعاشر الأفكار كما لا تعاشر الحياة اليومية، التي عادة ما تحيلها للماضي، الذي يتشكل من صور مختلف عليها، بفعل الزمن وتطور المفاهيم، فالماضي قضية إشكالية لنقرا ما سردت في قصتها " صورة لم تكتمل" ،( اللحظات السعيدة في صورة قبل أن يدوي انفجار مباغت، ويحيلها ‐ في طرفة عين ‐ إلى حسرات تحت الركام ص٤٩)٠ ويتجادل الحلم مع الزمن الذي يستدعي الطين والتراب بوصفه المادة الأولى للخلق، ومآل الإنسان حين يودع الحياة، وأذا كانت ناريمان أبوأسماعيل قد استعانت ببعض المفردات الطقوسية، كما كتبت في قصتها " لقاء"، ( هناك على الطاولة المقابلة كان الزمان يجلس كمخرج ماهر ص٥٥)٠ إنها تركيبة للعبة الزمان وانشطار الروح بين دقة الوصف المدلول وبداية الواقع الضعيف٠ إن قصص ناريمان رحلة شقاء، ونحت في صخر العيش، وانكسارات، واحلام قارة في المجاز، ومحبة للحياة، ورغبة في تجاوز الآلم والانعتقاق من محاصرة الموت، رغم اليقين بحقيقته كما نقرأ في قصة" الفستان الإحمر"( فيغادر المخيطة متجها إلى أقرب مقبرة ليودع التراب وما تبقى من أشلائه ص٦٠)٠ من أهم ما يميز المجموعة القصصية" انكسارات على حبات المسحبة" الصادرة عن دار اليازوري- عمان- ٢٠٢٤ ٠٠ أولا: لم يأتي قصها صوت خطابي النزعة ‐ بل جاء نسيجا اجتماعيا٠ حافلا بالرموز والظلال والصُّور المبتكرة٠ ثانيا: تمثلت قصصها بسمة التنوير وافكارها المتمردة التي يبررها تردي المجتمع ونكوصه إلى الخلف٠ قصص " انكسارات على حبات المسبحة" انعكاسا لأحلام واحزان المهمشين، فكانت انكساراتهم قصص ناريمان أبوأسماعيل٠ تابعو جهينة نيوز على

انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية
انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

الانباط اليومية

time١٣-٠٣-٢٠٢٥

  • الانباط اليومية

انكسارات على حبات المسبحة‐ مجموعة قصصية

الأنباط - (نبوءة الظل ‐ ثنائية الموت والحياة)٠ سليم النجار٠٠ تطرح المجموعة القصصية " انكسارات على حبات المسبحة"، مرسوم على حائط الواقع، عوالم يتحرك فيها القص بوصفه واقعاً صرفاً، واقعاً حين تقرأ تفاصيله لا بد من القول لم يحدث هذا، لم تره، قص يعلن في عدد مما تطرحه القاصة ناريمان مخاصمتها للواقع الزائف والهروب منه إلى الصور الإنسانية المفارقة وإن تحركت بين حدود الثنائيات الضدية التي تتحرك بين قوسيها تشكيلاتها، الحياة/ الموت‐ الضوء/ الضل‐ الروح كما تتنوع القصص بين بين عدد من الأساليب الصورية، والتنويعات الاجتماعية، لكننا اذا تأملنا جملة ما تطرحه القاصة ناريمان فسنلمح كيف تصطاد تفاصيل عالمها القصصي من مفردات منثورة في الواقع كما نقرأ في قصتها" إنها السادسة" ، فقد استطاعت عبر تشكيلها اللغوي أن تكسب دلالات جديدة عبر التصور المفارق، والتقطيع، واتصال البنيات الصغرى في تركيب الصورة القصصية،( ذلك الرجل النائم جواري في السرير لا يشعر بأرقي لا يدري كذلك بعدد محاولاتي البائسة كل ليلة لأحظّى ولو بساعة نوم واحدة ص١٢)٠ كما وظفت الاختلاف في قصتها " إنها السادسة"، ما بين بداية القصة ونهايتها وهنا يكمن الرمز في محاولة التوفيق وإيحاء نقطة تلاقي العلاقة بين فلسفة التذمر وفلسفة السكينة والقبول بالأمر الواقع، إنها قراءة لفهم الواقع ومساره العام واعنى بذلك ما أقره الفيلسوف هيغل من وحدة الواقع والعقل غير مجدية لفهم الواقع اليومي بتنوعه وتوتره وتغيراته،( اصحى حبيبي٠٠٠ إنها السادسة ص١٨)٠ ومن الموت الطقسي الذي تحيطه الخيالات والطقوس التي تحيل على ماض بعيد حيت الأجواء البيئية والخروج من مرحلة لأخرى عبرطقس العبور الذي ينتقل فيه الإنسان بين مراحل حياته بوصف الموت جزء من رحلة الوجود، ومن هذه القصة التي سمتها ناريمان" جرس" ترسم خطّا بيانّيا للطلوع بالروح عاكسًا فيها نبؤة الموت المبكر،( مازال يعنيه المطر في لحظة ما، ولسبب موجع، تقرر إعادة النظر في طبيعة علاقتنا مع الفصول ص٢٥)٠ ولعله من المفيد هنا التأكيد آن القصة القصيرة لن تتجاوز العقل والمعقول، ومن المفيد القول أن بدايات الفلسفة كان هاجس الفكر الأول هو البحث المتواصل عن المعقول حتى يصبح مقبولا وشائعا بين الناس٠ فقد كان مثلاً من شروط المحاورة الأفلاطونية أن تكون كل فكرة قابلة لأن تطرح على النقاش بين الفلاسفة والعلماء فيتم قبولها أو دحضها٠ ولأن الحياة اليومية تقتضي أيضاً فعالية الإحساس والعلاقات الشائكة بين العقل والوجدانية من حيث هي موطن العواطف وقبلة الإحساس، يتأتى القص كنقطة تلاقي بين فلسفة العقل وفلسفة الروح، التي عادة تكون القصة الجسر الواصل بينهما، وهذا ما نلحظه في قصة" صنم"،(لا أحد يعلم كم مضى من الزمن على هذا التمثال، منذ أن تحجر ‐ وسط حديقة الحي ‐ متخذا شكل صبي حتى الآن ص٣٤)٠ اختلف الكثير من الكتاب والمفكرين على تحديد اصل الفلسفة لكن هناك إجماع على أن إنها محبة الحكمة٠ وهذا يقودنا إلى التحرر من الواقع اليومي، فالرجل الحكيم ‐ بالنسبة إلى الأغريق ‐ هو الذي ينفصل عن الحياة العادية ويذهب إلى التفكير والنظر في الكون والعالم وكل ما يجعل الحياة ممكنة، هل هذا ما أرادت الذهاب إليه ناريمان في قصتها" صورة لم تكتمل"؟ أو البحث عن الحقيقة الخالصة بواسطة التفكير، أو الاعتماد على الذكرى، التي هي ميتافيزيقيا لعل، ومن اجرأ المفكرين الذين وجهوا نقدًا قاسياً للميتافيزيقيا كانط التي اعتبرها عائقاً أمام التنوير، كما أن هذا الميتافيزيقيا لا تعاشر الأفكار كما لا تعاشر الحياة اليومية، التي عادة ما تحيلها للماضي، الذي يتشكل من صور مختلف عليها، بفعل الزمن وتطور المفاهيم، فالماضي قضية إشكالية لنقرا ما سردت في قصتها " صورة لم تكتمل" ،( اللحظات السعيدة في صورة قبل أن يدوي انفجار مباغت، ويحيلها ‐ في طرفة عين ‐ إلى حسرات تحت الركام ص٤٩)٠ ويتجادل الحلم مع الزمن الذي يستدعي الطين والتراب بوصفه المادة الأولى للخلق، ومآل الإنسان حين يودع الحياة، وأذا كانت ناريمان أبوأسماعيل قد استعانت ببعض المفردات الطقوسية، كما كتبت في قصتها " لقاء"، ( هناك على الطاولة المقابلة كان الزمان يجلس كمخرج ماهر ص٥٥)٠ إنها تركيبة للعبة الزمان وانشطار الروح بين دقة الوصف المدلول وبداية الواقع الضعيف٠ إن قصص ناريمان رحلة شقاء، ونحت في صخر العيش، وانكسارات، واحلام قارة في المجاز، ومحبة للحياة، ورغبة في تجاوز الآلم والانعتقاق من محاصرة الموت، رغم اليقين بحقيقته كما نقرأ في قصة" الفستان الإحمر"( فيغادر المخيطة متجها إلى أقرب مقبرة ليودع التراب وما تبقى من أشلائه ص٦٠)٠ أولا: لم يأتي قصها صوت خطابي النزعة ‐ بل جاء نسيجا اجتماعيا٠ حافلا بالرموز والظلال والصُّور المبتكرة٠

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store