
هل تُجرى الانتخابات العراقية في موعدها ؟
تتجلى حالة الاحتقان السياسي في العراق بوضوح عبر تصريحات ومواقف العديد من الشخصيات المؤثرة. إذ أثار رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، الجدل بتلميحاته حول احتمال تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، ما زاد من حالة القلق العام.
ولم يكن تصريح وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، أقل تأثيرا، إذ لفت إلى أن المنطقة وليس العراق وحده قد تشهد أحداثًا كبرى في الشهر القادم، قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
هذه التصريحات، لم تكن مجرد آراء شخصية، بل عكست انقسامات عميقة ظهرت جليًا في الخلاف بين رئيس البرلمان ونائبه حول كيفية تمرير القوانين. في وقت تصاعدت فيه حرب الملفات بين رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ورئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وهي حرب تسلط الضوء على الصراعات بشأن النفوذ والسلطة.
وفي خطوة مثيرة للجدل، تم إقصاء عدد كبير من المرشحين بحجة شمولهم بقانون المساءلة والعدالة، رغم أن بعضهم كانوا نوابًا لأكثر من دورة برلمانية، ما يثير تساؤلات حول استخدام هذا القانون من القوى المتنفذة كأداة للإقصاء السياسي ضد الخصوم، في حين لم تشمل إجراءات المساءلة والعدالة ذات المشمولين بها عندما كانوا ينتمون لنفس القوى المتنفذة.
لم تكن الخلافات السياسية وحدها هي ما يشعل الأجواء، بل أضافت الحوادث الأمنية بعدًا جديدًا للتوتر، وجاءت حادثة دائرة الزراعة في بغداد، التي شهدت مصادمات مسلحة بين عناصر من مليشيا كتائب حزب الله والقوات الأمنية الرسمية، لتكشف هشاشة الوضع الأمني وعمق الانقسام بين المؤسسات الرسمية والجماعات المسلحة.
وأثارت نتائج اللجنة التحقيقية، التي أعلنت تقصير عناصر الكتائب وأعفت آمري الألوية في الحشد الشعبي، غضب المليشيا، ما أدى إلى توتر إضافي في العلاقة بين رئيس الوزراء وهذه القوى. وتجلّى هذا التوتر بوضوح في تغريدة «أبو علي العسكري» التي حاول فيها التقليل من شأن المؤسسات العسكرية والأمنية الرسمية في تحدٍ صريح لسلطة الدولة.
وفي ضوء تعقيدات المشهد السياسي والأمني، وضبابية مواقف بعض القوى السياسية التي تناور لتحقيق المكاسب، يجد الساسة أنفسهم أمام خيار تدعمه بشكل خاص أطراف السياسية الداعمة للمليشيات العراقية، التي ترى في الانتخابات فرصة للحصول على أغلبية نيابية تمكنها من تمرير قانون الحشد الشعبي داخل البرلمان لضمان نفوذها وسلطتها المهددة بضغوط دولية تدعو لعدم تمرير القانون وأحيانا تهدد بفرض عقوبات على الدولة العراقية.
ويبرز الخيار الآخر لدى أطراف أخرى ترى مصلحتها في تأجيل الانتخابات، وهو خيار ينسجم إلى حد ما مع الرؤية الأمريكية والبريطانية التي عبر عنها السفير البريطاني في العراق، حين أشار إلى انتفاء الحاجة لوجود الحشد الشعبي بعد انتهاء خطر داعش، وضرورة حل الحشد ودمج مقاتليه في المؤسسة العسكرية الرسمية، وهو ما ترفضه المليشيات حتى الآن وترى فيه تهديدا وجوديا.
وتخشى قوى إقليمية من أن يقود تأجيل الانتخابات إلى حتمية تشكيل حكومة طوارئ، ما قد يهدد نفوذها السياسي والعسكري في العراق. لهذا، جاءت زيارة مستشار الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، إلى بغداد لحث الأطراف السياسية على إجراء الانتخابات في موعدها وضرورة إقرار قانون الحشد الشعبي، في محاولة للحفاظ على مكاسبها.
وفي المقابل، تستمر الولايات المتحدة في ممارسة الضغط على الحكومة العراقية بعدم إقرار قانون الحشد، وتهدد بعواقب وخيمة في حال عدم حل هذه الفصائل ودمجها في الجيش الرسمي.
ويبقى السؤال الذي يشغل بال العراقيين، هل ستجرى الانتخابات النيابية في موعدها؟ أم أن الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية في القرار العراقي ستدفع الأمور نحو تشكيل حكومة طوارئ، لتظل العملية السياسية محكومة بالتجاذبات والمصالح المتضاربة؟.
أخبار ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 28 دقائق
- الشرق الأوسط
تقرير أممي: لا توجيهات حكومية وراء انتهاكات الساحل السوري
أفاد تقرير صادر عن لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة المعنية بسوريا، أمس، بأن جرائم حرب ارتُكبت على الأرجح من جانب قوات الحكومة السورية والمسلحين الموالين للرئيس السابق بشار الأسد، خلال أعمال عنف طائفي اندلعت في منطقة الساحل السوري، بلغت ذروتها بسلسلة من عمليات القتل في مارس (آذار). غير أن اللجنة أوضحت في الوقت ذاته، أنها «لم تجد أي دليل على وجود سياسة أو توجيهات حكومية لتنفيذ مثل هذه الهجمات». وذكر التقرير أن نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، قُتلوا خلال أعمال عنف استهدفت في المقام الأول الطائفة العلوية. وقال باولو سيرغيو بينيرو رئيس اللجنة إن «حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا يمثلان أمراً مُقلقاً للغاية». واستند التقرير إلى مقابلات مع أكثر من 200 شخص من ضحايا وشهود وزيارات لثلاث مقابر جماعية. ورحب المبعوث الأميركي الخاص توم برّاك بالتقرير، واصفاً إياه بأنه «خطوة جادة» نحو تقييم المسؤولية عن الانتهاكات، وأكد أهمية تحقيق العدالة من أجل دولة سورية موحدة.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
إسرائيل تحدد منطقة عازلة في جنوب لبنان
حددت إسرائيل، أمس، منطقة عازلة في جنوب لبنان، نشرت خرائطها، ومنعت السكان من الاقتراب منها. وتبلغ مساحة تلك المنطقة نحو 50 كيلومتراً مربعاً. وألقت مسيّرة إسرائيلية أمس منشورات تحذيرية فوق بلدة شبعا، حددت فيها ما وصفته بـ«الخط الأحمر» على خرائط مرفقة، محذّرة من تجاوزه. وتشمل المنطقة المحددة بالخرائط الجديدة، موقعاً سابقاً لخيمة أقامها «حزب الله» في يونيو (حزيران) 2023 قرب الخط الأزرق في مزارع شبعا. في غضون ذلك، قال قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي رافي ميلو، إن انسحاب جيشه من النقاط الخمس الحدودية التي تحتلها إسرائيل في جنوب لبنان، مرتبط بوقف نشاط «حزب الله» جنوب نهر الليطاني، مؤكداً أن إسرائيل تحتفظ بخياراتها العسكرية إذا لم يتحقق ذلك عبر الوسائل السياسية أو الدبلوماسية. وقال ميلو إن الحكومة اللبنانية أبدت نية «إيجابية جداً» لجمع سلاح «حزب الله»، لكنه أشار إلى أن القدرات اللوجيستية للدولة اللبنانية في هذا المجال «محدودة».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
كروبي: البرنامج النووي هوى بالإيرانيين إلى القاع
انتقد الزعيم الإصلاحي الإيراني مهدي كروبي، السياسات «الكارثية» للمؤسسة الحاكمة، خصوصاً البرنامج النووي، عادّاً أنه أوصل الشعب إلى «قاع الهاوية». ودعا كروبي القيادة الإيرانية إلى «العودة للشعب» وإجراء «إصلاحات هيكلية قائمة على إرادة الأمة قبل فوات الأوان». وأبدى أسفه على «ابتعاد الناس عن الثورة والنظام نتيجة سوء أداء المسؤولين». في المقابل، عرض الرئيس الإيراني الأسبق، حسن روحاني رؤيته للحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، وعدّها دليلاً على ضرورة مراجعة النهج القائم. وقال إن تراجع النفوذ الإقليمي لإيران والتوترات الداخلية وتدهور العلاقات مع أوروبا، دفعت واشنطن وتل أبيب للاعتقاد بضعف إيران إقليمياً وداخلياً، وشن حرب على طهران في يونيو (حزيران). وقدّم روحاني سلسلة توصيات لما بعد الحرب، أبرزها صياغة استراتيجية وطنية جديدة تعكس إرادة الشعب، وتطوير القدرات الدفاعية والاستخباراتية، مع حصر مهام القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في وظائفها الأساسية بعيداً عن الاقتصاد. كما دعا لتعزيز العلاقات مع أوروبا والجوار، وخفض التوتر مع الولايات المتحدة إذا كان ذلك يخدم المصلحة الوطنية، وإنشاء منظومة استخبارات جديدة قائمة على دعم الشعب، وإصلاح القضاء ليكون مستقلاً.