التطبيع مقابل النجاة
كنا نسمع سابقا شعار "الأرض مقابل السلام" في سياق الكلام عن اتفاقيات التطبيع والواقع أن هذا الشعار واجب التغيير إلى "التطبيع مقابل النجاة".
القصة لم تعد قصة أرض مغتصبة لدى البعض وليس أدل على ذلك مما يقوله وزير الخارجية الإسرائيلية الذي يشترط لتوقيع معاهدة سلام مع السوريين أن يتم الاحتفاظ بهضبة الجولان كاملة فيما يريد السوريون الانسحاب من كل الأرض التي احتلها إسرائيل عام 1967، والأرض التي تم احتلالها بعد سقوط بشار الأسد.
وسائل الإعلام الإسرائيلية منشغلة بتسريب معلومات منسوبة إلى مصادر سورية وإسرائيلية غير مسماه تقول إن توقيع اتفاقية تطبيع بين سورية وإسرائيل أمر سيحدث قبل نهاية العام، وان واشنطن قد تشهد جمع الرئيس السوري برئيس الحكومة الإسرائيلية، وفوق هذا تسريب معلومات حول قنوات تواصل سورية إسرائيلية مباشرة، أو غير مباشرة، لا فرق، لان التواصل قائم في الحالتين.
سابقا كان يتم الحديث عن منافع السلام بين الدول التي تطبع مع اسرائيل، واليوم بعد التغيرات في معسكرات المنطقة، واختلال موازين القوى، يتم الحديث عن "السلام مقابل النجاة" من التسلط الإسرائيلي فقط، وهذه هي ثمرة التطبيع بالمفهوم الإسرائيلي، وإذا كانت دمشق الرسمية ستذهب إلى تطبيع مع إسرائيل، فإنها ستبرر ذلك بحاجتها إلى قبول دولي واستثمارات وقروض، من اجل الحياة.
بماذا سيختلف النظام الحالي عن سابقه في هذه الحالة، فالنظام السابق كان متهما بكونه سلم الجولان لإسرائيل ولم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل، على الرغم من كونه جزءا من معسكر توازن في المنطق مرتبط بطهران وموسكو، وهو أيضا دفع ثمن استدراجه إلى مذابح الداخل السوري، ولم يدر أزمة الفوضى السوري وتدفق التنظيمات بطريقة عاقلة، بل تم استدراجه ومؤسساته إلى حرب أهلية حرقت الأخضر واليابس، على يد قوى خارجية معلومة أدارت المشهد عبر أدوات محلية لتدمير سورية البلد والشعب والمقدرات كرمى لعيون إسرائيل نهاية المطاف، وهي المستفيدة الأولى من تدمير سورية قلب الهلال الخصيب.
في كل الأحوال لا يمكن محاكمة النظام السابق، وعدم الاعتراض في الوقت ذاته على النظام الحالي وهو يذهب إلى التطبيع، حتى لو راينا رجالاته يصلون في المسجد الأموي، واغلبهم من خلفيات النصرة والقاعدة، ويتبنون شعارات دينية، فالمهم هو النهايات، وليس الشعارات التي شبعنا منها في هذا المشرق.
من اللافت للانتباه في العالم العربي أن النخب وعامة الناس يتعامون عن كل الإشارات حول العلاقة المحتملة بين سورية وإسرائيل، ويستندون في ذلك إلى كراهية مشروعة للنظام السابق، لكن هذه الكراهية ليست رخصة للنظام الجديد، تسمح له بالاقتراب من إسرائيل فيما يسكت الكل، ولا يقولون كلمة في وجه مخططات ابتلاع سورية.
تبرير ذلك بفقه الواقع، وعدم قدرة النظام الجديد على الوقوف في وجه إسرائيل والولايات المتحدة، تبرير متخاذل رفضه الجمهور العربي حين تحدثت به أنظمة ثانية، وهذا يعني أن العملية تعبر أحيانا عن انتقائية مكشوفة، وليس عن وطنية.
الخلاصة هنا تقول إن مفتاح الحل في سورية هو ترتيب أوراق الداخل وليس الارتماء في أحضان الإسرائيليين بحثا عن النجاة، مع الإدراك هنا أن سورية المتشظية اليوم بحاجة إلى عمل كثير بعد الخراب الذي تسبب به النظام السابق، ومن أدار الحرب ضده أيضا، في سياقات إعادة صياغة وجه بلاد الشام والمنطقة.
"الغد"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
الزرقاء : حوارية عن تمكين المرأة فــــي الـحــيــاة الـسيـاسية
الزرقاءنظم منتدى الهاشمية الثقافي بالتعاون مع مؤسسة الأيقونة للتنمية المستدامة جلسة حوارية بعنوان ( تمكين المرأة في الحياة السياسية ) بحضور مجموعة من المهتمين من أبناء المجتمع المحلي.وعرضت مدير عام مؤسسة شابات لتمكين المرأة سياسياً منال كشت، خلال الجلسة استراتيجيات وبرامج المؤسسة التي تستهدف تمكين المرأة من خلال التدريب والتوعية والتشجيع على المشاركة في الحياة السياسية.واكدت أهمية وجود بيئة داعمة تشجع المرأة على خوض غمار العمل السياسي، وتقديم الدعم القانوني والاجتماعي الذي يعزز من حضورها في المؤسسات السياسية والمجتمعية.وقال رئيس منتدى الهاشمية الثقافي، خالد الزيود: يأتي عقد مثل هذه الجلسات الحوارية كوسيلة فعالة لنشر الوعي وتشجيع المرأة على المشاركة الفاعلة في حياة السياسية حيث تتيح مثل هذه اللقاءات للسيدات فرصة للتعبير عن آرائهن وتبادل الخبرات مع المختصين والمهتمين، مما يعزز من قدراتهن ويكسر الحواجز الاجتماعية والثقافية التي قد تعيق مشاركتهن السياسية.

الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
مسافر يطا: تدريبات عسكرية للاحتلال «تمهيدًا للتهجير»
يترقّب أهالي 12 تجمّعًا سكانيًا في مسافر يطا جنوب الخليل، جنوب الضفة الغربية، تداعيات قرار إسرائيلي صدر مؤخرًا، يسمح بإجراء تدريبات عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة «إطلاق النار 918» بمسافر يطا، جنوب الخليل، جنوبي الضفة الغربية، وهو أمر يمهّد عمليًا لتهجيرهم.يأتي ذلك إثر إصدار المجلس الأعلى للتخطيط في الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، قرارًا يمنح الحاكم العسكري الضوء الأخضر للسماح بتلك التدريبات، بالتزامن مع رفض جميع الإجراءات القانونية المتبعة في هذه المنطقة، بما يشمل المخططات التفصيلية، والأوامر الاحترازية، وطلبات الترخيص التي تقدم بها الفلسطينيون للإدارة المدنية الإسرائيلية.رئيس مجلس قروي مسافر يطا، نضال أبو عرام، يقول في حديث مع «العربي الجديد»، إنهم أُبلغوا بالقرار الصادر عن ما يُعرف بـ»الحاكم العسكري للمنطقة الوسطى»، وذلك عبر المحامية التي تتابع ملف المخططات التفصيلية وطلبات الترخيص في منطقة «إصفيّ».ويستهدف القرار الإسرائيلي، بحسب ما أكده أبو عرام، قرى: «جنبا، وخلة الضبع، والمركز، والفخيت، والحلاوة، والمفقرة، والتبان، والمجاز، وصفاي الفوقا، وصفاي التحتا، وبير العد، وخروبة».وتعتبر هذه التجمعات وفق أبو عرام، من بين الأشد فقرًا وتهميشًا في الضفة الغربية، ويعتمد سكانها بشكل أساسي على الزراعة وتربية المواشي، وهي محاطة بعدد من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، أبرزها، «كرمئيل، وماعون، وأفني حيفتس»، كما أن أهالي المناطق مهددون بالتهجير القسري بموجب قرار صادر عن محكمة الاحتلال في أيار/مايو 2022، بحجة إدراجها ضمن ما يُعرف بمنطقة «إطلاق النار 918»؛ بهدف تهجير سكانها بحجة الاستخدام العسكري.ويُهدّد هذا القرار، بحسب أبو عرام، أكثر من 300 منشأة سكنية وزراعية، إلى جانب حظائر المواشي وأربع مدارس، وثلاث عيادات صحية، ومسجدين، ومنشآت عامة وشبكة مياه، ما يعني عمليًا أن الاحتلال يُخطّط لهدم ممتلكات المواطنين في هذه القرى، كما حدث مؤخرًا في خلة الضبع التي هدم الاحتلال فيها على مرحلتين أكثر من 35 منشأة وخيمة ومسكن وحظيرة منذ مطلع الشهر الجاري، واعتبرها منطقة عسكرية مغلقة بعد أن جرى منع أي أحد من خارج الخلّة الدخول إليها.وقال أبو عرام: «الاحتلال أعلن تلك المناطق مناطق تدريب عسكري، وإذا خرج المواطن لأي غرض -حتى لو كان لقضاء حاجة- سيُمنع لاحقًا من العودة، وهذه هي بداية تنفيذ خطة الإخلاء على مراحل، تمامًا كما حصل في خلة الضبع التي يسعى الاحتلال لتكرار تجربتها مع قرى أخرى، لكن في مناطق أشد ضعفًا وأقل قدرة على الصمود، كقرية جنبا، حيث يعتمد السكان على تربية المواشي فيها، وإذا جرى هدم منازلهم، وخرجوا بمواشيهم، فلن يتمكنوا من العودة، ما يعني تفريغ المنطقة قسرًا».وحذّر أبو عرام من أن محكمة الاحتلال ستتجه لاحقًا إلى رفض القضايا القانونية المقدمة من الأهالي، والتي تهدف إلى استصدار أوامر احترازية لتجميد قرارات الهدم، بما يشمل المساكن والمدارس والعيادات الصحية، وبالتالي تصبح جميع هذه المنشآت مهددة بالهدم في أي لحظة. وأشار إلى أن «أي جلسات في المحكمة قد تُعقد ستكون صورية فقط، في إطار استكمال الإجراءات القانونية الشكلية قبل إصدار قرارات الرفض تمهيداً للإخلاء والهدم».ولفت أبو عرام إلى أن من بين المنشآت المهددة بالهدم مدرسة جنبا، ومدرسة الفخيت، ومدرسة أصفي، إلى جانب عدة عيادات صحية، مؤكداً أن إجراءات الاحتلال القمعية بحق أهالي مسافر يطا لم تتغير، لكنها زادت على الأرض بعد صدور قرار عام 2022 وتفاقمت بشكل كبير بعد بدء الحرب على قطاع غزة، إذ أصبح جميع المستوطنين في البؤر المحاذية للمسافر، جنود في جيش الاحتلال، وينفذون اعتداءات عبر إطلاق النار على السكان بحجة تنفيذ تدريبات عسكرية، باعتبار قرى المسافر «مناطق إطلاق نار»، وذلك عرّض حياة المواطنين للخطر على الدوام.ويبلغ عدد سكّان التجمعات المستهدفة في قرى المسافر قرابة 2500 نسمة، وهو رقم تراجع في السنوات الأخيرة كون التوسع العمراني لأسر هذه التجمعات يجري خارج حدود المسافر، نتيجة التضييق المستمر من قبل الاحتلال ومنع التوسع الطبيعي، وفق أبو عرام. وقال: «سلطات الاحتلال بدأت فعلياً بتنفيذ خطة الاستيلاء على المسافر عبر ما يسمى الإخلاء الفردي، والذي يتمثل بهدم منازل الأهالي، لا سيما القاطنين في التجمعات الصغيرة والمناطق البعيدة».«عرب 48»


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
لنتحدث بصراحة.. كيف يجدر النظر لإيران؟!
اضافة اعلان في العام 2015، نشرت مجلة "ذي وويك"، رسما كاريكاتوريا لقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في السرير مع العم سام، في إشارة، فهمها كثير من القراء على أنها تعني أن كلا الجانبين منخرطين في قتال تنظيم "داعش" الإرهابي. لكن المعنى الحقيقي للرسم يتعدى ذلك كثيرا، نحو تفاصيل معقدة من علاقة عضوية حكمت الجانبين، كانا خلالها، وفي كثير من الأحيان، يشكلان فريقا واحدا يعمل للهدف نفسه، تقريبا.واحد من أوجه التعاون المبكر جاء بأعقاب إخراج الجيش العراقي من الكويت، عندما أشعلت إيران والموالون لها ما عرف باسم "انتفاضة 1991"، في محافظات الجنوب العراقي، تبعتها انتفاضة أخرى مشابهة في مدن الشمال الكردية، وذلك بعد وقت قصير من خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش الأب، ودعوته العراقيين إلى الثورة والإطاحة بحكم الرئيس العراقي صدام حسين.كانت إيران تقف خلف الأحداث، بتحريكها أحزابا وجهات موالية لها ولدمشق، مثل حزب الدعوة والحزب الشيوعي وحزب البعث المنشق الموالي لسورية، وغيرها. لكن الأحداث فشلت بإسقاط نظام صدام حسين، وكان لا بد لطهران أن تنتظر 12 عاما لتمهد لها واشنطن الطريق من جديد للنجاح بمسعاها. بعدها، رأت طهران الفرصة سانحة لمد نفوذها الحقيقي إلى دول أخرى عن طريق سيطرتها على الجغرافيا العراقية، فامتد نفوذها إلى دمشق، لتشكل ما يشبه "الأوتوستراد" النافذ من طهران إلى بيروت.هيمنت طهران على دمشق، ووجهت الأسد بإغراق العراق بمقاتلي القاعدة والفصائل الدينية الأخرى، لإثارة أكبر قدر من عدم الاستقرار في الجارة الشرقية، لتسريع سحب واشنطن جنودها منه. في نوفمبر 2009، اتهم رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، سورية، بدعم منفدي تفجيرات دموية في بغداد، مطالبا بإيقاف "تصدير القتلة والإرهابيين"، بل وحذر من أن الذين يحتضنون المجرمين سيدفعون الثمن، وهو ما حدث بالفعل لنظام الأسد. لكن الأمر لم يكن في يد الأسد، فقد كانت إيران صاحبة القرار في بلده.في فترة لاحقة، سيحاول الأسد "مقاومة" النفوذ الإيراني في بلده، خصوصا بالاستناد إلى القوة الروسية التي استقدمها هي الأخرى لقمع شعبه وإنقاذ نظامه، لكن الأمر سيكون قد فات على ذلك، فإيران تغلغلت عميقا في جميع مفاصل الدولة والبلد والنسيج المجتمعي، وكان قاسم سليماني ينثر الموت والدمار في كامل أرجاء سورية وهو يقود بشكل مباشر الفرقة الآلية الرابعة السورية، ومقاتلي حزب الله اللبناني، وحركة النجباء، وكتائب حزب الله العراقية، ولواء أبو فضل العباس، وفرقة "الفاطميون"، فنفذ احتلالا دينيا، و"هندس" التغيير الديموغرافي فيها، باستقدام عشرات آلاف المرتزقة من الطائفة الشيعية من أفغانستان وباكستان وغيرها، منحوا الجنسية السورية، وسكنوا بيوت أهل البلد الأصليين بعد قتلهم أو طردهم بالقوة.خلال تلك الفترة، عانى الأردن كثيرا من محاولات الاختراق، ولم يخف سليماني رغبته بـ"السيطرة" على عمان، فتم توجيه آلاف الإرهابيين ومهربي المخدرات والسلاح إلى الحدود الأردنية، لكن القوات المسلحة استطاعت التعامل مع الأمر بحرفية واقتدار.معظم الأردنيين وجيرانهم السوريين وقسم كبير من العراقيين، يعتبرون إيران نظاما إرهابيا تسبب بإزهاق ملايين الأرواح في المنطقة لإنجاح مشروعه التوسعي على حسابنا. لكن، "تجارته" بالقضية الفلسطينية هي فقط لذر الرماد في العيون. ورغم هذه الحقائق التي لا يمكن دحضها، فكثير منها موثق بمراجع ثابتة لمن يريد أن يتثبت منها، ما يزال هناك قسم من الأردنيين يعتبر إيران دولة تريد الانتصار لقضايانا!وجهات النظر المتضادة هذه، لا تخلق انسجاما مجتمعيا، بل وتهدد الأمن والسلم المجتمعيين، وتضع الأردنيين في مواجهة بعضهم بعضا، فإذا كان الوطن هو ما يوجب الاصطفاف في حالات التهديد الوجودي، فلماذا إذن هناك من لا يكترث بهذا التهديد، ومن الممكن أن يمنح لأي جهة أو جماعة أولوية على مصالح بلده.