فرنسا تصفع "إسرائيل"
الخطة الفرنسية–البريطانية انطلقت من رفض أي محاولة لإعادة ترسيم حدود سايكس بيكو أو تغيير الكيانات التي نشأت عنها، إذ تُدرك العاصمتان أن تفكيك هذا الإرث، وإن بدا مغرياً لبعض القوى الإقليمية، فإنه يهدد مصالحهما الإستراتيجية طويلة الأمد، أو ربما لاستبصارهما العميق للنتائج الكارثية لمثل هكذا خطوة، وأول تلك النتائج موجات لا تنتهي من اللاجئين هرباً من الموت والبؤس، وبخطوة سياسية ذات رمزية عالية، وجّه ماكرون صفعة مباشرة لنتنياهو، حين أعلن عزمه التوجّه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في ذات المكان الذي شهد ميلاد إسرائيل عام 1947، وكأن فرنسا تقول: من ذات المنبر الذي ساهم في نشوء إسرائيل، آن الأوان لتصحيح المسار والاعتراف بفلسطين.
ورغم أن لندن أبدت تأييداً مشروطًا لهذا المسعى، حيث أشار كير ستارمر إلى أن الاعتراف يجب أن يكون جزءاً من عملية سلام شاملة، فإن التلاقي بين العاصمتين، ولو ضمن الحد الأدنى، يعيد ترسيم دورهما كقوتين طامحتين للحفاظ على حضورهما في المعادلة الدولية.
الأهمية التوقيتية للموقف الفرنسي لا تنفصل عن تصويت الكنيست الإسرائيلي مؤخراً لصالح ضم الضفة الغربية، وهو ما يجعل من إعلان ماكرون ردّاً مباشراً ورسالة اعتراض دبلوماسي متقدّمة، في السياق ذاته، تنقل باريس أقوالها إلى أفعال، من خلال تنسيق مباشر مع الرياض بكل ثقلها، لعقد مؤتمر دولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، في خطوة قد تفتح الباب أمام اعترافات دولية أوسع، ما يشكّل ضربة قاصمة للمشروع الإسرائيلي الساعي لدفن فكرة الدولة الفلسطينية عبر سياسة فرض الأمر الواقع، ولم يقتصر التحرك الفرنسي على الملف الفلسطيني، فباريس، وبدرجة أقل لندن، تسعى لإفشال المخطط الإسرائيلي لتقسيم سورية على أسس طائفية، وتأتي التطورات الأخيرة في السويداء لتؤكّد المخاوف من وجود مساعٍ إسرائيلية لإشعال جبهات داخلية في سوريا الجديدة، عبر تأجيج التوترات بين المكونات الدينية والعرقية.
وبهدف احتواء هذا المخطط، تحاول فرنسا ترتيب لقاء مباشر بين الحكومة المركزية السورية والمكوّن الكردي، لتقريب وجهات النظر وضمان وحدة البلاد، هذه الخطوة، التي تحظى بدعم بريطاني، تعبّر عن رغبة الدولتين في تثبيت موطئ قدم استراتيجي لهما في مرحلة ما بعد الأسد، حفاظا على دورهما في الإقليم، ويبقى السؤال مطروحاً؛ هل تنجح باريس ولندن، في العودة إلى طاولة التأثير في الشرق الأوسط؟.
الإجابة ليست سهلة، صحيح أن البلدين ما زالا يحسبان ضمن القوى الكبرى، لكن نفوذهما تراجع كثيراً خلال العقود الماضية، وبات مرتهناً إلى حد بعيد للموقف الأميركي، باستثناء بعض التمايز الفرنسي، ولا شك أن إسرائيل، باعتبارها «قضية أميركية»، تظل بمنأى عن أي ضغط أوروبي فعلي، ما يجعل المواقف الأوروبية في أحسن الأحوال رمزية، ومع ذلك، فإن إعلان فرنسا – وربما لاحقاً بريطانيا – الاعتراف بالدولة الفلسطينية، يشكّل خطوة متقدمة نحو تكريس الحق القانوني والتاريخي للشعب الفلسطيني، ولو في الإطار الرمزي، لكنه يبقى ناقصاً ما لم يترافق مع اعتذار تاريخي صريح: أولًا من بريطانيا عن وعد بلفور، وثانيًا من الدولتين معاً عن تواطئهما في إقامة كيان استيطاني على أرض الفلسطينيين.
وهنا يمكن القول أن المجتمع الدولي بدأ يستعيد توازنه الأخلاقي حيال قضية القرنين، لكن ما لم تترافق الاعترافات بخطة دبلوماسية فعلية تضغط على الاحتلال، فإن الحقوق ستبقى حبيسة الخطب، فيما تستمر إسرائيل في توسيع هيمنتها على الأرض، وتحرم الشعب الفلسطيني من أرضه وحقه التاريخي، والذي كان لبريطانيا وفرنسا اليد الأولى في حرمانهم منه.
"الغد"

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وطنا نيوز
منذ 9 ساعات
- وطنا نيوز
نواب ديمقراطيون يحثون إدارة ترامب على الاعتراف بدولة فلسطينية
وطنا اليوم:ذكر موقع أكسيوس الاثنين أن أكثر من عشرة أعضاء من الحزب الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي وقعوا على رسالة تحث إدارة ترامب على الاعتراف بدولة فلسطينية. وأضاف الموقع أن نائبا واحدا على الأقل يعتزم تقديم مشروع قرار يؤيد إقامة الدولة. جاء ذلك بعد أن قلل وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، من أهمية إعلان بريطانيا وفرنسا وكندا عن خططها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، واصفًا الخطوة بأنها 'غير مجدية' و'رمزية فقط'. وقال روبيو، في مقابلة مع إذاعة شبكة 'فوكس نيوز'، 'الأمر مزعج للبعض، ولكنه لا يعني شيئًا؛ لا يمكن لأي من هذه الدول إنشاء دولة فلسطينية من جانب واحد، ولن تكون هناك دولة فلسطينية ما لم توافق إسرائيل على ذلك'. وأضاف: 'لا يمكنهم حتى تحديد مكان الدولة الفلسطينية أو من سيحكمها، وبالتالي فإن هذه التحركات لا معنى لها'، معتبرًا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية 'سيكافئ حماس ويشجعها على رفض وقف إطلاق النار في غزة' وفق تعبيره. ورأى روبيو أن الدافع وراء هذه الخطوات هو ضغوط محلية، قائلاً: 'بعض هذه الدول لديها دوائر انتخابية ضخمة تضغط عليها للانضمام إلى هذا الجانب، بصرف النظر عن العواقب الجيوسياسية'. وكانت بريطانيا وفرنسا وكندا قد أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية في سبتمبر/أيلول المقبل، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، استجابة للغضب الشعبي المتزايد نتيجة مشاهد الأطفال الذين يعانون الجوع في قطاع غزة.


الرأي
منذ يوم واحد
- الرأي
ماكرون يؤكد على "المصير الأوروبي" لصربيا
أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد على "المصير الأوروبي" لصربيا التي ظلت قريبة من روسيا رغم ترشحها لعضوية الاتحاد الأوروبي، وذلك خلال محادثة هاتفية مع نظيره ألكسندر فوتشيتش. وقال ماكرون عبر منصة إكس "لقد أكدت له قناعتي بأن مصير صربيا أوروبي وأملي في أن تتمكن من التقدم، بروح الحوار، على طريق الإصلاحات والانضمام". وشهدت الدولة الواقعة في البلقان احتجاجات واسعة النطاق مجددا في حزيران/يونيو في محاولة للضغط على ألكسندر فوتشيتش لإجراء انتخابات مبكرة. بدأت الاحتجاجات بعد وفاة 16 شخصا في تشرين الثاني/نوفمبر 2024 عندما انهار سقف محطة قطارات في مدينة نوفي ساد (شمال)، وهي كارثة اعتبرت على نطاق واسع ناتجة عن الفساد. ويعد ألكسندر فوتشيتش مقربا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولم تفرض بلاده التي تواصل شراء الغالبية العظمى من غازها من موسكو، أي عقوبات على روسيا منذ بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا في شباط/فبراير 2022. وبلغراد أيضا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الرئيسي لصربيا. وأكد إيمانويل ماكرون أيضا التزام فرنسا "باستقرار ووحدة وسيادة البوسنة والهرسك، فضلا عن احترام سيادة القانون".


جو 24
منذ 2 أيام
- جو 24
نووي بعيد عن السلمية
ميساء المصري جو 24 : في علم الجريمة يقال أبحث عن المستفيد الاول ....ثم انطلق بالبحث ......ويبدو ان ايران هي المستفيد الاول الأن مما يحصل من جهود سياسية ديبلوماسية مبذولة او ما يسمى التقارب الامريكي الايراني .....رغم الحذر الواضح ..ويبدو أن الجهود الرامية لحل الأزمة الدولية طويلة الأجل الناجمة عن إخفاق إيران في تفسير جوانب من برنامجها النووي تكتسب زخماً يوماً بعد يوم. فالرئيس الإيراني حسن روحاني في نيويورك وفي كلمته امام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، اصر بان ايران عازمة على تحقيق عالم خال من الاسلحة النووية .خلال مفاوضات تستمر لثلاثة أشهر ..وذلك يشبه عملية ...سياسة تامين النصر من خلال التراجع ...... وربما سنسمع منه الكثير في لقاء يجمعه هناك مع الرئيس أوباما. بينما نتابع في الركن البعيد عند راس الهرم المرشد الأعلى علي خامنئي يعبر عن دعمه لروحاني في إبرام اتفاق، مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية والمالية بعيدا عن التهديدات العسكرية ، مشيراً بأن الآن هو الوقت المناسب لـ "الليونة البطولية". إن المفاهيم الدولية حول هدف البرنامج النووي تخالف تماماً الادعااءت التى يطلقها الايرانيون يوما بعد يوم ف خامنئي صرح بان طهران لا تسعى لامتلاك أسلحة نووية. وحتى إنكار روحاني في مقابلة أجراها مع شبكة "إن بي سي" كان أكثر وضوحا وقال إيران لم تسع يوماً لحيازة قنبلة نووية ونحن لن نفعل ذلك. ومع هذا الاصرار السلمي تثير التقارير المنتظمة الصادرة عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» بشأن أنشطة طهران مخاوف اهمها .. تواصل إيران تخصيب اليورانيوم بكميات تتجاوز كثيراً متطلباتها الحالية والمستقبلية لبرنامج نووي سلمي. اذ تعمل إيران في الوقت الحالي على تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 في المائة من النظائر الانشطارية يو-235، وللحصول على يورانيوم يُستخدم في الأسلحة النووية - والذي يحتوي على 90 في المائة يو-235 - يقوم المخطط المعتاد على تخصيب بنسب تتراوح من 20 في المائة إلى 60 في المائة، ومن ثم إلى 90 في المائة. ومع ذلك فإن العدد الضخم من أجهزة الطرد المركزي التي تملكها إيران تُمكنها من التخصيب مباشرة من 20 في المائة إلى نسبة 90 في المائة باستخدام "الشلالات الترادفية"، في أربع وحدات فقط في محطة نطنز، تستطيع إيران إنتاج 45 كيلوغرام من سادس فلوريد اليورانيوم المخصب إلى نسبة 90 في المائة في غضون أسبوعين. وهي الكمية اللازمة لتصنيع جهاز انفجاري نووي. وعند أخذ كل شئ في الإعتبار، سوف تحتاج إيران إلى شهر أو شهرين لإكمال العملية المباشرة وتصنيع مكونات جهاز انفجاري، وتجميع سلاح. وسوف تحدث الخطوات في مواقع غير معروفة لـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ورغم أن الوكالة تفتش على منشآت إيران كل أسبوع إلى أسبوعين، إلا أنها ستحتاج إلى وقت إضافي لتأكيد وتقديم تقرير إلى المجتمع الدولي كما ان هناك احتمال بأن لدى إيران محطات طرد مركزي غير مفصح عنها. كما يوجد مفاعل المياه الثقيلة ايضا. وإذا دخل هذا المفاعل حيز التشغيل، فبإمكانه أن يمنح إيران مصدراً للبلوتونيوم، وهي مادة انفجارية نووية أقوى من اليورانيوم نظراً لصغر الكتلة الحرجة المطلوبة. وهذا عامل مؤثر للحكم على صدق مزاعم طهران بأنها لم تهدف أبداً إلى امتلاك أسلحة نووية. وبعيدا عن كل هذة المخاوف صرح رئيس الوزراء نتنياهو بأن هناك أربع خطوات يتطلب من طهران القيام بها حتى نفترض حسن النية وهي : "وقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم، إزالة جميع اليورانيوم المخصب، غلق محطة تخصيب فوردو قرب قم، ووقف مسار البلوتونيوم". وباختصار، أصبح المشهد كما يبدو مهيئاً للدبلوماسية، ولكن الوقت المتاح للتوصل إلى اتفاق آخذ في النفاد بسرعة. ويبدو ان الذئاب تحوم حول الضحية والتي من المؤكد بانها ستكون سوريا ..... تابعو الأردن 24 على