logo
"بتسيلم" و"أطباء لحقوق الإنسان" الإسرائيليتان: تل أبيب ترتكب إبادة جماعية في غزة

"بتسيلم" و"أطباء لحقوق الإنسان" الإسرائيليتان: تل أبيب ترتكب إبادة جماعية في غزة

العربي الجديدمنذ 2 أيام
قالت منظمتان حقوقيتان إسرائيليتان، الاثنين، إن تل أبيب ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة وتنقلها إلى الضفة
الغربية المحتلة
، وتستبيح الفلسطينيين "من النهر إلى البحر". وبحسب تقرير مشترك لمنظمتي بتسيلم وأطباء لحقوق الإنسان، فإن "التمعن في السياسة الإسرائيلية في قطاع غزة وتقصي نتائجها المروعة يقوداننا إلى استنتاج قطعي بأن إسرائيل تعمل بشكل منسّق من أجل تدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة".
وحذر من أن "إسرائيل بدأت فعليا، بنسخ أنماط التدمير والإبادة التي يجري تطبيقها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، إلى الضفة الغربية أيضا، وإنْ (كان ذلك) على نطاق أضيق". وأوضح أن "إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين".
ومنذ 7 أكتوبر 2023، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى استشهاد 1008 فلسطينيين على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، تزامنا مع حرب إبادة جماعية تشنها إسرائيل في غزة، خلفت أكثر من 204 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.
وثائق
اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها 1948
ونقل التقرير عن يولي نوفاك، المديرة العامة لمنظمة بتسيلم، قولها: "تقوم الحكومة اليمينية المتطرفة (برئاسة بنيامين نتنياهو) بالدفع قدما بأجندة الإبادة والتهجير، حيث أصبحت حياة جميع الفلسطينيين من النهر (نهر الأردن) إلى البحر (المتوسط) مستباحة". وأضافت نوفاك أن "الوضع يزداد سوءًا باستمرار، وعلى العالم أن يوقف الجرائم التي ترتكبها إسرائيل الآن".
التقرير الإسرائيلي خلص إلى أن "هذا الهجوم يستوفي معايير تعريف الإبادة الجماعية"، ودعا "هيئات الصحة والمساعدات الإنسانية في جميع أنحاء العالم إلى التحرك بشكل عاجل حيال الكارثة الإنسانية الخطيرة التي تتطلب ردًا فوريًا وتضامنًا عالميًا". وبشأن الواقع الطبي، أفاد التقرير، بأن "الأدلة تشير إلى تفكيك متعمَّد ومنهجي للجهاز الصحي في قطاع غزة ولغيره من المنظومات الحيوية". وأشار إلى "الهجمات (الإسرائيلية) المباشرة على المستشفيات، وعرقلة المساعدات الطبية وعمليات الإجلاء الطبي، إضافة إلى قتل واعتقال أعضاء الطواقم الطبية"، مضيفا: "ليس الحديث هنا عن أضرار جانبية للحرب، بل عن سياسة متعمَّدة غايتها هي المس بالسكان الفلسطينيين كشعب".
ومنذ بدء الإبادة بغزة، عمدت إسرائيل إلى تدمير معظم مستشفيات القطاع وأخرجتها عن الخدمات، واعتقلت عددا من كوادرها، فضلا عن إغلاق المعابر وإطباق الحصار ومنع دخول الأدوية، ما فاقم الكارثة الإنسانية بالقطاع. كما منعت خروج المرضى والجرحى إلى الخارج لتلقي العلاج، ضمن الإبادة المتواصلة في قطاع غزة.
تقارير عربية
التحديثات الحية
هيومن رايتس ووتش: إسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية في غزة
وحذر التقرير من أن "إسرائيل تتعمد تدمير الجهاز الصحي في قطاع غزة، 22 شهرا من مهاجمة مستشفى تلو الآخر، ومنع خروج المرضى لتلقي العلاجات المنقِذة للحياة، ومنع المساعدات، وكل هذا يعكس نمطا منهجيا ومنسقا من الإبادة". كما دعا "قادة العالم إلى استخدام كل الوسائل الممكنة بموجب القانون الدولي لوقف الإبادة الجماعيّة الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".
ويأتي التقرير الجديد ليضم إلى سلسلة تقارير حقوقية سابقة أكدت ارتكاب إسرائيل جرائم حرب وإبادة خلال حربها على قطاع غزة، إذ أفاد
تقرير سابق لمنظمة العفو الدولية
(أمنستي)، أن "بحوثها وجدت أدلّةً وافيةً تثبت أن إسرائيل قد ارتكبت، ولا تزال ترتكب، جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزّة المحتل"، كما
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش
هي الأخرى، إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية بسبب فرضها قيودا على وصول سكّان القطاع إلى المياه، مطالبة بفرض عقوبات على دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما
خلص تحقيق للأمم المتحدة
إلى أن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة عبر التدمير الممنهج لمنشآت الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.
في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يؤاف غالانت، بتهمة ارتكاب عدة جرائم تدخل في اختصاص المحكمة بما فيها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل التجويع أداةً من أدوات الحرب، والجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية. ورفعت جنوب أفريقيا، في 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، على أساس أنها انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع الإبادة الجماعية.
(الأناضول، العربي الجديد)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المغرب يطلب السماح بإنزال مساعدات إلى غزة في مطار بن غوريون
المغرب يطلب السماح بإنزال مساعدات إلى غزة في مطار بن غوريون

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

المغرب يطلب السماح بإنزال مساعدات إلى غزة في مطار بن غوريون

أفادت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، اليوم الأربعاء، بأنّ العاهل المغربي، الملك محمد السادس ، توجّه إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ، بطلب للسماح بإرسال مساعدات إنسانية من المغرب إلى غزة عبر مطار اللد، أو ما يُعرف إسرائيلياً باسم " بن غوريون " قرب تل أبيب. ويطلب المغرب إنزال طائرات تحمل مساعدات إنسانية (في الأساس مواد غذائية) في مطار بن غوريون، ونقلها من هناك بواسطة شاحنات إلى معبر كرم أبو سالم ومنه إلى قطاع غزة. وناقش مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الموضوع، بينما تفحص الوزارات المعنية في هذه المرحلة، إمكانية تنفيذ العملية، والتي من المتوقّع أن تشمل استخدام ثماني طائرات شحن من نوع "هيركوليس". اقتصاد الناس التحديثات الحية أسوأ سيناريو للمجاعة في غزة... مساعدات محدودة براً وجواً ولفتت الصحيفة، إلى أن المملكة المغربية، قدّمت قبل أكثر من عام مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة بالطريقة نفسها. وقال ممثل المغرب في تل أبيب، إبراهيم بيود، في مقابلة مع الصحيفة نفسها في حينه، إن المساعدات التي أرسلتها حكومته "تهدف إلى تحقيق السلام في المنطقة"، وإنّ "الحمولة كانت تتكون بشكل أساسي من مواد غذائية، خاصة للأطفال، وبلغ وزنها الإجمالي حوالي 41 طناً. وتم نقل المساعدات بواسطة أربع طائرات وصلت في رحلة مباشرة من المغرب إلى مطار بن غوريون، ومن هناك نُقلت بواسطة شاحنات إلى معبر كرم أبو سالم، ومن ثم أُدخلت إلى القطاع". ومذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو عامين، سادت في إسرائيل مخاوف كبيرة من تصاعد ما تسميه "الخطاب المعادي للسامية" في المغرب. وذكرت الصحيفة العبرية، أنه منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يهاجم سياسيون وصحافيون مغاربة إسرائيل بشدة، كما زعمت وجود مضايقات بحق الجالية اليهودية في المغرب. وادّعت بأن الشخصية البارزة في هذا السياق هي رئيس وزراء المغرب السابق، عبد الإله بن كيران، الذي ترأس حزب العدالة والتنمية.

انتبهوا أيها السادة: النيل في خطر
انتبهوا أيها السادة: النيل في خطر

العربي الجديد

timeمنذ 14 ساعات

  • العربي الجديد

انتبهوا أيها السادة: النيل في خطر

وسط غبار الشاحنات المنطلقة بسرعتها القصوى في وسائل التواصل الاجتماعي، وأزيز الطائرات التي تشارك في استعراضات المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزّة، ثمّة خطر مستطير يختبئ في سيناريوهات تتسرّب عبر الإعلام الصهيوني. أولها (وأخطرها) إعلان هيئة البثّ الصهيونية الرسمية، نقلاً عن بيان لجيش الاحتلال، أنه وافق، بتوجيهٍ من المستوى السياسي (الحكومة)، على مبادرة الإمارات لربط خطّ مياه من مصر إلى داخل قطاع غزّة. في التفاصيل وبحسب البيان، سيصل الخطّ إلى منطقة المواصي الساحلية، التي تمتدّ من وسط القطاع إلى جنوبه، ومن المتوقّع أن يخدم نحو 600 ألف فلسطيني من سكّان المنطقة، وأن مندوبين إماراتيين بدأوا اليوم إدخال المعدّات الخاصّة بالمشروع، بطريقة خاضعة للرقابة وبعد فحص أمني دقيق، عبر معبر كرم أبو سالم (جنوب القطاع) وتبدأ أعمال إنشاء الخطّ خلال الأيام القليلة المقبلة، وتستمرّ أسابيع. وكانت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية (وام) قد أعلنت، في 15 يوليو/تموز الجاري، عبر عملية "الفارس الشهم 3"، بدء تنفيذ مشروع إنساني لإمداد المياه المحلّاة من الجانب المصري إلى جنوب قطاع غزّة. وأن المشروع يتضمّن خطّاً ناقلاً جديداً يُعدّ الأكبر من نوعه، ويمتدّ بقطر 315 ملم وطول 6.7 كيلومترات، يربط بين محطّة تحلية المياه التي أنشأتها الإمارات في الجانب المصري، ومنطقة النزوح الواقعة بين محافظتي خانيونس ورفح. في الأثناء، بل في اللحظة ذاتها، تعلن إسرائيل خطّةً لضم مناطق من قطاع غزّة، تبدأ من الشمال، ثمّ تتوسّع في كامل مساحة القطاع، فتنقل صحيفة هآرتس عن مسؤولين أن بنيامين نتنياهو سيعرض على المجلس الوزاري المصغّر (الكابينت) خطّةً لضم مناطق بقطاع غزّة، في مسعى لإبقاء وزير المالية اليميني (المتطرّف) بتسلئيل سموتريتش في الحكومة. ووفقاً للصحيفة، حصلت الخطّة على ضوء أخضر من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وأن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر عرضها على وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وحظيت بدعم البيت الأبيض. تهدف الخطّة التي يمكن تسميتها "مشروع سموتريتش" إلى زراعة غزّة بالمستوطنات والمستوطنين بعد إزاحة الشعب الفلسطيني، إمّا بتهجيرهم خارجها، أو بحبسهم فيما عرفت بـ"مدينة الخيام" في جنوب القطاع، وبالتحديد عند المناطق التي يشملها مشروع خطّ المياه الإماراتي . لا تحتاج خطورة ما يجري التخطيط له على الشعب الفلسطيني، وقضيته، أدلة، لكن هذه الإنسانية الإماراتية الإسرائيلية المفرطة تحمل خطورةً أكبر على مصر ومياهها. خطّ مياه إماراتي من مصر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أليس ذلك هو حلم الصهاينة الأوائل، منذ ما قبل إنشاء الكيان وحتى الطبعة الأولى من الشرق الأوسط الجديد، كما رسمها وصاغها شمعون بيريس في تسعينيات القرن الماضي؟ سيقال إن المشروع يعتمد على تحلية مياه البحر، ونقلها من مصر إلى غزّة، التي تخطّط إسرائيل لإعادة احتلالها بالكامل، فإذا كان الأمر يعتمد على تحلية مياه البحر، فلماذا لا يذهب "الفارس الإماراتي الشهم" إلى قطاع غزّة مباشرةً وينفّذ مشروعه الإنساني من مياه بحر غزّة، مع الوضع في الاعتبار أن صلب المشروع المطروح "نقل المياه" من مصر إلى غزّة، فما الذي يضمن أن يقتصر الأمر على المياه المحلّاة فقط، ثمّ ما سرّ هذه الحفاوة الإسرائيلية بالفكرة وتبني جيش الاحتلال لها؟ هذه الأسئلة وغيرها ينبغي أن تكون الشغل الشاغل للشعب المصري، الذي يذرف الدمع على ما يدور في ملفّ مياه النيل من جهة إثيوبيا، والذي كان اسم الكيان الصهيوني يتردّد فيه عند استعراض الحلول المقترحة للنزاع على الحصص والكمّيات، وفي ذلك تعدّدت التحذيرات في مقالات ودراسات وندوات، من سيناريوهات شرّيرة، يكون المشهد الأخير فيها عبور النيل إلى الكيان الصهيوني، استجابةً لمشاريع صهيونية قديمة ترجع إلى ما قبل إنشاء الكيان الصهيوني في أرض فلسطين، ومن ذلك ما تناوله نقيب نقباء الصحافيين المصريين، الراحل كامل زهيري، في كتابه "النيل في خطر"، إذ يعود بالحكاية إلى العام 1903، ومشروع اتفاقية توطين اليهود في سيناء 99 عاماً، ويورد نصّ تقرير البعثة الصهيونية التي زارت سيناء أيام الاحتلال البريطاني واقترحت تحويل مياه النيل تحت قناة السويس، وحقيقة الاتصالات السرّية بين المليونير الصهيوني جاكوب روتشيلد وجوزيف تشمبرلين وتيودور هرتزل، وبين اللورد كرومر وبطرس باشا غالي. في وثائقي مهم عرضته "بي بي سي" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، أظهرت وثائق بريطانية أن إسرائيل وضعت خطّةً لنقل مياه النهر إلى قطاع غزّة قبل 35 عاماً، وفي 1987 أرسلت وزارة الخارجية البريطانية الدبلوماسي غريك شابلاند، ممثّلها في المباحثات المتعدّدة الأطراف بشأن المياه في عملية السلام، إلى كلّية الدراسات الشرقية والأفريقية (سواس) في جامعة لندن للتعمّق في دراسة الملفّ. في مايو/ أيار عام 1988، نظم شابلاند ندوةً مغلقةً لبحث وضع المياه في الشرق الأوسط. وكُشف خلالها (صراحة للمرّة الأولى) خططاً إسرائيلية لحلّ مشكلة المياه، سواء في أراضيها أم في الضفة الغربية وقطاع غزّة. في هذا السياق، تحدّثت الخطّة الإسرائيلية عن مياه النيل خياراً لحلّ مشكلة غزّة المائية، وتخفيف العبء عن شبكة المياه الإسرائيلية. وقالت "بسبب المشكلات الهيدرولكية الحادّة في غزّة، سوف يتم العثور على وسيلة لتوفير المياه من مصادر خارج قاعدة موار المياه الإسرائيلية، مثل نهر النيل من سيناء، أو تحلية مياه البحر"، وتتضمّن الخطّة ضرورة إبرام "معاهدة إقليمية شاملة تدعمها الدول المجاورة والقوى العظمى". ليست مصادفةً أن يلتفت دونالد ترامب إلى ملفّ مياه النيل فجأةً في اللحظة التي يُعلِن فيها فكرة "مدينة الخيام" في جنوب قطاع غزّة، ثمّ يدخل "الفارس الشهم" القادم من الإمارات بمشروعه الذي احتضنه الاحتلال الصهيوني بكلّ الترحاب.

مشروعان وسرديّتان... وحرب لم تنته بعد
مشروعان وسرديّتان... وحرب لم تنته بعد

العربي الجديد

timeمنذ 14 ساعات

  • العربي الجديد

مشروعان وسرديّتان... وحرب لم تنته بعد

انتهت الحرب الإسرائيلية الإيرانية لكنها لم تنته بعد، هذا ما توحي به القراءة الأولية لمجريات حربٍ استندت، كما أفصح بنيامين نتنياهو، إلى نص تلمودي يروي حكاية شعبٍ "يقوم كالأسد، ويشرئب كالليث، ولا ينام حتى يأكل فريسته، ويشرب من دم ضحاياه". ومن هنا أخذت الحرب عند الإسرائيليين تسمية "الأسد الصاعد"، بينما أراد الإيرانيون منها تمثلاً لقيام "الوعد الصادق" الذي يرتبط بظهور "الإمام المهدي الواعد بالنصر المبين والعزّ والتمكين". ويجمع السرديتين انشداد إلى ماض ميثولوجي غارق في التاريخ، يدفع إلى إحيائه حاضر مأزوم ومزرٍ، ما يجعلنا ننظر إلى الحرب الماثلة أنها "حرب دينية"، على غرار ما حدث من حروبٍ في بقاع عديدة من العالم استلهمت رؤى ميثولوجية تختفي وراءها أو تترافق معها دوافع سياسية واستراتيجية واقتصادية معلومة. إذا ما أسقطنا هذه النظرة على الوقائع القائمة وما سبقها، وما سيلحق بها على امتداد الزمن المقبل، تتكشف لنا أهداف الطرفين المنخرطين في الصراع، وما يطمحان إلى تحقيقه، إذ ما هو واضح تماماً أن ما تريده إسرائيل من إيران بعد بتر أذرعها هو نزع أسنانها النووية، وتحجيم قدراتها الصاروخية لكي توقف تطلعّاتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي، وقد تحقّق بعض ما أرادته عبر عملية "مطرقة منتصف الليل" التي نفذتها الولايات المتحدة، والتي استهدفت منشآت تخصيب اليورانيوم، وكذا من خلال ما فعلته إسرائيل نفسها عن طريق زرع شبكاتٍ تابعة للموساد في الأراضي الإيرانية، استخدمت قدرات إلكترونية متقدّمة أطاحت رؤوس أكثر من 60 قائداً عسكرياً وعالماً نووياً، ما ألحق أضراراً بالغة بالبنيتين النووية والصاروخية، وأحدثت دماراً فادحاً في منشآت ومراكز عسكرية، كما ضمنت اليد الطولى لسلاح الجو الإسرائيلي في السيطرة على الأجواء الإيرانية. فعلت إسرائيل هذا كله في مسعى مخطّط ومدروس لإزالة العوائق التي تحول دون قيام "الشرق الأوسط الجديد" الذي يعيد رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بما يضمن مصالحها ومصالح الغرب، وبما يشكّل نقلةً عمليةً تضمن لها نوعاً من التفوق الاستراتيجي والسياسي، وقد تخوض حروباً أخرى لاختبار هذا التفوّق وتكريسه، وهي بذلك تتماهى مع الشعار التوراتي الذي تبنّته الحركة الصهيونية منذ نشوئها الذي يرسم خريطة إسرائيل الموعودة بين الفرات والنيل. ما تريده إسرائيل من إيران بعد بتر أذرعها هو نزع أسنانها النووية، وتحجيم قدراتها الصاروخية لكي توقف تطلعّاتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي معروفٌ، في المقابل، أن لإيران رؤيتها الاستراتيجية التي اعتنقتها عند قيام "الجمهورية الإسلامية" عام 1979، وقد عملت، منذ ذلك الوقت، على وضع خريطة طريق لتطبيق رؤيتها على الأرض عبر نشر (وإنفاذ) مشروعها العرقي الطائفي الذي تشكّل "ولاية الفقيه" غطاءه المعلن، ولتكريس هيمنتها على العالم العربي. وهذا ما جعلها تتواطأ مع الأميركيين إثر غزوهم العراق، وأن تهيمن على مقادير العراقيين وأقدارهم، وتأخذهم عنوة إلى ما تريده، وكذلك عملها الشرّير في تدمير النسيج الوطني، وخلخلة التركيبة السكانية، وتأجيج الاستقطابين، الديني والمذهبي، في أكثر من بلد عربي تحت شعار "تصدير الثورة". وانعكس مشروعها هذا أيضاً في مواجهة السوريين، عندما دخلت قطعات الحرس الثوري إلى دمشق، وشاركت في قمع الحراك الشعبي ضد نظام الأسد، وعدت مسؤولة عن قتل كثيرين من شباب سورية ونخبها وتغييبهم، كما اختطفت القرار السيادي اللبناني من خلال حزب الله، ووضعت بذلك شعب لبنان ودولته على كفّ عفريت، وهي في كل ممارساتها هذه اختارت الطريق المضادّ للعرب، لكنها عندما شعرت بالخطر يدنو منها بعد التداعيات الإقليمية التي أفرزتها عملية طوفان الأقصى، تنكبت عن نجدة ذيولها، وسعت إلى الانفتاح على دول الخليج، وتطبيع علاقاتها معها، والتقرّب من الولايات المتحدة والغرب. لا يمنعنا سرد هذه الوقائع التي يحاول بعضهم تغييبها عن الذاكرة من الإقرار بأن الإيرانيين حققوا في الحرب أخيراً اختراقاً في الجسد الاسرائيلي، عندما تمكّنوا من مواجهة الهجمات الأولى، واستوعبوا خسارتهم قياداتٍ عسكرية مهمّة، واستعاضوا عنها بقيادات أخرى حلّت محلّها بسرعة، وواصلوا إطلاق ضربات صاروخية موجعة أحدثت دماراً في منشآت ومراكز عسكرية وحيوية، ومثل هذا الاختراق المحسوب قدرة ردع وتوازن مع التفوق الإسرائيلي لا يمكن إغفالها. يبقى ما هو جدير بالإشارة إليه أن كلا المشروعين، الإسرائيلي والإيراني، يحملان كمية من الأحقاد والشرور كافية لإثارة الحروب وتأجيج التوترات على الدوام. ولسوء حظ العرب، فقد استقرّ مقامهم على الهامش بين هذين المشروعين، بعدما تآكل مشروعهم القومي، واستوطنتهم الهزائم والنكبات، ولم يتبقّ لديهم سوى أصواتهم المبحوحة التي تعبّر عن قلق وخوف مما قد يجري لاحقاً، خصوصاً أن الحرب الماثلة لم تصل إلى محطّتها النهائية بعد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store