
استهداف «اليونيفيل»: حرب ناعمة على السلام
بيروت ـ داود رمال
تعد قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، حجر الزاوية في المعادلة الأمنية الدقيقة والخطيرة القائمة على طول الحدود الجنوبية اللبنانية.
منذ إنشائها عام 1978 بموجب القرار 425، وتعديل مهامها بعد عدوان تموز 2006 وفق القرار 1701، شكلت هذه القوات مظلة دولية تهدف إلى مراقبة وقف الأعمال العدائية، ودعم الجيش اللبناني في بسط سلطته جنوب الليطاني، ومرافقة المدنيين في مناطق النزاع. إلا أن هذه القوات باتت اليوم تواجه تحديات جدية قد تقوض فاعليتها وتهدد استمراريتها.
أهمية «اليونيفيل» بحسب مصدر رسمي لبناني «لا تقتصر على مراقبة وقف إطلاق النار، بل تتعداه إلى تشكيل رادع معنوي وسياسي لأي تصعيد محتمل من الجانب الإسرائيلي. فهي بمثابة الشاهد الدائم على أي خرق، ما يربك إسرائيل ويحد من قدرتها على تنفيذ اعتداءات دون محاسبة أو توثيق. لذا، تسعى إسرائيل إلى إضعاف هذه القوة تدريجيا، إن لم يكن إخراجها كليا من الميدان، لتخلو لها الساحة وتسقط آخر رقابة دولية على أفعالها في الجنوب اللبناني».
في المقابل، تواجه «اليونيفيل» تحديات من بعض الجهات اللبنانية، عبر حوادث اعتراض أو تضييق على تحركاتها، بحجة تجاوزها التنسيق مع الجيش اللبناني. وعلى الرغم من أن هذه الممارسات قد تنطلق من حرص على السيادة أو الحذر من اختراقات، إلا أنها تصب في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل من حيث يدري البعض أو لا يدري، وتضعف من هيبة القوات الدولية وقدرتها على تنفيذ مهماتها.
ويكمن الخطر الحقيقي في تقاطع مصالح بين من يريد تقييد حركة «اليونيفيل» من الداخل اللبناني، وبين من يسعى إلى تقويضها من الخارج الإسرائيلي. هذا الواقع يهدد ليس فقط القوات الدولية نفسها، بل الاستقرار الهش في الجنوب، ويجعل من احتمالات التصعيد مسألة وقت لا أكثر.
وفي هذا السياق، شدد المصدر الرسمي على الآتي: «أولا: تعزيز التنسيق الثلاثي بين الجيش اللبناني واليونيفيل والأمم المتحدة، بما يضمن حرية الحركة الكاملة لليونيفيل، من دون إخلال بالسيادة اللبنانية.
ثانيا: التزام الجانب اللبناني السياسي والشعبي بحماية عمل القوات الدولية، وتوعية المجتمعات المحلية بدورها الحيوي في منع الحروب.
ثالثا: تكثيف الضغط الديبلوماسي على إسرائيل من قبل الأمم المتحدة والدول المساهمة في اليونيفيل، لضمان احترام القرار 1701 والامتناع عن استهداف دوريات القوات الدولية أو محاولات إخراجها والإسراع في الانسحاب إلى خلف الخط الأزرق.
رابعا: تجديد تفويض اليونيفيل سنويا بدون تعديل جوهري في مهمتها أو تقليص عددها، باعتبارها صمام أمان دولي يحول دون الانزلاق إلى مواجهة كبرى».
في الختام، «اليونيفيل» ليست طرفا في النزاع بل صمام أمان بين طرفين. وأي مساس بها ـ سواء من الداخل أو الخارج ـ هو بمثابة إطلاق رصاصة على آخر ما تبقى من حماية دولية للبنان في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأنباء
منذ ساعة واحدة
- الأنباء
الجيش الإسرائيلي يطلق النار باتجاه وفد دبلوماسي عربي أوروبي خلال زيارته مخيم جنين
أطلق الجيش الإسرائيلي النار اليوم الأربعاء، باتجاه وفد دبلوماسي عربي أوروبي خلال زيارته مخيم جنين وفق مصادر لقناة الجزيرة القطرية. وذكرت القناة أن إطلاق النار استهدف بشكل مباشر 25 سفيرا ودبلوماسيا عربيا وأوروبيا.


الأنباء
منذ 5 ساعات
- الأنباء
"سي أن أن" نقلاً عن مسؤولين أميركيين: إسرائيل تستعد لضرب إيران
كشفت شبكة CNN الأميركية نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن الولايات المتحدة حصلت على معلومات استخباراتية جديدة تُشير إلى أن إسرائيل تُجري استعدادات لضرب منشآت نووية إيرانية، في الوقت الذي تسعى فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع طهران. وقال المسؤولون الأمريكيون إن مثل هذه الضربة ستُمثل قطيعة مع ترامب، كما أنها قد تُنذر بصراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط، وهو أمر سعت الولايات المتحدة إلى تجنبه منذ أن أججت حرب غزة التوترات بدءًا من 2023. ويُحذّر المسؤولون من أنه لم يتضح بعد ما إذا كان القادة الإسرائيليون قد اتخذوا قرارًا نهائيًا، وأن هناك في الواقع خلافًا عميقًا داخل الحكومة الأمريكية حول احتمالية اتخاذ إسرائيل لقرار في نهاية المطاف. ومن المُرجّح أن يعتمد قرار إسرائيل بشأن الضربات وكيفية تنفيذها على رأيها في المفاوضات الأمريكية مع طهران بشأن برنامجها النووي. وقال مصدر إن "احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لمنشأة نووية إيرانية قد ازداد بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، واحتمال إبرام اتفاق أمريكي إيراني، لا يستبعد إزالة كل اليورانيوم الذي تمتلكه إيران، يزيد من احتمالية توجيه ضربة". وأفادت مصادر متعددة مطلعة على المعلومات الاستخباراتية بأن المخاوف المتزايدة لا تنبع فقط من رسائل علنية وخاصة من مسؤولين إسرائيليين كبار تفيد بأنهم يدرسون مثل هذه الخطوة، بل أيضًا من اتصالات إسرائيلية تم اعتراضها ورصد تحركات عسكرية إسرائيلية قد تشير إلى ضربة وشيكة. وقال مصدران إن من بين الاستعدادات العسكرية التي رصدتها الولايات المتحدة تحريك ذخائر ومناورة جوية. لكن هذه المؤشرات نفسها قد تكون ببساطة محاولة إسرائيل الضغط على إيران للتخلي عن مبادئ أساسية لبرنامجها النووي من خلال الإشارة إلى العواقب في حال عدم التخلي عنها، مما يؤكد التعقيدات المتغيرة باستمرار التي يتعامل معها البيت الأبيض.


المدى
منذ 8 ساعات
- المدى
العامل الأمني يطغى على الجنوب أكثر من العامل الانتخابي
ما إن طويت صفحة نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع، حتى اتجهت الاهتمامات نحو الجولة الرابعة والأخيرة للانتخابات في محافظتي لبنان الجنوبي والنبطية التي ستجري السبت المقبل. وتختلف ظروف هذه الجولة عن سابقاتها بأن العامل الأمني يطغى عليها أكثر من العامل الانتخابي، نظراً إلى المخاوف القائمة رسمياً وسياسياً وشعبياً من أن تحصل تطورات ميدانية إسرائيلية تؤدي إلى تعطيلها كلياً أو جزئياً. وما يبقي هذه المخاوف قائمة، على رغم استبعاد أوساط معنية تطورات بحجم تعطيلي كامل للعمليات الانتخابية، أن المسؤولين اللبنانيين لا يزالون قبل أيام قليلة من موعد الجولة الرابعة يتحدثون عن السعي إلى ضمانات أميركية وفرنسية وأممية، أي الجهات التي رعت اتفاق وقف النار في تشرين الثاني الماضي، توفّر المرور الآمن للانتخابات وتحول دون تعطيلها. ولذا تتكثف الاتصالات الديبلوماسية في هذا السياق من دون إغفال عامل سلبي آخر يثير الاستغراب والشبهة إلى حدود واسعة. ويتمثل هذا العامل في تكثيف لافت للتعرّض للقوة الدولية في الجنوب 'اليونيفيل'، إذ يكاد لا يمر يوم إلا وتتعرض دوريات اليونيفيل في بلدات وقرى جنوب الليطاني للتقييد والواجهات بحجج وذرائع باتت تكشف تباعاً نهجاً ثابتاً لدى 'حزب الله' بالتحريض على اليونيفيل والتخفي وراء 'الأهالي'. وتترقّب الأوساط المعنية بحذر شديد مسار هذا النهج السلبي من دون أن تمتلك تفسيرات كافية حيال أهداف 'الحزب'، في حين يتشبث لبنان الرسمي أكثر من أي وقت سابق باليونيفيل وانتشارها إلى جانب الجيش اللبناني لضمان تنفيذ كامل للقرار 1701، علماً أن الاستعدادات بدأت للتمديد لليونيفيل في آب المقبل.