
خبراء ومسؤولون يحذرون: 75% من المقاولات الصغرى لا تصمد أكثر من ثلاث سنوات
يتواصل النقاش داخل الأوساط الاقتصادية والتشريعية حول مستقبل المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب، في ظل مؤشرات مقلقة بشأن هشاشة هذه الفئة من الشركات، التي تمثل أكثر من 90 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، لكنها تعاني في المقابل من ضعف الاستمرارية، وقلة الدعم، وصعوبات متعددة تهدد وجودها.
وخلال يوم دراسي نظمه الفريق الاشتراكي بمجلس النواب بشراكة مع الهيئة المغربية للمقاولات، تحت عنوان 'واقع المقاولة الصغرى ورهانات التطوير'، حذّر عدد من المسؤولين والخبراء من ارتفاع معدل إفلاس المقاولات الصغرى، حيث تؤكد المعطيات الرسمية التي تم طرحها أن 75 في المائة منها لا تتجاوز ثلاث سنوات من النشاط بعد تأسيسها، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول نجاعة السياسات العمومية الموجهة لهذا القطاع.
اللقاء، الذي شهد حضور برلمانيين ومسؤولين حكوميين ورواد أعمال وممثلي الغرف المهنية من مختلف جهات المملكة، خلُص إلى أن المنظومة الحالية غير كفيلة بتمكين هذه الشركات من شروط المنافسة والاستدامة، في ظل تراكم الإكراهات المرتبطة بالولوج إلى التمويل والعقار، وتعدد القيود الإدارية والجبائية، إضافة إلى استمرار هيمنة الشركات الكبرى على معظم الدعم العمومي وصفقات الدولة.
وحذر عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، من الهوة الواسعة بين النصوص القانونية والبرامج الحكومية من جهة، والواقع الميداني الذي تعيشه المقاولات الصغرى من جهة أخرى.
وأشار إلى أن سنة 2023 لوحدها شهدت إعلان إفلاس نحو 33 ألف مقاولة، في مؤشر على تعمق الأزمة، وعجز المنظومة المؤسساتية عن حماية هذا القطاع من الانهيار.
من جانبه، أكد رشيد الورديغي، رئيس الهيئة المغربية للمقاولات الصغرى، أن هذه الشركات، ورغم ضعف مساهمتها في الناتج الداخلي الخام التي لا تتجاوز 3 في المائة، تشكل دعامة أساسية للتشغيل، حيث تؤمن حوالي 75 في المائة من مناصب الشغل القارة المصرح بها لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
واعتبر الورديغي أن استمرارية هذه المقاولات لم تعد مسألة اقتصادية فقط، بل باتت رهانا اجتماعيا يتعلق بحماية الاستقرار وفرص الشغل في البلاد.
وأشار الورديغي إلى أن أبرز التحديات التي تواجه المقاولات الصغيرة جداً تشمل صعوبة الولوج للتمويل البنكي، غياب المواكبة والتكوين، ومنافسة القطاع غير المهيكل، إضافة إلى غياب تمييز إيجابي لها في ميثاق الاستثمار، الذي يشترط رقم معاملات سنوي لا يقل عن مليون درهم للاستفادة من آليات الدعم، وهو شرط وصفه المتدخلون بـ"الإقصائي" وغير الملائم لحجم المقاولات الصغرى في الجهات الهشة.
وفي السياق ذاته، نبّه النائب البرلماني عبد القادر بن الطاهر إلى أن أكثر من نصف الدعم العمومي يذهب إلى الشركات الكبرى، في حين لا تستفيد المقاولات الصغيرة إلا بنسبة لا تتجاوز 15 في المائة.
ودعا إلى إعادة النظر في التوزيع العادل للدعم العمومي، وتمكين المقاولات الصغرى من الولوج إلى التمويل والمواكبة التقنية والصفقات العمومية، باعتبارها رافعة أساسية للتنمية المحلية وخلق فرص الشغل.
وشهد اللقاء أيضاً مداخلات متخصصة تناولت بالتشخيص والتحليل واقع المقاولات الصغرى، من بينها مداخلة سمير أجرعام، مدير التشغيل بوزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، الذي أكد على أهمية التمكين الاقتصادي في إدماج الشباب والنساء عبر تشجيع المبادرات المقاولاتية الصغيرة.
كما قدمت أمل الإدريسي، المديرة التنفيذية للمرصد المغربي للمقاولات الصغيرة، عرضاً مفصلاً حول التحديات الهيكلية التي تواجه هذه المقاولات، مشددة على أهمية توفير بيانات دقيقة تساعد في بلورة سياسات عمومية مبنية على معطيات واقعية، وليس فقط على التقديرات أو البرامج ذات الطابع المناسباتي.
وفي محور آخر، انتقد حسن صاخي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الرباط-سلا-القنيطرة، غياب قطاع حكومي واضح يختص بالمقاولات الصغرى، داعياً إلى إحداث مؤسسة رسمية تُعنى بتدبير ملفاتها وتتولى التنسيق بين مختلف الهيئات والمؤسسات الداعمة، مع إشراك الغرف المهنية التي تشتكي بدورها من التهميش وغياب الإمكانيات الكفيلة بدعم الدور الاستشاري الذي أنيط بها قانوناً.
وفي ختام اللقاء، أجمع المشاركون على ضرورة التسريع بتنزيل إصلاحات هيكلية في مجال تمويل ومواكبة المقاولات الصغيرة، تشمل تبسيط المساطر الإدارية، تخفيف الضغط الجبائي، تيسير الولوج إلى العقار الصناعي، وضمان تكافؤ الفرص في الصفقات العمومية، مع إعادة النظر في آليات التحفيز والدعم بما يراعي خصوصية المقاولات الصغرى، لا سيما في الجهات المهمشة.
ويُنتظر أن تشكل التوصيات الصادرة عن هذا اليوم الدراسي أرضية لتقديم مقترحات قوانين وتعديلات تنظيمية من طرف الفريق الاشتراكي بمجلس النواب خلال الدورة التشريعية المقبلة، في أفق إحداث تحول حقيقي يمكّن من إنقاذ آلاف الشركات من الإفلاس، ويُعيد الاعتبار للمقاولة الصغرى كفاعل محوري في النسيج الاقتصادي الوطني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة 24
منذ 2 ساعات
- الجريدة 24
منتدى العيون يرسم ملامح تعاون اقتصادي واعد بين المغرب ودول وسط إفريقيا
أكد مسؤلون حكوميون يمثلون قطاعات وزارية مختلفة، اليوم الجمعة بالعيون، أن تعزيز الشراكات جنوب – جنوب يشكل خيارا استراتيجيا لمواجهة التحديات التنموية، مشددين على أهمية التعاون في مجالات التكوين المهني، والعمل المقاولاتي، وتسريع الانتقال الرقمي، لضمان نمو مستدام وتكامل اقتصادي بين بلدان القارة الإفريقية. وأبرز هؤلاء المسؤولون في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المملكة المغربية وبرلمان مجموعة دول المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا "سيماك"، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أن المغرب انخرط بقوة في تعزيز دينامية التعاون الاقتصادي مع عدد من البلدان الإفريقية جنوب الصحراء من خلال مشاريع استراتيجية كبرى، ومبادرات في مجالات الأمن الغذائي والانتقال الطاقي، فضلا عن الاستثمار والتبادل التجاري. في هذا الإطار، سلط وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، الضوء على أهمية التكوين المهني والمقاولة الصغرى، باعتبارهما عصب الحياة بالعديد من الدول الإفريقية. وأوضح السكوري أن المبادرات الاقتصادية والاجتماعية لن تُكتب لها الاستمرارية مالم تقترن بإرادة سياسية وحكامة فعالة، لافتا إلى أن نجاح الاندماج والتنمية الاقتصادية "يظل مرتبطا بشكل وثيق بالبعد الاجتماعي، الذي يعد ضروريا للحفاظ على التماسك وضمان تنمية مندمجة". وقال "نحن في لحظة يعد فيها الجهد الإقليمي والاندماج الإقليمي السبيل الوحيد لمواجهة التحديات التي تواجهها بلداننا بشكل فردي في ما يتعلق بالنمو"، مشددا على أن هذا النمو لا يمكن أن يكون مستداما إلا إذا استفاد من شراكات استراتيجية بين القطاعين العام والخاص. من جانبها، سجلت الوزيرة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، أمل الفلاح السغروشني، أن المغرب، وإدراكا منه لعمق انتمائه الإفريقي، جعل من الشراكة مع دول القارة الإفريقية أولوية استراتيجية. وبعد أن أكدت أن التعاون جنوب-جنوب يقع في صلب السياسة الخارجية للمغرب القائمة على التضامن، أشارت السيدة السغروشني إلى أن المغرب يصنف حاليا ضمن المستثمرين الأفارقة الاوائل في منطقة "سيماك"، معتبرة أن هذا التموقع هو ثمرة نهج قائم على الحوار الاقتصادي، والالتزامات الواضحة، والشراكات المبنية على الثقة والتضامن وإعلاء المصلحة المشتركة. وفي هذا السياق، سجلت المسؤولة الحكومية أن الاندماج الاقتصادي الإفريقي يعد مسألة استراتيجية، لافتة إلى أنه "يتعين تثمين التكامل بين اقتصاداتنا، لا سيما من خلال تيسير التبادل، وتنسيق النظم القانونية، وتعزيز البنيات التحتية المشتركة". بدوره، أكد كاتب الدولة المكلف بالتجارة الخارجية، عمر حجيرة، أن التعاون جنوب-جنوب شكل على الدوام محورا أساسيا في الرؤية الإفريقية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وهو ما يتجلى بشكل ملموس في تنظيم المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب والدول الأعضاء في مجموعة "سيماك". وأوضح حجيرة أن التعاون التجاري بين المغرب والدول الأعضاء في "سيماك" يتجسد من خلال تعزيز الطرفين لشراكة اقتصادية مستمرة، بحيث بلغ الحجم الإجمالي للتبادل التجاري سنة 2024 ما يقارب 2,1 مليار درهم، فضلا عن تسجيل الاستثمارات المباشرة المغربية تطورا ملحوظا في المنطقة، مشيرا إلى أن هذه الاستثمارات موجهة بشكل خاص نحو قطاعات ذات أثر اقتصادي كبير مثل المالية، والأبناك، والتأمين، والاتصالات، والصناعات الغذائية والبنية التحتية. من جانبه، قال كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي، عبد الجبار الرشيدي، إنه في مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية والجيوسياسية، بالإضافة إلى جائحة كوفيد 19، أطلق جلالة الملك مشروع تثبيت ركائز الدولة الاجتماعية، باعتباره ثورة اجتماعية هادئة، تروم النهوض بالإنسان المغربي، وضمان الحماية والعيش الكريم للمواطنات والمواطنين، وذلك من خلال، تعميم منظومة الحماية الاجتماعية على جميع المغاربة، وتنزيل برنامج الدعم المالي المباشر لفائدة الأسر الفقيرة والمعوزة، ودعم السكن. فضلا عن إرساء سياسات عمومية مواكبة تروم النهوض ببعض الفئات في وضعية إعاقة. وأضاف الرشيدي أنه يتم على مستوى القطاع العام اعتماد تدابير خاصة لضمان مناصب عمل في الإدارات العمومية للأشخاص في وضعية إعاقة كتخصيص7 بالمائة سنويا من المناصب، فضلا عن تنظيم المباراة الموحدة الخاصة بالأشخاص في وضعية إعاقة من حاملي الشواهد العليا والتقنية. وفيما يخص القطاع الخاص، أوضح أنه يتم إبرام اتفاقيات مع مجموعة من المقاولات الخاصة لتشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة وضمان اندماجهم في سوق الشغل بناء على الكفاءات التي يتمتعون بها ودعما للمسؤولية الاجتماعية للمقاولة الوطنية، فضلا عن تمويل المشاريع المدرة للدخل في إطار التشغيل الذاتي. ويهدف المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي المغرب-المجموعة الاقتصادية والنقدية لدول وسط إفريقيا (سيماك)، المنظم من طرف مجلس المستشارين وبرلمان مجموعة "سيماك"، بشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى إرساء منصة مؤسساتية للحوار وتبادل الرؤى حول سبل تعزيز التعاون الاقتصادي وتنمية المبادلات التجارية بين المغرب ودول المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا، بما يخدم إقامة مشاريع تنموية مشتركة، ويساهم في دعم دينامية الاندماج الاقتصادي الإفريقي، في سياق تفعيل اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (ZLECAF). ويتميز المنتدى بمشاركة برلمانية رفيعة المستوى وتمثيلية متميزة للقطاع الخاص وأرباب العمل من دول مجموعة "سيماك"، إلى جانب مسؤولين مغاربة، وخبراء في الاقتصاد، والطاقة، والمناخ، والتنمية المستدامة.


كش 24
منذ 2 ساعات
- كش 24
المغرب يستورد 20 ألف رأس من الأبقار من الأوروغواي
قالت مواقع إخبارية بدولة الأروغواي، أن ميناء مونيفيدو شهد في الأيام القليلة الماضية، شحن 20 ألف و500 من الأبقار على متن سفينة تحمل العلم البنمي متجهة إلى المغرب. وتم شحن هذه الكمية على متن سفينة الشحن "ماواشي إكسبريس"، التي يبلغ طولها قرابة مائتي متر، وارتفاعها عدة طوابق، وتُستخدم لنقل الماشية بحرًا. ومنذ الثلاثاء الماضي، بدأت أعمال الصيانة على متن السفينة، والتي شملت المعدات وتوفير الحصص الغذائية وكل ما يلزم للصيانة والفحوصات أثناء الرحلة إلى المغرب. ووصل عدد رؤوس الأبقار الأليفة المستوردة ما بين 21 أكتوبر 2022 إلى متم مارس 2024، بلغ حوالي 120 ألف رأس. وكلفت عملية الاستيراد ما قدره 1,84 مليار درهم، تمثل منها الواردات ذات المنشأ الأوروبي 83 في المائة. واستفادت واردات الأبقار ذات المنشأ الأوروبي من رسم استيراد تفضيلي قدره 2,5 في المائة، في حدود حصة سنوية قدرها 40 ألف رأس.


اليوم 24
منذ 4 ساعات
- اليوم 24
توظيف مالي لمبلغ 1,72 مليار درهم من فائض الخزينة
وأوضحت المديرية، في بلاغ لها، أن الأمر يتعلق بتوظيف أول هم مبلغ مليار درهم عن طريق إعادة الشراء لمدة ستة أيام، بسعر فائدة متوسط نسبته 1,8 في المائة. وأضاف المصدر ذاته أن التوظيف الثاني هم مبلغ 720 مليون درهم، لمدة ثلاثة أيام، بسعر فائدة متوسط نسبته 1,8 في المائة.