
استهداف ممنهج وصمت رسمي.. العلويات في سوريا بين الخطف والابتزاز والإرهاب الطائفي
و تشير تقارير صحفية إلى أن نساء سوريات من خلفية دينية محددة يتعرضن لاختفاءات قسرية واحتجازات عنيفة، في سياق يبدو أقرب إلى حملة منظمة ذات دوافع عقائدية وانتقامية.
هذا النمط المتصاعد من العنف يعيد إلى الأذهان تجارب مأساوية شهدتها المنطقة، حيث لعبت الهوية الدينية دوراً رئيسياً في عمليات خطف واستعباد، ما يطرح تساؤلات عميقة حول أهداف هذه الجرائم والجهات التي تقف خلفها.
إحدى النساء اللواتي تعرضن لهذا المصير القاسي ظهرت مؤخراً في صورة انتشرت على منصات التواصل، وقد بدت فيها هزيلة وخائفة، تحتضن طفلها الرضيع الذي عاد إليها بعد أن انتزع منها بالقوة.
ووفق إفادتها، بحسب شبكة دويتشه فيله الألمانية، خُطفت على يد رجال ملثمين أثناء توجهها للحصول على مساعدات إنسانية قرب الساحل السوري، بعد أن تبين لهم أنها تنتمي إلى طائفة دينية محددة. طيلة فترة احتجازها، تعرضت للتعذيب والإهانة، وجُردت من طفلها، وأُجبرت على التوقيع على أوراق اكتشفت لاحقاً أنها عقد زواج قسري بشخص مجهول.
لم يكن العنف الجسدي وحده هو الوسيلة المستخدمة، بل كانت الشتائم الطائفية والتهديدات النفسية حاضرة في كل لحظة من لحظات الأسر.
الغاية من هذه العمليات لم تكن فقط الترويع أو الإخضاع، بل شملت الابتزاز المالي. العائلة التي تلقت صور الضحية تحت التعذيب اضطرت في النهاية لدفع فدية ضخمة مقابل الإفراج عنها.
وبالرغم من استعادتها لحريتها، فإن الآثار الجسدية والنفسية ما زالت عالقة، لتكون هذه السيدة مجرد واحدة من عشرات الحالات المشابهة التي تشهدها البلاد، وسط صمت رسمي وتجاهل قضائي.
القصص المروعة التي تخرج من داخل سوريا تفيد بأن هذه الحالات ليست فردية أو عشوائية. بل تتحدث تقارير موثوقة عن وجود نمط متكرر في الاستهداف، حيث يتعرض النساء المنتميات إلى نفس الطائفة للخطف من مناطق مختلفة، وغالباً ما يتم احتجازهن في أماكن سرية قبل أن تبدأ عمليات التفاوض مع ذويهن لدفع فدية. هذه الجرائم تنفذها جماعات مسلحة بعضها مرتبط بفصائل ذات خلفيات عقائدية متشددة، ما يمنح هذه الأفعال بعداً إرهابياً واضحاً، خصوصاً عندما تقترن بالإهانات الطائفية ومحاولات الإذلال الرمزي.
في واحدة من الحالات، اختفت فتاة شابة أثناء خروجها من منزلها لقضاء مهمة اعتيادية. بعد ساعات، تلقت عائلتها اتصالاً من رقم أجنبي يخبرهم أن ابنتهم لن تعود أبداً.
وعندما لجأت العائلة إلى السلطات، جاء الرد الرسمي بأن 'مثل هذه الحوادث غالباً ما تكون بسبب هروب الفتيات مع عشاقهن'، في تبرير يحمل استخفافاً بالحدث، غير أن الحقيقة تكشفت لاحقاً حين طالب الخاطفون بفدية، وطُلب من العائلة تحويل المبلغ إلى جهة في الخارج، وهو ما تم توثيقه لاحقاً من خلال مستندات مالية وأدلة شخصية تظهر أن المستفيدين يقيمون في دول الجوار.
كما طُرحت مقارنات بين هذه الظاهرة وما حدث مع الإيزيديات في العراق قبل سنوات، عندما تعرضت مئات النساء من هذه الطائفة للخطف والاستعباد الجنسي على يد تنظيمات متطرفة.
ومع أن التقارير الحالية لم تثبت وجود نمط مشابه في سوريا فيما يخص النساء المختطفات، إلا أن التخوف من تكرار هذا السيناريو يبقى قائماً، خاصة مع ورود شهادات لضحايا تحدثن عن محاولات لإجبارهن على الزواج القسري، أو تعنيفهن على خلفيتهن الدينية.
الخشية المتزايدة بين الأهالي تنبع من وجود صلة واضحة بين الخاطفين وبعض الجهات التي تحظى بدور في السلطة الجديدة، بحسب ما أوردته تقارير صحفية.
هذه العلاقة، وإن لم يتم إثباتها بشكل نهائي، تعزز الإحساس بالعجز لدى الأهالي، وتجعل فكرة الإنصاف أو المحاسبة بعيدة المنال.
وفي ظل هذا الواقع، يلجأ كثيرون إلى الصمت، خشية الانتقام أو حفاظاً على ما تبقى من شرف العائلة، ما يزيد من صعوبة التوثيق ويحول دون تحرك دولي فعال.
تبدو دوافع هذه الحملة متعددة، فإلى جانب الطمع المادي والابتزاز، تظهر أيضاً نوايا سياسية واضحة تسعى إلى إذلال جماعي لمجتمع كامل، من خلال استهداف النساء تحديداً، لما لهن من رمزية في البنية الاجتماعية.
وعند النظر إلى خلفيات بعض الأفراد الذين تم تعيينهم في مناصب أمنية وعسكرية في سوريا الجديدة، تبرز مؤشرات خطيرة، فقد تبين أن بعضهم خاضع لعقوبات دولية بسبب تورطه في قضايا تتعلق بالاتجار بالبشر أو دعم جماعات متطرفة، وهو ما يضيف تعقيداً على المشهد ويعزز الشكوك في وجود تواطؤ رسمي.
الملفت أن السلطات السورية لم تصدر أي تعليق رسمي رغم توالي التقارير والتحقيقات حول هذه الظاهرة، وحتى عند التوجه بأسئلة محددة حول حالات اختفاء نساء بعينهن، يأتي الرد إما بالنفي أو بالإحالة إلى تفسيرات لا تتناسب مع فداحة الواقع.
وفي المقابل، تؤكد منظمات حقوقية أن هذه الانتهاكات تُمارس بشكل ممنهج، وغالباً ما تُرتكب تحت غطاء من الإفلات من العقاب، في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لحماية النساء، خاصة عندما يكنّ من طائفة مستهدفة.
المعاناة لا تتوقف عند الضحية، بل تمتد إلى العائلات التي تعيش بين الخوف والانتظار، عاجزة عن التحرك أو حتى التحدث إلى الإعلام.
عدد كبير من الأسر المتضررة يرفض الكشف عن هويته، ويفضل الصمت على الدخول في مواجهة غير متكافئة مع الواقع الأمني المعقد.
ومع كل حالة اختطاف جديدة، يتعمق الجرح، ويتجدد السؤال حول حدود العنف الذي يُمارس باسم الدين والسياسة، في غياب ضمير دولي قادر على التدخل بشكل حاسم.
ويري مراقبون أنه وسط هذه الصورة القاتمة، لا يبدو أن هناك نهاية قريبة لهذا النمط من الجرائم، خاصة في ظل استمرار التوترات الطائفية وتعدد الجهات المسلحة التي تعمل خارج نطاق القانون، بينما يتحدث العالم عن إعادة إعمار سوريا، تبدو نساء كثيرات في الداخل وكأنهن يُعاقبن على هويتهن، ويُحولن إلى أدوات ضغط في صراعات لا ناقة لهن فيها ولا جمل، ليظل مصيرهن معلقاً بين التعتيم والصمت، في ظل صراع تتزايد فيه ملامح الإرهاب المقنع تحت عناوين دينية أو سياسية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 17 دقائق
- وكالة الصحافة المستقلة
مجلس الخدمة الاتحادي يكثف جهود توظيف حملة الشهادات العليا والأوائل
المستقلة/- يعمل مجلس الخدمة العامة الاتحادي حاليًا على إيجاد حلول عملية لتوظيف حملة الشهادات العليا والطلبة الأوائل الذين تم رفض توزيعهم سابقًا من قبل المؤسسات الحكومية، في خطوة تهدف إلى تحسين استيعاب الكفاءات داخل الجهاز الإداري للدولة. تحديات في التوزيع ورفض من المؤسسات وأوضح المتحدث باسم إعلام المجلس، سعد اللامي، في تصريح لـ'الصباح' تابعته المستقلة، أن بعض الموزعين من الدفعة الثانية للتوظيف قوبلوا بالرفض من قبل بعض المؤسسات لأسباب عدة، منها عدم حاجة هذه المؤسسات لمتخصصي بعض الاختصاصات، أو لأسباب إدارية متعلقة بالتوزيع. وأشار إلى أن المجلس، بإدارته الجديدة، يعمل على التنسيق مع مؤسسات القطاع العام لتوفير تعيينات تتوافق مع اختصاصات هؤلاء المتقدمين، سعياً لاستيعابهم بشكل أفضل داخل الجهاز الإداري. المرحلة الثالثة والتدقيق المستمر وأكد اللامي أن المجلس يعمل بكامل طاقته مع شركائه في عمليات التوظيف، من خلال تدقيق البيانات وإجراء تقاطع وظيفي دقيق للمتقدمين في المرحلة الثالثة، التي تم مؤخراً الموافقة على إطلاق الكودات الخاصة بها. وأشار إلى أن قوائم بأسماء المتقدمين الذين لديهم نقص في البيانات أو أخطاء سيتم نشرها، ليتمكنوا من إكمال البيانات اللازمة والحصول على الكودات، استعدادًا لإطلاق استمارة التوظيف الرسمية. شمولية وتنافسية عالية وشدد المتحدث على أن توظيف الأوائل وحملة الشهادات العليا يركز على شمول الجميع دون استثناء، بما في ذلك خريجي الجامعات والكليات الأهلية، مما يعكس التزام المجلس بضمان فرص عادلة لكافة الكفاءات. كما حذر اللامي المتعاقدين في القطاعات العامة من إنهاء عقودهم والتقديم على استمارة التوظيف ضمن المرحلة الثالثة، مشيرًا إلى أن المنافسة ستكون شديدة في حال تجاوز عدد المتقدمين عدد الدرجات الوظيفية المتاحة.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 17 دقائق
- وكالة الصحافة المستقلة
اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت تثير جدلاً قانونياً وسياسياً حاداً
المستقلة/- أثار الحديث عن اتفاقية تنظيم الملاحة في 'خور عبد الله' بين العراق والكويت جدلاً واسعاً على الساحة السياسية والقانونية، وسط تحذيرات قانونية ودبلوماسية من أن أي محاولة لإلغاء الاتفاقية قد تفتح باب أزمة دولية معقدة. تحذيرات قانونية من الانسحاب أو الإلغاء حذر القاضي والخبير القانوني زهير كاظم عبود من أن إلغاء الاتفاقية التي تنظم الملاحة في الممر المائي الحيوي بين البلدين سيؤدي إلى أزمة قانونية ودبلوماسية قد تضر بمكانة العراق الدولية، مضيفاً أن الاتفاقية جاءت نتيجة قرارات دولية ملزمة، أبرزها قرار مجلس الأمن رقم 833 لسنة 1993 الذي حسم ترسيم الحدود بين البلدين بعد غزو الكويت عام 1990. وأشار عبود إلى أن الاتفاقية ليست انتقاصاً من السيادة العراقية، بل هي تنظيم فني وإداري لتسهيل حركة الملاحة، وقد حظيت بموافقة قانونية وتشريعية من قبل مؤسسات الدولة العراقية، رغم الطعون الشكلية التي لم تمس جوهرها. رؤية مبتكرة لمواجهة التحديات على الجانب الآخر، قدم خبير الجغرافيا الدكتور قصي فاضل الوشاح رؤية مبتكرة لمواجهة أي تحديات مستقبلية تتعلق بالممرات المائية للعراق. اقترح الوشاح مشروع قناة ملاحية جديدة بطول 100 كيلومتر، تتجه شمالاً من مياه 'خور عبد الله'، مع مرافئ استراتيجية على جانبي القناة. وأكد أن المشروع قابل للتنفيذ بسهولة نسبية، نظراً لانخفاض التضاريس وخصائص التربة، ويمكن تنفيذه خلال عامين فقط بتكلفة معقولة، مما يعزز السيادة الاقتصادية للعراق ويقلل اعتماده على الاتفاقيات الدولية المتقلبة. تأكيد على الالتزام بالاتفاقيات الدولية إلى جانب ذلك، أشاد خبراء قانونيون بموقف مجلس القضاء الأعلى الذي أوضح قانونية الاتفاقية ودورها في تنفيذ قرارات مجلس الأمن، مشددين على أن محاولة إلغائها قد تضع العراق في موقف دولي حرج وتضر بثقة المستثمرين والمجتمع الدولي. وأوضحوا أن قرارات المحكمة الاتحادية التي تناولت الاتفاقية كانت معقدة بين الجوانب الشكلية والموضوعية، لكنها لا تلغي الأساس القانوني للاتفاقية، وأن العراق ملتزم دولياً بالمعاهدات والمواثيق التي وقع عليها. الملف في دائرة النقاش السياسي تسببت الاتفاقية في خلط الأوراق بين الجوانب القانونية والسياسية، حيث اعتبر محللون سياسيون أن بعض الأطراف تستغل الموضوع لأغراض سياسية ضيقة، معبرين عن ضرورة التعامل بحكمة ومسؤولية لتفادي الإضرار بالمصالح الوطنية. كما جددت الرئاسات الثلاث التزامها بالمسار التشريعي القانوني لإعادة التصديق على الاتفاقية، مع تأكيد ضرورة عدم استغلال الموضوع للمزايدات السياسية والإعلامية التي قد تضر بسمعة العراق وحقوقه الدولية. خلاصة: الاتفاقية بين الحاجة القانونية والبحث عن بدائل استراتيجية يبقى ملف اتفاقية خور عبد الله مثالاً حياً على التحديات التي تواجه العراق في إدارة ملفاته الدولية، بين ضرورة الالتزام بالقرارات والاتفاقيات الدولية، والحاجة إلى استثمار الرؤى المستقبلية لتأمين مصالحه البحرية والاقتصادية بشكل مستقل. التوازن بين هذين الجانبين هو المفتاح لضمان استقرار العراق في محيطه الإقليمي وتعزيز مكانته الدولية، بعيداً عن التصعيد السياسي والمخاطر القانونية.


الأنباء العراقية
منذ 28 دقائق
- الأنباء العراقية
قائد عمليات بغداد: خطة الزيارة الأربعينية لا تتضمن أي قطوعات
بغداد – واع – فاطمة رحمة حددت قيادة عمليات بغداد، اليوم الاثنين، موعد دخول خطة الزيارة الأربعينية حيز التنفيذ، فيما أشارت الى أن الخطة لا تتضمن أي قطوعات. وقال قائد عمليات بغداد، الفريق الدرع الركن وليد خليفة التميمي لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "الخطة الخاصة بأربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، تتضمن تنسيق وتنظيم طرق سير الزائرين صوب مدينة كربلاء المقدسة وتأمينها بانسيابية عالية مع تسخير جهد استخباراتي لتغطية محاور سير الزائرين وأيضا توفير الخدمات الطبية والإدارية وتنسيق عمل المواكب وتنظيمها وتوزيعها بشكل منتظم". وأضاف أن "الخطة ستدخل حيز التنفيذ في الأول من آب المقبل كما أن القطعات تدخل الإنذار "ج" في الرابع من آب المقبل"، موضحا أن "الخطة لا تتضمن أي قطوعات إلا بالحالات الطارئة وبأمر من مقر قيادة عمليات بغداد". وبشأن حركة عجلات الحمل والدراجات، أكد التميمي أن "حركة عجلات الحمل والدراجات ستكون على الطرق التي لا يسلكها الزائرون"، لافتا الى أنه "سيتم منع حركة تلك العجلات على طرق سير الزائرين".