
مواقع النفط والغاز في إيران لم تُستهدف "حتى الآن".. ما القصة؟
دخلت مواقع إنتاج النفط والغاز في إيران إلى بؤرة الاهتمام العالمي، بعدما استهدفت إسرائيل مواقع إستراتيجية مختلفة في الدولة الواقعة وسط آسيا. ولم ترد حتى الآن أنباء عن استهداف مواقع النفط والغاز الإيرانية رغم قصف مواقع نووية؛ أبرزها منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم...
دخلت مواقع إنتاج النفط والغاز في إيران إلى بؤرة الاهتمام العالمي، بعدما استهدفت إسرائيل مواقع إستراتيجية مختلفة في الدولة الواقعة وسط آسيا. ولم ترد حتى الآن أنباء عن استهداف مواقع النفط والغاز الإيرانية رغم قصف مواقع نووية؛ أبرزها منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، بحسب آخر تحديثات الأزمة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، لكن القناة 12 الإسرائيلية نقلت عن الجيش تهديده باستهداف قادة النظام الإيراني ومرافق البنية الأساسية؛ وعلى رأسها مصافي تكرير النفط، إذا أطلقت طهران صواريخ باليستية على تجمعات سكنية في إسرائيل.
واندلع فتيل الحرب بين طهران وتل أبيب، فجر الجمعة (13 يونيو/حزيران)، عندما بدأ قصف مواقع عسكرية ونووية إيرانية مع قتل قادة عسكريين وعلماء نوويين، لترد إيران بقصف مواقع إسرائيلية أودت حتى الآن بحياة 3 قتلى بالإضافة إلى سقوط 172 جريحًا.
مواقع النفط والغاز في إيران
نقل مراقبون ووسائل إعلام رسمية أن إسرائيل لم تستهدف مواقع النفط والغاز في إيران بأي ضربات جوية أو صاروخية منذ الساعات الأولى من فجر أمس 13 يونيو/حزيران حتى الآن.
وإيران عضوة في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك، وتمتلك احتياطيات نفط خام كبيرة لتحل في المرتبة الثالثة عالميًا خلال عام 2023 بـ208.6 مليار برميل، بعد فنزويلا والمملكة العربية والسعودية.
ورغم الضربات الإسرائيلية المكثفة؛ فما زالت مواقع النفط والغاز في إيران تعمل دون انقطاع وبصورة مستقرة، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة نقلًا عن وكالة أنباء إيرنا الرسمية، وتفصيليًا، قالت شركة تكرير النفط وتوزيعه المملوكة للدولة (NIORDC) إن "عبادان" أكبر مصفاة نفط في إيران تعمل بكامل طاقتها التشغيلية البالغة 700 ألف برميل يوميًا.
وكانت مصفاة تبريز بقدر 110 آلاف برميل يوميًا بالقرب من أحد مواقع الضربات الإسرائيلية، إلا أنها استأنفت عملياتها بصورة طبيعية.
كانت منصة الطاقة المتخصصة قد رصدت، قبل أيام، ارتفاع قدرات التكرير الإيرانية بأكثر من 7% بقيادة مصفاة عبادان، تليها "غلف ستار" و"أصفهان"؛ بما يعزز إمكانات توليد الكهرباء وإنتاج الوقود من بين أخرى، ونوويًا، أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن الهجمات الإسرائيلية لم تطل محطة بوشهر النووية، كما لم تسجل زيادة في مستويات الإشعاع من منشأة نطنز النووية.
آثار الحرب بين إيران وإسرائيل
أثار تبادل القصف بين إيران وإسرائيل المخاوف من شح إمدادات الطاقة العالمية؛ بما يرفع أسعار النفط والغاز والوقود المكرر.
وارتفعت أسعار النفط، أمس الجمعة، بنسبة 7% ليستقر سعر برميل الخام عند أكثر من 74 دولارًا بِفعل المخاوف من امتداد رقعة الصراع في الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم إنتاجًا للنفط، ونتيجة لذلك، ثمة توقعات بارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة بمقدار 20 سنتًا للغالون وذلك في ذروة موسم الطلب الأميركي، وحتى الآن، كانت أسعار الوقود منخفضة ومستقرة؛ حيث ساعد تراجع الأسعار في خفض التضخم وتهدئة مخاوف الأميركيين بشأن الرسوم الجمركية.
وخارج حدود إيران، ثمة مخاوف من دخول مضيق هرمز إلى دائرة الصراع بما يعرقل حركة شحن النفط والمكثفات والغاز الطبيعي عالميًا، ويقع المضيق بين سلطنة عمان وإيران ويربط الخليج العربي وخليج عمان وبحر العرب، وعادة ما يقع في دائرة الضوء مع كل اضطراب أمني وسياسي في منطقة الشرق الأوسط تكون إيران طرفًا فيه بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
خرائط مضيق هرمز ومضائق الشرق الأوسط
وخوفًا من استهدافه بطائراتها، أعلنت إسرائيل إغلاق أكبر حقل غاز ليفياثان في شرق المتوسط، وهو مسؤول عن 40% من إنتاج الغاز في إسرائيل، كما قررت شركة إنرجيان اليونانية تعليق إنتاج الغاز من حقل كاريش؛ انصياعًا لأوامر وزارة الطاقة الإسرائيلية، وتسبب القرار في اضطراب داخل مصر التي تستورد الغاز الطبيعي عبر الأنابيب من الحقلين، لتعلن خطة لمواجهة نقص الإمدادات باستعمال المازوت في توليد الكهرباء ووقف إمدادات الغاز إلى مصانع الأسمدة.
إمدادات الطاقة العالمية
كان تأثير الحرب الإيرانية الإسرائيلية في إمدادات النفط والغاز العالمية موضوع تغريدة لوزير الطاقة الأميركي كرايس وايت، على منصة إكس، وكشف الوزير عن أن الولايات المتحدة ممثلة في وزارة الطاقة ومجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض يراقبان الوضع بالمنطقة الملتهبة وما قد ينتج عنه من أي تأثيرات في إمدادات الطاقة العالمية.
وإذ أشاد الوزير بسياسة الطاقة الأميركية تحت حكم الرئيس الحالي دونالد ترمب، قال إن الخطة التي تستهدف زيادة إنتاج النفط والغاز مع تقييد لوائح الانبعاثات نجحت في تعزيز أمن الطاقة المحلي، وفي مذكرة للعملاء، قالت شركة تحليلات الطاقة "كلير فيو" إن ارتفاع أسعار البنزين في أميركا بمقدار 20 سنتًا سيضيف ضغوطًا سياسية واقتصادية على الرئيس الأميركي الذي وعد قبل عودته في يناير/كانون الثاني الماضي بخفض أسعار الطاقة.
وتوقعت الشركة أن يؤدي ارتفاع الأسعار إلى إجبار ترمب إلى استغلال احتياطيات النفط الإستراتيجي والسعي لزيادة المعروض من تحالف أوبك+ وهو ما قد يعقّد جهود تكبيل يد روسيا (أحد أكبر منتجي النفط والغاز في العالم) عن تمويل الحرب على أوكرانيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تيار اورغ
منذ 28 دقائق
- تيار اورغ
«الأسد الصاعد»: مواجهة إيران تمهيداً للصدام المحتوم مع الصين
د. إسحاق أندكيان - بعد انطلاق عملية «الأسد الصاعد» الإسرائيلية ضدّ إيران صباح الجمعة، بات من الواضح أنّ الصراع الصيني-الأميركي بات على قاب قوسَين أو أدنى. واعتمدت الولايات المتحدة الأميركية سياسة قطع أذرع إيران (الأخطبوط الصغير) تمهيداً لقطع أذرع الصين (الأخطبوط الكبير). فنتنياهو يحذّر من البرنامج النووي الإيراني وقدرة الأخيرة على امتلاك السلاح النووي منذ العام 2012، عندما ألقى خطابه الشهير في الهيئة العامة للأمم المتّحدة، ورسم خطّاً أحمر على صورة القنبلة التي أبرزها خلال الاجتماع عند حدّ تخصيب اليورانيوم بنسبة 90%، واعتبر أنّه لا يجوز لإيران تجاوزها، لأنّها النسبة التي تتيح لأي دولة إنتاج سلاح نوويّ. هذا الكابوس المسمّى "برنامج إيران النووي" شكّل المدماك الأساس للأمن القومي الإسرائيلي، إذ سعت إسرائيل إلى تعطيله أو تأجيل مفاعيله من خلال خطوات عدة منها اغتيال العلماء النوويِّين الإيرانيِّين، الهجوم السيبراني على المحطات النووية الإيرانية، حثّ الولايات المتحدة الأميركية على فرض عقوبات إقتصادية تعوق المسار الإيراني للإستحواذ على قدرة إنتاج السلاح النووي، ومعارضة الإتفاق النووي بين أميركا وإيران (خطة العمل الشاملة المشتركة) أيام الرئيس أوباما، بعدما وصفه بـ"خطأ تاريخي"، وصولاً إلى حدّ إعطاء الضوء الأخضر للموساد لشنّ عملية استخباراتية معقّدة عام 2018، قضت بتسلّل عملاء إلى مستودع سرّي في منطقة كهريزك في جنوب طهران، وسرقة 100 ألف وثيقة، بما في ذلك السجلّات الورقية وملفات الكمبيوتر، التي توثق عمل الأسلحة النووية في مشروع AMAD الإيراني بين عامَي 1999 و2003. إذاً، شكّل ملف البرنامج النووي الإيراني حالة قلق شديد لدى إسرائيل، لدرجة اعتباره خطراً وجودياً على الكيان الإسرائيلي وَجبَ القضاء عليه، كما فعلت إسرائيل سابقاً مع المفاعل النووي قَيد الإنشاء في العراق عام 1981 والمفاعل النووي السوري قَيد الإنشاء في الكِبَر - دير الزور عام 2007.عاشت إسرائيل هاجس استحواذ إيران على إمكانية إنتاج السلاح النووي، وتحيّنت الفرصة للإنقضاض على المشروع النووي الإيراني، إلى أن وقعت أحداث 7 تشرين الأول 2023.فأحداث 7 تشرين الأول 2023 في غزة أفاقت المارد من القمقم. وتدخُّل وكلاء إيران في المنطقة لإسناد غزة جعل منهم أهدافاً استراتيجية لإسرائيل وأميركا، فسعت كلّ منهما إلى قطع أذرع الأخطبوط الإيراني لتسهّل هذه العملية السيطرة على رأس الأخطبوط. بالتالي، شكّلت عملية "البيجر" الخطوة الأولى تجاه قطع الذراع الإيرانية الأقوى في الشرق الأوسط، واستتبعتها بعمليات اغتيالات لأمينَين عامَّين وقادة "حزب الله" كخطوات عمليّة لإضعاف الدور العسكري والتخفيف من الخطر الأمني لـ"محور المقاومة" على إسرائيل. أمّا محاولة قطع الذراع الثانية والثالثة للأخطبوط الإيراني، فتمثّلت بالحرب على الحوثيِّين في اليمن والحرب على الحشد الشعبي والميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران على التوالي. طبعاً، قطع الأذرع الإيرانية الـ 4 ("حماس" في غزة، "حزب الله" في لبنان، الحوثيّون في اليمن، والحشد الشعبي في العراق)، مهّد الطريق للوصول إلى جسم ورأس الأخطبوط الإيراني، لأنّ الأخيرة فقدت أدوات الردع. وما سرّع الهجوم الإسرائيلي المباغت هو وصول المفاوضات الأميركية-الإيرانية حول الملف النووي الإيراني إلى حائط مسدود، على رغم من أنّ الأنظار كانت شاخصة لما ستؤول إليه مباحثات، أمس الأحد بين الطرفَين في سلطنة عمان.وأعطى الرئيس ترامب تلميحات عن قرب حدوث شيء ما، ليَكسر الجمود في المفاوضات النووية، عندما عبّر عن استيائه من طريقة سَير المفاوضات، واستتبعها بمواقف سلبية من المفاوضات تشير إلى تشكيكه بالتوصّل إلى اتفاق مع إيران في وقت قريب. عادةً ما تستخدم الولايات المتحدة سياسة العصا والجزرة في سياساتها الخارجية المتعلّقة بأمنها القومي، فتلوّح بالعصا لخصمها لتدفعه بقبول شروطها، لأنّ رفض القبول سيقابله عقاب وخيم من ناحية، ومن ناحية أخرى تلوّح بالجزرة أي بالمنافع التي سيتمتّع بها الخصم لو قبل بالشروط الأميركية. لكن بالعودة إلى عملية "الأسد الصاعد"، يبدو جلياً أنّ الولايات المتحدة استخدمت سياسية العصا والعصا، بمعنى أنّها أعطت إيران خيارين لا ثالث لهما وأحلاهما مرّ، لأنّها لو قبلت بالشروط الأميركية للاتفاق النووي فذلك لن يكون لمصلحة إيران من وجهة نظر الأخيرة، أمّا لو أنّها لم تقبل الشروط فتنتظرها ضربة قوية بالعصا الأميركية، أي إسرائيل، كما حصل من خلال عملية "الأسد الصاعد". بالنسبة إلى الرئيس ترامب، تشكّل عملية "الأسد الصاعد" ورقة ضغط قوية على إيران لإجبارها على تقديم تنازلات في المفاوضات والقبول بالشروط الأميركية، لأنّ البديل هو المزيد من العصي. هذا الموقف بدا جلياً عندما صرّح الرئيس ترامب يوم الجمعة بُعَيدَ بدء عملية "الأسد الصاعد"، أنّه اطّلع على الهجمات مسبقاً، وأنّ الولايات المتحدة ليست متورّطة عسكرياً، وأمِلَ أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات. تصريح الرئيس ترامب يحاول إبعاد أميركا عن عَين العاصفة وحصر مسؤولية العملية بإسرائيل. فكما لإيران وكلاء أو أذرع، كذلك لأميركا "حلفاء" في المنطقة، مع فارق واضح أنّ إيران تخلّت عن أذرعها وتبرّت منهم عندما كانوا بحاجة إلى دعمها، في حين أنّ أميركا دعمت حليفتها (التي يعتبرها كثيرون من ساسة أميركا بمثابة الولاية الأميركية الـ51) بتأمين الأسلحة والذخائر والدعم المادي والعسكري والاستخباراتي، واتخاذ خطوات عسكرية وأمنية وديبلوماسية إحترازية، في حال قرّرت إيران الردّ عسكرياً على إسرائيل. إذاً، تريد الولايات المتحدة أن تُنهي مسألة الملف النووي الإيراني، والتهديد الذي يفرضه على مستقبل الأمن القومي الإسرائيلي، لتتفضّى لمواجهة الصين والنموّ الاقتصادي المتصاعد للأخيرة، إذ بات يشكّل تهديداً مباشراً للمكانة الأميركية كقطب سياسي وأمني وإقتصادي أوحد في العالم. فالصين باتت تحتلّ المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة للناتج المحلي الإجمالي، والمرتبة الأولى بتعادل القدرة الشرائية (PPP)، وتُعتبَر أكبر مصدّر صناعي في العالم. كما باتت تتفوّق في عدّة مجالات على الولايات المتحدة، منها على سبيل المثال لا الحصر الطاقة النظيفة، إنتاج الرقائق الإلكترونية، إنتاج السيارات الكهربائية والذكاء الإصطناعي، التي تشكّل بمجملها وسائل ومجالات للحروب غير النظامية (irregular warfare) بينهما. هذا بالإضافة إلى مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تشبه حبل المشنقة الملتفّ حول العنق الاقتصادي لأميركا. إذا ما عدنا للتاريخ، نجد أنّ الحرب البيلوبونيسية (Peloponnesian War) بين أثينا وإسبرطة كانت حتمية، وقد وقعت بالفعل بسبب "نمو القوة الأثينية والخوف الذي أحدثه ذلك في إسبرطة". كذلك الأمر في أوروبا الوسطى، كان هناك خوف ألماني من أن يؤدّي تفكّك إمبراطورية هابسبورغ إلى تعزيز هائل للقوة الروسية - قوة أصبحت بالفعل هائلة - فوضعت الصناعات والسكك الحديد المموّلة من فرنسا، القوى العاملة الروسية في خدمة آلتها العسكرية. وفي أوروبا الغربية، كان هناك خوف بريطاني تقليدي من أن تُرسي ألمانيا هيمنة على أوروبا، التي - حتى أكثر من هيمنة نابليون - ستُعرّض أمن بريطانيا وممتلكاتها إلى الخطر، وهو خوف غذّاه إدراك وجود تصميم واسع النطاق داخل ألمانيا على تحقيق مكانة عالمية. بالعودة إلى التوترات بين الصين والولايات المتحدة، نجد أنّ النمو الاقتصادي الصاروخي للصين، وتفوّقها في مجالات عدة متعلّقة بالحروب غير النظامية، يُثير الريبة والخوف لدى الأميركيّين بحتمية الصدام بينهما. هذا بالإضافة إلى ما يروّج له بعض المفكّرين السياسيّين والفلاسفة الأميركيّين كجون مرشهايمر، حول حتمية التصادم الصيني الأميركي إنطلاقاً من نظرية الواقعية الهجومية (Offensive Realism)، ومفادها أنّ النظام الدولي لا يسمح بنهوض قوة عظمى من دون صدام مع القوة المهيمنة. وغراهام أليسون الذي طرح مفهوم "مصيدة ثيوسيديديس" بالإستناد على الحرب البيلوبونيسية التي ذكرتها أعلاه، وروبرت كابلان. إذاً، ما ورد أعلاه يتقاطع مع ما أعلنه الرئيس الصيني في مناسبات عدة من جهوزية الجيش الشعبي الصيني لغزو جزيرة تايوان بحلول عام 2027، أي عمليّاً بعد قرابة عامَين. فهل تشكّل عمليّة "الأسد الصاعد" ترتيباً للأوراق الأميركية في الشرق الأوسط من خلال "إنهاء" التهديد النووي الإيراني لإسرائيل وتمهيداً للتحضير لمواجهة الصين التي تبدو حتمية في عام 2027؟

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
التصعيد العسكري يضع العالم بمواجهة 3 مسارات... ولبنان أمام معضلة حقيقية
اهتزّت ملامح العالم السياسية والاقتصادية على وقع طبول الهجمات الإسرائيلية على إيران، وما أعقبها من ردود. مخاوف بشأن انقطاع إمدادات الطاقة، إرتفاع كبير في أسعار النفط العالمية، وبلبلة هائلة في الأسواق التي لم تستطع أن تلتقط أنفاسها مع ترقّب كل ضربة جديدة. فأين لبنان من كل هذا الذعر؟ في ليل 12-13 حزيران 2025، سجّلت إسرائيل ضربتها الأولى في المرمى الإيراني وألحقت دماراً كبيراً على الصعيدين المادي والبشري، وتحديداً على صعيد الكوادر السياسية، العسكرية والعلمية. وفي أعقاب الضربة الإسرائيلية على إيران، ارتفعت وبشكل لافت أسعار النفط حيث سجّل السوق واحدة من أكثر القفزات الحادة منذ سنوات. فخلال تداولات 13 حزيران، بلغ خام برنت ذروته عند نحو 78.5 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بأكثر من 13% عن مستوياته قبل التصعيد، قبل أن يستقر عند الإغلاق على زيادة قدرها 7%، أي حوالى 74.2 دولارًا. أما خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، فقد صعد إلى ما يقارب 77.6 دولارًا في أثناء التداول، ثم أغلق عند 72.9 دولارًا، مسجّلًا ارتفاعًا يوميًا بنسبة 7.6%، ومكاسب أسبوعية تتجاوز 12%. مخاوف واسعة وفي قراءة واضحة لهذه الأرقام، أكّد الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري أنها تعكس بوضوح حجم الذعر الذي أصاب الأسواق بمجرد تحوّل التوتر السياسي إلى مواجهة عسكرية مباشرة. وقال الخوري في حديث لـ"لبنان 24" إن التحركات لم تكن ناتجة عن انقطاع فعلي في الإمدادات، بل عن مخاوف واسعة من إمكانية تدهور الوضع في الخليج وتأثر طرق الشحن البحري، خاصة في مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره نسبة وازنة من صادرات النفط العالمية. وأضاف أن السوق بطبيعته يتفاعل مع التوقعات أكثر من الواقع، ولهذا جاءت القفزة حادة، مدفوعة بزيادة الطلب على عقود الشراء الآجلة من قبل المضاربين والمستثمرين الباحثين عن التحوّط. المحرّك الرئيسي لهذا الارتفاع لا يقتصر فقط على المخاوف المباشرة من انقطاع الإمدادات، بل يتجاوزها إلى عوامل جيوسياسية مقلقة، وفق الخوري. فالمنطقة التي اندلع فيها النزاع تُعد شريانًا حيويًا لتدفقات النفط العالمية، خصوصًا مع وجود مضيق هرمز الذي يمر عبره أكثر من 20% من الإمدادات العالمية. الأسواق لم تنتظر تأكيدات، بل بدأت بالتفاعل الفوري مع السيناريو الأسوأ، ما فتح الباب أمام موجات من المضاربات رفعت العقود الآجلة بشكل متسارع. واللافت هنا هو أن هذا السلوك يتكرر تاريخيًا في أوقات الأزمات، حيث يصبح السوق شديد الحساسية لأي خبر، ويتحول إلى ساحة لردود فعل نفسية تتغذى على الخوف والتكهنات. ولأن المستثمرين يبحثون عن أمان في الذهب والدولار، رأينا الذهب يرتفع بنسبة قاربت 2%، فيما سجلت الأسواق المالية تراجعات حادة في قطاعات السفر والطيران، مقابل مكاسب كبيرة لشركات الطاقة والتصنيع العسكري. 3 مسارات ممكنة واعتبر الخوري أنه في حال استمر التصعيد، فسيكون العالم أمام 3 مسارات ممكنة: الأول، صراع محدود لا يتجاوز ضربات وردود، وفيه تبقى الأسعار مرتفعة ولكن ضمن حدود 80 دولارًا للبرميل. الثاني، تصعيد مفتوح يشمل تهديد الملاحة في مضيق هرمز، وفي هذه الحالة يمكن أن تتجاوز الأسعار 100 دولار بسهولة، مع اضطراب حاد في سلاسل الإمداد العالمية. أما الثالث، فهو التهدئة السريعة بعد وساطة دولية، ما قد يؤدي إلى تراجع تدريجي بنحو 70–72 دولارًا، لكن مع بقاء الأسعار أعلى مما كانت عليه قبل الضربة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن إغلاق مضيق هرمز يبقى احتمالاً مرعبًا للأسواق، حتى ولو لم يتحقق. فبحسب ما أشار إليه الخوري، يكفي التلويح بهكذا قرار مصيريّ لتأخذ الأسواق في الحسبان نقصًا محتملاً في ملايين البراميل يومياً. ورغم وجود بدائل عبر البحر الأحمر أو أنابيب مثل خط شرق– غرب في السعودية أو خط العراق– تركيا، إلا أن كفاءتها تبقى محدودة ولا يمكنها تعويض كامل الكمية، ما يجعل السوق تتفاعل بعنف مع أي خطر يُهدد هذا الممر. ماذا عن لبنان؟ أما لبنان كدولة مستوردة بالكامل للمحروقات، فيقف في موقع هش للغاية أمام هذه التطورات. فاعتماده الكلي على الاستيراد من دون أي بنية تحتية لإنتاج أو تكرير محلي، يجعله عرضة لأي ارتفاع في الأسعار العالمية، في ظل غياب احتياطات استراتيجية أو سياسات دعم فعّالة، وفق ما أكده الخوري. ومن دون مرفأ لاستقبال الغاز المسال LNG أو أنابيب عاملة مثل تلك التي تربط مصر بالأردن، فإن أي تعطل في الإمدادات أو ارتفاع في الأسعار سينعكس مباشرة على المواطن عبر انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار النقل والسلع. وعن إلغاء الضريبة المستخدمة على البنزين والمازوت التي فرضتها الحكومة، فشدد الخوري على أنه احتمال لا يبدو وارداً الان، وبالتالي فإن لبنان اليوم أمام معضلة حقيقية: إما أن ترفع الحكومة الأسعار مجددًا، ما يفاقم الاحتقان الشعبي والتعطل الاقتصادي، أو أن تحاول إيجاد مصادر تمويل لدعم إضافي، وهي معضلة تزيد تعقيداً في ظل العجز المالي وانعدام الثقة. وفي المحصّلة، أي أزمة عالمية لا بد من أن تنعكس سلباً في الواقع اللبناني. ومن دون إصلاح هيكلي واستراتيجية طاقة مدروسة، ستبقى البلاد رهينة أي موجة تقلب عالمي، تدفع ثمنها مضاعفًا في كل مرة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
التصعيد العسكري يضع العالم بمواجهة 3 مسارات… ولبنان أمام معضلة حقيقية
اهتزّت ملامح العالم السياسية والاقتصادية على وقع طبول الهجمات الإسرائيلية على إيران، وما أعقبها من ردود. مخاوف بشأن انقطاع إمدادات الطاقة، إرتفاع كبير في أسعار النفط العالمية، وبلبلة هائلة في الأسواق التي لم تستطع أن تلتقط أنفاسها مع ترقّب كل ضربة جديدة. فأين لبنان من كل هذا الذعر؟ في ليل 12-13 حزيران 2025، سجّلت إسرائيل ضربتها الأولى في المرمى الإيراني وألحقت دماراً كبيراً على الصعيدين المادي والبشري، وتحديداً على صعيد الكوادر السياسية، العسكرية والعلمية. وفي أعقاب الضربة الإسرائيلية على إيران، ارتفعت وبشكل لافت أسعار النفط حيث سجّل السوق واحدة من أكثر القفزات الحادة منذ سنوات. فخلال تداولات 13 حزيران، بلغ خام برنت ذروته عند نحو 78.5 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بأكثر من 13% عن مستوياته قبل التصعيد، قبل أن يستقر عند الإغلاق على زيادة قدرها 7%، أي حوالى 74.2 دولارًا. أما خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، فقد صعد إلى ما يقارب 77.6 دولارًا في أثناء التداول، ثم أغلق عند 72.9 دولارًا، مسجّلًا ارتفاعًا يوميًا بنسبة 7.6%، ومكاسب أسبوعية تتجاوز 12%. مخاوف واسعة وفي قراءة واضحة لهذه الأرقام، أكّد الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري أنها تعكس بوضوح حجم الذعر الذي أصاب الأسواق بمجرد تحوّل التوتر السياسي إلى مواجهة عسكرية مباشرة. وقال الخوري في حديث لـ'لبنان 24″ إن التحركات لم تكن ناتجة عن انقطاع فعلي في الإمدادات، بل عن مخاوف واسعة من إمكانية تدهور الوضع في الخليج وتأثر طرق الشحن البحري، خاصة في مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره نسبة وازنة من صادرات النفط العالمية. وأضاف أن السوق بطبيعته يتفاعل مع التوقعات أكثر من الواقع، ولهذا جاءت القفزة حادة، مدفوعة بزيادة الطلب على عقود الشراء الآجلة من قبل المضاربين والمستثمرين الباحثين عن التحوّط. المحرّك الرئيسي لهذا الارتفاع لا يقتصر فقط على المخاوف المباشرة من انقطاع الإمدادات، بل يتجاوزها إلى عوامل جيوسياسية مقلقة، وفق الخوري. فالمنطقة التي اندلع فيها النزاع تُعد شريانًا حيويًا لتدفقات النفط العالمية، خصوصًا مع وجود مضيق هرمز الذي يمر عبره أكثر من 20% من الإمدادات العالمية. الأسواق لم تنتظر تأكيدات، بل بدأت بالتفاعل الفوري مع السيناريو الأسوأ، ما فتح الباب أمام موجات من المضاربات رفعت العقود الآجلة بشكل متسارع. واللافت هنا هو أن هذا السلوك يتكرر تاريخيًا في أوقات الأزمات، حيث يصبح السوق شديد الحساسية لأي خبر، ويتحول إلى ساحة لردود فعل نفسية تتغذى على الخوف والتكهنات. ولأن المستثمرين يبحثون عن أمان في الذهب والدولار، رأينا الذهب يرتفع بنسبة قاربت 2%، فيما سجلت الأسواق المالية تراجعات حادة في قطاعات السفر والطيران، مقابل مكاسب كبيرة لشركات الطاقة والتصنيع العسكري. 3 مسارات ممكنة واعتبر الخوري أنه في حال استمر التصعيد، فسيكون العالم أمام 3 مسارات ممكنة: الأول، صراع محدود لا يتجاوز ضربات وردود، وفيه تبقى الأسعار مرتفعة ولكن ضمن حدود 80 دولارًا للبرميل. الثاني، تصعيد مفتوح يشمل تهديد الملاحة في مضيق هرمز، وفي هذه الحالة يمكن أن تتجاوز الأسعار 100 دولار بسهولة، مع اضطراب حاد في سلاسل الإمداد العالمية. أما الثالث، فهو التهدئة السريعة بعد وساطة دولية، ما قد يؤدي إلى تراجع تدريجي بنحو 70–72 دولارًا، لكن مع بقاء الأسعار أعلى مما كانت عليه قبل الضربة. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن إغلاق مضيق هرمز يبقى احتمالاً مرعبًا للأسواق، حتى ولو لم يتحقق. فبحسب ما أشار إليه الخوري، يكفي التلويح بهكذا قرار مصيريّ لتأخذ الأسواق في الحسبان نقصًا محتملاً في ملايين البراميل يومياً. ورغم وجود بدائل عبر البحر الأحمر أو أنابيب مثل خط شرق– غرب في السعودية أو خط العراق– تركيا، إلا أن كفاءتها تبقى محدودة ولا يمكنها تعويض كامل الكمية، ما يجعل السوق تتفاعل بعنف مع أي خطر يُهدد هذا الممر. ماذا عن لبنان؟ أما لبنان كدولة مستوردة بالكامل للمحروقات، فيقف في موقع هش للغاية أمام هذه التطورات. فاعتماده الكلي على الاستيراد من دون أي بنية تحتية لإنتاج أو تكرير محلي، يجعله عرضة لأي ارتفاع في الأسعار العالمية، في ظل غياب احتياطات استراتيجية أو سياسات دعم فعّالة، وفق ما أكده الخوري. ومن دون مرفأ لاستقبال الغاز المسال LNG أو أنابيب عاملة مثل تلك التي تربط مصر بالأردن، فإن أي تعطل في الإمدادات أو ارتفاع في الأسعار سينعكس مباشرة على المواطن عبر انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار النقل والسلع. وعن إلغاء الضريبة المستخدمة على البنزين والمازوت التي فرضتها الحكومة، فشدد الخوري على أنه احتمال لا يبدو وارداً الان، وبالتالي فإن لبنان اليوم أمام معضلة حقيقية: إما أن ترفع الحكومة الأسعار مجددًا، ما يفاقم الاحتقان الشعبي والتعطل الاقتصادي، أو أن تحاول إيجاد مصادر تمويل لدعم إضافي، وهي معضلة تزيد تعقيداً في ظل العجز المالي وانعدام الثقة. وفي المحصّلة، أي أزمة عالمية لا بد من أن تنعكس سلباً في الواقع اللبناني. ومن دون إصلاح هيكلي واستراتيجية طاقة مدروسة، ستبقى البلاد رهينة أي موجة تقلب عالمي، تدفع ثمنها مضاعفًا في كل مرة.