
التصعيد العسكري يضع العالم بمواجهة 3 مسارات… ولبنان أمام معضلة حقيقية
اهتزّت ملامح العالم السياسية والاقتصادية على وقع طبول الهجمات الإسرائيلية على إيران، وما أعقبها من ردود. مخاوف بشأن انقطاع إمدادات الطاقة، إرتفاع كبير في أسعار النفط العالمية، وبلبلة هائلة في الأسواق التي لم تستطع أن تلتقط أنفاسها مع ترقّب كل ضربة جديدة. فأين لبنان من كل هذا الذعر؟
في ليل 12-13 حزيران 2025، سجّلت إسرائيل ضربتها الأولى في المرمى الإيراني وألحقت دماراً كبيراً على الصعيدين المادي والبشري، وتحديداً على صعيد الكوادر السياسية، العسكرية والعلمية.
وفي أعقاب الضربة الإسرائيلية على إيران، ارتفعت وبشكل لافت أسعار النفط حيث سجّل السوق واحدة من أكثر القفزات الحادة منذ سنوات. فخلال تداولات 13 حزيران، بلغ خام برنت ذروته عند نحو 78.5 دولارًا للبرميل، مرتفعًا بأكثر من 13% عن مستوياته قبل التصعيد، قبل أن يستقر عند الإغلاق على زيادة قدرها 7%، أي حوالى 74.2 دولارًا.
أما خام غرب تكساس الوسيط (WTI)، فقد صعد إلى ما يقارب 77.6 دولارًا في أثناء التداول، ثم أغلق عند 72.9 دولارًا، مسجّلًا ارتفاعًا يوميًا بنسبة 7.6%، ومكاسب أسبوعية تتجاوز 12%.
مخاوف واسعة
وفي قراءة واضحة لهذه الأرقام، أكّد الخبير الإقتصادي البروفسور بيار الخوري أنها تعكس بوضوح حجم الذعر الذي أصاب الأسواق بمجرد تحوّل التوتر السياسي إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
وقال الخوري في حديث لـ'لبنان 24″ إن التحركات لم تكن ناتجة عن انقطاع فعلي في الإمدادات، بل عن مخاوف واسعة من إمكانية تدهور الوضع في الخليج وتأثر طرق الشحن البحري، خاصة في مضيق هرمز، الذي تمرّ عبره نسبة وازنة من صادرات النفط العالمية.
وأضاف أن السوق بطبيعته يتفاعل مع التوقعات أكثر من الواقع، ولهذا جاءت القفزة حادة، مدفوعة بزيادة الطلب على عقود الشراء الآجلة من قبل المضاربين والمستثمرين الباحثين عن التحوّط.
المحرّك الرئيسي لهذا الارتفاع لا يقتصر فقط على المخاوف المباشرة من انقطاع الإمدادات، بل يتجاوزها إلى عوامل جيوسياسية مقلقة، وفق الخوري.
فالمنطقة التي اندلع فيها النزاع تُعد شريانًا حيويًا لتدفقات النفط العالمية، خصوصًا مع وجود مضيق هرمز الذي يمر عبره أكثر من 20% من الإمدادات العالمية. الأسواق لم تنتظر تأكيدات، بل بدأت بالتفاعل الفوري مع السيناريو الأسوأ، ما فتح الباب أمام موجات من المضاربات رفعت العقود الآجلة بشكل متسارع.
واللافت هنا هو أن هذا السلوك يتكرر تاريخيًا في أوقات الأزمات، حيث يصبح السوق شديد الحساسية لأي خبر، ويتحول إلى ساحة لردود فعل نفسية تتغذى على الخوف والتكهنات.
ولأن المستثمرين يبحثون عن أمان في الذهب والدولار، رأينا الذهب يرتفع بنسبة قاربت 2%، فيما سجلت الأسواق المالية تراجعات حادة في قطاعات السفر والطيران، مقابل مكاسب كبيرة لشركات الطاقة والتصنيع العسكري.
3 مسارات ممكنة
واعتبر الخوري أنه في حال استمر التصعيد، فسيكون العالم أمام 3 مسارات ممكنة: الأول، صراع محدود لا يتجاوز ضربات وردود، وفيه تبقى الأسعار مرتفعة ولكن ضمن حدود 80 دولارًا للبرميل.
الثاني، تصعيد مفتوح يشمل تهديد الملاحة في مضيق هرمز، وفي هذه الحالة يمكن أن تتجاوز الأسعار 100 دولار بسهولة، مع اضطراب حاد في سلاسل الإمداد العالمية.
أما الثالث، فهو التهدئة السريعة بعد وساطة دولية، ما قد يؤدي إلى تراجع تدريجي بنحو 70–72 دولارًا، لكن مع بقاء الأسعار أعلى مما كانت عليه قبل الضربة.
وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن إغلاق مضيق هرمز يبقى احتمالاً مرعبًا للأسواق، حتى ولو لم يتحقق.
فبحسب ما أشار إليه الخوري، يكفي التلويح بهكذا قرار مصيريّ لتأخذ الأسواق في الحسبان نقصًا محتملاً في ملايين البراميل يومياً. ورغم وجود بدائل عبر البحر الأحمر أو أنابيب مثل خط شرق– غرب في السعودية أو خط العراق– تركيا، إلا أن كفاءتها تبقى محدودة ولا يمكنها تعويض كامل الكمية، ما يجعل السوق تتفاعل بعنف مع أي خطر يُهدد هذا الممر.
ماذا عن لبنان؟
أما لبنان كدولة مستوردة بالكامل للمحروقات، فيقف في موقع هش للغاية أمام هذه التطورات.
فاعتماده الكلي على الاستيراد من دون أي بنية تحتية لإنتاج أو تكرير محلي، يجعله عرضة لأي ارتفاع في الأسعار العالمية، في ظل غياب احتياطات استراتيجية أو سياسات دعم فعّالة، وفق ما أكده الخوري.
ومن دون مرفأ لاستقبال الغاز المسال LNG أو أنابيب عاملة مثل تلك التي تربط مصر بالأردن، فإن أي تعطل في الإمدادات أو ارتفاع في الأسعار سينعكس مباشرة على المواطن عبر انقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار النقل والسلع.
وعن إلغاء الضريبة المستخدمة على البنزين والمازوت التي فرضتها الحكومة، فشدد الخوري على أنه احتمال لا يبدو وارداً الان، وبالتالي فإن لبنان اليوم أمام معضلة حقيقية: إما أن ترفع الحكومة الأسعار مجددًا، ما يفاقم الاحتقان الشعبي والتعطل الاقتصادي، أو أن تحاول إيجاد مصادر تمويل لدعم إضافي، وهي معضلة تزيد تعقيداً في ظل العجز المالي وانعدام الثقة.
وفي المحصّلة، أي أزمة عالمية لا بد من أن تنعكس سلباً في الواقع اللبناني. ومن دون إصلاح هيكلي واستراتيجية طاقة مدروسة، ستبقى البلاد رهينة أي موجة تقلب عالمي، تدفع ثمنها مضاعفًا في كل مرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 35 دقائق
- ليبانون 24
مشاريع مشتركة بين وزارة المالية والبنك الدولي لتعزيز الاستقرار المالي
بحث ياسين جابر مع نائب المدير الإقليمي للبنك الدولي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عثمان ديون في مكتبه بالوزارة، قوانين الإصلاحات المالية والإجراءات التي تعمل عليها الوزارة بهدف تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وذلك بحضور المدير الإقليمي للبنك جان كريستوف كاريه. وتناول اللقاء مناقشة القوانين الإصلاحية والإجراءات الهادفة إلى زيادة واردات الدولة، إضافة إلى مشروع تحديث الأنظمة الرقمية في مختلف مديريات وزارة المالية ، وكيفية استخدام قرض الـ150 مليون دولار المخصص لتحديث أنظمة المكننة وتعزيز الربط الإلكتروني في الإدارات الحكومية. كما جرت متابعة المشاريع المشتركة بين وزارة المالية والبنك الدولي. وأكد الوزير جابر على أهمية تحصين لبنان من أي تداعيات قد تترتب عن التطورات الأمنية المتسارعة في المنطقة والتصعيد العسكري الحاصل، مشدداً على ضرورة تكثيف الجهود الداخلية والدولية لتجنيب لبنان أي انعكاسات سلبية قد تؤثر على الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً مع اقتراب موسم الاصطياف الذي بدأ بإشارات إيجابية منذ مطلع العام.


المنار
منذ 41 دقائق
- المنار
هدوء نسبي في الأجواء الإيرانية يقابله نشاط أمني مكثف واكتشاف شبكات تجسس تابعة للموساد
عربي وإقليمي هدوء نسبي في الأجواء الإيرانية يقابله نشاط أمني مكثف واكتشاف شبكات تجسس تابعة للموساد سجّلت إيران خلال الساعات الماضية هدوءًا نسبيًا في الأجواء، لا سيما خلال ساعات النهار، وهي حالة بدأت منذ مساء الأمس، حيث لم تُسجّل أي استهدافات مباشرة تُذكر، باستثناء تصدّي الدفاعات الجوية في مدينة تبريز (شرق البلاد) لبعض الأهداف الجوية المعادية. وفي مقابل هذا الهدوء العسكري، برز تطور نوعي على الصعيد الأمني، تمثّل بتكثيف العمل الاستخباراتي وتفعيله ميدانيًا، مستندًا إلى التعميمات التي أصدرتها الأجهزة الأمنية الإيرانية، والتي دعت المواطنين إلى التعاون المباشر مع الجهات المختصة لرصد أي تحركات مشبوهة أو سلوكيات غير اعتيادية. وقد أثمرت هذه التعبئة الشعبية في كشف عدة شبكات تجسسية تابعة لجهاز 'الموساد' الصهيوني. وأعلنت السلطات الإيرانية عن تفكيك خلية في مبنى قيد الإنشاء كانت تستعد لتنفيذ أعمال عنف وتخريب، وتم إلقاء القبض على عناصرها بسرعة. كما تم ضبط خلية أخرى في منطقة برخار بمدينة أصفهان، دون الكشف عن جنسيات أفرادها، حيث تمت مصادرة معداتهم وتحويلهم إلى الجهات القضائية. وفي تطور أمني نوعي آخر، أعلنت القوى الأمنية الإيرانية يوم أمس عن ضبط مصنع سري مؤلف من طابقين، مخصص لتصنيع الطائرات المسيّرة الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى كميات كبيرة من المواد المتفجرة التي كانت تُستخدم في تسليح هذه المسيّرات أو لتنفيذ عمليات تخريبية. وتمّت مصادرة كامل محتويات المصنع. وعلى الصعيد العسكري، ورغم الهدوء العام، سُجّل استهداف محدود طال الطريق الرابط بين مدينة 'قُم المقدسة' والعاصمة طهران. وقد تم قطع الطريق مؤقتًا، قبل أن يُعاد فتحه بعد إصلاح الأضرار التي تسببت بها إحدى المقذوفات أو المسيّرات، دون تحديد رسمي لطبيعة الاستهداف. سياسيًا، جرى اتصال بين وزير الخارجية الإيراني ونظيره الياباني، تناول العدوان الصهيوني المتواصل ضد الجمهورية الإسلامية. وقدّم الوزير الإيراني الشكر لليابان على موقفها المندّد بهذا العدوان، مؤكدًا حق بلاده في الرد بما يتناسب مع حجم الاعتداء، واستمرارها في السعي لتفادي الحرب، دون التفريط في حقها المشروع بالدفاع والردع. على الصعيد الشعبي، ما يزال الشارع الإيراني يعيش حالة من التماسك والتأييد الواسع للرد الإيراني. فقد شهدت المدن الإيرانية منذ اللحظة الأولى للعدوان مظاهرات شعبية حاشدة، تأييدًا للقوات المسلحة ورفضًا للعدوان الصهيوني، لا سيما بعد استهداف علماء ومواطنين مدنيين فجر يوم الجمعة. المواطنون الإيرانيون، بحسب استطلاعات ميدانية، عبّروا عن ثقتهم بالقيادة، وعن إيمانهم بقدرة الجمهورية الإسلامية على الدفاع عن سيادتها ومواجهة التهديدات. وبرز هذا الاحتضان الشعبي في الحضور اليومي العادي داخل المدن، وفي الاستمرار بالعمل والإنتاج رغم الظروف الطارئة، بما يعكس حالة من الطمأنينة والإيمان بثبات مؤسسات الدولة. إيران تعتمد حزمة إجراءات اقتصادية لضمان الاستقرار المعيشي في ظل التصعيد في خضم التوترات الأمنية والعسكرية التي تشهدها البلاد، لم تغب الأبعاد الاقتصادية عن أولويات الحكومة الإيرانية، حيث أعلنت السلطات الرسمية عن اتخاذ سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين وضمان استقرار السوق الداخلي. وأبرز هذه الخطوات، تخصيص دفعة مالية أولى بقيمة 11 مليار دولار عبر البنك المركزي، وُضعت لتأمين المواد الأساسية وتغطية الاحتياجات التموينية الملحّة خلال المرحلة الحالية. كما أصدرت وزارة الاقتصاد الإيرانية جملة من الإجراءات الرامية إلى تثبيت الأسعار ومراقبة الأسواق، في وقتٍ كثّفت فيه وزارة النفط جهودها لضمان توفر المحروقات في مختلف المحافظات. إلى ذلك، فعّلت جمعية الهلال الأحمر والجهات الإغاثية في البلاد آليات الدعم المباشر، من خلال توزيع المساعدات وتأمين المستلزمات الأساسية، بهدف التخفيف من تداعيات العدوان على الحياة اليومية للمواطنين، والحفاظ على التماسك الاجتماعي في وجه التحديات الراهنة. المصدر: موقع المنار


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
نائب التجمع يتساءل عن مناعة الاقتصاد المصري أمام التطورات والتغيرات الفجائية الإقليمية
قال النائب عاطف المغاوري، إن الهيئة البرلمانية لحزب التجمع سبق ورفضت برنامج الحكومة وبيانها الأول، وهو نفس الموقف الحزبي من الموازنة العامة المقدمة من الحكومة 25\2026، ولدينا الأسباب الوجيهة لذلك. جاء ذلك خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، أثناء مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2025/2026. وأكد المغاوري: أن هناك ظروف واضطرابات نسلّم بها ونؤكد على موقف التجمع وتأييده ودعمه لموقف القيادة السياسية بشأن القضايا الخارجية، وهو موقف لم ولن يتغير على مدار تاريخ الحزب. واستكمل نائب التجمع: مصر وقعت اتفاق مع صندوق النقد الدولي في 2016، وبالتالي نسأل حول المقدمات والنتائج لهذا الاتفاق؛ أولًا ما هو التأثير الإيجابي على التنمية البشرية والاقتصاد والموازنة العامة للدولة مع ما تم توقيعه مع الصندوق في 2016؟ وما هو تأثير الإصلاح الاقتصادي ومناعة الاقتصاد المصري أمام التطورات والتغيرات الفجائية التي تتعرض لها مصر بشكل غير مباشر والتي نعيش أبرزها الآن الاعتداء الصهيوني على دولة إيران بالإضافة إلى استمرار الإبادة ضد شعب فلسطين. وأكد المغاوري: نرى أن معدلات النمو في مصر مرفوعة النمو تتمثل في الواردات والاستثمار العقاري والخدمي فقط، أي أنه اقتصاد ريعي، فما هو نصيب الأجور وحقوق الملكية؟ متساءلًا: هل من الممكن التغلب على الخلل الهيكلي على الاقتصاد المصري. وحذر المغاوري من هروب الأموال الساخنة في البورصة المصرية والتي تقدر بـ40 مليار دولار والتي من الممكن خروجها في أي لحظة كما حدث من قبل. ورصد المغاوري أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري؛ المتمثلة في التمويل، والبطالة، مكافحة الفقر، القروض، خدمة الدين.