
شارل فؤاد المصري يكتب عن : الحساسية المصرية – السعودية في الفن والثقافة
شارل فؤاد المصري يكتب عن :
الحساسية المصرية – السعودية في الفن والثقافة
عضو الهيئة الوطنية للصحافة سابقًا
[email protected]
برزت في السنوات الأخيرة حالة من الحساسية الشديدة بين الشعب المصري والشعب السعودي، وكان الفضاء الأزرق أو السوشيال ميديا ملعبًا لها، أو بالأحرى ميدانًا للمعركة إن جاز التعبير.
هذه الحساسية الشديدة برزت أكثر ما برزت في المجال الفني منذ إنشاء هيئة الترفيه السعودية بقيادة المستشار في الديوان الملكي الوزير تركي آل شيخ، عبر تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، وتارةً عبر تصريحات فنانين وإعلاميين .
هذه الحساسية تطرح عدة تساؤلات عن أسبابها: هل هي غيرة فنية أم تنافس اقتصادي؟ ولماذا لا يُنظر لنجاح السعوديين كجزء من النجاح العربي المشترك؟ ومن الذي يحوّل هذا الأمر إلى فتنة افتراضية؟ ولماذا الفن تحديدًا رغم التكاتف المصري – السعودي على المستويين الاقتصادي والسياسي؟ وأخيرًا يجب ان نتذكر ما صدر عن الدولة المصرية من استنكار شديد اللهجة تجاه التصريحات الإسرائيلية، والتي اعتبرتها مساسًا مباشرًا بالسيادة السعودية، وخرقًا فاضحًا لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة أن 'أمن السعودية واحترام سيادتها هو خط أحمر لن تسمح مصر بالمساس به '.
في الجانب السياسي تجد نفس الذين يهاجمون في الفن لا يسمحون عندما يتعلق الأمر بمفردات الأمن القومي العربي.
دعني عزيزي القارئ نحلل تلك الظاهرة بهدوء شديد ودون انفعال من الطرفين من وجهة نظر ثقافية بحتة .
لطالما اعتُبرت مصر 'هوليود الشرق' وعاصمة الفن العربي، حيث سيطرت لأعوام على صناعة السينما، والموسيقى، والدراما التلفزيونية.
هذا الإرث الثقافي الفني لقوة مصر الناعمة خلَق لدى المصريين شعورًا بالريادة الثقافية وهذا حقهم، لكنه أيضًا جعلنا حساسين جدا تجاه أي تحوّلات قد تُهدد هذه المكانة وهذا ايضا مشروع .
في المقابل، تشهد السعودية، كجزء من رؤية 2030، بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نهضة فنية وثقافية قوية وغير مسبوقة، نظرًا لوجود دعم استثماري ضخم، مما أدى إلى ظهور مهرجانات سينمائية، وحفلات غنائية، جاذبة للفنانين العرب، بما فيهم المصريين .
النجاح السعودي الجديد في المجال الفني الذي لم يكن موجودًا بهذه الكيفية قبل ذلك وانتصار السعودية على الفكر المنغلق السائد لسنوات طويلة والذي أعاق مسيرتها، يُنظر إليه من قِبل بعض المصريين على أنه تحدٍ لمركزية مصر الثقافية، وهذا أمر غير صحيح بالمرة، خاصة مع انتقال بعض الفنانين المصريين للعمل في السعودية، أو مشاركتهم في مشاريع فنية سعودية.
هنا، يختلط الاقتصادي بالثقافي فالسوق السعودية سوق واعدة وكبيرة وأصبحت متنوعة، وقدرتها الاستثمارية الضخمة وقد تُعيد رسم خريطة الصناعة الفنية في المنطقة .
ولكن بدلًا من رؤية هذا التحوّل كفرصة لتعزيز التعاون، يسود خطابٌ يتهم السعودية بـ'استقطاب' الكفاءات المصرية، أو حتى 'التقليل' من قيمة الفن المصري عبر هجوم متكرر من الطرفين على منصات التواصل الاجتماعي تشعل نار الفتنة بين الشعوب وتؤجج الكراهية غير المطلوبة في هذا الوقت في ظل التحديات الوجودية العالمية .
بتركيزها على الإثارة والجدل، وتُضخّيم أي تصريح أو موقف ليشتعل ويصبح أزمة. وعلى سبيل المثال، تعليقات الفنان أحمد حلمي الساخرة على لهجة بعض السعوديين في مسلسل 'أحمد نوتردام' عام (2023) أثارت ردود فعل غاضبة، وُصفت بأنها 'استعلاء ثقافي'. رغم أن حلمي صرح لاحقًا بأن النقد كان نقدًا فنيًا بحتًا، إلا أن السياق تم انتزاعه من إطاره، وتحول إلى هجوم واسع بين الطرفين. هذا النوع والأسلوب يتكرر كلما جاءت عبارة أو صورة خارج سياقها، لتصبح ذريعة لصراع على الهوية رغم المشتركات القوية بين الشعوب العربية .
بعض النقاد والمحللين يرون أن 'الحساسية المصرية' تعكس نوعًا من أنواع الغيرة على الفن المصري، الذي تأثر نسبيًا في السنوات الأخيرة بسبب التحديات الاقتصادية، بينما تزداد المنافسة من دول خليجية، كالإمارات والسعودية، ما يخلق شعورًا بالتهديد .
والسؤال هنا لماذا لا يتم بناء جسور التعاون بدلًا من الصراع وتحويل الصراع إلى نجاحات مشتركة؟ فالثقافة العربية تاريخيًا قامت على التكامل لا التناحر ورفض الآخر.
السعودية تملك الإمكانات المادية، ومصر تملك الخبرات البشرية والفنية المتراكمة كأكبر وأهم قوة ناعمة في الوطن العربي. والمشاريع المشتركة، مثل مسلسل 'مملكة إبليس' (2023) الذي جمع فنانين وممثلين من الدولتين، يثبت أن التعاون جيد وذو فائدة عظيمة لكلا الطرفين.
كما أن دعم السعودية للمبدعين المصريين ليس 'استنزافًا' بل إثراءً للمشهد العربي، والتعاون بين الدولتين في مجال الفن والثقافة يدعم الترابط خاصة ان سبقه تعاون سياسي واقتصادي
الحساسية بين الشعوب لا يمكن إنكارها وأيضًا لا تُحلّ بالإنكار، بل بالحوار والاعتراف بالنجاح المتبادل.
النجاح السعودي في الفن ليس انتقاصًا من مصر ولا أحد يستطيع مثل هذا الأمر، فالتاريخ لا يمكن محوه، بل إضافة للثقافة العربية التي تتسع للجميع.
أما دور منصات التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، فيجب ألا تكون منصةً للفتن، بل حاضنةً للإبداع المشترك.
الغيرة قد تكون دافعًا للتميز، لكنها إن تحولت إلى عداء، سيخسر الجميع فرصة التكاتف والتعاضد في وجه المنافسة العالميية .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


24 القاهرة
منذ 5 أيام
- 24 القاهرة
لدعمه تل أبيب.. إسرائيل تمنح رئيس الأرجنتين جائزة قدرها مليون دولار
فاز رئيس الأرجنتين، خافيير ميلي، بجائزة جينيسيس البالغة قيمتها مليون دولار، والتي تم الإعلان عن منحه إياها في يناير الماضي، تقديرًا لدعمه لإسرائيل ، حسب صحيفة يديعوت أحرونوت. إسرائيل تهدي رئيس الأرجنتين جائزة قدرها مليون دولار وكان من المقرر أن يزور ميلي إسرائيل في مارس، لكنه أجّل الزيارة، ليعود الآن ويتسلم الجائزة خلال حفل يُقام في الكنيست الإسرائيلي في 11 يونيو، حيث سيلقي أيضًا كلمة أمام البرلمان الإسرائيلي. وأفاد منظمو الجائزة بأن ميلي سيخصص قيمة الجائزة لإطلاق مبادرة تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودول أمريكا اللاتينية، ومكافحة معاداة السامية في المنطقة. وقال المنظمون إن الجائزة مُنحت لميلي تقديرًا لتغييره المسار التاريخي الطويل للأرجنتين في التصويت ضد إسرائيل في الأمم المتحدة، وتصنيفه حركتي حماس وحزب الله كمنظمتين إرهابيتين، وإعادة فتح التحقيقات في تفجيرات استهدفت أهدافًا يهودية وإسرائيلية في الأرجنتين خلال تسعينيات القرن الماضي. وكان ميلي قد تعهّد أيضًا بنقل سفارة الأرجنتين إلى القدس، مقتديًا بعدد قليل من الدول، من بينها الولايات المتحدة، في الاعتراف بالمدينة المتنازع عليها كعاصمة لإسرائيل. ومن غير المتوقع تنفيذ هذه الخطوة خلال زيارته المرتقبة. ومن بين الفائزين السابقين بالجائزة: رجل الأعمال وعمدة نيويورك الأسبق مايكل بلومبرغ، والممثلان مايكل دوغلاس وباربرا سترايسند، وعازف الكمان يتسحاق بيرلمان، والنحّات السير أنيش كابور، والمخرج السينمائي ستيفن سبيلبرغ، ومالك فريق نيو إنغلاند باتريوتس روبرت كرافت، والمعارض السوفيتي السابق ناتان شارانسكي. هجوم إسرائيلي موسع بالضفة وسرقة شركات الصرافة والمحال التجارية مصادر لـ قناة الحدث: وفد إسرائيلي يصل القاهرة غدا لاستكمال مفاوضات غزة


مصراوي
منذ 5 أيام
- مصراوي
قيمتها مليون دولار.. إسرائيل تهدي الرئيس الأرجنتيني جائزة "جينيسيس"
كتبت- سلمى سمير: يتوجه رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في الحادي عشر من يونيو إلى إسرائيل لتسلم جائزة "جينيسيس" التي تبلغ قيمتها مليون دولار، والتي نالها في يناير الماضي تقديرًا لدعمه المعلن لإسرائيل. وكانت الزيارة مقررة في مارس الماضي، لكنها أُجلت، ومن المقرر أن يتسلم ميلي الجائزة في حفل رسمي يُقام في الكنيست الإسرائيلي، حيث سيلقي خطابًا أمام البرلمان الإسرائيلي. وأوضح منظمو الجائزة أن ميلي يعتزم التبرع بمبلغ الجائزة لإطلاق مبادرة تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ودول أميركا اللاتينية، فضلاً عن مكافحة معاداة السامية في المنطقة. وقد أشاد المنظمون بدور ميلي في تغيير موقف الأرجنتين التقليدي المعادي لإسرائيل في الأمم المتحدة، وتصنيفه حركتي "حماس" و"حزب الله" كمنظمات إرهابية، بالإضافة إلى إعادة فتح التحقيقات في التفجيرات التي استهدفت أهدافًا يهودية وإسرائيلية في الأرجنتين خلال التسعينيات. كما تعهد ميلي بنقل سفارة الأرجنتين إلى مدينة القدس، مما يجعله ينضم إلى قائمة الدول التي اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، ومن بينها الولايات المتحدة. وتعد جائزة "جينيسيس" من أبرز الجوائز العالمية التي سبق أن نالها عدد من الشخصيات البارزة، من بينهم رجل الأعمال وعمدة نيويورك السابق مايكل بلومبرج، والممثلان مايكل دوجلاس وباربرا سترايسند، وعازف الكمان إسحاق بيرلمان، والنحات السير أنيش كابور، والمخرج ستيفن سبيلبرج، ومالك فريق نيو إنجلاند باتريوتس روبرت كرافت، والسجين السياسي السوفياتي السابق ناتان شارانسكي.


نافذة على العالم
منذ 5 أيام
- نافذة على العالم
ثقافة : أربعة إصدارات لـ علا الطوخي وأشرف صالح عن مجتمع الغجر
الثلاثاء 27 مايو 2025 04:31 صباحاً نافذة على العالم - المعروف أن شعب الغجر أو شعب الروما من أكبر الأقليات الإثنية في القارة الأوروبية، وأشدها تعرضا للاضطهاد والعزلة الاجتماعية، وفي ضوء ذلك حددت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى في عام 1992م، يوم 8 أبريل من كل عام ليكون اليوم العالمي للغجر، وذلك لتسليط الضوء على ثقافة الغجر وتاريخهم ولغتهم وتطلعاتهم، والتي لا يعرف كثير من الأوروبيين عنها، على الرغم من كون الغجر عاملا ديمغرافيا هاما، قد يساعد في تقليص التباعد بين المجتمعات المختلفة. ورغم أن الكتابات عن الغجر قليلة نوعًا ما مقارنة بالكتابات الأخرى إلا أن الدكتورة علا الطوخي المدرس بقسم الملابس الجاهزة وصناعة الموضة كلية الفنون التطبيقية جامعة طنطا، والدكتور أشرف صالح المؤرخ والأكاديمي مصري المتخصص في تاريخ وحضارة العصور الوسطى، قد تشاركا في إصدار مشروع انتاج أربعة إصدارات عن الغجر، كتابان من الإصدارات الثقافية وكتابان من الإصدارات الأكاديمية، وهما "مجتمع الغجر: رحلة بين فصور التهميش"، و"الغجر المهمشون: التاريخ والهوية"، و"الغجر في الدراسات العربية"، "سيرة نساء الغجر". مجتمع الغجر: رحلة بين فصور التهميش الغجر شعب جوّال، لم يعرف الاستقرار الحقيقي على امتداد تاريخه، يرسم هذا الكتاب صورة عن التاريخ والهُوِيَّةُ لهذا الشعب الفريد المثير منذ القدم، تتناول الصفحات الغجر المهمشون في المجتمعات العربية، وتراثهم الشعبي، ولأن المعلومات التي وصلت إلينا عن الغجر فيها من نسج الخيال أكثر مما فيها من صلب الحقيقة وصلابتها، نحاول في نهاية الكتاب إلقاء الضوء على الدراسات والكتابات العربية عن الغجر، لنكتشف أنها تقترب أحيانًا من الحقيقة، وتُجافيها وتتجنّى عليها مرات كثيرة. مجتمع الغجر رحلة بين فصور التهميش الغجر المهمشون: التاريخ والهوية الغجر تاريخهم حافل بالإثارة والغموض، وحاضرهم يثير العديد من الأسئلة، فهم قوم عرفوا بمواهبهم الموسيقية والغنائية وبقراءتهم للطالع إلى جانب الرقص والأعمال البهلوانية والتسول، لم يعرفوا الاستقرار، أثروا وتأثروا بالثقافات المحيطة بهم ولا تزال لهم سماتهم ومزاياهم التي تميزهم عن المجتمعات المحيطة بهم، تنتشر هذه الفئة العرقية في أرجاء المعمورة، محتفظة بأسرار نشأتهم وحياتهم قديمًا وحاضرًا، يمتنعون عن التحدث عن أنفسهم، رغم كل المحاولات التي تبذل لإقناعهم بأن المعلومات التي يدلون بها لن تضرهم في شيء، يتناول الكتاب نشأة الغجر والتعريف بهم وبحياتهم وبكل ما يمت إليهم بصلة حول العالم. الغجر المهمشون التاريخ والهوية الغجر في الدراسات العربية رحلة بين أصابع التاريخ وأظافره، وتطوافة ببلوجرافية راصدة حول طائفة صنعت لذاتها هوُية من "اللاهوية"، ورغم غرابة عوالمها وقسوة واقعها، إلا أنها استطاعت أن تبني لذاتها بنيانها الاجتماعي الخاص وتشد قوالبه على مدار السنين والقرون، يعطينا الكتاب صورة تفصيلية عن الدراسات التي تناولت هذا العالم السحري العجيب، ويرسم لنا لوحة معرفية تفيدنا بالكثير من تاريخنا الاجتماعي العربي، عبر حركة الغجر على هامش الجغرافيا والتاريخ. الغجر في الدراسات العربية سيرة نساء الغجر عالم الغجر غامض مليء بالعجائب والقوانين والعادات التي لا يعرفها إلا مَنْ يغامر بالاقتراب منهم والحوار معهم، ندخل المجتمع الغجري، رحلة في جو ساحر ينسجم مع الأساطير والواقع، بين الصورة الأنثوية الغجرية الظاهر والباطن، والحكايات الشعبية داخل الفضاء الغجري، نرسم صورة للمرأة الغجرية في تكوينها النفسي والأخلاقي والجسدي، الفتاة القوية المسؤولة المثابرة، التي تحملت مسئولية الانفاق على الأسرة، المرأة الفاتنة المتحررة، تحت ثيابها كنز أنثوي، فيها غموض ساحر وسحر غامض. الأم الحكيمة، صاحبة الرأي السديد، المتسمة برجاحة العقل، وتنطق بالحكم التي تختزل التجارب الحياتية. سيرة نساء الغجر