
عملية القسام "الاستثنائية" في خان يونس تسبب صدمة بإسرائيل
ومن جانبها قالت هيئة البث الإسرائيلية إنه "حدث غير مسبوق، بعد عامين من الحرب" مبينة أن ما بين 14 و20 مسلحا خرجوا من فتحة نفق وهاجموا موقعا للجيش واشتبكوا مع الجنود. وأضافت أن الجيش دفع بطائرات ودبابات لصد هذا "الهجوم المنظم" مشيرة إلى أن الجيش يعتقد أن المهاجمين أرادوا التسلل إلى الموقع وربما أسر جنود.
وفي الوقت نفسه، قال قائد سرية في لواء كفير بالجيش الإسرائيلي إن المواجهات في خان يونس دارت وجها لوجه وإن الجيش استعان بسلاح الجو.
وأضاف العسكري الإسرائيلي أن "أكثر من 11 مسلحا أطلقوا علينا النار وصواريخ مضادة للدروع".
لواء خان يونس
كما نقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن مصادر عسكرية قولها إن لواء خان يونس في كتائب القسام يشن حرب استنزاف بعدما تعلم عناصره خلال المواجهات "آليات عمل الجيش وتخطيطه وتوجيهه" لافتة إلى أن لدى القسام "قوات عالية الكفاءة في خان يونس تشكل تحديا للجيش الإسرائيلي".
وأضافت المصادر نفسها أن عناصر القسام ينصبون الكمائن بشكل يومي وبصورة تظهر تعمدهم استهداف قادة الوحدات، مشيرة إلى أن محاولات العثور على هؤلاء العناصر والإيقاع بهم "معقدة وصعبة".
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أنه في ظل الاستعداد للدخول إلى مدينة غزة حيث يكون التعقيد أكبر بعشرات المرات- يجب أن يفهم الجيش أنه لا يخرج في نزهة، بل يتجه ليقاتل ضد لواءين من المسلحين المدرَّبين والمسلحين من الرأس حتى أخمص القدمين.
وأكدت أن حركة حماس ستتحدى هذه القوات، وستحاول الالتفاف والأسر وإحراج الجيش بهجمات مشابهة لما حدث صباح اليوم.
واعتبرت معاريف أن ما جرى في خان يونس يعد "فشلا دراماتيكيا لجهاز الشاباك (الأمن الداخلي) وشعبة الاستخبارات العسكرية" مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي والمنظومة الأمنية سيجريان تحقيقات بشأن الإخفاق في توفير التغطية الاستخباراتية.
وكذلك، نقل موقع "والا" الإسرائيلي عن مسؤولين بقيادة المنطقة الجنوبية بالجيش قولهم إن حماس "درست سلوك القوات الإسرائيلية بموقع الهجوم في خان يونس".
هجوم مشابه في بيت حانون
وتحدث المسؤولون بالقيادة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي عن هجوم آخر قبل يومين لم يُعلن عنه سابقا، موضحين أن 8 مسلحين حاولوا أسر جنود في بيت حانون شمالي قطاع غزة.
وقالوا إن "جرأة مقاتلي حماس في مهاجمتنا ومحاولة أسر الجنود زادت بشكل واضح" وفقا لما نقله موقع "والا".
ويأتي هذا رغم إعلان الجيش الإسرائيلي بدء المراحل الأولى من الهجوم على مدينة غزة، بعمليات مركزة على حي الزيتون ، وعلى جباليا (شمالي قطاع غزة) في إطار خطة عسكرية جديدة بعد نحو عامين من حرب الإبادة.
توقيت حرج
وقال المختص بالشؤون الأمنية والعسكرية أسامة خالد -للجزيرة نت- إن عملية خان يونس تأتي في ظل حالة استعصاء سياسي وتعثر تفاوضي وميداني لإسرائيل، وفي توقيت حساس مع قرار المصادقة على توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة.
ورأى خالد أن كتائب القسام وجّهت رسائل ميدانية واضحة بأنها لا تنتظر هجوم قوات الاحتلال فحسب، بل إنها متكيفة ومتأقلمة مع تطورات الميدان.
وقال إن الكتائب أظهرت قدرة على تشغيل وحدة عسكرية بحجم فصيل مشاة كامل لتنفيذ عمليات هجومية، مثل الإغارات السريعة على أهداف أرضية ومتحركة، واستهداف قوات نخبوية للاحتلال، وذلك ضمن جهد متكامل يجمع بين العمليات العسكرية المباشرة وحرب نفسية تستهدف التأثير على معنويات الجيش الإسرائيلي.
تفاصيل الإغارة
وقد أعلنت كتائب عز الدين القسام -في بيان عبر تليغرام- أنها تمكنت صباح اليوم من "الإغارة على موقع مستحدث للعدو جنوب شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع بقوة قسامية قوامها فصيل مشاة".
وقالت الكتائب إن "المجاهدين" اقتحموا الموقع واستهدفوا عددا من دبابات الحراسة من نوع "ميركافا 4" بعدد من عبوات الشواظ وعبوات العمل الفدائي وقذائف الياسين 105 ، كما استهدفوا عددا من المنازل التي يتحصن بداخلها جنود الاحتلال، وتثبيتها بـ6 قذائف مضادة للتحصينات والأفراد ونيران الأسلحة الرشاشة.
وأضافت أن عددا من "المجاهدين" اقتحموا المنازل وأجهزوا بداخلها على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، وتمكنوا أيضا من قنص قائد دبابة "ميركافا 4" وإصابته إصابة قاتلة.
وذكرت كتائب القسام في بيانها أن عناصرها قاموا بدك المواقع المحيطة بمكان هذه العملية بعدد من قذائف الهاون لقطع النجدات، ودك موقع العملية بعدد من قذائف الهاون لتأمين انسحابهم من المكان.
"استشهادي" يفجر نفسه
وقالت كتائب القسام إنه فور وصول قوة الإنقاذ الإسرائيلية قام أحد "الاستشهاديين" بتفجير نفسه في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح، مشيرة إلى أن الهجوم استمر لعدة ساعات، وأن "المجاهدين" رصدوا هبوط الطيران المروحي للإخلاء.
وفي المقابل، قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي مساء اليوم إنه ستجرى تحقيقات بشأن ما حدث في خان يونس، مبينا أن 15 مسلحا هاجموا القوات الإسرائيلية بالأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية.
وادعى المتحدث الإسرائيلي أن الجيش قتل 9 من المهاجمين، بينما أصيب جندي بجروح بالغة.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة أسفرت، حتى الآن، عن استشهاد أكثر من 62 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 156 ألفا، وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية. كما استشهد 269 فلسطينيا جراء التجويع ، بينهم 112 طفلا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
نائبة جمهورية: إسرائيل تسيطر على جميع أعضاء الكونغرس تقريبا
قالت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين إن لإسرائيل نفوذا وسيطرة هائلين على جميع أعضاء الكونغرس تقريبا. وأضافت غرين في تصريح صحفي أمس الأربعاء أن إسرائيل أرست آلية سيطرة على جميع أعضاء الكونغرس الأميركي تقريبا، مشيرة إلى وجود لوبي مؤيد لإسرائيل يعمل على إجبار هؤلاء الأعضاء على زيارة تل أبيب. وأكدت أنه لا توجد أي دولة في العالم لديها نفوذ في الولايات المتحدة الأميركية مثل إسرائيل. وتابعت "إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ وسيطرة هائلين على جميع زملائي تقريبا". يذكر أن غرين هي أول عضوة جمهورية في الكونغرس تصف أفعال إسرائيل في غزة بالإبادة الجماعية. وترتكب إسرائيل بدعم أميركي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 62 ألفا و122 شهيدا و156 ألفا و758 مصابا فلسطينيا -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح 269 شخصا، بينهم 112 طفلا.


الجزيرة
منذ 21 دقائق
- الجزيرة
مشهد القسامي الجريح وهو يقاتل قبل دعسه يثير إعجاب رواد منصات التواصل
حظيت مشاهد لمقاتل من كتائب عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو يتحدى دبابة إسرائيلية في خان يونس رغم إصابته، بتفاعل واسع وإشادة كبيرة لشجاعته عبر منصات التواصل الاجتماعي. وقد ظهر المقاتل متمسكا بقاذف "الياسين-105" محاولا استهداف دبابة "ميركافا"، قبل أن تدهسه بجنازيرها وهو لا يزال على قيد الحياة، في مشهد يعكس صمود وبسالة مقاتلي المقاومة الفلسطينية في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية. وأعلنت كتائب القسام -في بيان عبر تليغرام- أنها تمكنت أمس الأربعاء من "الإغارة على موقع مستحدث للعدو جنوب شرق مدينة خان يونس، بقوة قوامها فصيل مشاة". وأوضحت أن مقاتليها اقتحموا الموقع واشتبكوا مع جنود الاحتلال، مستهدفين عددا من دبابات "ميركافا 4" بعبوات "الشواظ" وقذائف "الياسين 105″، إلى جانب قصف منازل تحصن داخلها الجنود بـ6 قذائف مضادة للتحصينات ونيران رشاشة كثيفة. وأضافت أن عددا من "المجاهدين" اقتحموا المنازل وأجهزوا بداخلها على عدد من جنود الاحتلال من المسافة صفر بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية، وتمكنوا أيضا من قنص قائد دبابة "ميركافا 4" وإصابته إصابة قاتلة. وذكرت كتائب القسام في بيانها أن عناصرها قاموا بدك المواقع المحيطة بمكان هذه العملية بعدد من قذائف الهاون لقطع النجدات، ودك موقع العملية بعدد من قذائف الهاون لتأمين انسحابهم من المكان. وأكدت أنه فور وصول قوة الإنقاذ قام أحد الاستشهاديين بتفجير نفسه في الجنود وأوقعهم بين قتيل وجريح، مشيرة إلى أن الهجوم استمر عدة ساعات، وأن مجاهديها رصدوا هبوط الطيران المروحي للإجلاء. وعلى منصات التواصل، تركز التفاعل على مشهد المقاتل الجريح وهو يواجه الدبابة وجها لوجه حتى الشهادة، قبل أن تسحقه بجنازيرها بينما كان يتهيأ لإطلاق قذيفته. وكتب ناشطون أن مقاتلا وحيدا في الميدان واجه أعتى دبابات العالم بصمود نادر حتى النفس الأخير، في مشهد يجسد بطولة المقاومة الفلسطينية رغم إصابته البالغة. وأشاد آخرون ببسالة المقاتل وصموده حتى اللحظة الأخيرة، مؤكدين أنه قاتل حتى الرمق الأخير رغم أن مقاومي غزة نادرا ما يجدون ساحة معركة متكافئة مع الاحتلال، ولو لدقائق معدودة، في ظل شح الإمكانات والعتاد. وأضاف بعضهم أن "بعد عامين من الحرب و23 شهرا من المقتلة، ما زال هناك من يقاتل كما لو كان في اليوم الأول؛ بصدق اليوم الأول وبطولته وبأسه وإقدامه". بينما أكد مغردون أن كتائب القسام تمتلك تكتيكات عسكرية كبيرة كل فترة وفترة، فرغم تحليق الطائرات التجسسية للجيش الإسرائيلي في أجواء غزة على مدار 24 ساعة، فإنها تستطيع نصب كمائن وعمليات نوعية. ورأى مدونون أن المشهد يختزل جوهر المعركة في غزة: مقاتلون بصدور عارية وإمكانات محدودة يواجهون آلة حرب متطورة ومدعومة، بينما يكتفي العالم بالمشاهدة. وكتب أحد النشطاء: "الدبابة لم تدهس المقاوم فقط، بل دهستنا نحن شعوريا ولا شعوريا.. البطل أدى واجبه وأمانته وأكثر، أما نحن فلا أعلم حالنا". في حين أضاف آخر: "معنى أن تستشهد مقبلا غير مدبر يشهد لك القاصي والداني بهذه الشهادة العظيمة". كما أبرز مغردون صورة جسده النحيل بملابس بسيطة وحذاء عادي، يحمل قاذفا محلي الصنع في مواجهة دبابة تزن 70 طنا وتكلّف نحو 10 ملايين دولار، مؤكدين أنه لم يُسقط سلاحه حتى اللحظة الأخيرة. إعلان وأشار آخرون إلى أن مشهد الدعس يعكس التماس المباشر مع قوات الاحتلال ويفضح حجم الحقد والإجرام الإسرائيلي. وفي مقابل موجة الإشادة، حذر ناشطون من تزييف بعض تفاصيل المشهد، موضحين أن أحد شهداء العملية استُهدف أولا بقصف من طائرة مسيّرة أثناء انسحابه، قبل أن تدعسه الدبابة لاحقا.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
حملة إسرائيلية لتلميع "أبو شباب".. وأقمار صناعية تكشف مواقع مليشياته
في الوقت الذي يعيش فيه قطاع غزة تحت حصار خانق وأزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب الاحتلال الإسرائيلي ظهرت على منصات التواصل حملة دعائية غير عادية صوّرت شخصا كان مجهولا لمعظم الغزيين باعتباره "القائد المحلي المنقذ". ياسر أبو شباب -الذي قدّم نفسه قائدا لـ"القوات الشعبية" المناهضة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- تحول فجأة إلى بطل رقمي في رواية إسرائيلية متكاملة عُرض فيها بديلا "شرعيا" قادرا على فرض الأمن وتقديم الخدمات في مناطق سيطرته. بداية الحملة كانت مع مقطع فيديو نشره أبو شباب عبر صفحاته الشخصية التي تحمل اسم "ياسر أبو شباب- القوات الشعبية" على فيسبوك ادعى فيه أنه أسّس مدارس ذات مناهج خاصة ومستشفيات وأجهزة أمنية في رفح، بل تحدّث عن إجلاء مدنيين من دير البلح وخان يونس بـ"دعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب". لم يمر وقت طويل حتى وجدت هذه اللقطات طريقها إلى منصات التواصل لتتحول إلى حملة دعائية قادتها حسابات إسرائيلية وغربية حاولت رسم صورة جديدة له وكأنه "القائد المنقذ" الذي يوفر الأمن والخدمات ويعيد التعليم والسلام إلى غزة. وفي هذا السياق، تتبّع فريق "الجزيرة تحقق" الحملة الرقمية التي ضخمت صورة أبو شباب، وفي الوقت ذاته تحليل صور الأقمار الصناعية لرصد حقيقة مزاعمه، وتحديد مواقع انتشار مليشياته، وقياس المسافة الفعلية بينها وبين أقرب النقاط العسكرية الإسرائيلية من أجل التحقق من حدود الإنشاءات والنفوذ المعلن. بداية الحملة بين 11 و13 أغسطس/آب الجاري شهدت منصة إكس نشاطا غير عادي عبر حسابات مؤيدة لإسرائيل تنشر بشكل مكثف مقاطع وصورا لياسر أبو شباب، وتقدمه باللغة الإنجليزية تحديدا باعتباره "البديل الإيجابي" لحماس والقائد الذي يوفر الأمن والخدمات للمدنيين. الرسائل كانت متزامنة إلى حد لافت، بما يعكس تنسيقا منظما لإبراز صورة موحدة له كـ"قائد منقذ" في غزة. إعلان وانخرطت مؤسسات إسرائيلية في الحملة مباشرة، حيث نشر الحساب الرسمي "إسرائيل بالعربية" مقطعا بعنوان "سنبدأ من جديد ونعيد التعليم في قطاع غزة". وفي الفيديو جرى تقديم معلمين زعموا أنهم مناهضون لحماس وأسسوا "أول مدرسة للسلام والتسامح"، في حين أُرفقت تصريحات لمعلمة تُدعى نجاح اتهمت حماس باستغلال المناهج للتحريض على الكراهية. وبهذا الطرح، وُظّف التعليم كسردية لإظهار أبو شباب كقوة إصلاحية في مواجهة ما وصفوه بـ"تطرف" حماس. وإلى جانب إسرائيل دخلت على خط الترويج منظمات أميركية، أبرزها مركز اتصالات السلام (Peace Communications Center)، ومقره نيويورك، وله تاريخ في دعم فعاليات ضد حماس، منها مظاهرة في بيت لاهيا خلال مارس/آذار الماضي. والمركز -الذي يضم في مجلس إدارته السفير الأميركي السابق في إسرائيل دينيس روس- نشر الفيديو نفسه، واصفا التجربة بأنها "أول مدرسة في غزة للسلام والتسامح". وإلى جانب هذه الجهات انخرطت وجوه رقمية معروفة في الترويج للرواية ذاتها، ومن بينها جو تروزمان الباحث في مؤسسة "إف دي دي" الأميركية، والذي نشر مقطعا مترجما يُظهر أبو شباب برفقة نائبه غسان الدهيني وهما يستعرضان "خيمة طبية ومدرسة ومطبخا ميدانيا"، وقُدّم الفيديو على أنه نواة "أول إدارة فلسطينية خالية من حماس منذ 2007". كما برز حساب إيال يعقوبي -الذي تصفه وسائل إعلام إسرائيلية بأنه من الشخصيات المؤثرة على منصات التواصل- في الحملة الدعائية، إذ أعاد نشر تصريحات نسبها إلى أبو شباب وقدّمها باعتبارها "بيانه العلني الأول"، وقال فيها "هدفنا حماية الفلسطينيين من إرهاب حماس، والتوسع إلى مناطق أخرى تخضع لسيطرتها". خطاب موحد وما جعل الحملة أكثر وضوحا هو وحدة الخطاب والمفردات، حيث إن جميع الرسائل -سواء من حسابات رسمية إسرائيلية أو منظمات غربية أو محللين مؤثرين- كررت التعابير نفسها "إرهاب حماس"، "ممرات إنسانية آمنة"، "مشروع إنساني"، بل حتى "إدارة خالية من حماس". إعلان حتى إن بعض الحسابات الفردية مثل حساب باسم "Apuntes" ذهبت أبعد في كشف الهدف النهائي بقولها "ليتهم يشرحون لهم عن إسرائيل، لكن ازدراء المقاومة بداية جيدة". مواقع وجود مليشياته في 10 أغسطس/آب الجاري بث ياسر أبو شباب مقطع فيديو زعم فيه أنه دشن مدرسة ومستشفى وأجهزة أمنية في رفح. في المشهد الأول بدا واقفا أمام خيمتين صغيرتين -إحداهما زرقاء والأخرى بيضاء- شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ومن هناك قدّم نفسه باعتباره مؤسس "مشروع متكامل" لإدارة المنطقة، لكن المشهد البسيط كان يستدعي كثيرا من التساؤلات عن حقيقة ما جرى تصويره. وأظهر تدقيق صور الأقمار الصناعية أن الخيمة الزرقاء لم تكن موجودة قبل مطلع يوليو/تموز الماضي، إذ نُصبت بين الـ4 والـ11 منه، في حين أقيمت الخيمة البيضاء لاحقا بين الـ16 والـ25 من الشهر ذاته، مما يعني أن ما قدمه أبو شباب في مقطعه الأخير لم يكن سوى إنشاءات حديثة لا تتجاوز بضعة أسابيع على الأرض. وباستخدام أداة تحليل الظل (suncalc) تبين أن مشهد الفيديو صُوّر بين الـ11 صباحا ومنتصف النهار بالتوقيت المحلي في بقعة لا تبعد سوى 230 مترا عن الخيام القديمة التي سبق لـ"الجزيرة تحقق" رصدها شرق رفح. ولمعرفة حدود النفوذ الفعلي لمليشيا أبو شباب تتبّع فريقنا مقطعا آخر نشره في 29 يوليو/تموز الماضي لعملية تأمين عناصره دخول المساعدات إلى قطاع غزة أثناء مرورها من موقع سيطرته، وأظهر التحليل الجغرافي وجود تطابق بصري عند الإحداثيات المرصودة، وتقع في شارع صلاح الدين شرق مدينة رفح. وفي 31 يوليو/تموز الماضي عاد أبو شباب لينشر عبر صفحته الرسمية مقطعا جديدا ظهر فيه مرور عشرات شاحنات الدقيق، وبعد تحليل الفيديو تبين أنه صُوّر في الموقع ذاته الذي ظهر في المقطع السابق، مما يعكس أن نطاق حركة مليشياته لا يتجاوز محيطا ضيقا لا يزيد على كيلومتر واحد على امتداد شارع صلاح الدين شرق رفح. وأظهر تحليل صور الأقمار الصناعية أن نشاط مليشيا أبو شباب يتمركز أصلا داخل المنطقة المحظورة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. فخيامه لا تبعد سوى نحو 3.8 كيلومترات عن معبر رفح وأقل من كيلومترين عن أقرب نقطة تمركز عسكري إسرائيلي تقابل المعبر مباشرة، أي أن وجوده يتم تحت أنظار الجيش الإسرائيلي وفي نطاق عملياته المباشرة. ويكشف التحليل المكاني أن أبو شباب اختار موقعا في نقطة إستراتيجية، إذ وضع خيامه عند نقطة تتقاطع فيها الطرق المؤدية إلى معبر كرم أبو سالم من جهة وشارع صلاح الدين المؤدي إلى معبر رفح من جهة أخرى. هذا التموضع يمنحه سيطرة رمزية على المسارات التي تدخل عبرها المساعدات إلى القطاع، ويُظهره في صورة من يتحكم بالمشهد الإنساني. لكن التدقيق في صور الأقمار الصناعية يوضح أن هذه السيطرة لا تتجاوز إطارا شكليا، وأن مليشياته لم تنفذ أي أعمال إنشائية حقيقية تدعم المزاعم التي روجت لها الحملة الدعائية، فلا مدارس ولا مستشفيات ولا أجهزة أمنية، بل خيمتان نُصبتا حديثا على أطراف رفح حلمتا برواية عن "نظام متكامل" لا وجود له على الأرض.