logo
لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟

لماذا لم تتفاعل تونس مع التغيير السياسي في سوريا؟

الجزيرةمنذ 6 ساعات

رغم مرور أكثر من 6 أشهر على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، وتشكّل حكومة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع ، تواصل تونس صمتها الرسمي تجاه هذا التحول السياسي المفصلي، في وقت سارعت فيه معظم الدول العربية إلى إعلان مواقف واضحة، تفاوتت بين الترحيب الحذر والدعم وإعادة تطبيع العلاقات.
وباستثناء البيان الصادر عن الخارجية التونسية في اليوم الثاني لسقوط النظام، الذي أكدت فيه أهمية وحدة سوريا، وسلامة أراضيها واحترام إرادة شعبها، فإن تونس لم تبد حتى الآن أي تفاعل سياسي مباشر مع التغيير الجوهري الذي شهدته سوريا، فلا بيان رسمي، ولا تهنئة، ولا مؤشرات على نية إعادة العلاقات الدبلوماسية.
في ضوء ذلك يطرح هذا التقرير تساؤلا محوريا: لماذا لا تتفاعل تونس مع التغيير السياسي الجديد في سوريا؟ وهل يعكس هذا الغياب نهجا دبلوماسيا محسوبا يرتكز على التريث وعدم التسرع؟ أم أنه انعكاس لحالة انشغال داخلي ترك الملف السوري خارج أولويات السياسة الخارجية؟
تونس ونظام الأسد قبل السقوط
بينما يأتي الصمت التونسي تجاه التغيير السياسي في سوريا وليد الحياد أو التريث الدبلوماسي بحسب أنصار الحكومة، يعكس وفق مراقبين وناقدين للسياسة الخارجية التونسية، امتدادا لتحالف سياسي سابق بين نظام الرئيس قيس سعيد والنظام السوري المخلوع، إذ شهدت العلاقات بين الطرفين تقاربا لافتا في السنوات الأخيرة، بلغ ذروته بلقاء مباشر جمع سعيّد ببشار الأسد على هامش القمة العربية في جدة عام 2023.
وكانت تونس من أوائل الدول التي أغلقت سفارتها في دمشق مطلع سنة 2012، إلا أن الوضع تغير مع انفراد سعيد بالحكم في صيف 2021، إذ سارعت تونس إلى مد يدها للنظام السوري السابق في مسعى لفك عزلته، وفي سنة 2022، التقى سعيد بوزير خارجية الأسد فيصل المقداد، على هامش زيارتهما إلى الجزائر بمناسبة الذكرى الـ60 للاستقلال، وطلب منه نقل تحياته إلى بشار الأسد.
وبعد عام من هذا اللقاء، قرر قيس سعيد رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي في سوريا وإعادة فتح السفارة التونسية في دمشق، مجددا تأكيد وقوف بلاده إلى جانب دمشق في وجه من يصفهم بـ"قوى الظلام والساعين إلى تقسيم هذا البلد العربي".
واستمر الموقف التونسي الداعم لنظام الأسد المخلوع إلى أيام معركة " ردع العدوان"، إذ تبنى الرئيس سعيد رواية النظام، وعبّر عن إدانته الشديدة لما اعتبرها "الهجمات الإرهابية التي استهدفت شمال سوريا"، معلنا تضامنه مع النظام السوري، داعيا المجموعة الدولية إلى "مساندة هذا البلد الشقيق، حتى يحافظ على سيادته وأمن شعبه واستقراره ووحدة أراضيه".
ولم يمر يوم واحد على سقوط الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، حتى عدلت تونس بوصلة موقفها الرسمي 180 درجة عبر بيان أصدرته خارجيتها، معربة عن "احترامها أن يختار الشعب السوري مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي".
الخوف من التجربة السورية
رغم أن الرئيس التونسي، قيس سعيد، وصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع، في واحدة من أبرز تجارب الربيع العربي الديمقراطية، فإن استفراده بالحكم لاحقا وسط انتقادات واسعة له بتجاوز صلاحياته وقمع الحياة السياسية، بالإضافة غلى مواقفه اللاحقة، كشفت عن موقف متوجّس من نجاح ثورات الربيع العربي، حيث هاجم ما سماه "الفوضى" و"المؤامرات الخارجية".
من هذا المنطلق، يرى مراقبون أنه ليس مستغربا أن يقف سعيد موقف المتفرّج تجاه تجربة التغيير السياسي في سوريا، لا سيما أنها جاءت خارج الأطر التي تروق له، وعبّرت عن مناخ تحرري لا يتوافق مع نهجه.
ويرى الباحث التونسي الطيب غيلوفي أن سعيّد وقف "ضد الربيع العربي منذ البداية"، رغم أنه أحد نتاجاته، وقد أغلق قوس الانتقال الديمقراطي الذي أوصله إلى الحكم.
ويشير غيلوفي في حديثه للجزيرة نت إلى أن سعيّد والأسد يتشابهان في رفضهما لمطالب الثورات، وإن اختلفت الوسائل، مضيفا "الأسد واجهها بالقمع الدموي، وسعيّد بتجميد المؤسسات والانقلاب على دستور الثورة".
ولفت غيلوفي إلى أن هناك بعدا آخر يفسر التحفظ التونسي من السلطة الجديدة في سوريا، يرتبط بموقف سعيد من "الإسلام السياسي"، الذي يعارضه كمنافس على الحكم لا كتوجه فكري أوديني، لذلك لم يلجأ إلى استئصال الإسلاميين بل واجههم كخصوم سياسيين.
وفي تقرير نشرته فايننشال تايمز في ديسمبر/كانون الثاني 2024، أكدت الصحيفة أن دولا عربية من بينها تونس حذرت من المخاطر المحتملة بعد سقوط الأسد، مستشهدة بتجارب فاشلة في مصر وليبيا، وأشارت الصحيفة إلى أن تونس ترى في نجاح أي نموذج ديمقراطي تحديا قد يسهم في تقويض الاستقرار الداخلي.
ضبابية في السياسة الخارجية التونسية
اتسمت السياسة الخارجية التونسية منذ صعود الرئيس قيس سعيد للحكم عام 2019 بحالة من الغموض، وميلا نحو الانكفاء تجاه القضايا العربية والإقليمية الكبرى، كالموقف من الأزمة الليبية مثلا، والموقف من الصراع الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتبر الموقف الرسمي تجاه التغيرات العميقة السريعة التي عصفت بنظام الأسد الذي كان النظام التونسي الحالي يقف في صفه أحد عناصر الارتكاز التي يؤسس عليها بعض المراقبين نظرتهم النقدية تجاه سياسة تونس الخارجية المرتبكة، في حين يرى مناصرو الحكومة التونسية أن هذا الموقف يعكس تريثا مدروسا واتباعا لعرف دبلوماسي تونسي بعدم التدخل في شؤون الدول.
في هذا السياق، يقول المحلل التونسي صلاح الدين الجورشي للجزيرة نت إن السياسة الخارجية التونسية وجدت نفسها "في التسلل" عند سقوط نظام الأسد بتلك السرعة، موضحا أنها لم تكن تملك لا بعدا استشرافيا ولا معلومات كافية حول إمكانية حدوث هذا التغيير العميق في سوريا.
وبالنسبة للباحث الجورشي، فقد عكس البيان الرسمي تجاه سقوط الأسد على يد هيئة تحرير الشام"موقفا باهتا وباردا لأن السلطة السياسية التونسية كانت تحت وقع الصدمة ومتفاجئة من وقوع السلطة في دمشق بيد مجموعات كان يعتبرها الموقف الرسمي "إرهابية ومارقة عن القانون".
بدوره، يُفسّر الصحفي التونسي رياض ساكمة هذا الموقف بأنه نابع من حرص تونس على ثوابت سياستها الخارجية، التي تأسست منذ الاستقلال على عدم التدخل وتجنّب التسرع والحفاظ على لغة دبلوماسية متوازنة.
وينوه سكمة في حديثه للجزيرة نت أن تغيّرا مفاجئا مثل الذي حدث في سوريا يدفع تونس إلى التريث، تفاديا لأي موقف قد يضر بمصالحها أو علاقاتها المستقبلية، خاصة في ظل استمرار الصراع وغموض المشهد على حد قوله.
وكانت الخارجية التونسية أكدت في بيانها الصادر في التاسع من ديسمبر/كانون الأول على ضرورة التفريق بين الدولة من جهة والنظام السياسي القائم داخلها من جهة أخرى، فالنظام السياسي هو شأن سوري خالص يختاره الشعب السوري صاحب السيادة، فهو وحده الذي له الحقّ في تقرير مصيره بنفسه بمنأى عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي.
هاجس الجهاديين التونسيين
ويمثّل ملف المقاتلين التونسيين الذين التحقوا ببعض المجموعات المسلحة في سوريا أحد أكثر الملفات حساسية بين دمشق وتونس.
فقد شكّل التونسيون النسبة الأعلى من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات أخرى، وهو ما جعل -بحسب مراقبين- أي حديث عن تقارب تونسي مع الإدارة السورية الجديدة محاطا بأسئلة صعبة تتعلق بالمحاسبة والتسليم والموقف من العائدين.
ومع انهيار نظام الأسد، وتحرر بعض المعتقلين من السجون، برزت مخاوف في تونس من عودة هؤلاء "المقاتلين" إلى البلاد دون رقابة أو محاسبة، بحسب ما أشار إليه الصحفي التونسي رياض ساكمة، الذي يرى أن هذا التطور يزيد من تعقيد المشهد الأمني، رغم تأكيده على جاهزية الجيش والأمن التونسي للتعامل مع أي تهديد محتمل، سواء أكان فرديا أو جماعيا.
في المقابل، يقلل الباحث التونسي الطيب غيلوفي من حجم هذا التهديد، ويرى أن الملف لا يشكل عائقا جوهريا أمام إعادة تطبيع العلاقات. ويشير إلى أن معظم المقاتلين التونسيين كانوا ضمن تنظيم الدولة، ويقبعون حاليا في سجون قوات سوريا الديمقراطية"قسد"، بينما لا يشكّل من قاتل مع هيئة تحرير الشام عددا ذا شأن.
ويضيف أن قبول الولايات المتحدة بدمج فصائل المعارضة في ترتيبات أمنية مع الحكومة السورية الجديدة يُسقط أي حجة تونسية لتأجيل الانفتاح.
ويرى مراقبون أن السلطات التونسية التي تواجه تحديا داخليا بشأن هذا الملف تخشى أن يؤدي تقارب سريع مع السلطة الجديدة في دمشق إلى مطالب مباشرة بالتعاون الأمني، أو حتى تسليم المطلوبين.
كما أن دمشق الجديدة، التي تسعى لإعادة بناء شرعيتها، قد تستخدم هذا الملف للضغط السياسي أو للمطالبة بمواقف واضحة من الدول التي جاء منها المقاتلون.
وتشير مجموعة سوفان -وهي منظمة بحثية مقرها في نيويورك تقدم خدمات أمن إستراتيجية للحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات- إلى أن تونس تأتي في المرتبة الأولى بعدد المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق، إذ بلغ عددهم 6500 مقاتل، أغلبهم انضم إلى صفوف تنظيم الدولة.
يشار إلى أن السلطات التونسية قد أقرت مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، إجراءات جديدة تقضي بتحويل الرحلات القادمة من تركيا إلى محطة منفصلة عن مطار قرطاج الرئيسي، في خطوة يرى مراقبون أنها ذات صبغة أمنية بالأساس، وتهدف إلى قطع الطريق أمام إمكانية عودة عناصر كانت تقاتل في سوريا، خصوصا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن وطهران على حافة المواجهة.. تصعيد متبادل أم تسوية مؤجلة؟
واشنطن وطهران على حافة المواجهة.. تصعيد متبادل أم تسوية مؤجلة؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

واشنطن وطهران على حافة المواجهة.. تصعيد متبادل أم تسوية مؤجلة؟

طهران- على وقع الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ فجر الجمعة على إيران ، وما يقابلها من قصف صاروخي إيراني، تتصاعد حدة التوتر في المنطقة وتتزايد التكهنات بشأن احتمالات انزلاق الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، مقابل جهود دبلوماسية تبذلها وساطات إقليمية ودولية لاحتواء الأزمة. وتتهم طهران رسميا واشنطن بالتورط في العدوان الإسرائيلي على أراضيها، مستندة إلى تصريحات سابقة لمسؤولين أميركيين أقروا فيها بوجود تنسيق مباشر مع إسرائيل في تنفيذ الهجمات الأخيرة. وخلال لقائه بسفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين في طهران أمس الأحد، كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده تمتلك وثائق تثبت تورط قواعد عسكرية أميركية في دعم الهجمات الإسرائيلية. وقال عراقجي إن "الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الكاملة عن المشاركة في هذا العدوان"، محذرا من "التمادي في استهداف السيادة الإيرانية". بين التهديد والوساطة في المقابل، واصل الرئيس الأميركي دونالد ترامب تصريحاته التصعيدية، مؤكدا مجددا أن بلاده "لن تتوانى عن الرد العسكري الساحق إذا ما استُهدفت مصالحها في المنطقة". وفي تصريحات لشبكة "إيه بي سي" الأميركية، أشار إلى احتمال تدخل بلاده لمساعدة إسرائيل في "القضاء على البرنامج النووي الإيراني". لكن ترامب، الذي سبق أن عبّر عن اعتقاده بضرورة خوض معارك قبل التوصل إلى اتفاق، عاد ليتحدث عن استعداد بلاده لقبول وساطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء النزاع بين طهران وتل أبيب. وقال إن هناك "اتصالات جارية لعقد مفاوضات تؤدي إلى تهدئة"، مرجّحا التوصل إلى اتفاق قريب بين الجانبين. رغم ذلك، أفاد مصدر مطلع على المباحثات أن طهران أبلغت الوسيطين القطري والعُماني بعدم استعدادها للدخول في مفاوضات حول وقف إطلاق النار في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي. وأوضح المصدر -لوكالة رويترز- أن "إيران تشترط استكمال ردها على الضربات الاستباقية الإسرائيلية قبل الخوض في أي حوار جدي". توزيع أدوار وفي السياق، يرى السفير الإيراني السابق لدى الأردن نصرت الله تاجيك أن مواقف ترامب العلنية تعكس انخراط بلاده المباشر في الهجوم، معتبرا أن "الهدف من هذا العدوان ليس البرنامج النووي فحسب، بل إسقاط النظام السياسي في إيران". وفي حديثه للجزيرة نت، أكد تاجيك أن الهجوم الإسرائيلي الأخير تم بضوء أخضر أميركي وأوروبي، ووفق مخطط معقد سبقته عمليات تضليل بمشاركة شخصيات غربية بارزة. واعتبر أن قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير، الذي اتهم طهران بعدم التعاون، كان بمثابة التمهيد القانوني للهجوم. وأضاف أن "ما سبق الهجوم من مؤشرات، مثل سحب الدبلوماسيين الأميركيين من المنطقة وتصريحات ترامب عن استعداد إسرائيل للهجوم، كلها تؤكد وجود تنسيق وثيق بين واشنطن وتل أبيب". كما اتهم الإدارة الأميركية بتوزيع الأدوار بين أوروبا وإسرائيل، مشيرا إلى أن الحديث عن الخلافات مع بنيامين نتنياهو كان جزءا من حملة تضليل إعلامية. من جهته، يرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية مجيد صفاتاج أن الولايات المتحدة باتت طرفا مباشرا في الصراع، من خلال تزويد تل أبيب بصواريخ متطورة مثل " هيل فاير" وذخائر موجهة بالليزر مناسبة لاستهداف الأفراد بدقة، سبق أن نقلتها أميركا سرا إلى تل أبيب قبيل هجومها على إيران، بالإضافة إلى تزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود ودعمها استخباريا ولوجستيا. وفي حديثه للجزيرة نت، أكد صفاتاج أن الدعم الأميركي لإسرائيل لا يقتصر على الجانب العسكري، بل يشمل أيضا غطاء دبلوماسيا لتبرير الهجوم أمام المجتمع الدولي، واصفا الحديث عن الوساطات بأنه "محاولة لتجميل صورة واشنطن أكثر من كونه مسعى حقيقيا نحو التهدئة". ورجح أن تتطور المواجهة إلى صراع مباشر بين واشنطن وطهران، مشيرا إلى أن انتقال الدور الأميركي من الدعم إلى الهجوم المباشر بات مسألة وقت، على غرار ما حدث مؤخرا في تصعيد الولايات المتحدة ضد اليمن. تحذيرات من الداخل وفي هذا السياق، لفت صفاتاج إلى أن طهران تمتلك خططا متعددة للتعامل مع أي تصعيد أميركي، محذرا من احتمالية لجوء "أجهزة الأمن الصهيو-أميركية" إلى تفعيل خلايا نائمة داخل إيران لتنفيذ عمليات ضد منشآت حيوية، بهدف زيادة الضغط على النظام الإيراني. ويخلص مراقبون إيرانيون إلى أن مسار الأحداث يسير باتجاه تصعيد إقليمي أوسع، مؤكدين أن تصريحات عراقجي، التي حذر فيها من أن "نار الحرب التي أضرمتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة"، تعكس ترددا بين الاستمرار في التهديدات أو الانتقال إلى مواجهة مفتوحة، مرجحين أن تحدد السياسة الأميركية في الأيام المقبلة وجهة المرحلة القادمة.

التمييز الإسرائيلي يترك سكان القدس بلا ملاجئ أو غرف محصنة
التمييز الإسرائيلي يترك سكان القدس بلا ملاجئ أو غرف محصنة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

التمييز الإسرائيلي يترك سكان القدس بلا ملاجئ أو غرف محصنة

"عندما سمعتُ صافرات الإنذار فجر يوم الجمعة، كان صوتها مرتفعا ومختلفا عن الصوت الذي اعتدنا سماعه من بداية الحرب، لا يوجد ملجأ في منزلنا.. أسرعت واختبأت أسفل طاولة الطعام.. أعلم أن هذه الطريقة التي كنا نحتمي فيها خلال حروب القرن الماضي وهي غير آمنة لكن لا توجد وسيلة أخرى في مدينة القدس". بهذه الكلمات عبّرت المقدسية (د.ع) عن اضطرابها لحظة بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر الجمعة الماضية، وخوفها على نفسها وأسرتها مع انطلاق صافرات الإنذار أولا، ومن الانفجارات المتتالية في القدس لاحقا والناجمة عن سقوط الصواريخ الإيرانية أو اعتراضها. لا تختلف حال هذه السيدة عن حال معظم المقدسيين، إذ تفتقر منازلهم إلى غرف "الملجأ" المحصنة التي تُعد الملاذ الوحيد عند سماع صافرات الإنذار في القدس. الملاجئ العامة آيلة للسقوط ليس هذا فحسب؛ بل أبدى كثير من المقدسيين امتعاضهم مع الإعلان عن فتح بعض المؤسسات والمدارس كملاجئ عامة في أحياء القدس المختلفة، خاصة أن بعض المدارس ببعض الأحياء هي ذاتها خطرة وآيلة للسقوط، ولا يمكن أن تكون ملجأ آمنًا للسكان. يقول المواطن (أ. ن) الذي يعيش ببلدة سلوان ، وهو أحد أولياء أمور الطلبة الذين يتلقون تعليمهم في مدرسة تتبع لبلدية الاحتلال، إن الأهالي نظموا عددا من الوقفات الاحتجاجية وعلّقوا الدوام الدراسي مرارا للمطالبة بترميم مدرسة أبنائهم "الآيلة للسقوط". "ذهلتُ عندما رأيت أن هذه المدرسة مدرجة ضمن الملاجئ العامة التي يجب على سكان الحي اللجوء إليها بمجرد تفعيل صافرات الإنذار، وأنا أعلم جيدا أنها تفتقر لمعايير الأمن والسلامة الضرورية.. الاحتلال لا يأبه بسلامة أيّ منّا، ونحن نفضل الموت بمنازلنا لا بملجأ عام كهذا". تتشعب أسباب انعدام وجود الغرفة المحصنة (الملجأ) في منازل المقدسيين، بدءا من اضطرار معظمهم لبناء منازلهم بشكل عشوائي ودون الحصول على التراخيص اللازمة من بلدية الاحتلال بسبب التكاليف الباهظة والمتطلبات التعجيزية، مرورا بالمواصفات والتكاليف العالية لتشييد هذه الغرفة، وليس انتهاءً بتشييد عدد كبير من المنازل قبل فرض البلدية لقانون يجبر المقدسيين على بناء هذه الغرفة. "الملاجئ لليهود فقط" أحد المهندسين المقدسيين -فضّل عدم ذكر اسمه- قال للجزيرة نت إن تشييد غرفة الملجأ المحصنة بات إلزاميا عقب الهجمات الصاروخية العراقية على إسرائيل أو ما يعرف بـ" حرب صدّام" عام 1991، ورغم ذلك لا تزال الكثير من منازل المقدسيين تفتقر إليها. وأوضح المهندس المعماري المقدسي أنه لا يمكن الحديث عن نسبة المنازل التي تتوفر فيها الملاجئ لأن هذه المعلومة غير متوفرة، لكن ما يمكن تأكيده أن كافة الوحدات الاستيطانية التي تُشيّد في غربي المدينة تضم هذه الغرفة. وعند سؤاله عن موضوع الملاجئ العامّة التي أُعلن عن فتحها أمام المقدسيين، أكدّ هذا المهندس أن هذه الخطوة تأتي في إطار الإعلام ليس إلّا، ولتقول إسرائيل للجميع إنها تهتم بالعرب وتفتح أمامهم الملاجئ العامة، وفي حقيقة الأمر أن الكثير من الملاجئ غير آمنة، وهي لا تتسع لعدد سكان أي حيّ من الأحياء. سياسات احتلالية تمييزية الحقوقي المقدسي ومدير مركز العمل المجتمعي التابع لجامعة القدس منير نسيبة قال في تعقيبه على قضية أمن المقدسيين وسلامتهم في ظل الحرب الإسرائيلية الإيرانية، إن السياسة الإسرائيلية التمييزية في مدينة القدس فيما يتعلق بالتخطيط الحضري أنتجت فوضى عشوائية، بحيث بُنيت الكثير من المنازل بدون معايير سلامة واضحة. "ذلك لأنه يندر أن تصدر بلدية الاحتلال تصاريح بناء للمقدسيين، مما أدى لبناء حارات كاملة دون مراعاة إجراءات السلامة وتشييد الملاجئ الضرورية، وهذا غيض من فيض السياسات العنصرية التي يتبعها الاحتلال ويفرضها على الفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص، وهي حالة لا يمكن العيش معها إلى الأبد، ويجب أن تتوقف فورا" أضاف الحقوقي نسيبة. يذكر أن نوعين من مساكن المقدسيين يهددهما الخطر أكثر من غيرهما، الأول تلك البنايات الشاهقة التي شُيّدت دون رقابة في الأحياء المقدسية الواقعة خلف جدار الفصل العنصري ، والتي تعمدت دوائر الاحتلال المختلفة غض الطرف عنها لدفع مزيد من المقدسيين للهجرة إليها. والثاني هو المنازل المتخلخلة والآيلة للسقوط بسبب منع الاحتلال ترميمها أو بسبب الحفريات التي نُفّذت ولا تزال تنفذ أسفلها، وخاصة في البلدة القديمة وبلدة سلوان الواقعة جنوبها، وفي هاتين البقعتين الجغرافيتين توجد مئات المنازل التي هبطت أرضياتها أو تشققت جدرانها بفعل الحفريات التي انطلقت قبل عقود ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا.

محطات في إنهاء العنصرية والعبودية وتمثال الحرية بأسبوع يونيو الثالث
محطات في إنهاء العنصرية والعبودية وتمثال الحرية بأسبوع يونيو الثالث

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

محطات في إنهاء العنصرية والعبودية وتمثال الحرية بأسبوع يونيو الثالث

في مثل هذا الأسبوع الثالث من يونيو/حزيران، شهد التاريخ محطات مفصلية في نضال الشعوب من أجل الحرية والكرامة الإنسانية إذ تقاطعت مسارات النضال ضد العنصرية والعبودية التي باتت علامات فارقة بتاريخ البشرية. اقرأ المزيد المصدر: الجزيرة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store