
مكتبة الحفظي البحث في الأدراج
مكتبة منزلية لا تُشبه أغلب المكتبات، ليست رسالتها رص المصنفات في صفوف، ولا استعراض الكتب في الرفوف، بل حياة تملأ الأعين بثمرات الأوراق، وتُشنف الآذان ببهاء القصيد، وإبداع الفكر الذي جال في الآفاق.
والزائر لها يشعر أنه في قاعة بحث، وورشة عمل لمشروعات ثقافية واعدة، تحف بها جهود متواصلة بطريقة علمية للتنقيب في الملفات المخطوطات، المنقولات ودراستها وإظهارها، إضافة إلى الفهرسة والتدوين، والرسائل المتبادلة مع العلماء والأئمة في مراحل تاريخية مهمة. وجميعها موروث جميل رافقه الصبر، والمغامرة، ورحلات في طلب العلم، فكان الأثر والتأثير الثقافي الذي لازال يتوهج حتى اليوم.
واحتوت المكتبة على أكثر من ألفي كتاب من أمهات الكتب في شتى صنوف المعرفة، إلى جانب قواميس اللغة، الموسوعات، والتراجم، والسير الذاتية، والمراجع، والوثائق، وبعض الأعداد الأولى من المجلات والدوريات.. ولأبي محمد طريقة رائدة في كيفية صيد الدرر من تلك الكنوز، وغالبًا ما تكون في المساء، يقتطع التخريج، والتدقيق، والتصويب، والمراجعة الجزء الأكبر من وقته.
واطلعت على مجموعة معرفية تراثية وتاريخي يرجع تأليفها إلى مئات السنين، ولا زالت بحالة جيدة، وهي مليئة بمعلومات متنوعة وثرية عن الرحلات الخواطر، المذكرات قصائدالشعرالمراسلات. ومن أجمل ما رأيت صور خُطب الجمعة للشيخ محمد بن أحمد الحفظي 1237هـ، إبان امامته في جامع بلدة رُجال، وكان نهجه في خُطبه أن يعتمد حرفًا من حروف الهجاء لكل خطبة، وبأسلوب أدبي في غاية الروعة. واطلعت على قصيدة أنشأها الشيخ علي بن الحسن الحفظي يعود تاريخها إلى 1259هـ، تناول رحلته إلى الحج بداية من ميقات يلملم، ثم أداء المناسك حتى عودته إلى بلدته، وكأني أمام فيلم سينمائي يُسلط الضوء على مشاهدات متعددة، ويصف الأماكن، طُرق الجمالة، ومواقف تعرض لها.
وتصفحت ملفًا توثيقيًا، جمعه صاحب المكتبة بإتقان وترتيب لأهم حدث ثقافي «ملتقى أبها الثقافي»، الذي كان يُقام في منطقة عسير قبل أكثر من ثلاثة عقود، وما كتبه عدد من كبار الإعلاميين والأدباء والمفكرين آنذاك في الصحف المحلية، ومنها صحيفة «الوطن» من مقالات، وآراء واستطلاعات عن المنطقة، وانعكاساته الإيجابية، على السياحة والثقافة.
ولفت نظري الحرص على تدوين المعلومات التفصيلية عن أسرة الحفظي التي قارب عددها 1500 شخص في مجموع شاملاً المتوفين والتصنيف الوظيفي للأحياء منهم. وقد صدر من المكتبة عدد من الكتب، منها «رحيق الأقلام في كتابة سير الأعلام- عبق الراحلين- ترجمة موسعة لبعض العلماء- رحلة عمر سيرة الشيخ الحسن بن علي لحفظي- سير زاهية لبعض سيدات آل الحفظي».
وأخذت أسأل نفسي سؤلاً لم يطرح من قبل وأنا أغادر المكتبة:
هل يمكن العثور بين هذا النتاج الفكري الضخم على وثائق رصدت الحياة الفطرية بأنواعها خلال القرون الماضية على مستوى منطقة عسير سراة وتهامة؟، وأكاد أجزم بوجودها لأسباب منطقية لا يتسع المقال لشرحها، ربما أن صاحب المكتبة، وهو من أهل الدار يجد الإجابة قريبًا، ويأتي بالمفاجأة، خاصة وقد بدأ رحلة البحث المتواصلة مستعينًا بالله ثم بهمة عالية، وطموح ليس له حدود، وهذا ما يُشير إلى أن القادم أجمل بحول الله.
وقفة:
جاءت مقدمة كتاب مجموع في تاريخ عسير، الطبعة الأولى، الذي صدر قبل عشر سنوات وحققه علي الحسن الحفظي، والدكتور علي آل قطب: «أن البيت الحفظي كانت مشاغله المعرفية كثيرة تدعو إلى الدهشة والتأمل، من خلال حضوره التاريخي بالعلم الشرعي، والفكرالديني». كما اشتغل كثيرًا بالأدب والشعر، وكان رجاله وأعلامه ورموزه يُؤدون مهمات وظيفية كبيرة تتعلق بالتعليم والقضاء، والإمامة، والإصلاح بين أفراد المجتمع، ونتج عن هذا كله تراث ضخم في حقول متعددة شملت التاريخ والأنساب، والتراجم، والعقيدة، والتفسير، والنحو، والفلك، فضلاً عن مئات المواعظ والخطب، والوثائق، والرسائل، والقصائد ذات الموضوعات المختلفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
مدير عام الجوازات يقلّد اللواء الزهراني رتبته الجديدة
قلّد مدير عام الجوازات اللواء الدكتور صالح بن سعد المربع، مساعد مدير عام الجوازات للتميز المؤسسي الدكتور عبدالكريم بن أحمد الطاحسي الزهراني رتبته الجديدة، بعد صدور الأمر السامي الكريم بترقيته إلى رتبة لواء، وهنأه اللواء المربع على هذه الثقة الملكية الغالية، متمنياً له مزيداً من التوفيق. من جهته رفع اللواء الدكتور عبدالكريم بن أحمد الطاحسي شكره للقيادة على هذه الثقة، داعياً الله أن يكون عند حسن الظن وأن تكون حافزاً إلى مزيد من العطاء في خدمة الدين ثم المليك والوطن. أخبار ذات صلة


الحدث
منذ 4 ساعات
- الحدث
جهود تعقيم مستمرة في المسجد الحرام لراحة وسلامة الطائفين
تتواصل الجهود المكثفة لتعقيم وتنظيف المسجد الحرام على مدار الساعة، لضمان بيئة آمنة وصحية لضيوف الرحمن. وقد وثقت قناة "الإخبارية" في تقرير مرئي، عمليات التعقيم والتطهير المستمرة في صحن الطواف ، حيث يقوم عمال النظافة بأداء مهامهم بدقة واحترافية، وسط حركة الطائفين الذين يؤدون مناسكهم بكل انسيابية وطمأنينة. خطة متكاملة لبيئة آمنة تسعى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إلى تطبيق أعلى معايير النظافة والتعقيم، باستخدام أحدث التقنيات والمواد الآمنة. هذه الجهود جزء من خطة متكاملة تهدف إلى راحة قاصدي بيت الله الحرام والحفاظ على سلامتهم.


المدينة
منذ 6 ساعات
- المدينة
الأمير فيصل بن مشعل يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم
افتتح صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز أمير منطقة القصيم، مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم، اليوم، بحضور صاحب السمو الأمير فهد بن سعد بن فيصل بن سعد نائب أمير المنطقة، ورئيس الجامعة الدكتور محمد بن فهد الشارخ، ووكلاء الجامعة. وقال سموه: "شرف عظيم لجامعة القصيم أن تحتضن مركزًا ثقافيًا وعلميًا متميزًا يحمل اسم المؤسس -رحمه الله- ويفتخر به كل مواطن بل وكل المسلمين لفضله على هذا الوطن وتوحيد القلوب قبل توحيد أراضيها، وإننا نستذكر جهوده العظيمة ورجاله الأوفياء في كل منجز ووحدة وطنية وأمن وأمان في كل ذرة من تراب هذا الوطن". وأكّد أمير القصيم عقب افتتاح المركز، أن هذه التسمية التي قد صدر الأمر الملكي الكريم بالموافقة عليها، تجسد ما تحظى به المنطقة من دعم واهتمام كبير من قيادتنا الرشيدة -حفظها الله-، وتعكس رمزية تاريخية واعتزازًا وطنيًا بالملك عبدالعزيز -رحمه الله-، مشيرًا إلى أن المركز سيكون -بإذن الله- منارة علمية وثقافية تُسهم في تعزيز الحراك الأكاديمي والمعرفي في المنطقة خاصة وفي المملكة عامة. وتجوّل سمو أمير المنطقة في معرض مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات، مشيدًا بمحتوياته التي تضم أكثر من 20 ركنًا، تحكي اهتمام الدولة بالتعليم وكلمات خالدة للقيادة، حيث استعرض رئيس الجامعة لسموه أرقامًا عن المركز، الذي يقع على مساحة إجمالية تتجاوز 55,000 متر مربع، بتكلفة تجاوزت 200 مليون ريال، ويعد أكبر مركز في منطقة القصيم مخصص للفعاليات والمؤتمرات والاجتماعات داخل المدينة الجامعية، ومعلمًا معماريًا فريدًا بتصميمه، ويتكون من ثلاثة أجزاء رئيسة: مسرح كبير يتسع لأكثر من 2000 مقعدٍ، ومسرح متوسط يتسع لأكثر من 700 مقعدٍ، وقاعة اجتماعات كبرى بسعة 72 مقعدًا، إضافة إلى صالة معارض، وقاعات تدريب، ومكاتب خدمية، وكذلك قاعات لكبار الشخصيات، وصالات طعام، وغرف اجتماعات، ومواقف وخدمات لوجستية. من جهته، رفع رئيس الجامعة الدكتور محمد الشارخ، شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- على دعمهما المتواصل لقطاع التعليم ومؤسساته، واختيار اسم الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ليكون عنوانًا لمركز المؤتمرات بالجامعة. وأوضح الشارخ أن جامعة القصيم تشرفت بحمل اسم الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- في لفتة كريمة تجسد ارتباط الحاضر المجيد بالماضي العريق، وتستعرض دور المؤسس في بناء هذا الوطن وفي توحيد صفوفه على أسس من الإيمان والعلم والرؤية الثاقبة. وفي ختام الزيارة، كرم سمو أمير منطقة القصيم أعضاء اللجنة الدائمة لمشروعات الجامعة، وأعضاء اللجنة الدائمة لمتابعة تنفيذ المشاريع.