logo
السّر الكبير: ماذا يأكل الكرادلة المرشحون لمنصب بابا الفاتيكان؟

السّر الكبير: ماذا يأكل الكرادلة المرشحون لمنصب بابا الفاتيكان؟

شفق نيوز٠٢-٠٥-٢٠٢٥

على مدار أكثر من 750 عاماً، ظلّت القواعد الصارمة التي تحكم ما يُسمح للكرادلة بتناوله وما يُمنع ثابتة دون تغيير؛ وذلك لمنع الرسائل المخفيّة المحشوّة داخل الطعام أو الأدوات كالمناديل.
خلال الأسبوع الماضي، لاحظ زوّار روما ارتياد عدد من الكرادلة لمطاعمهم المفضلة. وقبيل آخر انتخاب بابوي في عام 2013، أفادت وسائل إعلام إيطالية بأن العديد من هؤلاء الكرادلة حرصوا على زيارة مطعم عائلي شهير يُدعى 'أل باسيتو دي بورغو'، ويقع على بُعد 200 متر فقط من كاتدرائية القديس بطرس.
ويُعرف عن الكاردينال دونالد ويليام وورل تفضيله للازانيا هناك، في حين يُقال إن الكاردينال فرانشيسكو كوكوبالميريو – الذي يُزعم أنه كان أكثر الكرادلة الإيطاليين حصولاً على الأصوات في 2013 – يفضل الحبار المشوي.
قد يشعر الكرادلة ببعض العجلة في الاستمتاع بوجبة أو اثنتين قبل انطلاق المجمع البابوي في 7 مايو/أيار، حيث سيشارك 135 كاردينالاً في انتخاب سري لاختيار بابا جديد داخل كنيسة سيستينا بالفاتيكان.
خلال هذه الفترة، سيكونون معزولين تماماً عن العالم الخارجي لفترة غير محددة، إذ تتم عمليات التصويت، والنوم، وتناول الطعام جميعها ضمن عزلة صارمة، وتحت إجراءات رقابية مشددة.
وتُعرف المجامع البابوية بسرّيتها الشديدة؛ إذ يُجمع الكرادلة في مكان واحد مشترك، ولا يُسمح بدخول أو خروج الرسائل، باستثناء الدخان الذي يدل على نجاح التصويت.
يُشير الدخان الأبيض إلى انتخاب بابا جديد، فيما يعني الدخان الأسود ضرورة إجراء تصويت آخر للوصول إلى إجماع الثلثين زائد واحد اللازم لتتويج بابا جديد.
لا يُعرف ما يحدث تحديداً في هذه المجامع، لكن المؤكد هو أن الكرادلة سيتناولون طعامهم على مدار الأيام أو الأسابيع التي يستغرقها انتخاب الزعيم الجديد لـ 1.4 مليار كاثوليكي في العالم.
لكن مع تداخل الأحكام، كيف يُحافَظ على سرّية المجمع؟ كيف يمكن للكرادلة ضمان نزاهة التصويت، بعيداً عن أي تأثير للرأي الخارجي؟
تاريخياً، كانت الوجبات تشكل خطراً محتملاً: فقد يُحشى طعام الكاردينال برسالة سرّية من موظفي المطبخ، أو قد ينجح أحدهم في تهريب تحديثات التصويت إلى العالم الخارجي عبر مناديل متسخة.
ومع ذلك، تُعد الوجبات الجماعية من السياقات التي يمكن أن تُجرى فيها المفاوضات الخفيّة. وقد استغلَّت الأعمال الثقافية الشعبية الحديثة هذه الفكرة، مستخدمةً ثقافة الطعام في المجمع البابوي لخلق جو من الشكوك والمكائد والسيطرة.
خذ على سبيل المثال فيلم "المجمع" الذي أُنتج عام 2024، فمعظم أحداث القصة ليست في قاعات التصويت، بل في الكافتيريا.
تتناقض الوجبات الصاخبة مع المجمع البابوي الهادئ تماماً، الذي يسير بدون مناقشات رسمية. التصويت الصامت يُقاطَع فقط في بعض الأحيان بلحظات من الخطاب الطقسي، مثل القَسم الذي يردّده الكاردينال بصوت مسموع أثناء إلقائه بطاقة التصويت في صندوق الاقتراع.
ومع ذلك، يتخلل الصمتَ كثيرٌ من التواصل، ويحدث جزء كبير منه عبر الطعام.
ورغم أنه لا يمكننا الافتراض أن الفيلم يعكس بدقة ما يحدث وراء الأبواب المغلقة، إلا أنه من المؤكد أن ثقافة الطعام البابوية – كما هو الحال في الثقافة بشكل عام – تحمل رسائل كبيرة في ما تأكله، وكيف تأكله، ومع من تأكله.
تعود قوانين سرّية المجمع البابوي إلى عام 1274، عندما وضع البابا غريغوريوس العاشر اللوائح التي لا تزال جزئياً تحكم كيفية إجراء الانتخابات البابوية حتى اليوم.
كما هو الحال مع تتويج العديد من البابوات، كانت انتخابات البابا غريغوريوس العاشر مثيرة للجدل. وقد تميزت أيضاً بأنها كانت الأطول على الإطلاق، إذ استغرقت ما يقارب ثلاث سنوات (1268-1271) للوصول إلى الإجماع المطلوب لتعيين بابا جديد.
ووفقاً للعالِم الكنسي الإيطالي هنريكوس دي سيغوسيو، الذي خدم في ذلك المجمع، فقد هدد السكان المحليون بتقييد طعام الكرادلة من أجل تسريع عملية الوصول إلى قرار.
Alamy
تضمنت القواعد الجديدة التي وضعها البابا غريغوريوس العاشر عزلة المجمع البابوي – وهي قاعدة لا تزال سارية حتى اليوم – بالإضافة إلى تقنين طعام الكرادلة.
بعد ثلاثة أيام من دون اتفاق، كان يُسمح للكرادلة بتناول وجبة واحدة فقط يومياً؛ وبعد ثمانية أيام، كانت الوجبات تقتصر على الخبز والماء.
وفي منتصف القرن الرابع عشر، قام البابا كليمنت السادس بتخفيف هذه القواعد، حيث سمح بتقديم وجبات من ثلاثة أطباق تتكون من الحساء؛ طبق رئيسي يحتوي على السمك أو اللحوم أو البيض؛ والحلوى التي يمكن أن تشمل الجبن أو الفاكهة.
ورغم أن تقنين الطعام لم يستمر، فإن السيطرة المُحكمة على المجامع البابوية ظلت قائمة.
أدق سرد تاريخي لثقافة الطعام في المجامع البابوية يأتي من بارتولوميو سكابي، الذي كان أشهر طهاة عصر النهضة (وربما أول طاهٍ مشهور في العالم) - وقد خدم في بلاط الباباوين بيوس الرابع وبيوس الخامس.
في كتابه الذي نشره عام 1570 أوبرا ديل آرتي ديل كوتشيناري (فن الطهي) – الذي يُعد أول كتاب طبخ نشره طاهٍ ممارِس – أصبح سكابي مشهوراً بشكل واسع.
في هذا الكتاب، يكشف سكابي عن أسرار إطعام المجمع الذي انتخب البابا يوليوس الثالث، بالإضافة إلى الممارسات الصارمة في المراقبة التي لا تزال قائمة حتى اليوم.
وفقاً لسكابي، كانت وجبات الكرادلة اليومية تُحضّر في مطبخ مشترك من قبل الطهاة والسقاة، وهما مجرد اثنين من العديد من المناصب المنزلية التي كانت تضمن سير عمل المجمع.
يشير سكابي إلى أن المطبخ كان مساحة يمكن من خلالها تمرير الرسائل غير المشروعة، ويلاحظ أن الحراس كانوا موجودين هناك تحديداً لمنع ذلك.
لذلك، مرتين في اليوم، وبترتيب تحدده القرعة، كان الخدم يقومون بتقديم الطعام من خلال عجلة مدمجة في الجدار، يُسمح من خلالها تمرير الطعام والشراب إلى الكرادلة في قاعتهم الداخلية.
قبل أن يُمرر الطعام والشراب عبر الجدار، كان يتم فحصهما من قبل مختبرين لضمان عدم احتوائهما على رسائل غير قانونية. وكل خطوة كانت تخضع لمراقبة دقيقة من قبل الحراس الإيطاليين والسويسريين.
مكتبة فولجر شكسبير
كانت المواد الغذائية تحت مراقبة صارمة، حيث لم يُسمح بأي شيء قد يخفي رسالة سرّية. لم يكن يُسمح بالفطائر المغلقة، ولا الدجاج الكامل. وكان يجب تقديم النبيذ والماء في أكواب شفافة. كما كانت المناشف القماشية تُفتح وتفحص بعناية.
كان جزء من هذه الترتيبات يهدف لضمان العزلة التامة للكرادلة، وجزء آخر منها للتخفيف من المخاوف المتعلقة بالتسمم. فبعد كل شيء، خاصة خلال عصر النهضة، كانت البابوية تمثل منصباً سياسياً ذا تأثير كبير.
بعيداً عن البروتوكولات الصارمة وقيود الطعام، تبدو الوجبات التي يصفها سكابي غنية ومتوازنة، حيث تشمل السلطة، الفاكهة، اللحوم المدخنة، النبيذ والماء العذب.
وبالمثل، يصف سكابي الإقامات المريحة للكرادلة، حيث كان لكل منهم غرفته الكبيرة الخاصة، المزينة بالحرير والمفروشة جيداً، وتحتوي على سرير، وطاولة، وحامل للملابس، وكرسيين، ووعاء للطوارئ، ووعاء يمكن غلقه، بالإضافة إلى العديد من العناصر الأخرى.
وفقاً لسكابي، لم يكن العمل في المجمع البابوي خلال عصر النهضة عملاً سيئاً - ما دمتَ لا تمانع المراقبة المستمرة.
في المجمع البابوي القادم الذي يبدأ في 7 مايو/أيار، ستقوم الراهبات في دوموس سانكتي مارثا - المقر الحديث الذي يقيم فيه الكرادلة أثناء عزلتهم - بتحضير أطباق بسيطة تعكس تقاليد منطقة لاتسيو الإيطالية المحيطة بالفاتيكان، ومنطقة أبروتسو القريبة: الحساء (مينستروني)، السباغيتي، الأروستيسيني (أسياخ لحم الضأن) والخضراوات المسلوقة.
ورغم أن هذا قد يبدو مختلفاً عن المجامع البابوية في عصر النهضة حيث كانت الوجبات تُعد من قبل خدم علمانيين يعملون تحت بروتوكول صارم وحراسة مشددة، إلا أن النتيجة هي نفسها: يتم التحكم في العملية بدقة، لضمان عدم تسرب أي معلومات سواء إلى الداخل أو إلى الخارج.
يحرص فيلم "المجمع" في أول مَشاهده على إظهار الراهبات وهن يطهون دجاجات كاملة لتحضير مرق – وهو طعام بسيط للغاية. لكن المهم هنا هو الرمزية. فالكنيسة الكاثوليكية الحديثة – وخاصة بعد قيادة البابا فرنسيس – تأمل في نقل صورة بسيطة وصحية.
لقد تلاشت المخاوف بشأن احتمال احتواء الطعام (مثل الدجاج الكامل) على رسائل سرّية حرفياً. أما الآن، فإن القلق يكمن في التواصل غير المشروع عبر الوسائل الإلكترونية، وهو رمز متكرر آخر في الفيلم.
وبينما يتم تفتيش الفاتيكان بحثاً عن أجهزة إلكترونية مخفيّة استعداداً للمجمع البابوي القادم، سيقوم الكرادلة بتحضيراتهم الشخصية الخاصة، حيث يتوجهون إلى شوارع روما للاستمتاع بوجبة أو اثنتين من أطباقهم المفضلة، ربما متسائلين عما إذا كانت تلك هي وجبتهم الأخيرة - قبل أن يحظى أحدهم بمنصب بابا الفاتيكان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الكرادلة الكاثوليك ينتخبون البابا الجديد خلفاً للبابا فرنسيس..موسع
الكرادلة الكاثوليك ينتخبون البابا الجديد خلفاً للبابا فرنسيس..موسع

وكالة أنباء براثا

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • وكالة أنباء براثا

الكرادلة الكاثوليك ينتخبون البابا الجديد خلفاً للبابا فرنسيس..موسع

تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستينا في الفاتيكان، مساء اليوم الخميس، إيذاناً بانتخاب الكرادلة الكاثوليك بابا جديداً خلفاً للبابا الراحل فرنسيس. وتجمعت حشود من المسيحيين والصحفيين في ساحة القديس بطرس وهم يترقبون ظهور البابا الجديد وإعلان اسمه وهويته. ويأتي انتخاب البابا الجديد بعد يومين من المداولات المغلقة التي أجراها الكرادلة في كنيسة سيستينا لاختيار خليفة للبابا فرنسيس الذي توفي بعد صراع مع المرض. ومن المتوقع أن يطل البابا الجديد على الجموع المحتشدة في ساحة القديس بطرس خلال الساعات القليلة المقبلة ليمنح البركة الرسولية الأولى "Urbi et Orbi" (للمدينة والعالم).

انتخاب بابا جديد.. الدخان الأبيض يتصاعد من الفاتيكان
انتخاب بابا جديد.. الدخان الأبيض يتصاعد من الفاتيكان

وكالة الصحافة المستقلة

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • وكالة الصحافة المستقلة

انتخاب بابا جديد.. الدخان الأبيض يتصاعد من الفاتيكان

المستقلة/-تصاعد دخان أبيض من مدخنة كنيسة سيستينا في الفاتيكان بعد ظهر الخميس، في إشارة الى نجاح المجمع الانتخابي باختيار بابا جديد بعد 4 جولات فقط من التصويت، جرت يومي الأربعاء والخميس. وسيُقتاد البابا الجديد الآن إلى غرفة صغيرة بجوار كنيسة سيستين حيث سيرتدي الرداء البابوي الأبيض. سيؤكد كبير الكرادلة القرار قريباً بعبارة 'Habemus Papam' – وهي كلمة لاتينية تعني 'لدينا بابا' – ويُعرّف البابا الجديد باسمه البابوي المختار. لا نعلم بعد من تم اختياره، لكن سيتضح الأمر عند ظهوره على شرفة كنيسة سيستين، على الأرجح خلال ساعة. ودوّت هتافاتٌ عارمة من الجمهور مع تصاعد الدخان الأبيض، ويركض البعض لرؤيته. وعاود الكرادلة الـ 133 المجتمعين خلف أبواب مغلقة وفي عزلة تامة عن العالم الخارجي، إجراء 4 جولات من التصويت بعد ظهر الخميس. وبعد أكثر من أسبوعين على رحيل البابا فرنسيس، التأم الكرادلة الناخبون البالغ عددهم 133 والقادمون من 70 بلدا، وهو عدد قياسي للبلدان الممثَّلة، في هذا المجمع الانتخابي (المعروف بـ 'كونكلاف') المضبوط الإيقاع بدقّة والذي تتابعه وسائل إعلام العالم أجمع لنقله إلى الكاثوليك المقدّر عددهم بنحو 1,4 مليارا. وبعدما أقيم قداس صباحا في كنيسة القديس بطرس، اجتمع الكرادلة بالزي التقليدي ذي اللونين الأحمر والأبيض بعيد الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي، لإقامة صلاة مشتركة في كنيسة باولينا قبل أن يدخلوا في موكب إلى كنيسة سيستينا المحاذية. ومن خلال وضع اليد على انجيل مفتوح، أدّى كل كاردينال يمين الحفاظ على سرية هذا الاجتماع المغلق، تحت طائلة الحُرم الكنسي، قائلا باللغة اللاتينية 'أعد، وأتعهد، وأقسم'.

عصرا.. بدء أعمال المجمع المغلق لاختيار البابا الجديد
عصرا.. بدء أعمال المجمع المغلق لاختيار البابا الجديد

شفق نيوز

time٠٧-٠٥-٢٠٢٥

  • شفق نيوز

عصرا.. بدء أعمال المجمع المغلق لاختيار البابا الجديد

شفق نيوز/ يجتمع الكرادلة الكاثوليك، عصر اليوم الأربعاء، لبدء أعمال المجمع المغلق في كنيسة سيستينا في الفاتيكان لاختيار بابا جديد. وقبل انطلاق أعمال المجمع المغلق (كونكلاف)، أقيم قداس في بازيليك القديس بطرس أحياه عميد سن مجمع الكرادلة لإيطالي جوفاني باتيتسا ري. وقال الكاردينال في عظته، إن البابا المقبل أمام "منعطف معقّد في التاريخ"، داعيا إلى "المحافظة على وحدة الكنيسة" و"التخلّي عن الاعتبارات الشخصية" في "هذا الخيار الذي يكتسي أهمّية قصوى". وبعد أكثر من أسبوعين على وفاة البابا فرنسيس، يلتئم الكرادلة الناخبون البالغ عددهم 133 الذين يأتون من 70 بلدا، وهو عدد قياسي للبلدان الممثّلة في الكونكلاف، في هذا المجمع الانتخابي المضبوط الإيقاع بدقّة والذي تتابعه وسائل إعلام العالم أجمع لنقله إلى الكاثوليك المقدّر عددهم بنحو 1,4 مليارا. وتقام بعد الظهر صلاة في كنيسة باولينا المحاذية لكنيسة سيستينا، قبل أن تنطلق أعمال المجمع البابوي، ويدخل عندها الكرادلة في موكب إلى كنيسة سيستينا حيث سينقطعون تماما عن العالم الخارجي ويتخلّون عن هواتفهم الخلوية وستقطع شبكة الاتصالات في داخل الفاتيكان. وهم سينعزلون بالكامل في الكنيسة المهيبة التي تزيّنها لوحات ميكيلانجيلو الجدارية وأشهرها "يوم الدينونة"، بعدما حلفوا اليمين على عدم الإفصاح عما يحدث في الكونكلاف تحت طائلة الحرمان الكنسي. وقد نشر الفاتيكان الثلاثاء مقطعا مصوّرا للترتيبات المتّخذة داخل الكنيسة بغرض إقامة الكونكلاف. وتقام مساء الأربعاء جولة تصويت أولى لن تعرف نتيجتها على الأرجح، ومن شأن هذه الدورة أن تسمح بجس النبض ومن غير المرجّح أن يتمّ خلالها بلوغ غالبية الثلثين (أي 89 صوتا). ومن المفترض أن يتواصل التصويت الخميس مع جولتين صباحا وجولتين بعد الظهر. وستكون أنظار العالم موجّهة إلى المدخنة المعدنية على سطح الكنيسة التي سيخرج منها بعد كلّ جولة تصويت، دخان يؤشّر إلى النتيجة، إما أبيض في حال انتخاب بابا أو أسود في حال لم يتمّ ذلك. وهذا المجمع الانتخابي الذي يتابعه أكثر من خمسة آلاف صحافي ووصفته "لا ستامبا" الإيطالية بـ"يوم الدينونة" و"لا كروا" الفرنسية بـ"ساعة الحسم" يثير اهتماما يتخطّى بحدوده الأوساط الدينية، كما يظهر من المراهنات الواسعة على اسم البابا الجديد التي بلغت ملايين اليوروهات والإقبال الكثيف على الألعاب الإلكترونية أو مشاهدة فيلم عن الكونكلاف صدر في العام 2024. لكم مَن مِن الكرادلة المئة وثلاثة وثلاثين سيطلّ حبرا أعظم من شرفة بازيليك القديس بطرس؟ من بين الكرادلة الأوفر حظّا لتولّي رئاسة الكنيسة الكاثوليكية، الإيطالي بييترو بارولين ومواطنه بييرباتيستا بيتسابالا والمالطي ماريو غريش والفيليبيني لويس أنطونيو تاغلي ورئيس أساقفة مرسيليا الفرنسي جان-مارك أفلين. وقال إنتسو أورسينغر وهو متقاعد من روما في الثامنة والسبعين من العمر "أظنّ أن عليه أن يمثّل كلّ القارات حيث الكاثوليكية منتشرة". وأشار "لا أعتبر أنه من الوارد تسمية بابا يؤيّد الإجهاض... لكن من الإيجابي جدّا أن يذهب مثلا لزيارة النزلاء في سجونهم. ولا بدّ من أن يكون قريبا ممن يعانون". التطوّرات الجيوسياسية وعيّن البابا الأرجنتيني اليسوعي الذي أطلق ورشة إصلاحية كبيرة في المؤسسة الكنسية 81 % من الكرادلة المخوّلين التصويت، خصوصا من البلدان المهمّشة من الكنيسة أو البعيدة عن أوروبا. ونتيجة لذلك، يعدّ هذا المجمع البابوي الأكثر تمثيلا لدول العالم في تاريخ الفاتيكان مع 70 دولة تمثّل القارات الخمس ومن أكثرها انفتاحا. وللمرّة الأولى تحظى 15 دولة بتمثيل فيه، بينها هايتي والرأس الأخضر وجنوب السودان. ولا شكّ في أن "بعض كنائس الجنوب تكنّ إزاء الغرب، ولا سيما الأوروبيين ما يشبه الضغينة السياسية أو معارضة ثقافية"، على ما قال فرنسوا مابيل مدير المرصد الجيوسياسي للشؤون الدينية في تصريحات لوكالة فرانس برس. وهو أشار إلى "شرخ شهدناه جلّيا طوال حبرية البابا فرنسيس" بين "من يعتبرون أنه لا بدّ من التذكير دوما بمبادئ العقيدة وهؤلاء الذين يدعون إلى احتضان الرعية ومواكبة" أبنائها. وخلال الأيّام الماضية، عقد الكرادلة 12 "جلسة عامة" بغرض التعارف وتشارك وجهات النظر بشأن التحديات التي تواجهها الكنيسة كي يرسموا الملامح العامة للبابا المقبل. غير أن التطوّرات الجيوسياسية قد تلقي بظلالها أيضا على هذه الانتخابات، في ظلّ تنامي النزعة الشعبوية وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وتوسّع الحرب في غزة. ويمكن إذن "التصوّر أن الكرادلة الذين يراعون السياق العالمي الذي نشهده منذ عودة ترامب قد يعتبرون أنه لا بدّ من تعيين شخصية مخضرمة على رأس الكنيسة الكاثوليكية تكون على دراية تامة بالعلاقات الدولية"، على حدّ قول فرنسوا مابيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store