
كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في حماية النحل وإنقاذ مستقبلنا الغذائي؟
فقد ابتكرت شركة (Beewise) وحدات لتربية النحل باستخدام الذكاء الاصطناعي تحمل اسم (BeeHome)، وهي عبارة عن خلايا نحل ذكية تُشكل ترقية جذرية لخلايا النحل الخشبية التقليدية، فعند رفع غطاء وحدة (BeeHome) سيبدو الأمر وكأنك تفحص محرك سيارة لا خلية نحل تضم آلاف الملقحات، ويعكس ذلك مدى التقنية المتقدمة التي تحتويها هذه الوحدات.
وحدة (BeeHome).. قفزة تقنية من الخشب إلى الذكاء الاصطناعي:
على عكس خلايا (لانجستروث) Langstroth الخشبية التقليدية، تتميز وحدات (BeeHome) بتصميمها العصري، فهي مكسوة بالكامل بالمعدن الأبيض والألواح الشمسية، مما يضمن استدامتها وكفاءتها. وأهم من ذلك، أنه يكمن الابتكار الحقيقي في نظام عملها، إذ تحتوي الوحدة من الداخل على نظام متكامل يشمل:
ماسحًا ضوئيًا عالي التقنية وكاميرات:
لالتقاط صور منتظمة ودقيقة لآلاف الخلايا الشمعية داخل الإطارات.
ذراعًا آلية تعمل بالذكاء الاصطناعي:
قادرة على تنفيذ مهام دقيقة داخل الخلية دون أي تدخل بشري.
نظام ذكاء اصطناعي:
يحلل البيانات والصور لحظيًا لتقييم صحة المستعمرة واتخاذ الإجراءات اللازمة.
ويُعدّ هذا النظام قادرًا على استبدال نسبة تبلغ 90% من المهام التي يقوم بها مربو النحل في الحقل، مما يمثل تحولًا جذريًا في إدارة المناحل.
وتُستخدم هذه الوحدات حاليًا على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة، إذ يُقدر عددها بنحو 300 ألف وحدة موزعة في حقول اللوز، والكانولا، والفستق، وغيرها من المحاصيل التي تعتمد بنحو كبير على التلقيح.
أزمة النحل.. تهديد متصاعد وإحصائيات مقلقة:
شهد العالم وخاصة الولايات المتحدة ارتفاعًا مفاجئًا في معدلات موت النحل منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويعود السبب في ذلك إلى مجموعة من العوامل التي تضعف المستعمرات وتقضي عليها، وتشمل: الطفيليات الحاملة للأمراض، والتقلبات المناخية، والمبيدات الحشرية السامة، وغيرها من الضغوط التي تهدد بالقضاء على مستعمرات النحل بأكملها، وقد عرَّض هذا الوضع محاصيل بمليارات الدولارات – من اللوز إلى الأفوكادو – التي تعتمد على الملقحات، للخطر.
وقد كانت النتائج كارثية، فخلال الاثني عشر شهرًا المنتهية في شهر أبريل الماضي، قُضي على أكثر من 56% من مستعمرات النحل التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، وهو أسوأ رقم مسجل على الإطلاق، وقد كلفت هذه الخسائر مربي النحل ما يقدر بنحو 600 مليون دولار في أقل من عام، وذلك وفقًا لتحالف صحة نحل العسل.
مصير البشر يرتبط بمصير النحل:
يرتبط مصير البشر ارتباطًا وثيقًا بمصير النحل؛ لأنه يُعد المُلقِّح الأهم في العالم، فما يقرب من 75% من المحاصيل تتطلب وجود الملقحات، وتعتمد المكسرات والفواكه بنحو خاص عليها، ومع أن أنواعًا أخرى من الحشرات – مثل الفراشات، والدبابير، والذباب، والخنافس، وبعض الطيور والخفافيش – يمكن أن تؤدي دورًا في التلقيح، لكنها لا تستطيع أن تحل محل نحل العسل بالكامل.
ويكمن السبب في ذلك في سلوك النحل الفريد، فالنحل لا يزور الأزهار فقط للغذاء، بل يجمع حبوب اللقاح ويخزنها في الخلايا، مما يجعله يحمل كميات كبيرة من حبوب اللقاح وينقلها بين الأزهار بفعالية فائقة، وعلى النقيض، تزور باقي الملقحات الأزهار أساسًا لإطعام نفسها.
ويؤكد زاك إليس، مدير قسم الزراعة في شركة (OFI)، وهي شركة عالمية لبيع الأغذية والمكونات الغذائية، هذا الدور المحوري للنحل بقوله: 'لن يكون هناك محصول أساسًا من دون النحل'. ويسلط ذلك الضوء على الحاجة الماسة إلى الابتكار التكنولوجي لحماية هذه الكائنات الحيوية واستدامة الأمن الغذائي.
لذلك تقدم شركة (Beewise) خلايا النحل الذكية، التي تهدف إلى حماية نحل العسل، ومن ثم، تضمن استدامة الغذاء العالمي ومستقبل الزراعة.
ثورة الذكاء الاصطناعي في رعاية النحل.. من المراقبة إلى التدخل الفوري:
يكمن تفوق وحدات (BeeHome) التي تطورها شركة (Beewise) في قدرتها على الانتقال من المراقبة إلى التدخل الفوري، فبينما يتمكن مربو النحل من فحص خلاياهم كل أسبوع أو أسبوعين، يمكن لنظام (Beewise) مراقبة المستعمرة على مدار الساعة، مما يمنح مربي النحل القدرة على الاستجابة الفورية للمشكلات، وعلاوة على ذلك يمكن للنظام القيام ببعض المهام فورًا دون الحاجة إلى أي تدخل بشري.
إذ تُجهز كل وحدة (BeeHome) بكاميرا وذراع آلية، مما يُمكّنها من التقاط صور منتظمة للإطارات في الداخل، ويشبّه (سار سفرا)، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة (Beewise)، هذه العملية بـ (التصوير بالرنين المغناطيسي) لشدة دقتها وتفصيلها.
ثم يحلل الذكاء الاصطناعي آلاف نقاط البيانات من صور الإطارات، وعند رصد أي علامة خطر – مثل نقص اليرقات الجديدة، أو وجود طفيليات، أو تغير في درجة الحرارة – يقوم النظام بما يلي:
إرسال تنبيه فوري:
يصل إشعار فوري إلى مربي النحل عبر تطبيق في الهاتف، يُفيد بأن إحدى المستعمرات تتطلب الاهتمام.
التصرف بطريقة آلية:
يمكن للذراع الروبوتية إعطاء الدواء والغذاء للنحل أو المكملات الغذائية، وتنظيم درجة الحرارة والرطوبة عبر فتح فتحات التهوية وإغلاقها، وحماية النحل من عمليات رش المبيدات القريبة.
نتائج مثبتة وطموحات كبيرة:
فعالية هذا النظام ليست نظرية فقط، فقد أظهرت وحدات (BeeHome) انخفاضًا كبيرًا في خسائر المستعمرات، إذ بلغت نسبة الفقد نحو 8% فقط، مقارنة بالمتوسط السنوي في الصناعة الذي يتجاوز 40%.
وقد أثبتت هذه الوحدات متانتها حتى في وجه الكوارث الطبيعية، إذ ظلت تعمل بعد الأعاصير، التي ضربت فلوريدا العام الماضي والتي دمرت الخلايا الخشبية التقليدية.
ونتيجة لهذه النجاحات، يخطط عملاء مثل (زاك إليس) من شركة (OFI) – الذي يستخدم وحدات (BeeHome) بنسبة تبلغ 30% من الفدانات التي يديرها – إلى زيادة استخدامها لتغطية نسبة تبلغ 100% من أراضيهم خلال ثلاث سنوات.
كما تطمح شركة (Beewise)، التي جمعت ما يقرب من 170 مليون دولار كتمويل، إلى زيادة عدد وحداتها العاملة من 300 ألف حاليًا إلى مليون وحدة في غضون ثلاث سنوات، وتتوقع تحقيق إيرادات بقيمة تبلغ 100 مليون دولار هذا العام.
الخاتمة.. سباق مع الزمن لإنقاذ حليف لا غنى عنه:
يعتمد مصير البشر بنحو وثيق على مصير النحل، إذ تتطلب نسبة تبلغ نحو 75% من محاصيلنا الغذائية التلقيح، ويصف الخبراء وحدات (BeeHome) أنها عبارة عن (فندق ريتز كارلتون) للملقحات، لما توفره من رعاية فائقة. وفي سباق مع الزمن لإنقاذ النحل، تقدم تكنولوجيا شركة (Beewise) أملًا حقيقيًا، وتثبت أن الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي والروبوتات قد يكون المفتاح لضمان استمرارية هذا الحليف الحيوي، ومن ثم؛ ضمان استدامة أمننا الغذائي العالمي.
ولكن يكمن التحدي الأكبر الآن في إقناع صناعة عريقة بالتحول من تقاليدها التي دامت قرونًا إلى تبني مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ 12 ساعات
- الغد
ميتا تواصل استقطاب عقول OpenAI لتأسيس مختبر الذكاء الخارق
عينت "ميتا" شينغجيا تشاو، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي الذي انضم إلى الشركة قادماً من OpenAI في يونيو الماضي، في منصب كبير علماء فريق "الذكاء الاصطناعي الخارق" Artificial Super Intelligence الجديد التابع للشركة، حسبما أوردت "بلومبرغ". اضافة اعلان وكان تشاو جزءاً من الفريق الذي ابتكر النسخة الأصلية من روبوت الدردشة الشهير ChatGPT التابع لشركة OpenAI، وسيساعد تشاو في قيادة فريق "ميتا" البارز، الذي يهدف إلى بناء نماذج ذكاء اصطناعي جديدة قادرة على أداء المهام بنفس كفاءة البشر أو أكثر. سيرفع تشاو تقاريره إلى ألكسندر وانج، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Scale AI، والذي انضم أيضاً إلى ميتا في يونيو الماضي كرئيس تنفيذي للذكاء الاصطناعي. وأنفقت "ميتا" بكثافة لتوظيف خبراء في الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج جديدة ومواكبة منافسيها مثل OpenAI وجوجل في سباق الهيمنة على سوق الذكاء الاصطناعي. وتبحث الشركة منذ أشهر عن كبير علماء للفريق. ويعد تشاو واحد من أكثر من اثني عشر موظفاً سابقاً في OpenAI انضموا إلى وحدة الذكاء الاصطناعي في Meta خلال الشهرين الماضيين. وكتب مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، في منشور أعلن فيه الخبر على Threads: "شارك شينغجيا في تأسيس المختبر الجديد، وكان كبير علماءنا منذ اليوم الأول. والآن، وبعد أن سارت عملية التوظيف على ما يرام، وبدأ فريقنا يتشكل، قررنا إضفاء الطابع الرسمي على دوره القيادي". وكان تشاو مؤلفاً مشاركاً في ورقة بحث ChatGPT الأصلية، وكان أيضاً باحثاً رئيسياً في o1 أول نموذج استدلال طورته OpenAI، والذي ساعد في ترويج موجة من أنظمة "سلسلة الأفكار" المماثلة من مختبرات مثل DeepSeek وGoogle وغيرها. وقد أُدرج اسمه ضمن أكثر من 20 "باحثاً أساسياً" في المشروع. سيواصل يان ليكون، وهو باحث آخر في مجال الذكاء الاصطناعي يعمل في "ميتا" منذ أكثر من عقد ويشغل منصب كبير العلماء، العمل في الشركة ككبير علماء في مجموعة أبحاث الذكاء الاصطناعي الداخلية المعروفة باسم FAIR، وفقاً لما نقلت "بلومبرغ" عن شخص مطلع على الأمر. الذكاء الاصطناعي الخارق ويعد ما بات يعرف بـ"الذكاء الاصطناعي الخارق" Artificial Super Intelligence، تحد كبير، إذ يرى مختصون أننا لم نصل بعد إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن التوقعات الغالبة ترجح الانتقال من مرحلة الذكاء الاصطناعي الحالية (ANI) أو "الذكاء الاصطناعي الضيق"، والوصول للخطوة التالية خلال السنوات الثلاث إلى الثماني المقبلة، والتي فيها تنافس قدرات الذكاء الاصطناعي، إمكانيات العقل البشري أو تتفوق عليه. ويشير "الذكاء الاصطناعي الضيق- Artificial Narrow Intelligence" إلى الأنظمة المصممة لمهام محددة، مثل التعرف على الوجوه، وتفتقر إلى الفهم الأوسع، بينما يهدف "الذكاء الاصطناعي العام- Artificial General Intelligence" إلى محاكاة الذكاء المشابه للإنسان، مع القدرة على الفهم، والتعلم عبر مجموعة متنوعة من الأدوات. والمرحلة المنشودة التي ستعقب (AGI) هي الذكاء الاصطناعي الخارق (ASI)، والذي يعرف بأنه ذكاء اصطناعي مع كل المعرفة المشتركة بالحضارة الإنسانية، إذ ستكون الأنظمة مدركة تماماً للذات، وأبعد من مجرد محاكاة أو فهم السلوك البشري فقط، بل تتفوق على الذكاء البشري بكل الطرق، ويستبعد مختصون أن نصل لـ Artificial Super Intelligence، خلال القرن الحالي.


الرأي
منذ 13 ساعات
- الرأي
روبوتات المرور ستغزو شوارع شنغهاي
في خطوة تقنية جديدة، بدأت مدينة شنغهاي في اختبار روبوتات لتنظيم حركة المرور. هذه الروبوتات قادرة على مراقبة الشوارع، توجيه المركبات، والتفاعل مع السائقين باستخدام الذكاء الاصطناعي.


رؤيا نيوز
منذ 2 أيام
- رؤيا نيوز
تصميم صواريخ جزيئية لمهاجمة الخلايا السرطانية
طور فريق من الباحثين منصة ذكاء اصطناعي قد تحدث ثورة في علاج السرطان الدقيق، من خلال تصميم بروتينات مخصصة لتوجيه الخلايا المناعية لاستهداف الأورام بسرعة وفعالية. وأوضح الباحثون كيف يمكن لهذه التقنية الحاسوبية تصميم جزيئات pMHC (تلعب دورا محوريا في الاستجابة المناعية، وخصوصا في عرض المستضدات على سطح الخلايا لتتعرف عليها الخلايا المناعية، مثل الخلايا التائية T cells) التي تعيد توجيه الخلايا التائية في الجهاز المناعي لاستهداف الخلايا السرطانية بشكل دقيق. وهذا الابتكار يسرع بشكل كبير عملية تطوير العلاجات المناعية، حيث يقلص زمنها من سنوات إلى أسابيع قليلة. ويشرح تيموثي ب. جينكينز، الأستاذ المشارك في الجامعة التقنية الدنماركية، أن منصتهم تستخدم الذكاء الاصطناعي لتصميم 'مفاتيح جزيئية' تستهدف الخلايا السرطانية. وتتم عملية التصميم هذه خلال فترة تتراوح بين 4 و6 أسابيع، مقارنة بالأساليب التقليدية التي تستغرق وقتا أطول بكثير. وتعمل منصة الذكاء الاصطناعي على حل مشكلة رئيسية في العلاج المناعي، وهي قدرة الخلايا التائية على التعرف على الأهداف السرطانية المتنوعة. إذ تقوم الخلايا التائية عادة بالتعرف على بروتينات معينة (ببتيدات) تعرضها جزيئات pMHC على سطح الخلايا، لكن التنوع الكبير في مستقبلاتها يصعب ابتكار علاجات مخصصة. واختبر الباحثون المنصة على هدف معروف في العديد من أنواع السرطان، وهو البروتين NY-ESO-1. وصمموا رابطا صغيرا يرتبط بجزيئات هذا البروتين بدقة، وعند إدخاله في الخلايا التائية، أنتجت خلايا جديدة أطلق عليها اسم IMPAC-T، قادرة على توجيه الخلايا التائية لقتل الخلايا السرطانية بفعالية في التجارب المختبرية. وطور الفريق، أيضا، فحصا أمنيا باستخدام الذكاء الاصطناعي، يسمح بتقييم الروابط المصممة لضمان عدم تفاعلها مع جزيئات pMHC في الخلايا السليمة، ما يقلل احتمالات الآثار الجانبية. ويتوقع الباحثون بدء التجارب السريرية على البشر خلال 5 سنوات، حيث ستشبه العملية العلاج باستخدام الخلايا التائية المعدلة وراثيا، والمعروفة باسم خلايا CAR-T، إذ تؤخذ عينات دم من المرضى، وتعدل الخلايا المناعية في المختبر لتحمل البروتينات المصممة، ثم تعاد هذه الخلايا إلى الجسم حيث تعمل كصواريخ موجهة تستهدف الأورام بدقة.