logo
الانكشاف الوطني والخطر الحقيقي: ضرورة وحدة الصف للحفاظ على الأردن

الانكشاف الوطني والخطر الحقيقي: ضرورة وحدة الصف للحفاظ على الأردن

الغدمنذ يوم واحد
اضافة اعلان
في زمن تتسارع فيه التحديات الداخلية والخارجية، ويزداد فيه الانكشاف الوطني بمخاطره المتعددة، تصبح وحدة الصف الوطني ليست مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لاستدامة السيادة والحفاظ على أمن واستقرار الأردن. فالخطر الحقيقي لا يكمن في التهديدات الخارجية فقط، بل في هشاشة الجبهة الداخلية التي تهدد النسيج الوطني وتضعف مناعة الدولة أمام كل محاولات الإضعاف والتفتيت.في هذا السياق، تأتي دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني لتجديد عهد الوحدة وتعزيز التماسك الوطني كخريطة طريق نحو صمود دائم واستعداد حكيم لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية. لأن الأردن لا يمكن أن يحمي مكتسباته الوطنية إلا بوحدة تُصاغ من الثقة، تُدار بالحكمة، وتُصان بالعدل.في الأوطان التي تدرك حجم المخاطر وتقرأ المتغيرات لا بردود الفعل، بل ببوصلة المستقبل، تغدو وحدة الصف ركيزة إستراتيجية في معادلة الصمود الداخلي وصناعة القرار السيادي، لا مجرد حالة معنوية أو واجب أخلاقي.وفي الأردن، حيث تعيش الدولة في محيط إقليمي محتقن ومفتوح على كل الاحتمالات، جاءت دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى تمتين الجبهة الداخلية ونبذ التهجم والتشهير كنداء استباقي عميق يعيد ضبط الإيقاع الوطني على منطق المصلحة العليا، بعد أن تمادت منصات التعبير في التراشق.تحدث جلالة الملك، دون مجاملة أو مسايرة مزاج اللحظة، وضع إصبعه على الجرح الحقيقي في الجسد الوطني: تآكل الثقة، واتساع فجوة الخطاب، وتحول الخلاف إلى خصومة اجتماعية حادة. وهذا ليس ترفًا خطابيًا، بل مؤشر خطير على هشاشة النظام القيمي الذي يفترض أن يضبط حركة الرأي العام ويوجه النقد نحو البناء لا الهدم.حين يدعو الملك إلى الابتعاد عن الاتهامات والشتائم والتشهير، فهو لا يمارس دور الواعظ، بل يتحدث كقائد يدير الدولة بمنطق السيادة الواعية لمصادر الخطر. نحن نعيش في زمن باتت فيه الحرب على الدولة تمر عبر «اللايقين العام»، والتشكيك المنهجي، وتضخيم الأخطاء على حساب سردية الإنجاز. وأخطر ما في هذه المرحلة أن السلاح لم يعد جنديًا على الحدود، بل منشورًا على منصة، أو مقطعًا مجتزأ، أو رواية مضللة تزعزع اليقين.من هنا، لم تعد وحدة الصف الأردني مجرد دعوة إنسانية للتسامح، بل قضية سيادية ترتبط بمناعة القرار الوطني وقدرته على الصمود تحت الضغط. ففي عالم ما بعد الحقيقة، حيث تُعاد صياغة الأوطان عبر أدوات ناعمة وخبيثة، تصبح «الثقة المجتمعية» خط الدفاع الأول. وإذا انهار هذا الخط، يتحول الجسم السياسي إلى كيان قابل للانقسام الذاتي، حتى مع وجود مؤسسات صلبة.نحن بحاجة ماسة اليوم إلى إعادة تعريف الوطنية خارج قاموس التهليل والمزاودة. فليس كل من صرخ غاضبًا يحب الوطن، ولا كل من التزم الصمت قد خانه. الوطنية الحقيقية تُقاس بميزان الحكمة، والانحياز للحق دون إضعاف الجبهة الداخلية، والقدرة على النقد دون إسقاط.على الجانب الاقتصادي، لا يمكن لأي برنامج إصلاحي أن يُكتب له النجاح في بيئة منقسمة. المستثمر لا يبحث فقط عن فرص سوقية، بل عن بيئة مستقرة تُدار بثقة بين مكوناتها. وإن لم تُترجم وحدة الصف إلى بيئة نفسية واجتماعية تحفز التماسك، فإن كل جهد تنموي سيتحول إلى تنازع على المكتسبات بدلاً من أن يكون منصة للتوزيع العادل للفرص.نحتاج إلى لغة جديدة تقرأ التحدي الاقتصادي من زاوية العقد الاجتماعي، لا منطق الإعفاءات والمطالبات فقط. الأردن اليوم يمتلك موقعًا استراتيجيًا واعدًا، لكنه لا يستطيع استثماره إذا بقي النزيف الداخلي يستهلك الطاقة والوقت، ويشعل الحرائق بدل إطفائها. فالأمن الاقتصادي لا يتحقق بالأرقام فقط، بل بثقة الناس في مؤسساتهم، وشعورهم بأن الإصلاح لا يستثنيهم، ولا يُدار خلف أبواب مغلقة.وأخطر ما نواجهه اليوم هو انعدام الأفق لدى الشباب، الذين يشعرون بتضييق المساحات، وأن أصواتهم لا تجد منفذا مؤسسيا محترما. إذا لم تتحول دعوة الملك إلى ممارسة حكومية واضحة المعالم تُعيد إدماج الشباب في القرار، وتوفر لهم أدوات المشاركة الحقيقية، فإن ما نكسبه في الخطاب سنخسره في الشارع، وما نزرعه من وعي سنخسره في لحظة غضب غير مؤطرة.ولا يمكن فصل هذا عن دور الإعلام الرقمي، الذي إذا تُرك بلا مسؤولية، قد يتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات بدل أن يكون منبرا لطرح القضايا الوطنية. المعركة اليوم ليست فقط على الأرض، بل على العقول، حيث يصنع «اللايك» والتفاعل اتجاهات رأي تتفوق أحيانًا على الحقائق الصلبة.الوحدة التي نريدها ليست «توحيدًا قسريًا للصوت»، بل تناغمًا بين المختلفين على أرضية وطنية تُعلي القيم وتحترم التنوع. هذا يتطلب شجاعة في التفسير لا المراوغة، وإرادة سياسية لا تكتفي بالردع، بل تطلق يد التمكين، وتعترف بالخلل، وتُعيد بناء الثقة بجرأة ووضوح.وحدة الصف ليست عنوانا لحملة إعلامية، ولا ملاذا عند اشتداد الخطر فقط، بل هي نظرية أمن وطني شاملة تقوم على الوعي الجمعي، وتُدار بشفافية، وتُصان بالحوار المسؤول. دعوة جلالة الملك ليست مجرد نداء، بل خريطة طريق لترسيخ مناعة الدولة الأردنية من الداخل، في زمن باتت فيه الدول تُخترق من بواباتها المجتمعية لا من حدودها العسكرية.خيارنا اليوم واضح: إما أن نُعيد تعريف الاختلاف كقيمة وطنية تُغني القرار، أو نواصل الانزلاق في دروب التشكيك والاتهام، لنجد أنفسنا عاجزين عن حماية ما تبقى من الثقة، وهي أغلى ما نملك.فالوطن لا يُحمى بالصراخ، بل بوحدة تُصاغ من الثقة، وتُدار بالحكمة، وتُصان بالعدل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحكومة: مستوطنون يواصلون اعتراض شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة لغزة
الحكومة: مستوطنون يواصلون اعتراض شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة لغزة

رؤيا نيوز

timeمنذ 7 دقائق

  • رؤيا نيوز

الحكومة: مستوطنون يواصلون اعتراض شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة لغزة

قال وزير الاتصال الحكومي، الناطق باسم الحكومة، محمد المومني، الاثنين، إن مستوطنين إسرائيليين يواصلون اعتراض شاحنات المساعدات الأردنية المتجهة لغزة. وأضاف المومني قائلا 'تتعرّض قوافل المساعدات الأردنية للاعتداء من مستوطنين في أثناء طريقها إلى قطاع غزة، كان آخرها يوم أمس الأحد، إذ تمّ اعتراض طريق شاحنات لمنعها من إكمال مسيرها باتجاه القطاع، وقد عاد عدد منها أدراجه بالفعل'. وقال في تصريحات صحفية متكررة 'سبق أن شهدت القوافل الأردنية تعطيلا لمسيرها من قبل مستوطنين هاجموا الشاحنات واعتدوا عليها' وتابع 'المستوطنون تجمهروا أمس في الشارع العام وأعاقوا حركة الشاحنات وعطلوا 4 منها برمي أجسام حادة على الأرض مما أدى إلى انفجار إطاراتها'. ودعا المومني السلطات الإسرائيلية إلى 'تدخل جدي' لوقف تلك الاعتداءات وعمليات السلب والنهب. وأشار الوزير إلى 'وجود عمليات سلب ونهب لقوافل المساعدات وعدم حمايتها وتأمينها، مما يسهم في إثارة الفوضى ومنع وصول المواد الإغاثية بطرق منظمة يستفيد منها المستحقون'. وبحسب المومني، 'ليست هذه المرة الأولى التي تحصل فيها مثل هذه الحوادث بل تكرّرت (…)، مما يستدعي تدخلا جديا من السلطات في إسرائيل لمنع حصول هذه الاعتداءات التي تخرق القوانين والاتفاقات'. وانتقد الوزير 'التضييق على عدد الشاحنات' و'الأسلوب المعقد للقبول بمرورها' و'التأخير' و'التفتيش الفوضوي على المعابر' و'فرض جمارك مستحدثة' و'التحجج بانتهاء مدة الدوام لإعادة عشرات الشاحنات من حيث أتت'.

الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة
الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة

رؤيا نيوز

timeمنذ 7 دقائق

  • رؤيا نيوز

الإمارات تنفذ الإنزال الجوي الـ62 وتدخل 40 شاحنة غذائية لغزة

تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها الإنسانية المخصصة لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث نفّذت الإثنين عملية الإنزال الجوي للمساعدات رقم 62 ضمن عملية 'طيور الخير'، التابعة لعملية 'الفارس الشهم 3″، وذلك بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، وبمشاركة كل من فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، كندا. وتهدف هذه العمليات إلى إيصال المساعدات الإغاثية إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها براً نتيجة الأوضاع الميدانية الراهنة، وتضم حمولات متنوعة من المواد الغذائية والإمدادات الإنسانية العاجلة. وبهذا، ارتفع إجمالي المساعدات التي تم إنزالها جوا حتى اليوم إلى أكثر من 3829 طنا من المواد الغذائية والإغاثية المختلفة، وُجهت لدعم الأشقاء الفلسطينيين في المناطق الأكثر تضرراً واحتياجاً داخل القطاع، حسب ما كشفت وكالة الأنباء الإماراتية. كما أدخلت دولة الإمارات اليوم 40 شاحنة مساعدات غذائية إلى قطاع غزة، في إطار جهودها المتواصلة لتعزيز الدعم الإنساني وتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان. وتؤكد هذه الجهود التزام دولة الإمارات الثابت بالمبادئ الإنسانية، ونهجها الراسخ في الوقوف إلى جانب الشعوب الشقيقة في أوقات الأزمات والظروف الطارئة.

صقور سلاح الجو الملكي الأردني يحلقون من أجل الحياة
صقور سلاح الجو الملكي الأردني يحلقون من أجل الحياة

الرأي

timeمنذ 7 دقائق

  • الرأي

صقور سلاح الجو الملكي الأردني يحلقون من أجل الحياة

فور إبلاغي بموعد الإنزال الجوي الذي نفذ صباح اليوم الاثنين، بالتعاون مع طائرات سلاح الجو الملكي، اجتاحتني مشاعر متباينة امتزج فيها الحماس بالرهبة، لكن شعورًا حتميًا بالطمأنينة غلب كل ذلك، إذ كنت على يقين تام بأنني في عهدة أيادٍ أمينة لا تدخر جهدًا في الحفاظ على سلامة الجميع. المشاعر المتداخلة تختلج في صدور كل من يشاهد طائرات سلاح الجو الملكي الأردني تقلع من قواعدها، محمّلة برسائل حياة لأهالي قطاع غزة، الذين يرزحون تحت حصار خانق وظروف إنسانية كارثية في ظل استمرار العدوان وحرمانهم من أبسط مقوّمات البقاء. الطلعات الجوية التي تنفذها القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، ليست مجرد تحليق في السماء، بل هي امتداد لموقف إنساني ثابت، ينطلق من مسؤولية أخلاقية أردنية تجاه الأشقاء في القطاع. فالطائرات الأردنية ترسل رسائل إنسانية مجنحة، تحمل توقيع الأردن قيادةً وشعبًا.وفي كل رحلة، تخترق الطائرات سماءً ملغمة بالخطر، لتسقط أطنانًا من المواد الغذائية أو الطبية عبر مظلات دقيقة، لتصل المساعدات إلى من هم بأمس الحاجة إليها. وتتم هذه الجهود بتنسيق عالٍ بين الجيش الأردني والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي تتابع باهتمام دقيق تنفيذ عمليات الإغاثة، وتسعى لتوجيهها نحو الفئات الأكثر تضررًا، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون في غزة مجاعة حقيقية وانهيارًا تامًا في المنظومة الخدمية. الإنزال الجوي مشاهد تختزل الحكاية: طيارون عيونهم على الهدف، وقلوبهم في غزة، وجنود يؤمنون أن الدفاع لا يكون بالسلاح فقط، بل أيضًا بمد يد العون لمن حاصرتهم آلة الحرب. هي لحظات تفيض بالاعتزاز بأداء الواجب الإنساني، فالرهبة من المشهد على الأرض تمنح القوة والإيمان بأن ما يقدم اليوم قد ينقذ غدًا حياة طفل، أو مسن، أو جريح ينتظر جرعة دواء. الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، لم يتوقف عن أداء دوره، استشعارًا لعمق الأزمة وأثرها على الأهالي في غزة الذين باتوا في مهب عواصف الجوع والعوز والفقد. غير أن الموقف الرسمي والشعبي يسير على خطى موحدة وراسخة في دعم الأشقاء الفلسطينيين، وتمكينهم من الصمود أمام الحصار والقتل الممنهج. ورغم كل الجهود الميدانية المكثفة والمواقف الثابتة، لم يخل المشهد من أصوات مشككة تقلل من حجم الدور الأردني في دعم غزة، متناسيةً أن ما ينفذ على الأرض هو فعل، لا شعارات، وأن صوت الطائرات المحلقة بالمساعدات أصدق من كل حملات التشكيك، وخلفه عمل جبار وجهود حثيثة تبذل بصمت وإصرار وعزيمة، دون طلب شكر أو ثناء. ففي كل إقلاع، ليست هناك فقط مهمة إغاثية، بل قصة وطن يرفض أن يغض الطرف، وجيش يحلق ليس من أجل القتال، بل من أجل الحياة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store