
الراعي ترأس قداسا عند قمة الصليب – فاريا بحضور مرقص ممثلا عون: نحن مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة وطريق الحياد الإيجابيّ
بعد الانجيل المقدس، القى البطريرك الراعي عظة بعنوان :'فيتلألأ الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم' (متى 13: 43)'.
وقال: 'هذه الآية تُطبّق على القدّيس شربل، الذي نجتمع أمام تمثاله المرتفع فوق جبل فاريا العزيزة، والمطلّ على الجبال والتلال والبلدات والقرى وصولًا إلى الساحل والبحر. القدّيس شربل من قلب صمته وعزلته، أضاء على لبنان والعالم، وصار شمسًا روحيّة لا تغيب، بل تشرق على العالم بأسره، وتتلألأ فوق كلّ شعب ودين وعرق ولون، يشفي المرضى، يعزّي المتألّمين، يعيد النفوس الضالّة إلى حضن الله'.
اضاف: 'يسعدني أن أحيّيكم جميعًا أيّها الحاضرون الآتون من فاريا ومن كلّ مدينة وبلدة وقرية، للإحتفال بالليتورجيا الإلهيّة تكريمًا لمار شربل. وأخصّ بالتحيّة كل من له تعب في هذا المقام واصحاب هذه المبادرة، هذه المبادرة التقويّة الذين عملوا بمحبّة وتعب وسخاء القلب، لرفع هذا التمثال والمزار، تكريمًا للقدّيس شربل، وتمجيدًا لله.
انجيل اليوم يدعونا لنرى حياتنا على ضوء الأبديّة. فالله لا ينظر إلى البريق الخارجيّ، ولا إلى المجد الزائل، بل إلى القلب النقيّ الذي يحيا مشيئته. لقد عاش مار شربل هذه الحقيقة حتى النهاية. لم يبحث عن مجد أرضيّ، ولا عن منصب أو راحة، بل فقط عن وجه الله وحده. بصمته وفقره وطاعته، صارًا نورًا يتلألأ كالشمس في ملكوت الله. كلّ قدّاس نحتفل به هو إشراق جديد لهذا النور. نحن هنا لا نكرّم حجرًا بل إنسانًا صار إنجيلًا حيًّا ومشعًّا في ظلمات العالم، وعبرة لكلّ واحد منّا أنّ القداسة ممكنة، وأنّها تبدأ من بساطة الحياة، وأمانة القلب. إنّه رسالة حبّ متواصلة لكلّ من يطلب شفاعته.
من على هذا الجبل حيث تلتقي السماء بالأرض، لا يمكننا إلّا أن نصلّي من أجل لبنان، وطننا الحبيب. القدّيس شربل، الذي يحمل لبنان في قلبه وصلاته، يدعونا اليوم لنحمل لبنان إلى الله، بكلّ جراحه وأزماته، بكلّ شعبه المتألّم، بكلّ شبابه الحائر والمهاجر والمقيم. إنّ الرسالة التي يتركها لنا إنجيل اليوم، ورسالة هذا المزار، هي أنّنا مدعوّون لنكون نحن نورًا للبنان، هذا الوطن لا ينهض فقط بخطط إقتصاديّة أو قرارات سياسيّة، بل قبل كلّ شيء بقلوب مؤمنة، صادقة نقيّة، تتلألأ بفضائل كالشمس في حياتها اليوميّة. لقد اختار مار شربل العيش في الصمت والصلاة، ليضع سلامًا في قلبه. ونحن كلبنانيّين مدعوّون لأن نختار طريق الوحدة والمصالحة، وطريق تنقية الذاكرة، وطريق الحياد الإيجابيّ المعترف به من منظّمة الأمم المتّحدة' .
وتابع: 'مزار مار شربل هنا في فاريا يذكّرنا بأنّ لبنان، رغم جراحه، لا يزال أرضًا مقدّسة قادرة على أن تلد قدّيسين ينيرون العالم.
فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، بشفاعة القدّيس شربل، كي يملأ الله قلوبنا نورًا، ويمنح وطننا السلام والإستقرار، ويبارك عائلاتنا، ويجعلنا جميعًا شهودًا للمحبّة والقيم الروحيّة والإنسانيّة. فنرفع المجد والتسبيح لله، الآب والإبن والروح القدس، إلى الأبد، آمين' .
وفي ختام القداس، ألقى كاهن الرعية الأب شربل سلامة كلمة حول شهادة يوحنا المعدان عند رؤية المسيح، وقال :
'هذه الشهادة التي أطلقها يوحنا المعمدان عند رؤيته للمسيح شاهدًا بأعلى صوته لكي يسمع القاصي والداني، أن هذا هو ابن الله، لكي نطلقها اليوم مجدداً، معكم يا صاحب الغبطة والنيافة، أنتم أيها البطريرك إلى القاصي والداني، من على منبر الجليل المتهلل لكي يكون لنا المسيح هو الخلاص والحياة، الذي نختاره إيماناً وقيماً، ورؤية حياتية، ومستقبلية.
'وأنا رأيت وشهدت' هذه صرخة حق أرادها يوحنا المعمدان نبوءة للمسيح منذ هذه البقعة المباركة، بقعة نهر الأردن – قائلاً: 'وأنا رأيت وشهدت' أن هذا هو المسيح المخلص معتَرفاً أن الخلاص المسيحي متجذِّر في أمّ أساسي، في وسط كان الصعوبات والأزمات التي تتوارى علينا، لا وهم الشهادة الحقيقية وإظهارها في كل قول وعمل. حقيقة المسيح التي نؤمن بها أن تكون علامة فارقة في حياتنا ونوراً لنا في ظلمات حياتنا فترى أن الله معنا، وحقيقة كلمة الله التي نعيشها الحياة الحقة، وحقيقة الكنيسة التي نشهد لها أنها هي حياتنا المتمحورة عليها، هي حياتنا الكبيرة.'
اضاف :'لا يغيب عن فكرنا أن إيماننا بالمسيح حاجة دائمة لنا للجوء حقيقي، لنسعى لنكتسب الصمود في الشهادة للحق والحقيقة؛ لأننا في المسيح نكون لا يهزمون وقوة غالبة للأشرار، والدفاع عن الحق ضد الظلم، ومن الحقيقة ضد الكذب، ومن الخير ضد الشر، ومن النعمة ضد الخطيئة.
'وأنا رأيت وشهدت' عهدنا المسيحي أن نعمل على أخذ المواقف الصحيحة للقاء الحق، وعلى حمل المسؤوليات ضميرية حول أمانتنا لما نرى ونؤمن ونشهد عام اهتمت به القلوب والصعوبات. وحبنا الحقيقة في دعائنا للرب أن يسمع لنا لنتمسك بها لنكون أمناء للحقيقة التي نعيش.
هذا إيماننا، هذا يقيننا، هذا عهدنا الذي نعيشه ونقدمه على الدوام.'
وتابع الاب سلامة :'وأنا رأيت وشهدت' هكذا يهدي الصوت في قلب كل شاهد، ويرتفع في حياته أن تكون شهادته للإيمان، لكي يبقى في الحياة ويتبع من هو 'الطريق والحق والحياة'. هكذا يكون كل إنسان تقي وخادم للكنيسة، يتنسم في فضاء النضال ليصل إلى ميناء الخلاص. أيها الأحبة، نرفع ابتهالنا ونصلي من أجلكم مع مطرانكم إلى ابننا الطريق، إلى ابننا الحياة، فهذا إيماننا، فلتكن هذه البقعة المباركة بيروتها قلوبنا وصدى نابع من حقيقتها أن الله في حياتنا ونشهد شهادة مسيحية صادقة. '
وختم الاب سلامة: 'نشكر لكم حضوركم يا صاحب الغبطة والبطريرك بيننا، مع السادة الأساقفة، والكهنة، والشمامسة، والجوقة، ومع هذا الجمهور المبارك من فاعليات سياسية، وبلدية، وكل المؤمنين الحاضرين. ولكن يبقى عطاؤكم لنا، صامدين بوجه الصعوبات والمشاكل كافة، شهوداً للحق والحقيقة، بصلابة أمانة يوم الغدارات، سلطانة الانتقال، وشفيع القديسين. آمين.'
بعدها توجه البطريرك الراعي والحضور الى منزل رئيس البلدية السابق ميشال سلامة حيث القيت كلمة ترحيبية عفوية بالبطريرك 'الذي يزور فاريا والقديس شربل ، قديس لبنان الذي غير العالم بعظمة قداسته ويرفع عن لبنان امورا ثلاثة : الشدة والظلم والمآسي.'
وفي الختام قطع البطريرك الراعي والوزير مرقص قالب حلوى بالمناسبة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 18 دقائق
- الشرق الجزائرية
فضل الله: أخشى من أن ينتج الخطاب التحريضي فتنة جديدة
استقبل العلامة السيد علي فضل الله وفداً ضم رافي مادايان، حنا شارل أيوب، وأيّوب الحسيني، جرى خلاله البحث في التطورات على الساحة اللبنانية والإقليمية. وفي مستهل اللقاء، شدّد مادايان على «خطورة المرحلة الراهنة»، معبّراً عن «خشيته من مشاريع تقسيم المنطقة إلى كانتونات وأقاليم تصبّ في خدمة الكيان الصهيوني وتمكّنه من السيطرة على مقدّراتها مبديا استغرابه من قرار الحكومة بحصر السلاح من دون وضع استراتيجية دفاعية واضحة في ظل الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على لبنان، الأمر الذي أدّى إلى زيادة أجواء الاحتقان والانقسام»، داعيا إلى «استحضار طرح «دولة الإنسان» الذي قدّمه المرجع السيد محمد حسين فضل الله (رض)، باعتباره الحل الأمثل الجامع بين مختلف مكوّنات الوطن». من جهته، رحّب فضل الله بالوفد، مؤكداً «ضرورة تفعيل الحوار الجاد بين اللبنانيين وتعزيز التواصل الداخلي الكفيل بنزع أي فتيل للفتنة»، مشدّداً على «اهمية استحضار العناصر المشتركة بين الأديان والمذاهب، والتيارات الوطنية وفي مقدّمتها القيم الأخلاقية والإنسانية، والعمل على ترسيخها لتكون الحاكمة في الواقع، وبما يسهم في بناء دولة يشعر فيها الجميع بالاطمئنان والعدالة». وأعرب عن أسفه «للخطاب الاستفزازي والتحريضي الذي يزيد من حال الاحتقان»، داعياً إلى «عقلنة الخطاب والكلمة قبل إطلاقها تفادياً للتداعيات السلبية التي قد تنتج عنها»، مشيرا إلى أن «العدو الصهيوني يعمل لإنتاج فتنة داخلية ما يستوجب من الجميع التحلي بالصبر والحكمة وتبريد الأجواء المشحونة، والابتعاد عن ردود الفعل غير المدروسة والحسابات الخاصة والضيّقة».


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
رئيس الجمهوريّة: للمحافظة على الوجود المسيحي في المشرق العربي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على الدور المحوري والحيوي الذي يلعبه المسيحيون في منطقة المشرق العربي التي تشكل مهد الحضارات والديانات. وقال خلال استقباله بطريرك كنيسة المشرق الاشورية البطريرك مار آوا الثالث، مع وفد من الطائفة، "ان المسيحيين في المشرق العربي "ليسوا مجرد أقلية دينية بل هم جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري لهذه المنطقة، فعلى هذه الأرض المقدسة ولدت المسيحية وانتشرت منها الى العالم اجمع، وساهم مسيحيو المشرق في بناء الحضارة العربية والإسلامية، وكانوا روادا في العلوم والطب والفلسفة والادب والفنون". وأشار الى "أن ما تعرض له المسيحيون في الفترة الأخيرة في عدد من الدول"، داعيا الى "وقف هجرة مسيحيي الشرق، لان الوجود المسيحي ضمانة أساسية للحفاظ على التنوع الديني والثقافي، وهذا التنوع هو مصدر قوة واثراء للمجتمعات العربية وليس عنصر ضعف او انقسام، وبالتالي فان هجرة المسيحيين بسبب عدم الاستقرار والصراعات تشكل نزفا بشريا يفقد المنطقة خبرات وطاقات لا يمكن تعويضها بسهولة، وعلى الأطراف المعنيين في الدول التي شهدت هجرة مسيحية متزايدة ان يعملوا ليس فقط على حماية المسيحيين بل على التأكيد على مبدأ المواطنة الكاملة والمتساوية لجميع أبناء هذه الدول، حيث لا تمييز على أساس الدين او المذهب، فالمسيحيون حيثما كانوا هم كاملو الحقوق والواجبات". وشدد الرئيس عون على "أن مستقبل المشرق العربي مرتبط بقوة بالحفاظ على تنوعه الديني والثقافي، لان وجود المسيحيين في هذه المنطقة ليس مجرد حق تاريخي بل ضرورة حضارية ومصلحة استراتيجية لجميع شعوب المنطقة". وقال البطريرك مار آوا الثالث: "نصلي من اجل نجاح جهودكم في المحافظة على مستقبل لبنان ودوره في محيطه والعالم". ورافق البطريرك في زيارته المتروبوليت مار ميلس زيا والأب جورج يوحنا والأب نينوس عودة والسيد عصام الاسعد. وفد راهبات واستقبل الرئيس عون وفدا من رهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات، تحدثت باسم الرئيسة العامة الأم دولي شعيا التي قالت: "إن رهبانيتنا المتجذرة في أرض لبنان والمؤتمنة على رسالة الصلاة والخدمة، ترفع الدعاء معكم ومن أجلكم، حتى تظل يد الله تبارك خطواتكم، ويظل لبنان ارض قداسة ورجاء". ورد الرئيس عون، مشددا على "أهمية الدور الذي تضطلع به رهبانية الراهبات اللبنانيات المارونيات، التي منها القديسة رفقا التي حولت الآلام الى أمل وحياة ورجاء. وهذه رسالة الى جميع اللبنانيين تماما كما هي رسالة لبنان الذي إجترح فيه المسيح الأعجوبة الأولى، والذي نشر فيه أبناؤه العلم والدين والإيمان، فكانت من هنا الرهبانيات المتعددة على مساحة الوطن وصولا الى الخارج"، مضيفا "لا خوف على هذا الوطن، طالما فيه امثالكن، وفيه قديسون كثر. نحن سنتمكن من التغلب على الازمات وهذا الأمر من تاريخ اجدادنا الذين طوعوا الصخر الى اليوم. وهو نابع من عمق الإيمان بلبنان وذلك بصلواتكن وإيمانكن بهذا الوطن وبرسالتكن في خدمة المجتمع اللبناني الذي هو في حاجة اليكن، كما هو في حاجة الى وعي وتجدد الإيمان". الفنان برنار رنو وفي قصر بعبدا، الفنان برنار رنو الذي أطلع الرئيس عون على النشاطات والمعارض الفنية التي يقوم بها في لبنان والخارج، والتجاوب الذي يلقاه الفن اللبناني. وقدم رنو للرئيس عون لوحة تمثل العلم اللبناني مع شجر الأرز لضمها الى اللوحات التي سبق ان قدمها لرئاسة الجمهورية، وتم تعليقها في قصر بعبدا.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
فضل الله لوفد "مستقلون من أجل لبنان": أخشى أن ينتج الخطاب التحريضي فتنة جديدة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب استقبل السيد علي فضل الله وفداً من "لقاء مستقلون من أجل لبنان" ضم رافي مادايان، حنا شارل أيوب، وأيّوب الحسيني، جرى خلاله البحث في آخر التطورات على الساحة اللبنانية والإقليمية. وفي مستهل اللقاء، شدّد مادايان على "خطورة المرحلة الراهنة"، معبّراً عن "خشيته من مشاريع تقسيم المنطقة إلى كانتونات وأقاليم تصبّ في خدمة الكيان الصهيوني وتمكّنه من السيطرة على مقدّراتها مبديا استغرابه لقرار الحكومة بحصر السلاح من دون وضع استراتيجية دفاعية واضحة في ظل الاعتداءات الصهيونية المتكرّرة على لبنان، الأمر الذي أدّى إلى زيادة أجواء الاحتقان والانقسام"، داعيا إلى "استحضار طرح "دولة الإنسان" الذي قدّمه المرجع السيد محمد حسين فضل الله، باعتباره الحل الأمثل الجامع بين مختلف مكوّنات الوطن". من جهته، أكد فضل الله "ضرورة تفعيل الحوار الجاد بين اللبنانيين وتعزيز التواصل الداخلي الكفيل بنزع أي فتيل للفتنة"، مشدّداً على "اهمية استحضار العناصر المشتركة بين الأديان والمذاهب، والتيارات الوطنية وفي مقدّمتها القيم الأخلاقية والإنسانية، والعمل على ترسيخها لتكون الحاكمة في الواقع، وبما يسهم في بناء دولة يشعر فيها الجميع بالاطمئنان والعدالة". وأعرب عن أسفه "للخطاب الاستفزازي والتحريضي الذي يزيد من حال الاحتقان"، داعياً إلى "عقلنة الخطاب والكلمة قبل إطلاقها تفادياً للتداعيات السلبية التي قد تنتج منها"، مشيرا إلى أن "العدو الصهيوني يعمل لإنتاج فتنة داخلية ما يستوجب من الجميع التحلي بالصبر والحكمة وتبريد الأجواء المشحونة، والابتعاد عن ردود الفعل غير المدروسة والحسابات الخاصة والضيّقة". وأكد فضل الله أن "الطائفة الشيعية مكوّن أساسي متجذّر في هذا الوطن، وقدّمت التضحيات الجسام دفاعاً عن سيادته واستقراره وأمنه"، داعياً إلى "الحفاظ على عناصر القوة الوطنية وعدم التفريط بها استجابةً للإملاءات الخارجية".