
السلام.. على رأس صاروخ!محمد جواد الميالي
السلام.. على رأس صاروخ!
محمد جواد الميالي
الزمن الذي يشتهي فيه العالم لحظة سكينة، ولّدَ دخانٌ في رحم الشرق، وكوّر الأحلام على رؤوس الصواريخ، على ضفاف المتوسط، اصطف الغضب طابوراً طويلاً، حاملاً أسماء الشهداء وصور الأطفال وبيانات الدول، وفي الخليج، لا ينام البحر، يتهجّى نذور الحرب، وينتظر صافرة الانفجار.
من طهران إلى تل أبيب، تتطاير الرسائل، حمراء بلون الدم، مشفّرة بلهجة النار والحديد، الجمهورية الإسلامية الإيرانية تقف، رغم الحصار والتآمر، في ميدان شرفها، مستندة إلى إرث كربلاء، فيما الكيان الصهيوني يقف خلف جدرانه الالكترونية، متوجّساً من الطائرات المسيّرة كأنها أشباح تطرق بابه ليلاً.
أما واشنطن، هناك يجلس دونالد ترامب، وقد عاد إلى كرسيه مهرولا من كندا، يحدّق في شاشةٍ ملتهبة، يسأل نفسه: هل يدخل المعركة من أجل طموحات اليمين اليهودي؟ هل يرمي بشعار 'السلام عبر القوة' ليحترق في لهيب الخليج؟
الأسطول الخامس، الذي طالما تباهت به أمريكا كرمزٍ لهيبتها، قد يجد نفسه في مرمى نيران لا ترحم، القواعد المنتشرة كالأخطبوط في قطر والبحرين والكويت والعراق، قد تتحول فجأة إلى توابيت حديدية في لحظة جنون سياسي، الأسطول المتمركز في البحرين، يشكّل نقطة الارتكاز العسكرية الأهم لأمريكا في الخليج، إلا أن أي مشاركة مباشر لها في الحرب الدائرة بين إيران والصهاينة، من شأنه أن يجرّ هذا الأسطول إلى قلب الاشتباك، ويفتح الباب أمام استهداف ممنهج لكافة القواعد في المنطقة.
إيران تملك شبكة من القدرات غير المتكافئة، تشمل الطائرات المسيّرة، الصواريخ البالستية، والمجموعات الحليفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وهي قد ترى في أي تدخل أميركي مباشر مبرراً لضرب الوجود العسكري الأميركي، ما يعني أن القواعد في العديد من الدول الخليجية ستكون تحت تهديد فعلي.
هنا، وفي هذا الفراغ الذي سيعقب الانفجار، ستدخل الصين كالمياه، تنساب إلى الفراغ، تقيم قواعدها، وتفرض تجارتها، وتعيد رسم خارطة الشرق الأوسط، بخطوط المصلحة والمصانع.. معها ستزحف روسيا على الجراح، حاملة خيوط الغاز والطموح الإمبراطوري.
هل ستكون نهاية إيران بداية لنهاية أمريكا في المنطقة؟ وهل تنكسر الهيمنة الأميركية في لحظة 'باليستي' يعلو قائلاً: 'السلام على رأس صاروخ'؟ أم أن الدولة العميقة ستشد لجام ترامب، وتهمس في أذنه، لا تخاطر بمصير إمبراطوريتنا، سنجد طريقاً آخر، نحفظ فيه التوازن، ونحمي به مصالحنا من جنون الطموحات؟
ان أمام إدارة ترامب معظلة حقيقية، لأنه أمام حرب شاملة بين إيران والكيان الغاصب، تحمل في طياتها تحولاً استراتيجياً جذرياً في النظام الإقليمي، فإذا ما انهارت إيران، فإن خسائر أمريكا لن تكون مجرد جيوسياسية، بل وجودية في الشرق الأوسط، وإن بقيت الجمهورية الإسلامية، فإن واشنطن ستكون قد دخلت حرباً جديدة بلا أفق، بينما تتقدم الصين وروسيا لتقودا العالم الجديد.
يبقى السؤال، هل يُضحّي ترامب بالسلام من أجل رأس صاروخ؟ أم أن الصواريخ ذاتها ستفرض شكلاً جديداً من السلام؟
2025-06-21
The post السلام.. على رأس صاروخ!محمد جواد الميالي first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 7 ساعات
- شفق نيوز
الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب عالمي لرد إيران
شفق نيوز/ تراجعت أسعار الذهب، يوم الاثنين، مع اتجاه المستثمرين نحو الدولار عقب الضربات الأمريكية التي استهدفت مواقع نووية رئيسية في إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع، وسط ترقب واسع لرد طهران المحتمل. وبحلول الساعة 03:41 بتوقيت غرينتش، انخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% ليصل إلى 3,362.29 دولاراً للأوقية (الأونصة)، فيما تراجعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بالنسبة ذاتها لتصل إلى 3,378 دولارات. وقال محللون إن "ارتفاع قيمة الدولار الأميركي ساهم في كبح أسعار الذهب، ما أدى إلى أداء ضعيف للمعدن النفيس رغم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة". وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أثار، يوم أمس الأحد، احتمال تغيير النظام في إيران، عقب قصف مواقع عسكرية رئيسية، في وقت حذّر كبار المسؤولين الأميركيين طهران من الرد، فيما تعهدت الأخيرة بالدفاع عن نفسها، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة استخدمت قنابل خارقة للتحصينات تزن 30 ألف رطل لاستهداف موقع "فوردو" النووي. وعلى الصعيد الفني، أشار محللون إلى أن الذهب الفوري قد يختبر مستوى الدعم عند 3348 دولاراً للأوقية، مع احتمالية فتح الطريق نحو 3324 دولاراً في حال الانخفاض دونه. وفي المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.2% إلى 36.07 دولاراً للأوقية، وزاد البلاتين 0.1% ليبلغ 1269.17 دولاراً، بينما صعد البلاديوم 0.2% إلى 1046.62 دولاراً.


شفق نيوز
منذ 8 ساعات
- شفق نيوز
ترامب: ضرباتنا للمواقع النووية الإيرانية أصابت أهدافاً تحت الأرض بدقة
شفق نيوز/ قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الاثنين، إن الضربات الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية أصابت أهدافها بدقة، ووصلت إلى مستويات عميقة تحت الأرض. وكتب ترامب على صفحته بمنصة "تروث سوشيال"، مستشهدا بصور الأقمار الصناعية التي توثق آثار الضربات: "أكبر ضرر وقع على مسافة بعيدة تحت سطح الأرض. أصبنا الهدف بدقة!!". وفي ليلة 22 يونيو/ حزيران نفذت الولايات المتحدة ضربات ضد ثلاث منشآت نووية إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن طهران يجب أن توافق على "إنهاء هذه الحرب"، وإلا فإن إيران ستواجه عواقب أكثر خطورة. في المقابل، قال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس بعد الهجمات، التي وصفها الجانب الإيراني بالهمجية والإجرامية، إن الولايات المتحدة ليست في حالة حرب مع الجمهورية الإسلامية.


موقع كتابات
منذ 15 ساعات
- موقع كتابات
سيناريو المواجهة ومستقبل النظام الإيراني
واصلت إسرائيل وإيران تبادل الغارات الجوية الاعنف ، منذ بداية الصراع في 13 يونيو/حزيران 2025 ، ما يمثل تصعيداً خطيرا ، بعد ان انتقلت المواجهة من حرب بالوكالة إلى صدام مباشر . وفي تطور لافت، هاجمت الولايات المتحدة ثلاثة مواقع نووية إيرانية يوم الأحد 22 يونيو/حزيران ، واعلن دونالد ترامب أن قدرات التخصيب في البلاد قد 'دُمّرت بالكامل'. كما أثار في الوقت نفسه إمكانية العودة إلى المفاوضات . عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري بالقرب من الشرق الأوسط بثلاث حاملات طائرات، وهي يو إس إس كارل فينسون، ونيميتز، وجيرالد فورد. وسط هذا التصعيد المزدوج من واشنطن وتل أبيب، يجد النظام الإيراني نفسه في موقف استراتيجي بالغ الحساسية. فإما الاستسلام والعودة إلى طاولة المفاوضات وفق الشروط الأمريكية، والتي تشمل تصفير التخصيب النووي، وتفكيك الصواريخ الباليستية، وتقليص النفوذ الإقليمي، وبذلك يتم إنقاذ النظام… أو المضي في المواجهة،واستهداف أصولاً في الدول المجاورة التي تعتقد أنها تساعد الولايات المتحدة، اضافة الى احتمال إغلاق مضيق هرمز ، الذي يمثل تهديدًا للسوق العالمية، وهو ما قد يؤدي إلى انتشار الصراع مع تلقي مزيد من الضربات ألامريكية الموجعة ، والتي قد تطيح بالنظام . ويُشار إلى أن النظام الإيراني اليوم في أضعف حالاته، بفعل: تآكل الثقة الشعبية . اقتصاد منهك من التضخم والبطالة وانهيار العملة . تصاعد التوتر الداخلي بين جناحي النظام: المتشدد بقيادة خامنئي، والإصلاحي بقيادة بزشكيان تراجع نفوذه الإقليمي، خصوصًا بعد ضعف حزب الله في لبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا . ازدادت في الآونة الأخيرة الأصوات الداعية لتغيير النظام، حيث لمح الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي إلى إمكانية استهداف المرشد الأعلى علي خامنئي . وهنا تُطرح تساؤلات جدية: هل بدأ سيناريو تغيير القيادة في إيران؟ ربما لا يُسقط النظام بالكامل، لكن احتمال استبدال 'الولي الفقيه' بشخصية أكثر اعتدالًا بات مطروحًا، سواء بطرق معلنة أو في الكواليس. إن ما يجري خلف الأبواب لا يقل خطرًا عن المواجهات العسكرية المعلنة، فمشروع سياسي بديل يبدو قيد التشكّل، يحمل تداعيات بعيدة المدى على مستقبل النظام الإيراني. في ظل هذه التحديات المتداخلة، تضيق الخيارات أمام طهران، ويتقلص هامش المناورة. وربما لم يعد أمام النظام سوى إعادة تموضع إقليمي، وتقديم تنازلات قاسية، تضمن له البقاء ولو بثمن مرتفع. إنها لحظة 'رقص على حافة الهاوية'… حيث لا تملك إيران ترف الخطأ. وأيًا كان القرار، فإنه سيرسم ملامح مستقبل النظام، ويضع حدًا لمشاريعه التوسعية، ويُعيده إلى داخل حدوده .