
الحرب تطحن شعوب المنطقة بين رحا الغذاء والاقتصاد
مع انتقال المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية من مرحلة التهويل والحرب الخطابية إلى نزال عسكري مباشر وشرس تزايدت مخاوف الإقليم من تهديد سلاسل التوريد وتوقف عمليات التصدير واضطراب النقل البحري من مناطق الشرق الأقصى إلى أوروبا عبر المنطقة العربية، وبالتأكيد تضرر صناعة النفط تلك السلعة التي تحظى بحجم وازن في واردات الدول، حيث تشير التقديرات إلى عدم تأثر عملية استيراد السلع الغذائية والدوائية بفعل بقاء قناة السويس مفتوحة والملاحة في البحر المتوسط آمنة.
التصعيد المضبوط
ما إن اشتعلت شرارة الحرب الإسرائيلية – الإيرانية المباشرة حتى ارتفعت أسعار النفط بنسبة 14 في المئة مع احتمال بلوغ مستويات أعلى في حال طاولت المواجهة، وانضمام أطراف جديدة إليها وتحولها إلى أزمة عالمية، ويتحدث المتخصص في النقل البحري الدولي وسيم ناجي عن ثلاثة احتمالات ممكنة، موضحاً أنه في الحالة الأولى "البقاء في مستوى الحرب الكلامية والتهديد"، أما الثانية، فهي "تهديد التجارة الدولية من خلال الاعتداء على بعض الناقلات في المياه الدولية"، والثالثة صدور قرار بإغلاق مضيق هرمز الذي يعتد شرياناً حيوياً لتصدير النفط العربي والإيراني.
تعول القوى العالمية على "تصعيد مضبوط" بين إسرائيل وإيران، فالمعركة لم تتجاوز الحدود المتوقعة من الأطراف الدولية، ويقلل خبراء من احتمالية إغلاق إيران لمضيق هرمز، ويعد بمثابة "إطلاق النار على القدم"، كونه ممرها إلى العالم، بالتالي فإن التجارة الدولية اعتادت على المسار الجديد في أعقاب سلسلة الهجمات الحوثية في البحر الأحمر التي استثنت السفن الروسية والصينية والهندية، وتهديد مضيق باب المندب، على رغم الدوران حول رأس الرجاء الصالح، وما ينجم عنه من زيادة في أسعار السلع بفعل ارتفاع أيام النقل بمعدل 17 يوماً، أي نحو 4 آلاف ميل بحري، وزيادة كلف التأمين ومصاريف التشغيل للبضاعة القادمة من آسيا، في مقابل استقرار أسعار السلع الأوروبية والدول القريبة.
ويشير المتخصص في النقل البحري وسيم ناجي إلى أن "جميع بضائع شرق آسيا، والرز الهندي، وغيرها من المعدات تصل باستمرار، ولم تنقطع بالكامل على رغم الهجمات، وأدى الدوران إلى ارتفاع كلفة النقل والتأمين، والخوف محصور بالنفط والغاز "وقد يصل سعر برميل النفط إلى 120 دولاراً في حال الإقفال الجزئي، وإلى 200 دولار في حال وصلنا إلى إقفال كلي لمضيق هرمز، وهو ما سيؤدي إلى ربح كبير للولايات المتحدة"، مشيراً إلى "ارتفاع بدلات التأمين الإضافية بفعل الأخطار الحربية المستجدة، والتي قد تصل إلى ألف ضعف، وهو ما لن تشعر به الناقلات العملاق التي تحمل ما بين 3 آلاف و4 آلاف حاوية، حيث تتوزع الزيادات على الحمولة الكبيرة، إذ يمكن أن ترتفع أسعار البضائع بمعدل 15 في المئة"، "أما العامل المؤثر الآخر هو ارتفاع سعر وقود الناقلات".
تمر عبر مضيق هرمز 40 مليون برميل نفط يومياً، أي ما يوازي 80 ناقلة نفط بأحجام مختلفة، أي قرابة 45 في المئة الإنتاج العالمي للنفط الخام. وينبه ناجي من إمكان تكرار تجربة أزمة عام 1929 الاقتصادية العالمية في حال طاولت الأزمة فيما يتعلق بالنفط، مستدركاً "لن يتأثر العالم على مستوى الغذاء بالصدام الراهن لأنه ليست إسرائيل وإيران بالمصدرين الكبار لتلك المواد إلى دول المحيط، فهم ليسوا تركيا أو فرنسا أو ألمانيا أو أوكرانيا، فعلى سبيل المثال ارتفع سعر إحدى السلع الأساسية من تلك الدولة من نحو تسعة دولارات إلى 19 دولاراً خلال عام واحد فقط".
المتضرر الحقيقي
يرتفع منسوب التشكيك حول نجاعة أي خطوة إيرانية بـ"إغلاق مضيق هرمز"، فهو متنفسها لتصدير المواد النفطية إلى العالم من خلال ميناء بندر عباس، ولن يلحق ضرر بـالطرف الإسرائيلي والولايات المتحدة التي تمتلك بدائل وإنتاجاً محلياً، و"لا مصلحة لإيران أو دول الخليج بإقفال المضيق، علماً أن طابوراً خامساً قد يتدخل للقيام بأعمال تخريب".
ويشير وسام ناجي إلى "خسائر كبيرة ستلحق بجمهورية إيران بدءاً بخسارة جزء من الاتفاقية مع الصين التي يبلغ إجمالي قيمتها 800 مليار دولار، وبمعدل تصدير 45 مليار دولار سنوياً، في المقابل لن تتأثر الولايات المتحدة التي باتت تعتمد في 90 في المئة على النفط الصخري المنتج محلياً، إضافة إلى كندا والمكسيك، كما أن إسرائيل ستستفيد من أسهم الشركات الأميركية التي ستؤدي الأزمة في المنطقة إلى ارتفاع قيمة أسهمها ومضاعفة أرباحها".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويعتبر ناجي أنه "لن تتأثر سلاسل التوريد إلى الدول المتحاربة أيضاً، لأن إسرائيل لديها البحر المتوسط، ويمكنها الاستيراد عبره من دون أي تهديد، والأمر عينه فيما يتعلق بإيران التي تمتلك حدوداً شاسعة مع دول آسيوية غنية وعلاقات قوية مع روسيا وتركيا، وانتشار الاقتصاد النقدي في إيران، وهو ما يؤهلها لشراء السلع مباشرة على رغم العقوبات".
صدمة الدول المحيطة
تعيش الدول المحيطة، وتحديداً ما يعرف بـ"دول الطوق" حالاً من الإرباك، فلا يمكنها أن تلعب دور المتفرج لما يحدث على حدودها، ولكنها تمر أيضاً بأزمات متلاحقة، فمن الناحية المصرية، هناك مخاوف من تراجع واردات قناة السويس التي توازي بأهميتها السياحة في البلاد، وتؤمن دخلاً قريباً من أربعة مليارات دولار سنوياً.
ويلفت ناجي إلى أنه "في حال استمر استثناء البواخر الصينية والروسية والهندية من التقييد البحري، فإن مصدر الدخل سيستمر للدولة المصرية، ولكن في حال استمرت الحرب طويلاً، وبلغت مرحلة التدمير القصوى، لا شيء يبقى مضموناً سوى رغبة ترمب الدفينة في الاستفادة من 10 تريليونات دولار قيمة إعادة الاقتصاد الإيراني للتعافي في حال عقد الصلح معها".
في السياق يرتفع منسوب الخوف في دول المحيط، حيث تعاني دول مثل العراق ولبنان والأردن من أزمات اقتصادية، وتعتمد إلى حد بعيد على الاستيراد عوضاً عن التصنيع المحلي، ويعتقد الباحث الاقتصادي الأردني مازن أرشيد "وجوب انتهاء الحرب عاجلاً غير آجل، على رغم صعوبة التنبؤ في مسارها المستقبلي، ففي حال كانت الحرب قصيرة لن يتأثر المستهلك، وسيقتصر على ارتفاع النفط حالياً"، لافتاً إلى "خطورة الانتقال لاستهداف البنية التحتية للطاقة النفطية والغازية".
ويشير أرشيد إلى مرور 20 مليون برميل نفط من أصل 100 مليون منتج يومياً عبر مضيق هرمز، وهو ما يسهم في تعزيز معدلات التضخم، وتطرق إلى ملف استيراد الغاز من إسرائيل، مطالباً بالاستغناء عنه وإعطاء الأولية لمصادر أخرى مثل الجزائر وقطر، مشدداً على ضرورة الحفاظ على الممرات البحرية مفتوحة لمنع تأثير سعر السلع الأساسية بارتفاع النفط، ناهيك باستقرار توريد السلع الآسيوية التي تعتمد عليها دول المنطقة على مستوى الواردات الإلكترونية.
ويتحدث الباحث الاقتصادي عن تأثير "غلق الأجواء" على سلاسل التوريد في دول مثل الأردن، فهي لا تعتمد على الطيران فقط لاستقبال السياحة التي تعافت نسبياً، وتستخدم في استيراد جزء من الغذاء، ويقول "لا تملك دول المنطقة الأمن الغذائي، فالأردن مثلاً يستورد 85 في المئة من حاجاته الغذائية، و90 في المئة من النفط"، أما "على مستوى مصر، فتأثير الأزمة الراهنة أقل عليها مقارنة بالحرب الروسية - الأوكرانية التي تستورد منها الحبوب والزيوت، إلا أن جميع الأمور رهن استمرار الحرب من وقفها، والحفاظ على حركة الشحن البحري عبر قناة السويس مع بقاء مضيق هرمز وباب المندب في العمل".
لبنان والتوريد مستمر
تتكرر التطمينات في لبنان من وجود مخزون غذائي ودوائي كافٍ لأشهر عدة، ويؤكد هاني بحصلي، وهو نقيب مستوردي المواد الغذائية، أن "ما يجري في المنطقة هو أمر خطر، وليس حدثاً عابراً لا يمكن الاستخفاف به"، مطمئناً إلى "أوضاع مستقرة بفعل استمرار النقل البحري وخطوط الإمداد، وعلى رغم إلغاء بعض شركات الطيران رحلاتها إلى البلاد".
ودعا بحصلي المواطنين إلى عدم تخزين السلع، لأن هناك كميات كافية، و"قد تمكنا في لبنان من تجاوز لحظات أصعب خلال الحرب الإسرائيلية على البلاد".
من جهته أكد نقيب الصيادلة في لبنان جو سلوم أنه "لا خوف على الدواء، وهناك مخزون كبير، والاستيراد والتصنيع كالمعتاد"، مؤكداً التنسيق بين نقابة الصيادلة ومستوردي ومصنعي الأدوية محلياً لتجنب انقطاع الدواء.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


غرب الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- غرب الإخبارية
"منشآت" تحصد جائزة دولية في مؤتمر ريادة الأعمال العالمي بإنديانا الأمريكية
حققت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة "منشآت" إنجازاً دولياً جديداً بحصولها على جائزة Founder Catalys، ضمن جوائز GEN Compass Awards التي أعلن عنها خلال فعاليات مؤتمر ريادة الأعمال العالمي (GEC 2025)، الذي استضافته ولاية إنديانا الأمريكية، بمشاركة أكثر من (10,000) رائد أعمال ومسؤول من (141) دولة حول العالم. وجاء منح الجائزة تقديراً لإسهامات "منشآت" في فعاليات كأس العالم لريادة الأعمال، حيث قدّمت الهيئة تجربة متكاملة لدعم رواد الأعمال وتمكين المنشآت الناشئة، عبر برامج تدريبية ومعسكرات مكثفة، وشبكة إرشاد عالمية تفتح آفاق التواصل والتوسع الدولي للمشاركين. وأكّدت لجنة الجوائز أن ما قدمته "منشآت" أسهم في تحويل تجربة المشاركين إلى نقطة انطلاق فعلية نحو النجاح، من خلال توفير الموارد والأدوات العملية لإطلاق المشاريع وتحقيق أثر ملموس. وتأتي هذه الجائزة بالتزامن مع اختتام "منشآت" النسخة السادسة من جائزة ابتكر، بتتويج ست منشآت سعودية فائزة ستتأهل لتمثيل المملكة في النهائيات الدولية خلال هذا العام، والمنافسة على جوائز مالية تصل إلى مليون دولار، إلى جانب التكريم على المستويين المحلي والعالمي. وشهدت النسخة الأخيرة من تصفيات كأس العالم لريادة الأعمال، التي نظّمتها "منشآت" ضمن فعاليات ملتقى بيبان (24)، مشاركة واسعة من رواد الأعمال، واختتمت بتتويج الفائزين, بحضور عدد من أصحاب السمو والمعالي والمسؤولين. ويأتي هذا الإنجاز امتداداً لجهود "منشآت"؛ في دعم وتمكين رواد الأعمال السعوديين، وتعزيز تنافسية المملكة في مؤشرات ريادة الأعمال على المستوى الدولي.


المدينة
منذ 2 ساعات
- المدينة
الدولار يتراجع أمام الين وسط توترات جيوسياسية وترقب قرار الفائدة الأمريكية
شهد الدولار الأمريكي تراجعًا طفيفًا أمام الين الياباني واستقرارًا أمام الفرنك السويسري، في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، وترقّب الأسواق لقرار الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في وقت لاحق اليوم.واستعاد الدولار بعض زخمه كعملة ملاذ آمن، مرتفعًا نحو (1%) مقابل الين والفرنك واليورو منذ يوم الخميس الماضي، قبل أن يعود للتراجع الطفيف اليوم، مسجلًا (144.845) ينًا، ومستقرًا عند (0.8175) فرنك سويسري.أما اليورو، فارتفع بنسبة (2%) إلى (1.1498) دولار، وكذلك الجنيه الإسترليني الذي صعد بنسبة مماثلة إلى (1.345) دولار، مدعومًا ببيانات أظهرت تباطؤ التضخم في المملكة المتحدة إلى (3.4%) في مايو، تماشيًا مع التوقعات، قبيل قرار بنك إنجلترا بشأن الفائدة.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
المستثمرون وترمب يترقبون إشارات "الفيدرالي" لمسار الفائدة في 2025
تتجه الأنظار اليوم إلى "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي)، إذ من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير في اجتماعه اليوم، لكن المستثمرين سيتابعون عن كثب جانباً آخر: هل لا يزال صناع السياسات النقدية ملتزمين بتخفيضين في أسعار الفائدة خلال هذا العام؟ من المقرر أن يصدر "الاحتياطي الفيدرالي" اليوم أحدث مجموعة من التوقعات، بما في ذلك الرسم البياني الشهير "الرسم النقطي"، والذي يحدث كل ربع عام ويُظهر توقعات كل عضو في "الفيدرالي" لمسار سعر الفائدة الرئيس للبنك. توقعات "الفيدرالي" المخطط البياني النقطي الأخير، الصادر في مارس (آذار) الماضي، كشف عن إجماع بين مسؤولي "الفيدرالي" على إجراء خفضين هذا العام، إذ بدأ بعضهم يأخذ في الحسبان تأثير السياسات الاقتصادية للرئيس ترمب. وصدرت نفس التوقعات في ديسمبر (كانون الأول) 2024، ويتوقع كثير من المتابعين أن يتمسك صناع القرار في البنك المركزي بما أشاروا إليه سابقاً وسط استمرار ضبابية لعديد من العوامل المؤثرة في التوقعات. أحدث تلك العوامل جاء الأسبوع الماضي مع الضربات الجوية الإسرائيلية في إيران، التي أثارت مخاوف من حرب مطولة قد ترفع أسعار النفط وتغذي التضخم خلال الصيف. أهمية إشارات اليوم وقالت الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي إستير جورج، "هذا الاجتماع سيتمحور حول المخطط البياني النقطي... بسبب حال عدم اليقين السائدة، أعتقد أنهم سيترددون في إرسال إشارات بتغييرات عن مواقفهم السابقة". من جانبه، قال كبير الاقتصاديين في "ويلمنغتون ترست" لوك تيلي، إنه لا يتوقع تغييرات كبيرة، وأضاف "لا أعتقد أن النقاط ستتغير كثيراً، ولا أظن أن الرواية العامة ستتغير أيضاً. التوقع الآن هو خفضان، وأتصور أن الأمور ستظل كما هي تقريباً". ضغوط ترمب "الفيدرالي" ورئيسه جيروم باول يتعرضان لضغط سياسي شديد لتسريع وتيرة خفض الفائدة، مع استمرار الرئيس ترمب في انتقاد باول علناً لتأخره في اتخاذ خطوات التيسير النقدي. وفي الخميس الماضي، قال ترمب إنه "قد يضطر إلى فرض شيء ما" في إطار محاولاته المستمرة لدفع البنك المركزي لخفض الفائدة بمقدار نقطة مئوية كاملة، لكنه أشار إلى أنه لن يقيل باول قبل انتهاء ولايته في 2026 وهي خطوة ستواجه على الأرجح طعناً قانونياً، كما وصف ترمب باول بـ"الغبي"، في استمرار لسلسلة من الإهانات الموجهة إليه في الأشهر الأخيرة. هدف الرئيس الأميركي ويستند ترمب في دعوته إلى خفض الفائدة إلى تراجع معدلات التضخم، لكن باول وكثيراً من صانعي السياسات أوضحوا أخيراً أنهم لا يزالون أكثر قلقاً من تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الأسعار من أي ارتفاع في البطالة. ويدعو ترمب "الاحتياطي الفيدرالي" إلى خفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى ضرورة خفض كلفة الدين الحكومي، الذي ارتفع بنسبة سبعة في المئة خلال الأشهر الثمانية الماضية ليصل إلى 776 مليار دولار. ويجادل ترمب بأن خفض أسعار الفائدة بمقدار نقطتين مئويتين من قِبل "الفيدرالي" قد يوفر 600 مليار دولار سنوياً من كلفة الفائدة، لكن الاقتصاديين يُحذرون من أن هذا من المُرجح أن يُؤدي إلى نتائج عكسية ويُؤدي إلى ارتفاع التضخم، مما يُؤدي في النهاية إلى زيادة أسعار الفائدة. أخطار التضخم ويتوقع كبير الاقتصاديين في "إي واي بارثانون" غريغوري داكو، أن يشدد باول في مؤتمره اليوم على أخطار التضخم طويل الأمد بسبب الرسوم، وأن يشير إلى احتمال مواجهة مفاضلات صعبة إذا استمر التضخم في الارتفاع بينما يتباطأ النمو وسوق العمل. وقال داكو، "من المرجح أن يتبنى باول نبرة حذرة وصبورة"، مؤكداً أن السياسة تعتمد على البيانات، وأن "الفيدرالي" مستعد لإعادة ضبط سياسته بحسب الحاجة". وأظهرت أحدث بيانات التضخم ارتفاعات طفيفة في الأسعار حتى مع استمرار فرض الرسوم وهو اتجاه سلط عليه الضوء الأسبوع الماضي كل من ترمب ووزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي قال للمشرعين إنه "لا يوجد تضخم ناتج عن الرسوم". أسعار المستهلكين تصريح بيسنت جاء بعد يوم واحد من صدور تقرير أظهر أن "المؤشر الأساس" لأسعار المستهلكين الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة المتقلبة ارتفع بنسبة 2.8 في المئة على أساس سنوي في مايو (أيار)، وهي نفس النسبة المسجلة في أبريل (نيسان). أما المقياس المفضل للبنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، وهو "مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساس"، فقد ارتفع بنسبة 2.5 في المئة في أبريل الماضي، بانخفاض من 2.7 في المئة في مارس ويستهدف "الفيدرالي" تقليص هذا الرقم إلى اثنين في المئة، إذ لا يوجد وبحسب محللين ضغط كبير على التضخم سوى من مؤشر السكن الذي يواصل التراجع. سوق العمل ويشير متابعو "الفيدرالي" إلى أن سوق العمل تهدأ من دون أن تنهار، إذ لا تزال البطالة عند 4.2 في المئة، والأجور ترتفع بنسبة تقترب من أربعة في المئة لذا، لا تقدم سوق العمل مبررات كافية للبنك الفيدرالي للنظر في خفض الفائدة قريباً كما يراهن المستثمرون حالياً على أن الخفض الأول لن يأتي قبل سبتمبر (أيلول) على أقرب تقدير. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقالت الرئيسة السابقة لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، لوريتا ميستر، "السؤال الحقيقي هو ماذا سيحدث في النصف الثاني من العام، وهل ستستمر تلك الاتجاهات؟ هذا هو موطن عدم اليقين المرتفع، ولذلك أعتقد أن الفيدرالي سيبقى في وضع الانتظار حتى تتضح الصورة أكثر في شأن مدى واتساع تأثير الرسوم، وما هو أثرها الفعلي على التضخم". وترى ميستر أن الإبقاء على سعر الفائدة من دون تغيير لا يُعد مكلفاً مقابل الحصول على رؤية أوضح خلال الصيف في شأن الرسوم. خفض الفائدة لكن تيلي يعتقد أن "الفيدرالي" يجب أن يترك الباب مفتوحاً أمام خفض في يوليو (تموز)، وهو الموعد الذي يتوقع فيه أول خفض. ويتوقع أنه بحلول ذلك الوقت، ستظهر علامات ضعف على الاقتصاد، وستكون سوق العمل تباطأت أكثر. وقال، "يجب أن يتركوا الباب مفتوحاً، لأنه قبل عام، عندما دخلوا اجتماع يونيو (حزيران)، استبعدوا تماماً يوليو، وفي سبتمبر اضطروا إلى خفض الفائدة بـ50 نقطة أساس بعدما أدركوا أنهم تأخروا". تأثير الرسوم أما كبير الاقتصاديين في "جي بي مورغان" مايكل فيرولي، فقال إنه لا يتوقع خفضاً في الفائدة قبل ديسمبر 2024، مشيراً إلى أن رغبة مسؤولي "الفيدرالي" في بالانتظار لرؤية تأثير الرسوم المرتفعة قبل اتخاذ أي إجراء. ويتوقع فيرولي خفضاً إضافياً بثلاث مرات متتالية في بداية العام المقبل، قبل أن تستقر الفائدة عند مستوى 3.25 في المئة 3.50 في المئة بينما تراوح حالياً ما بين 4.25 في المئة و4.5 في المئة. وترى إستير جورج أن التوجه العام لا يزال يميل إلى الخفض، كما أُشير إليه في مارس الماضي، لافتة إلى أن عضو مجلس محافظي "الفيدرالي" كريستوفر والر، أبدى بوضوح رؤيته لذلك، وأن هناك من لا يزال يأمل في خفض الفائدة. وقال "لا أعتقد أن لديهم هامش المناورة الكافي لفعل تغييرات أو حتى التلميح بها الآن، لأن ذلك سيهز الأسواق. ولا أظن أنهم يريدون أن يبعثوا رسالة بأن السياسة ستكون أكثر تشدداً".