
تقرير أممي يحذر من أزمة اجتماعية عالمية
حذر تقرير أممي حديث، من أزمة اجتماعية متفاقمة بسبب انعدام الأمن الاقتصادي، ومستويات التفاوت المذهلة، وتراجع الثقة الاجتماعية.
لا يزال الكثيرون في أنحاء العالم على حافة الفقر على الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت في هذا المجال، فيما يشعر حوالي 60% من الناس بالقلق من فقدان وظائفهم، وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة حذر من أزمة اجتماعية متفاقمة بسبب انعدام الأمن الاقتصادي، ومستويات التفاوت المذهلة، وتراجع الثقة الاجتماعية.
التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية يدعو إلى اتخاذ إجراءات سياسية فورية وحاسمة لمعالجة هذه الاتجاهات المقلقة.
وقال التقرير الاجتماعي العالمي لعام 2025 إن أكثر من 2.8 مليار شخص – أي أكثر من ثلث سكان العالم – يعيشون في ظل الفقر إذ يتراوح دخلهم بين 2.15 و6.85 دولار في اليوم. ويمكن لأي انتكاسة طفيفة أن تدفع الناس إلى الفقر المدقع.
قلق عالمي بسبب فقدان الوظائف
ويفاقم عدم الاستقرار في التوظيف على نطاق واسع حالة عدم اليقين الاقتصادي، إذ يشعر حوالي 60 في المائة من الناس على مستوى العالم بالقلق من فقدان وظائفهم وعدم قدرتهم على العثور على وظائف جديدة.
وفي الوقت نفسه، يعيش 65 في المائة من سكان العالم في بلدان تشهد زيادة في تفاوت الدخل. ولا يزال جزء كبير من إجمالي تفاوت الدخل يعزى إلى التفاوت على أساس خصائص مثل العرق والطائفة ومكان الميلاد والخلفية الأسرية.
وبدون اتخاذ إجراءات عاجلة، سيظل هدف 'عدم ترك أحد خلف الركب' – الذي حددته أهـداف التنمية المستدامة – بعيد المنال بحلول عام 2030 ما لم يتسارع التقدم.
نصف سكان العالم لا يثقون بحكوماتهم
ويؤدي تزايد انعدام الأمن والتفاوت إلى تقويض التماسك الاجتماعي وإجهاد أسس التضامن والتعددية. ولا يثق أكثر من نصف سكان العالم بحكوماتهم إلا قليلا أو لا يثقون بها على الإطلاق.
ومن المثير للقلق أن مستويات الثقة تتراجع من جيل إلى جيل، مما يشير إلى انهيار منهجي للتماسك الاجتماعي. ويؤدي الانتشار السريع للمعلومات المضللة والمغلوطة إلى تفاقم هذه الاتجاهات المقلقة.
في حين أن الأزمات الأخيرة سلطت الضوء على انعدام الأمن والثقة بشكل حاد، يؤكد التقرير أن هذه التحديات الاجتماعية عميقة ومتراكمة على مدى عقود.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: 'يتفشى التفاوت وانعدام الأمن وانعدام الثقة بشكل عميق في جميع أنحاء العالم. ويكافح عدد لا يحصى من الناس لتغطية نفقاتهم في حين تتركز الثروة والسلطة في القمة. وتستمر الصدمات الاقتصادية والصراعات والكوارث المناخية في محو المكاسب التنموية التي تحققت بشق الأنفس. وبالنسبة للكثيرين، تتسم الحياة بعدم اليقين وانعدام الأمن، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تأجيج الإحباط وتعميق الانقسامات. وأهداف التنمية المستدامة بعيدة للغاية عن المنال'.
ويتطلب التغلب على هذه التحديات – وتسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة – تحولات أساسية في السياسات والمؤسسات والأعراف والعقليات.
وعن ذلك قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لي جونهوا: 'يدعو التقرير إلى تقييم نُهج السياسات. ويتطلب الحفاظ على التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة كسر الحلقة المفرغة المتمثلة في انعدام الأمن وتدني الثقة وتقلص الحيز السياسي. ويجب على الحكومات والمجتمع الدولي أن يقيّموا بشكل نقدي أوجه قصور السياسات الاقتصادية والاجتماعية – أو حتى تفاقمها لانعدام الأمن'.
قطر تستضيف القمة العالمية للتنمية الاجتماعية
يشار إلى أن مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، سيعقد في العاصمة القطرية الدوحة، في الفترة من 4 إلى 6 نوفمبر 2025.
وذكر التقرير أن المؤتمر سيوفر منصة حاسمة للحكومات لتقييم التقدم المحرز واتخاذ إجراءات ملموسة للتصدي لهذه التحديات الاجتماعية الحرجة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 4 ساعات
- التغيير
اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني
اقتصاد الظل في السودان: تحالفات الخفاء التي تموّل الحرب وتقمع ثورة التحول المدني من اقتصاد الدولة إلى اقتصاد النهب في السودان، لم يُولد اقتصاد الظل من فراغ، ولم ينشأ على هامش الدولة، بل تكوَّن داخل قلب السلطة، وتحوَّل إلى أداة محورية في يد منظومة مسلحة — تضم الجيش، وجهاز الأمن والمخابرات، والمليشيات — تحالفت لعقود مع منظومات الإسلام السياسي لتثبيت السيطرة على الدولة والمجتمع. ومع تفجّر الثورة، ثم اندلاع الحرب، تكشّف الوجه الحقيقي لهذا الاقتصاد: ليس فقط مصدرًا للثراء غير المشروع، بل وقودًا للحرب، ومنصة لتشويه الوعي، ودرعًا يحمي شبكات السلطة من الانهيار. اقتصاد بلا دولة… بل ضد الدولة اقتصاد الظل في السودان لم يعد مجرد أنشطة غير رسمية كما في التعريف التقليدي، بل أصبح منظومة مهيكلة تعمل خارج إطار الدولة، تموّل وتُهرّب وتُصدر وتُجيّش بلا أي رقابة أو مساءلة. يتجلّى هذا الاقتصاد في تهريب الذهب من مناطق النزاع عبر مسارات محمية بالسلاح وعبر الحدود في كلزالاتجاهات وعبر المنفذ المحمي بالنافذين ، وتجارة العملة التي تغذي السوق الموازي بعيدًا عن النظام المصرفي، إلى جانب شبكة من الأنشطة التجارية الخارجية التي تدار لصالح قلة مرتبطة بأجهزة أمنية وشركات استيراد الوقود لطفيلي النظام السابق محمية من السلطة ، وتحويلات مالية غير رسمية تُستخدم في تمويل اقتصاد الحرب. تشير التقديرات إلى أن ما بين 50% إلى 80% من إنتاج الذهب في السودان يُهرّب خارج القنوات الرسمية. وتُقدّر خسائر السودان من تهريب الذهب خلال العقد الماضي بما لا يقل عن 23 مليار دولار في حدها الأدنى، وقد تصل إلى 36.8 مليار دولار . هذه الأرقام تُظهر حجم الكارثة الاقتصادية التي يمثّلها اقتصاد الظل، ومدى تحوّل الذهب من مورد وطني إلى مصدر تمويل خفي للحرب والنهب. من العقوبات الاقتصادية إلى السيطرة: نشأة التحالف الخفي خلال سنوات العقوبات الأميركية، نشأت شبكات بديلة لحركة المال والتجارة، قادها رجال أعمال ومؤسسات أمنية مرتبطة بالنظام. وبدل أن تواجه الدولة الأزمة ببناء بدائل وطنية، فُتحت السوق أمام فئة طفيلية نمت في الظل، وتحوّلت إلى ذراع اقتصادية للسلطة. وحتى بعد رفع العقوبات عام 2020، لم يُفكك هذا الهيكل، بل تعمّق. ومع انقلاب 25 أكتوبر، استعادت هذه الشبكات سيطرتها الكاملة على الأسواق والموارد، لتبدأ مرحلة جديدة: تحويل اقتصاد الظل إلى مصدر تمويل مباشر للحرب. اقتصاد الريع: الأساس البنيوي لاقتصاد الظل من أبرز الأسباب البنيوية التي مهدت لتضخم اقتصاد الظل في السودان هي هيمنة اقتصاد الريع، الذي مثّل النمط الغالب منذ الاستقلال. فقد اعتمد السودان تاريخيًا على تصدير المواد الخام دون أي قيمة تصنيعية مضافة، بدءًا من القطن والحبوب الزيتية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مرورًا بالبترول في العقد الأول من الألفية، وانتهاءً بعصر الذهب بعد انفصال الجنوب عام 2011. هذا النمط الريعي جعل الاقتصاد السوداني مرتهنًا للأسواق الخارجية، ومفتقرًا لقاعدة إنتاجية وطنية مستقلة. في ظل أنظمة شمولية وفساد مؤسسي، لم تُستثمر عائدات هذه الموارد في تنمية مستدامة، بل أعيد توزيعها عبر شبكات محسوبية وزبونية لصالح نخب الحكم والأجهزة الأمنية. وبدل أن يكون اقتصاد الريع رافعة للتنمية، تحوّل إلى بيئة حاضنة لاقتصاد الظل. والمفارقة أن هذا الاقتصاد لم ينشأ في الهوامش كما قد يُظن، بل نشأ وترعرع في المركز، داخل مؤسسات الدولة نفسها، وبتواطؤ من النخبة الحاكمة، التي استخدمته أداة للتمويل غير الرسمي، ولتثبيت سلطتها السياسية والعسكرية.وهكذا، اندمج الريع مع الفساد والعسكرة، وخلق منظومة اقتصادية موازية، لا تقوم على الإنتاج بل على النهب، ولا تخضع للقانون بل تتحصن خلفه.. تجارة السلاح والمخدرات: الوجه المحرّم لاقتصاد الظل من أخطر أوجه اقتصاد الظل، تورّط المنظومة المسيطرة في تجارة السلاح والمخدرات. فقد انتشرت تقارير موثقة عبر وسائط الإعلام ومنصات التواصل خلال عهد الإنقاذ، حول 'كونتينرات المخدرات' التي وصلت البلاد أو عبرت نحو دول الجوار، تحت حماية أو تواطؤ من جهات أمنية. هذه التجارة، وإن ظلت في الظل، شكّلت مصدر تمويل خفي مكمل للحرب، ومنصة لتجنيد المليشيات، ومجالًا لتبييض الأموال وتوسيع سيطرة مراكز النفوذ. معركة الوعي المُموّلة: الإعلام كسلاح في الحرب ضد المدنية لا يقتصر دور اقتصاد الظل على تمويل السلاح فقط، بل يُغذي معركة أخرى لا تقل خطورة: معركة السيطرة على الوعي. تُدار هذه الحملة الإعلامية من غرف خارج السودان، في عواصم مثل القاهرة، إسطنبول، دبي، والدوحة، بإشراف إعلاميين من بقايا نظام الإنقاذ وشبكات أمنية وإيديولوجية. وتنتج هذه الغرف محتوى ممولًا على وسائل التواصل الاجتماعي يبرر الحرب، ويشوّه قوى الثورة، ويُجيّش الرأي العام ضد التحول المدني، ويروّج لاستمرار الحرب التي شرّدت الملايين، وقتلت الآلاف، ودمّرت البلاد. الهدف لا يقتصر على قمع الثورة المسلحة، بل يمتد إلى اغتيال فكرة الدولة المدنية ذاتها. تُصوَّر الديمقراطية كتهديد للاستقرار، وتُقدَّم السلطة العسكرية كخيار وحيد لضمان وحدة البلاد، في تجسيد صريح لعسكرة الدولة والمجتمع. تفكيك المنظومة: ليس إصلاحًا إداريًا بل صراع طويل لا يمكن الحديث عن تفكيك اقتصاد الظل في السودان بوصفه مجرّد قرار إداري أو إجراء قانوني، خاصة في ظل حرب مفتوحة، وانهيار مؤسسات الدولة، وسيطرة المنظومة المسلحة على مفاصل الاقتصاد. فهذه المنظومة لا تُفكَّك من خلال الانتصار الحاسم، بل من لحظة تآكل السيطرة المطلقة، حين تبدأ الشروخ في البنية الأمنية والاقتصادية للنظام القائم. ورغم عسكرة الحياة اليومية، لا ينبغي أن يؤدي ذلك إلى شلل في الفعل المدني أو استسلام لقوى الأمر الواقع. المطلوب هو العمل من داخل الحرب، لا على هامشها، لصياغة مشروع تحوّل واقعي وجذري. ويبدأ ذلك بخلق وعي جماهيري جديد، يفضح الترابط البنيوي بين السلاح والثروة، ويضع اقتصاد الظل في موضع المساءلة الشعبية والدولية. يتطلب هذا المسار مراقبة دقيقة للسوق الموازي وتحليل آلياته، تمهيدًا لبلورة سياسات اقتصادية وتشريعات عادلة تعيد تنظيم السوق وتكسر احتكار شبكات التهريب. كما أن توثيق جرائم التهريب، وتجارة المخدرات، ونهب الذهب، لا بد أن يتحول إلى ملفات قانونية وإعلامية قابلة للمساءلة، لا مجرد روايات متداولة. إلى جانب ذلك، يبرز دور الإعلام البديل والمجتمعي كجبهة مقاومة مستقلة، تتصدى لخطاب التضليل الذي يُنتج خارج البلاد، وتواجه الرواية الرسمية التي تبرر الحرب وتشيطن التحول المدني. هذه المواجهة الإعلامية ليست ترفًا، بل ضرورة لبناء رأي عام مقاوم ومتماسك. وأخيرًا، فإن أي محاولة للتغيير لا تكتمل دون بناء شبكات وتحالفات مدنية، تطرح مشروعًا وطنيًا بديلًا يعيد تعريف الدولة، ويفكك الارتباط بين السلطة والثروة، وينقل الاقتصاد من يد المليشيات إلى يد المجتمع. هذا الطريق ليس خطة جاهزة، بل جبهة مفتوحة، تتطلب العمل اليومي، والمبادرة من داخل الشروخ التي فتحتها الحرب، لا انتظار نهايتها. العمل وسط الحرب: لا وقت للانتظار ورغم عسكرة الحياة واشتداد المعارك، لا ينبغي أن يكون الواقع ذريعة للتوقف عن الفعل أو الاستسلام للأمر الواقع. بل العكس هو الصحيح؛ المطلوب اليوم هو العمل من داخل الحرب، ومن بين شقوقها، لبناء بدايات جديدة تُمهّد لمسار تحوّل مدني حقيقي. فالتغيير في سياق مثل السودان لا يُنتظر حتى لحظة النصر، بل يُصنع من داخل المعركة، بخطوات واقعية ومدروسة، تستند إلى الفعل الجماهيري والإرادة الجمعية. أدوات التغيير: من الوعي إلى التنظيم هذا المسار يتطلب بناء أدوات جديدة، وخلق وعي جماهيري ناقد، يدرك أن المعركة ليست فقط عسكرية أو سياسية، بل أيضًا اقتصادية وثقافية. ويبدأ ذلك بكشف البنية الاقتصادية للمنظومة المسلحة، وفضح العلاقة البنيوية بين السلاح والثروة، بما يتيح خلق ضغط داخلي وخارجي على مراكز النفوذ. كما ينبغي رصد نشاط السوق الموازي وتحليل آلياته، لتجهيزه للمواجهة لاحقًا بسياسات اقتصادية وتشريعات عادلة تفكك احتكارات الظل وتستعيد الاقتصاد لحضن المجتمع. في الوقت ذاته، يُعد توثيق جرائم التهريب، وتجارة المخدرات، ونهب الذهب، ضرورة لبناء ملفات قانونية وإعلامية يُمكن الرجوع إليها في لحظة المساءلة. وعلى الجانب الإعلامي، لا بد من دعم إعلام بديل، مستقل ومجتمعي، يواجه سرديات التضليل التي تُدار من غرف إعلامية في الخارج، ويقدم خطابًا مقاومًا ينبني على سردية الثورة، لا على خطاب الحرب. وبالتوازي مع ذلك، يجب العمل على بناء تحالفات مدنية مرنة وواقعية، تطرح مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا بديلاً، يعيد تعريف علاقة الدولة بالمجتمع والموارد، ويفكك ارتباط السلطة بالنهب والاحتكار. جبهة مفتوحة: بداية لا نهاية إن ما نواجهه اليوم ليس مجرد أزمة سياسية عابرة، بل لحظة تاريخية تتطلب إعادة صياغة المشروع الوطني من جذوره. وهذه ليست خطة جاهزة بقدر ما هي جبهة مفتوحة للتغيير التدريجي، تُصاغ من داخل لحظة الانهيار، لا من خارجها. فالتحدي الحقيقي لا يكمن في انتظار نهاية الحرب، بل في استثمار التصدعات التي خلقتها، وتحويلها إلى مسارات للمقاومة المدنية، وبدايات جديدة تُبنى فيها دولة ديمقراطية مدنية، عادلة ومنقذة، تعبّر عن طموحات الناس لا عن مصالح النخب المتغولة. المصادر 1. Global Witness (2019). 'The Ones Left Behind: Sudan's Secret Gold Empire.' 2. International Crisis Group (2022). 'The Militarization of Sudan's Economy.' 3. Human Rights Watch (2020). 'Entrenched Impunity: Gold Mining and the Darfur Conflict.' 4. United Nations Panel of Experts on the Sudan (2020–2023). Reports to the Security Council. 5. BBC Arabic & Al Jazeera Investigations (2021–2023). Coverage of Sudan's illicit trade and media operations. 6. Radio Dabanga (2015–2023). Reports on drug trafficking and corruption during Al-Ingaz regime. 7. Sudan Tribune (2020). 'Forex crisis and informal currency trading in Sudan.'


التغيير
منذ 7 ساعات
- التغيير
الأمم المتحدة تحذر من تدهور الوضع الإنساني في السودان
مع استمرار الصراع في السودان، حذرت الأمم المتحدة من تدهور الوضع الإنساني في البلاد. وأوضح ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن تصاعد القتال في مناطق مختلفة عبر السودان يدفع المدنيين إلى الفرار من منازلهم إلى الملاجئ. التغيير ــ وكالات كما أضاف المتحدث، نقلا عن المنظمة الدولية للهجرة، أنه في ولاية غرب كردفان، أجبر تزايد انعدام الأمن ما يقرب من 47 ألف شخص على النزوح من بلدتي الخوي والنهود هذا الشهر. وقال إن العديد من هؤلاء الأشخاص كانوا بالفعل نازحين داخليا، ويجبرون الآن على التنقل للمرة الثانية. نزوح ألف شخص وفي ولاية شمال دارفور، نزح حوالي ألف شخص من مخيم أبو شوك ومدينة الفاشر في الأسبوع الماضي وحده، مما رفع العدد الإجمالي للنازحين من هذين المكانين هذا الشهر إلى 6 آلاف شخص. وذكر المتحدث أن شمال دارفور تستضيف ما يقدر بأكثر من 1.7 مليون نازح إجمالا. ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى تعميق الأزمة. وقال إن الأمم المتحدة قلقة أيضا من تصاعد حالات الكوليرا في بعض المناطق في ولاية الخرطوم. وقال: 'على الرغم من أن العاملين في المجال الإنساني يبذلون قصارى جهدهم لمساعدة المحتاجين، فإننا نكرر الحاجة الملحة لمزيد من الوصول والتمويل المرن'. كما أشار إلى أنه حتى الآن، لم يتم تلقي سوى 552 مليون دولار أميركي من التمويل لخطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام، والتي تتطلب 4.2 مليار دولار. يذكر أن الحرب المستمرة في السودان منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع أدت إلى كارثة إنسانية هائلة، إذ تسبب النزاع بسقوط عشرات آلاف القتلى، وتهجير أكثر من 13 مليون شخص بين نازح ولاجئ، فيما غرقت أنحاء عدة من البلاد في المجاعة، وفق تقديرات أممية.


التغيير
منذ 2 أيام
- التغيير
لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟
لماذا يتعمد عثمان ميرغني التضليل؟ قلت في كثير من المناسبات أن حرب الخامس عشر من أبريل هى حرب الأكاذيب بإمتياز، حيث تم إستغلال وسائل التواصل الإجتماعي والصحف ووسائل الإعلام من أجل التضليل ونشر الدعاية وتشكيل الرأي العام عبر تزييف الوقائع واستبدال الحقائق بالتصورات والرغبات. قد كتب الأستاذ عثمان ميرغني مقالاً بعنوان 'تصريحات بابكر فيصل' يعكس حقيقة ما ذهبت إليه من وصف الحرب التي تدور رحاها في بلادنا بأنها حقاً حرب الأكاذيب، حيث تعمد بتر تصريحي لصحيفة الشرق الأوسط من سياقه، كما أنه تبرع بالحديث بلساني وتفسير كلامي حسب رغبته وليس كما قلته أو قصدت إليه. في البدء يتوجب علىَّ إيراد التصريح كاملاً حتى تتضح الصورة وينكشف التضليل : (وفي هذا الصدد، رأى رئيس المكتب التنفيذي لحزب «التجمع الاتحادي»، بابكر فيصل، أن إعادة طرح خريطة الطريق السابقة في القمة العربية، «تشبه إملاء شروط طرف منتصر على طرف مهزوم، وهو أمر لا يعكس ما يجري على أرض الواقع». كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها 'وسيطاً محايداً' وأضاف فيصل في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، أن على طرفي الحرب العودة إلى التفاوض في «منبر جدة»، وإجراء حوار جدي لوقف الاقتتال، ويستصحبوا فيه ما تم التوافق عليه في «اتفاق المنامة»، مشيراً إلى أن ما تم التوافق حوله حينها بلغ نسبة 85 في المائة حول تفاصيل وقف العدائيات وإطلاق النار. وقال فيصل، لا توجد إرادة حقيقة كافية لوقف الحرب، وما كان يمكن تحقيقه قبل سنتين منذ اندلاع الحرب قد يصعب تحقيقه الآن. وأضاف أن إعلان ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في القمة الخليجية – الأميركية بالرياض حول مواصلة الجهود لوقف الحرب في السودان «أمر جيد، ونتمنى اتباعه بخطوات تنفيذية لاستئناف منبر جدة، بدعوة الأطراف المتحاربة للعودة إلى التفاوض، خصوصاً أنه تم قطع أشواط كبيرة في المحادثات السابقة. وأشار إلى أن المرجو من «منبر جدة» أن يصل بالأطراف المتحاربة إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وترتيبات إيصال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين، وإفساح المجال أمام القوى المدنية لتقرر في العملية السياسية، ما بعد إيقاف الحرب).إنتهى كتب عثمان ميرغني التالي : (هذا الحديث خطير للغاية من عدة أوجه الأول : بابكر فيصل بذلك أعطى نفسه حق تمثيل الدعم السريع وتقدير أن هذه الشروط غير مقبولة، وكان الأفضل أن يترك هذا الأمر للطرف المعني أن يقرر ذلك). وجه التضليل في حديث عثمان أعلاه هو إدعاؤه أنني تحدثت إنابة عن الدعم السريع، بينما أنا أتحدث أصالة عن الحزب الذي أمثله,وهو حزب له قراءة ورؤية للحرب وكذلك له تقديراته السياسية الخاصة والمستقلة، ولا يتخبط في أحاديثه كما يتخبط الأستاذ عثمان الذي قال بتفكيره الرغبوي المعهود في حوار مع قناة الغد قبل أكثر من عام أن 'الحرب في السودان إنتهت'. التضليل يبدو أكثر وضوحاً في بتر عثمان ميرغني لبقية الخبر الذي يقول : (كما رفضت «قوات الدعم السريع» تأييد الأمم المتحدة لمبادرة عدتها «أحادية الجانب» من طرف الجيش، قائلة إن ذلك يعرّض للخطر مصداقية الهيئة الأممية، بوصفها 'وسيطاً محايداً'). الحديث أعلاه ليس حديثي أنا بل هو رأي قوات الدعم السريع وهو الأمر الذي ينفي أنني أتحدث نيابة عنها. ويواصل عثمان ميرغني في كلامه المغرض قائلاً : ( هنا لم يكتف بابكر فيصل بالتحدث إنابة عن الدعم السريع بل تعسف وتطرف في تمثيله للدرجة التي يحكم فيها -وهو مدني بلا خبرة عسكرية- بقوة وضع الدعم السريع الميداني. الوجه الثاني : بابكر فيصل منح نفسه صفة المحكم العسكري الذي يقرر أن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع.. لا أعلم على أساس أو خبرة عسكرية بنى ذلك؟ قد يوحي ذلك للبعض أنه خلط بين الأماني والحقائق). هنا أستسمح القاريء الكريم أن ينظر لحديثي كاملاً كما أوردته في صدر المقال، هل يوجد فيه أي كلام عن قوة وضع الدعم السريع الميدانية؟ وهل فيه ذكر لأن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟ هذا كذب صريح وتضليل فاجر ! إنَّ عدم واقعية خارطة الطريق التي قصدتها تتمثل في الجزئية التي تتحدث عن شروط الجيش المتمثلة في الآتي : إنسحاب الدعم السريع من جميع المدن والمناطق التي يُسيطر عليها وفك الحصار عن مدينة الفاشر فضلاً عن تسليم سلاحه وتجميع قواته في أماكن محددة. هذه الشروط في رأي الحزب الذي أمثله غير واقعية ولن تؤدي لذهاب الطرفين لطاولة المفاوضات. والمفارقة أن هذا الرأي قال به حزب آخر مؤيد للجيش وقد ورد رأيه في ذات تقرير الشرق الأوسط ولكن عثمان ميرغني تعمد عدم الإشارة إليه إمعاناً في التضليل, حيث جاء في التقرير الآتي : (بدوره قال رئيس حزب الأمة 'الإصلاح والتجديد' مبارك الفاضل المهدي إن خريطة الطريق المقدمة من الجيش للأمم المتحدة 'غير واقعية'). لماذا لم يتهم عثمان ميرغني 'حزب الأمة' بأنه يتحدث بالإنابة عن الدعم السريع ؟ ولماذا لم يتهمه كذلك بأن حديثه عن 'عدم واقعية' خارطة الطريق يعني أن الوضع الميداني تميل كفته لصالح الدعم السريع ؟ إن وقف الحرب لن يتم إلا بعد توفر الإرادة لدى الأطراف المتحاربة، وتوحيد الصف المدني الداخلي لممارسة أقصى أنواع الضغط على الأطراف فضلاً عن حشد الدعم الإقليمي والدولي للعب ذات الدور. الإشتراطات غير الواقعية لن تفعل شيئاً سوى إطالة أمد الحرب واستمرار نزيف الدم والخراب. ختاماً : قد ظل موقفنا الداعي لوقف الحرب ثابتاً منذ اليوم الأول لإندلاعها، ولم نتزحزح عن رؤيتنا رغم تعرضنا لحملات ضخمة من التضليل والإساءة والتخوين، ومع مرور كل يوم من الحرب يتأكد صواب رؤيتنا التي سنستمر في التمسك بها من أجل وقف معاناة الشعب السوداني، لن ننحني للإبتزاز أو التهديد والوعيد وسنتصدى لكل حملات التضليل والأكاذيب بالحجة والمنطق السديد.