
الإمارات تكثف جهودها للاستحواذ على صحيفة التلغراف البريطانية
تشهد الساحة الإعلامية البريطانية تنافساً محموماً للسيطرة على صحيفة التلغراف الشهيرة، مع تكثيف الإمارات جهودها في هذا المجال. تتصدر هذه المحاولات أجندة نائب رئيس الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، الذي بات ينظر إلى الصفقة كمسألة كرامة وطنية، وليس مجرد استثمار مالي.
بدأت القصة عندما تدخلت لوسي فريزر، وزيرة الثقافة البريطانية السابقة، لعرقلة بيع الصحيفة لصندوق مدعوم من أبوظبي، ما سلط الضوء على الحساسية البالغة لمحاولات السيطرة الأجنبية على الإعلام البريطاني.
لكن الإمارات، التي تواصل الدفع نحو استحواذها، تصطدم بجدار تشريعات تمنع الملكية الأجنبية للصحف، وهو ما عرقل الصفقة برمتها وأدى إلى إعادة صحيفة التلغراف ومجلة سبيكتاتور إلى السوق.
في حين تمكن السير بول مارشال، الملياردير وصاحب قناة GB News، من شراء مجلة سبيكتاتور مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، فإن معركة الاستحواذ على التلغراف لا تزال معلقة.
ورغم تقديم رجل الأعمال الأمريكي دافيد إيفيون العرض الأعلى، إلا أن انسحاب مستثمرين محتملين من دعمه أثار شكوكاً حول قدرته على توفير أكثر من 500 مليون جنيه إسترليني لإتمام الصفقة.
تسلط هذه المحاولات الإماراتية الضوء على رغبة الدولة الخليجية في استخدام الإعلام كوسيلة لتعزيز نفوذها السياسي وتبييض سجلها الحقوقي.
على مدى سنوات، تعرضت الإمارات لانتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، سواء في الداخل من خلال القمع المتزايد للمعارضة، أو في الخارج عبر تورطها في النزاعات الإقليمية.
وفي هذا السياق، تسعى أبوظبي للسيطرة على وسائل الإعلام الغربية لتلميع صورتها دولياً وصياغة روايات تخدم أجنداتها.
يعد الاستحواذ على وسائل الإعلام جزءاً من استراتيجية أوسع تستخدمها الإمارات لتعزيز قوتها الناعمة.
فمن خلال امتلاكها منصات إعلامية رائدة، تسعى إلى فرض روايات معينة وتحويل مسار النقاش حول قضاياها المثيرة للجدل، مثل دورها في الحرب اليمنية أو علاقاتها مع الأنظمة الاستبدادية الأخرى.
مع ذلك، تواجه هذه المحاولات عقبات كبيرة. فإلى جانب التشريعات البريطانية التي تمنع الملكية الأجنبية المباشرة للصحف، يثير سعي الإمارات لشراء التلغراف مخاوف دبلوماسية واقتصادية، مما يعزز التحديات التي تواجهها أبوظبي في تحقيق أهدافها.
ومن المثير للسخرية أن صحيفة التلغراف، رغم أرباحها التشغيلية التي بلغت 54.2 مليون جنيه إسترليني في 2023، تُثقلها التزامات مالية ضخمة.
هذه الأرباح لا تُستثمر في تطوير الصحافة، بل تذهب نحو دفع رسوم المستشارين وسداد قروض مالية، مما يضع مستقبل الصحيفة في موضع تساؤل.
إن رغبة الإمارات في السيطرة على الإعلام البريطاني ليست مجرد مسعى اقتصادي أو استثماري، بل تأتي ضمن مشروع أوسع لتوجيه السرد الإعلامي العالمي.
ومع تعاظم الضغوط على أبوظبي بسبب سجلها الحقوقي، فإن هذه الجهود تبدو محاولة بائسة لتجاوز الانتقادات وتبييض سمعتها.
مع بقاء أسبوع واحد فقط على نهاية مفاوضات البيع، لا تزال الشكوك تحيط بقدرة RedBird IMI على استرداد استثماراتها.
وما يثير القلق هو أن هذه المحاولات قد تكون جزءاً من استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تحويل الإعلام الغربي إلى أداة في يد الأنظمة التي تسعى إلى إحكام قبضتها على السرديات العالمية، متجاوزة قيم حرية التعبير والديمقراطية.
ختاماً، تبقى القضية اختباراً مهماً للشفافية الإعلامية والقوانين التنظيمية في مواجهة محاولات السيطرة الأجنبية، لا سيما عندما تكون مدفوعة بأجندات سياسية تخدم مصالح أنظمة قمعية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المدى
منذ يوم واحد
- المدى
بريطانيا تتعهد بتقديم مساعدات جديدة لغزة بأكثر من 5 ملايين دولار
أعلنت الحكومة البريطانية، اليوم الأربعاء، أنها تعهدت بتقديم أربعة ملايين جنيه إسترليني (5.37 ملايين دولار) مساعدات إنسانية لغزة، بالتزامن مع زيارة وزيرة التنمية جيني تشابمان لـ 'إسرائيل' والأراضي الفلسطينية المحتلة، على ما أوردت وكالات أنباء عالمية.


الرأي
منذ 3 أيام
- الرأي
بريطانيا تُعيد بناء علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي
أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً غير مسبوق يحدد ملامح علاقات أوثق بينهما في مجالي الدفاع والتجارة، ويفتح فصلاً جديداً بعد خروج المملكة المتحدة المثير للجدل من التكتل قبل خمس سنوات. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن «الاتفاق المنصف، يمثل بداية عصر جديد في علاقتنا... نحن نتفق على شراكة استراتيجية جديدة تناسب متطلبات زمننا». وتابع خلال مؤتمر صحافي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلايين، في لندن، إنه «اتفاق جيد للطرفين». ومن المفترض أن تؤدي شراكة الدفاع إلى إجراء محادثات أمنية بشكل أكثر انتظاماً، واحتمال مشاركة بريطانيا في بعثات عسكرية تابعة للاتحاد، فضلاً عن إمكانية استفادة لندن الكاملة من صندوق دفاع بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار) اتفقت دول التكتل على إنشائه. واتفق الجانبان على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاماً إضافياً. وأضاف ستارمر، أن المملكة المتحدة ستجني «فوائد حقيقية وملموسة» في مجالات مثل «الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة»، بالإضافة إلى «خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا». من جهتها، قالت فون ديرلايين «هذا يوم مهم لأننا نطوي الصفحة ونفتح فصلاً جديداً. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها». وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات ليلية تم خلالها تجاوز الخلافات في قضايا رئيسية. استسلام! وأعلنت رئاسة الحكومة البريطانية، إن الاتفاق الاقتصادي الجديد يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية، بما يسمح «من جديد بحرية تدفق السلع». وأضافت في بيان أن هذا الاتفاق سيضيف «ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني» (12 مليار دولار) إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040. ورأت حكومة العمال بزعامة ستارمر، أن الاتفاق الذي أبرمته حكومة المحافظين السابقة «لا يخدم مصالح أي طرف». لكن ستارمر، الذي تولى رئاسة الوزراء عقب انتخابات يوليو الماضي رسم خطوطا حمراء عدة، قال إنه لن يتجاوزها. وبقيت نقاط شائكة حول بعض مطالب الاتحاد، فيما ينتقد المحافظون خطوة «إعادة تنظيم» العلاقات باعتبارها «استسلاماً». ووقع الجانبان اتفاق «الشراكة الأمنية والدفاعية» في ختام الاجتماع الذي ضم إلى ستارمر وفون ديرلايين، رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد كايا كالاس. وتم التوقيع كذلك على بيان مشترك في شأن التضامن الأوروبي ووثيقة تفاهم في شأن قضايا تتراوح من التجارة إلى الصيد وتنقل الشباب. بموجب الاتفاق النهائي، تُبقي بريطانيا مياهها مفتوحة أمام الصيادين الأوروبيين لمدة 12 عاماً بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في 2026، مقابل تخفيف دول الاتحاد الـ 27 القيود البيروقراطية على واردات السلع الغذائية من المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى. ومن شأن الاتفاق «أن يؤدي إلى تنفيذ الغالبية العظمى من عمليات نقل الحيوانات ومنتجاتها والنباتات ومنتجاتها بين بريطانيا العظمى والاتحاد الأوروبي من دون الحاجة إلى الشهادات أو إجراءات الرقابة المعمول بها حاليا». ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس. لكن العديد من التفاصيل المتعلقة بالشراكة الدفاعية ستترك لتنجز لاحقاً. وستتطلب إزالة القيود أمام بريطانيا وصناعتها الدفاعية للاستفادة من برامج الاتحاد مثلاً، اتفاقاً إضافياً. وترتبط بريطانيا أصلًا بعلاقات دفاعية متشابكة مع 23 من دول الاتحاد من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لذلك تعد شراكة الدفاع الجزء الأسهل من الاتفاقات المطروحة.


الجريدة
منذ 3 أيام
- الجريدة
اتفاق دفاعي- تجاري يعيد بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي بعد «بريكست»
بعد 9 سنوات من الانفصال، توصلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي أمس إلى تفاهم جديد لضبط العلاقات الدفاعية والتجارية وتسهيل إجراءات التفتيش الحدودية تحت ضغط قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أجبرت الجانبين على تجاوز آثار «بريكست». وبموجب هذه الاتفاقيات ستشارك بريطانيا، ذات الثقل العسكري، بمشروعات مع الاتحاد الأوروبي وستتيح الشراكة الدفاعية والأمنية الجديدة لها الوصول لبرنامج قروض دفاعية تابع للتكتل المكون من 27 دولة بقيمة 150 مليار يورو (170 مليار دولار). وتشمل الاتفاقيات الأخرى إزالة بعض الضوابط على المنتجات الحيوانية والنباتية لتسهيل تجارة الأغذية عبر الحدود، بالإضافة إلى تمديد لمدة 12 عاما لاتفاقية تسمح لسفن الصيد التابعة للاتحاد الأوروبي بالتواجد في المياه البريطانية. وراهن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي أيد البقاء بالاتحاد الأوروبي في استفتاء «بريكست»، على أن تقديم مزايا للبريطانيين مثل استخدام بوابات إلكترونية أسرع بالمطارات الأوروبية سيعلو على صرخات «الخيانة» التي أطلقها نايجل فاراج، أحد أعضاء حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت الحكومة إن الاتفاق مع أكبر شركائها التجاريين من شأنه أن يقلل من الروتين بالنسبة لمنتجي الأغذية والمنتجين الزراعيين، مما يجعل الغذاء أرخص ويحسن أمن الطاقة ويضيف ما يقرب من تسعة مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد بحلول عام 2040. وهذه ثالث صفقة تبرمها بريطانيا هذا الشهر، بعد الاتفاق مع الهند والولايات المتحدة، ورغم أنه من غير المرجح أن تؤدي إلى دفعة اقتصادية ذات مغزى على الفور، فهي قد تزيد ثقة الشركات وتجذب الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها. وقال ستارمر، في بيان، «حان وقت التطلع إلى الأمام للمضي قدماً من المناقشات القديمة البالية والمعارك السياسية لإيجاد حلول عملية منطقية وعملية تحقق الأفضل للشعب البريطاني». وأكد ستارمر أن هذه الاتفاقيات ستساهم في تخفيف الإجراءات البيروقراطية، وتنمية الاقتصاد البريطاني، وإعادة ضبط العلاقات مع الاتحاد الأوروبي. واستضاف ستارمر رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ومسؤولين كبار في لندن، في أول قمة رسمية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي منذ (بريكست). ورغم أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري لها، تراجعت صادرات المملكة المتحدة بنسبة 21% منذ «بريكست» في 2020 بسبب تشديد إجراءات التفتيش الحدودية، والأعمال الورقية المعقدة، وحواجز أخرى. وأجبرت رسوم ترامب الجمركية، إلى جانب التحذيرات بضرورة بذل أوروبا المزيد من الجهد لحماية نفسها، الحكومات في جميع أنحاء العالم على إعادة التفكير في العلاقات التجارية والدفاعية والأمنية، ما قرب المسافات بين ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وغيره من القادة الأوروبيين.