
مواجهة الأشباح... السلم الأهلي وبناء الثقة
يُستخدم مصطلح "السلم الأهلي" في سورية كما لو أنه علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها، لكنّه توصيفٌ مُضلِّل، لا لأنه غير دقيق فحسب، بل لأنه يتغافل عن سؤال أعمق: ما معنى "الحياة الطبيعية" بعد كلّ ما جرى قبل سقوط النظام وبعده؟ وهل الصمت المتبادل بين السوريين استقرار، أم خوف مؤجَّل؟
الرهان اليوم لا يتعلّق بمنع السلاح، بل بكيفية التعامل مع ما خلّفه من انقسامات في الوعي، فما حدث لم يكن بين غرباء، بل بين أبناء الوطن الواحد، وقد ارتكز على تصنيفاتٍ حادّة: خائن، عميل، شهيد، طائفي، وطني، شبّيح. هذه المفردات، وإن تراجعت من الخطاب الرسمي بعد سقوط النظام، ما تزال حاضرةً في الأحاديث، في النظرات العابرة، وفي صمت القرى الصغيرة وخوفها المتراكم. السلم لا يُفرض من أعلى. لا تصنعه اللجان، بل يُبنى من الأسفل: من تفكيك الخوف، ومساءلة السرديات التي شرعنت العنف، وترميم الثقة بين الأفراد والمجتمعات. وحتى اليوم، لم يشهد السوريون مراجعةً حقيقيةً لما حدث، ولا اعترافاً متبادلاً بالخطأ، ولا حتى بدايةً لمسار عدالة انتقالية، ولو رمزية. الدولة والمجتمع معاً يتعاملان مع الذاكرة كأنّها عبء يُستبدل به الصمت.
في مناطق كثيرة، يُختزل "التعايش" إلى مجاورة حذرة. يتفادى الناس الصدام لا لأنهم تصالحوا، بل لأنهم أُنهكوا من الخسارات. الخوف لم يغادر، بل غيّر وجهه: هناك من يخاف من السلطة الجديدة، من الجار، من الكلمة، من نفسه. والسلطة بدل أن تكون وسيطاً راعياً للثقة، تكتفي بدور الرقيب الصامت الذي يمنع الانفجار من دون أن يزيل أسبابه. في الأحياء المختلطة طائفياً، أو تلك التي شهدت تبدّلاً في السيطرة، يظهر توتّر صامت يشبه هدنةً غير معلنة. كأن الناس اتفقوا على قاعدة ضمنية: لا نتحدّث عن الماضي، لا ننبش، لا نُكثر من الأسئلة. لكن هذا "السلام" القائم على النسيان القسري سرعان ما ينهار عند أول احتكاك، لأن ما لم يُقل لا يموت، بل يُكنس تحت البساط. ورغم تكرار مصطلح "السلم الأهلي"، تغيب أدواته الحقيقية: لا برامج لإعادة دمج وتعويض الضحايا، ولا حتى البحث عنهم بالحدّ الأدنى؛ لا إعلام يعترف بتعدّد الروايات؛ لا حوارات تشاركية، ولا نقاش عام، ولا سردية وطنية مشتركة عمّا جرى. والأسوأ أن من يطرح هذه الأسئلة يُتّهم بإثارة الفتنة، وكأنّ المشكلة في مَن يُشير إلى الجرح، لا في الجرح ذاته.
السوريون اليوم عالقون في ما يشبه "الزمن المؤجَّل": لا عودة ممكنة إلى ما كان، ولا أدوات لتجاوز ما حدث. حالة من التجميد الرمزي تُغذّي غياب الثقة، ليس فقط بين الفرد والدولة، بل بين السوريين أنفسهم.
ليست المصالحة نصاً قانونياً، بل عملية لإعادة صياغة العلاقة بين الذات والآخر، بين الفرد والمجموعة، وبين الجماعة وسرديتها عن نفسها. في هذا السياق، تصبح الذاكرة عبئاً شخصياً. لا أحد يريد أن يسمع من الآخر ما رآه أو عاشه. ومع الوقت، يُستبدل بالألم الصمت، ثمّ التأقلم القسري. وهكذا، يتحوّل السلم الأهلي غلافاً هشّاً، أشبه بواجهة بناء مرمّمة، تخفي خلفها شقوقاً داخلية تواصل التمدّد.
بناء الثقة لا يتم بالشعارات، بل من خلال الممارسة اليومية؛ في المدرسة، حين يُسمح بتعدّد الروايات؛ في الإعلام، حين يُتخلّى عن خطاب الغلبة؛ في القضاء، حين تُفتح أول نافذة للعدالة؛ وفي السياسة، حين يُعترف بالعمق الاجتماعي للنزاع. السلم ليس غياب الحرب، بل حضور عقد اجتماعي جديد، يعترف بما جرى، ويعيد تعريف معنى العيش المشترك. وهذا لا يتحقّق من دون سياسة عامّة تجاه الذاكرة، تُقرّ بأن الوطن لا يُبنى بالنسيان، بل بالجرأة على القول. لأنّ العنف، في النهاية، لا يبدأ بالسلاح، بل بالمعنى الذي لا يُقال، وبالتاريخ الذي لا يُسأل.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 أيام
- العربي الجديد
مواجهة الأشباح... السلم الأهلي وبناء الثقة
يُستخدم مصطلح "السلم الأهلي" في سورية كما لو أنه علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها، لكنّه توصيفٌ مُضلِّل، لا لأنه غير دقيق فحسب، بل لأنه يتغافل عن سؤال أعمق: ما معنى "الحياة الطبيعية" بعد كلّ ما جرى قبل سقوط النظام وبعده؟ وهل الصمت المتبادل بين السوريين استقرار، أم خوف مؤجَّل؟ الرهان اليوم لا يتعلّق بمنع السلاح، بل بكيفية التعامل مع ما خلّفه من انقسامات في الوعي، فما حدث لم يكن بين غرباء، بل بين أبناء الوطن الواحد، وقد ارتكز على تصنيفاتٍ حادّة: خائن، عميل، شهيد، طائفي، وطني، شبّيح. هذه المفردات، وإن تراجعت من الخطاب الرسمي بعد سقوط النظام، ما تزال حاضرةً في الأحاديث، في النظرات العابرة، وفي صمت القرى الصغيرة وخوفها المتراكم. السلم لا يُفرض من أعلى. لا تصنعه اللجان، بل يُبنى من الأسفل: من تفكيك الخوف، ومساءلة السرديات التي شرعنت العنف، وترميم الثقة بين الأفراد والمجتمعات. وحتى اليوم، لم يشهد السوريون مراجعةً حقيقيةً لما حدث، ولا اعترافاً متبادلاً بالخطأ، ولا حتى بدايةً لمسار عدالة انتقالية، ولو رمزية. الدولة والمجتمع معاً يتعاملان مع الذاكرة كأنّها عبء يُستبدل به الصمت. في مناطق كثيرة، يُختزل "التعايش" إلى مجاورة حذرة. يتفادى الناس الصدام لا لأنهم تصالحوا، بل لأنهم أُنهكوا من الخسارات. الخوف لم يغادر، بل غيّر وجهه: هناك من يخاف من السلطة الجديدة، من الجار، من الكلمة، من نفسه. والسلطة بدل أن تكون وسيطاً راعياً للثقة، تكتفي بدور الرقيب الصامت الذي يمنع الانفجار من دون أن يزيل أسبابه. في الأحياء المختلطة طائفياً، أو تلك التي شهدت تبدّلاً في السيطرة، يظهر توتّر صامت يشبه هدنةً غير معلنة. كأن الناس اتفقوا على قاعدة ضمنية: لا نتحدّث عن الماضي، لا ننبش، لا نُكثر من الأسئلة. لكن هذا "السلام" القائم على النسيان القسري سرعان ما ينهار عند أول احتكاك، لأن ما لم يُقل لا يموت، بل يُكنس تحت البساط. ورغم تكرار مصطلح "السلم الأهلي"، تغيب أدواته الحقيقية: لا برامج لإعادة دمج وتعويض الضحايا، ولا حتى البحث عنهم بالحدّ الأدنى؛ لا إعلام يعترف بتعدّد الروايات؛ لا حوارات تشاركية، ولا نقاش عام، ولا سردية وطنية مشتركة عمّا جرى. والأسوأ أن من يطرح هذه الأسئلة يُتّهم بإثارة الفتنة، وكأنّ المشكلة في مَن يُشير إلى الجرح، لا في الجرح ذاته. السوريون اليوم عالقون في ما يشبه "الزمن المؤجَّل": لا عودة ممكنة إلى ما كان، ولا أدوات لتجاوز ما حدث. حالة من التجميد الرمزي تُغذّي غياب الثقة، ليس فقط بين الفرد والدولة، بل بين السوريين أنفسهم. ليست المصالحة نصاً قانونياً، بل عملية لإعادة صياغة العلاقة بين الذات والآخر، بين الفرد والمجموعة، وبين الجماعة وسرديتها عن نفسها. في هذا السياق، تصبح الذاكرة عبئاً شخصياً. لا أحد يريد أن يسمع من الآخر ما رآه أو عاشه. ومع الوقت، يُستبدل بالألم الصمت، ثمّ التأقلم القسري. وهكذا، يتحوّل السلم الأهلي غلافاً هشّاً، أشبه بواجهة بناء مرمّمة، تخفي خلفها شقوقاً داخلية تواصل التمدّد. بناء الثقة لا يتم بالشعارات، بل من خلال الممارسة اليومية؛ في المدرسة، حين يُسمح بتعدّد الروايات؛ في الإعلام، حين يُتخلّى عن خطاب الغلبة؛ في القضاء، حين تُفتح أول نافذة للعدالة؛ وفي السياسة، حين يُعترف بالعمق الاجتماعي للنزاع. السلم ليس غياب الحرب، بل حضور عقد اجتماعي جديد، يعترف بما جرى، ويعيد تعريف معنى العيش المشترك. وهذا لا يتحقّق من دون سياسة عامّة تجاه الذاكرة، تُقرّ بأن الوطن لا يُبنى بالنسيان، بل بالجرأة على القول. لأنّ العنف، في النهاية، لا يبدأ بالسلاح، بل بالمعنى الذي لا يُقال، وبالتاريخ الذي لا يُسأل.


إيطاليا تلغراف
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- إيطاليا تلغراف
مواجهة الأشباح... السلم الأهلي وبناء الثقة
إيطاليا تلغراف سمر يزبك كاتبة وروائية وإعلامية سورية يُستخدم مصطلح 'السلم الأهلي' في سورية كما لو أنه علامة على عودة الحياة إلى طبيعتها، لكنّه توصيفٌ مُضلِّل، لا لأنه غير دقيق فحسب، بل لأنه يتغافل عن سؤال أعمق: ما معنى 'الحياة الطبيعية' بعد كلّ ما جرى قبل سقوط النظام وبعده؟ وهل الصمت المتبادل بين السوريين استقرار، أم خوف مؤجَّل؟ الرهان اليوم لا يتعلّق بمنع السلاح، بل بكيفية التعامل مع ما خلّفه من انقسامات في الوعي، فما حدث لم يكن بين غرباء، بل بين أبناء الوطن الواحد، وقد ارتكز على تصنيفاتٍ حادّة: خائن، عميل، شهيد، طائفي، وطني، شبّيح. هذه المفردات، وإن تراجعت من الخطاب الرسمي بعد سقوط النظام، ما تزال حاضرةً في الأحاديث، في النظرات العابرة، وفي صمت القرى الصغيرة وخوفها المتراكم. السلم لا يُفرض من أعلى. لا تصنعه اللجان، بل يُبنى من الأسفل: من تفكيك الخوف، ومساءلة السرديات التي شرعنت العنف، وترميم الثقة بين الأفراد والمجتمعات. وحتى اليوم، لم يشهد السوريون مراجعةً حقيقيةً لما حدث، ولا اعترافاً متبادلاً بالخطأ، ولا حتى بدايةً لمسار عدالة انتقالية، ولو رمزية. الدولة والمجتمع معاً يتعاملان مع الذاكرة كأنّها عبء يُستبدل به الصمت. في مناطق كثيرة، يُختزل 'التعايش' إلى مجاورة حذرة. يتفادى الناس الصدام لا لأنهم تصالحوا، بل لأنهم أُنهكوا من الخسارات. الخوف لم يغادر، بل غيّر وجهه: هناك من يخاف من السلطة الجديدة، من الجار، من الكلمة، من نفسه. والسلطة بدل أن تكون وسيطاً راعياً للثقة، تكتفي بدور الرقيب الصامت الذي يمنع الانفجار من دون أن يزيل أسبابه. في الأحياء المختلطة طائفياً، أو تلك التي شهدت تبدّلاً في السيطرة، يظهر توتّر صامت يشبه هدنةً غير معلنة. كأن الناس اتفقوا على قاعدة ضمنية: لا نتحدّث عن الماضي، لا ننبش، لا نُكثر من الأسئلة. لكن هذا 'السلام' القائم على النسيان القسري سرعان ما ينهار عند أول احتكاك، لأن ما لم يُقل لا يموت، بل يُكنس تحت البساط. ورغم تكرار مصطلح 'السلم الأهلي'، تغيب أدواته الحقيقية: لا برامج لإعادة دمج وتعويض الضحايا، ولا حتى البحث عنهم بالحدّ الأدنى؛ لا إعلام يعترف بتعدّد الروايات؛ لا حوارات تشاركية، ولا نقاش عام، ولا سردية وطنية مشتركة عمّا جرى. والأسوأ أن من يطرح هذه الأسئلة يُتّهم بإثارة الفتنة، وكأنّ المشكلة في مَن يُشير إلى الجرح، لا في الجرح ذاته. السوريون اليوم عالقون في ما يشبه 'الزمن المؤجَّل': لا عودة ممكنة إلى ما كان، ولا أدوات لتجاوز ما حدث. حالة من التجميد الرمزي تُغذّي غياب الثقة، ليس فقط بين الفرد والدولة، بل بين السوريين أنفسهم. ليست المصالحة نصاً قانونياً، بل عملية لإعادة صياغة العلاقة بين الذات والآخر، بين الفرد والمجموعة، وبين الجماعة وسرديتها عن نفسها. في هذا السياق، تصبح الذاكرة عبئاً شخصياً. لا أحد يريد أن يسمع من الآخر ما رآه أو عاشه. ومع الوقت، يُستبدل بالألم الصمت، ثمّ التأقلم القسري. وهكذا، يتحوّل السلم الأهلي غلافاً هشّاً، أشبه بواجهة بناء مرمّمة، تخفي خلفها شقوقاً داخلية تواصل التمدّد. بناء الثقة لا يتم بالشعارات، بل من خلال الممارسة اليومية؛ في المدرسة، حين يُسمح بتعدّد الروايات؛ في الإعلام، حين يُتخلّى عن خطاب الغلبة؛ في القضاء، حين تُفتح أول نافذة للعدالة؛ وفي السياسة، حين يُعترف بالعمق الاجتماعي للنزاع. السلم ليس غياب الحرب، بل حضور عقد اجتماعي جديد، يعترف بما جرى، ويعيد تعريف معنى العيش المشترك. وهذا لا يتحقّق من دون سياسة عامّة تجاه الذاكرة، تُقرّ بأن الوطن لا يُبنى بالنسيان، بل بالجرأة على القول. لأنّ العنف، في النهاية، لا يبدأ بالسلاح، بل بالمعنى الذي لا يُقال، وبالتاريخ الذي لا يُسأل.


الشرق الأوسط
٢٩-٠٣-٢٠٢٥
- الشرق الأوسط
وجهاء القرداحة يسلمون الأمن العام السوري «مسيّرات انتحارية»
ما زال الانتشار العشوائي للسلاح من أبرز التحديات التي تهدد السلم الأهلي في سوريا بعد سقوط النظام، حيث تواصل السلطات الأمنية حملاتها لسحب السلاح؛ إما عبر الحوار والاتفاق مع الأهالي، وإما عبر عمليات تمشيط، ولأول مرة يعلن عن تسلم عدد من المسيرات انتحارية «FPV» من مخلفات النظام السابق في مدينة القرداحة بريف اللاذقية. وقالت وزارة الداخلية السورية، الثلاثاء، إن الأمن العام تسلمها من الأهالي بعد «جلسة عُقدت بين وجهاء مدينة القرداحة وأعضاء لجنة السّلم الأهلي من جهة، وإدارة الأمن العام من جهة أخرى». وبحسب البيان، فإن هذه الطائرات تسربت إلى أيدي بعض المدنيين بوصفها من مخلفات النظام السابق. وتصل سرعة مسيرات «FPV» الصينية إلى 140 كم/ ساعة، وتتبع الأجسام المتحركة تلقائياً، ويمكن أن تعمل في ظل الرياح. إدارة الأمن العام تتسلم الطائرات الانتحارية من أهالي مدينة القرداحة (سانا) ولا توجد تقديرات لحجم السلاح الفردي والمتوسط الذي تسرب إلى أيدي المدنيين وأيدي عناصر وضباط الأمن والجيش والميليشيات الرديفة في النظام السابق، فخلال الساعات الأولى من سقوط النظام وانهيار قواته، فُتحت المقرات الأمنية والعسكرية، وشهدت عمليات نهب في ظل فوضى عارمة لبضع ساعات. يقول المحامي محمد صواف الذي واكب أجواء عدة مناطق سورية منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظام السابق وميليشيا (كتائب البعث)، وزعا السلاح في مناطق عديدة على عناصرهم قبيل أيام من السقوط». ويشدد على أن هذا السلاح بات منفلتاً، وهناك من يتمسك به ويخفيه لأن الأمن لم يستتب بعد، وهناك من يخفيه لأسباب أخرى، وفي الحالتين، الأمر خطير ويهدد السلم الأهلي، لافتاً إلى وقوع جرائم جنائية يومية بسبب انفلات السلاح، فالمشاحنات والمشكلات التي قد تحل بالحوار، تشهد استخدام سلاح وإطلاق نار أو رمي قنبلة. إدارة الأمن العام تتسلّم أسلحة خفيفة من وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في اللاذقية (سانا) وتبذل السلطات السورية منذ سقوط النظام جهدها لحصر الأسـلحة والمعدات الحساسة بيد الجهات المختصة، عبر مسارين؛ أمني، وآخر عبر التسوية والتعاون مع وجهاء المناطق ولجنة السلم الأهلي. وما زال هناك آلاف السوريين المسلحين يرفضون تسليم السلاح لاعتبارات عديدة. فيما تدعو إدارة الأمن المدنيين في مختلف المناطق إلى تسليم السلاح ووقف العنف بعد أربعة عشر عاماً أنهكت البلاد. يشار إلى أنه وبعد الأحداث الدامية التي شهدها الساحل، ركزت السلطات جهودها على التعاون مع الأهالي، في ظل وجود رغبة لدى كثير من الأهالي والسلطة بتجنب تكرار ما حدث؛ سواء في الساحل أو في مناطق أخرى. وخلال الأيام القليلة الماضية، أعلنت إدارة الأمن العام عن تسليم أهالي ناحية «الحميدية» في ريف طرطوس، عدداً من قطع السلاح بعد اتفاق مع وجهاء المنطقة، كما سلم وجهاء قريتي البودي والقلايع بريف جبلة في محافظة اللاذقية، أسلحة خفيفة، دعماً للسلم الأهلي في المنطقة. وفي ريف حمص، صادرت قوات الأمن العام مستودعاً للأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بالإضافة إلى ذخائر وقنابل ومناظير ليلية عثر عليها في بلدة «العزيزية» غربي حمص. كما تم ضبط كميات من الأسلحة المتنوعة والذخائر كانت مخبأة داخل بئر ماء مهجورة في قرية «المضابع» في ريف حمص الشرقي. وسبق ذلك بأيام قليلة ضبط مستودع ذخائر في منطقة «كفر عبد» في ريف حمص يحتوي على صواريخ ورشاشات ثقيلة، ويُعدّ هذا المستودع الثالث الذي يتم العثور عليه في القرية ذاتها.