logo
وأُشْرِبُوا في قلوبهم العِجْلَ بكفرهم

وأُشْرِبُوا في قلوبهم العِجْلَ بكفرهم

هناك تشابه كبير للغاية بين قصتي نبي الله هارون وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام، لدرجة التطابق في الأفعال وردود الأفعال، ولذلك اختار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تلك المقارنة بينهما عندما قال: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى). وهذا مما يؤكد أنه لا ينطق أبداً عن الهوى، بخلاف ما يُروَّج له من قِبَل دعاة العقيدة الوهابية المنحرفة من أنه كان يُخطئ فيصححه بعض الصحابة.
وكما هو ثابت بالنص القرآني، فإن موقف بني إسرائيل من ولاية هارون عليهم، رغم أنهم قد سمعوا موسى عليه السلام وهو يقول: 'وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين'، إلا أنهم قدَّموا غير هارون على هارون، فكانت النتيجة أن عبدوا العجل وكفروا بالله علناً، بعد أن جاءتهم الآيات البيِّنات على يد نبي الله موسى منذ زمن استعبادهم في مصر على يد فرعون وقومه.
في قوله تعالى: 'وأُشْرِبُوا في قلوبهم العِجْلَ' يوضح الله سبحانه وتعالى أن الإعراض عن ولاية هارون هو الكفر بعينه، وأن حبهم للعجل وعبادتهم له ليست سوى نتيجة لذلك الكفر. أي أن أساس الانحراف كان بتخليهم عن هارون واستبدالهم السامري به، فكان منه ما كان من إخراج العجل، ومنهم ما كان من الشرك العلني.
وفي واقع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يتبيّن لنا ما هو أسوأ من عبادة العجل، بعد أن أعرضت عن نبيها وخالفت وصيته، لا لجهلٍ بما قال، بل لمعاندة صريحة له ورفض للاصطفاء الإلهي، كما هي سنة الشيطان وحزبه منذ أن رفض السجود لآدم عليه السلام للأسباب نفسها، فكان حظه أن طُرد من الجنة ولُعن وكان من الخاسرين. وهذا هو الحال حتى اليوم للأمة المحمدية.
ولعل أول الكوارث بعد فتنة السقيفة هي فتنة ما يُسمى بحروب الردة، والتي راح ضحيتها الآلاف من أبناء الأمة بدوافع شبيهة بتلك التي ترفعها تنظيمات مثل داعش والنصرة. ولا غرابة في ذلك، فالمنبع واحد، وخلف كل جريمة من جرائم التكفيريين استدلال على شرعنتها من تلك الحقبة المظلمة من تاريخ الأمة.
أي أننا لو نجونا من فتنة السقيفة، لكنا على الأقل نجونا من جرائم التكفيريين، ناهيك عن الفتن الأخرى التي شرعنتها، مثل الاختلاف في الدين، والولاء لأهل الكتاب. والأخيرة هي المسؤولة عمّا يحدث اليوم في فلسطين، لأن الصراع مع اليهود والنصارى انتهى برحيل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت آخر معركة معهم هي فتح خيبر بقيادة الإمام علي عليه السلام.
وكما هو ملاحظ أيضاً، أن الأمة استبدلت مصادر ثقافتها من بعد رسول الله، وجلبت أخرى بديلة، أغلبها من كتب بني إسرائيل، فكانت النتيجة أن بين أيدينا عقائد تُفرّق المسلمين وتُكفّرهم وتُبيح قتلهم، بعد أن حلّ حاخامات بني إسرائيل، من أمثال كعب الأحبار وهب بن منبه، محلّ دعاة الهدى من آل رسول الله.
وصدق رسول الله (عليه وآله الصلاة والسلام) عندما حذّر أصحابه من أنهم سيحذون حذو بني إسرائيل حذو القذة بالقذة، وكانت البداية برفض الإمام علي كما فعل بنو إسرائيل برفضهم لهارون عليهما السلام، قبل أن تتوالى الكوارث حتى صارت أمة محمد تحت رحمة من ضُربت عليهم الذلة والمسكنة في مفارقة عجيبة بين حالهم اليوم وحالهم يوم كان الرسول بين ظهرانيهم.
ومن المفارقات العجيبة أيضاً أن كتب بني إسرائيل، في التوراة المُزوّرة، وتحديداً في سِفر الخروج، تذكر القصة باسم 'عجل الذهب'، حيث يُنسب صنع العجل إلى هارون بناءً على طلب بني إسرائيل أثناء غياب موسى على جبل سيناء. هذا العجل كان مصنوعاً من الحلي الذهبية التي جمعها هارون من الشعب، وصهرها في قالب صنع منه العجل ليعبده بنو إسرائيل. ومثل هذا الكلام لا يختلف عن قول بني أمية ورُواتهم بأن الإمام علي قبل بفتنة السقيفة، ولو أنه فعل، لكان شريكاً في الدماء والمجازر التي أعقبتها باسم الردة، وبما تعانيه الأمة من محن وكوارث عبر تاريخها حتى اليوم، بعد أن أدَّت تلك الفتنة إلى أن يستعبدنا بني إسرائيل رغم ما هم عليه من الخوف والذلة.
إن ولاية الإمام علي عليه السلام تصنع رجالاً من أمثال علي نفسه، يرفضون الخضوع لغير الله، ويرون في اليهود والنصارى أعداءً لله ورسوله، ويرفضون ولايتهم، بل يهتفون بالموت لهم، ويسعون بكل ما أوتوا من قوة لتحرير المسلمين من ربق العبودية لأهل الكتاب. وما كنا لنرى العجل ترامب يبتز حكام العرب، ويأخذ منهم الجزية، ويكيل لهم الشتائم والإهانات، رغم ما هم عليه من وضع وخنوع له ولمن هم على شاكلته. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد محسن الجوهري

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فعالية لقطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية بذكرى يوم الولاية
فعالية لقطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية بذكرى يوم الولاية

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 28 دقائق

  • وكالة الأنباء اليمنية

فعالية لقطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية بذكرى يوم الولاية

صنعاء - سبأ : نظّم قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية، اليوم فعالية خطابية بذكرى يوم ولاية الإمام علي بن أبي طالب –عليه السلام. وفي الفعالية التي حضرها رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة علي العماد، أكّد مدير عام المباحث الجنائية العميد أحسن الحجازي، أهمية استلهام الدروس والعبر من سيرة الإمام علي عليه السلام والسير على نهجه القويم، وتجسيد القيم والمبادئ الإيمانية في الواقع العملي. وأشار إلى أن الأمة تعاني من ضعف وشتات نتيجة ابتعادها عن ولاية الله ورسوله وأعلام الهدى، معتبرا إحياء ذكرى يوم الولاية محطة تربوية وإيمانية لتجديد الولاء والارتباط بالإمام علي عليه السلام والتأسي بمناقبه وفضائله، وتعزيز الهوية الإيمانية في أوساط المجتمع، بما يسهم في تصحيح المسار ومواجهة الثقافات المغلوطة. بدوره، أكّد الناشط الثقافي خالد القروطي، أن إحياء يوم الغدير يأتي امتداداً للثبات على النهج المحمدي، وتجديداً للولاء للإمام علي عليه السلام، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تتطلب التمسك بقيم الحق والعدل، ومواجهة قوى الهيمنة والضلال. وأكد أن ما تشهده الأمة اليوم من تبعية هو نتيجة تولي أعداء الله من اليهود والنصارى، والابتعاد عن المنهج القرآني الأصيل، مؤكداً أن يوم الولاية ليس مجرد مناسبة بل عهد متجدد بالسير على خطى الإمام علي عليه السلام، واستحضار مواقفه في بناء دولة العدل ومقارعة الظالمين. وبين القروطي، أن ما يتحقق من انتصارات في محور المقاومة هو ثمرة للتمسك بالنهج العلوي، لافتًا إلى أن مثل هذه الفعاليات تُسهم في ترسيخ المفاهيم الإيمانية، وتعميق الوعي والبصيرة في نفوس الأجيال. واستعرض اجانباً من سيرة الإمام علي عليه السلام وما قدّمه من تضحيات في نصرة الإسلام والدفاع عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. تخللت الفعالية التي حضرها مديرو التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بوزارة الداخلية العميد حسن الهادي، وأمن المنافذ والمطارات العميد الركن محمد أحمد المحاقري، وشرطة حراسة المنشآت وحماية الشخصيات العميد أحمد البنوس، والأدلة الجنائية العميد حسين الماخذي، ومكافحة المخدرات العميد أكرم عامر، والشؤون المالية بالوزارة العميد يوسف الشامي، ومدير مكتب وكيل قطاع الأمن والشرطة العقيد علي المتوكل، وقيادات أمنية، قصيدة شعرية وأوبريت إنشادي.

ندوة في إب إحياءً لذكرى العالم الرباني بدر الدين الحوثي
ندوة في إب إحياءً لذكرى العالم الرباني بدر الدين الحوثي

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 28 دقائق

  • وكالة الأنباء اليمنية

ندوة في إب إحياءً لذكرى العالم الرباني بدر الدين الحوثي

إب - سبأ : أقيمت اليوم في محافظة إب ندوة ثقافية إحياءً لذكرى رحيل العالم الرباني السيد بدر الدين أمير الدين الحوثي، رضوان الله عليه. وفي الندوة، التي حضرها وكلاء المحافظة راكان النقيب وحارث المليكي وقاسم المساوى و رئيس جامعة إب الدكتور نصر الحجيلي، استعرض مسؤول قطاع الإرشاد أحمد المهاجر جانبًا من سيرة السيد العلامة بدر الدين الحوثي ومواقفه العظيمة وإيمانه القوي وثقته بالله، وبعضا من مؤلفاته . وأشار إلى أن العلامة بدر الدين الحوثي كان نموذجًا فريدًا في التواضع والأخلاق والأمانة، وحرصه على تناول ما يتأكد من حلال، وشجاعته في قول الحق في وجه الطغاة والمستكبرين. وأوضح المهاجر أن الفقيد استطاع أن يربي أبنائه على العلم والتقوى والإحسان والجهاد والشجاعة. وكان المشاركون في الندوة قد تناولوا ثلاثة أوراق عمل تضمنت نشأة العلامة بدر الدين الحوثي وعلمه وعلاقته بالقرآن الكريم وأسلوبه التربوي العظيم والمسؤولية الجسيمة التي استشعرها الفقيد في مواكبة ومساندة تأسيس المسيرة القرآنية ومواجهته للفكر الوهابي ومعاناته الشديدة في الحروب الظالمة التي شنها النظام السابق على صعدة بهدف وأد المسيرة القرآنية المباركة. حضر الفعالية عدد من مدراء عموم المكاتب التنفيذية ومدراء المديريات وقادة الوحدات العسكرية والأمنية.

فعالية ثقافية لمكتب الأوقاف بإب احتفاءً بيوم الولاية
فعالية ثقافية لمكتب الأوقاف بإب احتفاءً بيوم الولاية

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 2 ساعات

  • وكالة الأنباء اليمنية

فعالية ثقافية لمكتب الأوقاف بإب احتفاءً بيوم الولاية

نظم مكتب الهيئة العامة للأوقاف بمحافظة إب، اليوم، فعالية ثقافية احتفاءً بذكرى يوم الولاية للعام 1446هـ. وفي الفعالية أعتبر نائب مدير مكتب الأوقاف بالمحافظة صدام العميسي، أن يوم الغدير ليس يوما عادياً، بل هو يوم من أعظم أيام الله، والذي اكمل فيه الدين، وأتم نعمته وفضله على عباده، ورضا لهم الإسلام دينا. وذكر أن خطبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في غدير خم، كانت تبليغا لأمر الله، وإعلانا نبوياً واضحاً وصريحاً، يضع الأمة على طريق الهداية ويمنعها من الضياع.. مبيناً أن مبدأ الولاية في الإسلام، مبدأ عظيم إنطلاقاً من حديث النبي الخاتم في غدير خم. وأكد العميسي، أن عيد الغدير ، نعمة كبيرة من الله تعالى ، به حفظت الأمة، وسُلمت الأمانة، فإذا ما وقف الناس عند وصية نبيهم ، تحققت لهم العزة والكرامة والنصر والتمكين. وشدد على ضرورة إحياء هذه المناسبة العظيمة، وجعلها منبرا للوحدة على خط الولاية، ومحطة إيمانية تعزز الوعي بالنهج المحمدي الأصيل، وتجدد الولاء لله ورسوله والإمام علي، وأعلام الهدى عليهم السلام. وفي كلمة العلماء، إستعرض الشيخ مقبل الكدهي، فضائل الإمام علي عليه السلام، ودلالات ومعاني ذكرى يوم الولاية في إكمال الدين وإتمام النعمة والفضل من الله تعالى. وشدد على أهمية تنفيذ التوجيهات الإلهية والتولي الصادق للرسول الأعظم والإمام علي عليهما السلام.. مبينا أن غياب فهم الأمة لمبدأ الولاية في الإسلام جعلها تقع في ولاية اليهود والنصارى. ونوه الكدهي، بمواقف الشعب اليمني وقيادته الحكيمة وقواته المسلحة الباسلة، في إسناد الشعب الفلسطيني.. مشيداً بالرد الإيراني القوي والمؤثر والسريع ضد مواقع ومنشآت الكيان الصهيوني. ودعا كافة أبناء الأمة إلى الوقوف صفًا واحدًا الى جانب فلسطين وإيران، والتصدي بشتى الوسائل للعدو الصهيوني الأمريكي حتى تحقيق النصر وتحرير الأقصى والأراضي المحتلة. تخللت الفعالية التي حضرها عدد من العلماء، وموظفي وكوادر قطاع الأوقاف بالمحافظة والمديريات، قصيدتان للشاعرين، سراج الدين الجنيد، وسيف العامري، عبرتا عن أهمية مبدأ الولاية في حياة الأمة، ودوره في صناعة النصر على الأعداء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store