
كامل إدريس بين ضغوط المكونات العسكرية والقبلية.. لماذا تتأخر الحكومة في السودان؟
كثير من السودانيين بنوا آمالهم على هذه الحكومة، باعتبارها الأولى التي يشكلها رئيس وزراء مدني بـ'صلاحيات كاملة'، وفق الإعلان عنها.
فمنذ إجراءات رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، كان المجلس يملأ الفراغ الوزاري بوزراء مكلفين.
وتُدار الوزارات السودانية بمزيج من وزراء مكلّفين وآخرين عُينوا خلال فترة الشراكة بين المدنيين والعسكريين، التي بدأت عام 2021.
غير أن آمال السودانيين بملء الفراغ التنفيذي، الذي تعاني منه مؤسسات الدولة، بدأت تتآكل جراء تأخر إعلان تشكيل الحكومة، في حين تعاني البلاد تداعيات الحرب المستمرة.
ويخوض الجيش بقيادة البرهان و'قوات الدعم السريع' بقيادة محمد حمدان دلقو 'حميدتي' حربا ضارية منذ أبريل/ نيسان 2023.
وأسفرت الحرب عن أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون لاجئ ونازح، وفق الأمم المتحدة وسلطات محلية، بينما قدّرت دراسة لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
** تعيينات بالتجزئة
إدريس شرع في تعيين وزراء حكومته على دفعات، بدأها بوزيري الداخلية والدفاع، ثم الصحة، والزراعة والري، والتعليم العالي.
وفي 11 يوليو/ تموز الجاري عيَّن خمسة وزراء للمالية، والعدل، والحكم الاتحادي، والتجارة والصناعة، والشؤون الدينية والأوقاف.
وبعد أربعة أيام، أعلن عن 5 وزراء للإعلام، والثروة الحيوانية، والمعادن، والرعاية الاجتماعية، والبنية التحتية والنقل.
وبذلك ارتفع العدد إلى 15 من بين 22 وزيرا مقرر أن تتألف منهم الحكومة.
وفي 19 يونيو/ حزيران أعلن إدريس ملامح ما سماها 'حكومة الأمل'، التي قال إنها ستتكون من 22 وزارة، بعد حلّ سابقتها مطلع الشهر ذاته.
وآنذاك قال رئيس الوزراء الجديد إنها 'ستكون حكومة كفاءات وطنية لا حزبية وتمثل صوت الأغلبية الصامتة'.
وأدى إدريس في 31 مايو/ أيار اليمين الدستورية أمام البرهان، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، عقب إصدار البرهان في 19 من الشهر ذاته مرسوما دستوريا بتعيينه.
وإدريس سياسي حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف في سويسرا، ومرشح سابق لرئاسة السودان في 2010.
ولم يصدر تعليق رسمي بشأن تأخر الإعلان عن التشكيل الوزاري، إلا أن مراقبين يعزون ذلك إلى اتساع دائرة التشاور، إذ تشمل رئيس الوزراء ومجلس السيادة والجيش والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام وقوى سياسية مجتمعية داعمة لتكوين حكومة إدريس.
** واقع معقد
المحلل السياسي عثمان فضل الله قال للأناضول: 'هناك أكثر من سبب وراء تأجيل تشكيل حكومة كامل إدريس، أبرزها الخلافات بين المكونات العسكرية والسياسية التي تدعم السلطة في بورتسودان (العاصمة المؤقتة)'.
فضل الله أضاف أن 'الأمر يحتاج وقتا للوصول إلى صيغة توافقية بين هذه المكونات المتناقضة الأهداف والمنعدمة بينها الثقة، وهو ما يأخر تشكيل الحكومة'، على حد تقديره.
وتابع أن 'السبب الثاني هو التصور الخاطئ الذي أتي به إدريس، وهو تشكيل حكومة تكنوقراط بعيدة عن المحاصصة الحزبية والسياسية والقبلية تقوم بعمل محدد حتى قيام الانتخابات'.
وأردف: 'لأن هذا التصور غير قابل للتطبيق، ففي السودان ترتفع الأصوات القبلية والمليشيات الجهوية والمناطقية ومَن شاركوا في الحرب للمشاركة في السلطة'.
و'اصطدم إدريس بهذه المجموعات، ما جعل تصوره غير قابل للتنفيذ، وبالتأكيد هذا يؤخر تشكيل الحكومة'، حسب فضل الله.
وزاد أن 'هناك حركات مسلحة لديها مقاعد في الحكومة، بناء على اتفاق جوبا للسلام لعام 2020، وهذا يعقد المشهد ويؤخر تشكيل حكومة إدريس'.
ووفق اتفاق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة تُمنح 25 بالمئة من المقاعد في الحكومة لهذه الحركات.
واعتبر فضل الله أن 'المناخ (السياسي) في بورتسودان، حيث تتواجد الحكومة بكافة مؤسساتها، لا يساعد على تشكيل حكومة'.
وأضاف أن 'هناك عنصرا آخر، وهو عدم الاقتناع بالمشاركة في الحكومة، حيث رفضت شخصيات عديدة المشاركة'، على حد قوله.
** تأخير طبيعي
بدوره، رأى المحلل السياسي محمد سعيد أنه 'من الطبيعي أن تشهد حكومة كامل إدريس الجديدة كل هذا التأخير، لأن التعيين مرتبط بتوازنات قبلية وعسكرية'.
واعتبر، في حديث للأناضول، أن 'قرار التعيين ليس بالكامل لدى رئيس الوزراء، بل في يد العسكر في مجلس السيادة، وهذا يأخذ وقتا في التفاهمات'.
وأردف: 'هذا مؤشر على أنها ولادة متعثرة للحكومة، وبذلك سيكون الأداء متعثرا وقد لا يحدث تناغما، كما أن الصلاحيات لدى رئيس الوزراء ليست كاملة'.
و'سيكون رئيس الوزراء حكومة تنفيذية، أي تنفذ ما يملىّ عليها من مجلس السيادة، لذلك التأخير شيء طبيعي في ظل هذا الوضع'، حسب سعيد.
ومنذ أن أطاحت احتجاجات شعبية بالرئيس عمر البشير في أبريل/ نيسان 2019، يعاني السودان من تقلبات سياسية وصراعات مسلحة.
وعقب الإطاحة بالبشير، تم تشكيل سلطة انتقالية بشراكة بين العسكريين والمدنيين، بموجب 'وثيقة دستورية' حددت نهاية المرحلة الانتقالية في يناير/ كانون الثاني 2024.
لكن هذه الشراكة لم تدم طويلا، إذ قام البرهان في أكتوبر 2021، بحل حكومة عبد الله حمدوك، وفضّ التحالف مع القوى المدنية.
وجاء ذلك ضمن سلسلة إجراءات اعتبرها الرافضون لها 'انقلابا عسكريا'، بينما قال البرهان إنها تصحيح لمسار المرحلة الانتقالية.
وفشلت وساطات إقليمية ودولية في إعادة التوافق بين الطرفين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
أحمد موسى ردا على مخطط إسرائيلي للتنازل عن جزء من سيناء لغزة: بنحافظ على حدودنا
كشف الإعلامي أحمد موسى، تفاصيل أخطر وثيقة تفضح أسرار الحملات والشائعات التي تحاك ضد الدولة المصرية. وقال الإعلامي احمد موسى في برنامجه " على مسئوليتي " المذاع على قناة " صدى البلد"، : " المخطط كان يتحدث عن أن مصر تحصل على أراضي من إسرائيل جنوب غرب النقب والمنطقة التي ستنقلها إسرائيل لمر يمكن ان تصل لـ 720 كيلو متر وتحصل مصر على مميزات اقتصادية ". وأضاف موسى :" لو المنطقة اللي إسرائيل اتكلمت عنها هتتنازل عنها لمصر لو فيها ذهب وشهد مش عايزنها وإحنا بنحافظ على أرضنا وحدودنا ". وتابع "كل رئيس مصري يحافظ على مصر وحدودها كما هي دون تغيير ". وأكمل أحمد موسى :" أي رئيس مسؤول عن حماية أرضه وبلده وهتفضل ارضنا زي ما هي إلى أن يشاء الله ".


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
الضويني يوجه رسالة لطلاب الثانوية الأزهرية .. ويؤكد التضامن مع أهل فلسطين
وجه الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، رسالة إلى طلاب الثانوية الأزهرية بعد اعتماد نتيجتهم للعام الدراسي الحالي 2024-2025. وقال وكيل الأزهر في منشور على صفحته الرسمية على فيس بوك: ظهرت نتيجة الثانوية الأزهرية لعام ٢٠٢٥م فجدَّدت فينا الآمال، وأحيت فينا السُّرور والسَّعادة بنجاح أبنائنا، وإثبات قدرتهم على التَّفوُّق. وتابع وكيل الأزهر: فلأبنائنا النَّاجحين المتفوِّقين الَّذين بذلوا جهدًا كبيرًا في الدِّراسة والتَّحصيل أزفُّ التَّهاني والتَّبريكات، وأدعو الله أن يزيدهم توفيقًا وسدادًا في المرحلة الجامعيَّة، وأن يكونوا قدوةً في مجتمعاتهم، وحملةً لرسالة الأزهر علمًا وأخلاقًا. وتابع: ولا يفوتني أن أثني على أولياء الأمور لما بذلوه من جهدٍ وصبرٍ أثمر النَّجاح والفرح، وإنِّي لأتقدَّم بهذه المناسبة بكلِّ اعتزازٍ بالتَّهنئة إلى فضيلة مولانا الإمام الأكبر، شيخ الأزهر، لهذا النَّجاح الباهر، والَّذي تابعه متابعةً دقيقةً حتَّى أثمر. كما أتقدَّم بتهنئةٍ خاصَّةٍ إلى جنود قطاع المعاهد الأزهريَّة: رئيس قطاعٍ، ووكلاء، ومنسوبين، ولجنة النِّظام والمراقبة، وأثق أنَّ الله كلَّل جهدهم بالنَّجاح؛ فنجاح أبنائنا نجاحٌ لنا. وأشكر شكرًا خاصًّا كلَّ مَن أسهم في إنجاح العمليَّة التَّعليميَّة وأعمال امتحانات الشّهادة الثَّانويَّة الأزهريَّة لهذا العام، من الأجهزة المعنيَّة الَّذين لم يدَّخروا جهدًا في التَّأمين والدَّعم. وقال وكيل الأزهر: وإنَّنا إذ نفرح بنجاح أبنائنا لا ننسى أهلينا في غزة، في ظلِّ ما يعانونه من مجاعةٍ خانقةٍ وعدوانٍ متواصلٍ لم يشهد التَّاريخ الحديث له مثيلًا. وأكد وكيل الأزهر، أنَّ قضيَّة فلسطين ستظلُّ في صدارة أولويَّات الأزهر وجهوده، وأنَّ الوقوف صفًّا واحدًا خلف قيادتنا هو واجب الوقت؛ للعمل بكلِّ السُّبل على إنهاء هذا العدوان وإنهاء المجاعة القاتلة والمأساة الإنسانيَّة، وتمكين الشَّعب الفلسطينيِّ من نيل حقوقه المشروعة في الحرِّيَّة والحياة والكرامة واسترداد أرضه ومقدَّراته. واختتم منشوره: نجدِّد التَّهنئة للنَّاجحين، ونتضامن مع إخوتنا في فلسطين، وستبقى غزَّة أرض العزَّة! وستبقى غزَّة أرض الكرامة.


LBCI
منذ 2 ساعات
- LBCI
الولايات المتحدة تنتقد إفراج فرنسا عن الناشط اللبناني جورج عبد الله
انتقدت الولايات المتحدة السبت إفراج فرنسا عن الناشط اللبناني المؤيد للفلسطينيين جورج إبراهيم عبد الله بعد أن قضى أكثر من 40 عاما خلف القضبان بتهمة الضلوع في قتل دبلوماسيين أحدهما أميركي والآخر إسرائيلي. اعتقل عبد الله عام 1984 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 1987 بتهمة التورط في مقتل الملحق العسكري الأميركي تشارلز روبرت راي والدبلوماسي الإسرائيلي ياكوف بارسيمانتوف في باريس. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أمرت محكمة استئناف فرنسية بالإفراج عن عبد الله بشرط مغادرته الأراضي الفرنسية وعدم عودته إليها. وغادر عبد الله سجنه في جنوب غرب فرنسا الجمعة، ووصل لاحقا إلى مسقط رأسه في لبنان. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي إن "الولايات المتحدة تعارض إطلاق الحكومة الفرنسية سراح الإرهابي المدان جورج إبراهيم عبد الله وترحيله إلى لبنان". واعتبرت أن "إطلاق سراحه يهدد سلامة الدبلوماسيين الأميركيين في الخارج، ويمثل ظلما فادحا للضحيتين وعائلات القتيلين. ستواصل الولايات المتحدة دعمها لتحقيق العدالة في هذه القضية".