logo
الاتحاد الأوروبي يكشف عن استراتيجية جديدة للأمن الداخلي

الاتحاد الأوروبي يكشف عن استراتيجية جديدة للأمن الداخلي

الشرق السعودية٠٦-٠٤-٢٠٢٥

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز قدراته لمواجهة الأزمات من خلال استراتيجية أمنية جديدة تركز على الأمن الداخلي، تمثلت في وثيقة طُرحت مؤخراً، لإصلاح أجهزة إنفاذ القانون ووكالات الأمن للمساهمة في صد التهديدات عن البنية التحتية.
وأشارت صحيفة "يو نيوز" إلى أن المفوضية الأوروبية تُكمل رؤيتها لاتحاد يدخل "عصراً جديداً من الدفاع والأمن"، على حد تعبير نائبة رئيس المفوضية هينا فيركونين.
وأوضحت فيركونين أن الركيزة الثالثة، بعد مشروع "الكتاب الأبيض" للدفاع (الجاهزية 2030)، واستراتيجية التأهب للأزمات، هي خطة "حماية الاتحاد الأوروبي" (ProtectEu)، وهي خطة شاملة لتعزيز الأمن الداخلي لتكتل الاتحاد الأوروبي.
وتهدف الخطة إلى تعزيز العديد من الوكالات الأوروبية، مثل وكالة الشرطة التابعة للاتحاد الأوروبي "يوروبول"، ووكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية "يوروجست"، والوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، وتسهيل وصول قوات الشرطة إلى البيانات عبر الإنترنت، وإطلاق "دبلوماسية أمنية جديدة".
وطرح الخطة مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية ماجنوس برونر، ونائبة رئيس المفوضية المسؤولة عن السيادة التكنولوجية والأمن والديمقراطية فينا فيركونين، الثلاثاء، أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورج الفرنسية.
وقال برونر في كلمة أمام البرلمان الأوروبي، إن نقطة البداية هي "الحاجة إلى تغيير العقليات وأساليب التفكير في الأمن"، مضيفاً: "سنجد حلولاً متوازنة" لضمان الحق في الخصوصية.
وأعلن أن هناك خططاً لاستخدام أدوات أكثر صرامة في تطبيق القانون، مثل التحقيقات السرية وبرامج الشهود الرئيسيين. كما تتضمن الخطة إجراءات إضافية لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. وتشمل الاستراتيجية الأمنية مجموعة من المقترحات التشريعية التي تحتاج إلى خطوات إضافية لتنفيذها.
وأشار إلى أن خطة تشريعية ستُقدم في 2026 لتحويل "يوروبول" إلى هيئة شرطة تنفيذية، مع تعزيز قدراتها التكنولوجية لدعم أجهزة إنفاذ القانون الوطنية، التي تستفيد حالياً من مساندتها.
وأوضح المفوض الأوروبي أن "مشروع ProtectEu يهدف إلى تزويد قوات الشرطة بالأدوات اللازمة للعمل".
وتوقع أن يقترح الاتحاد الأوروبي "العام المقبل" مراجعةً لاختصاصات كل من "يوروبول" و"فرونتكس"، مشيراً إلى أنه بالإضافة إلى تعزيز كفاءاتها، يخطط التكتل لزيادة عدد موظفيها 3 أضعاف ليصل إلى 30 ألف موظف.
ملامح الاستراتيجية
وحددت المفوضية الأوروبية 6 مجالات للعمل هي زيادة الوعي بالتهديدات، وتحسين إنفاذ القانون، وبناء قدرة أكبر على الصمود في وجه التهديدات الهجينة، ومكافحة الجريمة المنظمة، ومكافحة الإرهاب، والتأكيد على الشراكات الأمنية العالمية.
ووفقاً لـ"يوروبول"، فإن 85% من التحقيقات الجنائية في الدول الأعضاء تعتمد على "قدرة السلطات على الوصول إلى المعلومات الرقمية" لأن جميع أشكال الجريمة المنظمة تقريباً تترك بصمات.
ولذلك، سيقترح الاتحاد الأوروبي خارطة طريق للوصول القانوني والفعال إلى البيانات لأجهزة إنفاذ القانون، تقترن بإجراء تقييم للآثار لتحديث قواعد الاحتفاظ بالبيانات الحالية.
من ناحية أخرى، ستتحول "يوروبول"، في إطار استراتيجية المفوضية، إلى وكالة شرطة "فعّالة" مزودة بموارد وأدوات مبتكرة لإجراء تحقيقات معقدة عبر الحدود، على اتصال وثيق بالدول الأعضاء، وكذلك بوكالات أخرى تابعة للاتحاد الأوروبي، مثل يوروجست، ومكتب المدعي العام الأوروبي (إيبو)، ووكالة الأمن السيبراني (إينيسا).
ومن المتوقع أن يعزز دعم "يوروبول" المتزايد قدرات الدول الأعضاء على إجراء تحقيقات فعالة من خلال التحليل الجنائي الرقمي، وفك التشفير، ومعالجة كميات متزايدة من البيانات، والاستخدام العملي للتقنيات الناشئة والمبتكرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«الوقود الأحفوري الروسي» يهدد أمن الطاقة في أوروبا
«الوقود الأحفوري الروسي» يهدد أمن الطاقة في أوروبا

الرياض

timeمنذ 6 ساعات

  • الرياض

«الوقود الأحفوري الروسي» يهدد أمن الطاقة في أوروبا

انتشرت مصادر الطاقة الروسية في أنحاء أوروبا على مدار عقود، من تدفئة الشقق في سلوفاكيا إلى تشغيل الصناعات الألمانية. وكانت الأصوات التي حذرت من أن الاعتماد على مورد واحد للطاقة أمرا تحفه المخاطر، أقلية. وجاءت صفعة أولية مع ضم روسيا شبه جزيرة القرم، الأوكرانية، في عام 2014، ولكن الخطر لم يتضح لمعظم الأوروبيين إلا مع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في عام 2022. ومنذ ذلك الحين، كافح الاتحاد الأوروبي كي يتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي، وكان ذلك يواجه عرقلة داخلية من بعض الدول الأعضاء. وعندما انطلق الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا واتخذ خطوات تهدف إلى خفض واردات الفحم والنفط من موسكو. واليوم، صار الغاز محور الاهتمام. وفي ظل توفر المزيد من الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، يعتزم الاتحاد الأوروبي الاستغناء عن الغاز الروسي، والاستعانة بالغاز الطبيعي المسال بدلا منه - إن كان ذلك ممكنا، من مصادر أخرى غير روسيا. وطرحت المفوضية الأوروبية، في وقت سابق، خارطة طريق نحو "التخلص التدريجي المنسق من إمدادات الطاقة الروسية" بحلول عام 2027. وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين: "آن أوان أن تقطع أوروبا علاقاتها، فيما يتعلق بالطاقة، تماما مع مورد لا يمكن الاعتماد عليه'. ويتمثل هدف ثانوي في تعزيز توجه الاتحاد الأوروبي نحو مصادر الطاقة المتجددة. وقال مفوض الطاقة بالاتحاد الأوروبي دان يورجنسن: "نفعل ذلك كي نحافظ على أمننا. وهو أيضا خطوة مهمة نحو الاستقلال في مجال الطاقة". وقد يكون من السهل الحديث عن تحقيق هذه الأهداف، ولكن من الصعب إدراك ذلك على أرض الواقع. (وقد يكون الحديث سهلا، ولكن تحقيق ذلك ليس سهلا) العرض يلي الطلب وبحسب المفوضية الأوروبية، انخفضت واردات الغاز الروسي للاتحاد الأوروبي من 45 % في عام 2021، إلى 19 % في 2024. وتراجعت واردات الغاز عبر خطوط الأنابيب بشكل حاد، ولكن عدة دول في الاتحاد الأوروبي زادت مشترياتها من الغاز الطبيعي المسال. ويتم نقل الغاز الطبيعي المسال عن طريق البحر، وتفريغه في الموانئ، ثم إعادة تغويزه، وضخه في الشبكة الأوروبية. وهناك حظر كامل على واردات الفحم، وتصل نسبة روسيا في واردات التكتل من النفط 3 %، من 27 % في عام 2022. ورغم ذلك، بحسب تقديرات شركة "كيبلر" لاستشارات البيانات، شكل الغاز الروسي 9 % من استهلاك الاتحاد الأوروبي في الفترة من يناير وحتى أبريل 2025. ولا تزال موسكو ضمن أكبر ثلاثة موردين للغاز، مع النرويج والجزائر. وقال مركز أبحاث الطاقة العالمي "إمبر"، إن الواردات الأوروبية زادت على أساس سنوي بنسبة 18 % في 2024، وهو ما يرجع بالأساس إلى زيادة الواردات لجمهورية التشيك وإيطاليا وفرنسا. ويقول المحلل التشيكي جيري تيليتشيك إن ارتفاع واردات الغاز من روسيا يؤكد استمرار مشكلات أمن الطاقة في أوروبا. وقال تيلتشيك: "يتسم العمل التجاري بالبراغماتية الشديدة، فلا يهتم المستوردون كثيرا بما إذا كان الحصول على الغاز الروسي يمثل مشكلة سياسية، أم لا... وإذا لم توجد عوائق قانونية، مثل الحظر، فإنهم يركزون على استيراد الغاز الروسي الأرخص سعرا." خارطة الطريق المقبلة وتسعى المفوضية الآن إلى إنهاء جميع واردات الغاز من روسيا بنهاية عام 2027، في حين أن من المقرر تقديم مقترحات تشريعية الشهر المقبل. كما يتم استهداف النفط والوقود النووي من روسيا، حيث إنها مورد رئيس لليورانيوم اللازم لإنتاج الطاقة النووية، كما أن لدى دول عديدة في الاتحاد الأوروبي مفاعلات روسية الصنع. وقال المفوض يورجنسن عقب تحديد الإجراءات: "لا نريد أن نكون تحت سيطرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين... نعم سوف يستخدم الطاقة كسلاح حال شعر أن ذلك يصب في صالحه." وأشار المفوض إلى أن التكتل الأوروبي أنفق على شراء الوقود الأحفوري من روسيا أكثر من حجم المساعدات التي قدمها التكتل لأوكرانيا منذ عام 2022. ويتعين موافقة نواب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد على التشريع. وللمفوضية ليست بحاجة إلى موافقة جميع الدول الأعضاء (27) من أجل حظر الاستيراد، حيث يتطلب الأمر دعم أغلبية مرجحة من 15 دولة. وانتقدت المجر وسلوفاكيا، اللتان تتمتعان بعلاقات وثيقة مع موسكو، هذه الخطط. ووصف رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو خطوة إنهاء جميع واردات الطاقة من روسيا بأنها "انتحار اقتصادي"، ولكنه يقر في نفس الوقت بهدف الحد من الاعتماد على الطاقة الروسية. وقال يورجنسن إن المفوضية كانت على استعداد للمضي قدما في سبيلها دون إجماع أوروبي. ولكن حتى لو كانت مقاومة المجر أو سلوفاكيا أمرا مفروغا منه تقريبا، قد تأتي الرياح المعاكسة من جهات أخرى، حيث يعتمد عدد من الدول الأعضاء على مصادر الطاقة الروسية. ولا تزال دول مثل سلوفاكيا والمجر تعتمد على الوقود الأحفوري الروسي- وتستورد 80 % من استهلاكها من النفط من موسكو، على سبيل المثال. والدولتان معفيتان من الحظر المفروض على استيراد النفط الروسي. وفي نهاية عام 2024 - عندما انتهت صفقة عبور الغاز بين موسكو وكييف - كانت النمسا لا تزال تحصل على نحو 80 % من احتياجاتها من الغاز من روسيا. وفقط عند هذه المرحلة توقفت عمليات التسليم. وسوف يتعين على المفوضية الأوروبية كذلك إدارة الاعتماد المتنامي لبعض الدول الأعضاء على واردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا، والتي يذهب معظمها إلى ثلاث دول -بلجيكا وفرنسا وإسبانيا- وفقا لوكالة الطاقة الدولية، رغم إعادة تصدير كميات إلى دول مجاورة.. مصلحة كبيرة ولفرنسا وألمانيا، اللتين تشكلان أقوى ثقل اقتصادي في الاتحاد الأوروبي، مصلحة كبيرة في التحول بعيدا عن مصادر الطاقة الروسية. وقبل إطلاق موسكو هجومها على أوكرانيا، كانت ألمانيا تستورد 55 % من احتياجاتها من الغاز من روسيا. ومنذ ذلك الحين، تسعى برلين إلى تنويع مصادر وارداتها من الطاقة، وإقامة محطات للغاز الطبيعي المسال. ومنذ أغلقت روسيا خط أنابيب نورد ستريم 1 في عام 2022، استوردت ألمانيا الغاز الطبيعي من النرويج وبلجيكا وهولندا. وتحصل ألمانيا على الغاز الطبيعي المسال من الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي، بما يشمل دولا تستورده من روسيا. وسوف تواجه فرنسا تبعات واسعة جراء أي تحرك بعيدا عن الغاز الطبيعي المسال الروسي، حيث إن لديها خمس محطات لنقله إلى أوروبا. وزادت واردات فرنسا من الغاز الطبيعي المسال من روسيا بنسبة 81 % خلال الفترة بين عامي 2023 و2024، بما حقق لروسيا دخلا بقيمة 68، 2 مليار يورو. مشكلات الاستيراد. وكانت روسيا ثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي لإسبانيا اعتبارا من شهر مارس الماضي، حيث بلغت حصتها 2ر13 % في الربع الأول من العام، خلف الجزائر وأميركا، 32 % لكل منهما. وقالت الحكومة الإسبانية إن واردات الغاز الطبيعي المسال تعود لـ"عقود خاصة" لا يمكنها التدخل فيها، ولكنها شددت على رغبتها في زيادة الواردات من مصادر أخرى. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في كييف خلال شهر فبراير الماضي إن لدى الحكومة والمجتمع في بلاده "الإرادة السياسية" للعثور على موردين آخرين، بعيدا عن روسيا. ويقدم الكفاح الذي خاضته جمهورية التشيك مثالا لمعضلة الطاقة في الاتحاد الأوروبي. ورغم أن البلاد أعلنت الشهر الماضي استقلالها تماما عن النفط الروسي، لأول مرة في التاريخ، إثر اكتمال العمل في خط أنابيب جديد، فإنها لا تزال تستورد الغاز الروسي، وإن كان بشكل غير مباشر. وفي عام 2023، أعلنت براغ استقلالها بشكل كامل عن الغاز الطبيعي الروسي، وهو ما أدى إلى خفض وارداتها إلى نحو الصفر. ورغم ذلك، تظهر بيانات الشبكة أنها تستورد "على الأقل بعض الوقود الروسي" عبر سلوفاكيا. ويسلط تدفق الغاز بهذا الشكل الضوء على التحدي الذي تواجهه بعض الدول في إطار الحد من اعتمادها على الوقود الروسي، حتى وهي تعارض حرب الكرملين على أوكرانيا. وتعد كرواتيا مثالا للدول الأعضاء التي تخلت عن الغاز الروسي. وقد أكملت البلاد إقامة محطة عائمة للغاز الطبيعي المسال في جزيرة كرك، في يناير 2021، أي قبل انطلاق حرب أوكرانيا.. وأدت هذه الخطوة إلى تنويع إمدادات كرواتيا من الغاز وإنهاء الاعتماد على الواردات الروسية. واليوم، تستورد كرواتيا الغاز المسال، بشكل رئيس من أميركا، تليها نيجيريا وقطر ومصر. ولا تلبي المحطة احتياجات البلاد من الغاز فحسب، بل يمكنها أيضا توفير إمدادات لجيرانها. ومن خلال خطط كرواتيا لتوسيع المركز وتحديث خطوط أنابيب الغاز، تريد كرواتيا تحويل نفسها إلى مركز إقليمي للطاقة. كما أن فتح الباب أمام المزيد من إمدادات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة من شأنه أن يساعد بروكسل في الحد من التوترات التجارية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وتعد أميركا بالفعل أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال للاتحاد الأوروبي، بنسبة 45 % في عام 2024، تلتها روسيا، 20 %. وفي أبريل الماضي، قال الرئيس ترمب إن على الاتحاد الأوروبي الالتزام بشراء مصادر طاقة أميركية بقيمة 350 مليار دولار كي يستطيع التكتل الحصول على إعفاء من الرسوم الجمركية التي فرضها. وقالت المفوضية الأوروبية إنها تستهدف الاعتماد على موردين، يتراوحون من أميركا إلى النرويج وقطر ودول شمال أفريقيا. وفي الوقت نفسه، يتعين على المفوضية مراعاة مصالح المستهلكين. أسعار الطاقة المرتفعة قضية تتسم بالحساسية السياسية، فإذا ما أرادت المفوضية الأوروبية الفكاك من الاعتماد على الغاز الروسي، فسوف يتعين عليها مواجهة شبح ارتفاع جديد في أسعار الغاز، على غرار ما حدث في 2022، عندما بدأ الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات شديدة على موسكو.

هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن
هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن

Independent عربية

timeمنذ 7 ساعات

  • Independent عربية

هدنة الـ40 عاما كجسر إلى الممكن

منذ أكثر من سبعة عقود، ونحن عالقون في مربع الدم، ندور حول طاولة مفاوضات هشة، ونراوح ما بين "حل الدولتين" الذي شاخ قبل أن يولد، و"الحل البديل" الذي لا يجرؤ أحد على تسميته أو فرضه… وفي ظل حرب غزة المستعرة والانقسام الفلسطيني وتطرف حكومة نتنياهو، تبدو كل الحلول النهائية غير ممكنة أو مؤجلة إلى أجل غير مسمى. ما يمكن التفكير فيه بجدية اليوم هو هدنة طويلة الأمد لمدة 40 عاماً بضمانات أميركية، تجمد فيها الحرب ويجمد فيها أيضاً وهم التسوية السياسية، هدنة لا تنهي الصراع جذرياً، لكنها توقف النزيف وتمنح الأجيال المقبلة فرصة لصياغة واقع جديد أقل توحشاً وأكثر واقعية وتوفر للجميع فرصة النمو والازدهار. ربما تبدو الهدنة الطويلة خيار اليأس من الحلول، لكنها في حقيقتها صيغة للتهدئة العميقة، تشبه إلى حد كبير ما فعله الأوروبيون بعد الحرب العالمية الثانية، حين أدركوا أن الحلول الكبرى مؤجلة، فاختاروا البناء بدلاً من التناحر، والتعاون الاقتصادي بدلاً من ترسيم الحدود… هكذا نشأ الاتحاد الأوروبي، لا من طاولة مفاوضات سلام، بل من مصانع الحديد والفحم. في الحالة الفلسطينية – الإسرائيلية الراهنة، فإن فكرة الدولتين لم تعُد ممكنة، إذ تنهش المستوطنات الضفة الغربية ويُخنق قطاع غزة تحت الحصار، وحقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تريد دولة فلسطينية ولا تعترف بحق العودة ولا ترى في الفلسطيني إلا رقماً أمنياً قابلاً للمراقبة أو الترحيل أو القتل… والفلسطينيون، على رغم انقساماتهم، لم يتنازلوا عن أحلامهم ولم ينسوا نكبتهم، إذاً لا تسوية عادلة في الأفق، ولا انتصار نهائي يبدو ممكناً. ولعل ما يمنح هذه الفكرة اليوم بعض الجدية أن الولايات المتحدة تعيش إحدى أقوى لحظاتها السياسية في جرأة الطرح وصلابة الموقف، فواشنطن لم تعُد تكتفي بإدارة الأزمة، بل باتت تمتلك، للمرة الأولى منذ عقود، الأدوات والنية للضغط من أجل حلّ خاص بها، ولو على حساب بعض الحسابات التقليدية، فتبدو أميركا اليوم ضامناً لا يستهان به، وربما لا يتكرر لمبادرات كهذه، فهي تملك ما تمنحه وتملك ما تمنعه لكلا الطرفين… وما بين الترغيب والترهيب، يمكنها أن تخلق لحظة نادرة من التوازن الإجباري الذي لا يفضي إلى تسوية نهائية، لكنه يفرض هدنة واقعية طويلة تنقذ ما بقي من الأمل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي ظل هذا الانسداد، تصبح الهدنة الطويلة مشروعاً بديلاً للانتقال من اليأس إلى الحياة… ويمكن ربطها بحزمة ضمانات دولية ومشاريع تنموية مشتركة وفتح المعابر ورفع الحصار وتجميد الاستيطان موقتاً وتأمين الحقوق المدنية والاقتصادية لسكان الأراضي المحتلة، من دون الخوض في متاهة الاعتراف أو النفي، ومن دون الحاجة إلى البحث عن صيغة نهائية للحل. وسواء اعترف بعضهم بذلك أو لا، فإن التسريبات تكشف عن أن حركة "حماس"، على رغم خطابها التصعيدي، تبدي انفتاحاً ضمنياً على أي حلّ يخفف عنها وطأة الحصار، فالانهيار الإنساني في غزة والضغوط الداخلية والعزلة الإقليمية وانكسار، وربما تحييد، المشروع الإيراني، جعلت من الواقعية اضطراراً لا خياراً... وهي تؤمن بأن البراغماتية ليست تهمة، بل أحياناً غريزة بقاء، وهي ما ينقذ الحركات قبل أن يبتلعها الانفجار الداخلي. وهذه الهدنة لن ترضي المتشددين من كلا الطرفين الذين يتغذون على العنف، ويخشون من لحظة تعرّي حقيقة أن هذا الصراع لا نهاية له، إن لم نكسر دائرة الدم… وأن 40 عاماً من الصمت أفضل من 40 يوماً من الجنون.

صافي الهجرة إلى بريطانيا يهبط إلى النصف في 2024
صافي الهجرة إلى بريطانيا يهبط إلى النصف في 2024

Independent عربية

timeمنذ 14 ساعات

  • Independent عربية

صافي الهجرة إلى بريطانيا يهبط إلى النصف في 2024

ما زرعه حزب المحافظين لتقييد الهجرة إلى بريطانيا في عهد حكومتهم الأخيرة قد يحصده "العمال" اليوم، إذ أعلن المكتب الوطني للإحصاء اليوم الخميس أن صافي الهجرة الطويلة الأمد قد انخفض بمقدار النصف تقريباً حتى وصل إلى 431 ألف شخص في 2024 مقارنة مع 860 ألفاً نهاية العام الذي سبقه. وصافي الهجرة هو الفارق بين من دخلوا البلاد والمغادرين لها، والآليات التي أدت إلى هذا الانخفاض وضعتها الحكومة المحافظة التي تزعمها ريشي سوناك وكان وزير داخليته جيمس كليفرلي، حين رفعت في 2023 الحد الأدنى لأجور العمالة الأجنبية، وصعبت على الوافدين بغرض العمل أو الدراسة جلب عائلاتهم معهم. زعيمة المحافظين كيمي بادينوك شعرت بالرضا لكنها لم تبالغ في إطراء حزبها، وقالت إن أرقام المهاجرين لا تزال مرتفعة والإجراءات تحتاج إلى صرامة أكبر من قبل الحكومة العمالية، أما زعيم حزب "ريفورم" اليميني نايجل فاراج فيرى في الأعداد الجديدة "كارثة" تحتاج إلى علاجات حقيقية وعملية، ولكنها إحصاءات اليوم برأيه تبقى أقل من "الخيانة" التي ارتكبها "المحافظين" بعد "بريكست"، على حد تعبيره. الأرقام الصادرة اليوم عكست تراجع عدد المرافقين للطلبة الأجانب في الجامعات بنسبة 86 في المئة وانخفاضاً بنسبة 35 في المئة بعائلات القادمين للعمل في السوق البريطانية، وهو ما قاد إلى تراجع إجمال الوافدين عام 2024 إلى 948 ألف مهاجر مقابل أكثر من 1.3 مليون شخص دخلوا الدولة في العام الذي سبقه. مع تقييد تأشيرات العائلات والمرافقين وتحميل الشركات أعباء مالية أكبر لاستقدام العمالة الأجنبية في 2023، تراجع عدد المهاجرين بغرض العمل في المملكة المتحدة خلال العام الماضي إلى النصف تقريباً، وهو ما يعادل أكثر من 100 ألف شخص موزعين على كل الفئات المسجلة في الوظائف المتاحة للمهاجرين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) الوافدون للدراسة نقص عددهم بنسبة 17 في المئة في 2024، وهو معدل قابل للزيادة في العام الجاري وتحذر جامعات بريطانية من تأثير ذلك في ميزانياتها التي تعتمد على رسوم الطلبة الأجانب كواحد من أبرز مصادر دخلها، إلا أن حكومة حزب العمال الجديدة لم تظهر أي تعاطف مع المؤسسات الأكاديمية على هذا الصعيد. الحكومة الجديدة بقيادة كير ستارمر، التي وصلت السلطة في الرابع من يوليو (تموز) 2024، لم تعدل القيود التي فرضتها سابقتها المحافظة بصورة عامة، وبخاصة في ما يتعلق بالأجور المطلوبة لاستقدام العمالة أو حتى للزواج من أجانب، فتقليص أعداد المهاجرين هو وعد انتخابي أطلقه حزب العمال أيضاً، وأطلق من أجل تنفيذه قبل أيام ورقة بيضاء تستهدف تقليصاً أكبر في الأرقام خلال ولاية البرلمان الحالي الممتدة إلى 2029. لم تعلن الحكومة تفاصيل تطبيق ورقتها البيضاء، لكن صافي الهجرة الجديد على رغم تراجعه، يبقى أكثر من الحد الذي ساد قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (300 ألف)، وصوت الناس على ضوئه في استفتاء مصيري عام 2016 لصالح "بريكست" تحت عنوان "استعادة السيطرة على الحدود ووقف تدفق الأجانب إلى البلاد". وزيرة الداخلية إيفيت كوبر رحبت بتراجع أعداد المهاجرين وفق الإحصاءات الحديثة، ولكن ذلك برأيها ليس كافياً، وما نتوقعه من "الورقة البيضاء" للحكومة تقديم حلول جذرية لمشكلة طال انتظار البريطانيين لحلها، وفق قولها. في الأرقام الرسمية الحديثة شكل مواطنو الاتحاد الأوروبي 13 في المئة من القادمين إلى المملكة المتحدة عام 2024، وفي ظل الاتفاق الجديد الذي أبرم قبل أيام لتحسين العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، قد يرتفع عدد المهاجرين من دول التكتل خلال العام المقبل وما بعده بفعل موافقة حكومة ستارمر على حرية تنقل الشباب دون سن الثلاثين بين الطرفين لأغراض العمل والدراسة والإقامة. النسبة الكبرى من المهاجرين إلى المملكة المتحدة عام 2024 جاءت من خارج الاتحاد الأوروبي بواقع 81 في المئة، أما أكثر الدول المصدرة لهؤلاء فكانت الهند بأكثر من 150 ألف شخص جاءوا للدراسة والعمل وأغراض أخرى، تلتها باكستان بما يزيد على 76 ألفاً، ثم الصين بـ70 ألفاَ، ونيجيريا بـ52 ألفاً، وبعدها أوكرانيا 22 ألفاً. التراجع في أعداد القادمين العام الماضي طال أيضاً اللاجئين، إذ أكد مكتب الإحصاء أن عدد الوافدين إلى المملكة المتحدة لهذا الغرض نهاية مارس (آذار) الماضي وصل إلى أكثر من 32 ألفاً بقليل مقابل 38 ألفاً نهاية 2024، وعلى رغم ذلك يعتبر الرقم الجديد أعلى بنسبة تسعة في المئة قياساً بعدد اللاجئين عندما تسلم "العمال" السلطة قبل نحو عام، إذ بلغ نحو 30 ألف شخص كانوا يقيمون في الفنادق المخصصة للمتقدمين بطلبات اللجوء، وهم في غالبيتهم الساحقة قدموا عبر البحر بشكل غير شرعي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store