
إحتباس السوائل... متى يكون التورم إنذاراً لمشكلة صحيّة أعمق؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
يُعتبر احتباس السوائل، أو ما يُعرف طبيًا باسم "الوذمة"، من الحالات الصحية الشائعة التي قد تصيب الإنسان لأسباب متعددة، وتتمثل في تراكم غير طبيعي للسوائل في أنسجة الجسم، خاصة في الأطراف السفلية مثل القدمين والكاحلين، وأحيانًا في اليدين أو الوجه. وعلى الرغم من أن هذا التورم قد يبدو عرضًا بسيطًا في ظاهره، إلا أنه قد يشير إلى اضطرابات أعمق في أجهزة الجسم، مثل الكلى أو القلب أو الكبد، مما يجعل التعرف على أعراضه واتخاذ الإجراءات المناسبة أمرًا ضروريًا للحفاظ على الصحة.
تبدأ علامات احتباس السوائل بالظهور بشكل تدريجي، وقد يلاحظ المصاب تورمًا ملحوظًا في الكاحلين أو القدمين أو حتى في الوجه والجفون. كما يُمكن أن يشعر بثقل في الجسم أو تيبّس في المفاصل، وقد يلاحظ زيادة مفاجئة في الوزن خلال فترة زمنية قصيرة دون تغيير في النظام الغذائي أو مستوى النشاط البدني. ومن العلامات الشائعة أيضًا ظهور أثر ضغط الإصبع على الجلد بعد لمسه، والذي يبقى واضحًا لعدة ثوانٍ، ويُعرف هذا العرض بـ"الانطباع الإبهامي".
لا تقتصر أضرار احتباس السوائل على التورم وعدم الراحة فحسب، بل تمتد إلى التأثير على وظائف الأعضاء الحيوية. فمثلاً، احتباس السوائل الناجم عن قصور القلب قد يُصاحبه ضيق في التنفس نتيجة تراكم السوائل في الرئتين، بينما قد يشير الاحتباس الناتج عن أمراض الكبد إلى وجود خلل في إنتاج البروتينات المسؤولة عن توازن السوائل في الجسم. كما أن اضطرابات الكلى تُعد من الأسباب الرئيسية للاحتباس، حيث تفشل الكلى في تصريف السوائل والملح الزائدين من الجسم. وفي حالات متقدمة، قد يؤدي الاستمرار في إهمال هذه الحالة إلى مضاعفات خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم أو تجلط الدم أو الإصابة بالعدوى في المناطق المتورمة.
تتعدد أسباب احتباس السوائل، ويُعتبر النمط الغذائي غير الصحي أحد أبرز المحفزات، خصوصًا الأنظمة الغذائية الغنية بالملح والصوديوم، التي تُساهم في تراكم السوائل. كما تُسهم قلة الحركة أو الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة في تفاقم الحالة، إذ يُعيق ذلك الدورة الدموية ويزيد من فرصة تراكم السوائل في الأطراف. كما أن بعض أنواع الأدوية مثل أدوية ضغط الدم، أو مضادات الالتهاب، أو موانع الحمل الهرمونية، قد تؤدي إلى احتباس السوائل كأثر جانبي.
أما من حيث الفئات الأكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، فإن النساء في فترات الحمل أو ما قبل الدورة الشهرية يُعانين غالبًا من احتباس السوائل نتيجة التغيرات الهرمونية. كذلك، يُعتبر كبار السن من الفئات المعرضة بشكل أكبر بسبب انخفاض كفاءة الكلى أو مشاكل القلب المتكررة. ولا تُستثنى الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة، كمرضى الكلى أو الكبد أو أولئك الذين يعانون من ضعف في الدورة الدموية، من خطر الإصابة بالاحتباس، بل يُعد هذا العرض مؤشرًا مهمًا في متابعة حالاتهم الصحية.
وللوقاية من هذه الحالة أو التخفيف من حدتها، يُوصى باتباع نظام غذائي متوازن قليل الصوديوم، وشرب كميات كافية من الماء، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتحفيز الدورة الدموية. كما يجب مراجعة الطبيب فور ملاحظة أي تورم غير طبيعي، خاصة إذا ترافق مع أعراض أخرى مثل ضيق التنفس أو ارتفاع ضغط الدم أو الشعور بالإرهاق المستمر، لتحديد السبب الدقيق وتفادي المضاعفات.
في الختام، يُعد احتباس السوائل علامة لا ينبغي تجاهلها، لأنها قد تكون مؤشرًا لحالة صحية أكثر خطورة. لذلك، فإن الوعي بالأعراض ومراقبة التغيرات الجسدية والاهتمام بأسلوب الحياة تشكل خطوات أساسية نحو صحة سليمة وخالية من المضاعفات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
بيل غيتس: 200 مليار دولار للدعم الصحي والاجتماعي في أفريقيا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن بيل غيتس أن مؤسسته، التي تحمل اسمه، ستخصص الجزء الأكبر من إنفاقها الذي يقدّر بـ200 مليار دولار خلال العشرين عامًا المقبلة لدعم جهود التنمية الصحية والاجتماعية في القارة الأفريقية. جاء هذا الإعلان خلال خطاب ألقاه غيتس في قاعة نيلسون مانديلا بمقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا بحضور الآلاف من المسؤولين والخبراء الشباب من مختلف أنحاء القارة. دعم الدول بمجال الصحة وأوضح غيتس أن التمويل المستقبلي للمؤسسة سيوجّه بالدرجة الأولى إلى الدول التي تُظهر التزامًا واضحا بتحسين صحة ورفاه شعوبها، مؤكدا أن "الاستثمار في الرعاية الصحية الأساسية هو الأكثر تأثيرًا في تحسين حياة الأفراد". وسلط غيتس الضوء على أهمية الابتكار المحلي والقيادة السياسية في تحقيق نتائج ملموسة، مشيرا إلى تجارب ناجحة في دول مثل إثيوبيا ورواندا ونيجيريا وزامبيا، حيث تم توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية واستخدام التكنولوجيا والبيانات لخفض معدلات وفيات الأطفال ومكافحة الأمراض المعدية. الذكاء الاصطناعي في خدمة الصحة وأشار غيتس إلى الإمكانات المستقبلية للذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الخدمات الصحية، مستعرضًا تجربة رائدة في رواندا لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تشخيص حالات الحمل ذات الخطورة العالية. وأكد أن القارة الأفريقية، التي تجاوزت أنظمة الدفع المصرفي التقليدية عبر حلول الدفع الرقمي، تملك المقومات اللازمة لاعتماد الذكاء الاصطناعي في بناء أنظمة صحية أكثر فعالية واستدامة. تعزيز التعاون تتضمن جولة غيتس الحالية زيارات إلى كل من إثيوبيا ونيجيريا، حيث يلتقي بقادة سياسيين وخبراء صحيين لبحث أولويات التنمية الصحية والاجتماعية في ظل التحديات الناتجة عن تراجع المساعدات الخارجية. ويشارك غيتس أيضًا في فعاليات ميدانية تهدف إلى دعم الابتكار الصحي وتعزيز الشراكات مع الحكومات والمؤسسات الفاعلة في القارة. إرث من الإنجازات بأفريقيا يُذكر أن مؤسسة غيتس أسهمت خلال العقدين الماضيين في دعم عدد من البرامج الصحية والتنموية الحيوية في أفريقيا، من بينها تطوير اللقاحات، وتعزيز قدرات النظم الصحية، والمشاركة في إنقاذ حياة أكثر من 80 مليون شخص، بالتعاون مع مبادرات دولية مثل "غافي" والصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
أهميّة ضبط الوزن في سن مبكرة... وقاية من أمراض المستقبل
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في مرحلة الشباب، يتمتع الجسم بأقصى درجات النشاط والحيوية، وتُعتبر هذه الفترة من العمر الفرصة الذهبية لتأسيس نمط حياة صحي يدوم مدى الحياة. وبينما يركّز الكثيرون على الدراسة، وبناء المسيرة المهنية، وتكوين العلاقات الاجتماعية، يُغفل البعض أهمية العناية بالصحة الجسدية، وعلى وجه الخصوص مسألة الحفاظ على وزن صحي أو خسارة الوزن الزائد. إن خسارة الوزن في سن الشباب لا تتعلق فقط بالمظهر الخارجي أو الثقة بالنفس – رغم أن لهما أثرًا مهمًا، بل تتجاوز ذلك لتكون ركيزة أساسية في الوقاية من الأمراض المزمنة التي قد تتفاقم في وقت لاحق من الحياة. فالوزن الزائد في العشرينيات أو حتى أواخر المراهقة يمكن أن يكون مؤشرًا مبكرًا على احتمالية الإصابة بأمراض القلب، السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، ومشكلات المفاصل. لذلك، فإن اتخاذ قرار واعٍ بالتحكم في الوزن في هذا العمر يمكن أن يحمي الفرد من سنوات طويلة من المعاناة الصحية والنفقات العلاجية الباهظة. من الناحية البيولوجية، يمتاز جسم الشاب بمرونة التمثيل الغذائي وقدرته على حرق السعرات الحرارية بكفاءة أكبر مقارنة بالمرحلة المتقدمة من العمر. وبالتالي، فإن محاولة خسارة الوزن خلال هذه الفترة تكون غالبًا أسرع وأقل تعقيدًا من حيث التفاعل مع التمارين والنظام الغذائي. فبناء العادات الغذائية السليمة، مثل تناول وجبات متوازنة، وتجنّب الأطعمة المعالجة، وتخصيص وقت للنشاط البدني، يكون أكثر سهولة واستدامة عندما تبدأ هذه العادات مبكرًا. علاوة على ذلك، تؤدي الصحة النفسية دورًا لا يُستهان به في حياة الشاب. وقد أظهرت دراسات عديدة وجود علاقة قوية بين الوزن الزائد وبين الشعور بالقلق والاكتئاب وتدني احترام الذات. فخسارة الوزن تسهم في تحسين الحالة المزاجية، وتعزيز الثقة بالنفس، وزيادة القدرة على التفاعل الاجتماعي والمشاركة في الأنشطة المختلفة دون إحساس بالحرج أو التردد. إلى جانب الفوائد الصحية والنفسية، تساعد خسارة الوزن أيضًا في تحسين الأداء الجسدي والعقلي. إذ إن تقليل الوزن الزائد يخفف من العبء على القلب والرئتين، ويزيد من مستوى الطاقة العامة، ويحسّن التركيز والذاكرة. وبالنسبة للشباب الذين يطمحون إلى التميز في دراستهم أو عملهم أو حتى في حياتهم الرياضية، فإن التحكم بالوزن يُعتبر خطوة أساسية نحو تحقيق هذا الطموح. ولا يمكن تجاهل أن خسارة الوزن في سن الشباب تعني أيضًا التأسيس لنمط حياة مستدام على المدى البعيد. فالشاب الذي يتعلّم كيف يتناول الطعام بوعي، ويمارس الرياضة بانتظام، ويمنح صحته أولوية، سيكون أكثر قدرة على مقاومة التحديات الصحية التي قد تظهر لاحقًا، وأكثر استعدادًا لبناء عائلة صحية ومجتمع أكثر وعيًا. في الختام، فإن خسارة الوزن في سن الشباب ليست مجرد هدف جمالي، بل هي استثمار حقيقي في المستقبل. إنها تعني جودة حياة أفضل، وصحة أقوى، ونفسية أكثر توازنًا. وكل قرار يُتخذ في هذا العمر نحو حياة أكثر صحية هو قرار يحمل آثارًا إيجابية لعقود مقبلة.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
رحلة في أعماق الكلى... ما الذي يُسبّب السرطان؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب يشكّل سرطان الكلى تحديًا صحيًا متناميًا في مختلف أنحاء العالم، إذ يُصنّف ضمن أنواع السرطان الشائعة التي تصيب الجهاز البولي. وعلى الرغم من تطور وسائل الكشف والعلاج، فإن معدلات الإصابة به لا تزال في ارتفاع مستمر، ما يستدعي التوقف عند أبرز العوامل التي تسهم في ظهوره وتطوره. ومن خلال فهم هذه العوامل، يصبح من الممكن تعزيز الوعي المجتمعي، والوقاية، والتدخل المبكر للحد من آثاره. أحد أبرز العوامل المؤثرة في تطور سرطان الكلى هو التدخين، إذ أظهرت الدراسات أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بسرطان الكلى بنسبة تصل إلى الضعف مقارنة بغير المدخنين. تؤثر المواد الكيميائية الموجودة في التبغ بشكل مباشر على أنسجة الكلى، ما يؤدي إلى تلف الخلايا وتحفيزها على التحول إلى خلايا سرطانية. ويتفاقم هذا الخطر مع طول فترة التدخين وزيادة عدد السجائر المستهلكة يوميًا. إلى جانب التدخين، تُعد السمنة من العوامل المهمة التي ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بسرطان الكلى، حيث يؤدي تراكم الدهون في الجسم إلى اضطراب التوازن الهرموني، خصوصًا في مستويات الإنسولين والهرمونات الجنسية، مما يهيئ بيئة مناسبة لنمو الخلايا السرطانية. كما أن السمنة غالبًا ما تكون مصحوبة بارتفاع ضغط الدم، وهو عامل آخر معروف بارتباطه الوثيق بسرطان الكلى، نظرًا لتأثيره السلبي في وظائف الكلية وتسببِه بتغيرات خلوية مزمنة. هذا وت العوامل الوراثية أيضًا دورًا لا يُستهان به، إذ تُظهر بعض الحالات وجود طفرات جينية موروثة تزيد من احتمال الإصابة بسرطان الكلى، مثل متلازمة 'فون هيبل لينداو' التي تؤدي إلى تكوّن أورام متعددة في الكلى وأعضاء أخرى. كما يمكن أن تؤدي الطفرات العشوائية التي تحدث أثناء الحياة إلى تحفيز نمو الخلايا السرطانية، خاصة مع التقدم في السن، حيث تزداد احتمالية حدوث هذه التغيرات الجينية. ولا يمكن إغفال العوامل البيئية والمهنية، إذ يتعرض بعض العاملين في صناعات معينة مثل تكرير البترول أو تصنيع البلاستيك والمعادن الثقيلة لمواد كيميائية مسرطِنة، مثل ثلاثي كلور الإيثيلين، والتي أُثبت ارتباطها بزيادة خطر الإصابة بسرطان الكلى عند التعرض المزمن لها. كما أن تناول كميات كبيرة من مسكنات الألم دون وصفة طبية، وخاصة تلك المحتوية على مركبات معينة مثل الفيناسيتين، قد ارتبط تاريخيًا بزيادة خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان. من ناحية أخرى، يؤثر نمط الحياة بشكل عام في احتمالية الإصابة، فقلة النشاط البدني، واتباع نظام غذائي غير متوازن غني بالدهون واللحوم الحمراء، يمكن أن يزيد من عوامل الخطر. في المقابل، اتباع أسلوب حياة صحي، يتضمن النشاط المنتظم، والنظام الغذائي المتوازن، وتجنب التدخين، قد يُقلل من احتمالية الإصابة بشكل ملحوظ. إنّ سرطان الكلى مرضًا متعدد الأسباب، يتداخل فيه الوراثي والمكتسب، الجسدي والسلوكي. ولذا فإن التوعية بهذه العوامل واتخاذ إجراءات وقائية مبكرة يُعدّان حجر الأساس في تقليل معدلات الإصابة، وتحسين فرص الكشف المبكر والعلاج الفعّال، مما يعزز من معدلات النجاة ويحدّ من مضاعفات المرض على المدى الطويل.