
مخاطر الإعلام المعاصر
يعد الإعلام المعاصر بلا شك أكثر الأدوات مضيًا فى التأثير على الأحداث، وتوجيه الرأى العام هذه الأيام، ومامن ظاهرة تواجدت أو فكرة تصاعدت إلا وكان وراءها إعلام موجه يضع النقاط فوق الحروف ويهيىء الأجواء لقبول دعايات لم تكن متاحة من قبل، وإذا كان هناك إجماع على أن الأوضاع الاقتصادية تلعب دورًا فعالاً فى توجيه النظم وتحريك الحكومات فإن التقدم التكنولوجى قد منح هذه الأداة الخطيرة أسلحة جديدة تجعلها قادرة على تغيير الرأى العام فى بلد معين، وإعادة صياغته فى بلد آخر لتوجيه مساره نحو أهدافٍ محددة، فالحركة الصهيونية مثلاً برعت خلال مايزيد على قرن كامل فى زراعة فكرة جديدة لم تكن الأرض ممهدة لها، ويكفى أن نتذكر أن الحديث عن دولة لليهود لم تكن هى القضية الأولى المطروحة فى البداية ولكن الأمر تدرج تاريخيًا وجغرافيًا على نحو مشهود، بل ولم تكن فلسطين هى المرشح الأوحد للسطو على أرضها والعدوان على شعبها وسرقة وطنها، بل كان جزء من الأرجنتين مرشحًا وأرض أوغندا مطروحة كذلك، ولكن جاذبية الأرض الفلسطينية كانت أقوى وأشد لأسباب تاريخية وادعاءات دينية وظروف سياسية، فالشرق الأوسط فى قلب العالم ولا يبعد عن أوروبا كثيرًا، ويمكن حماية الأرض فيه من خلال الامبراطوريات الاستعمارية الموجودة فى المنطقة خصوصًا البريطانية والفرنسية، لذلك عكف الدعاة الأوائل للدولة الصهيوينة على هذا الأمر لعقود طويلة فأخفقوا مع بلاط نابليون وبلاط محمد على وحققوا إنجازًا محدودًا مع بعض السلاطين العثمانيين، ولكنهم ظلوا فى النهاية يحلمون بما يسمونه أرض الميعاد بما لها وما عليها، وإذا انتقلنا إلى الجانب الآخر للتأثير الإعلامى المعاصر فإن ما نطلق عليه ظلمًا تعبير «الإسلام السياسى» هو المرادف العكسى للحركة اليهودية فى فلسطين، فمع تدهور وضع الخلافة العثمانية وتمزق تركة «الرجل المريض» أصبح المشهد ملائمًا لأفكار قومية تملأ الفراغ أو نداءات دينية تستحوذ على مشاعر الملايين، ومع سقوط الخلافة بفعل الأتاتوركية، وما ارتبط بها من نزعة تورانية بدا الوضع ملائمًا للحديث عن بديل للخلافة يأتى هذه المرة شعبويًا وليس نخبويًا، فتلقف حسن البنا ورفاقه عناصر المشهد الجديد للبناء عليه منذ عام 1928 انطلاقًا من مدينة الإسماعيلية التى كانت تضم نسبة كبيرة من الأجانب بحكم وجود إدارة شركة قناة السويس فاستجاب الآلاف لتلك الدعوة وباركها الجميع بحماس جعلها تنتشر فى الريف المصرى والمدن الصغيرة كالنار فى الهشيم، ولم يكن الإعلام قضية صعبة بالنسبة لهم فى ذلك الوقت لأنهم يستندون – ولو ادعاءً - على عقيدة دينية راسخة ونظرية إسلامية متداولة، فكانت كلمة (الله أكبر ولله الحمد) تكفى وحدها شعارًا لتجسيد معنى الحاكمية فى الفكر الإسلامى المعاصر، وهنا لعب الإعلام مرة أخرى دورًا موازيًا لما لعبه مع أفكار أخرى وسيناريوهات متعددة. إننى أقول صراحة إن خطر الإعلام حاليًا يفوق خطر الحروب المسلحة أحيانًا بل وينتزع الأدوار من القوى الأخرى، وهنا نشير إلى حقائق ثلاث:
أولاً: إن الإعلام نتيجة وليس سببًا وظاهرة وليس حقيقة، إنه نتاج جمعى للتيارات السائدة فى المجتمع، فالرأى العام ركيزة معلنة للإعلام المتحكم فى السياسات داخليًا وخارجيًا رغم تباين الظروف واختلاف التوجهات، ولذلك فإن الإعلام المدروس يحتاج إلى خلفية تاريخية وأخرى قانونية وثالثة سياسية، ولايمكن أن يمضى على قدم واحدة، بل لابد أن تدعمه حجج واضحة وأسانيد فى متناول التفكير العام لمجتمع معين، وهذا ما نشاهده وشهدناه فى ظروف كثيرة استطاعت بعض الدول استغلالها لخدمة أهدافها على حساب الجميع.
ثانيًا: إن المطبخ السياسى هو الذى يقدم مفردات الرأى العام ورسائله الإعلامية ليضعها الطهاة على المائدة، فهم لا يصنعون شيئًا ولكن طريقة انتقال المادة الإعلامية من منطقة إلى أخرى ومن مستوى إلى آخر هو الكفيل بتغيير المسار عند اللزوم، ونحن نرى العلاقات الدولية المعاصرة باعتبارها خير شاهد على ذلك، فمذابح غزة المروعة لم تتوقف رغم بشاعتها ومتابعة الملايين لها على شاشات التليفزيون، ذلك أن الإعلام الخبيث استطاع أن يحقن العقول بأفكار مغرضة ومعلومات سامة ومضللة تنطلى على البسطاء ويستخدمها أصحاب المصالح.
ثالثًا: إن التقدم التكنولوجى الكاسح خصوصًا فى وسائل الاتصال المعاصر قد قلب الأمور رأسًا على عقب، وجعل وطأة الإعلام متغيرًا مستقلاً يقود باقى المتغيرات بالوسائل الحديثة والأساليب المبتكرة والسرعة الفائقة لنقل الأخبار وتوزيع المعلومات، ويكفى أن نتذكر أن الخبر الواحد أصبح من الممكن أن تتابعه مئات الملايين من المليارات البشرية فى أنحاء الكوكب فى الوقت نفسه، وإذا تداولنا الآن الصورة الذهنية لشخصية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لاكتشفنا أن الإعلام المعاصر قد لعب دورًا كبيرًا فى صناعة صورته أمام العالم، وفى تكريس شعبيته لدى أنصاره ومواجهة المنتقدين له لدى خصومه.
ولن ننسى تأثير الإعلام على المشهد التاريخى للمقابلة الشهيرة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والرئيس الأوكرانى زيلينسكى فى البيت الأبيض، فهى تتحدث عن نفسها وتبرز سطوة الإعلام المعاصر فى التشكيل النهائى للصورة الذهنية!.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
منذ 3 ساعات
- الدستور
أمين البحوث الإسلامية: عيد الأضحى مناسبة إيمانية عظيمة
قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي، إن عيد الأضحى المبارك يمثل مناسبة إيمانية عظيمة تتجلى فيها معاني التضحية والفداء، وتُستَثمر أيامه المباركة في تعزيز الروابط الأسرية، والتراحم بين الناس، وتقديم يد العون للمحتاجين، تطبيقًا لقيم الإسلام السمحة التي تحث على البر والإحسان. وأوضح الأمين العام - في تصريحات اليوم- أن استثمار أيام العيد لا يقتصر على مظاهر الفرح والبهجة فقط، وإنما يمتد ليشمل المحافظة على أداء العبادات، وصلة الأرحام، وزيارة الأقارب، والتوسعة على الأهل والأبناء، فضلًا عن استحضار القيم الأخلاقية في التعامل مع الآخرين، وعدم إيذاء أحد لا قولًا ولا فعلًا. تحقيق التكافل المجتمعي وأشار إلى أن من أعظم القربات في هذه الأيام المباركة الأضحية، التي تُعد شعيرة عظيمة من شعائر الدين، فيها تقرب إلى الله، وإحياء لسنة سيدنا إبراهيم- عليه السلام، مشيرًا إلى أهمية مراعاة البعد الاجتماعي للأضحية، من خلال توزيع جزء منها على الفقراء والمحتاجين، مما يسهم في تحقيق التكافل المجتمعي وتقوية النسيج الاجتماعي. ودعا الأمين العام، جموع المسلمين إلى التحلي بقيم العيد من تسامح وتراحم وتواضع، وتجنب السلوكيات السلبية التي لا تتسق مع روح المناسبة، لافتًا إلى أن تلك الأيام المباركة تعد فرصة حقيقية لتجديد النية، والإقبال على الله تعالى بالأعمال الصالحة، والعودة الصادقة إلى طريق الاستقامة. وتوجه "الجندي"، بالدعاء بأن يتقبل الله من الجميع صالح الأعمال، وأن يعيد هذه المناسبة المباركة على مصر والأمة الإسلامية بالخير واليُمن والبركات، والأمن والاستقرار.


الدستور
منذ 15 ساعات
- الدستور
تفاصيل موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في مصر
يترقب عدد كبير من المواطنين موعد رأس السنة الهجرية 1447، والتي تُعد مناسبة دينية مهمة تحيي في الذاكرة الإسلامية حدثًا عظيمًا وهو هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة. وبدأ العمل بالتقويم الهجري في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وتم اعتماد هذه الهجرة نقطة انطلاق لأول سنة في هذا التقويم الذي سُمي بـ"الهجري". رأس السنة الهجرية 1447 ويعتمد التاريخ الهجري على الميقات القمري، كما ورد في قوله تعالى في سورة التوبة: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا...﴾، وهذه الشهور تشمل أربعة حرُم: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، وهو الشهر الذي تبدأ به السنة الهجرية. ورغم أن التقويم الهجري ظهر في الدولة الإسلامية، فإن أسماء الشهور كانت معروفة في الجاهلية، وقد وافق أول يوم في هذا التقويم يوم الجمعة 1 محرم سنة 1 هـ، الموافق 16 يوليو عام 622م. موعد رأس السنة الهجرية 2025 وإجازتها الرسمية بحسب الحسابات الفلكية، يتوقع أن يكون يوم الأربعاء 25 يونيو 2025 هو المتمم لشهر ذي الحجة 1446 هـ، وبالتالي يكون يوم الخميس 26 يونيو هو غرة شهر محرم 1447 هـ. لكن نظرًا لأن الإجازة الرسمية عادة ما تُرحّل لليوم التالي، فمن المرجح أن يكون يوم الجمعة 27 يونيو 2025 هو موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في بعض الدول، وفق الإجراءات المعمول بها. تحديد بداية رأس السنة الهجرية تتولى دار الإفتاء المصرية، كعادتها، استطلاع هلال شهر محرم عبر لجان شرعية وعلمية مشتركة من علماء الشريعة والفلك، لتحديد موعد رأس السنة الهجرية 1447 بدقة، على أن يتم إعلان النتيجة مساء يوم 29 من شهر ذي الحجة. ويُعد هذا الإعلان إيذانًا ببداية عام هجري جديد، يُحيي في النفوس ذكرى الهجرة النبوية ويعزز معاني الإيمان والصبر والتجديد. ما أصل التقويم الهجري؟ ترجع بداية رأس السنة الهجرية إلى حدث الهجرة النبوية، حيث وقعت بيعة العقبة الكبرى في نهاية موسم الحج، وتم اعتماد شهر محرم ليكون أول شهور السنة الجديدة، وهو ما أجمع عليه الصحابة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فضائل شهر محرم وبداية عام هجري مبارك مع قدوم رأس السنة الهجرية، يبدأ شهر محرم، أحد الأشهر الأربعة الحُرُم. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف: "أفضل الصيام بعد رمضان، صيام شهر الله المحرم"، مما يدل على فضله ومكانته. ويُعد يوم عاشوراء من أيامه البارزة، حيث نجّى الله فيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون، وصيامه يكفّر ذنوب السنة الماضية.

يمرس
منذ 19 ساعات
- يمرس
أنتم أمة تنام ولكن لا تموت!!
"أنتم أمة تنام ولكن لا تموت ، وما علينا إلا أن نبقيكم نياماً قدر استطاعتنا". سأله الشاب العربي : لماذا كل هذا العداء ؟ وما الذي يضيركم إن أفقنا ؟ أجاب : هذا سؤال كبير والجواب عليه ليس بسيطاً .. قبل 1400 عام كانت أساليب وأدوات الحضارة اليونانية القديمة والرومانية التي ورثتها وأخذت عنها كل شيء تبسط نفوذها السياسي والاقتصادي والثقافي والديني على العالم القديم . بما فيه بلادكم "العالم الذي من ضمنه الجزيرة العربية" كان مجتمع الجزيرة العربية يتشكل من قبائل مختلفة متناحرة ومتناثرة دائمة التذبذب، والانتقال والأهواء والأغراض . مفككة الأوصال متفانية في حروبها يقاتل بعضها بعضاً .تارة يدخلون في أهل العراق تبعاً للفرس . وأخرى في أهل الشام تبعاً للروم . ولم يكن يجمعها من الدوائر والتشكيلات الإدارية والسياسية والاقتصادية بعد سقوط الممالك اليمانية الحميرية إلا شكل بسيط ظهر في نهاية القرن السادس الميلادي بعد الغزو الحبشي للجزيرة العربية . وهو حلف الفضول الذي جاء مباشرة بعد حرب الفجار .كان المشهد يبدو في منتهى الاستقرار في هذه المنطقة من العالم تحت حكم الفرس والرومان . فجأة ظهر رجل اسمه محمد "أضيف أينما ورد صلى الله عليه وسلم الذي سماه قومه الصادق الأمين . والذي اكتسب صفات الزعامة والشرف والرأي والعزم والحزم والحلم والتأمل والنبوءة . قام محمد صلى الله عليه وسلم وعلى مدى ثلاثة وعشرين عاماً بإنضاج برنامج تجاوز فيه حدود المعجزات . وذلك من خلال سلوكه الشخصي ورسالته السماوية بتوحيد قبائل عرب الجاهلية التي كان من صفاتها الدنايا والرذائل التي ينكرها العقل السليم ويأباها الوجدان ..وفي الوقت نفسه كانت فيهم الأخلاق الفاضلة المحمودة من كرم ووفاء وإغاثة وعزة نفس وعزم وحلم وصدق وأمانة ونفور من الغدر والخيانة .. قام بتوحيدهم وصهرهم في بوتقة أخلاقه وتعاليمه السماوية حتى أصبحوا على ما يريد . استطاع الإسلام بوثبته الهائلة الانتصار على الروم في اليرموك 636 م . وعلى الفرس في القادسية 638 م . ومع انكسار الروم والفرس بدأ العرب المسلمون بالتوسع والسيطرة على العالم القديم . فأصبحت الدولة الجديدة تمتد من فرنسا غرباً وشمالاً إلى الصين شرقاً وذلك في القرن الأول من ميلادها .. لقد أنشأ محمد صلى الله عليه وسلم رجالاً يمكنك وصفهم بكل شيء إلا أنهم دون الملائكة . فكيف نترككم الآن لتحقيق وحدة قومية عربية إسلامية حدودها من الغرب إلى الشرق 12000 كم . ومن الشمال إلى الجنوب 8000 كم بمصادر طبيعية هائلة . إن توحدت وبشعبٍ فتي إذا اقتنع سيصنع المعجزات خلال فترة نسبية قصيرة . أنتم قلب العالم .فإذا أصبح قلب العالم سليماً معافى تبعته الأطراف .لذا ما علينا إلا إبقاؤكم نياماً بقدر ما نستطيع .إننا لا نستطيع أن نميتكم مادام القرآن فيكم .. أنتم أمة تنام، ولكن لا تموت !! وما علينا إلا تأجيل يقظتكم بقدر المستطاع ..نحن نصنع نخبكم السياسية والاقتصادية والإعلامية . قال له الشاب العربي : أشرت في حديثك أكثر من مرة إلى نحن . فمن أنتم؟؟؟ قال : نحن زعامة العالم . الدول العميقة الولايات الأمريكية المتحدة وإسرائيل وبريطانيا وأوروبا وحلف الأطلسي . وكالات المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية والأوروبية . وهيئة الأمم والجمعيات السرية والمتنورين والماسونية وفرسان المعبد وأرباب المال وتجار السلاح وبارونات النفط وأساتذة الجامعات ...وحتى أكون أكثر تحديداً المسيحية و اليهودية والصهيونية . وكي يزداد عجبك أضيف الشيوعية ... هذا التحالف الهائل هو الذي يقوم بتنفيذ عمله المنظم مستخدماً وسائله الجبارة من ثقافة وإعلام واقتصاد وعسكرة وتسخير ديني للحفاظ على إبقائكم نياماً ..!! والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هو