
لمواجهة الجفاف.. العراق يقلص استخدام المياه في الزراعة بنسبة 60%
وقال وكيل وزارة الزراعة، مهدي سهر، إن "الوزارة أولت اهتماماً كبيراً لتنفيذ سياسة زراعية لمواجهة شح المياه والتغيرات المناخية، وذلك من خلال دعم البحوث الزراعية لاستنباط أصناف متحملة للجفاف، والملوحة، والتغيرات المناخية".
أضاف أن "البحوث الزراعية نفذت من قبل الباحثين في برامج متعددة تدعمها وزارة الزراعة، منها البرنامج الوطني للرتب العليا لإكثار محاصيل الرز، والقمح، والشعير، والذرة الصفراء، وفول الصويا"، وفق وكالة الأنباء العراقية "واع".
وأشار إلى أن "هذه البرامج أثمرت عن استنباط عدة أصناف من مختلف المحاصيل، تتميز بإنتاجية عالية وقدرتها على تحمل الجفاف والملوحة".
وتابع: "بفضل هذه البرامج الزراعية، لاحظنا انخفاضاً كبيراً في استخدام العراق للمياه الواردة من نهري دجلة والفرات، حيث تم تقليص المساحات المروية بنسبة تقارب 60%".
وقال إن "الإنتاج الزراعي من القمح ارتفع في الوقت الحالي مقارنةً بما كان عليه قبل ثلاث سنوات، ففي موسم 2023 بلغ الإنتاج نحو 3 ملايين طن، بينما تجاوز 5 ملايين طن في عام 2025"، موضحاً أن "هذه الزيادة الكبيرة في الإنتاج جاءت نتيجة لجهود الباحثين في القطاع الزراعي في استنباط أصناف عالية الإنتاجية، لتحقيق الأمن الغذائي".
وأضاف أنه "تم إطلاق البرنامج الوطني لإكثار بذور محاصيل الخضراوات، لتوفيرها للمزارعين بأسعار مدعومة وبنسب كبيرة، حيث تدعم من قبل الوزارة، إلى جانب تمويل هذه المشاريع ومشاريع البحث العلمي في مجال استنباط البذور من قبل صندوق دعم البذور التابع للمجلس الوطني للبذور، الذي يولي اهتماماً كبيراً بالبحوث الزراعية، ويقوم بتمويلها من أجل تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في العراق".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 أيام
- الشرق الأوسط
المؤامرات حقيقية... أمَّا النظريات فقد تكون فخاخاً
أحياناً ما يتكهن العلماء الذين يدرسون الكون بقوى افتراضية قد تفسر بيانات أو نتائج غريبة، فعلى سبيل المثال، اقترح بعض علماء الفلك وجود كوكب إضافي في نظامنا الشمسي، بعيد جداً خلف كوكب بلوتو، يمكن أن تفسر تأثيراته بعض الحركات السماوية الأخرى. كما أن علم الكونيات الحديث يفترض وجود مادة ضخمة غير مرئية تُعرف باسم «المادة المظلمة»، التي يجعل وجودها المُفترَض من المنطقي تفسير تأثيرات الجاذبية التي كانت لتبقى غامضة لولاها. ويمكن فهم نظريات المؤامرة، التي باتت مؤثرة جداً في النقاشات الأميركية مؤخراً، على أنها المعادل السياسي لنظريات المادة المظلمة، فهي تظهر في المواقف التي يبدو فيها أن حركة ما أو حدثاً ما غير مرجح أو غريب، إلا إذا افترضت وجود عنصر غير مرئي في القصة، قوة خفية تمارس تأثيراً، وعبارة «هناك شيء مفقود من البيانات» ليست رد فعل للباحثين أمام لغز علمي فحسب، بل هي أيضاً استجابة المواطنين لتطورات لا تبدو منطقية بالكامل. وأحياناً تكون هذه الاستجابة، وما ينتج عنها من نظريات، في غير محلها تماماً، كحال العالِم المختل الذي يخترع كوناً إضافياً بينما كان بإمكان تعديل بسيط في نتائجه أن يحل المشكلة، لكن أحياناً يكون هناك بالفعل شيء غير مرئي في القصة، والخطأ لا يكمن في التفكير في نظرية، بل في التمسك بسرعةٍ بنظرية واحدة، وذلك غالباً لأسباب آيديولوجية، بينما يمكن أن تكون هناك حلول أخرى ممكنة. لنأخذ، على سبيل المثال، قضية جيفري إبستين، التي ما زلت أعد نفسي مؤمناً بوجود مؤامرة فيها، بمعنى أنني أعتقد أن هناك أحداثاً وتأثيرات رئيسية في قصته لم يُكشف عنها بعد. لكن النظريات السائدة حول هذه الأحداث الخفية متأثرة بشدة بالدوافع الآيديولوجية، فقد ركّز نشطاء ومؤيدو حركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (MAGA) طويلاً على احتمال أن إبستين كان يدير شبكة دعارة لصالح رجال أثرياء، وهو ما يتماشى مع روايتهم السائدة حول الاتجار بالأطفال وانحرافات النخبة. وفي الآونة الأخيرة، تبنّى معارضو الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظرية مفادها أن المادة المظلمة في قصة إبستين قد تكون مرتبطة مباشرةً بالرئيس الأميركي نفسه. وفي الوقت نفسه، يروّج جزء من اليمين الشعبوي لنظرية قديمة مفادها أن إبستين كان على صلة بالموساد (الإسرائيلي)، لأن ذلك يتماشى مع عدائهم المتزايد تجاه إسرائيل. ولكن، ماذا لو كان السر الحقيقي هو أن إبستين كان مجرماً مالياً بارعاً، وماهراً في تحريك الأموال لصالح جهات دولية مشبوهة، وأن سلوكياته الجنسية تم التغاضي عنها بسبب تلك المهارات، وليس لأنه كان يملك مواد ابتزاز جنسية ضد أصدقائه، ولا أقول إن هذا هو الواقع، بل أطرحه كاحتمال معقول تم تجاهله لأنه لا يخدم أي هدف آيديولوجي. ثم لننظر أيضاً في قضية «روسيا غيت» (Russia Gate)، التي تنقّلنا خلالها بين قراءات مؤامراتية متعددة للانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، فقد بدأت القصة بنظرية المعارضة حول وجود تأثير روسي خبيث على حملة ترمب أو على ترمب شخصياً، وهي النظرية التي أدت إلى فتح تحقيق روبرت مولر وخلقت مناخاً من الهستيريا. أما الآن، فقد حلّت محلها نظرية أنصار ترمب، التي تزعم أن إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما تآمرت للترويج لسردية زائفة عن التواطؤ، بهدف تقويض رئاسة ترمب منذ لحظاتها الأولى. وفي كلتا الحالتين، كانت النظريات تفسر المؤامرة ذاتها، التي كانت خفية إلى حد كبير عام 2016، لكنها أصبحت أكثر وضوحاً لاحقاً، وهي عملية معلوماتية روسية تهدف إلى تقويض الديمقراطية الأميركية. لكنَّ كلا المعسكرين، وفقاً لقراءتي للأدلة، انتهى به الأمر إلى تحميل خصومه المحليين قدراً مبالغاً فيه من المسؤولية التآمرية، مقابل التقليل من الدور الحقيقي الذي لعبه الروس أنفسهم. وقد نظر المعسكر المناهض لترمب إلى مدى حماسة حملته في الاستجابة لاختراقات البريد الإلكتروني عام 2016 وتسريبات «ويكيليكس»، وافترضوا أن الحملة لا بد أنها كانت متواطئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. أما الآن، فينظر المعسكر المؤيد للرئيس الأميركي إلى المعلومات المضللة وإلى المنطق المتحيز الذي صاحب بدء تحقيقات التدخل الروسي، ويَفترض أن معسكر أوباما كان يعلم منذ البداية أن هذه القصة ملفَّقة. ولكن في كلتا الحالتين، من المرجح أن المتآمرين الحقيقيين الوحيدين، الواعين تماماً لما يفعلونه، كانوا الروس، فقد كانت مؤامرتهم هم، التي شارك فيها كل من الجمهوريين والديمقراطيين، ولكن كضحايا مخدوعين. وأخيراً، كلمة حول لغز مفضَّل لديَّ، وهو ذلك الاهتمام الحكومي الغريب بالأجسام الطائرة المجهولة، الذي يستحق الانتباه، لأن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والسيناتور الجمهوري المحافظ من ساوث داكوتا، مايك راوندز، يدعمان مرة أخرى إضافة بند يُلزم بالكشف عن المعلومات المتعلقة بالأجسام الطائرة ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، وفي حالة راوندز، فقد لمَّح علناً إلى أن ما رآه أعضاء مجلس الشيوخ في جلسات سرّية هو أغرب حتى من الأشياء الغريبة التي كُشف عنها حتى الآن. وقد أزعج اهتمامي المستمر بهذا الموضوع كلاً من المشككين بالأجسام الطائرة المجهولة، وأحياناً المؤمنين بها، لأنني لا أعتقد أن أياً من النظريات أو الادعاءات التي تم الكشف عنها قد قدمت دليلاً قاطعاً. لكنني أحاول أن أجد توازناً، فهناك بوضوح أمر غريب يحدث في هذا الملف، شيء لا نراه، تأثير يشبه «المادة المظلمة» قد يكون عملية نفسية تتعلق بالأمن القومي أو ربما شيئاً أغرب من ذلك، ومن المقبول تماماً أن نقول ذلك مراراً وتكراراً، مع رفض الوقوع في أسر نظرية صيغت من دون حقائق أساسية.


الرياض
منذ 3 أيام
- الرياض
«الدارة» تبرز دور النقد في الوثائق التاريخية
أوضحت دارة الملك عبدالعزيز أهمية منهج النقد الباطني في التعامل مع الوثائق التاريخية، بوصفه أداة أساسية تساعد المؤرخين والباحثين على التمييز بين الحقائق والآراء، بما يعزز موضوعية الدراسات التاريخية ودقتها. وأكدت الدارة أن الوثائق تعكس في بعض الأحيان مواقف شخصية أو سياسية أو اجتماعية للكاتب أو الجهة المصدرة لها، وهو ما يستوجب على الباحثين التعامل مع هذه الوثائق بوعي علمي يكشف خلفياتها ودوافعها. وأشارت إلى أن تحليل خلفية الكاتب، ومقارنة الوثيقة بمصادر متعددة، وقراءة السياق الزمني والسياسي المحيط بها، تُعد من أبرز الأدوات التي تسهم في تكوين صورة أكثر وضوحًا وشمولية للحدث التاريخي. وشددت على أن استخدام المنهجية العلمية في فحص الوثائق التاريخية يحد من أثر التحيز ويعزز الموثوقية، إلى جانب أهمية التفريق بين ما هو توصيف للواقع، وما يمثل رأيًا شخصيًا للكاتب. وتسهم دارة الملك عبدالعزيز من خلال برامجها العلمية والبحثية في تمكين الباحثين والمهتمين من أدوات النقد، والتحليل التاريخي، وتوفير بيئة معرفية تضمن قراءة دقيقة وموضوعية للوثائق التاريخية، بما يخدم الدراسات الوطنية، ويعزز من حفظ التراث.


الشرق الأوسط
منذ 5 أيام
- الشرق الأوسط
السعودية تعيد رسم خريطة الطب العالمي الذكي
مَن قال إن الذكاء الاصطناعي وُلد في وادي السيليكون؟ دعُونا نُعد كتابة الحكاية... ولكن بلغة التاريخ الحقيقي. قبل آلاف السنين، لم تكن هناك شرائح إلكترونية، ولا وادي السيليكون، ولا حتى كهرباء. لكن على أرض الجزيرة العربية، وُلدت الشرارة الأولى لما نُسمّيه اليوم بالذكاء الاصطناعي... دون أن نحمل له هذا الاسم. هنا، حيث خطّ الإنسان على ألواح الطين أول أبجدية بشرية. هنا، حيث تفتّق عقل السومري والآشوري والكلداني والبابلي عن مفاهيم اللغة والمنطق والحساب، هنا بالضبط... بدأ بناء العقل الصناعي، وإن لم تكن له آلات بعد. فالذكاء الاصطناعي، في جوهره، يقوم على ثلاثية مقدّسة: اللغة، والمنطق، والخوارزميات. وكلّها، دون استثناء، خرجت من رحم هذه الأرض العربية الأولى. ثم جاء العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، ليضع للعالم أسس العلم الحديث، لا بنظريات غامضة، بل بلغة دقيقة وأخلاق معرفية متجذّرة. وظهر العالم الفذ محمد بن موسى الخوارزمي، ليؤلّف كتابه العظيم «الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة»، ما بين المدينة المنورة وبغداد، مُهدياً البشرية أول خريطة واضحة للعمليات الحسابية المنطقية. ومن اسمه وُلِد مصطلح «Algorithm» -كلمة تُردّدها اليوم كبرى جامعات العالم، وتقوم عليها كل خوارزمية تشخيص طبي، وكل شبكة عصبية اصطناعية، وكل روبوت يُجري جراحة معقّدة. الذكاء الاصطناعي، إذن، لم يولَد على شواطئ كاليفورنيا، بل في صدور العلماء العرب الذين سبقوا عصرهم... وها هي السعودية اليوم، تُعيد هذا المجد بلغة جديدة... لغة «رؤية 2030»، والذكاء الموجّه بالقيم، والتقنية المنبثقة من الأصالة. وبينما كان الغرب يُعيد ترتيب أوراقه، كانت السعودية ترسم المستقبل بثقة، وفي الوقت الذي كانت فيه دول الغرب تُراجع نماذجها وتتحسّب لثورة الذكاء الاصطناعي القادمة، كانت المملكة العربية السعودية تمضي في طريقها بثبات ووضوح. حين أُطلقت «رؤية 2030»، لم يكن الذكاء الاصطناعي مجرّد هامش تقني في دفتر التحول... بل كان أحد أعمدته المحورية، ومحوراً عابراً لكل القطاعات: من الاقتصاد إلى الصحة، ومن التعليم إلى المدن الذكية. لكن البداية لم تأتِ من أبراج لامعة أو مؤتمرات دعائية، بل من البنية التحتية الرقمية، التي لا يراها الناس، لكنها تُشكّل أساساً لكل ما سيأتي: • ملف صحي موحّد يُرافق المواطن من المهد إلى الشيخوخة. • منصات رقمية مثل «صحتي» و«نفيس» تُحوّل الخدمات الصحية إلى تجربة رقمية يومية. • نظام ربط إلكتروني شامل يربط المنشآت الطبية، العامة والخاصة، بمركز واحد للبيانات والقرارات. كل ذلك لم يُبْنَ للتفاخر الرقمي... بل لصناعة أرضية حقيقية تُدرّب عليها الخوارزميات، وتُختبر فيها أدوات الذكاء الصحي، وتُصمَّم فيها حلول تتكلّم لغة المواطن... حرفياً. لكن ذروة هذه الرؤية ليست في المدن القائمة، بل في المدن التي لم تُبْنَ بعد في نيوم، لا تُبنى المستشفيات كما نعرفها، بل يُعاد تعريف الطب من جديد. هنا، لا مكان للممرّض الذي يستدعي ملفاً ورقياً، ولا للطبيب الذي يبحث في أرشيف، بل لكل مريض توأم رقمي (Digital Twin)، ولكل جهاز خوارزمية تنبؤية تفهم قبل أن يُسأل. أما في «ذا لاين»، المدينة التي ستُبنى بلا سيارات ولا ضوضاء، فالصحة لن تكون وجهة تُزار وقت المرض... بل ستكون نسيجاً ضمن الحياة اليومية. كل بيت سيكون عيادة استباقية: 1. أجهزة استشعار تراقب أنفاسك، ونبضك، ونومك، ومشاعرك. 2. ذكاء اصطناعي يتعلّم من نمطك، ويُبلغ عن الخطر قبل أن تشعر به. 3. أنظمة تفاعلية تتنبّه لأي تغير في كيمياء الجسم أو السلوك، وتُرسِل تنبيهاً للطبيب الذكائي، أو تقترح تعديلاً غذائياً أو دوائياً. ولماذا كل هذا مهم؟ لأن المملكة تملك كنزاً لا يقدّره كثير من الدول: بيانات صحية ضخمة، ومنظمة، ومتعددة المصدر، ومكتوبة بلغة عربية. هذا الكنز المعرفي، حين يُدرَّب عليه الذكاء الاصطناعي، لا يُنتج نموذجاً عاماً، بل يُنتج ما يُسمّى «الذكاء المحلي»: ذكاء يفهم اللهجة، ويُقدّر السياق، ويستوعب الحساسية المجتمعية، فيُصبح أدق، وأعدل، وأكثر إنصافاً من أي خوارزمية مستوردة. وهنا... يولد جيل جديد من الذكاء الاصطناعي: ذكاء لا يُدار من وادي السيليكون بل من أرض الجزيرة. لا يتكلم بالإنجليزية وحدها بل بلغة الضاد، ولا يُعامِل المرضى على أنها حالات رقمية بل بصفتهم بشراً، بثقافة وتاريخ وخصوصية. رحلة الذكاء الاصطناعي من الطين السومري إلى العيادة الذكية في الرياض لم يعد الطبيب السعودي فيها يجلس خلف سماعةٍ يدوّرها بين أصابعه، بل بات يجلس خلف شاشة ذكية يرى فيها المريض ليس بصفته شخصاً، بل نظاماً حيّاً متعدد الطبقات: صورة في الوقت الحقيقي، وتاريخ جيني، وقراءات دماغية، وتحليل لمشاعره، ولعابه، ونومه، وسلوكه. الطب الحديث هنا لا يُخرّج «أطباء تقليديين»، بل يُخرّج شيئاً جديداً تماماً: مبرمجي صحة، ومهندسي مشاعر، ومحللي تنبؤات. منصّات مثل «طبيب المستقبل» و«الممارس الرقمي» في السعودية لا تعلّم كيف يُشخَّص المرض، بل كيف يُتوقَّع قبل أن يظهر، وكيف تُبنى الخوارزمية حول الإنسان، لا العكس. وشخصياً، كنت شاهداً ومشاركاً في واحدة من أهم اللحظات التحولية لهذا التوجه، حين تمّت دعوتي لتمثيل الذكاء الاصطناعي الطبي ضمن جلسات معرض الصحة العالمي (Global Health Exhibition) في الرياض، على مدى دورتين متتاليتين. وفي تلك الجلسات، لم تكن النقاشات من النوع الذي يكرره الإعلام تحت عنوان «مستقبل الطب»، بل كانت مختبرات استراتيجية لتوجيه الذكاء نفسه، واقتراح نماذج سعودية رائدة، والتفاعل مع نخبة من أهم علماء الذكاء الاصطناعي الصحي في العالم. كنت هناك، لست بوصفي مستمعاً بل ككاتب لخريطة الطب الجديد، بخوارزمية عربية، وبصمة سعودية. نعم، السعودية أبرمت اتفاقيات مهمة مع عمالقة مثل «Google Health» و«IBM Watson»، لكنها لم تتوقف هناك، بل بدأت تطوّر نماذجها الخاصة: • مشروع «الطبيب الرقمي السعودي». • مساعدين افتراضيين أذكياء في العيادات الجامعية. • نماذج تقييم الذكاء العاطفي في الابتسامة، والجمال، والانطباع النفسي للمريض. والاتجاه الآن لم يعد نحو «طب عام» بل نحو «طب شخصي»، إذ لا نسأل: «ما المرض؟» بل: «ما احتمالية أن تمرض؟»، حيث تُدرس بصمتك الجينية والميكروبيوم وساعة الشيخوخة البيولوجية، ويُحدَّد العلاج بناءً على خريطة دقيقة تخصك أنت لا على أساس بروتوكول عام مكتوب لغيرك. وفي الختام: الذكاء الذي بدأ على الطين يعود إلى أرضه، لكن بلغة رقمية. والذكاء الاصطناعي لم يبدأ مع ChatGPT، ولا مع روبوتات الجراحة، بل بدأ عندما خطّ السومريون أول رموز المنطق على ألواح الطين، وعندما كتب الخوارزمي أول خوارزمية في قلب العالم العربي. واليوم يعود هذا الذكاء إلى مهده، إلى أرض الجزيرة، لكن بأدوات أكثر دقة، ولغة أكثر جرأة، وعقول جاهزة لتصنع لا لتستهلك. السعودية اليوم لا تسأل: كيف نلحق بالركب؟ بل تقول: حان الوقت لنقود.