
الزين: تقدير البنك الدولي للأضرار 'واقعي'
"كتبت زينب حمود في 'الأخبار':
تدخل وزيرة البيئة تمارا الزين مكتبها على عجل، وهكذا تودّعك، حتى في حديثها تسرع، فالوقت محدود في حكومة عمرها قصير ومهامّها كثيرة، و«الأولوية فيها لإعادة الإعمار»، كما تقول، وهي المهمة التي بدأتها قبل تعيينها وزيرة بيئة، منذ أن كانت رئيسة المجلس الوطني للبحوث العلمية. ترى الزين أنّ تقييم البنك الدولي للخسائر الناتجة عن الحرب بقيمة 14 مليار دولار «قابل للنقاش»، وأنّ مشروع قانون منح المتضررين إعفاءات ضريبية «فتح ملف التعويضات في الحكومة، والنقاش حول الجهة التي ستمسح الأضرار، وبعدما طلب وزير الدفاع ميشال منسى إعفاء الجيش اللبناني، وقع الاختيار على اتحاد بلديات الضاحية ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة». أما عن المكبّات العشوائية للردميات، فتنتقد أداء الإدارة السابقة لوزارة البيئة التي «عمّمت على المتعهّدين مواقع مقالع وكسارات لنقل الردميات إليها نظرياً من دون احتساب الكلفة ولا التواصل مع مالكي المقالع»، برأيها، «لا يمكن بحجة الأضرار البيئية منع الناس من العودة إلى منازلهم»، كما لا يمكن «بحجة النسوية فرض أفكار مستوردة حول المرأة لا تتلاءم مع واقعنا ومجتمعنا». وفي ما يأتي نص الحوار:
صدر أخيراً تقرير البنك الدولي حول كلفة الأضرار والخسائر الناتجة عن الحرب، كيف تقيّمون دقّة النتائج؟
التقرير تحدّث عن أضرار، وخسائر، وحاجات، وهنا وقع الالتباس لدى البعض ممن جمعوا كلفة الأضرار التي تساوي 6.8 مليارات دولار مع كلفة الخسائر التي تصل إلى 14 مليار دولار، ليُفاجأوا بضخامة المجموع البالغ نحو 22 مليار دولار. وهذا سوء فهم للأرقام، لأنّ الأضرار تعني الضرر المباشر الناجم عن الاعتداءات، والخسائر هي الأضرار تضاف إليها الخسائر الناجمة عن تعطّل القطاعات وتراجع النمو الاقتصادي نتيجة الحرب.
هل الـ 14 مليار دولار خسائر رقم واقعي أم مضخّم؟
حجم كلفة الأضرار أقرب إلى الواقع، أما كلفة الخسائر فقابلة للنقاش، لأنّ تقدير البنك الدولي لمجموع الخسائر عن تراجع النمو الاقتصادي، ويساوي 7.2 مليارات دولار، يخضع لمعايير قد تختلف بين جهة وأخرى. مثلاً أنا فوجئت بأنه «هلأد بطلّع القطاع السياحي مصاري!». ويمكن مناقشة مساهمة القطاعات الأخرى في الناتج المحلي، كما يمكن مناقشة قيمة الاحتياجات التي لا تأخذ في الحسبان حجم الخسائر لأن قطاعاً ما لم يربح مثلاً، بل تلحظ الأضرار المباشرة مع بعض التحسينات الضرورية مثل إزالة الركام من أجل إعادة الإعمار والتعافي، في مدى آنيّ قصير، وآخر متوسط يبدأ من عام 2025 ويصل إلى عام 2030، والتي قدّرها البنك الدولي بـ 11 مليار دولار.
سبق أن أصدر المجلس الوطني للبحوث العلمية تقريراً أيضاً حول تقييم الأضرار، علماً أن الجهتين تعملان معاً في هذا الملف، فما الفرق بين التقريرين؟
تقرير المجلس تناول شقّين، الأول: رصد مفصّل للاعتداءات الإسرائيلية، أنواعها، توزّعها، وتيرتها وكثافتها، والثاني حول أثر هذه الاعتداءات على القطاعات من دون «تسعير» كلفة الخسائر. أما البنك الدولي، فـ«قرّش» أثر الاعتداءات بطلب من الحكومة، واستناداً إلى إحصاءات أولية أعدّتها مؤسسات الدولة مثل وزارات التربية والصحة والأشغال وغيرها.
هل تضاربت المعلومات والأرقام بين الجهتين؟
نعم، في بعض الأحيان.
في هذه الحالة، أيّ النتائج تُعتمد؟
البنك الدولي قيّم الأضرار في 10 قطاعات بصورة عاجلة بناءً على طلب الحكومة تقريراً في أسرع وقت ليقدّم طلب قرض معجّلاً بقيمة 250 مليون دولار، ونحن ركّزنا على ثلاثة قطاعات: الإسكان، الزراعة والبيئة. لذلك عندما اختلفت الأرقام في هذه القطاعات اعتمدنا أرقام المجلس.
هل أنجزتم التقرير النهائي؟ وماذا عن الأضرار الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار؟
نعم، هذا تقرير نهائي بالعمل المُنجز حتى 20 كانون الأول الماضي. والمجلس يرصد خروقات العدو لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن ارتأينا الانتظار حتى الوقف التام للاعتداءات لإحصاء الأضرار الأخيرة.
إلى أي مدى ستعتمد الحكومة على تقارير المجلس والبنك الدولي عندما تبدأ في تنفيذ خطة إعادة الإعمار والتعافي ومنح التعويضات؟
هذه التقارير تعطي صورة عامة عن الأضرار، لكننا نحتاج إلى جهات تقوم بمسوحات ميدانية على الأرض وتحدد من هم الأشخاص المتضررون فعلاً.
هل جرى الاتفاق على أسماء هذه الجهات؟
كان مشروع قانون منح المتضررين إعفاءات ضريبية فاتحةً لملف التعويضات في الحكومة، علماً أن هناك جهات بدأت تدفع تعويضات، وانطلاقةً لمناقشة كيف يُقاس الضرر ومن يقيسه وصولاً إلى تحديد المتضررين.
وحظي الموضوع بنقاش طويل، إذ نصّ مشروع القانون على تسليم الجيش اللبناني مهام المسوحات، لكنّ وزير الدفاع ميشال منسى اعترض بحجة أنّ الجيش منهك، و«أعفوه من هذه المهمة»، فقلتُ: لنكن منطقيين، هناك جهات قطعت شوطاً طويلاً في مسح الأضرار وهي مجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة واتحاد بلديات الضاحية، ولن نبدأ من الصفر، فليأخذ الجيش معطياتها، ويدقّق فيها إدارياً.
لكنّ «الدفاع» أصرّت على أنه حتى إدارياً لا تحمّلوا الجيش هذا العبء. هنا خرجت اقتراحات لتسليم مهمة المسح للبلديات وأُجهضت لأننا مقبلون على انتخابات بلدية ولم نشأ أن يتحول الموضوع إلى بازار، كما كان هناك اقتراح بتكليف جهات خاصة إلا أنه «لم يقطع» بسبب خصوصية الوضع في المناطق المتضررة وعدم الحاجة إلى تكبّد تكاليف ما دام ملف المسح قطع شوطاً.
عندما طرحت أسماء الجهات الثلاث لتتولى عملية المسح الشامل لم تمنحها كل الأطراف الثقة. في المحصّلة، تبنّى كلّ من رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام طرح وزارة البيئة أن تكلف هذه الجهات الثلاث بإنجاز المسوح ثم تدقّق شركة خاصة في النتائج وترفع تقريرها إلى وزارة المالية المسؤولة عن تحديد شروط الإعفاءات الضريبة.
هل لدى الحكومة تصوّر واضح حول تمويل إعادة الإعمار؟
الحكومة تقدّمت بمشروع قرض مسهّل من البنك الدولي يساوي 250 مليون دولار لـ«صندوق إعادة الإعمار»، لن تكفي طبعاً، لكنها ستكون الانطلاقة لتحشيد تمويل دولي. وبعدما تبيّن في تقييم الأضرار أنّ البيوت نالت حصة الأسد من الضرر، ولضمان عودة الناس إلى بيوتهم وقراهم من خلال تأمين الخدمات الأساسية من طرقات وكهرباء ومياه وإنترنت ومدارس ومستشفيات وغيرها، ستُخصص المبالغ الأولى للإسكان والبنى التحتية وإزالة الركام تمهيداً لإعادة الإعمار، وسيُخصص قسم صغير من القرض للتعافي البيئي.
كيف ستكفي 250 مليون دولار لكل هذه الخطوات الأولية؟
سنبدأ العمل تدريجياً على أن تجرّ الـ 250 مليون دولار وراءها 750 مليون دولار ونصل إلى المليار دولار، يفترض أن تغطّي كلّ البنى التحتية المتضررة، ويكون الوقت حان ليحشد لبنان التمويل في مؤتمر دولي.
من يحدد أي القرى والمناطق لها الأولوية في إعادة الإعمار التدريجية؟
هذا كان ولا يزال محلّ نقاش، ويأخذ منحى سياسياً أحياناً، فإذا قال طرف: ابدأوا بقرى الحافة الأمامية، قد يُتّهم بتوصيل رسائل سياسية إلى العدو بأنّ الناس لا يخافون العودة إلى الجنوب، وإذا قال طرف آخر: لنترك القرى الحافة إلى المرحلة الأخيرة، قد يُتهم بأنه يقف أمام عودة الناس إلى قراهم ضمن أجندات سياسية خارجية لتفريغ القرى. برأيي، هناك ثلاثة معايير تحدّد الأولوية هي: عدد سكان البلدة، إذا كانت قطباً اقتصادياً أو قريبة من ذلك، نسبة الدمار فيها.
بعد تحليل طبيعة الاعتداءات، هل لاحظتم نمطاً معيّناً اعتمده العدو في الحرب الأخيرة؟
التحليل العلمي لطريقة تفكير العدو يفسّر كيف رمى القنابل العنقودية بجوار نهر الليطاني لمنع الوصول إلى المياه كغاية حربية، وحاجة أساسية بعد الحرب، مع ما يحمله الأمر من أثر على النشاط الزراعي.
بالمقارنة مع حرب تموز عام 2006، نلحظ كيف ركّز العدو في وقتها على تدمير البنى التحتية لوضع البلد في حالة شلل ثم اكتشف أنّ المقاومة استفادت من إعادة بناء البنى التحتية وعادت أقوى. لذلك ركّز في الحرب الأخيرة على ضرب المقاومة وبيئة المقاومة، حتى بلغت نسبة الأضرار في البيوت 67% من مجمل الأضرار (4.8 مليارات دولار من أصل 6.8 مليارات دولار) وترك مقدّرات الدولة لتعمل بالحد الأدنى.
كيف نستفيد من تجربة حرب تموز في خطة إعادة الإعمار؟
تجربة إعادة الإعمار بعد حرب تموز كانت إيجابية في أماكن معينة، خصوصاً على صعيد إجراءات اتحاد بلديات الضاحية في العمران من تصحيح التعديات، وإعادة إعمار مراعية للزلازل، لكن ذلك لم يحصل في الجنوب.
اليوم، أتمنى إذا توفّرت الأموال اللازمة أن نعدّ مخطط إعمار يراعي التغيّر المناخي الذي يؤثّر على الزلازل والفيضانات، ومراعاة شروط التنظيم المدني، وإنشاء مزارع للطاقة الشمسية في الأقضية أو في مجموعة بلدات بدلاً من تركيب نظام طاقة في كلّ بيت، ومعالجة سوء إدارة المياه خصوصاً في ظلّ أزمة شحّ المياه التي نمرّ بها، إذ لم تصل كمية المتساقطات إلى نصف معدلاتها السنوية هذا العام، وذلك من خلال الإعمار ضمن نظام تجميع مياه الأمطار وتخزينها وتوزيعها بدلاً من أن يحفر كل منزل بئراً خاصة… وهذه الأفكار كلّها ليست مكلفة على الصعيد الجماعي.
لماذا لم تتحرك وزارة البيئة بعد للحدّ من إنشاء مكبّات عشوائية للردميات ومخالفة الشروط البيئية في مسألة رفع الركام؟
عندما تسلمتُ الوزارة كان ملف الركام يمرّ بفوضى «فوّتتنا بالحيطان». الإدارة السابقة طلبت من عدة جهات تقديم أفضل الحلول لمعالجة بيئية للركام، علماً أنّ المشكلة ليست نظرية بل كيف ننظّم العملية على الأرض مع الأخذ في الاعتبار كلّ الظروف المادية والجغرافية والبشرية والثقافية والفساد…
وارتأت وزارة البيئة إصدار تعاميم بضرورة الالتزام بالضوابط البيئية ونقل الردميات إلى المقالع والكسارات تفادياً لإنشاء مكبّات عشوائية، وأطلقت لائحة بأسماء المواقع التي يمكن النقل إليها، من دون التواصل مع أيّ من مالكي هذه المواقع، لإعلامهم والتفاوض معهم على استقبال الردم مقابل إعفاءات ضريبية أو حتى إبلاغ أصحاب المقالع غير المرخّصة أنهم مجبرون على استقبال الردميات.
هكذا وصل المتعهدون إلى طريق مسدود في وقت أعطتهم الدولة 4 دولارات حداً أقصى على المتر المكعب الواحد، ووافقوا قبل أن يأخذوا في الحسبان المسار البيئي من فرز ومعالجة وطحن ونقل. الجهة الوحيدة التي استطاعت أن تنطلق هي اتحاد بلديات الضاحية لأنّ الدولة لديها حاجة إلى توسع مطمر الكوستا برافا بعدما وصل إلى قدرته الاستيعابية فقررت توسعته بردميات الضاحية، وهو حل معقول بدلاً من الشراء أو استنزاف المقالع.
ما هو الحل البديل للمتعهدين؟
هناك في القرى مواقع واسعة يمكن أن تبدأ فيها المعالجة البيئية بعيداً عن الناس من سحب حديد وفرز مواد خطرة. واتفق المتعهدون مع الجهات الثلاث المسؤولة عن رفع الأنقاض بالتعاون مع البلديات على تأمين أماكن لاستقبال الركام. وريثما يأتي تمويل البنك الدولي للمعالجة البيئية النهائية نكون قد حدّدنا المقالع والكسارات التي سيُنقل إليها الركام.
لكنّ الردميات توضع في مكبّات عشوائية بين الناس في الضاحية الجنوبية قبل نقلها إلى الكوستا برافا؟
لم يبدأ النقل إلى الكوستا برافا بعد. اتحاد بلديات الضاحية خصّص أرضاً يملكها في الأوزاعي قريبة من المطمر لنقل الردم مؤقتاً ومعالجته بيئياً، حتى يتسلّم متعهد طحنها بالشكل اللازم لاستخدامها في توسعة المطمر. وأنجز الاتحاد نقل ركام 260 بناء حتى الآن إلى مكب الأوزاعي. أما عن المكبّات العشوائية الواقعة بين الناس فهي مؤقتة لتجميع الردم تمهيداً لنقله إلى مكب الأوزاعي. لا نملك ترف الحلول في منطقة مكتظة سكانياً مثل الضاحية، ولا يمكن بحجة الأضرار البيئية منع الناس من العودة إلى منازلهم.
هل تترتب على عودة الناس إلى القرى الحدودية التي نالت نصيباً وافياً من القصف المدفعي والفوسفوري، مخاطر على صحتهم لجهة سلامة الهواء والمياه والتربة؟
عموماً، إذا توقف العدو الإسرائيلي عن الانتهاكات المتكررة ليس هناك أي خطر مباشر على صحة الناس، حتى الفوسفور دخل في دورة التربة ولم يعد موجوداً في الجو، ليبقى الضرر الأكبر على المزارع الذي يحتاج إلى معالجة التربة. ولمن يتخوف من سلامة المحصول الزراعي بعدما تعرّض للفوسفور، نقول له إنه لن ينمو الزرع أساساً إذا تشبّع بالفوسفور.
هل سيكون التغيّر المناخي على جدول أعمالك في الوزارة؟ وهل ستؤثّر اعتداءات العدو في التصدي للتغيّر المناخي في البلاد؟
هناك اضطراب مناخي عالمي لا ينحصر في لبنان، وكونه بلداً صغيراً لا يؤثّر لبنان في المناخ العالمي. محلياً، يمكن الحديث عن اضطراب بيئي سيظهر في السنوات المقبلة، بعد حرق مساحات واسعة من الأحراج والغابات. صحيح أننا ذكرنا التغيّر المناخي والمشاكل البيئية الموروثة في البيان الوزاري، لكنّ استدامة إعادة الإعمار بدءاً من إزالة الركام حتى تنفيذ عملية إعادة الإعمار الشاملة فرضت نفسها على جدول الأعمال وستكون لها الأولوية على القضايا الكلاسيكية.
ما زلتِ تتردّدين إلى المجلس الوطني للبحوث العلمية، هل تواصلين عملك السابق بعد تعيينك وزيرة؟
طبعاً لا أعمل بوظيفتين، وكيف ألحق على ذلك أصلاً؟ تجمّدت كل أعمالي في المجلس لحظة تعييني وزيرة، والآن الموظفون ينتظرون تكليف شخص آخر لإدارة المجلس للحصول على رواتبهم التي تجمّدت منذ شهر شباط.
لديك آراء خاصة حول المرأة، صدامية مع الجمعيات النسوية في البلد. أي رؤية للمرأة تحملينها إلى مجلس الوزراء؟
البيان الوزاري في صيغته الأولية كان ينصّ على ما يلي: «نريد دولة حريصة على برامج مستدامة لتمكين النساء مجتمعياً واقتصادياً»، لكنني أصررت على مقاربة الموضوع كما ورد في البيان في نسخته الأخيرة: «نريد دولة حريصة عى مقاربة قضايا النساء من منظور الحقوق والمساواة في المواطنة». لديّ مشكلة مع كلمة تمكين المرأة لأن من يحتاج إلى التمكين هي التشريعات والقوانين والمسؤولون عن الممارسة، أما المرأة فمن قال إنها ليست قوية؟ وأي رسالة أوجهها للمرأة وهي تعلّمنا معنى القوة والصمود؟
هل جئت إذاً لمحاربة النسوية؟
أنا نسوية، لكن أختلف مع طريقة الترويج للنسوية في لبنان. فالنسوية ليست شعارات، بل ممارسة التغيير تحت أي ظرف كان، ورفض الظلم والمعاناة، وقول كلمة الحق عندما لا تكون هناك إتاحة لقولها، كما تفعل بعض السيدات في قضايا نضالية. لكنني ضد تحول النسوية إلى تجارة، اتركوا للمرأة حرية الخيار سواء أرادت أن تعمل أو لا، أن تخوض غمار السياسة أو لا. هناك أفكار مستوردة فرّخت في لبنان بطريقة غير مقبولة، لأنها لا تتلاءم مع واقعنا ومجتمعنا.
هل تهيبتِ مسؤولية إدارة وزارة البيئة عندما عُرض عليك المنصب؟
نعم تهيبت من باب واقعنا الاجتماعي، وهذا الأمر لا يزعجني بل أمارس دور الأمومة بسعادة، وأخذت في الاعتبار رأي زوجي وأولادي عندما عُرض عليّ المنصب، ليس بالضرورة أن يؤثّروا على قراري، لكن رأيهم يعنيني، وكانوا مشجّعين جداً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة اللاجئين
منذ ساعة واحدة
- بوابة اللاجئين
ورشة عمل في مخيم نهر البارد تدعو لتسريع الإعمار ومحاسبة المقصرين
نظّمت دائرة اللاجئين و"أونروا" في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، يوم الأربعاء 21 أيار/مايو 2025، ورشة عمل سياسية وخدماتية بعنوان: "الأونروا من النكبة إلى مأساة أبناء مخيم نهر البارد"، لمناسبة مرور 18 عاماً على مأساة تدمير مخيم نهر البارد شمال لبنان. أقيمت الورشة في قاعة الشهيد القائد وليد الحاج داخل المخيم، بحضور واسع من ممثلي الفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية، والمؤسسات والاتحادات، وروابط القرى، إلى جانب شخصيات وطنية واجتماعية، وحراكات شعبية وشبابية، ولجان أهلية فاعلة. افتتحت الورشة بكلمة ترحيبية ألقاها خليل خضر، شدّد فيها على أهمية المناسبة وضرورة تحويلها إلى محطة نضالية متجددة للمطالبة بالحقوق، قبل أن يقف الحضور دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء المخيم وفلسطين ولبنان والأمة العربية وأحرار العالم. وألقى أركان بدر (أبو لؤي)، مسؤول دائرة اللاجئين و"أونروا" في الجبهة الديمقراطية في لبنان، الكلمة المركزية، وقدّم خلالها عرضاً تفصيلياً لمسار قضية نهر البارد منذ عام 2007، متوقفاً عند مؤتمر فيينا 2008، الذي أسّس لتقسيم المخيم إلى قسمين (قديم وجديد)، وإطلاق مشروع الإعمار في 2009. وذكّر بدر بوعود الحكومة اللبنانية آنذاك بأن "النزوح مؤقت، والعودة مؤكدة، والإعمار حتمي"، وبأن المخيم سيكون نموذجاً في التعامل اللبناني مع اللاجئين. ووجّه انتقادات حادة لإدارة "أونروا"، محمّلاً إياها مسؤولية التقاعس، وسوء تنفيذ مشروع الإعمار، والهدر والفساد، ما أدّى إلى استمرار المعاناة، في وقت لا تزال فيه ثمانية بلوكات سكنية تنتظر تمويلاً يقدر بحوالي 27 مليون دولار. وأكد بدر أن أبناء المخيم يدفعون ثمن جريمة لم يرتكبوها، داعياً إلى استراتيجية فلسطينية موحدة للضغط على "أونروا" والدول المانحة لتأمين التمويل وتسريع الإعمار. واستعرض مطالب سكان الجزء الجديد، مثل إعادة إعمار 72 وحدة سكنية، وتعويض العائلات التي قامت بالترميم، وتعويض أصحاب السيارات والمنازل، إضافة إلى ملف أرض ملعب الشهداء الخمسة وقضية عمال قسم الآثار والمعلمين الخمسة الموقوفين بتهمة "انتهاك الحيادية". أبو فراس ميعاري، ممثل اللجنة العليا لملف الإعمار، تحدّث في كلمته عن المماطلة المستمرة في استكمال البلوكات، بينما دعا ناصر سويدان من قيادة حركة فتح إلى تضافر الجهود. وشدد أبو لواء موعد، ممثل الجهاد الإسلامي، على ضرورة تحمّل الجهات مسؤولياتها، وطالب أبو صهيب الشريف من حركة حماس بإنصاف عمال الآثار وتوفير وظائف دائمة، محذراً من شطب المسافرين من سجلات "أونروا". جلال وهبة من حركة فتح الانتفاضة، دعا إلى الضغط السلمي على "أونروا"، فيما طالب أبو حسن البقاعي من جبهة النضال الشعبي بتركيب عدادات كهرباء. أما عبد الله شرقية من لجنة الأحياء الجديدة، فطالب بإيجاد حلول للأسر غير المشمولة ببرامج التعويض. وتحدّث باسم عمال قسم الآثار مصطفى بركة، مطالباً بتثبيت 18 عاملاً وتعويض كبار السن، فيما أكدت منى واكد مسؤولة اتحاد المرأة الفلسطينية على صمود النساء وضرورة تمكينهن. وقالت واكد في كلمتها: إن نساء البارد صامدات في وجه المعاناة والحرمان، ويتمسكن بحق العودة إلى فلسطين، رغم كل ما تعرضن له من تهجير وتشريد وفقدان للمنازل. وأضافت: إن المرأة الفلسطينية كانت ولا تزال في مقدمة الصفوف النضالية، مطالبة بتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا ضمن خطط الإغاثة والإعمار، وانتقدت طريقة تعاطي الجهات المعنية مع أبناء المخيم وإفساد شبابه. من جانبه، أشار عماد موسى، أمين سر اللجنة الشعبية، إلى معاناة العائلات التي لم تعمّر منازلها بعد، وطالب برفع قيمة بدل الإيجار، وحل مشاكل أصحاب البيوت في العقارات وملف أرض الملعب. الناشط فراس علوش، ممثل الحراكات الشبابية، شدد على أن هذه الحراكات ليست بديلاً عن الفصائل بل تتكامل معها، مطالباً ببناء مستشفى داخل المخيم. فيما قدّم الأستاذ المتقاعد حسن مواس دراسة شاملة عن أوضاع اللاجئين، واقترح حلولًا متعددة لمعالجة المشاكل القائمة. وشهدت الورشة أيضاً كلمات عدة أكدت على وحدة الصف وأهمية استمرار النضال من أجل استكمال الإعمار. فقد طالب الأستاذ أبو العبد عبد الرحمن، ممثل رابطة صفورية، بتوحيد الطاقات، فيما أكد الأستاذ نادر الحاج، ممثل رابطة السموعي، على الدور المرجعي للفصائل. ودعا الحاج عيسى السيد، مسؤول حركة فتح في نهر البارد، إلى تأمين التمويل المتبقي للإعمار، وفتح برنامج الشؤون في الأونروا واستقبال طلبات جديدة. الإعلامي والكاتب عثمان بدر شدد على ضرورة تحمّل "أونروا" والدولة اللبنانية ومنظمة التحرير لمسؤولياتهم تجاه المخيم. أما الناشط باسل وهبة، فطالب بتحسين خدمات الاستشفاء والتعليم في ظل معاناة المرضى وتراجع التحصيل الدراسي. ودعا الشاعر محمد موح إلى إنصاف سكان حي جنين عبر إيصال شبكات المياه والصرف الصحي إليهم. وفي ختام الورشة، دعا المشاركون إلى مواصلة الضغط على "أونروا" من أجل الوفاء بالتزاماتها، وتنظيم فعاليات شعبية وسلمية تعكس وحدة الصف الفلسطيني، وترفض سياسات الإهمال والتقصير، مشددين على أن مأساة نهر البارد لن تُنسى، بل ستظل حيّة في وجدان اللاجئين، حتى تتحقق مطالبهم ويُستكمل الإعمار، على طريق العودة إلى فلسطين تطبيقا للقرار الأممي 194، ورفضًا لكل مشاريع التهجير والتوطين. يذكر ان نكبة مخيم نهر البارد، التي حلّت عام 2007 إثر المعارك التي شنها الجيش اللبناني ضد مسلحي مجموعة "فتح الإسلام" الذين اتخذوا من المخيم مقرًا لهم آنذاك، لا تزال تلقي بظلالها الثقيلة على حياة السكان، في ظل عدم استكمال عملية إعادة الإعمار، واستمرار معاناة مئات العائلات التي تعيش في ظروف من الضياع، نتيجة عدم استكمال بناء منازلهم، فضلًا عن تقليصات "أونروا" في بدلات الإيجار والخدمات الأساسية الأخرى.


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
أميركا قبلت "بوينغ 747" هدية من قطر لاستخدامها كطائرة رئاسية
أعلن البنتاغون الأربعاء أنّ وزير الدفاع بيت هيغسيث قَبِل طائرة "بوينغ 747" أهدتها قطر إلى الرئيس دونالد ترامب لاستخدامها كطائرة رئاسية، رغم اتهامات المعارضة الديموقراطية للرئيس الجمهوري بأنّ القضية تنطوي على فساد. وهذه الطائرة التي يقدّر ثمنها بنحو 400 مليون دولار من المفترض أن يتمّ استخدامها مؤقتاً بديلاً عن طائرة الرئاسة الأميركية. وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان إنَّ "وزير الدفاع قبل طائرة بوينغ 747 من قطر وفقاً للقواعد واللوائح الفدرالية". وأضاف أنّ "وزارة الدفاع ستضمن مراعاة التدابير الأمنية المناسبة والمتطلبات الوظيفية المهمّة للطائرة المستخدمة لنقل رئيس الولايات المتحدة". ويحظر دستور الولايات المتحدة على الأشخاص الذين يشغلون مناصب عامة قبول هدايا "من أيّ ملك أو أمير أو دولة أجنبية". لكنّ ترامب دافع بشدة عن قراره قبول هذه الطائرة هدية من قطر، قائلاً إنَّ رفض مثل هكذا هدية قيّمة سيكون قراراً "غبياً". وقال ترامب في البيت الأبيض الأسبوع الماضي "إنَّها لفتة طيّبة من قطر، وأنا ممتنّ للغاية لها". وأضاف: "لست من النوع الذي يرفض مثل هذا العرض. قد أكون غبيا وأقول: كلا، لا نريد أن تُمنح لنا طائرة باهظة الثمن". وردّاً على إعلان ترامب رغبته بقبول تلك الهدية، قال زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "هذا ليس مجرد فساد خالص، بل هو أيضاً تهديد خطر للأمن القومي". وطرح شومر الإثنين شومر اقتراح قانون لمنع ترامب من استخدام الهبة القطرية كطائرة رئاسية. ويمنع النصّ الذي اقترحه السناتور الديموقراطي وزارة الدفاع من استخدام أموال دافعي الضرائب الأميركيين لتحويل أيّ طائرة كانت في السابق مملوكة لحكومة أجنبية إلى طائرة رئاسية.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 6 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود... وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News