
المكتب البيضاوي.. فخ ترامب لزعماء العالم!
لم تعد زيارة البيت الأبيض مجرد فرصة ثمينة لكسب رئيس أي دولة ثقة ساكن البيت، رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، والاستماع إلى مصداقيته في الداخل.. ففي عهد ترامب الثاني، أصبحت الزيارة إلى المكتب البيضاوي، تحمل خطر الوقوع في فخ رئاسي.. حتى أن باراك رافيد، محرر AXIOS المقرب من صناع القرار الأمريكي، أطلق قولته، (إذا دعاك ترامب إلى مكتبه، فادخل على مسئوليتك الخاصة).
آخر من كان يريده ترامب ضحية، هو رئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا ـ الذي أراد له ترامب أن يحظي بمعاملة الرئيس الأوكراني، فلوديمير زيلينسكي، خلال اجتماع كارثي في الثامن والعشرين من فبراير الماضي، حيث انتقد ترامب ونائبه، جي دي فانس، الرئيس الأوكراني، مما أثار صدمة للعالم وأنشأ سابقة في كيفية التعامل بين رؤساء الدول ـ أثناء لقائه بترامب يوم الأربعاء الماضي، مع إضافة مؤثرات خاصة.. حتى الزعماء الذين يتجنبون الجلد العلني، يواجهون مشاهد مطولة وغير متوقعة أمام الكاميرات، حيث يجيب ترامب على أسئلة من مزيج من وسائل الإعلام الرئيسية ووسائل الإعلام المؤيدة لترامب، ويحتفظ بالسيطرة على اللقاء لمدة تصل إلى ساعة.. ومن المرجح، أن تظل محاولة الإذلال المتعمد التي أقدم عليها ترامب لرامافوزا، في أذهان الزعماء الآخرين، قبل أن يضعوا خططهم لزيارة واشنطن.. فماذا حدث؟.
بناءً على مزاعم مشكوك فيها، حول (الإبادة الجماعية للبيض في جنوب إفريقيا) التي روج لها إيلون ماسك وآخرون يدورون في فلكه، قطع ترامب المساعدات عن جنوب إفريقيا، وطرد سفيرها، وسارع إلى منح مواطني جنوب إفريقيا البيض وضع اللاجئين.. أوضح رامافوزا أنه يأمل في طمأنة ترامب بشأن هذا الموضوع والتحول نحو التجارة، مع سعي جنوب إفريقيا جاهدةً للتوافق على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على دولته، وتجديد اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة وإفريقيا.. ولعله هنا استبق سيناريو زيلينسكي، فاستضاف أساطير الجولف الجنوب إفريقيين، إرني إلس وريتيف جوسن، في محاولة للحفاظ على أجواء ودية.. وربما لم يكن رامافوزا مطمئنًا لحضور ماسك، لكن الاجتماع بدأ بشكل ودي.. أشاد رامافوزا بترامب، بينما وصفه ترامب بأنه يحظى باحترام كبير (في بعض الأوساط).. وبعد مرور نحو عشرين دقيقة، وبعد أن قال رامافوزا، إن (الاستماع إلى قصص) جنوب إفريقيا، من شأنه أن يساعد ترامب على فهم الوضع بشكل أفضل، نصب ترامب فخه!!.
قال ترامب، مُخاطبًا موظفيه، في إشارة واضحة إلى مساعدته ناتالي هارب، (سيدي الرئيس، لا بد أن أقول إن لدينا آلاف القصص.. لدينا أفلام وثائقية، وأخبارًا.. هل ناتالي هنا؟).. وقال ترامب لرامافوزا، الذي اتسعت عيناه فجأة قبل أن يشارك ضحكة محيرة مع موظفيه، (يمكنني أن أعرض عليك بعض الأشياء، ويجب الرد عليها).. صاح ترامب (أطفئوا الأضواء وشغّلوا هذا).. انطفأت الأنوار، وبدأ الفيديو.. (اقتلوا.. المزارع الأبيض).. وأخضع ترامب رامافوزا لتجميع مدته خمس دقائق، يتضمن تحريضًا ضد البيض من قبل سياسيين متطرفين يعارضهم رامافوزا، قبل أن يقلب كومة من المطبوعات الإخبارية التي تصف مثل هذه الهجمات.. وظلت الكاميرات تدور لمدة نصف ساعة أخرى، مع بقاء رامافوزا مبتسمًا بشكل ثابت وترامب مسيطرًا بقوة.. وعلى النقيض من زيلينسكي، لم يتم طرد رامافوزا من البيت الأبيض.. وعندما خرج الصحفيون أخيرًا، بدأ اجتماع رامافوزا مع ترامب رسميًا.. وبحلول ذلك الوقت، كانت كافة العناوين الرئيسية قد تمت كتابتها بالفعل.
ومع هذا، يؤكد البعض، أنه لا تزال هناك احتمالات إيجابية لزيارة البيت الأبيض في عهد ترامب.. وقد نجح العديد من القادة، وآخرهم رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، في الحفاظ على مكاسبهم أو تحقيق انتصارات طفيفة.. ويبدو أن رئيس السلفادور، نايب بوكيلي، يستمتع بالظهور كضيف في برنامج ترامب، في حين حاول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، استخدام مزيج من الإطراء والإقناع، للتأثير على ترامب بشأن التجارة وأوكرانيا.. ولكن في حين أن كارثة واحدة في المكتب البيضاوي، مثل زيارة زيلينسكي، قد تكون مجرد صدفة، فإن وقوع كارثة أخرى في المكتب البيضاوي، كزيارة رامافوزرا، أصبح يبدو وكأنه اتجاه سائد.
لكن يبقى السؤال، وتبقى الحقيقة.. ماذا عرض ترامب على رامافوزا؟، وماهي حقيقة وثائقه؟.
●●●
واجه الرئيس ترامب، نظيره سيريل رامافوزا، خلال لقاء متوتر في البيت الأبيض، بسلسلة من الادعاءات المُختلف عليها، بشأن مقتل مزارعين بيض في جنوب إفريقيا.. الاجتماع ـ الذي بدا في البداية دافئًا وخفيف الظل ـ تغير سريعًا، عندما طلب ترامب من موظفيه تشغيل مقطع فيديو، يُظهر في معظمه السياسي المعارض من جنوب إفريقيا، جوليوس ماليما، وهو يردد أغنية تدعو إلى العنف ضد المزارعين البيض.. وتضمن الفيديو أيضًا لقطات تظهر صفوفًا من الصلبان، والتي ادعى أنها كانت موقع دفن للمزارعين البيض الذين قُتلوا، وقدم لرامافوزا نسخًا من مقالات، قال إنها توثق الوحشية واسعة النطاق ضد الأقلية البيضاء في جنوب إفريقيا.. لطالما ضخّم مؤيدو إدارة ترامب مزاعم العنف ضد الأقلية البيضاء، ولا سيما إيلون ماسك ومذيع فوكس نيوز السابق، تاكر كارلسون، الذي بثّ فقرات عن الإبادة الجماعية المزعومة خلال الولاية الأولى للرئيس.. بعض هذه المزاعم زائف بشكل واضح.. فهل كانت صفوف الصلبان تشير إلى قبور المزارعين البيض؟.
أظهرت اللقطات التي عرضها ترامب في المكتب البيضاوي صفوفًا من الصلبان البيضاء تمتد في الأفق على طول طريق ريفي.. زعم ترامب، (هذه مقابر هنا.. مقابر.. أكثر من ألف مزارع أبيض).. مع ذلك، لا تُشير الصلبان إلى القبور.. الفيديو من احتجاج على مقتل الزوجين المزارعين البيض، جلين وفيدا رافرتي، اللذين تعرضا لكمين وإطلاق نار في منزلهما عام ٢٠٢٠.. نُشر المقطع على يوتيوب في السادس من سبتمبر، في اليوم التالي للاحتجاجات.. قال روب هواتسون، أحد منظمي االاحتجاجات، (لم يكن موقع دفن، بل كان نصبًا تذكاريًا.. الصلبان نُصبت كنصب تذكاري مؤقت للزوجين).. وقد أكد هواتسون إن الصلبان قد أُزيلت منذ ذلك الحين، وهو ما أثبتته صور (جوجل ستريت فيو)، أن الصور الملتقطة في مايو ٢٠٢٣ ـ بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من ظهور المقطع لأول مرة على الإنترنت ـ أن الصلبان لم تعد قائمة.
أيضًا، هل حدثت إبادة جماعية للمزارعين البيض في جنوب إفريقيا؟.
في الاجتماع، قال ترامب، (الكثير من الناس يشعرون بقلق بالغ فيما يتعلق بجنوب إفريقيا.. لدينا العديد من الأشخاص الذين يشعرون بأنهم يتعرضون للاضطهاد، وهم يأتون إلى الولايات المتحدة، لذلك نستقبلهم من العديد من المواقع، إذا شعرنا بوجود اضطهاد أو إبادة جماعية).. وقد سبق له أن أدلى بادعاءات حول (الإبادة الجماعية البيضاء) عدة مرات من قبل، ويبدو أنه كان يشير إلى ذلك.. وفي مؤتمر صحفي عقد في وقت سابق من هذا الشهر، قال، (إنها إبادة جماعية تجري)، في إشارة إلى قتل المزارعين البيض في جنوب إفريقيا.
يؤكد بيتر مواي، ومات مورفي، من محققي BBC، أن معدلات جرائم القتل في جنوب إفريقيا، تُعدّ من بين الأعلى عالميًا.. فقد سُجِّلت 26،232 جريمة قتل العام الماضي، وفقًا لإحصاءات جهاز الشرطة في جنوب إفريقيا.. ومن بين هذه الجرائم، كانت هناك أربعة وأربعون جريمة قتل لأشخاص داخل المجتمع الزراعي، ومن بين هذه الجرائم، كانت هناك ثمانية جرائم قتل لمزارعين.. ولم يتم تقسيم هذه الأرقام حسب العرق في أي إصدار إحصائي عام، ولكن من الواضح أنها لا تقدم دليلًا على ادعاءات (الإبادة الجماعية البيضاء) التي كررها ترامب مرارًا وتكرارًا.. وفي فبراير الماضي، رفض قاض من جنوب إفريقيا فكرة الإبادة الجماعية، باعتبارها (متخيلة بوضوح، وغير حقيقية).
وهل دعا المسئولون في جنوب إفريقيا إلى العنف ضد المزارعين البيض؟.
خلال الاجتماع المتوتر، عرض ترامب لقطات من التجمعات السياسية، التي غنى فيها المشاركون (اقتلوا البوير)، وهي أغنية مثيرة للجدل مناهضة للفصل العنصري، يقول المنتقدون إنها تدعو إلى العنف ضد المزارعين البيض.. وكانت المحاكم في جنوب أإريقيا قد صنفت الأغنية على أنها خطاب كراهية، لكن الأحكام الأخيرة قضت بأنه يمكن غنائها بشكل قانوني في التجمعات، حيث يقول القضاة إنها تمثل نقطة سياسية ولا تثير العنف بشكل مباشر، بينما قال ترامب، إن الذين قادوا الغناء كانوا (مسئولين، وأشخاص كانوا في السلطة).. كان جوليوس ماليما، أحد قادة المظاهرة، قائدًا سابقًا لجناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم.. في عام ٢٠١٢، ترك الحزب ولم يشغل منصبًا حكوميًا رسميًا قط.. وهو الآن يقود حزبًا يُدعى (مقاتلو الحرية الاقتصادية)، الذي فاز بنسبة ٩.٥٪ في انتخابات العام الماضي، وانضم إلى المعارضة ضد الائتلاف الجديد متعدد الأحزاب.. وردًا على اتهامات ترامب، أكد رامافوزا أن حزب مقاتلي الحرية الاقتصادية هو (حزب أقلية صغير.. وسياسة حكومتنا تتعارض تمامًا مع ما كان يقوله).
رجل آخر في الفيديو يُسمع وهو يُغني أغنية (أطلق النار على البوير) في تجمع جماهيري آخر، هو الرئيس السابق، جاكوب زوما، الذي ترك منصبه عام ٢٠١٨.. يعود تاريخ الفيديو إلى عام ٢٠١٢ عندما كان رئيسًا.. وقد وعد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بالتوقف عن غناء الأغنية بعد ذلك بوقت قصير.. وبعد ذلك، غادر زوما حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو الآن يقود حزب المعارضة (أومكونتو وي سيزوي)، الذي فاز بأكثر من 14% من الأصوات في انتخابات العام الماضي.
خلال الاجتماع، رفع ترامب سلسلة من المقالات التي زعم أنها تحتوي على أدلة على عمليات قتل المزارعين البيض في جنوب إفريقيا.. كانت الصورة واضحة للعيان، عندما قال ترامب، (انظروا، هناك مواقع دفن في كل مكان.. هؤلاء جميعهم مزارعون بيض يُدفنون).. لكن الصورة ليست من جنوب إفريقيا، بل هي في الواقع من تقرير عن مقتل النساء في جمهورية الكونغو الديمقراطية.. وأشارت وكالة الأنباء الفرنسية في البداية إلى الصورة، وأجرت هيئة الإذاعة البريطانية بحثًا عنها، وأكدت أنها من مقطع فيديو لوكالة رويترز للأنباء، تم تصويره في مدينة جوما في جمهورية الكونغو الديمقراطية في فبرايرالماضي!!.
●●●
ضمن أسباب كثيرة لهذا القاء العاصف من جتنب ترامب في وجه رامافوزا، يبرز السبب الأوضح: القضية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، واتهمتها أمام المحكمة الجنائية الدولية بارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين العُزل، وصدور حكم المحكمة باعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهن، ووزير دفاعه السابق، يوآف جالنت.. لذا، بدا الأمر مُستغربًا، في ضوء اللقاء الغريب الذي جرى في المكتب البيضاوي يوم الأربعاء الماضي.. لكن الرئيس ترامب وسيريل رامافوزا، يشتركان في العديد من الأمور.. كلاهما رجل أعمال ثريّ باذخ، طمحا، ثم وصلا، في مرحلة متأخرة من حياتهما، إلى أعلى منصب في بلديهما.. يشترك كلاهما في شغفه بالرفاهية التي تنعم بها النخبة العالمية الثرية، الجولف لترامب، وصيد السمك بالصنارة لرامافوزا.. لكن الأهم من ذلك، أن كلاهما بنى سمعته القوية على موهبة عقد الصفقات.. في حالة ترامب، كان هذا عادةً ما يتعلق بالعقارات: الفنادق والكازينوهات والشقق الفاخرة.. أما رامافوزا، فقد كان محوريًا في إحدى أشهر صفقات القرن العشرين: فقد كان المفاوض الرئيسي في المحادثات التي أدت إلى إنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
حقق رامافوزا وحزبه، المؤتمر الوطني الإفريقي، هذا الإنجاز الرائع، بفضل موهبته الاستثنائية في إيجاد أرضية مشتركة، واستعداده لاتخاذ خيارات صعبة وتقديم تضحيات جسيمة لتحقيق السلام مع عدو لدود.. صحيح أن نيلسون مانديلا وفريدي ويليام دي كليرك، زعيمي حزبيهما، قد نالا جائزة نوبل للسلام.. لكن رامافوزا، بعزيمته وجاذبيته، لعب دورًا حاسمًا في إتمام الاتفاق.. لذا، ربما لا يكون من المستغرب أن رامافوزا، رجل الدولة المهذب الذي لا تنقصه الثقة بقدراته، ظنّ أنه يستطيع جلب مواهبه الكبيرة إلى المكتب البيضاوي، والبدء على الأقل في عملية إبرام صفقة ما، مع الرجل الذي يعتبر نفسه ملك الصفقات.. لكن ترامب، بدلًا من ذلك، استغلّ الاجتماع للتركيز على خيال عنصري عن معاناة البيض في جنوب إفريقيا، من الإبادة الجماعية على يد أغلبية سوداء.. كان هذا المشهد آسرًا للغاية، أما من حيث الحنكة السياسية، فكان مدمرًا للغاية.
ليس الأمر كما لو لم يكن هناك أي شيء جدي للنقاش.. فالبلدان على خلاف حول مجموعة من القضايا ـ قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، والرسوم الجمركية، وخفض المساعدات المقدمة لأكثر مواطني البلاد ضعفًا ـ والتي من شأنها أن تستفيد من نقاش عقلاني.. لكن من الواضح أن ترامب كان يخطط لشن هجوم على رامافوزا، إذ أحضر شاشة تلفزيونية وخفّض الأضواء لعرض فيديو لزعيم حزب معارض، جوليوس ماليما، وهو يقود حشدًا في هتاف (اقتلوا البوير، اقتلوا المزارعين)، وهو ما يزعم ترامب وحلفاؤه، أنه يدعم وجهة نظرهم بأن البيض يواجهون عنف إبادة جماعية في جنوب إفريقيا.
كان هذا، على أقل تقدير، مُضلِّلًا ـ كما تقول ليديا بولجرين، في واشنطن بوست ـ ماليما، وهو شخصيةٌ مُزعجةٌ وزعيمٌ سابقٌ لجناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، طُرِد منذ زمنٍ بعيدٍ وسط عاصفةٍ من الخلافات مع قادة الحزب.. يدعو حزبه، (مُقاتلو الحرية الاقتصادية)، إلى الاستيلاء على أراضي البيض وإعادة توزيعها على نطاقٍ واسعٍ دون تعويض، وهي سياسةٌ لطالما رفضها حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.. قد يُشير ترامب إلى القانون الذي يُجيز للحكومة الاستيلاء على الأراضي (لغرضٍ عامٍّ أو للمصلحة العامة)، لكن الحكومة لم تفعل ذلك حتى الآن دون تعويض.
في جنوب إفريقيا، تقول ليديا بولجرين، في ظلّ حلم ترامب المُحموم، حيث تسعى أغلبية سوداء متعطشة للدماء للانتقام من البيض بالاستيلاء على أراضيهم، بل وحتى أرواحهم، كانت منظمة (مقاتلو الحرية الاقتصادية) تحظى بشعبية جارفة.. لكن في الانتخابات العامة التي جرت العام الماضي في جنوب إفريقيا الحقيقية، كانت، من نواحٍ عديدة، الخاسر الأكبر، إذ تراجعت من المركز الثالث إلى الرابع من حيث حجم الحزب في البرلمان.. في الواقع، لم يعد مالك الأرض الأبيض بعبعًا سياسيًا موثوقًا به.. عندما ذهبتُ إلى جنوب إفريقيا لتغطية الانتخابات في مايو الماضي، وجدتُ أن الغضب الحقيقي المعادي للأجانب الذي يُحرك السياسة هناك، كان مُوجَّهًا في المقام الأول إلى المهاجرين الفقراء من دول إفريقية أخرى، الذين أصبحوا كبش فداء مناسبًا لعدم المساواة المُستعصي الذي لطالما ميّز جنوب إفريقيا.. سمعتُ الكثير من الشكاوى حول أصحاب المتاجر الصوماليين الذين يُزعم أنهم يستغلون سكان البلدات الفقيرة خارج كيب تاون، لكنني لم أسمع أي شيء تقريبًا عن عائلات الأفريكانيين الأثرياء الذين يسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة على بُعد أميال قليلة.
هذا تحوّلٌ ملحوظ، لكن جذوره تكمن في الصفقة المُبجّلة التي ساهم رامافوزا في إبرامها لإنهاء نظام الفصل العنصري.. فالأقلية البيضاء التي استعبدت الأغلبية السوداء وحكمتها بعد مصادرة أراضيها، وحشرها في بانتوستانات فقيرة، والاستفادة من عمالتها الرخيصة، ستخضع للديمقراطية ودستور جديد، يمنح جميع الجنوب إفريقيين حق التصويت.. وفي مقابل السلطة السياسية، ستبقى الترتيبات الاقتصادية الأساسية التي ركّزت تقريبًا كل ثروة البلاد في أيدي البيض دون تغيير يُذكر.. ولن يكون هناك مصادرة للأراضي، ولا سحب قسري للاستثمارات.
ستحظى نخبة سوداء صغيرة بمكانة مرموقة في قطاع الشركات في جنوب إفريقيا، ومن بينهم رامافوزا.. وستبرز طبقة متوسطة سوداء صغيرة على هامش تلك النخبة.. لكن التفاوت الجوهري الذي رسّخه نظام الفصل العنصري ـ شريحة صغيرة من البيض في الغالب تسيطر على الغالبية العظمى من الأراضي والثروات ـ سيستمر.. وقد وجد تقرير نُشر في مجلة البنك الدولي الاقتصادية، والذي تناول توزيع الثروة في جنوب إفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري وحتى عام ٢٠١٧، أن أغنى ١٠٪ من سكان البلاد يسيطرون على ٨٦٪ من ثرواتها، وهي فجوة هائلة.
ولعل هذا يُفسر خسارة حزب رامافوزا، الذي حظي بدعم ساحق من الناخبين منذ نهاية نظام الفصل العنصري عام ١٩٩٤، أغلبيته في العام الماضي.. ولكن عندما واجه رامافوزا خيارَ شركاء الائتلاف لتشكيل حكومة، تجنب الأحزاب المتطرفة مثل (المقاتلين من أجل الحرية الاقتصادية)، التي تُنادي بقتل المزارعين، وشكّل حكومة ائتلافية مع منافسه اللدود، التحالف الديمقراطي، وهو حزب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بثروة البيض.
كان أعضاء ذلك الحزب ضمن الوفد المختلط الأعراق الذي توجه إلى البيت الأبيض يوم الأربعاء، والذي ضم سياسيين من حكومة رامافوزا الائتلافية المضطربة، ولاعبي جولف مشهورين وأغنى رجل في جنوب إفريقيا.. حاول العديد من الأعضاء البيض في الوفد إقناع ترامب بأن مخاوفه من الإبادة الجماعية للبيض في غير محلها، وأن جرائم العنف مشكلة تؤثر على جميع سكان جنوب إفريقيا.. لم يتأثر ترامب، الذي كان يلوح بشكل مسرحي، بأدلة زائفة على مشكلة وهمية.. لم يكن هناك لعقد صفقة، بل كان هناك لخلق صور ساخرة وكسب نقاط مع أشد معجبيه تشددًا.
ربما يكون ترامب قد نال مبتغاه من الاجتماع، لكنه لم يُحرز نجاحًا يُذكر في عقد الصفقات مؤخرًا.. فقد اصطدم وعده الانتخابي بإنهاء الحرب الروسية ـ الأوكرانية في اليوم الأول من رئاسته بتصلب الرئيس فلاديمير بوتين.. وباءت جهوده لإقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإنهاء المذبحة الوحشية في غزة بالفشل.. وقد زعم أنه أنقذ الهند وباكستان من حافة الحرب بعد مناوشاتهما الأخيرة، لكن أي شخص يُولي اهتمامًا، يُدرك أن البلدين، المُنخرطين في معركة دمار مُتبادل مؤكد، كانا سيقبلان بالتأكيد بمبادرة خفض التصعيد التي يُلقيها أي رئيس أمريكي تقريبًا.. كما أن فرض إدارته الفوضوي للرسوم الجمركية العالمية، والذي يبدو أنه صُمم لإجبار أقوى دول العالم على التوسل إليه طلبًا للرحمة، لم يُسفر إلا عن اتفاق محدود مع بريطانيا، إحدى أقدم وأقرب حلفاء أمريكا.. وفي رؤيته الخيالية، سيصطف قادة العالم لتكريمه في مكتبه البيضاوي المُذهّب حديثًا، على استعداد للمخاطرة بنوع الإذلال الذي مارسه مرتين الآن، أولًا مع رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، والآن حاول مع رئيس جنوب إفريقيا.
فرغم كل أكاذيب ترامب وتهديداته، حافظ رامافوزا على رباطة جأشه.. وفي نهاية الاجتماع، ذكّر نظيره بأن جنوب إفريقيا ستستضيف قمة مجموعة العشرين في وقت لاحق من هذا العام، معربًا عن أمله في حضور ترامب.. وكان ذلك تذكيرًا واضحًا بأن العالم يتغير بسرعة، إذ تمثل دول مجموعة العشرين مجتمعةً 80% من سكان العالم، وتنتج أكثر من 85% من الناتج الاقتصادي العالمي؛ وستلعب دورًا حاسمًا في تشكيل أي نظام عالمي جديد ينبثق من هذه الحقبة المضطربة.. وإذا كانت الولايات المتحدة شريكًا غير موثوق به ومصدرًا للفوضى، فستتجه هذه الدول إلى أماكن أخرى، وتبني تحالفات أمنية وتجارية جديدة، لا تعتمد على القوة العظمى المتقلبة والمتراجعة. وفي نوفمبر، ستكون جميعها في جنوب إفريقيا.. ومن الحماقة التخلي عن مقعد أمريكا على تلك الطاولة.. ولكن، يبدو أن الحماقة ـ أكثر من أي شيء آخر ـ هي مهارة ترامب الآن!!.
●●●
■■ وبعد..
فقد كان الرئيس عبد الفتاح السيسي، من الخبرة والحكمة، وقدرته على قراءة الأشخاص وتوقع الأحداث، خصوصًا بعد زيارة العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، إلى واشنطن ولقاء ترامب، ما دفعه إلى إعلان أنه لن يسافر إلى واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض إذا كان جدول الأعمال يشمل خطة الرئيس ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بعد مكالمة هاتفية جرت بين السيسي وترامب في الأول من فبراير الماضي، وجه ترامب خلالها دعوة مفتوحة للسيسي لزيارة البيت الأبيض، دون تحديد موعد محدد.. وقد أعلن ترامب خطته، التي أثارت غضبًا واسعًا في العالم العربي، لإجلاء أكثر من مليوني فلسطيني من قطاع غزة ووضع القطاع تحت السيطرة الأمريكية، مع تحويله إلى ما يُسمى (ريفييرا الشرق الأوسط)، وأن تستقبل مصر والأردن الفلسطينيين الذين سيتم ترحيلهم.. وفي خطوة دبلوماسية هامة، أعلنت مصر أبلغت أنها الولايات المتحدة الأمريكية باستحالة تنفيذ مخطط تهجير سكان قطاع غزة، وأن موقف مصر من تهجير الفلسطينيين لن يتغير، والقاهرة لديها رد جاهز على أي مقترحات تتضمن التهجير أو عدم العودة.. ومبلغ علمي، أن جهودًا خليجية بُذلت لتنسيق لقاء بين الرئيس السيسي وترامب في الرياض، خلال زيارة الرئيس الأمريكي الأخيرة للسعودية والإمارات وقطر، لكن القاهرة رفضت.. إنتهى.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأموال
منذ 28 دقائق
- الأموال
جولد بيليون: الذهب يرتفع 1.9% في أولى جلسات هذا الأسبوع بسبب التصعيد العالمي
شهد الذهب العالمي ارتفاعاً كبيراً خلال تداولات اليوم وذلك بدعم من تزايد الطلب بشكل كبير على الملاذ الآمن في ظل التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى تهديدات جديدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم. سجل سعر أونصة الذهب العالمي ارتفاع اليوم بنسبة 1.9% ليسجل أعلى مستوى منذ قرابة أسبوع عند 3359 دولار للأونصة بعد أن افتتح تداولات اليوم عند المستوى 3303 دولار للأونصة ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 3352 دولار للأونصة، وفق جولد بيليون. وقامت كل من أوكرانيا وروسيا بالتصعيد من حدة التوترات قبل الجولة الثانية من محادثات السلام في إسطنبول، حيث وجهة أوكرانيا أحد أكبر الهجمات على روسيا منذ بداية هذه الحرب بالإضافة إلى هجوم روسي بطائرات مسيرة خلال الليل، الأمر الذي زاد من المخاوف في الأسواق لينعكس بارتفاع كبير في الطلي على الذهب كملاذ آمن. من جهة أخرى تزايد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وسط تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية أعلى على السلع، مما دفع المتداولين إلى تجنب المخاطرة. كانت إدارة ترامب قد صرحت الأسبوع الماضي بتعثر محادثات التجارة مع الصين بعد اتفاقية جنيف. وجاء ذلك في الوقت الذي واصلت فيه الصين انتقاداتها لضوابط الولايات المتحدة على صناعة الرقائق الإلكترونية لديها. بينما اتهم فيه ترامب الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع بانتهاك اتفاقية جنيف في سويسرا، على الرغم من أن إدارته لم تحدد طبيعة الانتهاكات، لترفض الصين اليوم الاثنين اتهامات ترامب لها بانتهاك الاتفاقية التجارية وحذرت من أنها ستتحرك لحماية مصالحها الوطنية. وتسببت هذه المناوشات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في تراجع التوقعات بإمكانية بتوصل الجانبين إلى اتفاقية تجارية دائمة خلال الأشهر المقبلة، في حين أن أي عدم استقرار إضافي في التوترات التجارية قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الرسوم الجمركية. تراجعت شهية المخاطرة بشكل كبير بسبب إعلان ترامب أنه سيرفع الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من 25% إلى 50%، مما أثار المزيد من المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي. و استفاد الذهب اليوم من تراجع مستويات الدولار الأمريكي الذي انخفض اليوم بنسبة 0.7%، وذلك بعد أن صرح كريستوفر والر محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام. وقال والر إن رسوم ترامب الجمركية لم يكن لها حتى الآن تأثير يذكر على الاقتصاد الأمريكي، ومن غير المرجح أن يكون لها تأثير دائم على التضخم. كما أشار إلى انخفاض التضخم وقوة سوق العمل مما قد يمنح الاحتياطي الفيدرالي ثقة أكبر في خفض أسعار الفائدة. لكن والر حذر من أن هذا لا يزال يعتمد على استقرار الرسوم الجمركية عند الحد الأدنى من التوقعات. كما أشار إلى تزايد المخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي وهو ما ظهر خلال التراجع الأخير لسندات الخزانة الأمريكية. كل هذه العوامل أدت إلى عودة الذهب العالمي إلى الارتفاع من جديد ليعوض تقريبا الخسائر التي تكبدها خلال الأسبوع الماضي، ويخترق خط الاتجاه الهابط الذي حال دون صعود سعر الذهب خلال الأسبوعين الماضيين. أسعار الذهب في مصر ارتفع الذهب في مصر مع بداية تداولات اليوم وذلك بدعم من قفزة في سعر أونصة الذهب العالمي بداية أسبوع التداول، ليوسع الذهب من مكاسبه على الرغم من التأثير السلبي لتراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه. وافتتح الذهب عيار 21 الأكثر شيوعاً تداولات اليوم عند المستوى 4680 جنيه للجرام ليتداول وقت كتابة التقرير عند المستوى 4673 جنيه للجرام، وكان قد ارتفع السعر يوم أمس بمقدار 10 جنيهات ليغلق عند المستوى 4610 جنيه للجرام بعد أن افتتح تداولات الامس عند 4600 جنيه للجرام، وفق جولد بيليون. الارتفاع الحالي في سعر الذهب المحلي كان بدعم من الارتفاع الكبير في سعر أونصة الذهب العالمي حيث يعد السعر العالمي هو المحرك الأول لتسعير الذهب المحلي خلال هذه الفترة، كما يأتي هذا الارتفاع على الرغم من تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك الرسمية والذي له تأثير سلبي على عملية التسعير. التركيز الفترة الحالية ينصب على تغيرات سعر الذهب العالمي خاصة في ظل الاستقرار المالي والاقتصادي في مصر خلال الفترة الحالية وهو ما انعكس على انخفاض سعر صرف الدولار في البنوك ليحد ذلك من مكاسب الذهب بشكل عام. أيضاً التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي بخصوص المراجعة الخامسة لبرنامج دعم الاقتصاد المصري قد ساعد على تحقيق الاستقرار في الأسواق بسبب الإشادة باستقرار الأوضاع على المستوى المالي والاقتصادي. توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية ارتفع الذهب العالمي خلال تداولات اليوم ليسجل أعلى مستوى منذ قرابة أسبوع وذلك بدعم من تزايد الطلب على الملاذ الآمن في الأسواق في ظل التصعيد في الحرب الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى تزايد التوترات المتعلقة بالاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين. قفز سعر الذهب المحلي عن افتتاح تداولات اليوم وذلك بدعم من الارتفاع الكبير الذي سجله سعر أونصة الذهب العالمي، وذلك على الرغم من تراجع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في البنوك الرسمية مع بداية تداولات هذا الأسبوع. اخترق الذهب العالمي منطقة المستوى 3330 دولار للأونصة والذي كان يتوافق مع خط الاتجاه الهابط قصير الأجل الذي سبب مقاومة لحركة الذهب خلال الأسبوعين الماضيين، والآن وصل السعر إلى المستوى 3360 دولار للأونصة. أما عن السعر المحلي: ارتفع سعر الذهب المحلي عيار 21 مع بداية تداولات اليوم حيث نجح في الحفاظ على مستوياته فوق المستوى 4600 جنيه للجرام خلال الفترة الماضية ليجمع الزخم الصاعد الكافي ويستكمل اليوم الصعود ليسجل أعلى مستوى عند 4680 جنيه للجرام.


وكالة نيوز
منذ 37 دقائق
- وكالة نيوز
تتطلب إيران ضمان العقوبات في المحادثات النووية معنا
يقول طهران إن واشنطن لم تكن واضحة حول 'كيف ومن خلال أي آلية'. طالبت إيران أن توضح الولايات المتحدة بالضبط كيف سيتم رفع العقوبات إذا كان الجانبين هو التوصل إلى اتفاق جديد على البرنامج النووي لبران. أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية ، إسماعيل باجيا ، التعليقات يوم الاثنين ، بعد أيام من تقديم الولايات المتحدة ما وصفته بأنه اقتراح 'مقبول'. لقد أجرى الزوج سبعة أسابيع من المفاوضات خلال البرنامج النووي ، مع تسعى الولايات المتحدة للحصول على تأكيدات بأنها سلمية ، في حين تأمل إيران في الهروب من العقوبات التي تعرضت للضرب اقتصادها في السنوات الأخيرة. ومع ذلك ، فإن طهران يطالب الآن واشنطن بتفصيل ما تقدمه ، ويعكس الشك تم التعبير عنه في وقت سابق من هذا العام من قبل الزعيم الأعلى آية الله علي خامني. في الملاحظات التي أجراها وكالة الأنباء الرسمية IRNA ، أكد باجيا على الحاجة إلى ضمانات فيما يتعلق بـ 'النهاية الحقيقية للعقوبات' ، بما في ذلك تفاصيل 'كيف ومن خلال الآلية' التي ستتم إزالتها. وقال: 'لم يوفر الجانب الأمريكي الوضوح اللازم في هذا الصدد'. كرر باجاهي أيضًا نية إيران مواصلة إثراء اليورانيوم لأغراض 'سلمية'. قال المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إن الرئيس دونالد ترامب يعارض طهران يواصل أي إثراء ، واصفا عليه بأنه 'خط أحمر'. يوضح تقرير الأمم المتحدة المسرب أن إيران قد زادت إنتاج اليورانيوم المخصب إلى 60 في المائة ، أقل من 90 في المائة تقريبًا المطلوبة للأسلحة الذرية ولكن أعلى بكثير من 4 في المائة أو نحو ذلك اللازمة لإنتاج الطاقة. باجهي رفض التقرير كما منحازة ، اتهام الدول الغربية التي لم تكشف عن اسمها للضغط على الأمم المتحدة للتصرف ضد مصالح إيران. وقالت المصادر الرسمية التي استشهدت بها صحيفة نيويورك تايمز إن الاقتراح الأمريكي الأخير يتضمن دعوة لإيران لإنهاء جميع الإثراء. بينما أكد طهران استلام الاقتراح ، الذي وصفه البيت الأبيض بأنه 'مصلحة' إيران ، فقد قال إنه لا يزال يراجع الوثيقة. وقال باجيا: 'إن تلقي نص بالتأكيد لا يعني قبوله ، ولا يعني ذلك أنه مقبول'. أجرت إيران خمس جولات من المحادثات مع الولايات المتحدة منذ 12 أبريل بحثًا عن اتفاق جديد لتحل محل الصفقة مع القوى الرائدة التي تخلى عنها ترامب خلال فترة ولايته الأولى في عام 2018.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
تقرير أمريكي يكشف: هل نقترب من عصر الهيمنة الصينية بسبب سياسات ترامب؟
حذر موقع إكسيوس الأمريكي من سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلقة بتعزيز قدرات الولايات المتحدة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي وسط تفوق كبير وملحوظ من جانب الصين. قوة الصين في الذكاء الاصطناعي تهدد أمريكا وقال الموقع، إن أكبر تهديد للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الحالي هما الصين وتفوق الذكاء الاصطناعي، فإما أن تحافظ أمريكا على تفوقها الاقتصادي وتفوقها المبكر في مجال الذكاء الاصطناعي، أو تواجه احتمال هيمنة الصين على العالم. وصرح ديفيد ساكس، قيصر الذكاء الاصطناعي في إدارة ترامب، في نهاية هذا الأسبوع في بودكاسته "All-In": "لا شك أن جيوش المستقبل ستكون طائرات بدون طيار وروبوتات، وستكون مدعومة بالذكاء الاصطناعي. وقال الموقع، إن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بالحكومة الفيدرالية وفي مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي على وجه التحديد، فضلا عن صمت كلا الحزبين الجمهوري والديموقراطي إزاء تهديد الذكاء الاصطناعي للوظائف، ودمج واشنطن ووادي السيليكون في بنية فوقية واحدة. ووفقا للموقع فإن ترامب يدرك التهديد الذي تمثله الصين في هذا الإطار ولكن سياساته قصيرة المدى في التجارة العالمية ومعاملة حلفاء الولايات المتحدة التقليديين تُعرّض انتصار الولايات المتحدة على الصين على المدى الطويل - اقتصاديًا وتكنولوجيًا - لخطرٍ كبير. ويقول إكسيوس، إن الصين تستخدم سلطتها لسرقة أسرار التكنولوجيا الأمريكية - سرًا، ومن خلال فرضها على الشركات الأمريكية العاملة في الصين. تلاشي الهيمنة الأمريكية ووفقا للتقرير فإنه إذا اكتسبت الصين ميزةً حاسمةً في مجال الذكاء الاصطناعي، فستتلاشى الهيمنة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية بل ويعتقد البعض أن الديمقراطية الليبرالية الغربية قد تتلاشى أيضًا. ثم تستخدم الصين هذه الخبرة التكنولوجية وتتلاعب بأسواقها لتعزيز التقنيات الناشئة والحيوية، بما في ذلك السيارات ذاتية القيادة، والطائرات بدون طيار، والطاقة الشمسية، والبطاريات، وغيرها من الفئات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي ثم تُصدّر الشركات الصينية هذه المنتجات حول العالم، متغلبةً على منافسيها الأمريكيين والعالميين، وتجمع بيانات قيّمة. ووفقا للتقرير فيتمثل رد ترامب، في مُحاولة مُعاقبة الصين بفرض تعريفات جمركية مُستهدفة أعلى وضوابط صارمة على المنتجات التقنية الأمريكية مثل رقائق الكمبيوتر عالية الأداء من إنفيديا المُباعة هناك. تصعيد ترامب يقلق الجميع وألمح التقرير إلى أن سياسات ترامب تصعيدية دون جدوى فكندا، الغنية بالمعادن والطاقة، أصبحت تتطلع إلى أوروبا، وليس إلي الولايات المتحدة، بعد أن أهان ترامب أقرب حليف سابق لأمريكا بل ويواصل ترامب استفزاز كندا بشأن تحولها إلى ولاية أمريكية، وأوروبا، التي كانت مؤيدة لأمريكا بقوة، سخر منها ترامب ونائب الرئيس فانس باعتبارها ضعيفة للغاية ومرهقة للغاية بحيث لا تستحق علاقات خاصة مع أمريكا. ووفقا للتقرير فإنه وفي الواقع، تتبادل أوروبا والصين الآن أطراف الحديث بنشاط أكبر، في حوار أشبه بحوار "عدو عدوي التجاري هو صديقي".