
«صابغ روحه».. كريمة الشوملي تحاور الخيال بالألوان
لدينا لوحة متميزة للفنانة الإماراتية المعروفة الدكتورة كريمة الشوملي، شاركت في المعرض السنوي لجمعية الفنانين الإماراتيين في فبراير/ شباط من العام الماضي وكان بعنوان «استشراف».
اختارت كريمة الشوملي الزي التقليدي الإماراتي للمرأة والذي يتميز بأصالته وأناقته، من خلال نوع من القماش الذي يتميز بنقوشه المشرقة كما هو واضح في اللوحة. وقد حرصت د. كريمة الشوملي على إنجاز هذا التركيب التصويري ليعرض كما لو أنه «مشهد أدائي» يبرز سيدة تجلس على مقعدها في راحة تامة وترتدي فستاناً يعبر عن هويتها الإماراتية،
الصورة التي أمامنا واحدة من التجارب التركيبية التصويرية، التي ارتأت الفنانة أن تنجزها بالمزج بين التصوير الفوتوغرافي وفن الأداء.
هنا، نجحت د. كريمة في تقديم عمل مميز، حيث تلعب الفنانة على ثنائية الاندماج والاختفاء في فضاء بصري يهيمن عليه النمط الموحد.
يمكن ملاحظة التكوين البصري للمشهد التصويري من خلال نمط التكرار الذي يسيطر على كافة أجزاء المنظور الفني، التكرار هنا، يبرز من خلال النقاط الحمراء التي تغطي كافة مكونات المشهد على أرضية باللون البيج، (الفتاة، الأريكة التي تجلس عليها، والخلفية كذلك)، وهو نمط يغطي حتى ملابس الشخصية.
هذا التكرار يخلق مشهداً جمالياً ساحراً، يولد إحساساً بالتماهي البصري بحيث تندمج الشخصية مع الخلفية وتكاد تضيع ملامحها وسط النمط.
اعتمدت د. كريمة الشوملي تقنية خاصة في عملها هذا، يركز على وحدة اللون والشكل، مع اختلاف بسيط في الظلال والإضاءة، وهو الذي يمنح الصورة التي أمامنا منظوراً ثلاثي الأبعاد، ومن ناحية أخرى، فإن التكرار يسبب نوعاً من الحيرة لعين المشاهد، بل ويدفعه للبحث عن حدود الكائن البشري في الفضاء المصور.
عكس هذا العمل التركيبي التصويري شفافية لونية حلقت بعين المشاهد من خلال هذا التناغم اللوني، وجذبته بقوة نحو المشهد، لتذوب ذاته أو تنمحي تدريجياً وهو يحدق في هذه المتوالية المشهدية المتكررة، المرأة في التركيب التصويري الذي أمامنا، تظهر بحلة عصرية وهي تحدق في جهاز لوحي رقمي، وهو الذي يكسر حدة النمط من الناحية البصرية، ويمنح نقطة تركيز أخرى وسط بحر النقاط، وكأنه إشارة إلى أن القراءة فعل مقاومة ضد الذوبان في النمط أو العزلة التامة.
في تأمل آخر للمنظور الفني، يمكن قراءة الذات الفردية، أو بعبارة أصح أسئلة الهوية الفردية في مجتمع يفرض محددات جماعية على الأفراد، حيث تتحول الأجساد إلى جزء من خلفية اجتماعية أو ثقافية متكررة.
ويمكن أيضاً، أن نشير إلى الثقافة البصرية الإماراتية المعاصرة، التي استطاع الفنان التشكيلي الإماراتي، كما هو عند د. كريمة الشوملي أن يعكسها بالاستناد إلى مفردات التراث، وهو اهتمام يكاد يكون طاغياً في عمل الفنانين الإماراتيين، وخاصة الفنانات اللواتي يركزن على موضوع المرأة، والذات، المرأة في المشهد تجلس في فضاء منزلها المحبب، حيث المنزل هنا، لا يجسد المأوى فحسب، بل هو بالنسبة لكثير من الفنانات فضاء محتشد بالرموز الثقافية والاجتماعية.
أما التكرار الذي يكاد يطغى على مكونات المشهد البصري، فقد نجحت الفنانة في تأثيثه بعيداً عن الروتين، فالمرأة في المشهد هي امرأة عصرية ليست معزولة عما يحيطها من مؤثرات اجتماعية وثقافية، وهي بالضرورة امرأة منفتحة على ثقافات العالم، وتتماهى بل (تحاكي) ما فيه من معرفة وتحولات، ما يعني أن ذاتها هي ذات شغوفة، بالعلم والمعرفة، والحلم، والتطور، بوصف ذلك كله يشكل ملاذاً يفتح الآفاق على ثقافات الآخرين.
*عتبة العنوان
اختارت د. كريمة الشوملي لعملها هذا العنوان (صابغ روحه) وهذا العنوان، على بساطته، يفتح على التغيير بوصفه خاصية من خاصيات التطور، فكيف للكائن أن يصبغ روحه من دون أن يتماهى كلياً مع الآخر، هو بالضبط ما يشير إليه فعل (الصبغة) التي تشير إلى الكائن الذي يتبنى سلوكاً أو اتجاهاً ثقافياً يلائم روحه، حيث يصبح هذا اللون أو التطور الجديد جزءاً أساسياً من الذات، وهذا يشير إلى الجانب الإيجابي في الذات الفردية التي يفترض أن تكون طليقة بصرف النظر عن مكان وزمان تواجدها، وهذه الانطلاقة التي تشكل الذات، هي جزء لا يتجزأ من ذلك الحلم الذي يجسد آدمية الكائن البشري حيثما حل وارتحل.
* تعليق
كتبت د. الشوملي بجانب عملها المعروض في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية: «العمل هو استكمال لما أسعى إليه بالتركيز على الموروث الثقافي التراثي المتعلق بزينة المرأة الإماراتية، ووضعه في قالب تشكيلي معاصر ومختلف، بحيث يوفر للمتلقي قراءة رسالة بصرية فنية، كما أن تأثري وتفاعلي مع بيئتي ينعكس بشكل مباشر في أعمالي الفنية، استمراراً لتعاملي مع الموروث الثقافي بقراءة معاصرة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 16 ساعات
- البيان
متحف المستقبل عالم من الخيال والترفيه والمعرفة في قلب دبي
ومن بين هذه الوجهات يبرز متحف المستقبل كأحد أبرز المعالم التي تجسد رؤية دبي في استشراف الغد وصناعة تجارب غامرة تمزج بين التكنولوجيا والخيال العلمي، بما يلبي تطلعات العائلات والزوار من مختلف أنحاء العالم. ويضم المتحف معارض دائمة متنوعة تدمج بين التكنولوجيا والخيال العلمي تتيح للزوار من مختلف الأعمار الاستمتاع بتجارب فريدة وغامرة حول مستقبل الفضاء، والبيئة، والتكنولوجيا. كما يضم المتحف مساحات مخصصة للأطفال مثل منطقة «أبطال المستقبل»، ما يجعل زيارة المتحف تجربة عائلية متكاملة تجمع بين الترفيه، التعليم، والتواصل العائلي. يمكن للزوار الانطلاق من أحد أبرز معارض المتحف الدائمة، وهو «المحطة الفضائية المدارية أمل»، التي تنقلهم في رحلة استكشافية إلى الفضاء من خلال تجربة محاكاة متقدمة.


الإمارات اليوم
منذ 16 ساعات
- الإمارات اليوم
أنشطة «التعليم والمعرفة» تركّز على الذكاء الاصطناعي ومهارات المستقبل
يتضمن برنامج الأنشطة الصيفية 2025 لدائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي، أكثر من 60 فعالية ونشاطاً متنوّعاً، بينها أكثر من 15 برنامجاً متخصصاً في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتعلّم الآلة، والتقنيات المتقدمة. وينفذ البرنامج بالتعاون مع نخبة من الجامعات الرائدة مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، وجامعة خليفة، وجامعة أبوظبي. وأكدت الدائرة أن نسخة هذا العام تتميز بأنها صممت بناء على منهجية تشاركية، حيث جرى أخذ آراء أولياء الأمور في الاعتبار لتلبية احتياجات مختلف فئات الطلبة، بمن في ذلك أصحاب الهمم، مع التركيز على أن تكون الأنشطة قائمة على التطبيق العملي وتخدم أهدافاً تربوية وتنموية شاملة. وتشمل الإضافات الجديدة في نسخة هذا العام برامج نوعية في ريادة الأعمال، والوعي المالي، والتطوير المهني، مثل برنامج «قادة الأعمال الشباب»، وبرنامج «فلوسك ناموسك»، وبرنامج «مهن المستقبل»، إلى جانب أنشطة في مجالات الفنون، الطهي، القراءة، الكتابة، الرياضة، البرمجة، والابتكار. وستُقام الأنشطة حضورياً في وجهات تعليمية وثقافية بارزة في أبوظبي والعين والظفرة، منها متحف اللوفر أبوظبي، مدرسة 42 أبوظبي، المنطقة الإبداعية ياس، ومقر دائرة التعليم والمعرفة، فضلاً عن برامج إضافية تنفذها جهات متخصصة لضمان تجربة تعليمية غنية لكل طالب. وأوضحت الدائرة أن البرنامج يستهدف ترسيخ حب التعلّم مدى الحياة، وتمكين الطلبة من مهارات القرن الـ21، وتعزيز الشمولية وتكافؤ الفرص. ولايزال باب التسجيل مفتوحاً، وسط توقعات بزيادة الإقبال مقارنة بالسنوات الماضية، مدفوعاً بتوسّع نطاق البرامج وتنوّع الشراكات النوعية.


الإمارات اليوم
منذ 16 ساعات
- الإمارات اليوم
«حوبة» الإماراتي إلى العالمية من بوابة «فانتاستيك فِست 2025»
أعلنت «إيمج نيشن أبوظبي» و«سبوكي بيكتشرز» أن الفيلم الروائي «حوبة»، وهو عمل من فئة الرعب النفسي والتشويق، للمخرج الإماراتي ماجد الأنصاري، سيحتفل بعرضه العالمي الأول في مهرجان «فانتاستيك فِست» في سبتمبر المقبل. ويُعد المهرجان، الذي يُقام في أوستن بولاية تكساس، إحدى أبرز المنصات العالمية لعرض الأعمال السينمائية الجريئة التي ترتقي بالحدود السينمائية المألوفة. ويُعد فيلم «حوبة» أول فيلم إماراتي ناطق بالعربية يتم إنتاجه في إطار التعاون بين «سبوكي بيكتشرز» و«إيمج نيشن أبوظبي»، ويقدم قصة مؤثرة تأسر المشاهد مع أجواء الرعب المشوّقة. وتدور أحداث الفيلم حول أماني (الممثلة الإماراتية بدور محمد)، الزوجة المخلصة التي تنقلب حياتها رأساً على عقب عندما يعود زوجها إلى المنزل مصطحباً زوجة ثانية هي زهرة (سارة طيبة، المخرجة والفنانة السعودية). ولكن مع زهرة، يصل إلى البيت ظلام خفي يبدأ في التسلل إلى أرجائه، ليمتحن حدود الولاء والحب والبقاء. ويضم طاقم العمل أيضاً جاسم الخرّاز في دور الزوج خالد، وإيمان طارق في دور الابنة نور. وخلف الكاميرا، ينضم إلى ماجد الأنصاري نخبة من المنتجين البارزين هم: روي لي، وستيفن شنايدر، وديريك داوتشي، ورامي ياسين، فيما يتولى محمد حفظي وياسر الياسري مهام الإنتاج التنفيذي. وبعد عرضه العالمي الأول في مهرجان «فانتاستيك فِست»، من المقرر أن يُعرض الفيلم في دور السينما بالإمارات بتاريخ 30 أكتوبر 2025.