
من طرد الفلاح إلى طرد الساكن
جمال رشدي
جمال رشدي
من لا يتعلم من دروس الماضي، يخسر الحاضر، ويعيد إنتاج الفشل في المستقبل.. في يونيو عام 1992، أصدر مجلس الشعب القانون رقم 96 لسنة 1992، المعروف باسم "قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر في الأراضي الزراعية". لكنه في الواقع، كان قانون طرد الفلاحين، حيث أنهى العلاقة التاريخية بين الفلاح المصري والأرض، وأطاح بما تبقى من مكتسبات الإصلاح الزراعي التي رسّخها قانون 178 لسنة 1952.
أعطى القانون مهلة خمس سنوات فقط انتهت في أكتوبر 1997، ليجد قرابة مليون فلاح أنفسهم مطرودين من أراضٍ عاشوا عليها وزرعوها لعقود، دون توفير أي بدائل أو حماية اجتماعية.
الأثر كان مدمرًا على الأمن القومي:
فقدان الأمن الغذائي الوطني
تفكيك البنية الإنتاجية للريف المصري
اعتماد متزايد على استيراد القمح، الذرة، اللحوم، والألبان
خضوع القرار الاقتصادي لضغوط الدولار والتمويل الخارجي
كان الفلاح المصري يمثل وحدة إنتاج مكتملة: يزرع، يخبز، يربّي المواشي، ويؤمن الغذاء لأسرته ومجتمعه. بطرده، تحولت القرية إلى كتلة من الفقر والفراغ.
ظهور التوكتوك: بغياب الزراعة وتربية المواشي، فقد أبناء الفلاحين عملهم الطبيعي. فظهر "التوكتوك" كبديل سريع، وأصبح الشاب الذي كان يحصد القمح، والطفل الذي كان يرعى الماشية، سائقًا دون هوية إنتاجية. ومن هنا بدأت ظاهرة التوكتوك، التي تحولت لاحقًا إلى أزمة أمنية واجتماعية، نتاج مباشر لهذا القرار.
صعود التطرف السياسي: في ظل هذا الفراغ، تسللت جماعة الإخوان المسلمين إلى القرى، وجنّدت آلاف المهمشين، ما أدى لاحقًا إلى صعودهم السياسي في برلماني 2005 و2010، قبل أن يستولوا على الحكم عام 2013. الفقر والتهميش كانا البوابة الذهبية للتمكين الجماعاتي.
واليوم نُعيد نفس الخطأ: مشروع قانون الإيجار القديم، الذي أُحيل مؤخرًا إلى مجلس النواب، يهدد بطرد ملايين المواطنين من منازلهم، فالأرقام تشير إلى ما يقرب من 2.5 مليون وحدة سكنية، تضم أكثر من 15 مليون مواطن. النائب مصطفى بكري وصف المشروع بأنه "كرة لهب"، لكن الحقيقة أنه أخطر من ذلك بكثير.
هل استوعبنا درس 1992؟ هل هناك خطة واضحة للدولة بشأن مصير هؤلاء المواطنين؟
أين الدراسات الاجتماعية والأمنية؟
هل نحكم على المجتمع من منظور حسابات السوق فقط؟
نطالب بالتالي:
عدم اتخاذ قرارات تمس الاستقرار المجتمعي دون بدائل واضحة
إشراك خبراء الأمن القومي والاجتماع في إعداد مشروعات القوانين
عدم الرضوخ لضغوط أصحاب المصالح كما حدث في التسعينات
الشعب المصري ليس أرقامًا على ورق، بل هو مجتمع حي له طاقات ومطالب وتاريخ. ومن يكرر أخطاء الماضي، يكتب سطور فشله بيده.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأسبوع
منذ ساعة واحدة
- الأسبوع
مصطفى بكري: المؤامرات تهدف لإجبارنا على قبول التهجير.. ومصر صامدة بإرادة شعبها العظيم
مصطفى بكري أحمد عبد الناصر شدد الكاتب والإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، على ضرورة الالتفاف حول الرئيس عبد الفتاح السيسي في ظل الأحداث المشتعلة التي تشهدها المنطقة العربية لاسيما العدوان الإسرائيلي على غزة وتداعياتها على الأمن القومي المصري، مؤكدا أن هناك ضغوطا شديدة تتعرض لها الدولة من أجل أن تقبل بملف التهجير والتخلي عن دعم القضية الفلسطينية لكن هذا لن يحدث في ظل تماسك الجبهة الداخلية ووعي الشعب واصطفافه حول القيادة السياسية الوطنية. وقال بكري، في تغريدة على إكس: مصر قوية بشعبها وجيشها وشرطتها، مصر قادرة على الصمود في مواجهة كل التحديات، والهدف الآن هو مصر، فالمؤمرات الداخلية والخارجية التي تتصاعد هذه الأيام هدفها كسر إرادة الوطن، وإجباره علي قبول التهجير. وأضاف بكري: الرئيس السيسي أعلنها واضحة وصريحة بأننا لن نقبل بالتهجير، ولن نكون طرفا في تصفية القضية الفلسطينية، والأيام القادمة سنشهد فيها ضغوطا شديدة ومحاولات مستميتة، لكن مصر قادرة على الصمود والمواجهة بإرادة شعبها العظيم. وتابع: خيارنا الوحيد هو الالتفاف والاصطفاف الوطني، والتوقف عن الخلافات المفتعلة، وخلق المزيد من الأزمات، فعودة الوجوه الكالحة وخونة الأوطان ليس صدفة، والتصعيد الإعلامي ضد الجيش المصري ليس صدفة، والضغوط الخارجية والتحريض ضد مصر في الخارج ليس صدفة. وواصل: ما يحدث في ليبيا والتصعيد في السودان والبحر الأحمر ليس صدفة، وخيارنا الوحيد هو المزيد من الصمود والتمسك بالثوابت.


الأسبوع
منذ 14 ساعات
- الأسبوع
أقوى رد على المشككين.. «مصطفى بكري»: لا أحد يستطيع تجاوز دور مصر في دعم القضية الفلسطينية
الرئيس السيسي في أقوى رد على المشككين في دور مصر الرائد والتاريخي لدعم القضية الفلسطينية، أكد الإعلامي مصطفى بكري أنه لا أحد يستطيع إنكار أو تجاوز دور مصر في دعم القضية الفلسطينية. وقال مصطفى بكري في تغريدة على موقع « إكس »، إنه «لاأحد يستطيع تجاوز دور مصر في دعم القضية الفلسطينيه وتقديم المساعدات إلى أهلنا». وأضاف أن «مصر تقوم بدورها، ولاتبغي شيئا، ولكن أن يأتي أحد كبار رجال الأعمال، ويغرد متجاهلا دور مصر، فهذا أمر لايصح، ويتجاوز الحقيقه التي يعرفها القاصي والداني». ومنذ اللحظة الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة عقب عملية طوفان الأقصى، كانت مصر أول دولة قدمت المساعدات لغزة، ودعا الرئيس السيسي منذ أول يوم إلى وقف العدوان، وحل الدولتين، وكشف من أول لحظة مخطط التهجير رافضا له وخلفه الشعب المصري.


بوابة الفجر
منذ 20 ساعات
- بوابة الفجر
مصطفى بكري يكشف تفاصيل جديدة عن أزمة البنزين
أكد الإعلامي مصطفى بكري، أن أزمة البنزين الأخيرة كشفت عن تلاعب متعمد من قبل بعض الأطراف "مافيا"، مشددًا على أن من خلطوا البنزين بالماء وأضروا بآلاف السيارات "لا يمكن أن يكونوا إلا متآمرين على البلد"، مطالبًا بكشف المتورطين ومحاسبتهم فورًا. وأشار بكري، خلال تقديمه برنامج "حقائق وأسرار" المذاع على قناة صدى البلد، إلى أن مطالبة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع رسمي بمحاسبة المتسببين في أزمة البنزين، تؤكد أن هناك جهات متورطة بشكل ممنهج، تهدف لإثارة الأزمات داخل مصر، معتبرًا أن ما حدث لا يمكن أن يكون مجرد خطأ عابر. وأوضح بكري أنه تقدم ببيان عاجل إلى مجلس النواب حول الأزمة، وقد ردت الحكومة على لسان المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية، مؤكدة وجود "حالات محدودة" من غش البنزين. وأوضح مصطفى بكري، أن رد لجنة مشتركة من وزارتي البترول والتموين قامت بتحليل 807 عينات بنزين من مختلف المحافظات، وجاءت 802 منها مطابقة للمواصفات، بينما تبين أن 5 عينات غير مطابقة، مشيرة إلى صرف تعويض بقيمة 2000 جنيه كحد أقصى للمتضررين لاستبدال طرمبات البنزين التالفة، وأقل طرمبة حاليا تصل لـ30 ألف جنيه. واستدرك بكري قائلًا: "لقد مر 23 يومًا على الأزمة والبيان العاجل، ولا تزال الأمور غامضة، ولا أحد يعلم شيئًا عن نتائج التحقيقات"، متسائلًا: "هل ستكشف الحكومة عن أسماء المتورطين وحقيقة ما جرى؟ أم أن الأمر سيُطوى وكأنه سحابة صيف؟".