logo
نحو هوية سعودية للضيافة

نحو هوية سعودية للضيافة

الرياضمنذ 4 ساعات

عُرفت السعودية منذ القدم أنها أرض الكرم والضيافة، إلا أنه في خضم التحولات التنموية والسياحية الكبرى التي تشهدها المملكة في السنوات الأخيرة، أصبح من الضروري الانتقال من الضيافة كقيمة اجتماعية، إلى الضيافة كهوية سعودية وصناعة استراتيجية تؤكد مكانة المملكة الثقافية وإسهامها العميق في هذا المجال.
لا شك أن قِيَم الضيافة السعودية لها جذورها العميقة الضاربة في التاريخ، سواء في الصحراء حيث نشأ الكرم والاحتفاء بالضيف، أو في المدن حيث الترحيب جزء من الحياة اليومية. لكن أبرز ما يميز الضيافة السعودية في الحالتين هو قدرتها على أن تكون "تجربة"، لا مجرد خدمة أو تقاليد، فكل تفاصيلها، من طريقة السلام إلى تقديم القهوة والتمر السعودي، تحمل رموزاً ثقافية يمكن توظيفها لبناء تجربة ضيافية ذات طابع فريد.
إن هذا التوجه نحو تأسيس هوية سعودية في قطاع الضيافة لا ينفصل عن رؤية المملكة 2030 التي تسعى لتعزيز الثقافة كأحد محركات التنمية، وتنويع مصادر الدخل من خلال قطاعات واعدة مثل السياحة والضيافة. وفي هذا الإطار، يصبح من الضروري أن تتكامل جهود القطاعين العام والخاص في تقديم نموذج سعودي فريد يُبرز التراث ويحترم في الوقت ذاته تطلعات الزوار العصريين.
ولعل أحد التحديات التي يجب تجاوزها في هذا المسار هو القدرة على تدريب كوادر وطنية تُمثل هذه الهوية بوعي وفخر، وتتقن أدوات التواصل الثقافي مع العالم. فالعامل في مجال الضيافة اليوم لم يعد مجرّد مقدم خدمة، بل هو سفير ثقافي يحمل على عاتقه إيصال صورة المملكة للعالم بكل ما فيها من حفاوة، واحترام، وتنوع.
كما يمكن توسيع نطاق الهوية الضيافية لتشمل العمارة والتصميم الداخلي، والموسيقى، واللغة، والسرد القصصي، بحيث تصبح تجربة الضيف داخل أي منشأة سعودية شاملة ومترابطة، تُشعره أنه يعيش لحظة أصيلة لا يمكن أن يجدها إلا في المملكة.
من جهة أخرى، تُعد الضيافة المستدامة بعدًا مهمًا يجب أن يؤخذ في الحسبان ضمن هذه الهوية. فالربط بين الأصالة البيئية والتراث المحلي يمكن أن ينتج نمط ضيافة متفردًا، يعكس القيم الإسلامية والعربية في احترام الأرض والموارد، ويجعل من السياحة تجربة مسؤولة وإنسانية.
إن النجاح في صياغة هوية سعودية للضيافة لا يُقاس فقط بعدد الفنادق أو جودة الخدمات، بل في قدرة هذه الهوية على أن تُلامس مشاعر الضيوف، وتترك فيهم أثرًا دائمًا، يجعلهم يروون حكايتهم مع السعودية، لا كمجرد وجهة سياحية، بل كوطن للكرم والإنسانية والجمال.
وفي الوقت الذي تتسابق فيه الدول على تقديم نمط عالمي موحد للضيافة، استطاعت السعودية من خلال مشروع "رحلة الضيافة السعودية" الذي طرحته مجموعة "إيلاف" مؤخرًا، خلق الهوية السعودية في الضيافة الخاصة بها، وبناء نموذج ضيافي فريد مستمد من ثقافتها، يجمع بين الذوق المحلي والثقافة السعودية، وفق معايير جودة عالمية.
من المؤكد أن بناء هذه الهوية يتطلب أكثر من مجرد تصميم فندقي مستوحى من الطراز الإسلامي أو تقديم مأكولات تقليدية؛ إنه يتطلب فلسفة متكاملة تبدأ من تدريب العاملين في القطاع، وتصل إلى تفاصيل الخدمة والمحتوى الثقافي المقدم للزوار، حاملًا معه مضمونًا وروحًا يشعر بها الضيف فور وصوله وحتى مغادرته، وهو المضمون الذي قدمته مجموعة "إيلاف" فعليًّا عبر فنادقها، ومن خلال مشروعها الضيافي الشامل الذي يؤسس لهوية سعودية عالمية في هذا المجال.
مما لا شك فيه أن مشروع "رحلة الضيافة السعودية" يؤسس لوجود "هوية ضيافية سعودية" واضحة، وهو أيضًا ما سيسهم بشكل كبير في تمييز المملكة كمقصد سياحي عالمي، يمكن من خلاله التعرف على ثقافة عريقة وعصرية في آنٍ واحد. وهي الهوية التي يمكن أن تكون أحد أعمدة القوة الناعمة للمملكة، ومنصّة لسرد القصص السعودية بتلقائية وجاذبية، لتعرّف العالم بالعمق الثقافي والحضاري الذي يتمتع به إنسان هذه الأرض المباركة.
في النهاية، فإن صناعة الضيافة ليست مجرد مهنة، بل رسالة، وإذا كانت الرسالة سعودية الهوية، فإن العالم سيستقبلها بإعجاب واحترام.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غداً اختبارات المكملين.. «التعليم» تحدد عودة المدارس في العام الجديد
غداً اختبارات المكملين.. «التعليم» تحدد عودة المدارس في العام الجديد

عكاظ

timeمنذ 13 دقائق

  • عكاظ

غداً اختبارات المكملين.. «التعليم» تحدد عودة المدارس في العام الجديد

فيما تختتم مدارس البنين والبنات بمناطق ومحافظات السعودية بنهاية دوام الخميس القادم أعمال الفصل الدراسي الثالث للعام الدراسي الحالي، الذي يعد آخر الفصول الدراسية لهذا العام، تبدأ غداً (الثلاثاء)، اختبارات الطلاب والطالبات المكملين والمتغيبين بعذر عن اختبارات الفصل الثالث. وشددت وزارة التعليم، على المدارس كافة، أهمية الانتهاء من الإجراءات المتعلقة بالاختبارات وإعلان النتائج فور إنهاء أعمال التصحيح والمراجعة والرصد في نظام «نور»، وترحيل أسماء الطلبة الناجحين إلى صفوفهم الجديدة قبل تمتعهم بالإجازة الصيفية. يشار إلى أنّ الوزارة حددت الثلاثاء الموافق الـ18 من صفر للعام القادم 1447 موعداً لعودة المشرفين التربويين والهيئتين التعليمية والإدارية بالمدارس لمباشرة أعمالهم استعداداً لبداية العام الدراسي الجديد، فيما حُدد الأحد الموافق لـ23 من صفر موعداً لعودة المعلمين والمعلمات الممارسين للتدريس، على أن يكون الأحد الموافق للأول من ربيع الأول موعداً لعودة الطلاب والطالبات والبداية الفعلية للعام الدراسي الجديد. أخبار ذات صلة

الجامعة الإسلامية: 5 أيام وينتهي تسجيل الرغبات
الجامعة الإسلامية: 5 أيام وينتهي تسجيل الرغبات

عكاظ

timeمنذ 13 دقائق

  • عكاظ

الجامعة الإسلامية: 5 أيام وينتهي تسجيل الرغبات

أعلنت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، قرب انتهاء مرحلة إضافة الرغبات عبر المنصة الوطنية للقبول الموحد (قبول)، وذلك خلال 5 أيام من تاريخه. ودعت الجامعة الطلاب الراغبين في الدراسة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إلى سرعة استكمال متطلبات القبول عبر المنصة الإلكترونية قبل انتهاء المهلة المحددة، مؤكدةً أهمية الالتزام بالجدول الزمني المعتمد لضمان إتمام إجراءات التقديم. أخبار ذات صلة

«السياحة» تكثّف الرقابة في الوجهات الصيفية
«السياحة» تكثّف الرقابة في الوجهات الصيفية

الرياض

timeمنذ 4 ساعات

  • الرياض

«السياحة» تكثّف الرقابة في الوجهات الصيفية

كثّفت وزارة السياحة جهودها الرقابية في عدد من الوجهات السياحية الصيفية بمختلف مناطق ومدن المملكة، لضمان التزام مرافق الضيافة -بمختلف أنواعها- بالحصول على الترخيص اللازم من وزارة السياحة، والتأكد من جودة الخدمات المقدمة للسياح والزوار من داخل المملكة وخارجها، تزامنًا مع انطلاق موسم صيف السعودية. وشملت الجولات الرقابية عددًا من المناطق والمدن من بينها عسير، والباحة، والطائف، وجدة خلال الشهرين الماضيين. ونفذت الفرق الرقابية التابعة للوزارة أكثر من 2800 زيارة رقابية وتفقدية في الوجهات الصيفية، ووقفت الوزارة من خلال الزيارات الرقابية على مستوى جودة الخدمات المقدمة، وتوفر متطلبات السلامة، ومستوى النظافة، والتأكد من حصولها على الترخيص اللازم من وزارة السياحة لمزاولة النشاط. وشددت الوزارة على جميع مرافق الضيافة، بما في ذلك مرافق الضيافة الخاصة، في مختلف مناطق المملكة، أهمية الالتزام بتقديم خدمات عالية الجودة، وتطبيق الاشتراطات المعتمدة من قبل الوزارة، مؤكدةً أنه سيتم تطبيق العقوبات بحق المخالفين، التي قد تصل إلى غرامة مالية قدرها مليون ريال أو إغلاق المرفق أو كليهما معًا. وعقدت عددًا من الاجتماعات واللقاءات مع المستثمرين والمشغلين لمرافق الضيافة في الوجهات السياحية الصيفية، وذلك في إطار جهودها التوعوية، ووقفت خلالها على استعداد مرافق الضيافة لموسم الصيف، واستمعت إلى المقترحات والاستفسارات المقدمة من قبلهم، مؤكدة أهمية الالتزام بتطبيق الاشتراطات والحصول على ترخيص الوزارة اللازم للتشغيل. ودعت الوزارة السياح والزوار إلى الإبلاغ عن أي ملاحظات تتعلق بالخدمات المقدمة في مرافق الضيافة السياحية، عبر التواصل مع المركز الموحد للسياحة على الرقم (930)، ليتم التعامل معها بشكل فوري، بما يعزّز جودة الخدمات، ويرتقي بتجربة الزائر في مختلف الوجهات السياحية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store