logo
متحفا الغموض والتاريخ الطبيعي ببغداد.. تجربة تجمع بين الترفيه والعلم

متحفا الغموض والتاريخ الطبيعي ببغداد.. تجربة تجمع بين الترفيه والعلم

الجزيرة١٦-٠٦-٢٠٢٥

بغداد- تزخر العاصمة العراقية بالعديد من المتاحف المتنوعة التي تثري محتوى المدينة ما بين الترفيه والعلوم المختلفة، ففي الوقت الذي يأخذك "متحف الغموض" في رحلة تجمع بين العلم والتسلية، ينتقل متحف التاريخ الطبيعي بزائريه إلى عوالم مختلفة لا يمكن وصفها بالكلمات.
ويقدم هذان المتحفان تجربتين مختلفتين ولكنهما متكاملتين، إذ يجمعان بين المتعة والفائدة، ويثبتان أن بغداد لا تزال تحتفظ بمكانتها كمركز ثقافي وحضاري في المنطقة.
فكرة المتحف
يقول مدير متحف الغموض علي زهير إن الفكرة ولدت من رحم الحاجة إلى تقديم تجربة مختلفة للأطفال، تجمع بين العلم والتسلية بطريقة محببة، مضيفا خلال حديثه للجزيرة نت "متحفنا هو الأول من نوعه في بغداد، ولدينا فروع أخرى في أربيل ودهوك".
ويضيف زهير أنه مشروع المتحف بدأ بعد زيارته لإقليم كردستان العراق، حيث التقى بمهندس طرح عليه الفكرة فرحب بها على الفور.
المتحف يقدم تجربة فريدة للأطفال وتخرج عن المألوف في ألعاب الأطفال التقليدية، ويوضح زهير "نحن نقدم عالما من الخيال العلمي، يتخطى التعقيد في دراسات الفيزياء والرياضيات، ويجعل الأطفال يحبون هذه العلوم بطريقة ممتعة وشائقة".
وجهة للعائلات
يقول أشرف أنس، وهو أحد العاملين في المتحف، إن المتحف "يمثل وجهة مثالية للعائلات والأطفال والشباب، حيث يمكنهم الاستمتاع بتجربة عملية لما يتم دراسته في المدارس نظريًا"، ويضيف أشرف أنه المتحف "ينقل العلوم من الكتب إلى الواقع، ونجعلها تجربة ممتعة وشيقة للأطفال".
وأشار أنس خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن المتحف استلهم بعض الأفكار من تجارب أخرى في دول عربية وأوروبية، لكنه قام بتطويرها وتقديمها بطريقة مبسطة ومناسبة للأطفال، مؤكدا "نحن نسعى إلى خلق جو من المرح والتشويق، وفي الوقت نفسه نقديم معلومات قيمة للأطفال".
ومن بين الألعاب والتجارب التي يقدمها المتحف ما يسمى "جسر التحدي" وألعاب الألغاز، التي تساعد الأطفال على تنمية مهاراتهم العقلية والتفكير النقدي، ويقول المتحدث نفسه "نحن نؤمن بأن التعليم يجب أن يكون ممتعا، وأن الأطفال يتعلمون بشكل أفضل عندما يستمتعون".
تجربة رائعة
يقول مصطفى حسن وهو أحد مرتادي المتحف للجزيرة نت إن المتحف "تجربة رائعة وجديدة في بغداد"، إذ يقدم بشكل عملي أشياء كثيرة سبق له دراستها في المرحلة الابتدائية، ولمسها وشعر بها ما يقدم المتحف من أنشطة.
ويقول حيدر حافظ وهو زائر آخر للمتحف إن الأخير يتضمن ألعابًا لتنشيط العقل والذهن، وهي فكرة جميلة تصلح لجميع الأعمار لما تتضمنه من فوائد وترفيه، أعادته إلى أيام دراسة الفيزياء، ولكن بشكل أكثر روعة.
وأما حيدر محمد عباس، فقد أعرب عن إعجابه بجمالية الأفكار التي يضمها المتحف، مشيرا إلى أن الأطفال كانوا يشعرون بمتعة لا توصف أمام هذه التجربة.
متحف آخر
وإلى جانب متحف الغموض، يتيح متحف التاريخ الطبيعي لزواره التعرف على عوالم الكائنات الواسعة والمبهرة، وتقول مديرة مركز بحوث ومتحف التاريخ الطبيعي هناء هاني الصفار إن المتحف يحوي قاعة معروضات تضم محنطات لكائنات حية حيوانية مختلفة الأشكال، بعضها محنط والبعض الآخر جبسي يحاكي الطبيعة، بالإضافة إلى قاعة المعروضات، منوهة إلى أن للمتحف أربعة أقسام علمية هي: قسم الحشرات واللافقريات، وقسم الفقريات، وقسم الأسماك، وقسم النبات، والبيئة.
وتوضح الصفار أن المتحف تأسس في الثاني من مارس/آيار 1946 إبان عهد الملك فيصل، ولكل قسم من أقسام المتحف كادر تدريسي وفني يقوم بعدة مهام، منها التشخيص وإبداء المساعدة والمشورة لعدة جهات، مضيفة أن رواد المركز ينقسمون إلى نوعين، رواد الأقسام العلمية وأغلبهم من طلبة الدراسات العليا، حيث يعتبر المركز مرجعا وطنيا في التشخيص في العراق، كما يرتاد المتحف -وخاصة قاعة المعروضات- زوار من مختلف الأعمار، من الأطفال إلى الكبار.
ولفتت الصفار إلى أن المتحف يشهد إقبالاً كبيراً خلال الفترة الربيعية، وذلك لإقبال رحلات المدارس والكليات من مختلف محافظات البلاد.
عوالم مختلفة
ويقول سفيان السعيدي وهو أحد زوار المتحف، في حديث للجزيرة نت إن متحف التاريخ الطبيعي من أجمل المتاحف التي زارها في العراق، إذ ينقل الزائر إلى عوالم مختلفة.
ويضيف السعيدي أن المتحف يضم مجالات ترفيهية وعلمية متنوعة، تشمل التاريخ والجغرافيا والفيزياء والكيمياء، مما يجعله متحفا تاريخيا متكاملاً.
ويبدي المواطن العراقي إعجابه بتنوع المعروضات في المتحف، حيث يجد الزائر في كل ركن من أركانه عناصر من مختلفة، مما يجعله تجربة تعليمية وترفيهية متميزة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"أسرار خزنة" لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولوجيا وتتزين بفضيلة الصيام عن المثال
"أسرار خزنة" لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولوجيا وتتزين بفضيلة الصيام عن المثال

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

"أسرار خزنة" لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولوجيا وتتزين بفضيلة الصيام عن المثال

ربما تكون المجموعة القصصية "أسرار خزنة" للقاصة هدى الأحمد، الصادرة عن وزارة الثقافة الأردنية، من أوائل الأعمال الأدبية التي تتمحور حول حكايات امرأة من باديتنا، حكايات ارتكزت على قيم التضحية والوفاء، حيث تتجلى العاطفة في أجمل صورها. وترصد المجموعة في الوقت ذاته تحولات المجتمع البدوي والصراع بين الأصالة والعصرنة، وتأثير التكنولوجيا، أو بالأحرى "صدمتها"، في ثقافة بدوية ضاربة بجذورها في التاريخ، وهي تحاول التكيف مع كل ما هو جديد. تضم المجموعة 14 قصة امتازت بالبساطة وسلاسة تطور الأحداث والشخصيات، وصيغت بلغة محكية ذات لكنة بدوية في الغالب. ورغم أنها استندت إلى مخزون تراثي لحقبة الخمسينيات على وجه التقريب، فإنها أحيت مجددا مفاهيم العفة والنقاء والشهامة، وفضيلة تخزين الأسرار، وفق ما يشي به العنوان الذي جاء موفقا ومقصودا، حفاظا على القيم الاجتماعية والإنسانية، وتحصينا للمجتمع البدوي من الفتن، أو ما سمّاه الناقد رائد الحواري "الصيام" عن كشف مثالب الناس. وتقع المجموعة في 95 صفحة من القطع الصغير، وتقوم على تعدد الشخصيات رغم أن بطلتها فتاة صغيرة اسمها "خزنة"، وهو اسم دارج في المجتمع البدوي. إذ استطاعت هذه الفتاة، التي تتزين بنقاء الصحراء وأخلاقيات البداوة، أن تكسب قلوب من حولها بأخلاقها وتربيتها وقدرتها على كتمان أسرار عشيرتها والمحيطين بها، فالبدوي، وفقا لتقاليده وعاداته الأصيلة، يحفظ الأسرار ولا يتلفظ بها أو يكشفها أيّا كانت الظروف. ويحمل العنوان "أسرار خزنة"، رغم بساطته، الكثير من المعاني الإنسانية النبيلة، ففي ذاكرتنا وبيوتنا "خزنة" نحفظ فيها أسرارنا التي تبقى معنا حتى نستضاف في مساحة لا تتعدى مترا بمتر. وتحت عنوان "تلويحة"، يرى الدكتور جروان المعاني أن "أسرار خزنة" هي حكاية فتاة من البادية، ذكاؤها فطري، وهي وحيدة والديها، تعيش دلالا لكنه ليس كدلال بنات المدينة، فهي ترعى أغنام والديها وتساعد والدتها في أعمال البيت وإنتاج مشتقات الحليب. ويقول في تقديمه للمجموعة القصصية إن "خزنة" هي قصة نساء البادية، حيث العادات والتقاليد وثقافة المجتمع السائدة. وتظهر في هذه المجموعة متمردة، لكنها في واقع الحال فتاة تحمل شقاوة الطفولة حتى تصدمها الحياة بوفاة والدتها، ملاذها ومكمن طمأنينتها، وتكبر لتكبر معها همومها. وحسب رأيه، فبين إرادة الكاتبة وإرادة "خزنة"، بطلة المجموعة، تجد هدى الأحمد نفسها محاصرة بما تحمله من موروثات تقيد المرأة البدوية التي تكاد تتخلص منها بحدها الأدنى لتعيش حريتها. فالمجموعة تُعد آخر متنفس لفتاة عاشت ما بين البداوة والحضر، وكأن الكاتبة كتبت نفسها. وفي حوارها مع الجزيرة نت، تتحدث هدى الأحمد عن مجموعتها القصصية بتفصيل أكبر، وتوضح أن "أسرار خزنة" تتناول بيئة بدوية، قائلة: "لا أرى قربا بين شخصيتها التي تشكلت لتكون قوية بحكم الظروف لا متمردة، وشخصيتي، وإن التقينا في المعاناة. لذلك، أثناء كتابة المجموعة، عزفت على نوتة صحراوية بما فيها من الوحشة والسلام، والخوف والأمان". وتؤكد أن الكتابة واحدة من أهم وسائل التغيير، مضيفة أنها تدعو للتغيير وليس للانقلاب على تاريخنا البدوي، وأن شخصية "خزنة" خيالية لكن الأحداث واقعية. وإلى تفاصيل الحوار: شخصيات القاص أو المضمون ليست منفصلة عن ذات الكاتب، ما مدى قرب شخصية "خزنة" منكِ؟ يختار القاص الشخصيات بناء على نوع القصة وقدرته على توظيف الخيال، وبالتالي يشكل الأحداث، ويكون مدى قربها أو بعدها عن شخصية الكاتب مرتبطا بقرب الشخصية من البيئة التي يعيشها، فيرسم معالمها بما يتماشى مع الأحداث. هنا، في مجموعة "أسرار خزنة"، نتحدث عن بيئة بدوية لها معطياتها، يتنقل فيها الناس بشكل جماعي طلبا للماء والطعام لهم ولمواشيهم. كان ذلك حتى وقت قريب، ولكن تغيرت الأحوال واستقر الناس. وأنا ككاتبة لمجموعة "خزنة" من بنات الريف، فلا أرى قربا حقيقيّا بين شخصية "خزنة" وشخصيتي، وإن التقينا في بعض أوجه المعاناة، فالنساء في الوطن العربي يلتقين في عدد من أشكال المعاناة، خاصة فيما يتعلق بحرية الاختيار والقرار، وهنا لا أتحدث بالمُطلق. الكتابة بطقوسها تختلف من كاتب لآخر، فهناك من يفضل الكتابة صباحا أو ليلا، وآخر يبدع وسط الضجيج، وبعضهم يطلب الهدوء الكامل. أنا ككاتبة أحتاج للانفراد وإغلاق هاتفي، ولا أجهز أمورا مادية للكتابة كالقهوة أو الموسيقى، فقط أحتاج للانفراد بشخصيات قصصي لأحركهم بحسب مسارات القصة، فتتداعى الكلمات لأرتبها بشكل يتلاءم ومجريات الأحداث. وفي مجموعة "خزنة"، عزفت دوما على نوتة صحراوية فيها من الوحشة والسلام، والخوف والأمان. بالتأكيد هي من صنع الخيال، وإن كانت الأحداث واقعية جدّا. "خزنة" لا تفضح أسرار البادية، بل تصور أمورا تتكرر في بوادينا، غير أن لخزنة خصوصيتين: الأولى أنها فقدت أمها التي تحبها كثيرا ودللتها في عمر صغير، والثانية أنها ابتعدت عن ديرتها وأبيها. كل هذا جعلها تصرخ "بلا" كلما تعرضت للقهر، فكان لا بد لها أن تتمرد في لحظة ما، فترفض الزواج من ابن خالتها، وتقطع مسافة طويلة وتتعرض لحوادث في طريقها وهي تسير وحيدة. كان لا بد لها أن تكون قوية جسديّا ونفسيّا، فظهرت كمتمردة، والواقع أن شخصيتها تشكلت لتكون قوية لا متمردة. وكما تعلم، هناك فرق بين التمرد على الأعراف والتقاليد وبين التحلي بالقوة، لذا أقول لم تكن متمردة، بل فرضت عليها الظروف أن تكون قوية. ذكرتِ لي أنكِ ناضلتِ وجاهدتِ لإخراج المجموعة إلى النور، ألقي أضواء على هذه التجربة؟ أخذت مني كتابة المجموعة ما يزيد على 5 أشهر، وحتى ترى النور مكثت في أدراج وزارة الثقافة ما يزيد على السنة، لأن هناك من رأى أن المجموعة تراثية. وكما تعلم فإن طباعة الكتب مُكلِّفة، فكان لزاما عليّ أن أنتظر عاما آخر. وفي النهاية، تكلل صبري بالنجاح، حيث خضعت المجموعة للتحكيم وتمت الموافقة على نشرها بدعم من وزارة الثقافة الأردنية، مشكورة، مع أن الدعم بالكاد غطى تكاليف الطباعة. فكانت تجربة مرهقة نفسيّا، ولكن بالصبر والمثابرة خرجت هذه التجربة القصصية المغايرة، ولله الحمد، إلى النور. الكتابة رحلة جمال وأداة تغيير، ماذا عن تجربتك القصصية؟ هل نلمس من مجموعتك دعوة لثورة بيضاء في باديتنا الأردنية؟ لا شك في أن الكتابة واحدة من أهم وسائل التغيير في المجتمعات، خاصة تلك التي تتناول التراث والعادات والتقاليد. فكما تعلمون، إن سطوة وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على العالم وانتشار تكنولوجيا الاتصال جعلت تأثير المثقف يقل، إلا إذا وظّفنا هذه التكنولوجيا بشكلها السليم. ودور النشر تستغل جهد الكاتب لتحقق مكسبا ماديّا، وعليه يكون التأثير قليلا. وما أراه أن الثورات عموما جلبت لبلادنا الويلات، لذا أنا لا أدعو لثورة بيضاء أو حمراء، ولكنني أسعى أن تصل أفكاري و"خزنة" إلى طلبة المدارس والجامعات ليطلعوا على جانب من جوانب حياة المرأة في البادية، ويأخذوا منها العبرة، فيصبح الشباب أكثر وعيا وانفتاحا على أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم، وعلى المرأة عمومًا. نعم، أدعو للتغيير، ولكن ليس للانقلاب الكامل على تاريخنا البدوي، ففيه من الجمال الكثير، فعفة ابنة البادية أهم بكثير من انتشارها على "تيك توك"، ودورها في استقبال ضيوف زوجها وأبيها وهم غائبون قيمة تعطي للمرأة مكانتها، وهي أهم من إظهار مفاتنها على وسائل التواصل. هي فقط دعوة للتغيير والانفتاح المضبوط. رصدتِ في المجموعة استقبال أهل البادية للتكنولوجيا وطرق التكيف معها.. ما خلاصة عملية الرصد والتكيف؟ حتى منتصف القرن الـ20، كانت حياة أهل البادية غارقة في البساطة، فكان الجمل والدواب وسيلة التنقل الوحيدة، ثم دخلت السيارة رويدا رويدا فازداد رتم الحياة سرعة. لذا، في المجموعة، تحدثت عن أعجوبة السيارة حين جاءت زوجة مسؤول لزيارة البادية التي تسكنها "خزنة"، ورصدت الخوف واستهجان "الجني الصغير" (المذياع)، وكيف وصل الأمر بأم "خزنة" للشك بأن زوجها يحب المذيعة، فحطمته بحثا عنها ولمنعه من سماع صوتها. ونعلم جيدا أن التكنولوجيا تسارع دخولها في بلادنا بعد منتصف السبعينيات من القرن الـ20، وبداخلي فكرة لمجموعة قصصية تتناول الفترة الانتقالية بين التنقل والاستقرار وما عانته المرأة البدوية في تلك الفترة. كلنا يعلم أن للتكنولوجيا وجهها الإيجابي والمهم، غير أن سوء استخدامها أظهر بشاعتها. لذلك، نعم، حدثت فجوة وهوة حضارية لم نستطع التغلب على تأثيرها حتى الآن. فقد تخلينا عن كثير من مظاهر حياتنا وأصولها، فصار التواصل بين الأهل ينجزه الهاتف بدلا من لقاءات الأهل، وكثير من القيم والأصول أظهرتها التكنولوجيا الحديثة على أنها عبء على الحضارة، فتركنا لباسنا التقليدي، وأغانينا التي تتحدث عن بطولات أجدادنا، وغيرها الكثير من الأمور. صار "المِهباش" يُستعمل للزينة، وما عاد مظهرا من مظاهر الشيخة والكرم. وبعد هذه الصدمة والفجوة الحضارية، بدأنا ننخرط في الحداثة حتى نكاد ننقطع عن تاريخنا وبداوتنا. وأخيرا، هل هناك مشروع أدبي مستقبلي؟ "امرأة قادمة من البعيد"، هذا هو عنوان مجموعتي القصصية الجديدة التي سترى النور قريبا بإذن الله. ومن العنوان، نرى أنها تتحدث عن امرأة جاءت بأحلامها المؤجلة وعن علاقتها بالرجل، ولكن تحت عناوين مختلفة كالحب والشوق والرغبة في السفر وغيرها من الأمور. مجموعة تتناول حياة النساء بشكل أكثر وضوحا، دون المساس بكينونتها وأنوثتها. قاصّة تحفر في تراث البادية وعلى صعيد متصل، ترى الدكتورة إنعام زعل القيسي أن هدى الأحمد قاصّة أردنية تحفر في تراث البادية الأصيل، وتكشف لنا عن دفائن الصحراء الثمينة وخفايا رمالها الذهبية في "أسرار خزنة"، لتحيل المقروء الثقافي عن واقع عشناه وعاشه أهلنا إلى واقع جميل نعيشه في مخيلتنا. فـ"خزنة" ومن حولها كانوا يستمتعون بـ"الجني الصغير" (الساحر المسموع)، كما كنتُ ومن حولي نستمتع بـ"الساحر المرئي" في السبعينيات. إنها تعزف على وتر بعث الماضي وتراثه الأصيل، فيشدنا الحنين والشوق لحياة جميلة ساحرة مضت. وأوضحت في حديث للجزيرة نت أن "خزنة طفلة شقيّة وجميلة بجديلتين سوداوين وعينين تتقدان ذكاء، ترعى الغنم، وفيّة للحيوان والإنسان". وأضافت أن "الفتاة السمراء الممشوقة القوام ذات الابتسامة الرقيقة" تصر على اللحاق ببنات البادية من أترابها وتتعلم كيف تحلب الأغنام لتجد عريسا يطلب يدها، وهي تحمل في صدرها أسرارا كثيرة. فجاء اسمها مقاربا لحالها ومفتاحا لفهم مضامين القصص؛ فمثلا: "خزنة" السرّ في تحطيم الراديو وغيرة والدتها من المرأة التي تتحدث داخله، و"خزنة" سر "الحنة الضائعة" ووقوع العروس مغشيّا عليها. لقد كانت "خزنة" بمثابة الصندوق المعدني الذي يستخدم لحفظ الأشياء الثمينة. وأشارت الناقدة الأكاديمية القيسي إلى غنى الموروث الثقافي الذي تتميز به بعض قصص المجموعة، ومنها قصة "البئر الغربي" التي يستدعي مضمونها إلى ذاكرتنا قصة أوردها ابن بطوطة في رحلته، وهي قصة أهل جزيرة "ذيبة المهل" (المالديف حاليّا) الذين كان يظهر لهم شهريّا عفريت من الجن يأتي من جهة البحر، ويطلب منهم تقديم قربان له من أجمل فتياتهم ويختفي بعد أن يحوزه. وعلى الرغم من اختلاف القرابين المقدمة بين أهل البادية في "البئر الغربي" وأهل جزيرة ذيبة المهل، فإن الجهل كان السمة المسيطرة على الناس. وترى القيسي أن هدى الأحمد نجحت في "أسرار خزنة" بتقديم مشاهد من حياة المرأة البدوية وأحلامها وأمنياتها، وبيان دورها في بيئتها الاجتماعية والمشكلات التي تتعرض لها بمهارة فنية لافتة، من خلال التبئير على شخصية "خزنة" شكلا ومضمونا. كما نجحت في عرض عادات البدو وتقاليدهم ومفردات لهجتهم وعباراتهم الأصيلة، وهو أمر يعكس تشبُّع القاصة بالثقافة البدوية الأصيلة.

في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في وجه التحديث
في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في وجه التحديث

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في وجه التحديث

في أعماق قلعة أربيل التاريخية، التي تعد صرحا شامخا ومدرجا على قائمة التراث العالمي لليونسكو، تتوارى كنوز ليست مرئية بالعين، بل مسموعة بالأذن. إنها أقدم التسجيلات الصوتية في المحافظة وإقليم كردستان، محفوظة بعناية فائقة داخل محل تسجيلات ناز (سابقا) أرشيف الموسيقى الكردستانية (حاليا)، والذي يحتفل هذا العام بمرور 73 عاما على تأسيسه، ليقف شاهدا حيا على تطور صناعة الموسيقى في العراق. رحلة عبر الزمن: من الأسطوانات إلى الأقراص المدمجة يعد أرشيف الموسيقى الكردستانية أكثر من مجرد متجر، إنه مؤسسة ثقافية عريقة تسرد حكاية شغف وتفان في الحفاظ على التراث الفني. يقول أمجد قصاب، صاحب المحل وابن شقيقة مؤسسه عبد اللطيف شخمخشي، للجزيرة نت إن البدايات تعود إلى عام 1952. ومنذ ذلك الحين، واكب المحل جميع التطورات في عالم التسجيلات الصوتية. "لقد شهدنا كل مرحلة من مراحل تطور التسجيلات، بدءا من الأسطوانات القديمة التي تعود إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، مرورا بالبكرات التي ظهرت في الخمسينيات، ثم الكاسيت في عام 1969، وصولا إلى الأقراص المدمجة (CD) في عام 2000″، يقول قصاب، الذي تسلم إدارة المحل في عام 1976. وعلى الرغم من مواكبة التكنولوجيا، يشدد قصاب على أن جوهر المحل الأصيل ظل كما هو: "أكبر تحد واجهته على مر السنين هو المحافظة على هذا التراث". ورغم عدم امتلاكه لصور وثائقية قديمة، فقد حرص على حفظ الأرشيف الغني للمحل، والذي يضم أعمال فنانين عرب وأكراد بارزين مثل يوسف عمر، والقبنجي، وشهاب حسن خود. يأتي زبائن المحل من جميع المحافظات العراقية، سيما المحافظات الجنوبية والمناطق الكردية، مما يؤكد على مكانته كمركز ثقافي جامع. ويؤكد قصاب أن المحل أسهم على مدار عقود في "تعريف سكان أربيل بكل ثقافات الشعوب من الفن والغناء"، كما كان محط جذب لمحبي الموسيقى وأسهم في اكتشاف ومساعدة فنانين على الوصول إلى الشهرة، مثل الفنانين ريبر حيدر ورشوان شيخاني وغيرهم. دعوة لحماية التراث الفني من "التشويه" مع التطور التكنولوجي المتسارع، يطرح مدير معهد الفنون الجميلة في أربيل، زيرك أمين، رؤيته حول العلاقة بين الشباب والتراث الفني القديم. وأشار أمين خلال حديثه للجزيرة نت إلى أن التكنولوجيا الحديثة تحمل في طياتها جوانب إيجابية وسلبية فيما يتعلق بالحفاظ على هذا الإرث الثقافي. وأضاف أن عددا كبيرا من الشباب يستمعون إلى الأغاني الفولكلورية والتراثية عبر التقنيات الحديثة، لكنه يحذر بشدة من ممارسات "الريميكس" التي تغير من جوهر الأغنية الأصلية. "السلبية تكمن في تغيير نكهة وحس الأغنية عن طريق إدخال آلات جديدة وتأثيرات أو إيقاعات حديثة، مما يؤثر سلبا على الطعم الأصيل للتسجيل القديم وصوت المغني الأصلي، فهذا يدمر الأغنية ويغير أسلوبها". وفي نصيحة للشباب المتحمس لاستخدام التكنولوجيا في التراث، يؤكد أمين: "إذا أردت إحياء التراث بشكل جميل أو بطريقة جديدة، يجب أن تأخذ الأغنية وتعيد توزيعها وتأليفها من جديد بشكل كامل". وعلى الرغم من مخاوفه، يعرب أمين عن سعادته برؤية الشباب في أماكن الموسيقى الحية يطلبون الأغاني القديمة، مما يعكس اهتماما بالتراث، داعيا إلى ضرورة أن تتحمل المؤسسات الحكومية مسؤولية الحفاظ على هذا الإرث. وشدد على الحاجة الملحة لإنشاء مكتبات وطنية متخصصة لحفظ التراث العراقي والكردي. يعبر عن أسفه لعدم وجود مثل هذه المؤسسات في العراق أو إقليم كردستان، مما يفتح الباب أمام سرقة الألحان الكردية والعراقية من قبل دول أخرى ونسبتها لنفسها، مشيرا إلى غياب قوانين حقوق الملكية الفكرية في البرلمان العراقي لحماية هذا التراث. سحر الماضي في أذن الحاضر يعكس المواطن مصعب غازي، أحد محبي الموسيقى القديمة، الأسباب الجوهرية لتفضيله للأغاني القديمة، أبرزها اللحن الأصيل والكلمات المعبرة التي كانت سمة بارزة لتلك الحقبة. يقول غازي للجزيرة نت إن "الأغاني الصاخبة في الوقت الحاضر لا ترقى إلى مستوى الطرب الأصيل القديم"، مشيرا إلى الفارق الكبير في المحتوى الفني والعمق العاطفي بينهما. ويشدد على ضرورة تحقيق التوازن بين الفن القديم والحديث، مؤكدا أنه "إذا أردنا الموازنة بين القديم والحديث، فيجب علينا أن نحافظ على القديم ونطور الجديد". بدوره، يؤكد المواطن الكردي سيدار شنكالي أن الشباب الكردي يولي اهتماما كبيرا للتراث والفن القديم، لما يحملانه من قيمة جمالية عميقة. يقول شنكالي للجزيرة نت إن الفن القديم "يعبر عن تاريخنا وماضينا الجميل"، مشيرا إلى أن الماضي كان أجمل مقارنة بالحاضر. ويعزو ذلك إلى قلة الأجهزة وعدم وجود التكنولوجيا في السابق، مما أضفى على تلك الفترة طابعا هادئا وجميلا. ويضيف: "كانت الموسيقى هادئة والأغاني رقيقة، تعبر عن فن وتراث الأكراد بأجمل ما يكون".

علي بن الجهم شاعر عراقي وصاحب قصيدة "عيون المها بين الرصافة والجسر"
علي بن الجهم شاعر عراقي وصاحب قصيدة "عيون المها بين الرصافة والجسر"

الجزيرة

timeمنذ 7 أيام

  • الجزيرة

علي بن الجهم شاعر عراقي وصاحب قصيدة "عيون المها بين الرصافة والجسر"

تأمـــــلات علم من أعلم أعلام العراق، عرف بإنشاده الشعر الجميل والبسيط، اشتهرت له قصة مع الخليفة المتوكل، حيث مدحه في قصيدة بكلمات خشنة، لكن تبيّن للرواة المهتمين أنها كانت مزورة. اقرأ المزيد المصدر: الجزيرة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store