قراءات قصصية للزيود وأبو حليوة تتأمل حكايات القرى وتنتصر للمقاومة
الزرقاء
أقيمت أمسية قصصية في فرع رابطة الكتّاب الأردنيين في مدينة الزرقاء مساء يوم الثلاثاء الماضي، حيث شارك فيها كل من القاص الدكتور محمد عبد الكريم الزيود والقاص الأستاذ أحمد أبو حليوة، وقدمهما عضو الهيئة الأدارية في فرع الرابطة القاص الدكتور عيسى حدّاد بحضور الرئيس الشاعر مأمون حسن وعدد من أعضاء الهيئة الإدارية والعامة والمهتمين بالشأن الثقافي.
استهل القاص الدكتور عيسى حدّاد الأمسية بالترحيب بالحضور والمشاركين مُقدِّمًا للقاص الدكتور محمد عبد الكريم الزيود بقوله: أكاديمي وقاص وروائي، كتب القصة القصيرة مبكرًا من خلال البرنامج الإذاعي « أقلام واعدة «، وشارك في عدة أمسيات قصصية في الجامعات الأردنية والروابط الثقافية وفي المدن الأردنية والمهرجانات المحلية، ونشر بعضها في صحف محلية وعربية، صدرت له مجموعتان قصصيتان: «ضوء جديد» و»وحيدًا كوتر ربابة» ، كما صدرت له رواية «فاطمة» (حكاية البارود والسنابل)، كتب نصوص عدة أفلام قصيرة وطنية ومنها، كذلك أعدّ وقدّم برامج إذاعية في إذاعة القوات المسلحة الأردنية/ الجيش العربي، وهو عضو رابطة الكتّاب الأردنيين والاتّحاد العام للكتّاب والأدباء العرب، وقد عمل عضوًا في اللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة، وحاليًّا هو عضو لجنة المصنفات الخاصة في دائرة المكتبة الوطنية/ وزارة الثقافة الأردنية منذ عام 2023، وهو من مواليد الهاشمية/ الزرقاء، ويحمل درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال من جامعة ماليزيا، ويعمل أستاذًا مساعدًا في جامعة الشرق الأوسط في العاصمة عمّان.
وقرأ الزيود من مجموعة «وحيدًا كوتر ربابة» قصة «بطل» وهي سيرة شخصية لفتى في القرية يبحث عن البطولة وهو يعبر الأشجار والبساتين ويتابع الحصادين، حيث تنقلنا القصة برواية بطلها لتلك المساحات من الدفء والبساطة والحكايا المخبأة. وأما قصة «مقلوبة» ففيها من أساطير القرى وخرافاتهم الكثير، إذ كيف تمرّ الفتاة ولا تقلب الحذاء، لتصاب بلعنة المبروك الذي تخافه ويعالجها من السحر، وهي خرافات القرى المسكونة في حكايات الناس التي لا تنتهي. في حين جاءت قصة «نسكافيه» رومنسية الطابع لعلاقة حبّ من طرف واحد، يكتب لها الرسائل وهي تقرأ، وتتحضّر لموعد غرامي جديد، وهو ما زال ينتظر عودتها له، هو الأمل الذي يعيش فيه البطل، ما زال يكتب لها، وما زالت تقرأ بلا جواب. في حين تحدّثت قصة «رقصة» عن امرأة غجرية يتابع رقصها بطل القصة متأملًا كلّ الغواية فيها، يدور معها ويقترب منها، تجذبه إليها ليرقص، ويدور معها، لتكون هي حلمًا دائمًا له يأتيه كلّ ليلة لا أكثر. واختتم الزيود قراءته القصصية بقصة «المنتصف وأشياء أخرى» التي فيها طرح أسئلة العلاقات الإنسانية، وأعاد مترادفات المنتصف: نصف صفحة، منتصف الطريق، قهوة وسط، موضّحًا كيف يأخذ التردّد البطل وهو عائد من السفر، إذ يضعه المنتصف بلا قرار وفي منطقة التردد.
وقدّم مدير الأمسية القصصية القاص الدكتور عيسى حدّاد القاص الأستاذ أحمد أبو حليوة بقوله: أحمد أبو حليوة قاص أردنيّ الجنسيّة والحياة، فلسطينيّ الأصل والحنين، ولد في العاصمة السّوريّة دمشق عام 1974. عاش طفولته الأولى في مدينة الزّرقاء، وتلقى تعليمه الأساسيّ والثّانويّ في العاصمة عمّان. حصل على شهادة البكالوريوس في اللّغة العربية وآدابها من جامعة دمشق عام 1997، ويعمل منذ ربع قرن معلمًا في وزارة التّربية والتّعليم الأردنيّة. وله ثلاث مجموعات قصصيّة هي: «سعير الشّتات» و»رجل آخر» و»على قيد اللجوء». وهو صاحب صالون أدبيّ أقامه في منزله عام 2004 يُعرف باسم «البيت الأدبيّ للثقافة والفنون»، حيث يُعدّ المؤسّس والمدير له منذ واحد وعشرين عامًا دون انقطاع. هو أيضًا مُحرّر ثلاثة كتب جماعية للبيت الأدبيّ تحمل عنوان اثنا عشر، وقد شارك منذ عام 1994 في مئات الأمسيات القصصيّة والفعاليات الأدبيّة والمهرجانات الثقافيّة. كما قدّم خمسة أعمال مسرحيّة موندراميّة كان المؤلّف والمخرج لها والممثّل الوحيد فيها. وله برنامج أسبوعيّ فيسبوكيّ مباشر من إعداده وتقديمه وإخراجه، أطلقه مطلع عام 2020 بعنوان «سهرة مع أحمد أبو حليوة».
وقرأ القاص أبو حليوة من مجموعته القصصية الأولى «سعير الشتات» الصادرة عام 2004 قصة «سعير الشتات» والتي تحدّثت عن فدائي يستعيد ذكريات المقاومة الفلسطينية منذ ثلاثين عامًا وهو ذاهب لملاقاة صديقته الفدائية التي قاسمته بعض الذكريات، معبرًا عن سعير الشتات وألم اللجوء وتعدّده الذي يحياه الإنسان الفلسطيني. كما قرأ قصة ثانية بعنوان «رجل آخر» وهو عنوان المجموعة الثانية التي صدرت له عام 2015، وهذه القصة أخذت بعدًا فلسفيًّا من خلال الحديث عن الاغتراب النفسي والسعي الدؤوب نحو إيجاد الذات عبر البحث عنها هنا وهناك. وأما القصة الثالثة التي قرأها فهي قصة اجتماعية من مجموعته القصصية الثالثة «على قيد اللجوء» قصة «ميسان»، وهي قصة تدور حول فتاة طموحة تستغل جسدها لتحقيق أهدافها في تطورها الوظيفي على حساب القيم والعادات والتقاليد التي تربت عليها وضربت بها عرض الحائط عندما كبرت.
ودار حوار قيم بين الحضور والقاصين حول ما جاء في قصصهما من أفكار ورؤى ومفاهيم أثارت بعض الأسئلة لدى الجمهور وكذلك إعجابهم حول ما جاء من جماليات إبداعية في أسلوب القصص التي جاءت متنوعة في مواضيعها وطرق طرحها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 2 أيام
- عمون
الهاشمية تحصد المركزين الأول والثاني في جائزة القراءة الحرة والكتابة الإبداعية
عمون - تألق طلبة الجامعة الهاشمية في سماء الإبداع خلال مشاركتهم في "جائزة الدكتور يعقوب ناصر الدين للقراءة الحرة والكتابة الإبداعية" التي نظمتها جامعة الشرق الأوسط في دورتها الرابعة، وشهدت المسابقة منافسة قوية ومشاركة واسعة من طلبة الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة. وتمكن طلبة الجامعة من حصد المراكز الاولى في المسابقة التي شاركت فيها الطالبة شيماء المسلوقي من كلية الصيدلة، وفازت بالمركز الأول في مجال القراءة الحرة، كما نالت الطالبة هداية علي من كلية الآداب المركز الأول في مجال القصة القصيرة عن قصتها "ميرمية على درب الحرية"، كما جاء في المركز الثاني في مجال القصة القصيرة: الطالبة جمانة الفياض من كلية الأعمال. وأشاد عميد شؤون الطلبة الاستاذ الدكتور باسل المشاقبة للطلبة بإنجازات الطلبة التي تظهر تميزهم في مجالي القراءة والكتابة الإبداعية، مؤكداً على أن هذه الجوائز تُبرز اهتمام الجامعة بدعم الطاقات الشبابية وتمكينهم من التعبير بلغة عربية رصينة وفكر ناضج، مما يسهم في رفد الحركة الثقافية والأدبية في الأردن، معرباُ عن فخر الجامعة واعتزازها بهذه الإنجازات التي يحققها طلبة الجامعة الهاشمية، والتي تعكس مستوى التفوق والإبداع الذي يتمتع به طلبة الجامعة في مختلف المجالات.

الدستور
منذ 6 أيام
- الدستور
رمزية العنوان في رواية فاطمة: حكاية البارود والسنابل
د. نهال عبد الله غرايبة* رواية «فاطمة: حكاية البارود والسنابل» للكاتب الدكتور محمد عبد الكريم الزيود، صدرت عام 2021 عن دار الآن ناشرون في عمّان، وتتألف من 224 صفحة. تُعد الرواية عملاً أدبياً واقعياً تسجيلياً، يرصد حياة فاطمة، امرأة بدوية أردنية، وما مرت به من معاناة وفقدان خلال الفترة من منتصف الأربعينيات إلى الثمانينيات من القرن العشرين. كما تُعد الرواية عملاً أدبياً يتجاوز حدود السرد التقليدي ليصبح وثيقة ثقافية ووطنية تعكس تجربة الأردن وأبنائه. في الإطار التاريخي والاجتماعي: تدور الأحداث في قرى الزرقاء، خاصة ضمن إطار عشائر بني حسن، وتعكس التحولات الاجتماعية والاقتصادية في الأردن، من حياة التنقل والرعي إلى الزراعة والاستقرار، مع إبراز دور الجيش العربي في دمج الأردنيين في بناء الدولة. تتناول الرواية أحداثاً تاريخية مثل استشهاد الملك عبدالله الأول (1951)، نكسة 1967، وتداعيات النزوح والهجرة. وتعد شخصية فاطمة: رمزًا للمرأة الأردنية التي تكافح في وجه الفقر والخسارة. تجسد قصتها الفقد (مثل وفاة شقيقها حمدان في ليلة زفافه)، الانكسار، والأمل المتجدد. تُصور كشخصية تعكس هوية الوطن وتحمل قيم الكرم والصبر. أما الشخصيات الثانوية فتظهر شخصيات مثل حمدان (شقيق فاطمة)، سلمان الراعي، وعلي الشهيد، لتعزز السرد وتبرز قيم المجتمع الأردني، من إنسانية وإصرار الرمزية: العنوان يحمل دلالات عميقة؛ «البارود» يمثل التناقضات (الحرب والسلم، الموت والحياة)، بينما «السنابل» ترمز للخير والأمل. الرواية تسرد حكاية وطن من خلال حياة أفراده. أما الأسلوب واللغة فيتميز أسلوب الزيود بالبساطة والتشويق، مع لغة غنية بالموروث الشعبي والأساطير المحلية، مما يجعل الرواية عملاً أدبياً محلياً متجذراً في الثقافة الأردنية. وهناك من النقاد، مثل د. دلال عنبتاوي ود. خالد الميّاس، ممن أشادوا بقدرة الكاتب على تقمص الشخصيات ونقل تفاصيل الحياة الريفية بدقة، مع إبراز الهوية الوطنية. بالنسبة لأهمية الرواية تُعد الرواية وثيقة أدبية تسجل تاريخ الأردن وتحولاته الاجتماعية، وتحتفي بالهوية الوطنية الديناميكية التي تتطور مع الزمن. وقد استلهم الزيود فكرة الرواية من نص لهاشم غرايبة عن شخصية «آمنة»، لكنه ركز على فاطمة لتمثل آلاف النساء الأردنيات. وهذا ما أشار إليه محمد أبو رمان في مقالته («فاطمة ..» الهوية والوطن). رمزية العنوان يبرز عنوان الرواية كعنصر مركزي يحمل في طياته رمزية عميقة، حيث يتشابك فيه الإنساني بالتاريخي، والشاعري بالدرامي، ليصوغ رؤية فنية متكاملة. من خلال ثلاثية «فاطمة»، «البارود»، و»السنابل»، ينسج العنوان حكاية تجمع بين الصمود والصراع، الأمل والخسارة، ليعكس ليس فقط قصة امرأة، بل هوية شعب ووطن. هذا المقال النقدي يحلل رمزية العنوان، مستكشفاً كيف يشكل بوابة لفهم السرد ومرآة للهوية الأردنية. فاطمة: رمز المرأة والهوية الجمعية يبدأ العنوان بـ»فاطمة»، وهو اسم يحمل دلالات شعبية وعربية، يستحضر صورة المرأة الأردنية البدوية التي تجسد الصبر والقوة. فاطمة ليست مجرد بطلة فردية، بل رمز للمرأة التي تحمل على كتفيها وطأة الزمن والتحولات، فإن فاطمة هي «حكاية وطن»، إذ تجسد من خلال معاناتها – مثل فقدان شقيقها حمدان ومواجهة الفقر – تجربة الأردن في مرحلة تشكله الاجتماعي والسياسي من الأربعينيات إلى الثمانينيات. رمزية فاطمة تتجاوز الفردية لتصبح أيقونة للهوية الوطنية، حيث يرى القارئ فيها الأم، الأخت، أو الجارة، مما يعزز الارتباط العاطفي بالنص. إن اختيار اسم «فاطمة» ليس اعتباطياً، بل يحمل طابعاً ثقافياً متجذراً في المجتمع الأردني. فهو اسم مألوف يحمل دلالات الطيبة والصمود، مما يجعل البطلة ممثلة لآلاف النساء اللواتي شكلن العمود الفقري للمجتمع الريفي. هذه الرمزية تجعل فاطمة مركز العنوان، حيث تدور حولها الثنائية الدرامية للبارود والسنابل. البارود: رمز الصراع والقوة يأتي «البارود» كعنصر ثانٍ في العنوان، حاملاً دلالات الصراع والدمار، ولكنه أيضاً يرمز إلى القوة والدفاع عن النفس. في سياق الرواية، يعكس البارود التحديات التي واجهها المجتمع الأردني، سواء في الأحداث التاريخية كالنكسة (1967) أو دور الجيش العربي في بناء الدولة. على المستوى الفردي، يمثل البارود اللحظات المأساوية في حياة فاطمة، كوفاة حمدان في ليلة زفافه، وهي لحظة تحمل طابع الانفجار العاطفي والاجتماعي (الزيود، 2021، ص 45). البارود، كمادة سريعة الاشتعال، يعبر أيضاً عن الطباع البدوية الحماسية التي تظهر في شخصيات ثانوية مثل سلمان الراعي أو علي الشهيد. رمزية البارود تمتد لتشمل التناقضات الكامنة في الحياة البدوية: الحرب والسلم، الموت والحياة. فهو ليس فقط أداة للصراع، بل رمز للدفاع عن الكرامة والأرض. الناقد د. خالد الميّاس يرى أن البارود في الرواية يعكس «الروح القتالية التي شكلت جزءاً من الهوية الأردنية»، هذه الرمزية تضفي على العنوان طابعاً درامياً، موحية بأن الحكاية ليست هادئة، بل مشحونة بلحظات صدام وتحول. السنابل: رمز الحياة والتجدد في مقابل البارود، تأتي «السنابل» كرمز للحياة، الخصوبة، والأمل. في الثقافة الأردنية الزراعية، السنابل هي ثمرة الأرض ومصدر الرزق، وتعكس القدرة على النماء رغم القسوة. في الرواية، ترتبط السنابل بالتحول من حياة التنقل البدوية إلى الاستقرار الزراعي، وهو تحول تاريخي شهده الأردن خلال القرن العشرين. فاطمة نفسها تُوصف بأنها «كالسنابل التي تنحني تحت وطأة الريح، لكنها لا تنكسر» (الزيود، 2021، ص 45)، مما يجعلها رمزاً للأمل المتجدد رغم الخسارات. السنابل، كما أشار د. الميّاس، تمثل «الخير الذي ينبت من رحم المعاناة». هذه الرمزية تضفي على العنوان بعداً شعرياً يوازن بين الدمار الذي يمثله البارود والحياة التي تجسدها السنابل. الناقدة د. دلال عنبتاوي تلخص هذا التوازن بقولها إن العنوان يجسد «الهوية الأردنية التي تقاوم بالبارود وتنمو بالسنابل» ، إذن السنابل ليست مجرد رمز زراعي، بل تعبير عن استمرارية الحياة وتجددها في وجه التحديات. حكاية: السرد الشعبي والهوية الجمعية كلمة «حكاية» في العنوان تضفي طابعاً شعبياً وشفوياً، مستحضرة تقاليد الرواية البدوية حول النار. إنها تشير إلى أن قصة فاطمة ليست مجرد رواية فردية، بل حكاية جمعية تعكس تجربة شعب. هذا الاختيار يعزز البعد التسجيلي للرواية، التي تستلهم من شخصيات حقيقية (كما أشار الزيود إلى إلهامه بنص هاشم غرايبة) لكنها تُصاغ بأسلوب أدبي. كلمة «حكاية» تجعل النص ملكاً للجميع، بعيداً عن النخبوية، وتدعو القارئ للتفاعل معه كجزء من تراثه الثقافي. التكامل الرمزي: ثنائية الحياة والموت إن أبرز ما يميز رمزية العنوان هو التكامل بين البارود والسنابل، اللذين يمثلان ثنائية متناقضة ظاهرياً – الدمار والنماء – لكنهما يكملان بعضهما في سياق الرواية. البارود يعبر عن لحظات العنف والخسارة، بينما السنابل تمثل القدرة على التجدد. هذا التوازن يعكس فلسفة الحياة البدوية التي تجمع بين القوة والصبر، ويترجم الهوية الأردنية التي شكلتها الصراعات والإنجازات. كما أن العنوان يثير فضول القارئ من خلال هذا التناقض، داعياً إياه لاستكشاف كيف يمكن لامرأة مثل فاطمة أن تجمع بين عالمي البارود والسنابل. إن عنوان «فاطمة: حكاية البارود والسنابل» ليس مجرد وصف للرواية، بل مرآة تعكس جوهرها الفني والفكري. فاطمة ترمز للمرأة والوطن، والبارود يجسد الصراع والقوة، والسنابل تعبر عن الحياة والأمل، معاً، تشكل هذه العناصر بوابة لفهم السرد كحكاية إنسانية ووطنية، تجمع بين الموت والحياة، الخسارة والتجدد. في سياقه الثقافي، يتجذر العنوان في التراث الأردني، حيث البارود والسنابل جزء من الحياة اليومية، مما يجعله ليس فقط مدخلاً للرواية، بل رمزاً للهوية الديناميكية التي تحتفي بها. إن هذا العنوان، بتوازنه بين الدرامي والشاعري، يؤكد مكانة الرواية كعمل أدبي يستحق الدراسة والتأمل. * أكاديمية وباحثة أردنية/ أستاذ مساعد/ قسم اللغة العربية وآدابها/ الجامعة الإسلامية بمينيسوتا/ المركز الرئيسي


الدستور
٠٨-٠٥-٢٠٢٥
- الدستور
«قطرة الحياة» مسرحية شعرية للفتيان
د. زياد أبولبنعلى قلّة الذين كتبوا مسرحيات شعرية للأطفال أو الفتيان، تواصل الكتابة بإصدار جديد للدكتور أحمد عرفات حامد الضاوي بعنوان: «قطرة ماء»، وقد صدر عن وزارة الثقافة عام 2022، وسبق أن أصدر الكاتب أحمد الكواملة عدداً من المسرحيات للأطفال ، وأيضاً الكاتب حسن ناجي، كمثالين من بيّن كتّاب أدب الطفل البارزين في الأردن.تتألف مسرحية «قطرة الحياة» من خمسة مشاهد أو خمس لوحات: الغيمة: تستعرض قدرتها على منح المطر، الرياح: تردُّ على الغيمة وتستعرض دورها في تشكيل المطر، الشمس: تستعرض دورها وتردُّ على الغيم والرياح، البحر: يردُّ على الجميع مستعرضاً قدرته على منح المطر للإنسان، الأرض: تتدخل بلغة تصالحية بين الجميع. ومن عناوين المشاهد نستطيع أن نتبيّن المضامين التي تنطوي عليها المسرحية، والتي تكشف عن العنوان الرئيس للمسرحية، ونرى التقاطعات بين عنوان المشاهد، فكلّ منها له دور يكتمل في بعث الحياة على الأرض، التي هي مصدر إلهام للغيمة والرياح والشمس والبحر. فكلّ من هذه العناصر له القدرة الناقص على بعث الحياة، فلا يكتمل إلا بوجود الآخر، ويبدو من اللوحة الأخيرة (الأرض) في المشاهد الخمسة، أن هذه العناصر في خصام فيما بينها، فهذه العناصر لم تدرك أنها مجتمعة هي «قطرة الحياة».تستعرض «الغيمة» قدرتها على منح المطر، ويشي هذا الاستعراض أنها هي الوحيدة في الكون الذي يفرح الإنسان والشجر، ولولاها «لمات الزرع والشجر»، فلا يضاهيها أحد في هذا الكون بما تجود به من عطاء للإنسان والنبات، فيأتيها الردّ القاسي من الرياح، وهي تستعرض قوتها التي لا تقهر، وتهابها القلاع والحصون ويهابها البشر والشجر، وما «الغيمة» إلا ريشة في قبضتها تحملها بخفة من بلدة لبلدة. فيأتي الردّ من «الشمس» على الغيمة والرياح في استعراض مهيب، وتوصيف يستفزّ الغيمة والرياح معاً، فتصف الشمسُ الغيمَ بالغرور ، وتحذر الريح من الثورة، فكلاهما في خدمتها، ويرد «البحر» على الجميع مستعرضاً قدرته على منح المطر للإنسان، فيقول: «تحدّثتم طويلاً عن مآثركم. وبالغتم كثيراً في فضائلكم. نسيتم أنني البحر؟! ومني الماء والقطر؟! وأن الشمس لو سطعت. بلا مائي فلا مطر. وأني مصدر الغيمة. بمائي أصبحتْ ديمة,فجاء الريح يحملها. إلى الآفاق يرسلها. فكفّوا عن تبجحكم. وعن عرض مآثركم.».وهنا تتدخل «الأرض» في حكمة العاقل، ووتذكّرهم بأنهم جميعاً مسخرون في خدمة الإنسان.مسرحية «قطرة الحياة» مسرحية شعرية للفتيان، وهي مسرحية تعليمية أخلاقية، جاءت بلغة لا تستعصي على فهم الصغار، حيث جاء الحوار بلغة إيقاعية غنائية، تتسم بكثافة العبارة، وتترك للطفل رسم مشاهد الطبيعة في خياله الواعي والمدرك لهذا العالم.أصدر الدكتور أحمد عرفات الضاوي أول ما أصدر مجموعة قصصية للفتيان بعنوان «كهف الأرانب» عن رابطة الكتّاب الأردنيين عام 1994، كما أصدر مسرحية شعرية للأطفال بعنوان: «أحلام الطفل العربي» عن وزارة الثقافة عام 2003، وصدرت له عن أمانة عمان الكبرى عام 2003 رواية للفتيان بعنوان: «خذوني إلى السماء». وله مؤلفات في الدراسات الأدبية والسيرة والرواية.