
الكويت بعد سنة بلا برلمان: الأعين مفتوحة على التطرّف الإسلامي
نايف سالم – الكويت
في 10 أيّار 2024 ضرَبَ الكويت 'زلزال سياسي' بإعلان أميرها الشيخ مشعل الأحمد حلّ مجلس الأمّة ووقف بعض موادّ الدستور لمدّة 4 سنوات.
حينذاك، قال كلاماً دوّى داخلياً وخارجياً من عيار 'لن أسمح على الإطلاق أن تُستغلّ الديمقراطية لتحطيم الدولة'، ولا بدّ من 'وقف الانحدار والحيلولة دون أن نصل إلى مرحلة الانهيار'. وانتقد الحكومات ومجالس الأمّة و'الجوّ غير السليم الذي شجّع على انتشار الفساد حتّى وصل إلى أغلب مرافق الدولة'.
بعد مرور سنة، يمكن القول إنّ كلّ شيء تغيّر في الكويت، وإنّ الاستدارة وصلت إلى مستوى 180 درجة، سياسياً واقتصادياً وإنمائيّاً وفي مختلف مناحي الحياة.
اختفى مجلس الأمّة من المشهد، فدارت عجلة الحكومة بسرعات لم يعرفها تاريخ الكويت الحديث: اجتماعات مكثّفة لمجلس الوزراء، تقريباً كلّ أسبوع قرارات للّجنة العليا للجنسية بسحب الجنسية من المُزوّرين والمزدوجين والمُتجنّسات (بلغ عددهم عشرات الآلاف)، خطوط مفتوحة على كلّ المستويات مع الصين لتسريع عجلة المشاريع الكبرى وعلى رأسها ميناء مبارك الكبير، ورشة تشريعية ضخمة تهدف لمراجعة وتعديل أكثر من 900 قانون، اختصار الدورة المستنديّة لتسريع وتيرة المشاريع التنموية الحيوية مثل المطار الجديد وقرارات غير عاديّة لمختلف الوزارات يوميّاً تقريباً.
هكذا تبدو الكويت في أيّار 2025 مختلفة تماماً عمّا كانت عليه قبل سنة. لم يعد تصدح أصوات سياسية ليل نهار وتتصدّر الأخبار المرئية والمكتوبة، ولا يدخل نوّاب أو طامحون للنيابة مقارّ الوزارات وبأيديهم عشرات الملفّات غير القانونية لـ'الربع' (الإخوان والأحباب)، ولا توجَّه انتقادات حادّة للحكومة، وهو ما سمح للوزراء بالعمل بطريقة مختلفة وبعيداً عن الضغوط.
المشاريع الكبرى
منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح بعد حلّ مجلس الأمّة، حدّد الأمير مسارها 'السُداسيّ' في اجتماع استثنائي برئاسته:
1 – ترتيب الأولويّات والعمل وفق خطّة محدّدة وجدول زمني واضح.
2 – تسريع تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التنموية.
3 – إحداث تطوّر شامل في البنية التحتية.
4 – تطوير الرعاية الصحّية والسكنية والمنظومة التعليمية.
5 – تطوير القطاعات الاقتصادية والاستثمارية وصولاً لاقتصاد مستدام.
6 – تعزيز العلاقات الدبلوماسية وترسيخ الدور الإنساني للكويت.
أوْلَت الكويت أهمّية كبرى للمشاريع الاستراتيجية مع الصين، وعلى رأسها المدن الإسكانية الجديدة ومشاريع الطاقة وميناء مبارك الكبير الاستراتيجي في جزيرة بوبيان، الذي يشكّل البوّابة لتطوير 'المنطقة الشماليّة' في الكويت، لتكون منظومة اقتصادية وعمرانية متكاملة.
بعد سلسلة جولات وزيارات ميدانية ورسمية على مدى أشهر، وقّع البلَدان في آذار الماضي عقدَ مباشرة أعمال المشروع، الذي ترى الكويت أنّه يشكّل حجر الأساس لانتقال اقتصادها جدّياً من مرحلة الاعتماد الكلّي على النفط إلى مرحلة التنويع، علاوة على تعزيز دورها التجاري والماليّ والإقليمي.
في الأحوال العاديّة، كان بدء العمل بمشروع كهذا يحتاج إلى سنوات، بالنظر إلى الدورة المستندية المطوّلة وضرورة عبور 'نفق' مجلس الأمّة.
اقتصاديّاً، كان المشهد مغايراً للسابق أيضاً، فقد أصدرت الحكومة (بوصفها السلطة التشريعية حاليّاً) في 26 آذار الماضي قانون الدّين العام، الذي كان مرفوضاً نيابيّاً بشكل قاطع، ويمهّد الطريق لإصدار ديون دولية بسقف 30 مليار دينار كويتي (حوالي 97 مليار دولار) بآجال استحقاق تصل إلى 50 سنة.
سرّعت وزارة المالية أيضاً جهودها لتنويع مصادر الدخل العامّ وضبط الهدر وتقليص المصروفات، وتعمل حاليّاً على إعادة النظر في هيكل الدعم المقدّم من الحكومة.
من بين الخطوات اللافتة فرض الضريبة على الشركات وتعظيم إيرادات أملاك الدولة وإعادة تسعير الخدمات من خلال قوانين وقرارات جديدة.
حكومة رشيقة وكبيرة
فيما كان عدد أعضاء الحكومة خلال العقود الماضية لا يزيد على 15 مع رئيسها، ارتفع العدد حالياً إلى 19، بحيث يتولّى كلّ وزير حقيبة واحدة لتسريع الإنجاز. وبشكل موازٍ، جرى العمل على دمج القطاعات في بعض الجهات الحكومية لرفع الكفاية وترشيد المصروفات وزيادة الانضباط الإداري ومنع تضارب الاختصاصات.
حتّى في الوزارة نفسها، اختلف الوضع عن السابق، وهناك اتّجاه حاليّاً للترشيق مع إقرار هيكل جديد.
ربّما يتمثّل أحد أهمّ التغيّرات في التعامل مع الجمعيّات عموماً، مع حلّ العشرات منها، وفتح الأعين على الخيريّة منها خصوصاً. وهي التي كانت حتّى الأمس القريب تتمتّع بـ'حصانة' نيابية، وغالبيّتها مرتبطة بجماعة 'الإخوان المسلمين'، إمّا مباشرة أو مواربة.
إلى ذلك 'يعرف القاصي والداني أنّ ثمّة ملاحظات دوليّة مُسجّلة على الكويت، سواء من المنظّمات الماليّة المعنيّة، أو من وزارة الخزانة الأميركية، خصوصاً على بعض الجمعيّات'، على ما جاء في تصريح 'ناريّ' لوزيرة الشؤون الاجتماعية أمثال الحويلة، في لقاء علنيّ مفتوح مع ممثّلي الجمعيّات، في 10 نيسان الماضي، قالت فيه كلاماً غير مألوف.
أضافت: 'بعض الجمعيات الخيرية يا للأسف حادَت عن المسار المطلوب، ويجب ردّها إلى جادّة الصواب'.
بعدها بأسبوع، وفي يوم العطلة الأسبوعية الجمعة 18 نيسان، صدر قرار غير مسبوق (توقيتاً ومضموناً) بوقف جمع التبرّعات للجمعيّات 'بعد رصد روابط تابعة لمواقع غير رسمية وغير معروفة المصدر تقوم بجمع التبرّعات، في مخالفة للضوابط المعتمدة'، حسب بيان رسمي.
تلا ذلك وقف جمع التبرّعات في المدارس أيضاً، وإخلاء مقارّ الجمعيّات الخيرية في نطاق السكن الخاصّ، تطبيقاً لقرار وزاري سابق صادر في 2009.
هكذا أصبحت أموال الجمعيّات الخيرية تحت 'أعين الدولة' ولن يعود ممكناً من الآن فصاعداً توزيعها في الخارج، من دون علم وإشراف الجهات الحكومية، في حين يهمس البعض أنّ الأمر يتعلّق بأنشطة مشبوهة رُصدت في دول عربية مجاورة تبيّن أنّ من يقف وراءها يتلقّون أموالاً من جمعيّات في الكويت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ 17 دقائق
- ليبانون 24
لهذه الأسباب... الدولار يتجه نحو الانخفاض!
يتجه الدولار، اليوم الجمعة، لتسجيل أول انخفاض أسبوعي له منذ خمسة أسابيع، مدفوعًا بمخاوف متزايدة بشأن أوضاع الدين العام في الولايات المتحدة. فقد تحوّل تركيز المستثمرين من المخاوف المتعلقة بالتعريفات الجمركية إلى القلق من الوضع المالي الأميركي، خصوصًا بعد قيام وكالة "موديز" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، وإقرار مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون، يوم أمس الخميس، مشروع قانون ضخم يشمل تغييرات في الضرائب والإنفاق. ويأتي هذا التراجع في ظل بلوغ الدين الأميركي مستوى قياسيًا يقدّر بـ36 تريليون دولار، بالتوازي مع خطط للرئيس السابق دونالد ترامب تتضمن خفض الضرائب والميزانيات الفيدرالية، مقابل زيادة الإنفاق العسكري والتمويل المخصص للحدود، وهو ما ساهم في تقلبات حادة في عائدات السندات طويلة الأجل، التي تؤثر مباشرة على كلفة الاقتراض. وسجّل العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عامًا انخفاضًا بنحو 4 نقاط أساس، لكنه بقي أعلى بقليل من 5%، بعد أن بلغ في الجلسة السابقة أعلى مستوى له خلال 19 شهرًا. أما مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من العملات، فقد تراجع بنسبة 0.58% إلى 99.38 نقطة بحلول الساعة 14:01 بتوقيت موسكو ، ويتجه نحو خسائر أسبوعية تُقدّر بـ1.75%.


النهار
منذ 36 دقائق
- النهار
"طالبان" تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن معاملات تجارية بالعملات المحلية
أفاد القائم بأعمال وزير التجارة الأفغاني بأن إدارة "طالبان" في مرحلة متقدمة من المحادثات مع روسيا بشأن تسوية بنوك من كلا الاقتصادين الخاضعين للعقوبات معاملات تجارية بمئات الملايين من الدولارات بالعملتين المحليتين للبلدين. وقال نور الدين عزيزي لرويترز أمس الخميس إن الحكومة الأفغانية قدمت مقترحات مماثلة للصين. وأضاف أن بعض المناقشات أجريت مع السفارة الصينية في كابول. وأضاف أن فرقا فنية من البلدين تعمل على المقترح مع روسيا. وتأتي هذه الخطوة في وقت تركز فيه موسكو على استخدام العملات الوطنية للابتعاد عن الاعتماد على الدولار في وقت تواجه فيه أفغانستان انخفاضا حادا في موارد البلاد الدولارية بسبب خفض المساعدات. وقال: "ننخرط حاليا في مناقشات متخصصة في هذا الشأن، مع الأخذ في الاعتبار وجهات النظر الاقتصادية الإقليمية والعالمية والعقوبات والتحديات التي تواجهها أفغانستان حاليا، وكذلك التحديات التي تواجهها روسيا. المناقشات الفنية جارية". ولم ترد وزارة الخارجية الصينية ولا البنك المركزي الروسي بعد على طلبات للتعليق. وقال عزيزي إن حجم التبادل التجاري بين روسيا وأفغانستان حاليا عند نحو 300 مليون دولار سنويا، مرجحت أن يشهد نموا كبيرا مع تعزيز الجانبين للاستثمار. وقال إن الإدارة في أفغانستان تتوقع زيادة مشتريات البلاد من المنتجات النفطية والبلاستيك من روسيا. وأضاف: "أنا واثق من أن هذا خيار جيد للغاية... يمكننا استخدام هذا الخيار لمصلحة شعبنا وبلدنا". وتابع: "نريد أن نتخذ خطوات في هذا الاتجاه مع الصين أيضا"، مضيفا أن أفغانستان تجري معاملات تجارية بنحو مليار دولار مع الصين كل عام. وقال: "تم تشكيل فريق عمل يتألف من أعضاء من وزارة التجارة (الأفغانية) والسفارة الصينية... والمحادثات جارية". قطاع الخدمات المالية في أفغانستان معزول إلى حد كبير عن النظام المصرفي العالمي بسبب العقوبات المفروضة على بعض قادة حركة "طالبان" التي استولت على حكم البلاد في 2021 مع انسحاب القوات الأجنبية. وتأثر وضع هيمنة الدولار بين العملات العالمية في السنوات القليلة الماضية بسبب منافسة مع الصين وتداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.


IM Lebanon
منذ 42 دقائق
- IM Lebanon
الصادق: أُعيد تنشيط المدينة الرياضية بأبسط الإمكانات
كتب النائب وضاح الصادق على منصة 'إكس': تعود اليوم مدينة كميل شمعون الرياضية إلى الحياة بعد سنوات من الإهمال، من خلال تأهيل أرضية الملعب وجعلها صالحة لإقامة المباريات بالحد المطلوب، بكلفة لم تتجاوز 80 ألف دولار، في وقت كان يُطلب سابقًا مئات الآلاف من الدولارات لصيانة مماثلة، ما يكشف بوضوح حجم الفساد والهدر والسرقات التي كانت تُمارس خلف الكواليس. هذا الصرح الوطني أُعيد تنشيطه بأبسط الإمكانات، حين توافرت النية الصادقة والإرادة، آملين أن تبادر الوزارة سريعًا إلى تعيين مجلس إدارة للمنشآت الرياضية، كي تستعيد منشآتنا الحياة من جديد'.