أحدث الأخبار مع #نايفسالم


الشرق الجزائرية
منذ يوم واحد
- سياسة
- الشرق الجزائرية
الكويت بعد سنة بلا برلمان: الأعين مفتوحة على التطرّف الإسلامي
نايف سالم – الكويت في 10 أيّار 2024 ضرَبَ الكويت 'زلزال سياسي' بإعلان أميرها الشيخ مشعل الأحمد حلّ مجلس الأمّة ووقف بعض موادّ الدستور لمدّة 4 سنوات. حينذاك، قال كلاماً دوّى داخلياً وخارجياً من عيار 'لن أسمح على الإطلاق أن تُستغلّ الديمقراطية لتحطيم الدولة'، ولا بدّ من 'وقف الانحدار والحيلولة دون أن نصل إلى مرحلة الانهيار'. وانتقد الحكومات ومجالس الأمّة و'الجوّ غير السليم الذي شجّع على انتشار الفساد حتّى وصل إلى أغلب مرافق الدولة'. بعد مرور سنة، يمكن القول إنّ كلّ شيء تغيّر في الكويت، وإنّ الاستدارة وصلت إلى مستوى 180 درجة، سياسياً واقتصادياً وإنمائيّاً وفي مختلف مناحي الحياة. اختفى مجلس الأمّة من المشهد، فدارت عجلة الحكومة بسرعات لم يعرفها تاريخ الكويت الحديث: اجتماعات مكثّفة لمجلس الوزراء، تقريباً كلّ أسبوع قرارات للّجنة العليا للجنسية بسحب الجنسية من المُزوّرين والمزدوجين والمُتجنّسات (بلغ عددهم عشرات الآلاف)، خطوط مفتوحة على كلّ المستويات مع الصين لتسريع عجلة المشاريع الكبرى وعلى رأسها ميناء مبارك الكبير، ورشة تشريعية ضخمة تهدف لمراجعة وتعديل أكثر من 900 قانون، اختصار الدورة المستنديّة لتسريع وتيرة المشاريع التنموية الحيوية مثل المطار الجديد وقرارات غير عاديّة لمختلف الوزارات يوميّاً تقريباً. هكذا تبدو الكويت في أيّار 2025 مختلفة تماماً عمّا كانت عليه قبل سنة. لم يعد تصدح أصوات سياسية ليل نهار وتتصدّر الأخبار المرئية والمكتوبة، ولا يدخل نوّاب أو طامحون للنيابة مقارّ الوزارات وبأيديهم عشرات الملفّات غير القانونية لـ'الربع' (الإخوان والأحباب)، ولا توجَّه انتقادات حادّة للحكومة، وهو ما سمح للوزراء بالعمل بطريقة مختلفة وبعيداً عن الضغوط. المشاريع الكبرى منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح بعد حلّ مجلس الأمّة، حدّد الأمير مسارها 'السُداسيّ' في اجتماع استثنائي برئاسته: 1 – ترتيب الأولويّات والعمل وفق خطّة محدّدة وجدول زمني واضح. 2 – تسريع تنفيذ المشاريع الاستراتيجية التنموية. 3 – إحداث تطوّر شامل في البنية التحتية. 4 – تطوير الرعاية الصحّية والسكنية والمنظومة التعليمية. 5 – تطوير القطاعات الاقتصادية والاستثمارية وصولاً لاقتصاد مستدام. 6 – تعزيز العلاقات الدبلوماسية وترسيخ الدور الإنساني للكويت. أوْلَت الكويت أهمّية كبرى للمشاريع الاستراتيجية مع الصين، وعلى رأسها المدن الإسكانية الجديدة ومشاريع الطاقة وميناء مبارك الكبير الاستراتيجي في جزيرة بوبيان، الذي يشكّل البوّابة لتطوير 'المنطقة الشماليّة' في الكويت، لتكون منظومة اقتصادية وعمرانية متكاملة. بعد سلسلة جولات وزيارات ميدانية ورسمية على مدى أشهر، وقّع البلَدان في آذار الماضي عقدَ مباشرة أعمال المشروع، الذي ترى الكويت أنّه يشكّل حجر الأساس لانتقال اقتصادها جدّياً من مرحلة الاعتماد الكلّي على النفط إلى مرحلة التنويع، علاوة على تعزيز دورها التجاري والماليّ والإقليمي. في الأحوال العاديّة، كان بدء العمل بمشروع كهذا يحتاج إلى سنوات، بالنظر إلى الدورة المستندية المطوّلة وضرورة عبور 'نفق' مجلس الأمّة. اقتصاديّاً، كان المشهد مغايراً للسابق أيضاً، فقد أصدرت الحكومة (بوصفها السلطة التشريعية حاليّاً) في 26 آذار الماضي قانون الدّين العام، الذي كان مرفوضاً نيابيّاً بشكل قاطع، ويمهّد الطريق لإصدار ديون دولية بسقف 30 مليار دينار كويتي (حوالي 97 مليار دولار) بآجال استحقاق تصل إلى 50 سنة. سرّعت وزارة المالية أيضاً جهودها لتنويع مصادر الدخل العامّ وضبط الهدر وتقليص المصروفات، وتعمل حاليّاً على إعادة النظر في هيكل الدعم المقدّم من الحكومة. من بين الخطوات اللافتة فرض الضريبة على الشركات وتعظيم إيرادات أملاك الدولة وإعادة تسعير الخدمات من خلال قوانين وقرارات جديدة. حكومة رشيقة وكبيرة فيما كان عدد أعضاء الحكومة خلال العقود الماضية لا يزيد على 15 مع رئيسها، ارتفع العدد حالياً إلى 19، بحيث يتولّى كلّ وزير حقيبة واحدة لتسريع الإنجاز. وبشكل موازٍ، جرى العمل على دمج القطاعات في بعض الجهات الحكومية لرفع الكفاية وترشيد المصروفات وزيادة الانضباط الإداري ومنع تضارب الاختصاصات. حتّى في الوزارة نفسها، اختلف الوضع عن السابق، وهناك اتّجاه حاليّاً للترشيق مع إقرار هيكل جديد. ربّما يتمثّل أحد أهمّ التغيّرات في التعامل مع الجمعيّات عموماً، مع حلّ العشرات منها، وفتح الأعين على الخيريّة منها خصوصاً. وهي التي كانت حتّى الأمس القريب تتمتّع بـ'حصانة' نيابية، وغالبيّتها مرتبطة بجماعة 'الإخوان المسلمين'، إمّا مباشرة أو مواربة. إلى ذلك 'يعرف القاصي والداني أنّ ثمّة ملاحظات دوليّة مُسجّلة على الكويت، سواء من المنظّمات الماليّة المعنيّة، أو من وزارة الخزانة الأميركية، خصوصاً على بعض الجمعيّات'، على ما جاء في تصريح 'ناريّ' لوزيرة الشؤون الاجتماعية أمثال الحويلة، في لقاء علنيّ مفتوح مع ممثّلي الجمعيّات، في 10 نيسان الماضي، قالت فيه كلاماً غير مألوف. أضافت: 'بعض الجمعيات الخيرية يا للأسف حادَت عن المسار المطلوب، ويجب ردّها إلى جادّة الصواب'. بعدها بأسبوع، وفي يوم العطلة الأسبوعية الجمعة 18 نيسان، صدر قرار غير مسبوق (توقيتاً ومضموناً) بوقف جمع التبرّعات للجمعيّات 'بعد رصد روابط تابعة لمواقع غير رسمية وغير معروفة المصدر تقوم بجمع التبرّعات، في مخالفة للضوابط المعتمدة'، حسب بيان رسمي. تلا ذلك وقف جمع التبرّعات في المدارس أيضاً، وإخلاء مقارّ الجمعيّات الخيرية في نطاق السكن الخاصّ، تطبيقاً لقرار وزاري سابق صادر في 2009. هكذا أصبحت أموال الجمعيّات الخيرية تحت 'أعين الدولة' ولن يعود ممكناً من الآن فصاعداً توزيعها في الخارج، من دون علم وإشراف الجهات الحكومية، في حين يهمس البعض أنّ الأمر يتعلّق بأنشطة مشبوهة رُصدت في دول عربية مجاورة تبيّن أنّ من يقف وراءها يتلقّون أموالاً من جمعيّات في الكويت.


الشرق الجزائرية
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الجزائرية
'ترامب الثّاني' في خليج جديد
نايف سالم – الكويت بين أيّار 2017 وأيّار 2025، اختلَفَت دول الخليج جذريّاً بسياساتها واستراتيجياتها. في التاريخ الأوّل زارها 'ترامب الأوّل' لتثبيت الشراكات ونسج الصفقات الدفاعية والتجارية الكلاسيكية، فيما يزورها في التاريخ الثاني بأولويّات مختلفة، ربطاً بالتغيّرات العميقة في السياسات والتوجّهات لكلا الجانبين. من 'الاقتحام الخليجي' للذكاء الاصطناعي ضمن إرساء منظومة الحداثة، مروراً بسياسة 'إطفاء الحرائق' عبر 'تصفير المشكلات' تقريباً مع إيران وغير إيران والوساطات الكبرى (أوكرانيا والسودان مثلاً)، وصولاً إلى رسوخ الاتّفاقات الإبراهيمية بين بعض الدول الخليجية وإسرائيل، وثبات الموقف السعودي من قيام الدولة الفلسطينية شرطاً للتطبيع، يمكن استخلاص 3 اختلافات كبرى بين 2017 و2025. تتركّز كلّ أنظار العالم هذه الأيّام على دول الخليج التي اختارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتكون محطّته الخارجيّة الأولى في ولايته الثانية (2024 – 2028) كما كانت أيضاً في ولايته الأولى (2016 – 2020). لكنّ الفارق كبيرٌ بين المحطّتَين، إذ يحطّ 'ترامب الثاني' رحاله في أرضٍ وعلى أرضيّة مختلفة. المملكة العربية السعودية، بثقلها العالمي، تحتضن خامس قمّة أميركية- خليجية، بعد الأولى (أيّار 2015) والثانية (نيسان 2016) والثالثة (أيّار 2017) والرابعة (تمّوز 2022). سترسم هذه القمّة مسار الشراكة الاستراتيجية بين الخليج وأميركا لسنوات طويلة، ومن شأنها تثبيت علاقة الشراكة القائمة على المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة. لا يريد ترامب الحروب، وكذلك دول الخليج. يريد ترامب تدفّق المزيد من الأموال الخليجية إلى الولايات المتّحدة (تحت شعار أميركا أوّلاً)، ولا تُمانع دول الخليج ضخّ استثمارات جديدة في الشرايين الأميركية، مقابل الاستفادة من قدرات الشركات الكبرى، لا سيما ما يرتبط بالذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات واستكشاف الفضاء. يرغب ترامب بتهدئة الوضع في المنطقة وإبعاد شبح الحروب، ودول الخليج تدفع بقوّة باتّجاه إنهاء حرب غزّة وتعوّل على قدرة أميركا على تهدئة 'الثور الإسرائيلي الهائج'. تؤيّد أيضاً اتّفاقاً شفّافاً مع إيران يمنعها من حيازة السلاح النووي، وترتكز على علاقاتها 'الإيجابيّة بحذر' مع طهران، مقارنة بما كانت عليه في 2017، لمعالجة الملفّات الأخرى (الأنشطة الخبيثة). السّلاح والذّكاء وفق ذلك، يندرج إعلان وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، عشيّة وصول ترامب، تأسيس شركة 'هيوماين' التي تهدف إلى تطوير الذكاء الاصطناعي وإدارة حلوله وتقنيّاته، مع الاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمملكة بين ثلاث قارّات. ربّما 'هيوماين' كانت محور الحوار 'الجانبيّ' بين محمّد بن سلمان وترامب وإيلون ماسك، الذي يرافق الرئيس الأميركي مع عدد من كبار الرؤساء التنفيذيّين في الشركات الأميركية الكبرى، مثل 'أمازون' و'بلاك روك' و'آي بي إم' و'بوينغ' و'دلتا إيرلاينز' و'أميركان إيرلاينز' و'يونايتد إيرلاينز' و'أوبر' و'كوكاكولا' و'غوغل'. كان الذكاء الاصطناعي أيضاً محور 'زيارة العمل' التي قام بها مستشار الأمن الوطني في الإمارات الشيخ طحنون بن زايد لواشنطن، في آذار الماضي، والتقى خلالها ترامب وكبار المسؤولين ورؤساء شركات عالمية، مع التركيز على آفاق الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدّمة. ستبقى صفقات السلاح الأميركية لدول الخليج قائمة وتتعزّز، لكنّ 'الذكاء الاصطناعي' سيتقدّم عليها. لم يعد يهمّ دول الخليج ترسانات الأسلحة بقدر ما يهمّها الاستثمار في المستقبل واحتضان 'بنوك البيانات' والبنية التحتيّة للذكاء الاصطناعي، تطبيقاً لرؤاها الاقتصادية والتنموية الطموحة (السعودية 2030، الكويت 2035، قطر 2030، البحرين 2030، عُمان 2040، الإمارات 2040). إطفاء النّيران المشهد في السياسة أيضاً مُختلف جذريّاً. لم تعد إيران الخطر الأساس والتهديد الأوّل في 2025. التفاهمات الثنائية بينها وبين بعض دول الخليج فعلت فِعلها. انكسار 'المحور' أجبَرَ الرؤوس الحامية في طهران على الانكفاء. بات ترامب يفاوضها ويريد 'صفقة التريليونات' التي فرشتها له علناً بأيدي وزير خارجيتها عباس عراقتشي ومستشار مرشدها علي لاريجاني. مع اتّخاذ العلاقات مع إيران منحى التهدئة والاستيعاب، تلتقي السياسة السعودية والخليجية مع الأميركية في الرغبة بإطفاء النيران المشتعلة في أكثر من مكان، مثل اليمن والسودان. وبات الوسيط الخليجي لا غنى عنه في الملفّات الكبرى، وبدا ذلك واضحاً في صفقات تبادل الأسرى المتلاحقة التي رعتها السعودية والإمارات، وفي الوساطة السعودية بين أميركا وروسيا لإنهاء حرب أوكرانيا، و'منبر جدّة' الذي لا بديل عنه لإنهاء حرب السودان مهما طالت. تريد دول الخليج 'وأد' الحروب من أجل إطلاق 'عملاق التنمية'، بما ينعكس إيجاباً على اقتصاداتها وازدهاراً على جيرانها من دول المنطقة. وتولي أهميّة خاصّة لدعم سوريا ولبنان 'الجديدَيْن'، وإن لا يزالا تحت الاختبار، وتلعب دوراً إيجابياً كبيراً في دفع الولايات المتّحدة لمنحهما فرصة لالتقاط الأنفاس وإقران الأقوال بالأفعال، من خلال رفع أو تخفيف العقوبات والإجراءات المشدّدة، التي فُرضت عليهما إبّان حُكمَي بشّار الأسد و'الحزب'. الثّور الإسرائيليّ في العلاقات مع إسرائيل الوضع مختلف أيضاً. أكبر إنجازات ترامب في ولايته الأولى كان 'الاتّفاقات الإبراهيمية' التي أدّت إلى تطبيع العلاقات بين الدولة العبريّة وبعض الدول العربية، بينها دولتان خليجيّتان: الإمارات والبحرين. على الرغم من 'البهلوانيّات' الأميركية المتنوّعة، إبّان إدارة جو بايدن، لم تنجح واشنطن في 'حرف' الرؤية السعودية الثابتة عن مسارها: لا تطبيع قبل قيام دولة فلسطينية. والآن فهمت إدارة ترامب مدى صلابة هذه الرؤية فأقرّت بالمعادلة الجديدة: مساعدة المملكة في طموحاتها النووية شيء والتطبيع شيء آخر. هنا لا تبتعد أيضاً الرؤية الخليجية عن الرؤية الأميركية. كلتاهما، لأسباب مختلفة، تريد وقف حرب الإبادة في غزّة. لكنّ الطرف الأميركي هو القادر حصراً على تهدئة 'الثور الهائج' المتمثّل بحكومة بنيامين نتنياهو الأكثر تطرّفاً في تاريخ الكيان، وإفهامه أنّ السلام يقوم على أسس واضحة، عنوانها 'الدولة الفلسطينية' التي تتشبّث السعودية بدعمها والدفع نحو إقامتها، مهما بلغت أعداد 'السموتريتشيّين' و'البن غفيريّين' في حكومات الدولة العبريّة.


الشرق الجزائرية
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- الشرق الجزائرية
الكويت: 'مايسترو' لبنانيّ في أكبر عمليّة غسل أموال
نايف سالم – الكويت صدر حكم في أكبر قضيّة غسل أموال بتاريخ الكويت، بعد سنوات من التحرّيات والتحقيقات والمحاكمات، شملت 'شبكة مُنظّمة عابرة للجنسيّات والحدود' وعشرات الشركات الوهميّة، لتورّطها في غسل حوالي مليار دولار، خلال 3 سنوات. الشبكة التي تضمّ 29 شخصاً أحدهم لبنانيّ (مدير كبير)، عملت على تزوير آلاف الوثائق والمُحرّرات والفواتير البنكيّة، وأدخلت بضائع محظورة إلى الكويت، وتطلّب كشف عمليّاتها تعاوناً بين عدد من الجهات والأجهزة الحكومية و8 بنوك، علاوة على التحرّيات القضائيّة، فيما قضى الحكم بسجن أفرادها بين 3 و10 سنوات، وتغريمهم أكثر من مليار ونصف مليار دولار. كشف الحكم الصادر عن محكمة الجنايات الكويتية بتاريخ 24 نيسان 2025، والذي ينشر 'أساس' حيثيّاته، تفاصيل مُذهلة عن كيفيّة عمل 'الجماعة الإجرامية المنظّمة'، التي كان ينقسم أفرادها إلى مجموعات مُتّسقة: – الأولى تتولّى مهمّة جمع الأموال النقدية من آخرين عبر شركة صيرفة. – الثانية تُسلّم الأموال إلى آخرين في مقرّ الشركات الوهميّة. – الثالثة توزّع الأموال على حسابات 9 شركات وحسابين شخصيَّين لاثنين من المتّهمين. – الرابعة تعمل على ترتيب الوثائق المزوّرة لتحويل الأموال إلى خارج الكويت، إمّا عبر البنوك أو عبر شركات صرافة. في إطار عمل الشبكة، تولّى بعض المتّهمين مناصب مديرين في بعض الشركات ليقوموا بالتوقيع على الحوالات المالية، التي كانت تذهب لجهات مجهولة في الخارج، 'على نحو يمنع التعرّف على الأطراف الفعليّة لتلك التعاملات'، بحسب منطوق الحكم. اعتبرت المحكمة أنّهم بذلك 'أنشأوا وأداروا جماعة إجرامية منظّمة، تهدف إلى خلق نظام ماليّ ضخم غير مشروع خارج نطاق تتبّع الجهات الرقابية للدولة، وعملوا على تقويض أنظمة رقابة الدولة وتدابيرها المتعلّقة بالكشف عن غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وكان من شأن ذلك تعريض الدولة لمخاطر اقتصادية والإضرار بمركزها الماليّ وتصنيفها الائتمانيّ'. 'المايسترو' اللّبنانيّ وجّهت المحكمة للمتّهم اللبناني (ع.ك.ب) 3 تهم: 1- التزوير في محرّرات بنكيّة، وتنفيذ حوالات خارجية من خلال إيهام موظّفي البنوك بأنّها صحيحة، بعد تزويدهم بفواتير استيراد البضائع المزوّرة. 2- التزوير في مُحرّرات عرفية هي فواتير استيراد البضائع من الخارج، ونسبها إلى شركات وهمية، وتقديمها للبنوك. 3- تزويد متّهمين آخرين في الشبكة بفواتير مُزوّرة وأموال 'كاش' لإيداعها في الحسابات المتّفق عليها. أظهرت التحقيقات أنّ المتّهم اللبناني كان بمنزلة 'المايسترو' و'العقل المُفكّر' في الشبكة، ولعب دوراً محوريّاً في تنظيم الإيداع والتحويل، سواء عبر تسلّم الأموال وتسليمها، أو عبر تحويلها إلى خارج الكويت. وفقاً لحيثيّات الحُكم، اعترف بـ'تُهمتَي التزوير البنكيّ والتزوير العرفي'، لكنّه أنكر التورّط في 'الغسل'، وقال إنّه كان يعمل مديراً في أحد البنوك واتّفق معه المتّهم الأوّل على الاستفادة من خبرته في مجال البنوك، وقام بتوظيفه في إحدى الشركات 'الصوريّة' مقابل راتب شهري قدره 2,200 دينار كويتي (حوالي 7 آلاف دولار)، ليكون مسؤولاً عن جميع العمليات الماليّة التي تتمّ على الحسابات البنكيّة الخاصّة بالشركات. كان من مهامّه الإشراف على 'تخزين' كميّات كبيرة من الأموال التي تصله نقداً إلى الشركة، والقيام بإدخالها في حسابات الشركات بفواتير 'مضروبة' تتضمّن بيانات بضائع وهميّة. لعب أيضاً دور 'الأستاذ' من خلال 'تعليم المناديب' طريقة عمل برنامج خاصّ لإصدار الفواتير، وتزويدهم بأرقام الأصناف وأسماء الشركات والمبالغ الواردة فيها، وتولّى مسؤوليّة 'الإشراف والتوجيه' في ما يتعلّق بطريقة إدخال الأموال في الحسابات لدى البنوك. إلى تزوير المستندات المصرفية والفواتير التجارية بهدف 'تمويه مصدر الأموال'، تولّى 'اللبناني' أيضاً مسؤولية إدارة حسابات الشركة، وإعداد الميزانيّات، والتنسيق مع التجّار الأجانب، وكان 'مهندس' الحصول على تسهيلات بنكيّة مستخدماً مستندات مزوّرة. التّنباك الممضوغ على الرغم من أنّ استيراد البضائع كان وهميّاً، لكنّ 'الشبكة' تورّطت أيضاً في التهريب، إذ أظهرت التحقيقات أنّ 5 من أفرادها تولّوا مهمّة تهريب كميّات من 'التنباك الممضوغ' بقيمة حوالي مليون دولار، وإدخالها إلى الكويت، وهو نوع من التبغ المحظور الذي يُوضع داخل الفم ويتمّ امتصاص النيكوتين الموجود فيه بكميّات كبيرة، وتعود أسباب منعه لمخاطره الصحّية الكبيرة ولتسبّبه بالإدمان. واستوردت الشبكة 'التنباك الممضوغ' على أنّه ملابس، وهدفت إلى الاستفادة منه ببيعه في الأسواق بطريقة غير مشروعة بأسعار مرتفعة. الاستخبارات الماليّة ورد في الحكم أنّ التحقيقات في أعمال الشبكة، التي استمرّت لسنوات، تولّتها بشكل أساسي وحدة التحرّيات الماليّة (وهي وحدة الاستخبارات الماليّة الكويتية وتُعتبر السلطة المركزية المسؤولة عن تلقّي وتحليل ونشر المعلومات المالية المتعلّقة بالمعاملات المشبوهة التي قد تنطوي على غسل الأموال أو تمويل الإرهاب)، إضافة إلى البنك المركزي الكويتي ووزارة التجارة وجهاز أمن الدولة وإدارات غسل الأموال وتمويل الإرهاب في 8 بنوك وإدارات 3 من كبريات شركات الصرافة. ذكر الحكم الواقع في 174 صفحة تفاصيل آلاف العمليّات التي أجرتها الشركات الوهميّة لـ'تدوير' المبلغ المُقدّر بحوالي مليار دولار، من بينها 3,938 عمليّة أجراها المتّهم اللبناني بقيمة أكثر من 100 مليون دولار. تمسّكت المحكمة بوصف الشبكة بأنّها 'جماعة إجرامية منظّمة' لأنّ نشاطها 'لم يكن عرضيّاً أو عفويّاً، بل جاء وفق ترتيب مدروس واستراتيجية محدّدة لتحقيق مكاسب غير مشروعة'، مؤكّدة عدم اشتراط 'أن يكون أعضاؤها جميعاً على القدر نفسه من التخطيط والإدارة، إذ يكفي أن يكون هناك من يتولّى إدارة وتوجيه النشاط الإجرامي، بينما يتوزّع الباقون على أدوار تنفيذية تدعم هذا النشاط وتحقّق أهدافه غير المشروعة'. خلصت المحكمة إلى الحكم بالسجن 10 سنوات لـ7 متّهمين، بينهم 'المدير اللبناني'، وتغريمهم بالتضامن مبلغ 1.5 مليار دولار، وقضت بالسجن بين 3 و4 سنوات للمتّهمين الآخرين، مع إبعاد الأجانب منهم عن الكويت بعد انتهاء التنفيذ.