logo
جيل ألفا: هل يتحدّث طفلك لغة لا تفهمها؟

جيل ألفا: هل يتحدّث طفلك لغة لا تفهمها؟

شفق نيوزمنذ 5 أيام
"تستخدم ابنتي لغة مليئة بالاختصارات والرموز، غالباً ما تكون غير رسمية. تتحدّث بسرعة، وتُدخل كلمات جديدة ومصطلحات عصرية، قد يصعب فهمها أحياناً"، هكذا وصفت ديما طريقة تواصل طفلتها زُمُرّد ذات السبعة أعوام.
زُمُرّد، وجميع الأطفال المولودين بين الأعوام 2010 و2024، ينتمون إلى جيل ألفا. وقد بات من الشائع بين أفراد هذا الجيل استخدام لغة خاصة تتكوّن من رموز وحروف إنجليزية، تحمل أحياناً معاني خفية وغير مباشرة، غالباً ما تكون غير مفهومة لمن هم خارج دائرتهم العمرية.
وتضيف ديما في مقابلة أجرتها وابنتها مع بي بي سي، أنها تشعر أحياناً بوجود فجوة بينها وبين ابنتها، خاصة عندما تعجز عن فهم بعض ما تقوله. لكنها ترى في الوقت ذاته أن هذه الاختصارات "تفتح باباً للحوار مع زُمُرّد، وتجعلها تشعر بأنها جزءٌ من عالمها".
وتُبين أنها تسعى إلى مواكبة هذه اللغة بهدف فهمها، لا بالضرورة استخدامها. وتوضح أنها تتجنب استخدامها لأنها لا تراها مناسبة لها شخصياً.
وتصف ديما حال زُمُرّد عندما تطلب منها شرح مصطلح لم تفهمه، قائلة: "يكون ردّ فعلها لطيفاً، وتأخذ وقتها لشرح المعنى لي بطريقة بسيطة، وتسألني إن كنت بحاجة إلى مزيد من التوضيح".
أما زُمُرّد، فتضحك عندما ترى الحيرة على وجوه البالغين عند سماعهم لهذه الاختصارات. وعندما يسألونها: "لماذا تكتبون الحروف بهذه الطريقة؟"، تجيبهم: "هذه هي لغتنا وطريقتنا في التواصل".
وتعبّر عن ارتياحها لاستخدام الكلمات المختصرة، التي تجعل حديثها "أسرع وأكثر حيوية"، وفقاً لوصفها. وفي حين تستخدم زُمُرّد هذه اللغة مع أقرانها، إلّا أنها تتحدث بلغة أوضح مع والديها لرغبتها في أن يفهما كلامها بوضوح.
وتقول إنها تسعد عندما يحاول والديها تعلّم هذه الاختصارات، وأن شرحها لهما يجعل العلاقة بينهم أكثر قرباً.
جيل ألفا مترابط عالمياً
جيل ألفا كما تُقدمه لنا كارما الطاهر، الاختصاصية النفسية في المجمع المركزي للصحة النفسية، هو أول جيل يولد بالكامل في القرن الحادي والعشرين، وقد نشأ في ظل التكنولوجيا وجائحة كورونا. مشيرة إلى أنه جيل مترابط عالمياً، متنوّع وشامل.
وتصف الطاهر معالم لغة جيل ألفا، في حديثها لبي بي سي، بأنها "لغة عامية سريعة، وعملية للغاية، تميّزهم عن الأجيال السابقة. تعكس هوية الأطفال وتمنح الفرد منهم شعوراً بالانتماء إلى أقرانه عالمياً".
وترى أن هذه اللغة تأثرت بشكل كبير بوسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما بمنصة "تيك توك"، إذ يتعلمها جيل ألفا ويستخدمها نتيجة انغماسه شبه الكامل في هذا العالم الرقمي، أو كما يصفه أبناء هذا الجيل بـ"الوجود الدائم على الإنترنت بشكل مبالغ فيه".
"وقد باتت هذه اللغة رمزاً تواصلياً عالمياً يجمع أبناء هذا الجيل من مختلف الثقافات والأديان والأعراق، متجاوزة الحدود الجغرافية"، على حد قولها.
"عالم خاص بجيل ألفا"
وعلى عكس علاقة زُمُرّد مع والدتها، تُطلعنا الجدّة بسمة على علاقة ابنتها بحفيدتها، التي تصفها بأنها "تفتقر إلى نقاط الالتقاء في الحوار إلى حدٍ ما".
وتقول لبي بي سي، إن حفيدتها البالغة من العمر ثلاثة عشرَ عاماً تستخدم هاتفها الذكي بشكل مفرط، وتستخدم مفردات لم تكن لتظن أنها فعلاً تحمل معنى.
وتبيّن أن حفيدتها ماسة تتجنب تعليم والدتها هذه العبارات وما تحمله من دلالات، كما لو أنها لا ترغب في إدخالها إلى عالمها الخاص، مما يُعمّق الفجوة بين الأم وابنتها.
وفي هذا الصدد، توضح الطاهر أن ضعف التواصل بين الآباء وأبنائهم يؤدي إلى فجوة في الفهم، تؤثر بشكل كبير على العلاقة العاطفية والنفسية بينهم، فالأبناء يشعرون بأنهم لا يُفهَمون، بينما يشعر الآباء بأن أبناءهم لا يستمعون إليهم، مما يسبب توتراً في العلاقة.
وتشير إلى أن جيل ألفا تأثر بثقافة التفاعلات السريعة على مواقع التواصل، مما قلّل من اعتمادهم على المحادثات المكتوبة، وأضعف بالتالي إدراكهم لأهمية الكلمة وسياق استخدامها، مما يؤدّي أحياناً إلى سوء فهم مع البالغين.
وتقترح على الآباء تعلم أساسيات هذه اللغة الجديدة أو على الأقل فهمها بشكل عام، حتى يعلم أطفالهم أن هناك مساحة للفهم والتواصل، مؤكدة أن التواصل مع الأبناء يتم من خلال فهمهم، والطريقة الوحيدة لفهمهم هي التواصل معهم.
وتدعو الآباء إلى تعلّم أساسيات هذه اللغة أو الإلمام بها على الأقل، حتى يشعر الأطفال بأن هناك من يسعى لفهمهم والتقرب منهم، مؤكدة أن التواصل مع الأبناء يبدأ بفهمهم، وأن السبيل إلى هذا الفهم هو الحوار المستمر والتفاعل معهم بلغتهم.
كيف أثّرت جائحة كورونا على جيل ألفا؟
في الختام، تربط الطاهر بين لغة جيل ألفا وجائحة كوفيد-19، مشيرة إلى أن نشأتهم خلال سنوات الجائحة الأولى قد تكون لها تأثيرات اجتماعية ونمائية طويلة المدى على هذا الجيل.
وتوضح الطاهر، من واقع خبرتها كمعالجة نفسية، أنها لاحظت ازدياد الطلب على العلاج الأسري مقارنة بالعلاج الفردي عقب الجائحة، مبيّنة أن هذا التحوّل يعكس تأثير التغيرات التي طرأت على أنماط اللغة والتواصل داخل الأسرة.
إضافة إلى الجائحة، تؤكّد أن التطور الرقمي السريع واختلاف نشأة الأجيال أثّرتا على تطوّر اللغة، حيث تمتلك الأجيال مرجعيات ثقافية وتجارب اجتماعية مختلفة تماماً عن جيل ألفا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من القداس إلى الريلز: الكنيسة تُعدّل خطابها لمخاطبة جيل تيك توك
من القداس إلى الريلز: الكنيسة تُعدّل خطابها لمخاطبة جيل تيك توك

شفق نيوز

timeمنذ 13 ساعات

  • شفق نيوز

من القداس إلى الريلز: الكنيسة تُعدّل خطابها لمخاطبة جيل تيك توك

يشارك ثلاثة من أبرز الكهنة المؤثرين في مؤتمر ينظمه الفاتيكان ضمن "سنة اليوبيل للشباب"، في محاولة لإعادة ربط الكنيسة بجيل جديد من المؤمنين عبر المنصات الرقمية. الأب أمبروجو ماتزاي، كاهن يبلغ من العمر 34 عامًا من مدينة فيرونا الإيطالية، جذب أكثر من 460,000 متابع على تيك توك وإنستغرام. ينشر مقاطع فيديو قصيرة يتحدث فيها عن مواضيع دينية بروح مرحة ومباشرة، ويشارك أيضًا صورًا له أثناء ممارسة الرياضة أو العزف على الغيتار. يقول ماتزاي إن مهمته "إيصال الإيمان بلغة يفهمها من لم يعد يذهب إلى الكنيسة". دون كوزيمو شينا، كاهن من برينديسي، يتبع نهجًا مختلفًا، إذ يستخدم الشعر والموسيقى والكلب المرافق له لنقل رسائل المحبة والسلام. حقق أكثر من 450,000 متابع على إنستغرام، وغالبًا ما يتلقى الزوّار إلى كنيسته بعد أن تعرفوا عليه عبر الإنترنت. أما دون جوزيبي فوساري، كاهن من بريشيا ومؤرخ فنون، فيعتمد أسلوبًا يجمع بين الشرح الديني والعرض البصري، مستخدمًا خلفيته الأكاديمية لتقديم محتوى ديني وثقافي عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يصف متابعوه طريقته بأنها "مزيج بين المتحف والكنيسة". المؤتمر الذي ينطلق اليوم في روما يجمع هؤلاء الكهنة وغيرهم ممن يستخدمون التكنولوجيا لنشر الإيمان، بدعم من البابا ليون الرابع عشر. ويأتي ذلك ضمن استراتيجية كنسية أوسع أطلقها البابا فرنسيس في سنواته الأخيرة، لمواكبة التحولات في طرق التواصل مع الشباب. بحسب مسؤولي الفاتيكان، فإن الحضور الرقمي أصبح ضرورة، لا ترفًا، في عالم تتراجع فيه المشاركة التقليدية في الطقوس الدينية، وتزداد فيه أهمية الوصول إلى الناس حيث يقضون وقتهم.

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية
الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

عندما قررت رنا، فور تخرجها من الجامعة، أن تترك بلدتها الصغيرة في إحدى محافظات دلتا النيل وتنتقل إلى القاهرة بحثاً عن فرصة عمل، واجهت عاصفة من الرفض. والدها، تحديداً، رأى في خطوتها تحدياً مباشراً، ليس فقط للتقاليد التي نشأت فيها العائلة، بل له هو شخصياً، كأب ورب للأسرة. وبعد عام واحد، كانت رنا قد بدأت حياتها الجديدة في العاصمة، واستقلت مادياً ومعنوياً. لم تخبر أحداً حين توجهت إلى أحد استوديوهات الوشم في وسط البلد. اختارت كلمة واحدة فقط، نُقشت بخط عربي دقيق على معصمها الأيسر: "حرية". جذور تاريخية عميقة لكن رنا لم تكن الوحيدة التي خطّت على جسدها كلمات تؤكد هويتها وما يمثل ذاتها، فللوشم جذور عميقة في الهوية العربية. "كلما نظرتُ إلى المرآة، أتذكر جدتي"، بهذه الكلمات تصف فاطمة، وهي سيدة أمازيغية من جبال الأطلس، العلاقة العاطفية التي تربطها بالوشم الذي يزيّن ذقنها منذ طفولتها. قالت لنا "هذا الوشم نقشته لي قريبة لنا، وكانت جدتي هي من اختارته. كانت تقول لي إنّه يحميني من العين، ويزين وجهي كما تفعل الأقراط". لطالما شكّل الوشم في مجتمعات الأمازيغ والبدو وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء، وطقس عبور اجتماعياً وجسدياً. وتشير الباحثة خديجة زيني في دراسة نشرتها في دورية دراسات شمال أفريقيا إلى أن "الوشم لم يكن مجرد زينة، بل جزءاً من نظام رمزي يُظهر موقع المرأة داخل الجماعة... كما كانت العلامات والرموز المستخدمة في الوشم أداة لحفظ الذاكرة، والتعبير عن المعتقدات، والدفاع عن الجسد من قوى الشر". وفي المجتمعات البدوية في سيناء، مثلاً كانت النساء يشمن الشفة والخدود وأطراف الأيدي، في ممارسات تتجاوز الزينة إلى ما يُشبه العلامات الطقسية. ووفقاً لما دوّنه عدد من الرحالة والباحثين الأوروبيين في أواخر القرن التاسع عشر، من بينهم جورج شتايندورف، فإن "نساء سيناء كنّ مغرمات بالوشم، يشمن الشفة والخدود وظَهر اليدين حتى المرفق، في ممارسات تجمع بين الزينة والرمز الطقسي". لكن هذه التقاليد لم تسلم من التحول. إذ ساهمت النظرة الدينية الرافضة للوشم، المستندة إلى اتجاهات فقهية تعتمد تفسيرات لحديث "لعن الله الواشمة والمستوشمة"، في تراجعه داخل هذه المجتمعات. وبمرور الوقت، خفتت مظاهره، خاصةً مع التوسع الحضري وتصاعد الخطاب الديني المحافظ. عودة بصيغة جديدة واليوم، تعود الممارسات المرتبطة بالوشم في شكل جديد، لا كتعبير جماعي قبلي، بل كفعل فردي خاص. وشمٌ لا يختار له المجتمع مكانه ولا رمزه، بل تختاره المرأة لتعلن عبره عن حريتها، ذاكرتها، أو حتى جرحها الذي اختارت أن يُرى. تقول علياء فضالي، وهي فنانة وشم مصرية، لبي بي سي: "الناس بحاجة إلى أن تفهم أن الوشم ليس مجرد رسمة على الجسم... لكنه طاقة تشجع وتداوي". بدأت علياء رحلتها مع الوشم وهي في سن المراهقة، برسم تجريبي على يديها وعلى جلد ثمار الموز. ومع الوقت، تحوّلت هوايتها إلى استوديو محترف. أما نانسي قمح، وهي فنانة وشم لبنانية، فتقول لبي بي سي إنها وجدت نفسها في هذا الفن: "كنت أحب الرسم، وأحب التصميم والإبداع... شعرت إن الوشم هو أكثر شيء يعبر عني". بدأت نانسي مسيرتها داخل صالون نسائي صغير تتعدد فيه الأنشطة التجميلية للنساء. بدأت عملها في الخارج، ثم عادت إلى بلدها لبنان، حيث قررت أن يكون الوشم هو عملها الوحيد، وأصرت على أن تكرس وقتها وجهدها للتميز فيه. وتقول نانسي إنها واجهت في البداية تشكيكاً في قدراتها لمجرد كونها امرأة، وتوضح: "الناس يعتقدون أن الرجل لمجرد أنه رجل سيكون أكثر دقة عند العمل في تنفيذ وشم يبقى على الجسم طوال العمر". غير أن ذلك لم يحبطها أو يثنيها عن عزمها، بل إنها الآن أصبحت ترسم الوشوم على أجساد الرجال والنساء على حد سواء. الحبر والندبة: الوشم بوصفه فعلاً علاجياً تتعدد دوافع النساء للحصول على وشم، لكن دوافع التشافي تتكرر بكثافة. تقول دينا، وهي فنانة وشم لبنانية، تخصص جهودها لوشم النساء فقط، لبي بي سي: "أنا لا أشعر أنني أرسم لهن وشماً فقط. أثناء جلسة الوشم أشعر أنني في جلسة علاج لمن أدق لها الوشم". وتضيف أن ألم الوشم الخفيف غالباً ما يكون دافعاً للبوح: "تشعر المرأة أنها ترتاح مع وخزات الوشم الخفيفة، تشعر أن الشيء السلبي المؤلم يخرج من جسمها ويحل محله شيء جميل". وتقول علياء: "الكثير من الناس يدقون الوشم لتغطية آثار عمليات جراحية أو حوادث. الوشم يجعلهم يستعيدون الثقة في أجسامهم ويرتدون ما يرتاحون له من الثياب". وتروي علياء عن سيدة كانت تخفي ذراعها بسبب آثار حريق، لكنها بعد الوشم استطاعت أن تكشف عن ذراعيها دون خجل. دينا أيضاً تؤكد هذا البعد العلاجي، وتستحضر حالات نساء متعافيات من السرطان، قمن بوشم مناطق في الجسد غيّرتها الجراحة أو المرض. ومن أبرز القصص التي تمثل هذه الحالة، قصة عفاف، وهي امرأة اختارت أن تضع على جسدها عبارة واحدة: "أنا بطلة حياتي". قالت عفاف لبي بي سي عن وشمها الذي رسمته نانسي قمح: "هل تعلمين، عند مشاهدة فيلم، كثيراً ما نشاهد بطلاً ينقذ الموقف والآخرين.. أنا أشعر أنني هذه البطلة، أنا أنقذت نفسي. أنا تصالحت مع ذاتي وأنقذتها، وأحقق لها أحلامها". رموز القوة: من الفينيق إلى اللوتس بين السر والعلن تختلف علاقة النساء بوشومهن؛ فبعضهن يحتفظ بها سراً، والبعض الآخر يفخر بها علناً. تقول نانسي إن النساء المحجبات كنّ من أوائل زبوناتها، لأنهن يبحثن عن فنانة وشم تفهم خصوصيتهن. تقول "أحياناً لا ترغب الفتاة المحجبة خاصة أن تعرف أسرتها أنها رسمت وشماً. أنا أحترم رغبتها ونختار موضعاً للوشم بعيداً عن الأنظار". أما علياء، فتقول إن النساء أصبحن اليوم أكثر رغبة في إظهار وشومهن، لا إخفائها. وتضيف: "الآن أصبحت أرى الناس، سواء كانوا رجالاً أو نساءً، خاصة النساء، يفخرون بإبداء الوشم ويتباهون به". قصص تترك أثراً ما بعد الحبر تقول علياء: "الوشوم هدية مني لنفسي... كل وشم على جسمي يقويني ويذكرني برسالة مني لنفسي". وتضيف أن الوشم "ليس مجرد رسم على الجسد للزينة. الوشم طاقة تمنحك القوة، طاقة تقول لك إنك قادر على النهوض والمواصلة. الوشم رسالة لا تعرف كيف توصلها للناس، وتستخدم ما خُط ورُسم على جسدك لإيصالها". وفي المجمل، يبدو أن الوشم أصبح لدى قطاع من النساء العربيات أداة لبناء علاقة جديدة مع الجسد، علاقة فيها تصالح مع الألم والندوب، وفيها تأكيد على الحضور والاختيار. لا تزال بعض المجتمعات تنظر للوشم بريبة أو رفض، لكن الأصوات التي تسعى لإعادة تعريفه كفعل فردي، جمالي، وعلاجي، باتت أعلى وأكثر تأثيراً.

جيل ألفا: هل يتحدّث طفلك لغة لا تفهمها؟
جيل ألفا: هل يتحدّث طفلك لغة لا تفهمها؟

شفق نيوز

timeمنذ 5 أيام

  • شفق نيوز

جيل ألفا: هل يتحدّث طفلك لغة لا تفهمها؟

"تستخدم ابنتي لغة مليئة بالاختصارات والرموز، غالباً ما تكون غير رسمية. تتحدّث بسرعة، وتُدخل كلمات جديدة ومصطلحات عصرية، قد يصعب فهمها أحياناً"، هكذا وصفت ديما طريقة تواصل طفلتها زُمُرّد ذات السبعة أعوام. زُمُرّد، وجميع الأطفال المولودين بين الأعوام 2010 و2024، ينتمون إلى جيل ألفا. وقد بات من الشائع بين أفراد هذا الجيل استخدام لغة خاصة تتكوّن من رموز وحروف إنجليزية، تحمل أحياناً معاني خفية وغير مباشرة، غالباً ما تكون غير مفهومة لمن هم خارج دائرتهم العمرية. وتضيف ديما في مقابلة أجرتها وابنتها مع بي بي سي، أنها تشعر أحياناً بوجود فجوة بينها وبين ابنتها، خاصة عندما تعجز عن فهم بعض ما تقوله. لكنها ترى في الوقت ذاته أن هذه الاختصارات "تفتح باباً للحوار مع زُمُرّد، وتجعلها تشعر بأنها جزءٌ من عالمها". وتُبين أنها تسعى إلى مواكبة هذه اللغة بهدف فهمها، لا بالضرورة استخدامها. وتوضح أنها تتجنب استخدامها لأنها لا تراها مناسبة لها شخصياً. وتصف ديما حال زُمُرّد عندما تطلب منها شرح مصطلح لم تفهمه، قائلة: "يكون ردّ فعلها لطيفاً، وتأخذ وقتها لشرح المعنى لي بطريقة بسيطة، وتسألني إن كنت بحاجة إلى مزيد من التوضيح". أما زُمُرّد، فتضحك عندما ترى الحيرة على وجوه البالغين عند سماعهم لهذه الاختصارات. وعندما يسألونها: "لماذا تكتبون الحروف بهذه الطريقة؟"، تجيبهم: "هذه هي لغتنا وطريقتنا في التواصل". وتعبّر عن ارتياحها لاستخدام الكلمات المختصرة، التي تجعل حديثها "أسرع وأكثر حيوية"، وفقاً لوصفها. وفي حين تستخدم زُمُرّد هذه اللغة مع أقرانها، إلّا أنها تتحدث بلغة أوضح مع والديها لرغبتها في أن يفهما كلامها بوضوح. وتقول إنها تسعد عندما يحاول والديها تعلّم هذه الاختصارات، وأن شرحها لهما يجعل العلاقة بينهم أكثر قرباً. جيل ألفا مترابط عالمياً جيل ألفا كما تُقدمه لنا كارما الطاهر، الاختصاصية النفسية في المجمع المركزي للصحة النفسية، هو أول جيل يولد بالكامل في القرن الحادي والعشرين، وقد نشأ في ظل التكنولوجيا وجائحة كورونا. مشيرة إلى أنه جيل مترابط عالمياً، متنوّع وشامل. وتصف الطاهر معالم لغة جيل ألفا، في حديثها لبي بي سي، بأنها "لغة عامية سريعة، وعملية للغاية، تميّزهم عن الأجيال السابقة. تعكس هوية الأطفال وتمنح الفرد منهم شعوراً بالانتماء إلى أقرانه عالمياً". وترى أن هذه اللغة تأثرت بشكل كبير بوسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما بمنصة "تيك توك"، إذ يتعلمها جيل ألفا ويستخدمها نتيجة انغماسه شبه الكامل في هذا العالم الرقمي، أو كما يصفه أبناء هذا الجيل بـ"الوجود الدائم على الإنترنت بشكل مبالغ فيه". "وقد باتت هذه اللغة رمزاً تواصلياً عالمياً يجمع أبناء هذا الجيل من مختلف الثقافات والأديان والأعراق، متجاوزة الحدود الجغرافية"، على حد قولها. "عالم خاص بجيل ألفا" وعلى عكس علاقة زُمُرّد مع والدتها، تُطلعنا الجدّة بسمة على علاقة ابنتها بحفيدتها، التي تصفها بأنها "تفتقر إلى نقاط الالتقاء في الحوار إلى حدٍ ما". وتقول لبي بي سي، إن حفيدتها البالغة من العمر ثلاثة عشرَ عاماً تستخدم هاتفها الذكي بشكل مفرط، وتستخدم مفردات لم تكن لتظن أنها فعلاً تحمل معنى. وتبيّن أن حفيدتها ماسة تتجنب تعليم والدتها هذه العبارات وما تحمله من دلالات، كما لو أنها لا ترغب في إدخالها إلى عالمها الخاص، مما يُعمّق الفجوة بين الأم وابنتها. وفي هذا الصدد، توضح الطاهر أن ضعف التواصل بين الآباء وأبنائهم يؤدي إلى فجوة في الفهم، تؤثر بشكل كبير على العلاقة العاطفية والنفسية بينهم، فالأبناء يشعرون بأنهم لا يُفهَمون، بينما يشعر الآباء بأن أبناءهم لا يستمعون إليهم، مما يسبب توتراً في العلاقة. وتشير إلى أن جيل ألفا تأثر بثقافة التفاعلات السريعة على مواقع التواصل، مما قلّل من اعتمادهم على المحادثات المكتوبة، وأضعف بالتالي إدراكهم لأهمية الكلمة وسياق استخدامها، مما يؤدّي أحياناً إلى سوء فهم مع البالغين. وتقترح على الآباء تعلم أساسيات هذه اللغة الجديدة أو على الأقل فهمها بشكل عام، حتى يعلم أطفالهم أن هناك مساحة للفهم والتواصل، مؤكدة أن التواصل مع الأبناء يتم من خلال فهمهم، والطريقة الوحيدة لفهمهم هي التواصل معهم. وتدعو الآباء إلى تعلّم أساسيات هذه اللغة أو الإلمام بها على الأقل، حتى يشعر الأطفال بأن هناك من يسعى لفهمهم والتقرب منهم، مؤكدة أن التواصل مع الأبناء يبدأ بفهمهم، وأن السبيل إلى هذا الفهم هو الحوار المستمر والتفاعل معهم بلغتهم. كيف أثّرت جائحة كورونا على جيل ألفا؟ في الختام، تربط الطاهر بين لغة جيل ألفا وجائحة كوفيد-19، مشيرة إلى أن نشأتهم خلال سنوات الجائحة الأولى قد تكون لها تأثيرات اجتماعية ونمائية طويلة المدى على هذا الجيل. وتوضح الطاهر، من واقع خبرتها كمعالجة نفسية، أنها لاحظت ازدياد الطلب على العلاج الأسري مقارنة بالعلاج الفردي عقب الجائحة، مبيّنة أن هذا التحوّل يعكس تأثير التغيرات التي طرأت على أنماط اللغة والتواصل داخل الأسرة. إضافة إلى الجائحة، تؤكّد أن التطور الرقمي السريع واختلاف نشأة الأجيال أثّرتا على تطوّر اللغة، حيث تمتلك الأجيال مرجعيات ثقافية وتجارب اجتماعية مختلفة تماماً عن جيل ألفا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store