logo
لبنان الغني يواجه تحدّيات كبرى وخطرًا صامتًا يهدد هويته ووجوده

لبنان الغني يواجه تحدّيات كبرى وخطرًا صامتًا يهدد هويته ووجوده

الديارمنذ 3 أيام

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
يشكل التراث جزءا أساسيا من هوية الشعوب فهو الجسر الذي يربط الماضي بالحاضر، وفي لبنان، يشكل التراث ثروة غنية ومتنوعة تعكس تاريخا عريقا وحضارات متعددة تعاقبت على هذه الأرض، هذا التراث الذي يحمل عناصر فريدة تميزه عن سائر البلدان، والمحافظة على التراث هي المحافظة على الهوية، هذا ما أكدته السيدة الأولى نعمت عون، مضيفة "نعمل يدا بيد مع الجمعيات المتخصصة ووزارة الثقافة، الشريكة الأولى في هذا المسار، لترميم إرثنا الثقافي وصونه"، فمن القصر الجمهوري، حيث تستكمل أعمال ترميم الأعمال الفنية والتاريخية، إلى المتاحف والمواقع السياحية، كانت الرسالة إلى اللبنانيين جميعا للحفاظ على التراث.
يشار إلى أن التراث هو مجموع القيم الثقافية والمادية التي تنتقل من جيل إلى جيل. وينقسم إلى تراث مادي: مثل القلاع، والأسواق القديمة، والمواقع الأثرية، وتراث غير مادي مثل الأغاني الشعبية، الرقصات (كالدبكة)، الأمثال، العادات، والأطعمة التقليدية.
يتمتع لبنان بتاريخ وتراث غني، وحفظ التراث اللبناني يعد ضروريا للحفاظ على تاريخ الإنسانية بأكملها، حيث يمثل ثراء ثقافيا وتاريخيا هاما للشعب اللبناني والعالم. مصدر في وزارة الثقافة أكد أن" لبنان يحتل مكانة مهمة في المنطقة كونه يضم تنوعا ثقافيا كبيرا يعكس تاريخه الغني والمتنوع، وحفظ التراث الثقافي يعد أمرا حيويا، حيث إن الحفاظ على التراث الثقافي يساعد في الحفاظ على الهوية الثقافية الفريدة للبلاد ويضمن أن تتمكن الأجيال القادمة من التعلم من تراثها وتقديره، كما يساهم الحفاظ على التراث في التنمية الاقتصادية للبلاد. فمن خلال الحفاظ على المواقع التراثية، يستطيع لبنان جذب المزيد من السياح وتحقيق الإيرادات، كما أن الحفاظ على التراث يساعد في تعزيز التماسك الاجتماعي والسلام والاستقرار، ويعد أمرا ضروريا لنقل المعرفة والتقاليد إلى الأجيال القادمة، مما يساعد في الحفاظ على هوية البلاد وقيمها الفريدة".
يذكر أن لبنان أقرّ اتفاقيّة حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي (1972) في 3 شباط 1983، وكان عضوا في لجنة التراث العالمي لأربع مرات.
التراث اللبناني ليس مجرد ماض نخلده، بل هو نبض حي يعيش فينا وعلينا مسؤولية الحفاظ عليه فبه نحفظ هويتنا ونبني مستقبلا متجذرا في الأصالة والانفتاح، ولحماية التراث اللبناني أكد المصدر أنه لا بد من" إشراك المجتمع المحلي في حفظ التراث وتوعية الشباب من خلال المناهج الدراسية لأهمية هذا التراث ودعم المبادرات الثقافية والمؤسسات المهتمة بالتراث، إضافة إلى ترميم المواقع الأثرية وتعزيز السياحة التراثية".
يذكر أن المؤسسة الوطنية للتراث أطلقت بالتنسيق والتعاون مع وزارة الثقافة سنة 1997 ' اليوم الوطني للتراث ' الذي حدد تاريخه في اليوم الخميس الثالث من شهر أيار من كل عام الذي يتزامن مع اليوم العالمي للمتاحف، وقد احتفل بهذا اليوم لأول مرة في العاصمة بيروت، حيث تفتح وزارة الثقافة - المديرية للآثار طوال اليوم جميع متاحفها ومواقعها الأثرية مجاناً للعموم في كل عام، وقد دعمت السيدة الأولى نعمت عون هذه المبادرة بقولها " ندعم هذه المبادرة لأنها تسير في الاتجاه نفسه في إتاحة التراث أمام الجميع، وتعزيز الوعي بقيمته، كخطوة أساسية في مسار الحفاظ عليه وصون هويتنا الوطنية".
وفي الماضي القريب، اعتادت وزارة الثقافة إقامة "ليلة المتاحف" في شهر نيسان من السنوات السابقة، حيث تفتح أبواب أكثر من 10 متاحف للزيارات المجانية في مختلف المناطق، وقد توقف هذا التقليد منذ عام 2019 ومن المتوقع أن تعود وزارة الثقافة إلى استحداث "ليلة المتاحف" في عام 2027.
وزير الثقافة غسان سلامة أكد خلال زيارة له للمتحف الوطني أن "زيارة المتحف تؤسس لبناء علاقة تواصل ومباشرة بين الزائر وتراثه الإنساني وتحفزه لحماية المقتنيات التي تدل على حضارته وتميزه عن البلدان المحيطة به"، مشددا على "اهمية قراءة تاريخ لبنان الثقافي وبث الوعي حول أهمية تراثه وكيفية المحافظة على هذا الارث، الذي يعتبر كنزا وطنيا".
يشار إلى أن لائحة المتاحف في لبنان التي تنتشر في مختلف مناطقه تطول نذكر منها المتحف الوطني، ومتحف الجامعة الأميركية، والمتحف اللبناني للحياة البحرية والبرية، ومتحف نقولا سرسق، ومتحف ميم للمعادن بيروت، ومتحف بلانت ديسكفري العلمي بيروت، متحف ما قبل التاريخ اللبناني، ومتحف بنك لبنان، ومتحف الحرير بيروت وغيرها.
التراث اللبناني بغنى عن التعريف محليا وعالميا، ولا جدلية حول أهميته وضرورة المحافظة عليه، ولكن الاشكالية تكمن في شكل المحافظة عليه بشكل يضمن بقاءه للاجيال المقبلة من جهة وعدم تغيير الذاكرة الجماعية والشعور بالانتماء من جهة أخرى، لكن الإهمال الرسمي وقلة التوعية، وتأثير العولمة وتغير أنماط الحياة وضعف التوثيق والأرشفة إضافة إلى الحروب والدمار هي تحديات تقف أمام العمل للحفاظ على التراث.
فالحرب الأخيرة التي لم تنته فصولها من قبل العدو الإسرائيلي على البشر والحجر في لبنان، ألقت بظلالها الثقيلة على التراث الثقافي والتاريخي للبلاد، مهددة ليس فقط المواقع الأثرية المشهورة بل أيضاً الذاكرة الجماعية للمجتمع اللبناني، حيث تعرضت مواقع تاريخية هامة مثل آثار ومعابد بعلبك المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو وأسواق النبطية التجارية للتدمير المتعمد، كما تعرضت المدينة الفينيقية القديمة في صور لعدة ضربات، مما يشكل تهديدا للهوية الثقافية والتاريخية للبنان، بالإضافة إلى ذلك، دمرت قرى تاريخية بأكملها في جنوب لبنان، مثل يارون وميس الجبل، مما أدى إلى فقدان هائل للتراث المادي وغير المادي لهذه القرى، التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين، والتي كانت تحمل في طياتها ذاكرة جماعية غنية، مما يمثل جريمة ضد الإنسانية والحضارة، وانتهاكا صارخا للقوانين الدولية وقرارات اليونسكو لحماية التراث العالمي، التي تؤكد على تحييد الأماكن التراثية والمواقع الأثرية، وتبقى قلعة شمع التي فجرها العدو شاهدا على نيات العدو الخبيثة تجاه لبنان لمحو التاريخ والذاكرة.، و دعت وزارة الثقافة اللبنانية منظمة اليونسكو إلى التحرك لحماية مواقع التراث العالمي في لبنان، ووصفت القصف بأنه انتهاك للاتفاقيات الدولية.
يشار إلى أنه تم ادراج أول موقع للتراث العالمي في لبنان في اجتماع الدورة الثامنة للجنة التراث العالمي الذي عقد في بوينس أيرس في عام 1984، وسجِلت منذ ذلك الحين 6 مواقع على القائمة الرئيسة في كل من عنجر (1984) وصور (1984) وبيبلوس (1984) وبعلبك (1984) ووادي قاديشا (1998)، ومعرض رشيد كرامي الدولي في طرابلس (2023)، وصنفت جميعها ضمن الفئة الثقافيّة، كما أضيفت 10مواقع في القائمة الإرشادية المؤقتة لمواقع التراث العالمي اللبنانية.
ويبقى للتراث المادي حيز مهم في هوية الوطن، ولكن هناك ايضاً التراث غير المادي الذي يعد جزءا أساسيا من الهوية الثقافية اللبنانية، ويتميز لبنان بتنوع ثقافي غني ناتج من تاريخه الطويل وتعدد طوائفه ومناطقه، مما يجعل تراثه غير المادي غنيا ومتنوعا متمثلا بالتقاليد الشفوية، والموسيقى، والرقصات الشعبية، والحرف اليدوية، والممارسات الاجتماعية والدينية، بالاضافة الى المطبخ اللبناني الذي اصبح عالميًا بسبب تنوعه وارضائه مختلف الاذواق تميزت بالدقة والطعم اللذيذ، هذه كلها عناصر ليست مجرد رموز ثقافية، بل هي شيفرة وجودية تحفظ ذاكرة الشعوب وتحميها من الذوبان في عالم معولم.
يذكر أن لبنان أقرّ اتفاقيّة حماية التراث الثقافي غير المادي في 8 كانون الثاني 2007، حيث تضم قائمة التراث اللامادي في لبنان موضوعين يعبران عن ثقافة المجتمع اللبناني، الزجل الذي أدرج على قائمة التراث البشري غير المادي لمنظمة اليونسكو عام 2014، والخط العربي الذي أدرج عام 2021، فمنذ فجر التاريخ كان لبنان مركزاً ثقافياً مرموقاً، فهو الذي اخترع الأبجدية التي ما تزال رموزها الأولى محفورة على ناووس أحيرام المحفوظ في المتحف الوطني اللبناني.
هذا وانضم لبنان إلى اليونسكو في 4 تشرين الثاني 1946، وهو أحد أعضائها المؤسِسين كما اُفتتح مكتب اليونسكو في بيروت في عام 1961، ويعد المكتب شبه الإقليمي في الشرق الأوسط ويغطي لبنان وسورية والأردن والعراق والأراضي الفلسطينية وهو المكتب الإقليمي للتربية في الدول العربية.
إحياء التراث هو إحياء للهوية، وضمان لاستمرار لبنان ككيان متجذر في التاريخ ومفتوح على المستقبل، لكن في زمن تتسارع فيه العولمة وتتبدل فيه القيم والمفاهيم بوتيرة غير مسبوقة، يواجه اللبنانيون خطرا صامتا لكنه عميق، يتمثل في الأمية الثقافية تجاه التراث الوطني، والمقصود هنا ليس الجهل فقط بالتاريخ أو تجاهل الحكايات الشعبية، بل تتعدى ذلك إلى فقدان الهوية، وقطع الصلة بجذور ضاربة في عمق الزمن، فحين نجهل تراثنا، نصبح عرضة للتأثر بهويات دخيلة، ونفقد البوصلة التي توجهنا كأفراد وكجماعة، وصون ذاكرة الأمة والحفاظ على هويتها في وجه التحديات مسؤولية جماعية، تتشارك فيها المؤسسات الإعلامية، النظام التربوي، والشباب كمحرك أساسي للتغيير والتجديد فلندرس الزجل إلى جانب الشعر الحديث، ولنقم بجولات في القرى كما نسافر إلى العواصم، ولنعط مكانة للزي التقليدي كما نفعل مع أحدث صيحات الموضة.
يذكر أنه في العام 2023 نالت السيدة ريا الداعوق جائزة Ivo Andric الثقافية الأوروبية ضمن فعاليات Italia è cultura، وهذه الجائزة أتت تكريماً لعملها في المحافظة على التراث اللبناني وتطويره وحماية ما تبقى من عاصمة لبنان بيروت، واستناداً الى ذلك انتخبت ريا الداعوق رئيسة الجامعة الدولية للبحر الأبيض المتوسط وقد جرى الاحتفال في بالميرو الايطالية، كما تم تكريم السيدة الداعوق في لبنان في العام نفسه بعد نيلها جائزة Ivo Andric الاوروبية.
وتجدر الإشارة إلى ان هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها دعوة امرأة من لبنان لقيادة مؤسسة رفيعة المستوى تشمل الجوانب الثقافية والسياحية والتعليمية للابتكار التكنولوجي وإنشاء الأعمال والوظائف الجديدة في هذه المنطقة الشاسعة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مياه الجنوب : تأمين 10 مولدات جديدة لتشغيل
مياه الجنوب : تأمين 10 مولدات جديدة لتشغيل

الديار

timeمنذ 18 ساعات

  • الديار

مياه الجنوب : تأمين 10 مولدات جديدة لتشغيل

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي في بيان أنها " ضمن عملية الاستجابة الطارئة لحاجات القرى والبلدات الجنوبية بعد عودة المواطنين النازحين إثر العدوان الاسرائيلي الاخير، قامت فرقها وبشكل دوري بالكشف على المولدات والعمل على صيانة الاعطال التي طرأت عليها او استبدالها بمولدات جديدة لتشغيل محطات وآبار المياه في مختلف البلدات والقرى المتضررة". وأشارت الى انه " حرصاً منها على ضمان استمرارية المحطات والآبار واستمرار التغذية بالمياه في ظل الظروف الراهنة، قامت المؤسسة بتأمين 10 مولدات كهربائية حديثة وبقدرات انتاجية عالية (100 - 700 KVA) للبلدات الاتية: الخيام -المعتقل بقوة 350 KVA ، وادي_سلوقي رقم 2 بقوة 250 KVA، رميش رقم 1 بقوة 250 KVA، قناريت بقوة 250 KVA، الناقورة بقوة 250 KVA، مجدل_ زون بقوة 250 KVA، ديرميماس بقوة 100 KFA، عرب_الجل بقوة 100 KFA، البياضة بقوة 250 KFA والحاصباني بقوة 700 KVA وذلك بالتعاون مع منظمة اليونيسيف واللجنة الدولية للصليب الأحمر".

مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا
مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا

الديار

timeمنذ 18 ساعات

  • الديار

مصر تستعيد 21 قطعة أثرية من أستراليا

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب استعادت مصر 21 قطعة أثرية من أستراليا، كان قد تم تهريبها من مصر بطرق غير مشروعة، وبعضها عرض في مزادات. وبحسب بيان لوزارتي الخارجية والآثار، "فقد نجحت السفارة المصرية في كانبرا والقنصلية العامة في سيدني، بالتعاون مع الجهات الأسترالية المعنية، في استعادة 21 قطعة أثرية كانت معروضة في إحدى صالات المزادات، بالإضافة إلى جزء من جدارية خاصة بالمدعو "سشن نفر تم"، والتي كانت ضمن مقتنيات جامعة ماكواري، فضلا عن مسمار أثري يعتقد أنه يعود إلى أحد التوابيت الملكية". وأوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن القطع كانت معروضة بإحدى صالات المزادات الشهيرة في أستراليا، وعندما تبين عدم وجود مستندات ملكية لها، بادرت إدارة الصالة بالتعاون مع السفارة المصرية في كانبرا لإعادتها إلى القاهرة، لافتا إلى أن القطع المستردة تعود إلى عصور مصرية قديمة متنوعة وتضم تماثيل صغيرة، من بينها تمثال أوشابتي، وجزء من تابوت خشبي على هيئة يد بشرية، ورأس أفعى من الخشب، ومسرجة فخارية، ومغازل من العاج، وتميمة عين الوجات، وقطعة من النسيج القبطي. وأشار إلى أن بعض القطع تم تسليمها إلى القنصلية المصرية العامة في سيدني، من بينها جزء من لوحة أثرية تخص المدعو 'سشن نفر تم'. وقد تم اكتشاف هذه اللوحة سابقا بواسطة البعثة الإيطالية، وكانت مكسورة إلى أربعة أجزاء، اختفى بعضها خلال عملية جرد عام 1995، قبل أن يُعاد ثلاثة أجزاء منها إلى مصر عام 2017 من سويسرا، في حين تم تسليم الجزء الرابع مؤخرا من قبل متحف ماكوري في أستراليا، فور تأكيده أن هذا الجزء ينتمي للوحة ذاتها. ونوه بأن وفدا من المجلس تسلم القطع الأثرية من مقر وزارة الخارجية المصرية، وتم إيداع القطع بالمتحف المصري بالتحرير لترميمها تمهيدا لعرضها في معرض مؤقت. وقال وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي، إن استرداد هذه المجموعة يعكس التزام الدولة المصرية، بجميع مؤسساتها، بحماية تراثها الحضاري الفريد، مشيدا بالتعاون المثمر بين وزارتي السياحة والآثار والخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، والذي كان لهما الدور الرئيسي في تحقيق هذا الإنجاز. وأضاف أن هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع الاحتفال بمرور 75 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وأستراليا، ما يعكس عمق التعاون الثنائي والتنسيق المشترك بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما في مجال حماية التراث الثقافي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، ويؤكد التزام الجانبين بإعادة الممتلكات الثقافية إلى موطنها الأصلي وفقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية. فيما ذكرت وزارة الخارجية، أن الجهود الحثيثة التي بذلتها البعثات الديبلوماسية المصرية المعتمدة في استراليا، متمثلة في السفارة في كانبرا والقنصليتين العامتين في كل من سيدني وملبورن، أسفرت عن تزايد إقبال المواطنين الاستراليين لإعادة القطع المصرية الأثرية التي بحوزتهم بصورة طوعية، وذلك استنادا للحملة التي أطلقتها البعثات الديبلوماسية المصرية في استراليا خلال الأعوام الماضية.

توسيع "الكوستا برافا" أُقِرّ... صليبا تكشف لـ "الديار" خطة رفع الجبل في برج حمود والجديدة وزارة البيئة تحاول استعادة مهام السلطة التنفيذيّة... فهل تنجح؟
توسيع "الكوستا برافا" أُقِرّ... صليبا تكشف لـ "الديار" خطة رفع الجبل في برج حمود والجديدة وزارة البيئة تحاول استعادة مهام السلطة التنفيذيّة... فهل تنجح؟

الديار

timeمنذ 21 ساعات

  • الديار

توسيع "الكوستا برافا" أُقِرّ... صليبا تكشف لـ "الديار" خطة رفع الجبل في برج حمود والجديدة وزارة البيئة تحاول استعادة مهام السلطة التنفيذيّة... فهل تنجح؟

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تخيل بلداً يضع نفاياته تحت السجادة أو بالأحرى، يطمرها في أحشاء الأرض، وينفخ دخانها في صدر السماء. مشهد سريالي تختلط فيه رائحة الفساد برائحة القمامة، حيث يستحيل التخلص من الفضلات، مما يجعل اكوام الزبالة عبئاً يهدد الهواء والماء والتربة، وصولاً إلى صحة الإنسان نفسه. فالواقع البيئي في لبنان لم يعد يحتمل المزيد من التجميل أو التسويف، إذ تحوّلت المطامر إلى جبال شاهقة من النفايات لا تتوقف عن النمو، في حين تُطرح المحارق كحل سحري، رغم ما تحمله من سموم كامنة وتهديدات مسرطنة تتسلل إلى الرئتين بلا استئذان. لذا، في بلد تتخطى نسبة النفايات العضوية فيه 55%، تبدو فكرة الحرق أشبه بمن يحاول إشعال النار في الماء. هذه المواد المشبعة بالرطوبة لا تحترق بسهولة، بل تحتاج إلى "وقود" إضافي من البلاستيك والمازوت، ما يجعل كلفة الحرق خيالية بيئياً ومالياً. وبين مكبات تغصّ حتى الاختناق، ومحارق تنفث الرماد السام والـ "ديوكسين"، يصبح السؤال الجوهري: هل نتجه فعلاً نحو حلول مستدامة؟ أم نواصل الدوران في حلقة مفرغة من الترحيل والطمر والحرق؟ في جميع الأحوال، إنها معادلة فاشلة عنوانها الدائم: "البيئة آخر الأولويات"، في وقتٍ بات فيه المواطن وقوداً إضافياً في محرقة سوء الإدارة وغبار السياسات العشوائية. أمام تفاقم أزمة النفايات في لبنان، وبلوغ مطمري الجديدة وبرج حمود حدّهما الأقصى من الاستيعاب، ويضاف اليهما مطمر "الكوستا برافا"، تُطرح تساؤلات ملحّة: إلى أين يتجه هذا القطاع، في ظل غياب استراتيجية واضحة ومستدامة؟ هل سنشهد توسيعاً للمطامر الحالية؟ أم أن هناك توجهاً نحو حلول أكثر تطوراً تحترم صحة الإنسان والبيئة؟ وكيف سيتم التعامل مع التراكم اليومي للنفايات، في ظل هذه المعطيات الضاغطة؟ للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، تحدثنا إلى جهة متخصصة في هذا الملف، حيث استعرضت واقع إدارة النفايات الصلبة في لبنان، وسلّطت الضوء على التحديات البيئية والتقنية التي تواجه هذا القطاع، إضافة إلى المساعي القائمة لوضع استراتيجية متكاملة تجمع بين التشريع والتنفيذ. وفي هذا السياق، تقول أستاذة الكيمياء البيئية في الجامعة الأميركية في بيروت النائبة الدكتورة نجاة صليبا لـ "الديار": "أولاً تشكل الكمية الكبرى من نفاياتنا نسبة تفوق 55% من النفايات العضوية". ماذا يعني "عضوي"؟ توضح: "أي تتكون من الخضر والفواكه والطعام المطبوخ، وهذه المواد مشبعة بالمياه. لذلك، إذا وضعناها في محرقة لا تحترق، وحتى تحترق يجب أن نضيف عليها البلاستيك والكرتون، بالإضافة إلى مواد مشتعلة مثل المازوت والبنزين، فيصبح حينئذ، إلى جانب كونها ماء، الدولة ستتكلف ثمن المازوت والبنزين أكثر من وضعها في المحرقة. وبالتالي، تكلفة هذه الطريقة في التخلص من الفضلات، هي أغلى طريقة يمكن أن تتبعها الدولة لإدارة النفايات الصلبة التي لديها". طرح غير سليم! وتضيف: "نفاياتنا لا يمكن مقارنتها بأوروبا، لأننا نطبخ في المنزل ونشتري الخضراوات لاستخدامها، ولا نعتمد بشكل كامل على الوجبات الجاهزة او "الدليفري"، وبالتالي فإن القمامة ليست عبارة عن بلاستيك فقط او الكرتون الذي نستعمله. من هنا، فإن المقارنة مع أوروبا هي رؤية مغلوطة 100%". تحديات معالجة الرماد السام وأهمية تقنيات الحرق المتقدمة وتتابع: "أما الأمر الثاني فهو الرماد الناتج من الحرق، والذي يحتوي على مواد سامة تتطلب معالجة خاصة وآمنة، غير أنها مكلفة جداً. وفي غياب هذه المعالجة، يُصار إلى طمر هذا الرماد، ما يجعله أكثر ضرراً، لأن الطمر العشوائي لهذه المواد المؤذية، أخطر بكثير من طمر النفايات العضوية أو غير القابلة لإعادة التدوير، مما يزيد الوضع تعقيداً. هذا فضلاً عن الانبعاثات السامة التي تطلق في الجو، إذ يؤدي حرق البلاستيك إلى انبعاث مادة الديوكسين، وهي مادة مهلكة جداً". وتضيف: "إذا كانت الدولة تنوي اللجوء إلى الحرق، فعليها أن تجهّز المحارق بفلاتر متطورة وأجهزة لقياس الحرارة، بغية التأكد من أن الحرق يتم بدرجات حرارة مرتفعة، لتفادي انبعاث الديوكسين. أما في حال غابت الصيانة الدورية والمراقبة الدقيقة، فإن حياة الناس ستكون في خطر داهم". وتعود لتوضح: "ما أحاول قوله هو إن من يتحدث عن سبب وجود المحارق في أوروبا وعدم وجودها هنا، فهذا المستفسر لا يكون دارسا لكل هذه المعطيات الاقتصادية والبيئية، ويجهل نوعية النفايات الموجودة لدينا. كما انه يغفل في حديثه ان هذا النموذج لا يمكن تطبيقه في لبنان. ويبقى السؤال الأهم في هذا المجال: إذا تم اعتماد الحرق، فأين سيتم التخلص من الرماد المسرطن". فصل المهام بين السلطتين خطوة أساسية باتجاه الحل وتشرح: "التقيت بفريق عمل مع وزيرة البيئة اللبنانية الدكتورة تمارا الزين وأثرنا موضوع النفايات، وتحدثنا عن اهمية السلطة التنفيذية ممثلة بالوزيرة، في اعادة النظر بالاستراتيجية التي اقرها مجلس الوزراء السابق. ونحن في الوقت نفسه، نعمل بالتوازي على اعادة النظر في قانون النفايات، لان الطريقة المعتمدة سابقا اي قانون 80/2018، استند في احدى فقراته الى تَبنّي الاستراتيجية الصادرة عن مجلس الوزراء وهذا امر معيب قانوناً، اذ لا يجوز ان يكون هناك تداخل بين الاستراتيجية التي تعد من مهام السلطة التنفيذية، وبين وضع القانون الذي ينبغي ان يؤسس على مبادئ عامة وثابتة، لا ان يرتبط باستراتيجية متغيرة. وهذا ما حصل بالفعل، وهو ما كنا قد اتفقنا عليه، بأن يكون هناك تعاون بين السلطتين، يعقبه اجتماع نطرح فيه بدورنا التعديلات على القانون، وفي الوقت عينه تقوم الوزيرة باطلاعنا على الاستراتيجية التي تفكر في اعتمادها". وتشير إلى أن "الخطة لم تتضح بعد، وفي الوقت نفسه ما زلنا نعمل على القانون، وكل ذلك في إطار السعي الجاد أولاً لإصدار قانون حديث، وثانياً لوضع استراتيجية موحدة تنطبق على جميع البلديات والاتحادات. لذلك قبل إقرار هذين الأمرين، لا يمكن الحديث عن أي شأن يتعلق بالنفايات، سواء أكان مدفناً ام غيره". برنامج متكامل لإدارة النفايات وتكشف لـ "الديار" في ختام حديثها أنه "سيتم العمل على رفع الجبل في برج حمود والجديدة، لأنهما وصلا إلى الحد الأقصى من القدرة الاستيعابية للنفايات، ولم يعد بالإمكان تكديس المزيد من القمامة. وهنا قد نواجه مشكلة، لكن هناك مساعٍ حثيثة لوضع برنامج متكامل، يتمشى بالتوازي مع الاستراتيجية المتعلقة بإدارة النفايات ومع قانون النفايات، بحيث يكمل أحدهما الآخر، لضمان تنظيم منسق لهذا القطاع. وهذا ما نعمل عليه، وزيارتي إلى وزيرة البيئة لم يمضِ عليها وقت طويل، لأقول إن هناك معطيات جديدة طرأت في هذا الملف".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store