شعبان يوسف: صلاح عيسى أول مَنْ كتب الرواية التسجيلية في مصر
روايات صلاح عيسى
وأضاف خلال صالون الدستور الثقافي: «كانت روايته الأولى عبارة عن مجموعة من الشهادات والوثائق التى تؤرخ لمرحلة زمنية بعينها، وقد قال فى مقدمتها: (حاولت أن أجمع عددًا من الأخبار وأكتب رواية)، وقد تضمن الإصدار الأول مجموعة من الصور، حذفت لاحقًا فى الطبعة الثانية التى نشرتها دار الهلال».
وتابع شعبان يوسف: «فى السجن، كان صلاح عيسى يعامل معاملة خاصة، وكان يُنظر إليه باعتباره مثقفًا وكاتبًا كبيرًا، وكتب خلال تلك الفترة عددًا من القصص، لكن كثيرًا من أوراقه ضاعت أثناء حملات التفتيش، لولا أن زوجته الأولى فريدة أحمد ساعدت فى تهريب روايته الأولى إلى خارج السجن حتى نُشرت لاحقًا».
وقال: «كتب صلاح عددًا كبيرًا من النصوص، بعضها نُشر، وبعضها الآخر لا يزال حبيس الأدراج، ولدىّ شخصيًا بعض من سيناريوهاته غير المنشورة، أما السيناريوهات التى خرجت إلى النور، فقد أخرجها المخرج الكبير يحيى العلمى».
وعن لقائه الأول بصلاح عيسى، يروى يوسف: «التقيته للمرة الأولى عام ١٩٦٧ بعد خروجه من السجن، كان ذلك فى جامعة القاهرة، التى كانت تضج بالحركة الطلابية والأسر الجامعية والنشاطات المتعددة، وقتها كان الوضع السياسى والاقتصادى بالغ الصعوبة، وقد تصادف وجود مؤتمر لغالب هلسا، وكان صلاح منتميًا لإحدى المنظمات السياسية».
وأضاف: «ما لا يعرفه كثيرون أن صلاح كتب كتابه (الثورة العرابية) وهو داخل المعتقل، وبعد خروجه، عمل صحفيًا فى مجلة الكاتب، وهى مجلة يسارية قومية كان يتولاها أحمد حمروش، ومع قدوم عبدالقادر حاتم وزير الإرشاد القومى تعرضت المجلة لمضايقات عديدة وتدخلات أدت فى النهاية إلى استقالة هيئة تحريرها فى عهد يوسف السباعى».
وأكمل: «عندما التحق صلاح بوكالة الأنباء، كانت مصر مغلقة ثقافيًا، وهيمن التيار اليمينى على المشهد، ما دفع كثيرًا من الكتاب إلى نشر أعمالهم فى الخارج، أمل دنقل، مثلًا، نشر ديوانه الأول البكاء بين يدى زرقاء اليمامة فى بيروت، ويحيى الطاهر عبدالله نشر مجموعته الدف والصندوق فى العراق، التى كانت آنذاك سوقًا حيوية للثقافة المصرية».
صورة من الصالون
شعبان يوسف
وتطرق يوسف إلى المشهد الثقافى فى تلك المرحلة: «فى هذه الفترة صدرت مجلة سنابل، وكان فريق تحريرها فى العدد الأول يضم محمد عفيفى مطر، والناقد علاء الدين وحيد، إلا أن الأخير أقصى لاحقًا، وظل عفيفى مطر وحده، كما ظهرت مجلة جاليرى ٦٨، وكتاب الطليعة الذى كان إبراهيم فتحى مدير تحريره، وقد كتب مقدمة مجموعة جمال الغيطانى القصصية (أوراق شاب عاش منذ ألف عام)، لكنها حُذفت من المطبعة، فنسخها الغيطانى بخط يده وأرفقها مع كل نسخة يهديها لأحد، قبل أن تنشر لاحقًا فى جريدة المساء، وكان لذلك المقال أثر كبير فى الترويج للغيطانى».
وواصل: «كان صلاح عيسى نجمًا كبيرًا، وكان أمل اليسار والماركسيين، وقد وقف فى وجه صعود الفكر الوجودى فى مصر، كان ناقدًا بارعًا غزير الأفكار، وكتاب الثورة العرابية يعد من أهم أعماله، رغم ملاحظات البعض على اعتماده الميكانيكى فى التطبيق الماركسى».
وواصل يوسف السرد: «فى عام ١٩٦٧، أقام صلاح مؤتمرًا جماهيريًا حاشدًا، شهد حضور شهرت العالم وكريمة الحفناوى، وتدخل الأمن لفض المؤتمر، لكن صلاح وقف وخطب، وكان مفوهًا ومثقفًا حقيقيًا، وجملته حاضرة. وفى تلك الفترة، كان صلاح يكتب فى روزاليوسف، وخرج مع الشباب يهتف فى وجه الأمن، لم يكن مثقفًا مكتبيًا، بل ميدانيًا بامتياز، كتب فى كل الاتجاهات، ودمج بين السرد الأدبى والتاريخى، وبلغت ذروة هذا الأسلوب فى رجال ريا وسكينة، كما كتب تباريح جريح وشاعر تكدير الأمن العام عن أحمد فؤاد نجم، ومع هذا لم يتعال صلاح يومًا عن كونه صحفيًا، وكتب كتابًا مهمًا بعنوان مثقفون وعسكر».
وتابع: «مع تأسيس اتحاد كُتّاب مصر، خاض معركة مهمة حين اشترطت اللائحة وجود فيش وتشبيه وشهادات حسن سير وسلوك للمنتسبين غير الموظفين، ودافع عن حق اليسار فى الدخول، مؤمنًا بالتغيير من الداخل، وقد شهد الاتحاد دخول رموز بارزة، فكان رقم عضوية صنع الله إبراهيم ٢٠، وإبراهيم أصلان ١٦، وحقق الاتحاد فى تلك الفترة مكتسبات عديدة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 39 دقائق
- نافذة على العالم
أخبار العالم : كواليس رفض صنع الله إبراهيم جائزة الرواية العربية
الخميس 14 أغسطس 2025 01:40 صباحاً نافذة على العالم نعى الناقد الدكتور حسين حمودة، الروائي الكبير، صنع الله إبراهيم، والذي فارق دنيانا في الساعات الأولي من صباح أمس الأربعاء، عن عمر ناهز الثامنة والثمانين، مخلفا وراءه إرثا إبداعيا، تنوع ما بين السرد الروائي، والترجمة، والكتابات النوعية. كواليس رفض صنع الله إبراهيم جائزة الرواية العربية وروي 'حمودة' كواليس حفل الدورة الأولى لجائزة الرواية العربية، في العام 2003، مشيرا إلى أنه 'في الحفل الشهير، الذي رفض فيه صنع الله إبراهيم، تسلم جائزة ملتقى الرواية العربية بالقاهرة، كان في قلب المشهد، وكنت على هامشه'. وأضاف حمودة، في منشور له عبر حسابه الشخصي على 'فيسبوك': 'فقد كنت مع الدكتور أحمد مجاهد أمينين للجنة التحكيم التي منحته الجائزة التي يستحقها، وقد ضمت هذه اللجنة أسماء نقدية وإبداعية تحظى باحترام وافر (كان من بينها: الطيب صالح، ومحمود أمين العالم، وسيزا قاسم، وعبد الله الغذامي، وفريال غزول، ومحمد برادة، ومحمد شاهين، وفيصل دراج ـ مع حفظ الألقاب)'. وتابع 'حمودة': 'صعد إلى خشبة المسرح التي كنا واقفين عليها في صف واحد.. وبدأ يصافحنا واحدا واحدا.. عندما صافحني لمعت عيناه من خلف نظارته في لحظة، ولعله استعاد فيها، واستعدت، سنوات تقاربنا (أو لعلي تصورت هذا !).. ثم تقدم إلى حيث ألقى، واقفا، كلمته التي حيّا فيها لجنة التحكيم، والتي رفض فيها الجائزة، وعدّد فيها أسباب رفضه'. صنع الله إبراهيم ظل دائما نزيها وشريفا وبعيدا تماما عن أي ادعاء أو كذب أو زيف واستكمل 'حمودة' حديث الذكريات عن صنع الله إبراهيم قائلًا: 'خلال رحلة مرضه الأخيرة والأخير.. ومعاناته التي ظللت أتخيلها من بعيد.. لم أستطع أن أزوره أو أتصل به.. ظللت من بعيد أتألم له ولي، ولكل من اقترب من عالمه.. ولعلي كنت أدرك النهاية التي سوف يصل ونصل إليها جميعا، بقطع النظر عن التوقيت'. واختتم: "واليوم أتصور أنه قد استراح من أوجاع كثيرة، بعد تعب طويل ومتنوع الوجهات.. وأتصور أيضا أنه قد رحل وهو واثق من أهمية ما وهبه لنا من قيم قبل رحيله: القيم التي بثّها في أعماله الإبداعية التي كتبها بإخلاص لا حدّ له، وزاوج فيها بين الوعي والجمال.. والقيم التي انطلق منها خلال مواقف مشهودة "ظل فيها هو نفسه" دائما، نزيها وشريفا وبعيدا تماما عن أي ادعاء أو كذب أو زيف.


مصراوي
منذ 6 ساعات
- مصراوي
بهذه الكلمات.. حنان مطاوع تنعى صنع الله إبراهيم
نعت الفنانة حنان مطاوع، الكاتب والأديب الراحل صنع الله إبراهيم، الذي وافته المنية اليوم، إثر إصابته بالتهاب رئوي استدعى نقله إلى أحد مستشفيات القاهرة. ونشرت حنان، صورة أرشيفية للراحل، عبر حسابها على موقع "إنستجرام"، وعلّقت: "لا أكتب كي أريح القارئ، بل كي أزعجه وأدفعه للتفكير، التاريخ لا يكتب في الصحف بل في وجوه الناس، الكتابة ليست مهنة بل موقف من العالم، وداعًا صنع الله إبراهيم". ويُعد الراحل أحد أبرز رواد الأدب المصري والعربي، وعلامة فارقة في المشهد الثقافي، إذ قدّم أعمالًا مميزة تنوّعت بين الرواية والقصة، ودخل عدد منها ضمن قائمة أفضل مائة رواية عربية. وُلد صنع الله إبراهيم في القاهرة عام 1937، وكان لوالده دور كبير في تشكيل شخصيته الأدبية، إذ زوّده بالكتب والقصص وشجّعه على الاطلاع منذ الصغر، ما أسهم في رسم ملامح مسيرته الإبداعية المبكرة. A post shared by Hanan Motawie (@hananmotawie)


الدستور
منذ 6 ساعات
- الدستور
كواليس رفض صنع الله إبراهيم جائزة الرواية العربية
نعى الناقد الدكتور حسين حمودة، الروائي الكبير، صنع الله إبراهيم، والذي فارق دنيانا في الساعات الأولي من صباح أمس الأربعاء، عن عمر ناهز الثامنة والثمانين، مخلفا وراءه إرثا إبداعيا، تنوع ما بين السرد الروائي، والترجمة، والكتابات النوعية. كواليس رفض صنع الله إبراهيم جائزة الرواية العربية وروي 'حمودة' كواليس حفل الدورة الأولى لجائزة الرواية العربية، في العام 2003، مشيرا إلى أنه 'في الحفل الشهير، الذي رفض فيه صنع الله إبراهيم، تسلم جائزة ملتقى الرواية العربية بالقاهرة، كان في قلب المشهد، وكنت على هامشه'. وأضاف حمودة، في منشور له عبر حسابه الشخصي على 'فيسبوك': 'فقد كنت مع الدكتور أحمد مجاهد أمينين للجنة التحكيم التي منحته الجائزة التي يستحقها، وقد ضمت هذه اللجنة أسماء نقدية وإبداعية تحظى باحترام وافر (كان من بينها: الطيب صالح، ومحمود أمين العالم، وسيزا قاسم، وعبد الله الغذامي، وفريال غزول، ومحمد برادة، ومحمد شاهين، وفيصل دراج ـ مع حفظ الألقاب)'. وتابع 'حمودة': 'صعد إلى خشبة المسرح التي كنا واقفين عليها في صف واحد.. وبدأ يصافحنا واحدا واحدا.. عندما صافحني لمعت عيناه من خلف نظارته في لحظة، ولعله استعاد فيها، واستعدت، سنوات تقاربنا (أو لعلي تصورت هذا !).. ثم تقدم إلى حيث ألقى، واقفا، كلمته التي حيّا فيها لجنة التحكيم، والتي رفض فيها الجائزة، وعدّد فيها أسباب رفضه'. صنع الله إبراهيم ظل دائما نزيها وشريفا وبعيدا تماما عن أي ادعاء أو كذب أو زيف واستكمل 'حمودة' حديث الذكريات عن صنع الله إبراهيم قائلًا: 'خلال رحلة مرضه الأخيرة والأخير.. ومعاناته التي ظللت أتخيلها من بعيد.. لم أستطع أن أزوره أو أتصل به.. ظللت من بعيد أتألم له ولي، ولكل من اقترب من عالمه.. ولعلي كنت أدرك النهاية التي سوف يصل ونصل إليها جميعا، بقطع النظر عن التوقيت'. واختتم: "واليوم أتصور أنه قد استراح من أوجاع كثيرة، بعد تعب طويل ومتنوع الوجهات.. وأتصور أيضا أنه قد رحل وهو واثق من أهمية ما وهبه لنا من قيم قبل رحيله: القيم التي بثّها في أعماله الإبداعية التي كتبها بإخلاص لا حدّ له، وزاوج فيها بين الوعي والجمال.. والقيم التي انطلق منها خلال مواقف مشهودة "ظل فيها هو نفسه" دائما، نزيها وشريفا وبعيدا تماما عن أي ادعاء أو كذب أو زيف.