logo
حياة الشابات في السودان: الحرب تركتهن في مهب العنف الجنسي والجوع

حياة الشابات في السودان: الحرب تركتهن في مهب العنف الجنسي والجوع

التغيير٢٥-٠٤-٢٠٢٥

تفاقمت ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في السودان، مع تعاظم حالات الاختطاف والاغتصاب والزواج القسري والانتهاكات المنهجية، كما تكشف الدكتورة الزهراء محمد التي تدعو إلى وقف اللامبالاة العالمية والالتفات إلى هذه المشكلة.
التغيير ــ وكالات
بعد نحو عامين من الصراع الوحشي الدائر في السودان، أصبحت الحياة اليومية للنساء والفتيات محفوفة بالأخطار. فالتهديد يحيط بهن أثناء قيامهن بمهام روتينية كالذهاب إلى السوق لشراء الطعام الذي هن في أمس الحاجة إليه، أو قطع أميال من الرحلات الضرورية للحصول على الرعاية الصحية، أو حتى أثناء دخول المراحيض بعد حلول الظلام. فجميع هذه الأوضاع تعرضهن لخطر متعاظم من العنف الجنسي والجندري العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقد تصاعدت بشكل كبير خلال العامين الأخيرين عمليات استهداف النساء والفتيات بالاختطاف والاغتصاب والإكراه على الزواج والأسر الجنسي، مما شكل اتجاهاً مقلقاً للغاية.
المخيمات
في المخيمات المزدحمة حيث أعمل، نصادف فتيات بالكاد تجاوزن مرحلة الطفولة، بعضهن لا تتعدى أعمارهن الـ12، وقد تعرضن لصدمات مروعة نتيجة العنف الجنسي. إحداهن، لم تكن قد بلغت سن المراهقة بعد، وصلت إلينا وهي في المخاض وولدت توأمين، فيما كان جسدها الصغير [لم يشتد عوده بعد] غير مهيأ لتحمل ولادة طفل واحد، فكيف باثنين؟ ورغم أن الأطباء تمكنوا من إنقاذ حياتها، فقد توفي التوأمان أثناء الولادة. ولم أعلم إلا لاحقاً أن هذه الطفلة كانت من الناجيات من العنف الجنسي. إنها لحظة أليمة ستبقى محفورة في ذاكرتي وذاكرة زملائي إلى الأبد.
في إطار عملي طبيبة واختصاصية صحية مع منظمة 'بلان إنترناشيونال' Plan International (مؤسسة تنموية وإنسانية مقرها المملكة المتحدة)، أتحدث يومياً مع فتيات وشابات فررن من أهوال النزاع العنيفة الدائر في السودان. وقد أسرن إلى قصصهن وتحدثن عن آمالهن ومخاوفهن وأحلامهن، وشاهدت من كثب الأثر المدمر للعنف الجندري الجنسي [القائم على النوع الاجتماعي] على أجسادهن وعقولهن [نفوسهن].
وبصفتي متحدرة أصلاً من منطقة دارفور غرب السودان، وبصفتي أماً لثلاثة أطفال، وعند رؤية معاناة هؤلاء الفتيات في المخيمات، لا أتمالك نفسي حين أتساءل عما كان يمكن أن يحدث لي أو لأطفالي لو لم ننج من براثن الحرب.
لا بد من الإشارة إلى أنه بالنسبة إلى هؤلاء الفتيات، فإن خطر العنف لا ينفصل عن [مكابدة] الجوع الذي وصل في بعض مناطق البلاد إلى مستويات المجاعة. فالحرب أدت إلى تقويض الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار كثيراً. وفي أوساط معظم الأسر تدهورت الأحوال المالية، وعليه، فغالباً ما نلاحظ كثيراً من الأطفال، لا سيما منهم الفتيات الصغيرات، وهم يبحثون عن الطعام أو العمل. ولأنهن ضعيفات وبعيدات عن أسرهن، تواجه الفتيات خطراً للعنف الجنسي والجندري. ومع ذلك لا خيار أمامهن. فسوء التغذية يتفاقم في أوساط الأطفال. وأرى أطفالاً وفتيات ألم بهن النحل ويتناهى إلينا موت أولاد يومياً.
الدعم النفسي
ويذكر أن منظمة 'بلان إنترناشيونال'، فهي تنشط في السودان منذ نحو 45 عاماً، ونحن نبذل كل ما في وسعنا لدعم النساء والفتيات في خضم هذه الأزمة. وتعمل فرقنا المجتمعية المتنقلة بشكل مباشر مع الناجيات من العنف الجنسي، وتقدم الرعاية وخدمات أساسية تشمل الدعم النفسي الحيوي أو الحماية. ونتولى أيضاً إدارة برامج صحية ضرورية للأمهات الحوامل والمواليد الجدد، ونعمل على توفير الطعام والتغذية المنقذة للحياة والمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.
أتمنى لو كان في استطاعتنا أن نبذل المزيد. لكن مع وجود ما يزيد على 12 مليون نازح في البلاد منذ عام 2023، فإن حجم الحاجات هائل، فيما الموارد المتاحة محدودة وغير كافية على الإطلاق. ورغم أن السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم اليوم، فإن الاستجابة الدولية لا تزال تعاني نقصاً حاداً في التمويل، إلى حد أن الأمر يبدو كما لو أن العالم قد أشاح بنظره عن هذه المعاناة.
مع دخول الحرب عامها الثالث، لم يعد مقبولاً أن يلتزم المجتمع الدولي الصمت، وباتت تقع على عاتق الحكومة البريطانية وسائر الأطراف الدولية، عدم غض الطرف عن الأزمة. قبل كل شيء، نحن في أمس الحاجة إلى السلام، ولبيئة آمنة يشب فيها أطفالنا، وبناتنا على وجه الخصوص، بعيداً من الخوف، ويحظون بفرص تتيح لهم تحقيق جميع قدراتهم. كما أننا في حاجة ماسة لمضاعفة حجم الدعم الإنساني العاجل، بما يشمل تمويل خدمات الحماية الأساسية، والدعم النفسي للعدد الهائل من الناجيات من العنف الجنسي.
العيش بأمان
تستحق النساء والفتيات في السودان الحق في العيش بأمان. وتستحق ألا يصيبهن الجوع. ويحق لهن اتخاذ خياراتهن الخاصة في شأن أجسادهن وحياتهن. وينبغي لكل طفلة في الـ12 من عمرها أن ترتاد المدرسة، وتتعلم، وتبني صداقات وتحلم بمستقبل واعد، لا أن تكابد الجوع وتعاني الصدمات والخوف من العنف الجندري. وقد حان الوقت لأن يقف العالم إلى جانب فتيات السودان.
الدكتورة الزهراء محمد هي مسؤولة الصحة الجنسية والإنجابية في منظمة 'بلان إنترناشيونال' Plan International، ومقرها في السودان. نشأت في منطقة دارفور غرب البلاد. وبسبب النزاع الدائر يعيش أطفالها الثلاثة الآن في مصر مع والدتها، بينما تواصل هي عملها في السودان.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

يتناول "حبة دواء".. أول تعليق من بايدن بعد تشخيص إصابته بالسرطان
يتناول "حبة دواء".. أول تعليق من بايدن بعد تشخيص إصابته بالسرطان

ليبانون 24

timeمنذ 33 دقائق

  • ليبانون 24

يتناول "حبة دواء".. أول تعليق من بايدن بعد تشخيص إصابته بالسرطان

أكد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أمس الجمعة انه متفائل بشأن شفائه، وذلك بعد أسبوعين تقريبا من الكشف عن إصابته بسرطان البروستاتا. وقال بايدن للصحافيين على هامش ظهور علني في ولايته ديلاوير"الجميع متفائل للغاية". ولفت إلى أنه بدأ العلاج. وقال الرئيس السابق (82 عاما) عن مرضه "توقعاتي هي أننا سنكون قادرين على التغلب على هذا". وذكر بايدن أنه يتناول حاليا "حبة دواء" لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل حول علاجه. وقال بايدن إثر مناسبة في دلاوير لتكريم الجنود الأميركيين الذين قتلوا في ساحات المعارك "حسنا، المآل جيد. كما تعلمون، نحن نعمل على كل شيء. الأمور تسير على ما يرام. لذلك، أشعر أنني بخير". وفي وقت سابق من الشهر الحالي أعلن مكتب بايدن تشخيص إصابة الرئيس السابق بسرطان البروستاتا من النوع العدواني. وتابع "ليس (السرطان) في أي عضو، عظامي قوية، لم ينتشر. لذا أشعر أنني بخير". وطغت الصحة الذهنية والبدنية لبايدن، الرئيس الأكبر سنا في المنصب على الإطلاق، على انتخابات 2024. فبعد أداء وصف بـ "الكارثي" في المناظرة مع دونالد ترامب ، وضع بايدن حدا لحملته لولاية ثانية. عندما أعلن مكتب بايدن تشخيص إصابته بالسرطان، أشير إلى أن المرض تمدّد إلى العظام. لكن بايدن قال للصحافيين "نحن جميعا متفائلون بشأن التشخيص. في الواقع، أحد كبار الجراحين في العالم يعمل معي". وتحوّلت الخلافات السياسية حول إنهاء بايدن حملته إلى فضيحة كبرى منذ صدور كتاب "الخطيئة الأصلية" الذي يزعم أن إدارة البيت الأبيض في عهد بايدن تستّرت على تدهور قدراته الذهنية خلال ولايته.(العربية)

اخترع "حبة الإجهاض".. وفاة الفرنسي إيتيان إميل بولييه عن 98 عاما
اخترع "حبة الإجهاض".. وفاة الفرنسي إيتيان إميل بولييه عن 98 عاما

ليبانون 24

timeمنذ 33 دقائق

  • ليبانون 24

اخترع "حبة الإجهاض".. وفاة الفرنسي إيتيان إميل بولييه عن 98 عاما

عن عمر يناهز 98 عاما، توفي مخترع الإجهاض الطبي، إيتيان إميل بولييه، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية ، أمس الجمعة، نقلا عن زوجة الطبيب والباحث. وولد بولييه في ستراسبورغ عام 1926، وعندما كان مراهقا، شارك في المقاومة ضد النازيين. وفي وقت لاحق، تحول إلى الطب. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ببولييه ووصفه بأنه "روح تقدم مكنت النساء من اكتساب حريتهن". وقال إنه بوفاة بولييه، فقدت فرنسا أيضا رائدا شجاعا. وقام بولييه بالبحث في هرمونات الستيرويد ومستقبلاتها. وقد أدى هذا إلى تطوير "حبة الإجهاض" "آر يو 486". وتمنع هذه الحبة هرمون البروجسترون الذي هو ضروري للحمل، مما يساعد على زرع البويضة المخصبة في الرحم. وهذا يسبب انهيار بطانة الرحم وخروج الجنين معها. وفي عام 1989، تمت الموافقة على الدواء في فرنسا على الرغم من انتقادات السياسيين والكنيسة. (سكاي نيوز)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store