
فاروق الباز… من زقازيق النيل إلى قمم ناسا والنجوم
في خمسينيات القرن الماضي، حصل الباز على شهادة البكالوريوس في الجيولوجيا والكيمياء من جامعة عين شمس، قبل أن يحمل أحلامه إلى الولايات المتحدة، حيث نال الماجستير والدكتوراه في علوم الأرض. ومن هناك، بدأت الحكاية تتشكّل… لا على الورق، بل على تراب القمر نفسه.
حين اختارته وكالة الفضاء الأمريكية ناسا ضمن فريق مهمّة 'أبولو'، لم يكن اختيارًا عابرًا. فقد كان الباز العقل المدبّر خلف مواقع الهبوط، والمُرشد العلمي الذي درّب رواد الفضاء على قراءة ملامح القمر كما يُقرأ وجه الأرض. أطلقوا عليه لقب 'الملك'، لا لأنه أمر، بل لأنه أنار لهم دربهم وسط الظلمة الكونية.
ولم تكن رحلته مع الفضاء نهاية المطاف، بل بداية لرؤية أعمق… عاد الباز إلى الأرض ليبحث في صحاريها، يستنطق تضاريسها، ويكشف خبايا المياه الجوفية المدفونة في عروق الرمال. استخدم تقنيات الفضاء لخدمة الزراعة والاستصلاح، من صحراء مصر الكبرى إلى صحارى السودان وعمان والهند، مؤمنًا أن المستقبل مرهون بفهم الجغرافيا كما نقرأ التاريخ.
أسّس مركز الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن، وأصبح مرجعًا عالميًا في الربط بين علوم الأرض وتكنولوجيا الفضاء. وفي كل محفل علمي عالمي، كان يحمل اسمه مزيجًا من الهيبة والدهشة… فهو المصري الذي حفر اسمه بين النجوم وكُرّم بكويكب يحمل اسمه، وظهرت شخصيته في سلسلة From the Earth to the Moon من إنتاج HBO، وكأن العلم قد اختاره ليكون 'قصة تُروى'.
لم ينقطع ارتباطه بوطنه، فقد شارك كمستشار علمي لرئيسي مصر السادات ومبارك، داعمًا مشاريع التنمية والاستصلاح، واضعًا علمه في خدمة أرض أحبها، حتى وإن غادرها جسدًا.
حصل الدكتور الباز على أوسمة وجوائز عالمية من ناسا، من جامعات وهيئات مرموقة، لكنّ وسامه الحقيقي ظلّ ذاك الذي يتقلّده في عيون الأجيال الجديدة… حين يُقال 'فاروق الباز'، يُقال معه: الحلم العلمي ممكن.
فاروق الباز ليس مجرد عالم، بل حالة ملهمة تجسّد كيف يمكن للعلم أن يكون جسرًا بين الأرض والسماء، وأن يحمل ابن قرية إلى مواقع القرار في أعظم وكالة فضاء عرفها التاريخ. هو شاهد على أن العرب حين يؤمنون بالعلم، يكتبون أسماءهم لا في التاريخ فقط… بل على سطح القمر أيضًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
أخبار التكنولوجيا : علماء يحددون موقع "المادة المفقودة" فى الكون باستخدام موجات الراديو السريعة
الجمعة 11 يوليو 2025 02:30 مساءً نافذة على العالم - في كشف علمي مذهل، توصل باحثون إلى أدلة جديدة تشرح أين تختبئ المادة العادية المفقودة في الكون، وهي تلك التي تشكل النجوم والكواكب والبشر، ولكن لم يكن بالإمكان رصد نصفها حتى الآن، فقد نشرت دراستان حديثتان، الأولى في مجلة Nature Astronomy بتاريخ 16 يونيو 2025، والثانية في Astronomy and Astrophysics، توصلتا إلى رسم خريطة للمادة العادية المنتشرة في الكون من خلال استخدام تقنيتين متقدمتين: انفجارات الراديو السريعة (FRBs) والأشعة السينية الباهتة. لغز كوني: أين المادة العادية المفقودة؟ بحسب وكالة ناسا، فإن 'المادة العادية' — أو ما يُعرف بالباريونات — تشمل كل ما هو ملموس ومرئي في الكون، مثل النجوم والكواكب والبشر. ورغم أهميتها، فإن هذه المادة تمثل فقط 15% من إجمالي مادة الكون، بينما تشكّل المادة المظلمة النسبة الأكبر، ومع ذلك، فإن نصف هذه المادة الباريونية لا يمكن رصده بشكل مباشر، لأنها منتشرة بشكل ضبابي ودقيق في الفضاء، كأنها 'ضباب كوني' خافت. رصد المادة الخفية بموجات الراديو السريعة استخدم العلماء انفجارات الراديو السريعة (FRBs) — وهي ومضات شديدة وسريعة من موجات الراديو تدوم لجزء من الثانية وتأتي من مجرات بعيدة — لتتبع المادة المنتشرة في الفضاء. ومن خلال تحليل بيانات 70 انفجارًا، أحدها جاء من مسافة تُقدر بـ9 مليارات سنة ضوئية، توصل الباحثون إلى أن حوالي 76% من المادة العادية موجودة داخل المجرات، و15% منها تحيط بالمجرات على شكل 'هالات'، بينما تنتشر البقية داخل الفضاء بين المجرات. تصوير خيوط الغاز بالأشعة السينية وفي الدراسة الثانية، قام فريق آخر من العلماء باستخدام بيانات الأشعة السينية للكشف عن خيط طويل من الغاز الساخن يمتد عبر 23 مليون سنة ضوئية، ويربط بين أربعة عناقيد مجرية. عبر تنقية الضوضاء وتحليل الفوتونات، وجد العلماء أن درجة حرارة الغاز تتجاوز 10 ملايين درجة مئوية، وكثافته تصل إلى 10 بروتونات لكل متر مكعب — وهي نتائج تتطابق مع النماذج النظرية التي حاولت تفسير مكان وجود المادة المفقودة. آفاق جديدة لفهم تشكل المجرات والكون تشكل الدراستان معًا نقطة تحول في فهمنا لتوزيع المادة العادية في الكون، وتمنح العلماء صورة أكثر اكتمالًا لتركيب الكون وهيكله. ويأمل الباحثون أن يؤدي الجمع بين تقنيات المراقبة مثل FRBs والأشعة السينية إلى تسريع اكتشافات أكبر، خاصة فيما يتعلق بتشكل المجرات وتاريخ تطور الكون.


اليوم السابع
منذ يوم واحد
- اليوم السابع
اكتشاف مذهل لـ"أرض فائقة" غنية بالماء تبعد عن الأرض بـ154 سنة ضوئية.. تفاصيل
أعلن فريق من علماء الفلك عن اكتشاف كوكب نجمي (يدور حول نجم خارج نظامنا الشمسي) جديد يُصنَّف كـ"أرض فائقة"، ويدور حول نجم قزم أحمر قريب يبعد 154 سنة ضوئية فقط من الأرض. وكشفت الجمعية الفلكية بجدة فى تقرير لها، أن الأرض الفائقة هي كوكب خارج المجموعة الشمسية أكبر من الأرض وأصغر من نبتون وليس بالضرورة صالحاً للحياة. الكوكب الجديد الذى أطلق عليه اسم TOI-1846 b يعد من الأهداف الواعدة لفهم نشأة الكواكب وتطور غلافها الجوي. تمّ رصد الكوكب لأول مرة باستخدام بيانات من القمر الصناعي تيسس التابع لوكالة الفضاء ناسا والذي يختص بمسح السماء للبحث عن كواكب تمر أمام نجومها (طريقة العبور ) وبعد تحليل البيانات اكدت وجود الكوكب عبر مشاهدات أرضية عالية الدقة باستخدام تلسكوبات متقدمة مما عزز مصداقية الاكتشاف. الكوكب TOI-1846 b عالم غريب يبلغ قطر الكوكب نحو 1.8 ضعف قطر الأرض وكتلته تعادل كتلته 4.4 أضعاف كتلة الأرض وكثافته تبلغ حوالي 4.2 جرام/سم³ وهي أقل من كثافة الأرض ما يشير إلى احتمال احتوائه على نسب عالية من الماء أو الجليد. يدور حول نجمه مرة كل 3.93 يوم فقط على مسافة قريبة جداً، تبلغ 0.036 وحدة فلكية (أقل من عُشر المسافة بين عطارد والشمس). تقدر درجة حرارته295 درجة مئوية تقريباً مما يجعله عالماً حاراً وغير قابل للحياة كما نعرفها لكن غني بالفرص العلمية. وفقًا لتحليل الكثافة والحجم يعتقد أن الكوكب قد يحتوي على كميات كبيرة من الماء ما يجعله مثالاً على "الأراضي المائية" وهي كواكب مغطاة بالمحيطات أو الجليد تحت ضغط عالٍ. العلماء يخططون الآن لإجراء دراسات إضافية باستخدام قياسات السرعة الشعاعية لتحديد كتلته بدقة أكبر وفهم بنيته الداخلية. كما أنهم يأملون أن تتمكن تلسكوبات مثل تلسكوب جيمس ويب أو التلسكوب بالغ الضخامة (ELT) من تحليل غلافه الجوي رغم أن هذه المهمة ستكون تحدياً بسبب صغر حجمه وقربه من نجمه. اكتشاف الأرض


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
أخبار التكنولوجيا : علماء يحددون موقع 'المادة المفقودة' فى الكون باستخدام موجات الراديو السريعة
الجمعة 11 يوليو 2025 05:50 صباحاً نافذة على العالم - في كشف علمي مذهل، توصل باحثون إلى أدلة جديدة تشرح أين تختبئ المادة العادية المفقودة في الكون، وهي تلك التي تشكل النجوم والكواكب والبشر، ولكن لم يكن بالإمكان رصد نصفها حتى الآن، فقد نشرت دراستان حديثتان، الأولى في مجلة Nature Astronomy بتاريخ 16 يونيو 2025، والثانية في Astronomy and Astrophysics، توصلتا إلى رسم خريطة للمادة العادية المنتشرة في الكون من خلال استخدام تقنيتين متقدمتين: انفجارات الراديو السريعة (FRBs) والأشعة السينية الباهتة. لغز كوني: أين المادة العادية المفقودة؟ بحسب وكالة ناسا، فإن 'المادة العادية' — أو ما يُعرف بالباريونات — تشمل كل ما هو ملموس ومرئي في الكون، مثل النجوم والكواكب والبشر. ورغم أهميتها، فإن هذه المادة تمثل فقط 15% من إجمالي مادة الكون، بينما تشكّل المادة المظلمة النسبة الأكبر، ومع ذلك، فإن نصف هذه المادة الباريونية لا يمكن رصده بشكل مباشر، لأنها منتشرة بشكل ضبابي ودقيق في الفضاء، كأنها 'ضباب كوني' خافت. رصد المادة الخفية بموجات الراديو السريعة استخدم العلماء انفجارات الراديو السريعة (FRBs) — وهي ومضات شديدة وسريعة من موجات الراديو تدوم لجزء من الثانية وتأتي من مجرات بعيدة — لتتبع المادة المنتشرة في الفضاء. ومن خلال تحليل بيانات 70 انفجارًا، أحدها جاء من مسافة تُقدر بـ9 مليارات سنة ضوئية، توصل الباحثون إلى أن حوالي 76% من المادة العادية موجودة داخل المجرات، و15% منها تحيط بالمجرات على شكل 'هالات'، بينما تنتشر البقية داخل الفضاء بين المجرات. تصوير خيوط الغاز بالأشعة السينية وفي الدراسة الثانية، قام فريق آخر من العلماء باستخدام بيانات الأشعة السينية للكشف عن خيط طويل من الغاز الساخن يمتد عبر 23 مليون سنة ضوئية، ويربط بين أربعة عناقيد مجرية. عبر تنقية الضوضاء وتحليل الفوتونات، وجد العلماء أن درجة حرارة الغاز تتجاوز 10 ملايين درجة مئوية، وكثافته تصل إلى 10 بروتونات لكل متر مكعب — وهي نتائج تتطابق مع النماذج النظرية التي حاولت تفسير مكان وجود المادة المفقودة. آفاق جديدة لفهم تشكل المجرات والكون تشكل الدراستان معًا نقطة تحول في فهمنا لتوزيع المادة العادية في الكون، وتمنح العلماء صورة أكثر اكتمالًا لتركيب الكون وهيكله. ويأمل الباحثون أن يؤدي الجمع بين تقنيات المراقبة مثل FRBs والأشعة السينية إلى تسريع اكتشافات أكبر، خاصة فيما يتعلق بتشكل المجرات وتاريخ تطور الكون.