logo
التجويع الإسرائيلي يجبر أهل غزة على العودة لمقايضة السلع

التجويع الإسرائيلي يجبر أهل غزة على العودة لمقايضة السلع

الجزيرةمنذ 6 ساعات

غزة – حينما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كافة معابر قطاع غزة بداية مارس/آذار الماضي، سارعت السيدة أم جاد كنعان إلى شراء كمية من الطعام ومواد التنظيف من الأسواق، تحسبا لاستمرار الحصار مدة طويلة.
ومع استمرار الإغلاق، بدأ مخزون أم جاد من بعض السلع الأساسية بالنفاد؛ ونظرا لعدم توفرها في الأسواق أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير، لجأت إلى أسلوب المقايضة حيث نشرت إعلانات عبر مجموعات عامة على تطبيق واتساب، تعلن فيها عن رغبتها باستبدال سلع تحتاجها وتقديم أخرى تمتلكها.
ونظرا لحاجتها الماسة للطحين لصنع الخبز، اضطرت للتفريط في كمية من السكر المفقود من الأسواق. ويصل سعر الكيلوغرام منه إلى أكثر من 200 شيكل (الدولار = 3.6 شواكل).
ونشرت السيدة الفلسطينية إعلانا تطلب فيه مقايضة 4 كيلوغرامات من الطحين بكيلوغرام من السكر، ونجحت في ذلك.
المواصلات تعيق المقايضة
لكنّ غياب المواصلات داخل أرجاء قطاع غزة، بسبب شح الوقود وقلة السيارات، يجعل من المقايضة أمرا صعبا في بعض الأحيان، ويتسبب في فشل الكثير من المحاولات.
وتقول أم جاد للجزيرة نت "حينما أنشر عرضا للتبادل، يكون هناك تجاوب من العائلات الأخرى، لكن أحيانا البعد الجغرافي يُفشل المقايضة مع صعوبة المواصلات".
وتُشيد ربة المنزل الفلسطينية بأسلوب المقايضة، وترى فيه عملية إيجابية تسمح بامتلاك الناس المواد التموينية المفقودة وخاصة الطحين.
وبحسب أم جاد كنعان، فإن عدم توفر العملات النقدية وصعوبة سحبها من البنوك المغلقة يزيدان من لجوء الناس لأسلوب المقايضة بشكل كبير.
وفي بعض الأحيان، كانت ربة المنزل تضطر لسحب بعض الأموال من البنك بعمولة كبيرة جدا تصل إلى 40% (عبر السوق السوداء) من قيمة المبلغ لشراء الطحين، مما جعلها تُفضل اللجوء لعملية مقايضة السلع.
أصناف محدودة للمقايضة
على خلاف أم جاد، احتاجت ختام حسين، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إلى كيلوغرام من السكر، فنشرت إعلانا تعرض فيه مقايضته بالعدس، ونجحت في ذلك.
ويستخدم السكان العدس حاليا بديلا عن الطحين المفقود، إذ يصنعون منه الخبز بعد طحنه.
لكنّ المقايضة لا تمكّن السيدة ختام حسين من الحصول على كل ما تحتاجه نظرا لعدم توفر كافة السلع لدى العائلات الأخرى، وخاصة مكعبات المرق المجفف الضرورية لصنع الطعام، إذ قدمت الكثير من طلبات المقايضة دون جدوى.
وتقول ختام حسين إن هناك تجاوبا كبيرا مع إعلانات المقايضة لحاجة العائلات الماسة للطعام لسد رمق أبنائها.
وتضيف للجزيرة نت "شح البضائع وغلاء سعرها عاملان دفعاني لعرض البضائع للتبديل، والاستجابة كبيرة لأن الجميع مثلنا، الكل محتاج ولديه نقص في الطعام".
وترتفع الأسعار بشكل كبير في قطاع غزة بسبب شحّ البضائع، ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الطحين في بعض الأحيان إلى نحو 100 شيكل، علما أن سعره لم يكن يتجاوز 3 شواكل قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وتعج وسائل التواصل الاجتماعي في قطاع غزة حاليا بإعلانات تبادل "السلع مقابل السلع" وكذلك "السلع بسعرها الطبيعي مقابل توفير سيولة نقدية من دون عمولة".
إعلان
ومن بعض الإعلانات التي اطلع عليها مراسل الجزيرة نت:
"متوفر سيولة 300 شيكل من دون عمولة مقابل كيلوغرام من التمر بسعره الطبيعي".
"متوفر عنب حُصرم مقابل سكر أو زيت قلي، أو تمر مضغوط أو حلاوة طحينية".
"كيلوغرام فول مقابل كيلوغرام طحين"، و"علبة أناناس مقابل سكر".
"كيلوغرام تمر مضغوط مقابل بامبرز (حفاظات أطفال)".
"عدس حب بُني مقابل زيت قلي".
المقايضة تكامل اقتصادي
ورغم أهمية "المقايضة" للتخفيف من الظروف الإنسانية الصعبة في غزة، فإنها ليست حلا كافيا، وفق خبراء.
ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الدكتور نصر عبد الكريم "هذه حلول إبداعية ومهمة، لكنها تبقى جزئية وليست مستدامة، الحل يتمثل في وقف الحرب وإدخال المساعدات والبضائع بحرية كاملة".
ويرى عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة في قطاع غزة هي "واحدة من الحلول التي يبتكرها المجتمع للتخفيف من آثار المجاعة والحصار الإسرائيلي".
ويضيف للجزيرة نت "المقايضة في حالة قطاع غزة هي تكامل اقتصادي داخل المجتمع وهي ظاهرة محمودة".
أزمة اقتصادية وإنسانية
ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة تؤكد عمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها قطاع غزة بسبب غياب السلع والفقر الشديد وعدم امتلاك المال الكافي للشراء والعجز عن سحب المال من البنوك للإنفاق.
ويقول "بسبب حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل و التجويع والتضييق الاقتصادي واحتكار السلع واختفائها، والظواهر السلبية الأخرى، بات الناس بحاجة إلى التكامل عبر المقايضة، وهي ظاهرة تعكس الأزمة والحالة الاقتصادية المحزنة لمعظم الأسر"، مشيرا إلى أن "مقايضة السلع" ظاهرة قديمة وتاريخية كان يستخدمها البشر قبل ظهور النقود.
ويضيف عبد الكريم أن الفلسطينيين كانوا حتى وقت قريب يتعاملون بالمقايضة، فمن "لديه عنب يبادله باليقطين أو التين، ومن لديه قمح يبادله بالزيتون أو الزيت وهكذا"، مضيفا "أذكر أنه في الانتفاضة الأولى (1987-1994) في الضفة الغربية كانت الكثير من الأسر تلجأ للمقايضة".
وحذر عبد الكريم من أن استمرار المجاعة ونقص البضائع سيقللان من جدوى المقايضة نظرا لنفاد السلع في قطاع غزة جراء استهلاكها أو تبديلها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جني أرباح في الذهب وتقلبات بالنفط على وقع مواجهة إسرائيل وإيران
جني أرباح في الذهب وتقلبات بالنفط على وقع مواجهة إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

جني أرباح في الذهب وتقلبات بالنفط على وقع مواجهة إسرائيل وإيران

تراجعت أسعار الذهب مع جني المتداولين للأرباح بعد ارتفاعها لتقترب من أعلى مستوياتها في شهرين بفعل تبادل القصف المكثف بين إسرائيل وإيران والذي أثار مخاوف من نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقا. وانخفض الذهب في المعاملات الفورية المبكرة اليوم 0.42% مسجلا 3418.17 دولارا للأوقية (الأونصة)، بعد أن بلغ أعلى مستوياته منذ 22 أبريل/نيسان في وقت سابق من الجلسة. وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب كذلك 0.59% إلى 3432.80 دولارا. ونقلت رويترز عن كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادي لدى أواندا، كيلفن وونغ، قوله "علاوة المخاطر السياسية المشتركة هي التي ترتفع بسبب الصراع بين إيران وإسرائيل في هذه المرحلة مما عزز الطلب على الذهب باعتباره ملاذا آمنا". وأضاف "لدينا الآن قفزة واضحة فوق مستوى 3400 دولار، والاتجاه الصعودي القصير المدى لا يزال قائما. نشهد مستوى مقاومة عند 3500 دولار مع إمكانية القفز لذروة جديدة فوق هذا المستوى". وتبادلت إسرائيل وإيران شن هجمات جديدة أمس الأحد، مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين وأثار مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة في الوقت الذي حث فيه كل جيش المدنيين في الطرف الآخر على اتخاذ الاحتياطات اللازمة استعدادا لمزيد من الهجمات. وعبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأحد عن أمله في أن تتمكن إسرائيل وإيران من الاتفاق على وقف لإطلاق النار لكنه قال إنه في بعض الأحيان يتعين على الدول أن تخوض القتال حتى النهاية. ويعتبر الذهب ملاذا آمنا خلال أوقات الضبابية الجيوسياسية والاقتصادية. ويترقب المستثمرون هذا الأسبوع مجموعة من قرارات السياسة النقدية من البنوك المركزية، مع اتجاه الأنظار إلى مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي سيصدر قراره بشأن أسعار الفائدة الأربعاء. وبينما يُتوقع على نطاق واسع أن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة من دون تغيير، فإن الأسواق تترقب أي مؤشرات على احتمال خفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى كان أداؤها كالتالي: صعدت الفضة في المعاملات الفورية 0.38% إلى 36.44 دولارا للأوقية. زاد البلاتين 1.24% إلى 1246.41 دولارا. ارتفع البلاديوم 1.54% إلى 1047.60 دولارا. النفط شهدت أسعار النفط تقلبات بعد ارتفاعها 7% يوم الجمعة، إذ أدى تجدد الضربات العسكرية من قبل إسرائيل وإيران خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى تفاقم المخاوف من اتساع نطاق الصراع وتعطيل صادرات النفط من الشرق الأوسط بشكل كبير. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 4 دولارات للبرميل قبل أن تتراجع عن مكاسبها. وفي أحدث تعاملات، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 21 سنتًا، أو 0.28% إلى 74.02 دولارا للبرميل، بينما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 14 سنتًا، أو 0.18% لتصل إلى 72.77 دولارا. واستقر كلا الخامين القياسيين على ارتفاع بنسبة 7% يوم الجمعة، بعد أن قفزا بأكثر من 13% خلال الجلسة ليصلا إلى أعلى مستوياتهما منذ يناير/كانون الأول. وقال رئيس قسم الأبحاث في مجموعة أونيكس كابيتال، هاري تشيلينغيريان: "الأمر كله يتعلق بكيفية تصاعد الصراع حول تدفقات الطاقة. حتى الآن، تم الحفاظ على الطاقة الإنتاجية والتصديرية، ولم تبذل إيران أي جهد لعرقلة تدفق النفط عبر مضيق هرمز. لكن لا أحد يستطيع التنبؤ بمسار الصراع". إعلان ضربت صواريخ إيرانية تل أبيب الإسرائيلية ومدينة حيفا الساحلية يوم الاثنين، مما أدى إلى تدمير منازل وإثارة مخاوف قادة العالم في اجتماع مجموعة السبع هذا الأسبوع من احتمال اتساع نطاق الصراع. وأسفر تبادل الضربات بين إسرائيل وإيران يوم الأحد عن سقوط ضحايا مدنيين، وحثّ الجيشان المدنيين في كلا الجانبين على اتخاذ الاحتياطات اللازمة تحسبًا لوقوع المزيد من الهجمات. مضيق هرمز ويُطرح سؤال رئيسي حول ما إذا كان الصراع سيؤدي إلى اضطرابات في مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله حوالي خُمس إجمالي استهلاك النفط في العالم، أو ما بين 18 و19 مليون برميل يوميًا من النفط والمكثفات والوقود. وبينما تراقب الأسواق احتمال حدوث اضطرابات في إنتاج النفط الإيراني نتيجةً للهجمات الإسرائيلية على منشآت الطاقة، فإن المخاوف المتزايدة بشأن حصار مضيق هرمز قد ترفع الأسعار بشكل حاد، وفقًا للمحلل في فوجيتومي للأوراق المالية، توشيتاكا تازاوا. تنتج إيران، العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، حاليًا حوالي 3.3 ملايين برميل يوميًا، وتُصدر أكثر من مليوني برميل يوميًا من النفط والوقود. ووفقًا لمحللين ومراقبين لأوبك، فإن الطاقة الاحتياطية لمنتجي نفط أوبك بلس، القادرين على ضخ المزيد من النفط لتعويض أي انقطاع، تُعادل تقريبًا إنتاج إيران. وقال رئيس قسم تحليل النفط على المدى القريب في شركة ستاندرد آند بورز غلوبال كوموديتي إنسايتس، ريتشارد جوسويك في مذكرة: "إذا تعطلت صادرات النفط الخام الإيراني، فستحتاج المصافي الصينية (المشتري الوحيد للنفط الإيراني)، إلى البحث عن بدائل من دول أخرى في الشرق الأوسط والنفط الخام الروسي.. قد يؤدي هذا كذلك إلى زيادة أسعار الشحن وأقساط تأمين ناقلات النفط.. والإضرار بهوامش أرباح المصافي، لا سيما في آسيا". وأظهرت بيانات رسمية يوم الاثنين انخفاض إنتاج الصين من النفط الخام بنسبة 1.8% في مايو/أيار مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس/آب، إذ أدت أعمال الصيانة في المصافي المملوكة للدولة والمستقلة إلى تقليص العمليات.

الحرب مع إيران يُعرّض اقتصاد إسرائيل لتحديات صعبة
الحرب مع إيران يُعرّض اقتصاد إسرائيل لتحديات صعبة

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

الحرب مع إيران يُعرّض اقتصاد إسرائيل لتحديات صعبة

القدس المحتلة- في تطور غير مسبوق، دخلت إسرائيل في مرحلة جديدة من الصراع، وهذه المرة في مواجهة مباشرة مع إيران، وبينما كانت المؤسسة الأمنية تستعد لهذه اللحظة منذ أشهر، فإن المؤسسة الاقتصادية لم تتعامل بجدية كافية مع احتمالية نشوب هذا السيناريو، وبالتالي لم تدرج تبعاته في ميزانية الدولة، مما يفرض تحديات مالية جسيمة. تشير التقديرات إلى أن هذه الحرب قد تستمر، في أحد أكثر السيناريوهات قسوة، نحو شهر كامل، تتخلله 4 جولات قتالية متبادلة بين الجانبين. ووفقا لمعهد "أهارون" التابع لجامعة رايخمان في هرتسليا، وبالاستناد إلى مشاورات مع مسؤولين أمنيين كبار سابقين، فإن التكلفة الأمنية المباشرة لهذا السيناريو قد تصل إلى نحو 40 مليار شيكل (11.1 مليار دولار). لكن التكلفة لا تتوقف عند الإنفاق الدفاعي، فالحرب تفرض على الجبهة الداخلية الإسرائيلية أعباء اقتصادية متزايدة، أبرزها توقف الأنشطة التجارية والخدماتية، خاصة لدى الشركات الصغيرة، كما حدث نهاية الأسبوع في قطاع المطاعم، إضافة إلى إلغاء فعاليات عامة وخاصة. وتتوزع التكاليف المدنية على عدة محاور، من ضمنها تعويضات الشركات، ومخصصات جنود الاحتياط، وانخفاض النشاط الاقتصادي العام، وارتفاع جاهزية الجبهة الداخلية. تأتي هذه النفقات الإضافية في ظل عجز قائم في ميزانية وزارة الدفاع الإسرائيلية يبلغ 20 مليار شيكل (5.5 مليارات دولار)، ناجم عن استمرار العدوان على قطاع غزة بعد عملية " عربات جدعون"، التي أدت إلى تعبئة عدد كبير من قوات الاحتياط. في ظل اتساع رقعة الحرب وانخراط إيران بشكل مباشر، باتت ميزانية الدولة 2025، التي أقرها الكنيست قبل 3 أشهر غير ملائمة للواقع الجديد. فالأعباء المالية الطارئة، خصوصا في الجوانب الأمنية، تجاوزت التقديرات السابقة، مما يجعل الاستمرار في تنفيذ البنود الأصلية للميزانية أمرا غير واقعي. عجز متفاقم بالميزانية خلال أول يومين من الحرب مع إيران، بلغت التكلفة المباشرة للاقتصاد الإسرائيلي نحو 5.5 مليارات شيكل (1.53 مليار دولار)، منها 2.25 مليار شيكل للضربة الافتتاحية و3.25 مليارات للدفاع الجوي وتعبئة الاحتياط، بحسب تقديرات العميد (احتياط) رام عمينوح، الذي شغل في السابق مناصب رفيعة في وزارة الدفاع الإسرائيلية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن عمينوح قوله إن "هذه الأرقام لا تشمل الخسائر غير المباشرة في الناتج المحلي والأضرار الممتدة بالبنية التحتية والممتلكات، خاصة في الشمال والنقب". وفي ظل استنزاف احتياطي الطوارئ بسبب حرب غزة، أوضح عمينوح أن ميزانية إسرائيل لعام 2025 تواجه عجزا متفاقما مع سقف عجز 4.9% من الناتج المحلي، مما يزيد الضغط المالي المفاجئ على الميزانية، إذ خفض بنك إسرائيل توقعات النمو إلى 3.6%، مع احتمال استمرار تعبئة قوات الاحتياط. خسائر أولية بالمليارات وفي مقابلة مع الموقع الإلكتروني "واي نت"، كشف مدير سلطة الضرائب شاي أهرونوفيتش، أن الأضرار الناتجة عن الهجوم الإيراني خلال أول يومين تقدر بنحو مليار شيكل (277 مليون دولار)، مع توقع استقبال 12 ألف مطالبة تعويض. وشبّه الوضع في الجبهة الداخلية بأنه "صعب جدا"، مؤكدا أن هذه التقديرات أولية فقط. إعلان وأوضح أن الحرب تسببت في شلل واسع بالأنشطة الاقتصادية، وأضرار واسعة بالبنى التحتية وتوقف الطيران، مما أدى إلى خفض تقديرات النمو بنسبة 0.1% حتى الآن. وإذا استمر التصعيد، قد تنخفض التقديرات بنسبة إضافية تصل إلى 0.3%. ولفت إلى أن إسرائيل تواجه أضرارا اقتصادية كبيرة في بدايات حرب قد تطول، مع تحديات في تمويل التعويضات، وضغوط على النمو والاستقرار المالي، وسط آمال بتعاف سريع حال انتهاء القتال. وأشار إلى أن تعويضات الأضرار تدفع من صندوق خاص لا تدرج نفقاته ضمن العجز العام بالميزانية، لكن المخصصات الحالية (2.4 مليار شيكل في 5 أشهر) غير كافية أمام اتساع الخسائر جراء الهجمات الصاروخية الإيرانية. تهديد استقرار الاقتصاد وتجمع التقديرات للمحللين أن الحرب مع إيران تشكل أزمة مالية حادة تهدد استقرار الاقتصاد الإسرائيلي، وتتطلب إعادة نظر عاجلة في السياسة المالية، واستعدادا لإنفاق طارئ يؤثر في كل بيت وقطاع في إسرائيل. وبحسب تقديرات المحرر الاقتصادي في صحيفة "ذا ماكر" سامي بيرتس، فإن الحكومة قد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوات سريعة لتقليص العجز المالي المتفاقم. وتشمل هذه الخطوات المحتملة تقليص الإنفاق في بعض البنود المدنية، مثل الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، وربما أيضا اللجوء إلى رفع الضرائب، وذلك بحسب تطورات الوضع الميداني وتفاعل الأسواق المالية. هذه الإجراءات، في حال اعتمادها، قد تؤثر بشكل مباشر على حياة السكان والنشاط الاقتصادي العام، مما يضع الحكومة أمام معادلة صعبة بين تمويل الحرب والحفاظ على الاستقرار الداخلي. وخلافا للحروب السابقة مع منظمات مثل حركة حماس و حزب الله ، تمثل المواجهة الحالية -يضيف بيرتس- "حربا بين دولتين"، مما يثير مخاوف من اتساع النزاع إقليميًا. ويرى أن إسرائيل تواجه تحديا اقتصاديا غير مسبوق، يستدعي إعادة بناء سريعة للخطط المالية وتدخلا حكوميا عاجلا في ظل ضبابية المشهد وتداعيات الحرب. تخفيض التصنيف الائتماني تواجه إسرائيل أزمة مالية حادة مع اتساع الحرب مع إيران، إذ لم تكن ميزانية 2025 مجهزة لهذا التصعيد، حيث استنفد الاحتياطي الدفاعي بالكامل بسبب الحرب على غزة، وتجاوز الإنفاق الدفاعي المتوقع بين 15 و25 مليار شيكل (4.16 إلى 7 مليارات دولار) إضافية، على ما ذكر مراسل صحيفة "هآرتس" ناتي توكر. العمليات الجوية وتجنيد آلاف الجنود، يقول توكر: "تزيد الأعباء المالية"، وسط مخاوف من تخفيض التصنيف الائتماني بسبب تأثير الحرب على النمو والعجز وميزان المدفوعات. ولفت إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية قامت بما يلي: خفضت توقعات النمو لعام 2025 من 4.3% إلى 3.6%. رفعت معدل التضخم مع تراجع قيمة الشيكل، مما يرفع تكلفة الاستيراد ويضغط على الأسعار. التعبئة العسكرية تسببت في نقص العمال وتباطؤ الإنتاج، مما يزيد من اختناقات العرض. ارتفاع النفقات العسكرية، سيدفع الحكومة إلى زيادة الإيرادات الضريبية، من خلال رفع الضرائب أو خفض الإنفاق المدني أو زيادة الاقتراض، مما يهدد التصنيف الائتماني. وأشار توكر إلى أن التحديات الاقتصادية الحالية ستظل قائمة طوال فترة الحرب مع إيران وربما بعدها، مما يستدعي إعادة فتح الميزانية وفرضية تخفيض تصنيف ائتماني محتمل. صندوق التعويضات لا يكفي أمام حجم الدمار بحسب صحيفة "غلوبس"، يمتلك صندوق التعويضات الإسرائيلي حاليا نحو 9.5 مليارات شيكل (2.7 مليار دولار)، وهو مبلغ لا يبدو كافيا في ظل حجم الأضرار غير المسبوقة التي خلّفها الهجوم الإيراني، خاصة مع احتمال استمرار التصعيد لفترة طويلة. وفي حين لم يصدر بعد تقييم دقيق، تشير المعطيات الميدانية إلى دمار واسع في الممتلكات والبنية التحتية، يفوق ما شهدته إسرائيل في حروب سابقة. وقد تتجاوز كلفة التعويضات الإجمالية 2.5 مليار شيكل التي تم دفعها خلال "السيوف الحديدية"، خصوصًا إذا شملت الأضرار غير المباشرة كخسائر الشركات وتوقف النشاط الاقتصادي. ويمول الصندوق من ضرائب الأملاك، وكان قد أنفق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 20.5 مليار شيكل (5.7 مليارات دولار). ومع تراجع الرصيد الحالي، تبحث وزارة المالية عن مصادر تمويل بديلة لتغطية التعويضات، خصوصا إذا توسعت رقعة المتضررين، وتؤكد التقديرات أن الأضرار المباشرة في هذه الحملة أوسع وأكثر تدميرًا من أي جولة سابقة. وأجبرت القيود الأمنية العديد من القطاعات كالمطاعم وقاعات المناسبات على التوقف، مما يعمّق الأزمة. ولا تزال الحكومة متأخرة في إعلان برامج دعم للأعمال أو للعمال، مما يفاقم التوتر في السوق، بحسب "غلوبس". وذكرت الصحيفة أن التمويل المتاح لا يواكب حجم الكارثة، وخطط الدعم لا تزال غائبة. في حال طال أمد الحرب مع إيران، سيكون على الحكومة اتخاذ قرارات عاجلة لتوفير التعويضات ومنع انهيار اقتصادي أوسع.

التجويع الإسرائيلي يجبر أهل غزة على العودة لمقايضة السلع
التجويع الإسرائيلي يجبر أهل غزة على العودة لمقايضة السلع

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

التجويع الإسرائيلي يجبر أهل غزة على العودة لمقايضة السلع

غزة – حينما أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كافة معابر قطاع غزة بداية مارس/آذار الماضي، سارعت السيدة أم جاد كنعان إلى شراء كمية من الطعام ومواد التنظيف من الأسواق، تحسبا لاستمرار الحصار مدة طويلة. ومع استمرار الإغلاق، بدأ مخزون أم جاد من بعض السلع الأساسية بالنفاد؛ ونظرا لعدم توفرها في الأسواق أو ارتفاع أسعارها بشكل كبير، لجأت إلى أسلوب المقايضة حيث نشرت إعلانات عبر مجموعات عامة على تطبيق واتساب، تعلن فيها عن رغبتها باستبدال سلع تحتاجها وتقديم أخرى تمتلكها. ونظرا لحاجتها الماسة للطحين لصنع الخبز، اضطرت للتفريط في كمية من السكر المفقود من الأسواق. ويصل سعر الكيلوغرام منه إلى أكثر من 200 شيكل (الدولار = 3.6 شواكل). ونشرت السيدة الفلسطينية إعلانا تطلب فيه مقايضة 4 كيلوغرامات من الطحين بكيلوغرام من السكر، ونجحت في ذلك. المواصلات تعيق المقايضة لكنّ غياب المواصلات داخل أرجاء قطاع غزة، بسبب شح الوقود وقلة السيارات، يجعل من المقايضة أمرا صعبا في بعض الأحيان، ويتسبب في فشل الكثير من المحاولات. وتقول أم جاد للجزيرة نت "حينما أنشر عرضا للتبادل، يكون هناك تجاوب من العائلات الأخرى، لكن أحيانا البعد الجغرافي يُفشل المقايضة مع صعوبة المواصلات". وتُشيد ربة المنزل الفلسطينية بأسلوب المقايضة، وترى فيه عملية إيجابية تسمح بامتلاك الناس المواد التموينية المفقودة وخاصة الطحين. وبحسب أم جاد كنعان، فإن عدم توفر العملات النقدية وصعوبة سحبها من البنوك المغلقة يزيدان من لجوء الناس لأسلوب المقايضة بشكل كبير. وفي بعض الأحيان، كانت ربة المنزل تضطر لسحب بعض الأموال من البنك بعمولة كبيرة جدا تصل إلى 40% (عبر السوق السوداء) من قيمة المبلغ لشراء الطحين، مما جعلها تُفضل اللجوء لعملية مقايضة السلع. أصناف محدودة للمقايضة على خلاف أم جاد، احتاجت ختام حسين، من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، إلى كيلوغرام من السكر، فنشرت إعلانا تعرض فيه مقايضته بالعدس، ونجحت في ذلك. ويستخدم السكان العدس حاليا بديلا عن الطحين المفقود، إذ يصنعون منه الخبز بعد طحنه. لكنّ المقايضة لا تمكّن السيدة ختام حسين من الحصول على كل ما تحتاجه نظرا لعدم توفر كافة السلع لدى العائلات الأخرى، وخاصة مكعبات المرق المجفف الضرورية لصنع الطعام، إذ قدمت الكثير من طلبات المقايضة دون جدوى. وتقول ختام حسين إن هناك تجاوبا كبيرا مع إعلانات المقايضة لحاجة العائلات الماسة للطعام لسد رمق أبنائها. وتضيف للجزيرة نت "شح البضائع وغلاء سعرها عاملان دفعاني لعرض البضائع للتبديل، والاستجابة كبيرة لأن الجميع مثلنا، الكل محتاج ولديه نقص في الطعام". وترتفع الأسعار بشكل كبير في قطاع غزة بسبب شحّ البضائع، ويصل سعر الكيلوغرام الواحد من الطحين في بعض الأحيان إلى نحو 100 شيكل، علما أن سعره لم يكن يتجاوز 3 شواكل قبل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. وتعج وسائل التواصل الاجتماعي في قطاع غزة حاليا بإعلانات تبادل "السلع مقابل السلع" وكذلك "السلع بسعرها الطبيعي مقابل توفير سيولة نقدية من دون عمولة". إعلان ومن بعض الإعلانات التي اطلع عليها مراسل الجزيرة نت: "متوفر سيولة 300 شيكل من دون عمولة مقابل كيلوغرام من التمر بسعره الطبيعي". "متوفر عنب حُصرم مقابل سكر أو زيت قلي، أو تمر مضغوط أو حلاوة طحينية". "كيلوغرام فول مقابل كيلوغرام طحين"، و"علبة أناناس مقابل سكر". "كيلوغرام تمر مضغوط مقابل بامبرز (حفاظات أطفال)". "عدس حب بُني مقابل زيت قلي". المقايضة تكامل اقتصادي ورغم أهمية "المقايضة" للتخفيف من الظروف الإنسانية الصعبة في غزة، فإنها ليست حلا كافيا، وفق خبراء. ويقول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الدكتور نصر عبد الكريم "هذه حلول إبداعية ومهمة، لكنها تبقى جزئية وليست مستدامة، الحل يتمثل في وقف الحرب وإدخال المساعدات والبضائع بحرية كاملة". ويرى عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة في قطاع غزة هي "واحدة من الحلول التي يبتكرها المجتمع للتخفيف من آثار المجاعة والحصار الإسرائيلي". ويضيف للجزيرة نت "المقايضة في حالة قطاع غزة هي تكامل اقتصادي داخل المجتمع وهي ظاهرة محمودة". أزمة اقتصادية وإنسانية ويؤكد الخبير الاقتصادي عبد الكريم أن ظاهرة المقايضة تؤكد عمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية التي يعيشها قطاع غزة بسبب غياب السلع والفقر الشديد وعدم امتلاك المال الكافي للشراء والعجز عن سحب المال من البنوك للإنفاق. ويقول "بسبب حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل و التجويع والتضييق الاقتصادي واحتكار السلع واختفائها، والظواهر السلبية الأخرى، بات الناس بحاجة إلى التكامل عبر المقايضة، وهي ظاهرة تعكس الأزمة والحالة الاقتصادية المحزنة لمعظم الأسر"، مشيرا إلى أن "مقايضة السلع" ظاهرة قديمة وتاريخية كان يستخدمها البشر قبل ظهور النقود. ويضيف عبد الكريم أن الفلسطينيين كانوا حتى وقت قريب يتعاملون بالمقايضة، فمن "لديه عنب يبادله باليقطين أو التين، ومن لديه قمح يبادله بالزيتون أو الزيت وهكذا"، مضيفا "أذكر أنه في الانتفاضة الأولى (1987-1994) في الضفة الغربية كانت الكثير من الأسر تلجأ للمقايضة". وحذر عبد الكريم من أن استمرار المجاعة ونقص البضائع سيقللان من جدوى المقايضة نظرا لنفاد السلع في قطاع غزة جراء استهلاكها أو تبديلها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store