logo
وصايا المنتدى الأول للجامعات العربية

وصايا المنتدى الأول للجامعات العربية

الرأيمنذ يوم واحد
في الطريق إلى عمّان، يفيض شجر الزيتون بحكمة التاريخ، وتتوارى خلف الجبال ذاكرة الحرف الأول..
هناك، في العاصمة التي كانت وما زالت ممرًا للباحثين عن المعنى بين شقوق الجغرافيا، انعقد المنتدى الأول للجامعات العربية ووكلاء استقطاب الطلبة الدوليين. لم يكن ملتقى أكاديمياً عادياً، بل كان صرخة هادئة في واد عربي متعطش للمعرفة، ومرآة نادرة تأملنا فيها ما صرنا إليه، وما قد نعود إليه إن نحن صحونا من سبات التبعية.
أن تُقام مثل هذه المبادرة في عمان ليس تفصيلاً عابراً، بل اختيار في رمزيته. فالأردن، ذاك البلد الصغير في مساحته، الكبير في عطائه، لطالما مثل نقطة توازن وعبور، وملاذًا للطلبة من فلسطين، والعراق، واليمن، وكل الذين أرهقتهم الغربة قبل أن تبدأ.. هناك، في قاعات عمّان وفنادقها، اجتمع الحرف مع الحلم، والتاريخ مع احتمالات الغد.
كان لافتًا أن يتقدم هذا الحراك رجل بعينين تريان ما بعد الأفق، الدكتور عمرو عزت سلامة، أمين عام اتحاد الجامعات العربية، الذي لم يتحدث كموظف في منظمة، بل كمن يحمل شُعلة، يتقدم بها في عتمة الفجوة بين جامعاتنا العربية وواقع العالم. تحدث عن عالم تجاوز فيه عدد الطلبة الدوليين ستة ملايين، بينما جامعاتنا تكتفي بفتات 2% منهم، وكأن الطالب العربي مكتوب عليه أن يُصدر لا أن يُستقبل، وأن يذهب لا أن يُدعى.
في المنتدى، لم تكن الأرقام مجرد بيانات، بل علامات استفهام مؤلمة. لماذا لا نقنع أبناءنا بالبقاء؟ لماذا يتجه الطالب العربي نحو جامعات الغرب بحثًا عن "الاعتراف" و"الهوية الأكاديمية"، بينما تملك جامعاتنا إرث القرويين والأزهر والقاهرة؟ لماذا لا تصبح بيروت، أو الدوحة، أو عمّان، مراكز جذب كما أصبحت ماليزيا أو تركيا أو الصين؟.
في كلمات المشاركين، برز الجيل Z كأيقونة مرحلة جديدة، جيل لا يُخدع بالشعارات، ولا يقبل الانتظار. جيل رقمي، يبحث عن جامعة لا تغرس فيه نظريات قديمة، بل تفتح له نوافذ على المستقبل: على الريادة، والذكاء الاصطناعي، والطاقة الحيوية. هذا الجيل الذي يريد أن يتخرج بسرعة، أن يعمل فورًا، وأن يشعر بأن الجامعة هي حليفُه لا سجانُه.
لقد صيغت توصيات المنتدى بعناية، كأنها مفاتيح لبوابات موصدة منذ زمن، فكانت البداية دعوة إلى أن تُبنى الشراكات لا على الورق، بل على الثقة، شراكات حقيقية لا تستعرض نفسها في المؤتمرات، بل تعمل في الخفاء كجذورٍ عميقة، تربط الجامعات بوكلاء لا يرون في الطالب رقماً، بل مشروعاً. لم يعد يكفي أن يكون الوكيل وسيطاً، بل يجب أن يكون راوية، ورفيق درب، ورسولاً أكاديمياً يحمل رسالة الجامعة كما يحمل جواز سفره، يُرشد الطالب لا يُسلمه، يُضيء له الطريق لا يُضلله في عتمة الخيارات.
ثم جاءت الدعوة الثانية، أكثر جرأة وصدقاً: على الجامعات أن تُغادر زمن الملفات الورقية، وأن تتسلح بلغة العالم الجديد. على إدارات القبول أن تُخاطب الطالب بلغة يفهمها، بلغة اليوم، لا بلغة الأمس المليء بالنشرات المهملة. على الجامعة أن تدخل هاتفه، لا أن تنتظر طرق بابه. أن تخاطبه برسالة قصيرة، بصوت، بمقطع مصور، لا بخطاب من خمس صفحات موقع بالحبر.
لكن التوصية الأشد حساسية، والأكثر إنسانية، كانت تلك التي تلامس جوهر الفكرة: أن نُعيد تعريف من هو الطالب الدولي. لا أن نراه زائراً، عابراً، مستهلكاً بل أن نراه أحد أبنائنا. لا يكفي أن نسهل له التأشيرة، بل أن نسهل له المعنى، وأن نوفر له مناخًا يحتضنه فكرياً وإنسانياً، لا إداريًا فقط. أن يجد نفسه في حرمنا كما لو كان في بيته. أن نحترم لغته ودينه وسيرته، وأن نربي في طلابنا أن الاحتضان لا يعني الذوبان، بل التلاقي.
لكن الأهم من كل ذلك، أن اتحاد الجامعات العربية يدرك جيدأ أنه لا وقت للتجميد ولا للاجتماعات البروتوكولية.. اتحاد يعيد تشكيل العقل الأكاديمي العربي، يُحرر الجامعات من ثقل البيروقراطية، ويفتح نوافذها على السماء، وهذا ما أكده الدكتور عمرو في ختام كلمته، وملامحه تشبه ملامح معلم أنهى لتوه درسًا عن الحلم الذي يقول: إن الطالب العربي لا يستحق أن يُعامل كرقم في إحصائية، بل كعقل في مشروع، كأمل في أمة.
وإن لم يكن هذا المنتدى هو البداية.. فمن أين نبدأ؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مهرجان الأردن للطعام يطلق غدًا قافلة مساعدات إغاثية إلى غزة
مهرجان الأردن للطعام يطلق غدًا قافلة مساعدات إغاثية إلى غزة

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

مهرجان الأردن للطعام يطلق غدًا قافلة مساعدات إغاثية إلى غزة

تطلق الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بالتعاون مع إدارة مهرجان الأردن الدولي للطعام، الاثنين، قافلة مساعدات إغاثية إلى قطاع غزة، وذلك من أمام بوابة المهرجان على طريق المطار. وتضم القافلة خمس شاحنات محملة بـ100 طن من المواد الغذائية والطبية، في إطار الجهود الأردنية المتواصلة لدعم الأشقاء في غزة وتخفيف الأعباء الإنسانية عنهم. ويشارك في إطلاق القافلة ممثلون عن المهرجان والهيئة الخيرية، إلى جانب عدد من الجهات الداعمة. وتأتي هذه المبادرة تجسيدا لرسالة مهرجان الأردن الدولي للطعام في دعم المبادرات الإنسانية والمجتمعية، بالإضافة إلى دوره في تمكين الشباب الأردني من خلال احتضان المشاريع الريادية في قطاع الطعام والمطبخ الإنتاجي، والترويج لتنوع وغنى المطبخ الأردني.

ارتياح طلابي حيال امتحان اللغة الإنجليزية
ارتياح طلابي حيال امتحان اللغة الإنجليزية

الرأي

timeمنذ 3 ساعات

  • الرأي

ارتياح طلابي حيال امتحان اللغة الإنجليزية

أعرب طلبة الثانوية العامة المرحلة الأولى " الأول ثاني" عن ارتياحهم العام من امتحان اللغة الإنجليزية، وذلك بعد تقدمهم اليوم الأحد، للاختبار في ثاني جلسات الامتحانات الوزارية، مؤكدين ورود الاسئلة من الكتاب المدرسي، وأنهم لم يلمسوا أي صعوبة. وقالوا في أحاديث إلى "الرأي" إن البيئة الامتحانية كانت ملائمة للطلبة من حيث الترتيبات اللوجستية، وتوفير مستلزمات الامتحان كافة. وقال استاذ اللغة الإنجليزية عرفات بلاسمة إن امتحان اللغة الإنجليزية جاء متوسطا من حيث نمط الاسئلة، ومجمله من الكتاب المدرسي، ومراعيا للفروقات الفردية، حيث كانت ردود افعال الطلبة إيجابية حول الامتحان.

متى نتائج التوجيهي 2025؟
متى نتائج التوجيهي 2025؟

البوابة

timeمنذ 3 ساعات

  • البوابة

متى نتائج التوجيهي 2025؟

تعتبر مرحلة الثانوية العامة "التوجيهي" من المراحل الصعبة والمصيرية لكل طالب حول العالم، فمنها ينتقل الطالب إلى تقرير مصيره المهني واختيار التخصص المناسب له، وفي بداية شهر آب 2025 يكثر البحث على محرك البحث "جوجل" عن متى نتائج التوجيهي 2025؟ متى نتائج التوجيهي 2025؟ صرحت وزارة التربية والتعليم الأردنية أن موعد نتائج التوجيهي لعام 2025 في الأردن ستكون في يوم الخميس الموافق 7/8/2025 ميلادي عبارات عن النجاح التوجيهي

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store