
بودريقة في قفص الاتهام… وصور 'العلاقات العليا' كدفاع: هل يتحوّل القرب من السلطة إلى صك براءة؟
'هذا التحليل لا يُعد حكمًا قضائيًا ولا تبنيًا لرواية جهة على حساب أخرى، بل قراءة صحافية في قضية رأي عام.'
بين مشهد قاعة المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، والوجوه البارزة التي ظهرت في الصور المقدّمة للدفاع، تتشكّل مفارقة لافتة في قضية محمد بودريقة، البرلماني المعزول والرئيس السابق لنادي الرجاء، المتابع في قضايا تتعلق بالنصب. ففي خطوة مثيرة للجدل، لجأ دفاعه إلى التلويح بصور يظهر فيها موكله مع الملك محمد السادس، وولي العهد، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومع شخصيات سياسية خليجية ومغربية، أبرزها رئيس الحكومة عزيز أخنوش.
الرمزية بدل الأدلة: هل الصور صك براءة أم محاولة لتوجيه الوعي القضائي؟
أن يستدل محامٍ بصور لموكله مع رؤساء وملوك كدليل على 'حسن النية' و'نزاهة السلوك'، يطرح سؤالًا محوريًا حول منطق العدالة ومقتضيات دولة القانون: هل يُفترض أن الظهور في صور مع رموز السيادة، مهما علت، يعفي من الخضوع للمساءلة القانونية؟ وهل تحوّلت الرمزية إلى وسيلة ضغط خفيّ على القضاة والرأي العام؟
هذا المنطق الدفاعي، وإن كان يُراد به إحداث أثر نفسي في المحكمة، إلا أنه
يمسّ بجوهر المساواة أمام القانون
. فالقرب من مركز السلطة، في الأنظمة الديمقراطية، لا ينبغي أن يُستغل كحاجز ضد التحقيق أو العقاب.
اتهامات النصب بين الأزمة الاقتصادية وتبرير 'النية الحسنة'
أحد مبررات الدفاع كان أن بودريقة تأثر بجائحة 'كوفيد-19' مثل باقي المستثمرين، وهي حجة تتكرر في قضايا الإفلاس والتعثر التجاري. لكن، أليس من واجب القضاء التمييز بين
التعثر الناتج عن الظرفية
و
الاحتيال الممنهج
؟ ثم، هل يستطيع المتهم أن يُثبت أن تعثره كان عرضيًا وليس نتاج تدبير مشوب بالغموض والنية السيئة؟
كما يشير المحامي إلى أزمة نفسية حادة ومشاكل صحية عاشها بودريقة، فهل تدخل هذه المعطيات في باب التخفيف القضائي أم تُستعمل لإثارة التعاطف فقط؟
هل هناك فعلاً 'أياد خفية' وراء الملف؟
أخطر ما ورد في مرافعة الدفاع هو الإيحاء بوجود 'جهات مجهولة' تضغط من خلف الستار لإسقاط بودريقة سياسيًا واقتصاديًا. لكن، ما الهدف من هذا الاتهام دون أدلة؟ وهل يكون المقصود الصراع داخل حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه؟ أم صراعات مراكز النفوذ حول نادي الرجاء؟ وإذا كان هناك فعلاً 'أشباح' تحرك هذا الملف، فلماذا لم يُكشف عنها رسمياً؟
في الأنظمة التي تحترم استقلال القضاء، لا يجوز التلميح إلى أن المحاكم تتحرك بتوجيهات غير معلنة.
العدالة ليست مسرحًا للغمز واللمز، بل ساحة لإثبات الأفعال بالأدلة.
ما بعد بودريقة: هل هناك علاقة بين السلطة الكروية والسلطة السياسية؟
قضية بودريقة، بما تحمله من رموز وعلاقات، تثير أيضًا سؤالًا بنيويًا: إلى أي مدى يمكن لمواقع مثل رئاسة نادٍ رياضي كبير أو عضوية في البرلمان أن تتحوّل إلى
مواقع تجميع نفوذ هشّة لا تخضع للرقابة؟
وهل هناك خلط بين 'الشرعية الشعبية' و'الامتيازات السياسية' يُستعمل كدرع للتهرب من المساءلة؟
خلاصة تحليلية:
القضية تعكس نوعًا من
الالتباس بين المكانة الرمزية والمسؤولية القانونية
.
استخدام صور مع رؤساء الدول وملوك الخليج في قاعة المحكمة
سلوك يطرح تساؤلات عن مفهوم العدالة والفصل بين السلطات
.
التلميح إلى 'أيادٍ خفية' دون تسمية أو أدلة
يحيد بالقضية نحو التسييس بدل التمحيص
.
المحكمة الآن أمام اختبار صعب
: بين الضغوط الرمزية وصوت القانون.
سؤال مفتوح للرأي العام:
هل يحق لأي مسؤول أو منتخب أن يطالب بالحصانة غير المعلنة لمجرد قربه من السلطة؟ وهل هذا مؤشر على خلل أعمق في هندسة العلاقة بين السياسة والعدالة في المغرب؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ ساعة واحدة
- الأيام
دفاع بودريقة يثير قضايا التقادم والتنازلات والتشكيك في أدلة التزوير
قررت المحكمة الابتدائية الزجرية بمدينة الدار البيضاء، الثلاثاء، تأجيل النظر في ملف محمد بودريقة، الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي والبرلماني السابق، إلى الأسبوع المقبل، وذلك من أجل مواصلة مناقشة الملف الذي يتابع فيه في حالة اعتقال بتهم تتعلق بـ'التزوير' و'النصب'. وخلال جلسة الثلاثاء، ركز المحامي نور الدين الرياحي، عضو هيئة دفاع بودريقة، على أهمية الطابع القضائي للملف، داعيا المحكمة إلى إصدار حكم 'يُحتذى به قضائيا' على المستوى الدولي، قائلا: 'الحكم سيقرأه القضاء الأجنبي، خاصة قضاة ألمانيا، وينبغي أن يكون مرجعا لمحاكم الاتحاد الأوروبي، ولذلك، لا يجب الاستهانة بملف بودريقة'. وشدد الرياحي، على مسألة تقادم المتابعة في القانون المغربي، قائلا إن القضية التي تتعلق بشيك بدون رصيد تعود إلى سنة 2018، وقد سبق أن أنصف القضاء بودريقة فيها، مضيفا: 'اليوم مرت ثماني سنوات على الوقائع، في حين أن المشرع حدد مدة التقادم في أربع سنوات فقط'، مشبهًا التقادم بـ'الجرح الذي التأم، ولا ينبغي نبشه من جديد'. وكشف الدفاع أن الموثقة المشتكية سبق أن قدمت تنازلاً ولم تحضر أطوار المحاكمة، مرجحًا أن يكون غيابها ناتجا عن خشيتها من تقديم شكاية مضادة ضدها، مستعرضا نسخا من تنازلاتها بخصوص الشيكات موضوع المتابعة. وانتقد المحامي ما اعتبره 'إغفالًا جوهريًا' من قبل قاضي التحقيق، الذي حذف من الملف كلاً من بروتوكول الاتفاق والتصريح بالشرف الموقعين بين بودريقة والموثقة، معتبراً أن ذلك أثر على التوازن القضائي للملف. وفي سياق آخر، توقف الرياحي عند واقعة اتهام بودريقة بـ'ابتلاع شيك' بقيمة 600 مليون سنتيم، متسائلا بسخرية: 'لماذا لم تُنجز خبرة طبية على المعدة والبطن؟ كيف يمكن لقاضي التحقيق أن يتجاهل التنازل والبروتوكول ويعتمد فقط على رواية 'أكل' الشيك؟'. أما في ما يخص تهمة التزوير المنسوبة إلى بودريقة بناء على شكاية مهندس، فقد أكد الدفاع غياب الوثيقة الأصلية التي يُفترض أنها زُورت، مضيفا أن 'الملف مجرد ادعاءات دون أدلة مادية أو مقارنة موثقة بين النسخ'. وفي ختام مرافعته، تساءل المحامي عن الجهات التي تقف وراء اعتقال موكله، معتبرا أن غياب النسخة الأصلية للوثيقة وتوفر تنازل في ملف الشيكات يفتح المجال لتطبيق العقوبات البديلة، خاصة في ظل ما اعتبره 'ضعفًا في الإثباتات' على التهم المنسوبة إلى محمد بودريقة.


الأيام
منذ ساعة واحدة
- الأيام
دفاع بودريقة يتحدث عن 'أيادٍ خفية' ويؤكد: موكلي رجل دولة وليس نصابا
واصلت المحكمة الابتدائية الزجرية بمدينة الدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، النظر في ملف محمد بودريقة، البرلماني السابق باسم حزب التجمع الوطني للأحرار والرئيس السابق لفريق الرجاء البيضاوي، المتابع في حالة اعتقال بتهم تتعلق بـ'التزوير' و'النصب'. وفي مستهل الجلسة، مثل بودريقة أمام القاضي مرتديا قميصا رماديا ونظارة طبية، حيث سأله القاضي عن وضعه الصحي، فأجاب: 'مزيان'، في إشارة إلى تحسنه بعد أن كان قد شعر بإرهاق في جلسة سابقة ما استدعى تأجيلها. وخلال جلسة اليوم قدم المحامي نور الدين الرياحي، عضو هيئة دفاع عن بودريقة، مرافعته أمام المحكمة، حيث استهلها بالإشادة بمساهمات موكله في مجالات السياسة والرياضة والتنمية الاقتصادية، معتبرا أن بودريقة 'خدم الوطن من مواقع متعددة'، وأشار إلى أنه سبق أن ترأس جلسات برلمانية بالنيابة. وطالب الرياحي، بإجراء بحث اجتماعي على موكله، مبرزا أن هذا الإجراء القانوني يُعد ضروريا لمعرفة خلفية المتهم الاجتماعية والشخصية وظروفه التي قد تكون سببا في المتابعة، وسجل أن النيابة العامة لم تبادر إلى طلب هذا البحث في حق بودريقة، رغم أهميته. وفي معرض تقديمه لما اعتبره دلائل على وجاهة شخصية بودريقة ووزنه الاعتباري، أدلى الدفاع بمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توثق لقاءاته مع الملك محمد السادس، وولي العهد، وأفراد من العائلة الملكية، إضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكدا أن 'المخابرات الفرنسية لا تسمح لأي كان بالتقاط صور مع رئيسها'. وعرض المحامي صورا تجمع موكله مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، المنتمي لنفس الحزب، إلى جانب أمراء وشيوخ من دول خليجية، معتبرا أن هذه المعطيات تُظهر حجم العلاقات والامتدادات التي يتمتع بها بودريقة. وفي ذات السياق، شدد المحامي على أن بودريقة 'ليس بالنصاب الذي تسعى النيابة العامة إلى تقديمه بهذه الصورة'، بل هو وفق تعبيره، ضحية ظروف قاسية وأخطاء إدارية، مطالبا المحكمة بالاحتكام فقط إلى محاضر الضابطة القضائية، التي وصفها بـ'المهنية' و'عين الحقيقة'، باعتبارها توثق الأقوال دون أن تتضمن استنتاجات مسبقة. وأضاف الرياحي: 'كنت دائمًا أنصح عمداء الشرطة وضباطها ومفتشيها بأن يكونوا آلية بحث لا سلطة اتهام'. وتطرق الدفاع إلى السياق الاقتصادي العام، وخاصة تداعيات جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن موكله كان من بين المتأثرين بالأزمة الصحية والاقتصادية التي ضربت المستثمرين، ما جعله يواجه صعوبات مالية حادة. وأشار الرياحي إلى أن بودريقة يعاني من أمراض في القلب، خضع بسببها لعملية جراحية في لندن، قبل أن ينتقل للعلاج في ألمانيا، المعروفة بتخصصها الطبي في هذا المجال. وسلط الدفاع الضوء على واقعة سحب رخصة مشروع عقاري سنة 2022، تبلغ قيمته 25 مليار سنتيم، واصفًا ذلك بـ'غير المبرر'، ومؤكدًا أن هذا القرار زاد من تدهور الوضع الصحي والنفسي لموكله، بل شكّل منعرجًا حادًا في مساره. وفي ختام مرافعته، لمح المحامي الرياحي إلى وجود ما سماه 'أيادٍ خفية' تقف وراء متابعة موكله، قائلا: 'قد تكون هناك أيادٍ خفية لا تعلمها المحكمة ولا نحن نعلمها، أرادت لهذا الشاب ألا يستمر في إنجازاته التي تشهد له بها الوقائع'. وأعلن الرياحي، عزمه التوجه إلى الوكيل العام للملك من أجل تقديم شكاية رسمية بخصوص ملف سحب الرخصة، لكشف من يقف خلف هذه القرارات التي 'أضرت بسمعة ومستقبل' محمد بودريقة، حسب تعبيره.


المغرب الآن
منذ 6 ساعات
- المغرب الآن
بودريقة في قفص الاتهام… وصور 'العلاقات العليا' كدفاع: هل يتحوّل القرب من السلطة إلى صك براءة؟
'هذا التحليل لا يُعد حكمًا قضائيًا ولا تبنيًا لرواية جهة على حساب أخرى، بل قراءة صحافية في قضية رأي عام.' بين مشهد قاعة المحكمة الزجرية بالدار البيضاء، والوجوه البارزة التي ظهرت في الصور المقدّمة للدفاع، تتشكّل مفارقة لافتة في قضية محمد بودريقة، البرلماني المعزول والرئيس السابق لنادي الرجاء، المتابع في قضايا تتعلق بالنصب. ففي خطوة مثيرة للجدل، لجأ دفاعه إلى التلويح بصور يظهر فيها موكله مع الملك محمد السادس، وولي العهد، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومع شخصيات سياسية خليجية ومغربية، أبرزها رئيس الحكومة عزيز أخنوش. الرمزية بدل الأدلة: هل الصور صك براءة أم محاولة لتوجيه الوعي القضائي؟ أن يستدل محامٍ بصور لموكله مع رؤساء وملوك كدليل على 'حسن النية' و'نزاهة السلوك'، يطرح سؤالًا محوريًا حول منطق العدالة ومقتضيات دولة القانون: هل يُفترض أن الظهور في صور مع رموز السيادة، مهما علت، يعفي من الخضوع للمساءلة القانونية؟ وهل تحوّلت الرمزية إلى وسيلة ضغط خفيّ على القضاة والرأي العام؟ هذا المنطق الدفاعي، وإن كان يُراد به إحداث أثر نفسي في المحكمة، إلا أنه يمسّ بجوهر المساواة أمام القانون . فالقرب من مركز السلطة، في الأنظمة الديمقراطية، لا ينبغي أن يُستغل كحاجز ضد التحقيق أو العقاب. اتهامات النصب بين الأزمة الاقتصادية وتبرير 'النية الحسنة' أحد مبررات الدفاع كان أن بودريقة تأثر بجائحة 'كوفيد-19' مثل باقي المستثمرين، وهي حجة تتكرر في قضايا الإفلاس والتعثر التجاري. لكن، أليس من واجب القضاء التمييز بين التعثر الناتج عن الظرفية و الاحتيال الممنهج ؟ ثم، هل يستطيع المتهم أن يُثبت أن تعثره كان عرضيًا وليس نتاج تدبير مشوب بالغموض والنية السيئة؟ كما يشير المحامي إلى أزمة نفسية حادة ومشاكل صحية عاشها بودريقة، فهل تدخل هذه المعطيات في باب التخفيف القضائي أم تُستعمل لإثارة التعاطف فقط؟ هل هناك فعلاً 'أياد خفية' وراء الملف؟ أخطر ما ورد في مرافعة الدفاع هو الإيحاء بوجود 'جهات مجهولة' تضغط من خلف الستار لإسقاط بودريقة سياسيًا واقتصاديًا. لكن، ما الهدف من هذا الاتهام دون أدلة؟ وهل يكون المقصود الصراع داخل حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه؟ أم صراعات مراكز النفوذ حول نادي الرجاء؟ وإذا كان هناك فعلاً 'أشباح' تحرك هذا الملف، فلماذا لم يُكشف عنها رسمياً؟ في الأنظمة التي تحترم استقلال القضاء، لا يجوز التلميح إلى أن المحاكم تتحرك بتوجيهات غير معلنة. العدالة ليست مسرحًا للغمز واللمز، بل ساحة لإثبات الأفعال بالأدلة. ما بعد بودريقة: هل هناك علاقة بين السلطة الكروية والسلطة السياسية؟ قضية بودريقة، بما تحمله من رموز وعلاقات، تثير أيضًا سؤالًا بنيويًا: إلى أي مدى يمكن لمواقع مثل رئاسة نادٍ رياضي كبير أو عضوية في البرلمان أن تتحوّل إلى مواقع تجميع نفوذ هشّة لا تخضع للرقابة؟ وهل هناك خلط بين 'الشرعية الشعبية' و'الامتيازات السياسية' يُستعمل كدرع للتهرب من المساءلة؟ خلاصة تحليلية: القضية تعكس نوعًا من الالتباس بين المكانة الرمزية والمسؤولية القانونية . استخدام صور مع رؤساء الدول وملوك الخليج في قاعة المحكمة سلوك يطرح تساؤلات عن مفهوم العدالة والفصل بين السلطات . التلميح إلى 'أيادٍ خفية' دون تسمية أو أدلة يحيد بالقضية نحو التسييس بدل التمحيص . المحكمة الآن أمام اختبار صعب : بين الضغوط الرمزية وصوت القانون. سؤال مفتوح للرأي العام: هل يحق لأي مسؤول أو منتخب أن يطالب بالحصانة غير المعلنة لمجرد قربه من السلطة؟ وهل هذا مؤشر على خلل أعمق في هندسة العلاقة بين السياسة والعدالة في المغرب؟