logo
السيادة ومفاتيح الدولة في عصر الرقمنة

السيادة ومفاتيح الدولة في عصر الرقمنة

Amman Xchangeمنذ 14 ساعات

الغد
كتب الكثير مؤخرًا عن السيادة الرقمية، غالبًا تقنيًا ضمن دعوات تنسيقية دون التطرق لجذور المشكلة، أو بأسلوب تعليمي لم يركز على الجانب السياسي الوجودي للمسألة. وجميعها بالتأكيد جهود مقدرة في تسليط الضوء على هذه المسألة الحساسة، ومع ذلك لا يجب قصرها على الأمور التقنية والاقتصادية بل يجب علينا هنا وضع التكنولوجيا في قلب القرار السياسي والوطني، وربطها بالسيادة والسيطرة.
إن أي دولة بلا سيادة رقمية في عصرنا الحالي معرضة دائمًا للخطر، مهما كانت رقمية. ففي عصر تتشابك فيه المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية مع البنى الرقمية، لم تعد مسألة السيادة الرقمية خيارًا مؤجلًا. بل أصبحت ضرورة وجودية تفرض نفسها على الدول كما كانت السيادة على الأرض والمياه والحدود في القرن الماضي. فالدولة التي تعتمد بشكل كامل على أنظمة، أو منصات، أو عتاد وبنى تحتية رقمية أجنبية، تسلّم مفاتيح أمنها واستقرارها وقرارها لطرف خارجي، مهما بدا حليفًا.
وتتمثل أخطر نتائج غياب السيادة الرقمية في إمكانية التحكم الخارجي بمصير دولة بأكملها عبر التحكم في استدامة خدماتها الأساسية. فأي انقطاع في خدمة سحابية، أو حجب أمني طارئ، أو توقف في تحديث نظام تشغيل قد يشلّ المؤسسات الحكومية والاقتصادية. أضف إلى ذلك خطر تسرب البيانات الوطنية، إما تجسسًا أو استغلالًا تجاريًا أو ضغطًا سياسيًا. أما على المدى الأبعد، فغياب السيادة يمنع الدولة من بناء اقتصاد معرفي مستقل، ويُبقيها رهينة لأنماط إنتاج وأفكار وتحديثات لا تملك أي سلطة عليها.
ولقد تنبه البعض مثل الاتحاد الأوروبي، لهذا الخطر مبكرًا. فتبنّى عدة مبادرات لتعزيز سيادته الرقمية، عبر التحول نحو الأنظمة مفتوحة المصدر، وقوننة الذكاء الاصطناعي، ومبادرة (Gaia-X) لبناء بنية تحتية سحابية أوروبية قائمة على مبادئ السيادة الرقمية، وخطة (Chips Act) لتقليل الاعتماد على الرقائق الأميركية والآسيوية. لكن رغم الطموح، يظل التقدم بطيئًا نسبيًا، ويواجه العقبات من قبيل الاعتماد الكبير على التقنية الأميركية، والبيروقراطية التنظيمية.
في المقابل، تقدم الصين نموذجًا أكثر جذرية في محاولة الانفكاك التكنولوجي. إذ استثمرت لعقود في تطوير منصاتها ومنتجاتها الرقمية المحلية، من تصنيع عتاد، وأنظمة تشغيل، وتطبيقات، إلى شبكات اتصالات فائقة التطور. لتصبح اليوم من الدول القليلة التي تمتلك منظومة رقمية شبه متكاملة ومكتفية ذاتيًا بدرجة عالية، بينما تتعلق الأنظار هذه الأيام بنظام التشغيل (HarmonyOS) والاختراقات الصينية المتتالية في صناعة الرقائق.
وللأسف، عند النظر في واقع الجنوب العالمي لا نجد سوى سيادة شكلية وتبعية رقمية في كثير من النماذج، حيث لا تزال السيادة الرقمية مفهومًا غائبًا أو مغيّبًا. فأي تحول رقمي يُقدّم باعتباره إنجازًا، دون أي مراجعة نقدية لواقع الاعتماد الكلي على أدوات أجنبية. هذا الانفصام بين خطاب الرقمنة وواقع الاحتلال الرقمي الناعم هو ما يعمق الفجوة، ويُضعف المناعة الوطنية السيبرانية. فلا يمكن لأي دولة أن تزعم تحقيق السيادة وهي ما زالت تعتمد على الآخرين في البرمجيات، والمعالجات، والمنصات، وتخزين البيانات، والحماية. فالتحول الرقمي الذي يُروج له حاليًا لا يعني بالضرورة سيادة، بل قد يُعمّق التبعية إن لم يُرافقه إنتاج مستقل، وتوطين حقيقي للتكنولوجيا، وبناء قاعدة معرفية مستقلة.
والخروج من هذا المأزق يبدأ بإرادة سياسية واعية تسعى للاستقلال التقني، واستثمار طويل في البحث والتطوير، وتمكين العقول المحلية، وتوفير بيئة تُشجّع الابتكار لا تخنقه، وتنويع الموردين، وتعزيز الاعتماد على التقنيات مفتوحة المصدر، لعل هذا يمهد الطريق نحو سيادة حقيقية في زمن لا يعترف إلا بمن يملك قراره الرقمي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السيادة ومفاتيح الدولة في عصر الرقمنة
السيادة ومفاتيح الدولة في عصر الرقمنة

Amman Xchange

timeمنذ 14 ساعات

  • Amman Xchange

السيادة ومفاتيح الدولة في عصر الرقمنة

الغد كتب الكثير مؤخرًا عن السيادة الرقمية، غالبًا تقنيًا ضمن دعوات تنسيقية دون التطرق لجذور المشكلة، أو بأسلوب تعليمي لم يركز على الجانب السياسي الوجودي للمسألة. وجميعها بالتأكيد جهود مقدرة في تسليط الضوء على هذه المسألة الحساسة، ومع ذلك لا يجب قصرها على الأمور التقنية والاقتصادية بل يجب علينا هنا وضع التكنولوجيا في قلب القرار السياسي والوطني، وربطها بالسيادة والسيطرة. إن أي دولة بلا سيادة رقمية في عصرنا الحالي معرضة دائمًا للخطر، مهما كانت رقمية. ففي عصر تتشابك فيه المصالح الأمنية والاقتصادية والسياسية مع البنى الرقمية، لم تعد مسألة السيادة الرقمية خيارًا مؤجلًا. بل أصبحت ضرورة وجودية تفرض نفسها على الدول كما كانت السيادة على الأرض والمياه والحدود في القرن الماضي. فالدولة التي تعتمد بشكل كامل على أنظمة، أو منصات، أو عتاد وبنى تحتية رقمية أجنبية، تسلّم مفاتيح أمنها واستقرارها وقرارها لطرف خارجي، مهما بدا حليفًا. وتتمثل أخطر نتائج غياب السيادة الرقمية في إمكانية التحكم الخارجي بمصير دولة بأكملها عبر التحكم في استدامة خدماتها الأساسية. فأي انقطاع في خدمة سحابية، أو حجب أمني طارئ، أو توقف في تحديث نظام تشغيل قد يشلّ المؤسسات الحكومية والاقتصادية. أضف إلى ذلك خطر تسرب البيانات الوطنية، إما تجسسًا أو استغلالًا تجاريًا أو ضغطًا سياسيًا. أما على المدى الأبعد، فغياب السيادة يمنع الدولة من بناء اقتصاد معرفي مستقل، ويُبقيها رهينة لأنماط إنتاج وأفكار وتحديثات لا تملك أي سلطة عليها. ولقد تنبه البعض مثل الاتحاد الأوروبي، لهذا الخطر مبكرًا. فتبنّى عدة مبادرات لتعزيز سيادته الرقمية، عبر التحول نحو الأنظمة مفتوحة المصدر، وقوننة الذكاء الاصطناعي، ومبادرة (Gaia-X) لبناء بنية تحتية سحابية أوروبية قائمة على مبادئ السيادة الرقمية، وخطة (Chips Act) لتقليل الاعتماد على الرقائق الأميركية والآسيوية. لكن رغم الطموح، يظل التقدم بطيئًا نسبيًا، ويواجه العقبات من قبيل الاعتماد الكبير على التقنية الأميركية، والبيروقراطية التنظيمية. في المقابل، تقدم الصين نموذجًا أكثر جذرية في محاولة الانفكاك التكنولوجي. إذ استثمرت لعقود في تطوير منصاتها ومنتجاتها الرقمية المحلية، من تصنيع عتاد، وأنظمة تشغيل، وتطبيقات، إلى شبكات اتصالات فائقة التطور. لتصبح اليوم من الدول القليلة التي تمتلك منظومة رقمية شبه متكاملة ومكتفية ذاتيًا بدرجة عالية، بينما تتعلق الأنظار هذه الأيام بنظام التشغيل (HarmonyOS) والاختراقات الصينية المتتالية في صناعة الرقائق. وللأسف، عند النظر في واقع الجنوب العالمي لا نجد سوى سيادة شكلية وتبعية رقمية في كثير من النماذج، حيث لا تزال السيادة الرقمية مفهومًا غائبًا أو مغيّبًا. فأي تحول رقمي يُقدّم باعتباره إنجازًا، دون أي مراجعة نقدية لواقع الاعتماد الكلي على أدوات أجنبية. هذا الانفصام بين خطاب الرقمنة وواقع الاحتلال الرقمي الناعم هو ما يعمق الفجوة، ويُضعف المناعة الوطنية السيبرانية. فلا يمكن لأي دولة أن تزعم تحقيق السيادة وهي ما زالت تعتمد على الآخرين في البرمجيات، والمعالجات، والمنصات، وتخزين البيانات، والحماية. فالتحول الرقمي الذي يُروج له حاليًا لا يعني بالضرورة سيادة، بل قد يُعمّق التبعية إن لم يُرافقه إنتاج مستقل، وتوطين حقيقي للتكنولوجيا، وبناء قاعدة معرفية مستقلة. والخروج من هذا المأزق يبدأ بإرادة سياسية واعية تسعى للاستقلال التقني، واستثمار طويل في البحث والتطوير، وتمكين العقول المحلية، وتوفير بيئة تُشجّع الابتكار لا تخنقه، وتنويع الموردين، وتعزيز الاعتماد على التقنيات مفتوحة المصدر، لعل هذا يمهد الطريق نحو سيادة حقيقية في زمن لا يعترف إلا بمن يملك قراره الرقمي.

كيف غيّرت حرب غزة مزاج أوروبا تجاه إسرائيل؟ #عاجل
كيف غيّرت حرب غزة مزاج أوروبا تجاه إسرائيل؟ #عاجل

جو 24

timeمنذ 19 ساعات

  • جو 24

كيف غيّرت حرب غزة مزاج أوروبا تجاه إسرائيل؟ #عاجل

جو 24 : مثّلت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة -منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023- نقطة تحول بارزة في العلاقات والمواقف الدولية، خاصة في أوروبا. وأدى تصاعد مظاهر الإبادة الجماعية وسياسة التجويع في غزة إلى سلسلة من الانتقادات والتحذيرات الدولية لدولة الاحتلال. ونشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "أوروبا والحرب الإسرائيلية على غزة: موجة ناقدة لإسرائيل والتزام إستراتيجي بأمنها" للباحث في الشؤون الأوروبية والدولية حسام شاكر، تبرز المواقف الأوروبية من الحرب على غزة، وترصد اتجاهاتها وتحولاتها والآفاق المنظورة لهذه المواقف، بما في ذلك موجة الانتقادات الأوروبية الملحوظة نحو إسرائيل خلال عام 2025. دعم مستمر لإسرائيل منذ قيام إسرائيل عام 1948 وهي تحظى -ومازالت- بدعم واسع من الأوروبيين الذين يعتبرونها دولة ديمقراطية ويقدمون لها الدعم العسكري والاقتصادي. وتشمل التوجهات الأوروبية الأساسية: أمن إسرائيل: تلتزم أوروبا بضمان أمن إسرائيل وتؤيد "حقها في الدفاع عن نفسها" مما يوفر مبررا للحملات العسكرية الإسرائيلية. رفض المقاومة الفلسطينية ودعم السلطة: يصنف الاتحاد الأوروبي حركات المقاومة الفلسطينية إرهابية، في حين يستمر في دعم السلطة الفلسطينية ماليا. حل الدولتين: تدعم أوروبا المفاوضات وسيلة لحل النزاع وتؤيد حل الدولتين، كما يتضح من مقررات الرباعية الدولية عام 2003. وقد شهد العام الماضي اعترافا منسقا من جانب إسبانيا وإيرلندا والنرويج وسلوفينيا بدولة فلسطين، وأوحت فرنسا وبريطانيا هذا العام بعزمهما القيام بخطوة مماثلة قريبا. معارضة الاستيطان: تعارض الدول الأوروبية بالمجمل أي إجراءات إسرائيلية أحادية الجانب بما فيها تلك التي تحاول قطع الطريق على قيام دولة فلسطينية واستهداف التجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية وشرق القدس. معارضة التهجير: تعارض أوروبا خطط تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة. التعهد بتقديم مساعدات إنسانية للشعب الفلسطيني: وتُعد الدول الأوروبية في صدارة المانحين الدوليين للسلطة الفلسطينية والوكالات الإنسانية الدولية بما فيها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). إعلان اتجاهات في الموقف الأوروبي تبلورت ضمن المواقف الأوروبية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة محاور واتجاهات أساسية: دول ناقدة لإسرائيل: مثل إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا ومالطا وسلوفينيا والنرويج، وهي تُعبّر عن انتقادات مباشرة للسياسات الإسرائيلية، ولكنها تفتقر إلى الثقل الدولي لتغييرات فعالة. دول ذات ثقل بارز تُوجه نقدا متزايدا لإسرائيل مؤخرا: مثل فرنسا وبريطانيا ومعهما كندا وأستراليا ونيوزيلندا. دول داعمة لإسرائيل: مثل ألمانيا والنمسا وإيطاليا، وهي تتمسك بدعم السياسات الإسرائيلية وتنحاز لها بشكل واضح. دول ذات مواقف خافتة نسبيا: وإن خالف ذلك ما اشتُهر به بعضها سابقا من مواقف عُدّت إيجابية نحو القضية الفلسطينية، مثل الدول الإسكندنافية كالسويد وفنلندا. أوروبا في سياق الحرب.. دعم أولي يتآكل لاحقا في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" سارعت أوروبا إلى منح الاحتلال الإسرائيلي غطاء سياسيا صريحا، متذرعة بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. ولكن مع اتساع رقعة المجازر وتزايد الانتهاكات التي أخذت طابع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتجويع، بدأ هذا الغطاء السياسي الممنوح للحرب يتآكل تدريجي، خصوصا مع تصاعد الغضب الجماهيري في أوروبا وحول العالم ضدها، مما أفضى إلى مواقف متأخرة ومرتبكة ظهرت ربيع وصيف 2025. وقد أدى منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ مارس/آذار 2025، وتبني إسرائيل خطط تهجير جديدة تحت اسم "عربات جدعون" إلى موجة نقد أوروبية أوسع نسبيا، تمثلت في: توجيه انتقادات شديدة لتجويع المدنيين، واعتبار استخدام الغذاء سلاحا "غير مقبول". إعلان العديد من المسؤولين بأوروبا أن الحرب الإسرائيلية على غزة ذهبت بعيدا وتجاوزت حدود "الدفاع عن النفس". إعلان نية بعض الدول (خصوصا بريطانيا وفرنسا) الاعتراف بدولة فلسطين وعقد مؤتمر دولي لدعم حل الدولتين. قرار الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية. فرض عقوبات على الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وعدد من قادة المستوطنين. صدور مواقف وتصريحات في بعض الدول الأوروبية تُعرب عن التوجه إلى فرض قيود شاملة أو جزئية على صادرات الأسلحة إلى إسرائيل. استدعاء سفراء إسرائيليين في عدد من العواصم الأوروبية لإبلاغهم رسائل اعتراض أو طلب توضيحات معينة. صدور قرارات من حكومات وسلطات محلية وهيئات دون مستوى الحكومات في بلدان أوروبية، مثل إعلان مقاطعات بلديات وهيئات إيطالية وإسبانية مثل قطع علاقات التعاون أو الشراكة أو الاستثمار أو التوأمة مع إسرائيل. رسائل الموقف الأوروبي ورغم أن هذه الخطوات شكلت سابقة على مستوى الخطاب السياسي الأوروبي، فإنها بقيت في غالبها رمزية وضعيفة التأثير الفعلي، مقارنة بما فرضته القارة العجوز على دول أخرى في أزمات أقل فداحة، ومع ذلك فقد بعثت هذه المواقف عموما برسائل مركزية مفادها: القلق المتصاعد من سلوك الحكومة الإسرائيلية وقواتها ومستوطنيها، والرغبة في ضبط هذا. نزع الغطاء الداعم لاستمرار الحرب على غزة ورفض توسعها. أن الخيار العسكري لم يعد يجدي، وذلك بفعل تأثير مُخرجات الواقع الميداني العسكري المُتعثر في قطاع غزة. التبرم الأوروبي من تصاعد التكلفة الأخلاقية للإبادة الجماعية وسياسة التجويع وجرائم الحرب المشهودة للعالم أجمع. أكدت أن قيادة الاحتلال الإسرائيلي تُعاني عزلة دولية نسبيا، ولا سيما أنها تُلاحَق من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وتواجه دعوى في محكمة العدل الدولية تتهمها بالإبادة الجماعية. رفض أوروبا توجهات "الحسم" في الضفة الغربية التي تحاول إسرائيل من خلالها تقويض أي فرصة لقيام دولة فلسطينية. رفض "نوايا التهجير" والتطهير العرقي في قطاع غزة علاوة على نوايا الاستيطان المُعلنة من جانب أقطاب في حكومة نتنياهو. إعلان ملاحظات حول الموقف الأوروبي جاءت الموجة الناقدة لإسرائيل متأخرة، فقد أخذت أكثر من 20 شهرا من الحرب الضارية على قطاع غزة، حتى نضجت. ويمكن إيراد الملاحظات التالية بشأنها: مثّلت المواقف الأوروبية الناقدة لإسرائيل حالة تراكمية يُعضّد بعضها بعضا. للمظاهرات والمواقف الجماهيرية في أوروبا مفعول نسبي في تراكم الضغوط نحو مراجعة السياسات والمواقف الأوروبية. تتخذ المواقف الأوروبية الناقدة للجانب الإسرائيلي طابعا لفظيا أو رمزيا ولا تتضمن إجراءات عقابية تُذكر. يتبنى الجانب الإسرائيلي منذ سنوات عدة خطابا تصعيديا حادا للغاية إزاء أي نقد أوروبي، وجرى ذلك بلا تردد بحق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والحكومة البريطانية أيضا. يُعَد قرار مراجعة "اتفاقية الشراكة الأوروبية الإسرائيلية" -في مايو/أيار 2025- مثالا واضحا على الطابع الرمزي أو الشكلي لكثير من الانتقادات الأوروبية. العقوبات الأوروبية المحتملة تركز على المستوطنين أو وزراء محسوبين على الاستيطان، وليس على حكومة دولة تمارس قواتها إبادة جماعية، بالتزامن مع إعفاء جيش الاحتلال والحكومة من العقوبات. تبدو الحكومة الإسرائيلية مطمئنة إلى أن أوروبا الموحدة، وإن أطلقت تعبيرات ناقدة لها أو قلقة منها، إلا أنها لن تُرتب على ذلك خطوات ذات طابع عقابي. ثمة فجوة واضحة بين التعبيرات اللفظية الناقدة من جانب عواصم أوروبية، وبين الخطوات العملية التي يُفترض أن تستجيب لذلك، كما اتضح مثلا في موقف بريطانيا فيما يتعلق بصادرات السلاح لإسرائيلي، كما لم تفتح الحكومات الأوروبية ملفات مواطنيها الذين يخدمون في جيش الاحتلال. لا يُقلل ضعف المفعول العملي للمواقف الأوروبية من تأثيرات معنوية ضاغطة توقعها على الجانب الإسرائيلي الذي يواجه مخاطر العزلة النسبية في العالم. تحاول أوروبا عبر بعض المواقف والتعبيرات الناقدة أن تنأى بذاتها عن سياسات وانتهاكات إسرائيلية متصاعدة ذات طابع فاشي أو وحشي وجرائم حرب يشهدها العالم، خاصة مع تراجع فاعلية الاصطفاف الغربي خلف القيادة الأميركية في عهد دونالد ترامب. ركزت كثير من المواقف الأوروبية الناقدة، بدءا من مايو/أيار 2025، على سياسة التجويع المشددة وتجاهلت سياسة جيش الاحتلال في القتل الجماعي. كما وجهت انتقاداتها نحو "عُنف المستوطنين" في الضفة دون الإشارة تقريبا إلى ما يقترفه جيش الاحتلال في الضفة وغزة من انتهاكات جسيمة بلغت مبلغ جرائم الحرب. أدى منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة إلى تعطيل مسعى "الغسيل الأخلاقي" لسياسات أوروبية مُنحازة لم يعد بوسعها إظهار "استجابات إنسانية" معهودة. ما زالت أوروبا السياسية -مع استثناءات قليلة من قبيل الحكومة الإسبانية- تمتنع عن توصيف سياسات الاحتلال بـ"الإبادة الجماعية" و"التطهير العرقي" و"جرائم الحرب" و"الجرائم ضد الإنسانية" فضلًا عن "الإرهاب" و"الترويع" و"عمل وحشي". ركزت المواقف الأوروبية على إظهار التمسك بـ"حل الدولتين" وبصفة معزولة عن أي مواقف جادة في مواجهة الحرب. تبدو أوروبا معنية باستمرار منح الأفق السياسي للشعب الفلسطيني عبر الخيار السلمي وإن تبددت فرصه الواقعية. تراجع الانشغال الأوروبي بغزة مع بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، ومن ذلك مثلا إعلان الرئاسة الفرنسية تأجيل مؤتمر نيويورك لدعم حل الدولتين. مآلات الحرب على إيران ستُضعف فرص الضغط الأوروبي على القيادة الإسرائيلية التي قد تتعزز مكانتها عند حلفائها الغربيين. لا مؤشرات على تراجع الالتزام الأوروبي المعلن والمستقر نحو دولة الاحتلال الإسرائيلي تحت شعار دعم "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها". المصدر: مركز الجزيرة للدراسات تابعو الأردن 24 على

روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية
روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية

العرب اليوم

timeمنذ يوم واحد

  • العرب اليوم

روسيا تحذر من أن توسع الناتو نحو حدودها يضع أوروبا في أخطر وضع منذ الحرب العالمية

اتهمت السفارة الروسية في لندن، بريطانيا بأنها دفعت بأجندة المواجهة خلال قمة حلف الناتو في لاهاي بهدف تصعيد المواجهة مع موسكو. وقالت السفارة الروسية في لندن إن بريطانيا حملت راية المواجهة مع روسيا في قمة الناتو. وأوضحت السفارة أن ما وصفتها بـ"الهستيريا المعادية لروسيا" تتناقض مع أهداف الأمن القومي التي تعلنها بريطانيا في العلن بشكل رسمي. وأكدت السفارة الروسية أن زحف البنية التحتية العسكرية لحلف الناتو إلى حدود روسيا، وإعادة تسليح الدول الأعضاء سيُلغيان في النهاية مكاسب السلام ويدفعان القارة الأوروبية إلى أخطر مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية. إلى ذلك، وافق قادة الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة في بروكسل، أمس الخميس، على تمديد عقوباتهم المفروضة على روسيا لستة أشهر إضافية، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية. ومنذ أن اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022 فرض الاتحاد الأوروبي عليها 17 حزمة عقوبات يتم تجديدها كل ستة أشهر في قرار يصدر بإجماع الأعضاء الـ27. ويعني هذا القرار أنّ العقوبات الشاملة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على خلفية الحرب في أوكرانيا، بما في ذلك تجميد أكثر من 200 مليار يورو (234 مليار دولار)، من أصول البنك المركزي الروسي، ستظل سارية حتى مطلع 2026 على الأقل. ويأتي هذا القرار بعد أن صرّح مسؤولون أنهم يعدون خططا طارئة لإبقاء العقوبات الاقتصادية الأوروبية المفروضة على موسكو سارية في حال رفض الزعيم المجري فيكتور أوربان الموافقة عليها. وفي يناير (كانون الثاني)، أبقى رئيس الوزراء المجري موقفه من تمديد العقوبات ضبابيا حتى اللحظة الأخيرة حين عاد وانضم إلى الإجماع الأوروبي بتمديد هذه العقوبات. وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حضّ قادة الاتحاد الأوروبي في خطاب مصور على اعتماد حزمة عقوبات صارمة "تستهدف تجارة النفط الروسية، وأسطول ناقلات النفط الموازي، والبنوك، وسلاسل التوريد التي تجلب المعدات أو قطع الغيار اللازمة لصنع الأسلحة". وناقش قادة الاتحاد الأوروبي في قمّتهم، الخميس، حزمة إضافية من العقوبات على روسيا كانت المفوضية الأوروبية اقترحتها قبل أسبوعين، لكن القادة لم يتخذوا أي قرار بشأن هذه الحزمة الـ18، وذلك بسبب استخدام سلوفاكيا حق النقض (الفيتو). ورفض رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الموافقة على هذه الحزمة في مسعى منه للضغط على المفوضية الأوروبية لضمان إمدادات بلاده من الغاز، في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى وقف واردات الغاز الروسي تماما بحلول 2027. ويسعى الاتحاد الأوروبي لخفض عائدات روسيا من النفط، وقد اقترح في 10 يونيو (حزيران) خفض سقف سعر برميل النفط الروسي من 60 دولارا إلى 45 دولارا، وذلك في إطار هذه الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store