
لماذا يعود السرطان بعد الشفاء؟
سؤال خطير يؤرق الأطباء في مختلف أنحاء العالم… ما الذي يجعل السرطان يصيب المرضى مجددا بعد سنوات أو حتى عقود من الشفاء؟ وما هي آليات انتقال أو انتشار المرض الخبيث من عضو لآخر داخل الجسم؟ وهو ما يعرف باسم 'السرطان النقيلي'.
وبالرغم من عدم وجود بيانات إحصائية دقيقة، يقول العلماء إن ارتداد الإصابة بالسرطان هي السبب وراء وفاة نصف مرضى السرطان في العالم أو أكثر، وأن سبر أغوار هذه العملية البيولوجية والتصدي لها يفتح بالقطع نافذة آمل أمام ملايين المرضى.
وتقول آنا جوميز وهي عالمة أحياء في مركز موفيت لعلاج السرطان بولاية فلوريدا الأمريكية إن 'هجرة السرطان ليست سهلة ولا بسيطة، بل أنها تتنافى مع كافة خواص هذا النوع من الخلايا'.
وتوضح في تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث العلمية أن انتشار السرطان يتطلب قيام الخلايا الخبيثة برحلة شاقة داخل الجسم، فخلايا سرطان الثدي على سبيل المثال مهيئة للحياة داخل ذلك العضو حيث تقتات على الأحماض الدهنية وتقاوم المخاطر المحلية قبل أن تتحول إلى ورم صلب.
وإذا ما تسللت هذه الخلايا إلى مجرى الدم، فإنها تجد نفسها تندفع بسرعة أربعين سنتيمترا في الثانية تحت قوة ضغط قادرة على تمزيقها وتفتيتها.
أما إذا نجحت تلك الخلايا في اجتياز هذه الرحلة المضنية والمحفوفة بالمخاطر بحيث تصل إلى عضو جديد مثل المخ أو السائل النخاعي مثلا، فإنها تجد نفسها في بيئة مغايرة تماما بدون نوعية الغذاء الذي اعتادت عليها وتحت تهديد مستمر من الخلايا المناعية وجزيئات جديدة قد تبادرها بالهجوم.
وذكر ماثيو فاندر هايدن مدير مركز كوخ لأبحاث السرطان التابع لمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة أنه لا عجب أنه بالرغم من انفصال خلايا خبيثة عن الأورام السرطانية طول الوقت، فإن معظم هذه الخلايا الهاربة تفنى دون أن تتحول إلى نقيلات أو أورام سرطانية مهاجرة، ويضيف: 'اعتقد شخصيا أن السرطان النقيلي هو محض حادث'.
ومن جانبها، توضح باتريشيا مانزانو باحثة الأحياء في مركز علوم الأحياء الجزيئية والطب التجديدي في أشبيلية بإسبانيا أن الخلايا السرطانية القليلة التي تقطع الرحلة المضنية داخل الجسم عادة ما تتحلى بالمرونة بحيث تستطيع أن تحصل على الغذاء في بيئة جديدة عليها، وتتعامل مع جزيئات غريبة محيطة بها، وربما تقوم بتعديل بعض خواصها البيولوجية لتفادي المخاطر المحلية والحصول على الطاقة اللازمة للبقاء.
وتقول إن بعض الخلايا الخبيثة تبعث بإشارات كيميائية لتعديل خواص الأنسجة الجديدة التي تستهدفها قبل الوصول إليها بحيث تكون مهيئة لاستقبالها.
ويقول فاندر هايدن إن الأورام السرطانية عادة ما يكون لها تأثير أخطر داخل الاعضاء التي نبتت داخلها من الأساس، ولكن عندما تهاجر، فإنها تفضل استهداف أعضاء أخرى بعينها، فسرطان البروستاتا مثلا يفضل الانتقال إلى العظام.
ومن جهة أخرى، قد تصل الخلايا السرطانية إلى أماكن من المستبعد للغاية أن تتأقلم على الحياة داخلها، فالطحال والعضلات الهيكلية مثلا يمكنها أن تقاوم الانبثاثات السرطانية، ويرجع ذلك إلى العديد من الأسباب العلمية المحتملة، فالخلايا العضلية تستهلك كميات كبيرة من الطاقة مما يؤدي إلى إفراز منتجات جانبية مثل مركبات الأكسجين التفاعلية.
ورغم قدرة الخلايا العضلية المحلية على تحمل هذه المركبات، فإنها تعتبر سامة لأنواع الخلايا الأخرى مثل السرطان، ورغم وصول أعداد كبيرة من الخلايا الخبيثة إلى العضلات الهيكلية عبر مجرى الدم، فإنها نادرا ما تستقر في العضلات، وهو ما يرجعه العلماء إلى وفرة جزيئات الأكسجين التفاعلية في تلك الأعضاء.
وتشير الباحثة آنا جوميز إلى أن بعض الأورام يمكنها تحضير أعضاء أخرى في الجسم لاستقبالها، حيث أن الورم السرطاني لا يطلق فقط خلايا في مجرى الدم والخلايا الليمفاوية، بل هرمونات وأحماض وراثية وفقاعات دهنية صغيرة يطلق عليها حويصلات.
وتحتوي هذه الفقاعات على رسائل كيميائية تقوم بإعادة تهيئة الأنسجة التي تصل إليها وتجهيزها بحيث تصبح صالحة لاستقبال الخلايا السرطانية حال وصولها. وتقول جوميز إن هذه العملية 'التعليمية' تجهز المسرح لازدهار الخلايا السرطانية في موقعها الجديد.
ويقول علماء إن بعض أنواع الميكروبات تشارك أيضا في هذه العملية، فبكتيريا الأمعاء مثلا 'تعلم' الكبد كيفية استقبال الخلايا السرطانية المهاجرة، وبكتيريا الجهاز الهضمي تستوطن الاورام داخل الأمعاء ثم تجتاز الحاجز الذي يمنع محتوى الأمعاء من الوصول إلى باقي الجسم، وبالتالي تسمح بانتشار السرطان في أعضاء أخرى.
ومن أجل اكتشاف كيفية بقاء الخلايا السرطانية في البيئات الغريبة عنها داخل الجسم، فحصت أدريان بوار الباحثة في مركز سلون كيترينج التذكاري لأبحاث السرطان في نيويورك خلايا انبثاثية من سرطان الثدي أو الرئة انتقلت إلى السائل النخاعي لدى خمسة مرضى، وتوصلت بوار وفريقها البحثي إلى أن الخلايا السرطانية نجحت في تعديل بعض الخواص البيولوجية والكيميائية لديها بحيث يمكنها امتصاص الحديد من العضو الجديد، وهو معدن أساسي بالنسبة لها من أجل النمو وإنتاج الطاقة.
ووجدت بوار أن الخلايا السرطانية تفرز أنواعا من البروتينات لتجميع الحديد النادر في البيئة الجديدة، وبروتينات أخرى لامتصاص المعدن نفسه داخل الخلية السرطانية. واتضح للباحثين عند حقن فئران التجارب ببعض المواد الكيميائية التي تعطل امتصاص الحديد داخل الخلية السرطانية، أن هذه الفئران تعيش فترات أطول.
ويؤكد العلماء أن التساؤلات بشأن هجرة الخلايا السرطانية داخل الجسم، ثم ازدهارها داخل العضو الجديد مازالت تحتاج إلى إجابات علمية شافية، علماً بأنه لا توجد حتى الآن 'وصفة علمية' لمقاومة انبثاث الأورام السرطانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 2 ساعات
- سعورس
مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُنقذ حياة مسن تعرّض لانفجار بالشريان الأورطي في الصدر
بفضل الله، تمكن مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي، من إنقاذ حياة مراجع "ثمانيني"، أصيب بانفجار حاد في الشريان الأورطي بالصدر، وأسعف بحالة صحية معقدة إلى الطوارئ، وهو يعاني من نزيف شديد بالجهة اليسرى من الصدر وضرر كبير بالرئة، وهي حالة تتسبب بالوفاة بنسبة تصل إلى "100%" وأجريت له عملية ناجحة، عبر تقنيتي القسطرة والأشعة التداخلية، ذكرت ذلك د. أمامة حمد الموسى استشارية جراحة الأوعية الدموية رئيسة الفريق الطبي، الحاصلة على البوردين الكندي والأمريكي، وزمالة التخصص الدقيق الكندية. والتي قالت: إن المراجع وصل إلى الطوارئ محولاً من مستشفى آخر، وهو يعاني من نزيف حاد بالصدر، وضرر بالرئة، وكذلك آلام في الصدر وفي أعلى الظهر، ويمتد إلى الذراعين وإلى منطقة البطن، وتسارع بنبضات القلب وانخفاض في ضغط الدم ونسبة الأكسجين، وتم إخضاعه لحزمة من الفحوصات الدقيقة التي شملت، فحص مخطط صدى القلب Echocardiogram، والتصوير المقطعي بالصبغة CTA، وأظهرت النتائج وجود انفجار بالشريان الأورطي، سبب نزيفاً بالصدر، إضافة إلى ضرر كبير بالرئة، ويعود سبب الانفجار إلى توسع في جزء من الشريان الأورطي "أم الدم Aneurysm ". وأضافت د. الموسى أن الفريق الطبي درس الحالة، ووضع خطة علاجية عاجلة، وأجرى له عملية طارئة خلال ساعتين من دخوله إلى الطوارئ، باستخدام تقنية القسطرة العلاجية بالأشعة التداخلية الحديثة، وبالدخول عن طريق الشريان الفخذي، ومن ثم الوصول إلى المنطقة المتضررة من الشريان في الصدر، وتغطية منطقة التمزق بدعامة مغلفة، وإيقاف النزيف، وبعدها قام د.سامي النصاراستشاري جراحة الصدر والرئة بتفريغ الدم المتجمع بالصدر. ومضى التدخل الطبي بسلاسة، وانتهى ولله الحمد بالنجاح التام، والمراجع الآن يتعافى بشكل جيد مع العناية الطبية الحثيثة. مشيرة إلى أن فحوصات ما بعد العملية أظهرت توقف النزيف وأكدت نجاح العملية، كما أن المراجع نفسه تخلص لاحقاً من كافة الأعراض التي عانى منها. وختمت حديثها بأن نجاح هذا التدخل الطبي يعكس الإمكانيات الكبيرة للمستشفى، وقدرته على إجراء عمليات طارئة لأمراض نادرة، بفضل توفر الكفاءات الطبية التي تحظى بالتأهيل العلمي العالي والخبرة العملية النوعية المكتسبة من أفضل المستشفيات العالمية، ووجود أحدث التقنيات. انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.


حضرموت نت
منذ 13 ساعات
- حضرموت نت
دواء جديد لعلاج قصور القلب
توصّل باحثون في كلية الطب بجامعة أريزونا الأميركية إلى دواء تجريبي جديد قد يفتح باب الأمل أمام ملايين المرضى الذين يعانون قصور القلب. وأوضح الباحثون أن هذا الدواء التجريبي يُعد أول علاج مباشر يستهدف السبب الجذري للمرض، وليس الأعراض المصاحبة له فحسب. ونُشرت النتائج، الخميس، في دورية «Cell Metabolism». وقصور القلب هو حالة صحية تحدث عندما يعجز القلب عن ضخ الدم بكفاءة لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمواد الغذائية. ويستهدف الدواء الجديد نوعاً من قصور القلب يُعرَف باسم (HFpEF)، يحدث عندما تصبح عضلة القلب متيبّسة، فلا تستقبل الدم بسهولة، رغم أن قدرتها على الضخ تظل طبيعية، وهذا يعرقل امتلاء القلب بالدم بشكل كافٍ، خلال مرحلة الاسترخاء بين الضربات. ويُصيب هذا النوع من القصور القلبي نحو نصف المرضى الذين يعانون ضعف وظائف القلب. ويرتبط غالباً بعوامل مثل التقدم في العمر، وارتفاع ضغط الدم، والسمنة، والسكري. ويُعدّ هذا النوع من الحالات الصعبة في التشخيص والعلاج؛ نظراً لتشابه أعراضه مع أنواع أخرى من فشل القلب، بينما تختلف أسبابه وتتطلب نهجاً علاجياً خاصاً. وكشف الباحثون أن السبب الجذري لهذا النوع من قصور القلب يعود إلى خروج إنزيم معين من موقعه الطبيعي داخل الخلية إلى مكان غير معتاد، حيث يتفاعل مع إنزيم آخر في خلايا بطانة الأوعية الدموية. ويؤدي هذا التفاعل إلى نواتج ضارة من الغلوكوز (سكر الدم)، ما يسبب خللاً في الخلايا ويؤدي إلى تصلب عضلة القلب وفقدانها المرونة. ووفقاً للفريق البحثي، تُفسّر هذه الآلية البيولوجية العلاقة القوية بين مرض السكري وحدوث قصور القلب، وهي علاقة لم تكن مفهومة بالكامل من قبل. وبناءً على هذا الفهم الجديد، حدد الباحثون مركّباً دوائياً قادراً على تحييد النواتج الضارة للغلوكوز. وأظهرت التجارب المعملية أن هذا المركب يُحسّن مرونة عضلة القلب بشكل ملحوظ، ما يدل على إمكانية عكس تطور المرض، وليس الحد من تقدمه فحسب. وحتى وقت قريب، لم يكن هناك علاج فعّال لقصور القلب من نوع (HFpEF) سوى برامج التأهيل القلبي التي تركز على التمارين الرياضية، وتغيير نمط الحياة، وتقليل التوتر. ورغم أن بعض أدوية السكري مثل «إنفوكانا» و«أمباغليفلوزين» أظهرت فوائد محدودة للمرضى، فإن الحاجة لا تزال قائمة لعلاجات أكثر فاعلية. ويأمل الباحثون أن يمهد هذا الدواء التجريبي الطريق لإضافة جديدة إلى العلاجات المتاحة. ويخطط الفريق لإجراء مزيد من التجارب المعملية للتأكد من فاعليته وسلامته قبل الانتقال إلى اختباره على البشر. وإذا أثبت الدواء نجاحه في التجارب السريرية، فقد يجري اعتماده خياراً علاجياً مبتكراً لعلاج مرضى قصور القلب، والمساهمة في تقليل عدد الحالات المصابة به مستقبلاً.

سعورس
منذ 16 ساعات
- سعورس
المملكة تدشن مصنع إنتاج وتعبئة أسطوانات الأكسجين الطبي في مديرية المكلا بحضرموت
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع نحو 100 أسطوانة يوميًا؛ بهدف توفير الأكسجين لمرضى القلب في أقسام الطوارئ والعيادات والعمليات والتنويم، مما يعزز قدرة مركز نبض الحياة على الاستجابة لحالات الطوارئ، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي تمر بها اليمن. وعبر وكيل محافظة حضرموت والأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة صالح العلقمي عن شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية ممثلة بمركز الملك سلمان للإغاثة على الدعم الدائم للشعب اليمني في مختلف القطاعات، خصوصًا في المجال الصحي، مشيرًا إلى أن افتتاح مصنع الأكسجين يُعد خطوة بالغة الأهمية لتعزيز خدمات الرعاية الصحية في حضرموت. ويأتي ذلك في إطار الجهود الطبية التي تنفذها المملكة عبر ذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة؛ لمساعدة الفئات المحتاجة والمتضررة في جميع أنحاء العالم.