logo
هل النسوية 'فكرة غربية صُنعت لتدمير مجتمعاتنا'؟

هل النسوية 'فكرة غربية صُنعت لتدمير مجتمعاتنا'؟

الأيام١٤-٠٤-٢٠٢٥

Getty Images
صورة التقطت في سبعينيات القرن الماضي لنساء في شوارع مدينة المنامة، البحرين
كثيراً ما تُتّهم النساء العربيات، اللواتي يطرحن أفكاراً يعتبرها البعض "متحررة" ويطالبن بحقوقٍ إنسانية بديهية، وكذلك الجمعيات المعنية بالدفاع عن حقوق النساء في المنطقة العربية بـ"استيراد مفاهيم غريبة عنا، نشرها الغرب بيننا وزرعها في رؤوسنا لتدمير مجتمعاتنا وتفكيك الأسرة".
بمثل هكذا تعليق على منشورات "ذات طابع نسوي" على وسائل التواصل الاجتماعي، يحذر معلّقون من تداعيات "الأفكار النسوية" على عائلاتنا - هذا التحذير كثيراً ما يأخذ شكل الاتهام الخطير.
لكن، هل هناك أساس تاريخي يؤكد مثل هذا الاتهام؟
وماذا نعرف عن تاريخ النسوية في العالم العربي؟ وهل تختلف بمفهومها عن التجربة الغربية؟
Getty Images
مجموعة من النساء يطالبن بحق التصويت في أي حكومة مصرية جديدة، القاهرة، 1922
"تهمة" النسوّية
تقول لينا عاشور، الأستاذة المساعدة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، إنّ هدف هذا الاتهام، يختلف بحسب من يقوله وبحسب دوافعه السياسية.
وبرأيها، إن جاء الاتهام من شخص من المنطقة العربية، فهدفه يكون "تشويه أي أفكار نسوية ونسبها للغرب، فيقدم نفسه على أنه وطني ويحافظ على القيم الوطنية بنسب هذه الأفكار إلى مكان آخر".
أما إذا أتت هذه الاتهامات من شخص غربي، يؤكد فيها أن النسوية مفهوم غربي فقط "فهدف ذلك مختلف تماماً، إذ يُعتبر ذلك عنصرية بحتة"، وفقاً لعاشور.
وتوضّح فكرتها بأن ذلك ينبع من فكرة بعض الغربيين بأن الشعوب العربية "رجعية وليس لديها أفكار تقدمية".
إلى جانب لينا عاشور، المتخصصة في "نظرية النوع الاجتماعي ودراسة آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط"، تحدثتُ إلى سارة مراد، مؤسسة ومديرة مشاركة لبرنامج دراسات المرأة والجنس في الجامعة الأمريكية في بيروت.
تتفق كل من مراد وعاشور، على أنّ فكرة ارتباط النسوية بالغرب، تنفيها حقيقة أن الكثير من الأفكار والتحركات النسوية في المنطقة العربية عبر التاريخ، ارتبطت بالحراك المناهض للاستعمار الذي جاء إلى منطقتنا، وبحركات النضال الوطني، وليس العكس.
وتعلّق عاشور: "من الملائم جداً للمشككين نزع الطابع السياسي عن التاريخ، ثم القول إن النسوية مستوردة من الغرب".
هل هناك مشكلة في التعريف؟
Getty Images
صف دراسي للفتيات في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، حوالي عام 1865
تُعرّف الموسوعة البريطانية "بريتانيكا" مصطلح "النسوية" على أنه "الإيمان بالمساواة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بين الجنسين".
وبحسب الموسوعة: "على الرغم من أن النسوية نشأت في الغرب بشكل رئيسي، إلا أنها تنتشر عالمياً، وتمثلها مؤسسات متنوعة ملتزمة بالدفاع عن حقوق المرأة ومصالحها".
إلا أنّ هذا التعريف قد يبدو غير دقيق لبعض المختصين بالجندر والنسوية، لأسباب وتفاصيل عديدة.
فعاشور مثلاً، تقول إنّ أحد الفوارق الرئيسية بين "النسوية الليبرالية الغربية" وتاريخ النسوية في العالم العربي، يتمثل بأنّ "الاستهلاك الغربي للنسوية عادةً ما يتركز على قضية واحدة ويناقشها وحدها دون سواها، هي الجندر (النوع الاجتماعي)"، بينما لطالما كانت النسوية في العالم العربي أكثر شمولاً، "إذ لم تكن الأفكار النسوية يوماً منفصلة عن المطالبات الحقوقية المجتمعية والسياسية الأخرى" في المنطقة.
وتضيف، بسبب ذلك، عندما نحاول توثيق نتاج المفكرات النسويات العربيات المشهورات، وعندما نقارنهنّ بمثيلاتهنّ في الغرب، "نشعر وكأنه ليس لدينا شخصيات كثيرة مقارنةً بالغرب. ولكن ذلك في الحقيقة هذا أمر غير دقيق".
تشير عاشور الى أن الكثير من المفكرات والناشطات والعاملات والمناضلات العربيات، كنّ "نسويات" تلقائياً، لكنهنّ لم يعرّفن عن أنفسهنّ كذلك، أي لم يستخدمن هذا التعبير (نسوية) للدلالة على هويتهنّ الفكرية، مما يُصعّب مهمة إيجادهنّ عندما البحث في التاريخ.
كما تطرح عاشور اختلافاً آخر في طريقة قيادة الحركة النسوية بين العالم العربي والغرب.
فتقول إنه في العالم العربي "لا نعتمد الطريقة نفسها (في النضال)، بأن يكون لدينا شخصية نجمة رئيسية" تظهر كقائدة منفردة، وتقود حراكاً نسوياً.
كما تشير إلى غياب التخصص الأكاديمي في هذا المجال، عربياً.
فالطبيبة والمفكرة المصرية نوال السعداوي تعتبر من أبرز الكاتبات والمفكرات النسويات العربيات المشهورات، لكنّ ذلك لم يكن تخصصها الأكاديمي ولا مجال بحثها، "وهذا في الحقيقة أمر غير مهم"، وفقاً لعاشور.
وفي لبنان، قتلت وردة بطرس، وهي عاملة تظاهرت للمطالبة برفع الأجور - ولم تقدم وردة بطرس أو رفيقاتها أنفسهنّ على أنهنّ مناضلات نسويات، إلا أنهنّ كنّ كذلك فعلاً.
فهنّ كنّ من بين العمّال والعاملات في إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) - التي تأسست عام 1935 خلال الانتداب الفرنسي، وشاركن في تظاهرات وإضرابات عمالية عام 1946 للمطالبة بزيادة الأجور وغيرها من التفاصيل الحقوقية العامة، ومنها الخاصة بالنساء العاملات بالمؤسسة، فأطلقت القوات الأمنية الرصاص عليهم.
كيف كانت البدايات؟
Getty Images
الكاتبة والمفكرة النسوية المصرية الراحلة نوال السعداوي في منزلها في القاهرة، 30 سبتمبر/أيلول 2015
في محاولة لرسم صورة عن بدايات ما وصل إلينا من معلومات عن نسويات عربيات، تعود بنا سارة مراد، من الجامعة الأمريكية في بيروت، إلى أواخر القرن التاسع عشر.
تحدّثني عن اللبنانية زينب فواز؛ فكتاباتها المنشورة كانت من بين أول ما وصلنا من مفكرات أو كاتبات نسويات عربيات.
وتقول: "توثق بعض المراجع نشر زينب فوّاز لنصوص مدافعة عن حقوق المرأة في التعليم والعمل، في الصحف المصرية نحو عام 1892".
كما تشير مراد إلى مي زيادة، المولودة في الناصرة لأب لبناني وأم فلسطينية.
"في مرحلة لاحقة من التاريخ، كتبت مي زيادة ثلاث قصص على الأقل عن حياة نساء أخريات غير معروفات، ركزت على حياتهنّ وإنجازاتهنّ، فكان ذلك بمثابة تأريخ لحُقب معينة، أشبه بموسوعة لإنجازات نسائية لم يكن أحد يعير الانتباه إليها".
ونُشر كتاب مي زيادة "باحثة البادية" الذي يتناول قصة حياة الكاتبة المصرية ملاك حفني ناصف عام 1920.
من جهتها، تقول عاشور: "يمكن التفكير بملاك حفني ناصف ضمن أوائل النساء النسويات خلال أواخر القرن التاسع عشر في مصر، حيث كانت تكتب عن حقوق النساء. ولكن لا يمكنني أيضاً القول إن ملاك حفني ناصر كانت أول نسوية عربية".
حاول "مركز معرفة المجتمع المدني" في لبنان، توثيق تسلسل زمني مبدئي عن مفكرات نسويات من البلاد.
ويبدأ التسلسل الزمني عام 1906، مع لبيبة هاشم، التي يصفها المركز بأنها "من أوائل الرائدات في لبنان اللواتي نشرن دورياتٍ (مطبوعات) نسائية؛ إذ صدرت مطبوعة "فتاة الشرق" بين العامين 1906 و1929، (وبعض المصادر ترجع تاريخ أوّل إصدارٍ لها إلى العام 1900).
دافعت تلك المطبوعة عن تحرير النساء، وحقّهنّ في التعليم والمشاركة السياسية.
وتشير عاشور إلى تفاصيل كثيرة تؤثر على وصول هذه الأفكار إلينا.
ومن بين هذه التفاصيل الطبقة الاجتماعية للشخص، وقدرته على تأمين مستوى تعليمي معيّن وقدرته على نشر الأفكار في مجلات أو صحف أو كتب كي تصل للأجيال اللاحقة.
وتعتقد عاشور أيضاً أنّ الكثير من الأسماء يتم تجاهلها عادةً لأسباب سياسية، إذ كانت معظم المفكرات النسويات في العالم العربي يساريات.
وتضيف: "في فترة الحرب الباردة، كانت الحكومات الجديدة في المنطقة تسجن الاشتراكيين، وكانت السيدات تعانين أيضاً في ظل الأوضاع السياسية آنذاك".
كما تعتبر أنه يتم تجاهل ذكر بعض السيدات أيضاً "بسبب نضالهنّ المسلّح مثل الفلسطينية ليلى خالد"، التي "يوجد لها مقاطع فيديو وهي تطرح أفكاراً نسوية عديدة في ورش عمل".
وتضيف: "لذلك أقول إنه لا يمكنك دراسة النسوية في المنطقة لوحدها، بل عليك أيضاً دراسة تاريخ الحركات السياسية بشكل عام".
وليلى خالد، فلسطينية سجنت وارتبط اسمها بعمليات عدة لل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أهمها يتعلق باختطاف طائرة إسرائيلية مدنيّة، ومحاولة اختطاف ثانية.
أبرز الأفكار النسوية العربية
تميزت النسوية العربية بأفكار أخذت طابعها من المجتمع والمنطقة ذات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي المتنوّع، فما أبرز هذه الأفكار؟
1) "فضح النسوية العنصرية"
تعتقد الأستاذة الجامعية لينا عاشور أنّ أول مفكرة معروفة على نطاق واسع ناقشت هذه الفكرة، كانت الكاتبة والباحثة الاجتماعية المغربية فاطمة المرنيسي، التي تناولت العلاقة بين النسوية والإسلام.
وتوضّح بأن المرنيسي، ومن بعدها كثيرات، قلن لنسويّات الغرب "أنتن أيضاً عالقات بمعايير الجمال وتحت ضغط الظهور والعمل بطريقة معينة دون سواها"، في انتقاد لنظرة غربيّة تعتبر النساء العربيات "خاضعات"، بسبب ارتدائهنّ الحجاب وبسبب بعض المحظورات الاجتماعية الأخرى.
لذا، تعتبر عاشور أن "الغرب يفكر بالمرأة وحقوقها بشكل حصري ضمن (سياق) مجتمعات الغرب. في هذا التعاطي الكثير من العنصرية ورهاب الإسلام والمسلمين".
وتشرح فكرتها قائلة: "يمكن أن تتأثر مواضيع الجندر والنسوية بالسياق (المجتمعي والديني)، ويجب أن يكون هناك مساحة للنقاش والتفاوض".
2) النساء العربيات "لسن بحاجة لإنقاذ"
Getty Images
امرأة جزائرية تغطي رأسها ووجهها بالنقاب، بينما تسير بجانبها امرأة ترتدي "زياً عصرياً" في أحد شوارع الجزائر، عام 1988
تعتبر عاشور أن تحدّي بعض الأفكار التي نمّطت المرأة العربيّة، من قبل "الرجل الأبيض"، كان أحد أهم المساهمات للنسويات العربيات.
ويستخدم تعبير "الرجل الأبيض" للدلالة على نظرية تنبع جذورها، بحسب مؤرخين، من حقبة الاستعمار الأوروبي والإمبريالية، فتبرر هيمنة الرجل الأبيض وتفوقه العرقي.
وتعطي مثالاً من كتابات ليلى أبو لغد، وهي أمريكية من أصول فلسطينية، ومختصة بدراسات الأنثروبولوجيا والدراسات النسوية.
فأبو لغد ناقشت نظرة غربيّة اعتبرت النساء المسلمات "لا رأي لهنّ، وضعيفات، وليس ذلك فقط، بل أنهنّ بحاجة لإنقاذ من الأشخاص البيض ومن ضمنهم النساء البيض".
وتشير عاشور إلى أن هذه الفكرة "تمر دون تحد لها في الغرب الليبرالي وفي عالم النسوية البيضاء أيضاً".
3) "لا يمكن الفصل بين القمع الجندري والقمع السياسي"
في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، أتاحت تكنولوجيا الطباعة للنساء أن يصبحن ناشرات لدوريات ومجلات وصحف نسائية، كما تلفت سارة مراد.
أدى ذلك، وفقاً لمراد، إلى ظهور "خطاب نسوي حقيقي ودائم" في العالم العربي من خلال هذه المطبوعات التي كانت تنشر بشكل خاص في كل من مصر ولبنان، فأصبح هناك "تبادل ثقافي نسوي واسع" بين البلدين.
وفي كل من مؤتمر السيدات العربيات الفلسطينيات في القدس عام 1929، والمؤتمر العربي النسائي الأول في دمشق عام 1930، ومؤتمر الاتحاد النسائي العربي في القاهرة عام 1944، الذي أسسته هدى شعرواي، تحدثت نساء عربيات فيه عن أنه "لا يمكنك مناقشة الجندر وحقوق النساء، من دون مناقشة الطبقية والإمبريالية والقومية والاستقلال"، كما تذكّر عاشور.
وتضيف: "لم تقم تلك النساء في أي وقت، بفصل الأمور والقول إنهن يردن فقط التحدث عن الجندر وحقوق المرأة".
إذ فهمن أن قمعهن "مرتبط بالإمبريالية، فطالما لم يتخلصن من الإمبريالية، لن يستطعن التخلص من أي نوع آخر من القمع".
Getty Images
هدى شعراوي (1879-1947)
4) أهمية التضامن الإقليمي
تعطينا المحاضرة الجامعية في لندن، مثالاً على تخطي بعض المناضلات حدود بلادهنّ للدفاع عن حقوق آخرين، وأبرزهن ليلى فخرو - البحرينية التي شاركت في انتفاضة ظفار في سلطنة عمان.
فبين عامي 1963 و1975 شهدت سلطنة عمان أحد أبرز النزاعات المسلحة الصامتة خلال الحرب الباردة، بين قوات السلطان، التي كانت قيادتها بريطانية، وحركة ماركسية مسلحة تمركزت في إقليم ظفار الجنوبي.
في ستينيات القرن الماضي اندلعت "ثورة ظفار" داخل نطاق قبلي ضيق حيث تشكلت جبهة تحرير ظفار ضد حكم السلطان سعيد بن تيمور.
تخبرنا عاشور أنّ فخرو كانت تستخدم اسماً حركياً - فالنسبة لها - كان عملها على الأرض هو "أعلى أشكال النضال".
وتشير إلى مفهوم التعاضد والتضامن الإقليمي لتحقيق نتائج فعالة "موجود عربياً منذ عشرينيات وثلاثينات القرن الماضي"، في حين أن التفكير النسوي الغربي "بدأ بتداولها منذ ستينات أو سبعينات القرن الماضي كمفهوم غربي تقدمي".
وتضيف عاشور أنّ فخرو كانت تجيب من يسألها عن مسؤولياتها تجاه عائلتها وابتعادها عنها كي تكون مناضلة، بالقول إنها "تؤمن بما تفعله إلى حدّ كبير لأنه أمر مرتبط بصحة ورفاهية الجميع، وهو بذلك أكثر أهمية من مسؤوليتها تجاه عائلتها".
في نهاية المقابلة، أشارت عاشور إلى الكثير من النساء عملن لأجل حقوقهنّ بالخفاء، من خلال مجموعات صغيرة جداً، "لكننا لا نسمع عنهنّ لأسباب أمنية، ولا بأس بذلك".
وتضيف: "أعتقد أنّ هذه الجزئية مهمة جداً، لأنّ فكرة التحدث فقط عن الأحداث الكبيرة جداً في التاريخ، وتقديرها دون غيرها، هي أيضاً فكرة ذكورية جداً".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا
الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا

الأيام

timeمنذ 3 أيام

  • الأيام

الاتحاد الأوروبي يعلن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا

Getty Images وافق الاتحاد الأوروبي، مساء الثلاثاء، على رفع العقوبات المفروضة على سوريا، التي اعتبرت الخطوة "إنجازاً تاريخياً"، ستعزز الأمن والاستقرار والازدهار. وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل في تدوينة على موقع إكس: "نريد مساعدة الشعب السوري في بناء سوريا جديدة سلمية تشمل جميع السوريين"، مضيفةً: "الاتحاد الاوروبي وقف دائما بجانب السوريين على مدار السنوات الـ14 الماضية، وسوف يستمر في القيام بذلك". وسارع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى توجيه الشكر للاتحاد الأوروبي. وقال في منشور على منصة إكس: "نحقق مع شعبنا السوري إنجازاً تاريخيا جديداً برفع عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا. كل الشكر لدول الاتحاد الأوروبي، ولكل من ساهم في هذا الانتصار". تهدف هذه الخطوة إلى مساعدة حكام سوريا في الفترة الانتقالية على إعادة بناء البلاد بعد حرب طويلة. وصرّح مسؤولون بأن هذا الإجراء قد يُعاد فرضه إذا لم يحترم القادة السوريون حقوق الأقليات ويتجهوا نحو الديمقراطية. وأشارت المصادر الى أن سفراء الدول الـ27 الأعضاء في التكتل القارّي توصلوا إلى اتفاق مبدئي بهذا الشأن، ومن المتوقع أن يكشف عنه وزراء خارجيتها رسمياً في وقت لاحق اليوم الثلاثاء. وجاء قرار الاتحاد الأوروبي بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي رفع واشنطن عقوباتها عن سوريا. وتطالب الحكومة السورية بتخفيف العقوبات الدولية المفروضة. وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وضع حد لعزلة البنوك السورية عن النظام العالمي وإنهاء تجميد أصول البنك المركزي. ومن المقرر الإبقاء على إجراءات أخرى تستهدف نظام الأسد وتحظر بيع الأسلحة أو المعدات التي يمكن استخدامها لقمع المدنيين. تأتي هذه الخطوة الأخيرة من الاتحاد الأوروبي بعد خطوة أولى في شباط/فبراير تم فيها تعليق بعض العقوبات على قطاعات اقتصادية سورية رئيسية. وكانت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، قد أعربت يوم الثلاثاء عن أملها في أن يتوصل الوزراء المجتمعون في بروكسل إلى اتفاق بشأن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. وقالت كالاس للصحفيين قبل الاجتماع: "فيما يتعلق بسوريا، آمل أن نتفق على رفع العقوبات الاقتصادية اليوم"، محذرة من أن أوروبا إما أن تمنح سوريا فرصة الاستقرار أو تخاطر بالوصول إلى وضعٍ مشابهٍ لما حدث في أفغانستان. وقال مسؤولون إن الوزراء يدرسون قراراً سياسياً برفع العقوبات الاقتصادية مع الإبقاء على العقوبات المفروضة على نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، واتخاذ تدابير ضد منتهكي حقوق الإنسان. وأفاد دبلوماسيون بأن السفراء توصلوا إلى اتفاق أوليّ صباح الثلاثاء بشأن الاتفاق السياسي لرفع العقوبات الاقتصادية، مشيرين إلى أن القرار النهائي يعود للوزراء. وقالت كالاس: "من الواضح أننا نريد أن تكون هناك وظائف وسبل عيش للشعب (في سوريا)، حتى تصبح دولة أكثر استقراراً". وقد خفّف الاتحاد الأوروبي بالفعل العقوبات المتعلقة بالطاقة والنقل وإعادة الإعمار، بالإضافة إلى المعاملات المالية المرتبطة بها، إلا أن بعض العواصم جادلت بأن هذه الإجراءات لم تكن كافية لدعم التحول السياسي والتعافي الاقتصادي في سوريا.

مدريد 'تصفع' الرباط في سماء الصحراء؟
مدريد 'تصفع' الرباط في سماء الصحراء؟

أريفينو.نت

timeمنذ 3 أيام

  • أريفينو.نت

مدريد 'تصفع' الرباط في سماء الصحراء؟

أريفينو.نت/خاص كشفت صحيفة 'إل كونفيدنسيال' الإسبانية أن حكومة بيدرو سانشيز لم تستجب حتى الآن للمطالب المغربية بنقل إدارة المجال الجوي للصحراء الغربية إلى الرباط، وذلك على الرغم من مرور 49 عاماً على إنهاء إسبانيا لوجودها في ما كان يُعتبر آخر مستعمرة لها في إفريقيا. وتواصل شركة 'إينيري' (ENAIRE) الإسبانية الحكومية، المسؤولة عن إدارة المجال الجوي، تسيير هذه المهمة من مطار غاندو بجزيرة كناريا الكبرى. دبلوماسي مغربي سابق 'يفضح المستور': مفاوضات فاشلة وتشبث إسباني بالوضع الراهن! نقلت الصحيفة عن السيد علي عاشور، الذي شغل منصب سفير المغرب في عدة دول أوروبية ولاتينية وألف كتاباً حول المستعمرة السابقة بعنوان 'الصحراء المغربية: 20 سؤالاً للفهم'، أنه أول مسؤول مغربي يؤكد أن مدريد والرباط تفاوضتا بشأن هذا النقل دون التوصل إلى اتفاق. وفي مقال رأي نشره عاشور في صحيفة 'برلمان' المغربية، التي وصفتها 'إل كونفيدنسيال' بالموالية للحكومة، كتب الدبلوماسي المتقاعد: 'فيما يتعلق بالأقاليم الجنوبية [التسمية التي تطلقها الرباط على الصحراء الغربية]، قام المغرب بمساعٍ لتسليمه إدارة الحركة الجوية في المنطقة'، مضيفاً أنه 'لهذا الغرض، عُقدت عدة اجتماعات بين الفرق التقنية من البلدين، ولكن دون التوصل إلى نتيجة'. ووفقاً لعاشور، الذي شغل أيضاً منصب رئيس ديوان وزير الخارجية المغربي، فإن إسبانيا 'عترضت أيضاً على تعديلات حدود مناطق معلومات الطيران (FIR) التي اقترحها المغرب لتشمل شمال أراضيه'، وذلك 'للحفاظ على سيطرتها على الحركة الجوية فوق جيبيها' سبتة ومليلية. آمال 'خارطة الطريق' تتبخر… ومدريد تُصر: لا تنازل عن سماء الصحراء! أشار السفير السابق إلى أن 'خارطة الطريق' التي تم توقيعها في الرباط بين إسبانيا والمغرب بمناسبة زيارة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في 7 أبريل 2022، 'أثارت أملاً كبيراً' في بلاده. وللحيلولة دون تبدد هذا الأمل، زعمت 'إل كونفيدنسيال' أن الصحافة المغربية قامت في بعض الأحيان بـ'تحريف كلمات' أعضاء في الحكومة الإسبانية للإيحاء بأنهم استجابوا لهذا المطلب. وكانت الوثيقة الإسبانية-المغربية قد أعلنت عن 'بدء محادثات حول إدارة المجالات الجوية'، وهو ما فهمه الجانب المغربي على أنه لا يمكن أن يؤدي إلا إلى نقل السيطرة بعد انحياز سانشيز لمخطط الحكم الذاتي الذي يطرحه الملك محمد السادس منذ عام 2007. ونقلت الصحيفة تأكيد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في آخر تصريح له بالكونغرس يوم 18 ديسمبر الماضي، للنائب جون إينياريتو (من حزب بيلدو)، بأن التنازل عن هذه السيطرة الجوية ليس جزءاً من خطط حكومته. كما أكد مراقبون جويون لـ'إل كونفيدنسيال' أنه لم يتغير شيء فيما يتعلق بإدارة أجواء الصحراء الغربية، حيث تُدار الرحلات المدنية من كناريا الكبرى، ولكن ليس الرحلات العسكرية الكثيرة نظراً لتركز الجزء الأكبر من الجيش المغربي هناك. إقرأ ايضاً لماذا تتمسك إسبانيا بإدارة أجواء 'مستعمرتها السابقة'؟ جدل قانوني وسياسي! تساءل علي عاشور في مقاله، مستعيداً الحجة التي استخدمها المفاوضون المغاربة: 'ما هي مصلحة مدريد في الحفاظ على السيطرة الجوية على إقليم لا تمارس عليه إسبانيا أي سلطة سياسية؟'، مذكراً بأن إسبانيا أبلغت الأمم المتحدة في فبراير 1976 بأنها أنهت وجودها في الصحراء الغربية واعتبرت نفسها غير مسؤولة دولياً عن إدارة الإقليم. ودعا عاشور البلدين الجارين إلى توقيع اتفاق ثنائي 'ينهي المسؤوليات الإسبانية المحددة التي تعود إلى الماضي'، على أن يُحال هذا الاتفاق لاحقاً إلى منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، التي توقع ألا تضع أي عقبات أمامه. ومع ذلك، تشير 'إل كونفيدنسيال' إلى أنه ليس من المؤكد أن تسير الأمور بهذه السلاسة، فبحسب الأمم المتحدة، لا تزال الصحراء الغربية إقليماً غير متمتع بالحكم الذاتي ينتظر تصفية الاستعمار، وإسبانيا هي القوة القائمة بالإدارة بحكم القانون. وبالتالي، فإن نقل إدارة المجال الجوي الصحراوي إلى المغرب سيكون خطوة إضافية نحو الاعتراف بسيادته على المستعمرة الإسبانية السابقة، وهو أمر لم تقم به حتى اليوم سوى دولتين ديمقراطيتين (الولايات المتحدة وفرنسا، حسب الصحيفة). وقد ذكّر الحزب الشعبي الإسباني بهذا الأمر في 6 مايو الماضي في لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس، حيث قدم مقترحاً غير تشريعي أكد فيه أن 'أي تنازل عن صلاحيات إدارة الأجواء، دون دعم من منظمة الطيران المدني الدولي، سيعني انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وسيعادل اعترافاً ضمنياً بالسيادة المغربية على الإقليم'. وقد تمت الموافقة على هذا المقترح بأغلبية واسعة، حيث عارضه النواب الاشتراكيون فقط. تنازلات في الأجواء… ولكن ليس في الإدارة: رحلات 'رايان إير' وقرارات القضاء الأوروبي! إذا كانت الحكومة الإسبانية لم تتنازل فيما يتعلق بإدارة المجال الجوي، فقد فعلت ذلك، بحسب الصحيفة، عندما سمحت اعتباراً من يناير الماضي لشركة 'رايان إير' بتسيير رحلات منتظمة من مدريد إلى الداخلة. كما تربط شركة 'بينتر كنارياس' لاس بالماس بالمستعمرة الإسبانية السابقة. وتذكر الصحيفة بأن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي قضت في نوفمبر 2018 بأن اتفاق الخدمات الجوية بين بروكسل والمغرب لا ينطبق على الصحراء الغربية. وبالتالي، فإن الأساس القانوني الذي استندت إليه الوكالة الإسبانية لسلامة الطيران لمنح الترخيص لشركة 'رايان إير' لا يبدو، وفقاً للصحيفة، متوافقاً مع القانون، مما قد يفتح الباب لطلب إلغاء هذا القرار قضائياً، الأمر الذي قد يتطلب موافقة جبهة البوليساريو، التي تمثل الصحراويين بحسب حكمين لمحكمة العدل الأوروبية صدرا في أكتوبر 2024، لأي اتفاق جديد يؤثر على إقليمهم.

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟
من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

الأيام

timeمنذ 3 أيام

  • الأيام

من هم الأفريكانرز الذين يريد ترامب منحهم الجنسية الأمريكية؟

Getty Images الجنرال لويس بوتا قائد قوات الترنسفال وجنوده خلال حرب البوير الثانية، وقد أصبح أول رئيس وزراء لجنوب إفريقيا بينما تضع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيودا على عملية تجنيس المهاجرين وطالبي اللجوء من دول تمزقها الحروب والمجاعات، وصلت إلى الولايات المتحدة مؤخرا أول مجموعة مكونة من 59 شخصا بِيض البشرة من جنوب إفريقيا (الأفريكانرز) والذين منحهم ترامب حق اللجوء في أمريكا. وغالبا ما ينتظر اللاجئون سنوات قبل معالجة طلباتهم والموافقة على سفرهم إلى الولايات المتحدة، إلا أن الأفريكانرز الذين وصلوا إلى أمريكا، لم ينتظروا أكثر من 3 أشهر. وقد شهدت العلاقات بين جنوب أفريقيا والولايات المتحدة توترا ملحوظا منذ تكليف الرئيس ترامب إدارته في فبراير الماضي بوضع خطط لإعادة توطين "الأفريكانرز" في الولايات المتحدة. وانتقدت الولايات المتحدة السياسة الداخلية لجنوب إفريقيا، متهمة الحكومة بالاستيلاء على أراضي المزارعين البِيض دون أي تعويض، وهو أمر تنفيه جنوب إفريقيا. ويذكر أنه بعد أكثر من 30 عاماً على نهاية النظام العنصري في جنوب أفريقيا، لا يمتلك المزارعون السود سوى جزء صغير من أفضل الأراضي الزراعية في البلاد، ولا تزال غالبيتها في أيدي البِيض. وتعتزم حكومة جنوب إفريقيا توزيع 8 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية على المزارعين السود بحلول عام 2030، ضمن جهودها لتحقيق العدالة الاقتصادية بعد عقود من سياسات الفصل العنصري. ففي يناير الماضي، وقّع رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا قانوناً مثيراً للجدل يسمح للحكومة بمصادرة الأراضي المملوكة للقطاع الخاص دون تعويض، في ظروف معينة، عندما يُعتبر ذلك "عادلاً ويخدم المصلحة العامة". وقد وصف رامافوزا المجموعة التي سافرت إلى الولايات المتحدة بـ"الجبناء"، قائلاً إنهم لا يريدون معالجة أوجه عدم المساواة في حقبة الفصل العنصري. Reuters أول مجموعة من البيض من جنوب أفريقيا تهبط في مطار دالاس ونسبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية لترامب تشبيهه جهود حكومة جنوب أفريقيا للقضاء على التفاوتات العرقية بالتمييز ضد البِيض، وقال إن الأفريكانرز ضحايا "إبادة جماعية". وأضاف قائلاً: "إن المزارعين يُقتلون، إنهم بِيض، وسواء كانوا بيضاً أم سوداً، لا فرق لديّ، يُقتل المزارعون البِيض بوحشية، وتُصادَر أراضيهم في جنوب أفريقيا". وسبق أن اشار إيلون ماسك، أحد أقطاب إدارة ترامب والمولود في جنوب أفريقيا، إلى حدوث "إبادة جماعية للبِيض" في جنوب أفريقيا، واتهم الحكومة بتمرير "قوانين ملكية عنصرية". ودُحضت مزاعم الإبادة الجماعية للبِيض على نطاق واسع. ولا تدعم بيانات الشرطة هذه الرواية، إذ تُظهر أن عمليات القتل في المزارع نادرة، وأن معظم الضحايا من السود. كما قالت وزارة خارجية جنوب أفريقيا في بيان بهذا الشأن إن الاتهامات الموجَّهة للحكومة بالتمييز ضد الأقلية البيضاء في البلاد "لا أساس لها من الصحة"، وإن برنامج إعادة التوطين الأمريكي محاولة لتقويض "الديمقراطية الدستورية" في البلاد. Getty Images تتطلع المجموعة الأولى المكونة من 59 لاجئاً من الأفريكانرز إلى حياتهم الجديدة في الولايات المتحدة وأضاف البيان أن البلاد عملت "بلا كلل" لوقف التمييز، بالنظر إلى تاريخها من القمع العنصري في ظل نظام الفصل العنصري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ترامب قوله إن الولايات المتحدة ستمنح الجنسية للأفريكانرز. وتعتزم الإدارة الأمريكية الاعتماد على مكتب اللاجئين التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية للمساعدة في إعادة توطين القادمين إلى الولايات المتحدة. وقد تواصل المكتب مع منظمات اللاجئين للتحضير لوصول الأفريكانرز، وفقاً لمذكرة صادرة عن الوزارة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وحسب المذكرة، ستساعدهم الإدارة في العثور على "مساكن مؤقتة أو طويلة الأجل، وأثاث منزلي، وأدوات منزلية أساسية، ولوازم تنظيف". كما تخطط الإدارة لمساعدتهم في تأمين "البقالة، والملابس المناسبة للطقس، والحفاضات، وحليب الأطفال، ومنتجات النظافة، والهواتف المدفوعة مسبقاً التي تُعينهم على حياتهم اليومية". ويبلغ عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا نحو 4.2 مليون نسمة من بين نحو 63 مليون نسمة هم عدد سكان البلاد، وقد مثّل الأفريكانرز في أوائل القرن الحادي والعشرين حوالي 60 في المئة من السكان البِيض هناك. "لم أحضر إلى هنا للتسلية" وقال تشارل كلاينهاوس، أحد الأفريكانرز الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة والبالغ من العمر 46 عاماً، لبي بي سي، إنه غادر وطنه بعد تلقيه تهديدات بالقتل عبر رسائل واتساب. وتابع كلاينس، الذي يقيم حالياً في فندق صغير في بافالو في ولاية نيويورك، قائلاً: "اضطررتُ لمغادرة منزل يضم 5 غرف نوم، والذي سأفتقده الآن"، مشيراً إلى أنه ترك سيارته وكلابه وحتى والدته، ويضيف قائلا: "لم أحضر إلى هنا للتسلية". BBC قال تشارل كلاينهاوس إنه تلقى تهديدات بالقتل في الأسبوع الماضي، كان كلاينهاوس يعيش في مزرعة عائلته في مقاطعة مبومالانغا بجنوب أفريقيا، وتُعرف هذه المقاطعة، بجمالها الطبيعي الأخّاذ وحياة البرية الوفيرة، وبأنها "المكان الذي تشرق فيه الشمس". والتباين في مكان الإقامة واضح للغاية، لكن بالنسبة له، فإن وضعه في بافالو في نيويورك، أفضل حالا بالفعل، ويقول كلاينهاوس، الذي توفيت زوجته في حادث سير عام 2006: "أطفالي الآن بأمان". ويُقر بأنه فوجئ بسرعة وصوله إلى الولايات المتحدة، وأنه مُمتن لترامب، ويقول: "شعرتُ أخيراً أن هناك من يرى ما يحدث في هذا العالم". وعندما وصل هو وعائلته مع آخرين إلى المطار، استُقبلوا ببالونات حمراء وبيضاء وزرقاء، ويصف كلاينهاوس الفخامة والاحتفال بأنه "مذهل". ويعترف كلاينهاوس بأن السود في جنوب أفريقيا عانوا مثله، لكنه يقول: "لم تكن لي أي علاقة بالفصل العنصري، لا شيء، لا شيء، لا شيء". ويُقر كلاينهاوس بانخفاض معدل جرائم قتل المزارعين في جنوب أفريقيا، لكنه يقول إنه لا يريد أن يكون ضحية، ويضيف قائلاً: "هناك أشخاص في منطقتي قُتلوا رمياً بالرصاص". وعلى الجانب الآخر، هناك فريق من الأفريكانرز يرفض مغادرة البلاد مثل أولريش جانس فان فورين الذي قال لبي بي سي: "أعشق الترويج لجنوب أفريقيا، ولا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني". وجانس فان فورين شغوف بمشاركة وإبراز بعضٍ من أجمل معالم جنوب أفريقيا مع جمهوره الغفير من متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي. وكثيراً ما يلتقط هذا الشاب الجنوب أفريقي الأبيض، البالغ من العمر 38 عاماً، صوراً لمشاهد مثل صباح جوهانسبرغ البارد، وأشجار الجاكاراندا الأرجوانية التي تشتهر بريتوريا بجمالها، أو شواطئ كيب تاون الشهيرة. وقال جانس فان فورين، الذي يتابعه أكثر من مليون شخص على وسائل التواصل الاجتماعي: "جنوب أفريقيا هي موطني. إنها موطن جذوري وتراثي، حيث يمكنني المساهمة في تاريخ أمتنا وإحداث تأثير هادف، وأنا منخرط بشدة في نجاح جنوب أفريقيا، وأفخر بكوني جزءاً من رحلة نجاحها". وأضاف قائلاً: "إن الجدل حول وضع الأفريكانرز في جنوب أفريقيا جعلني أكثر تصميماً من أي وقت مضى على البقاء في البلاد والعمل بكل طاقتي على نجاحها". من هم الأفريكانرز؟ تقول دائرة المعارف البريطانية إن الأفريكانرز هم جنوب إفريقيون من أصل أوروبي، لغتهم الأم هي الأفريكانية، وينحدرون من البوير. وتعني كلمة بوير بالهولندية مزارع، وهم الجنوب أفريقيون من أصل هولندي أو ألماني، أو الإنجيليون الفرنسيون الذين هربوا من الاضطهاد الديني في أوروبا، وكانوا من أوائل المستوطنين في ترانسفال ودولة أورانج الحرة، واليوم، يُشار إلى أحفاد البوير عادةً باسم الأفريكانرز. وقد كلفت شركة الهند الشرقية الهولندية يان فان ريبيك في عام 1652 بإنشاء محطة شحن في رأس الرجاء الصالح. وفي عام 1707، بلغ عدد السكان الأوروبيين في مستعمرة كيب تاون 1779 شخصاً، وسرعان ما ازدهرت المستعمرة الهولندية. وكان البوير معادين للشعوب الأفريقية الأصلية، الذين خاضوا معهم حروباً متكررة على المراعي، كما كانوا معادين أيضاً لحكومة الكيب، التي كانت تحاول السيطرة على تحركات البوير وتجارتهم، وقارنوا أسلوب حياتهم بأسلوب حياة الآباء العبرانيين المذكورين في الكتاب المقدس، حيث طوروا مجتمعات أبوية مستقلة قائمة على اقتصاد رعوي متنقل. Ulrich Janse van Vuuren يقول أولريش جانس فان فورين: "لا أنوي قبول عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فجنوب أفريقيا هي موطني" وفي تأثر بالعقيدة الكلفينية التي كانوا يدينون بها، اعتبروا أنفسهم أبناء الرب في البرية، فهم "مسيحيون مختارون من الرب لحكم الأرض وسكانها الأصليين المتخلفين". وبحلول نهاية القرن الثامن عشر، كانت الروابط الثقافية بين البوير ونظرائهم في المناطق الحضرية تتضاءل، على الرغم من أن كلتا المجموعتين استمرتا في التحدث باللغة الأفريكانية، وهي لغة تطورت من خليط من اللغة الهولندية واللغات الأفريقية الأصلية ولغات أخرى. وأصبحت مستعمرة الكيب ملكية بريطانية عام 1806 نتيجة للحروب النابليونية، وعلى الرغم من قبول البوير في البداية للإدارة الاستعمارية الجديدة، إلا أنهم سرعان ما شعروا بالاستياء من السياسات الليبرالية البريطانية، وخاصة فيما يتعلق بتحرير العبيد. وبسبب ذلك، فضلاً عن حروب الحدود مع السكان الأصليين، والحاجة إلى أراضٍ زراعية أكثر خصوبة، بدأ العديد من البوير في عشرينيات القرن التاسع عشر بالهجرة شمالاً وشرقاً إلى داخل جنوب أفريقيا، وقد عُرفت هذه الهجرات باسم "الارتحال الكبير". وفي عام 1852، وافقت الحكومة البريطانية على الاعتراف باستقلال المستوطنين في ترانسفال (التي أصبحت لاحقاً جمهورية جنوب أفريقيا)، وفي عام 1854 اعترفت باستقلال أولئك الموجودين في منطقة نهري فال-أورانج (التي أصبحت لاحقاً دولة أورانج الحرة)، وتبنّت هاتان الجمهوريتان الجديدتان الفصل العنصري. حروب البوير مهّد اكتشاف الماس والذهب في جنوب أفريقيا في عام 1867الطريق لحربين؛ الأولى في نهاية عام 1880 وأوائل عام 1881، والثانية بين عامي 1899 و1902. وتعود جذور الصراع إلى مطالبات بريطانيا بالسيادة على جمهورية جنوب أفريقيا الغنية، وقلقها من رفض البوير منْح الحقوق المدنية لما يُسمى "الأوتلاندرز" (المهاجرون - ومعظمهم بريطانيون - إلى مناطق مناجم الذهب والماس في الترانسفال). وأثارت أسباب الحرب جدلاً حاداً بين المؤرخين، ولا تزال دون حلٍ حتى اليوم كما كانت خلال الحرب نفسها؛ حيث زعم السياسيون البريطانيون أنهم كانوا يدافعون عن "سيادتهم" على جمهورية جنوب أفريقيا، المنصوص عليها في اتفاقيتَيْ بريتوريا ولندن لعامي 1881 و1884 على التوالي. فيما يؤكد العديد من المؤرخين أن الصراع كان في الواقع للسيطرة على مجمع ويتواترسراند الغني لتعدين الذهب الواقع في جمهورية جنوب أفريقيا، وكان هذا المجمع أكبر مجمع لتعدين الذهب في العالم في وقتٍ كانت الأنظمة النقدية العالمية، وعلى رأسها البريطانية، تعتمد بشكل متزايد على الذهب. Getty Images مجموعة من جنود الكوماندوز البوير مع مدفع هاوتزر خلال الحرب في جنوب أفريقيا حوالي عام 1900 ووقعت حرب البوير الأولى عندما قامت الحكومة البريطانية بتعيين اللورد كارنافون سكرتيراً للمستعمرات، وسرعان ما بدأ بالتفاوض مع الإدارات المحلية من أجل تحقيق اتحاد فيدرالي في جنوب أفريقيا، ولكن المفاوضات انهارت في عام 1877، فقام اللورد كارنافون بإرسال قوة بريطانية لضم الترانسفال بالقوة. وحدثت أول مواجهة بين الجانبين في مدينة بوتشيفستروم في 16 ديسمبر/‏كانون الأول 1880، وانتصر البوير في هذه المواجهة. وفي 27 فبراير/‏شباط من عام 1881 هُزمت القوات البريطانية في معركة ماغوبار - لتفشل بريطانيا في بسط سيادتها على منطقة الترنسفال. وظلت العلاقة متوترة بين الطرفين حتى اندلعت حرب البوير الثانية في عام 1899. وبدعم من دولة أورانج الحرة، خاضت جمهورية جنوب أفريقيا معركة ضد الإمبراطورية البريطانية لأكثر من عامين. كانت بوادر تلك الحرب قد بدأت في عام 1897 - عندما طلب ألفريد ميلنر المفوض السامي البريطاني في جنوب أفريقيا تعديل دستور ترانسفال لتوفير المزيد من الحقوق السياسية للبريطانيين الذين يعيشون في الجمهورية. وسرعان ما بدأت الحكومة البريطانية في إرسال قوات لتعزيز حاميتها في جنوب أفريقيا. وفي 9 أكتوبر من عام 1899 أصدرت جمهوريتا البوير إنذاراً نهائياً لبريطانيا، طالبتا فيه القوات البريطانية بالانسحاب من المناطق الحدودية، ولم يستجب البريطانيون لهذا الإنذار. في 11 أكتوبر من عام 1899، تم إعلان الحرب رسميا. ومن الأحداث التي شهدتها هذه الحرب وتحديدا في 15 نونبر من عام 1899 - وقوع المراسل الحربي البريطاني الشاب وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا فيما بعد، في أسر قوات الجنرال لويس بوتا قائد قوات البوير وجنوده الذين نصبوا كمينا لقطار مصفّح في ناتال، وقد تم اعتقال تشرشل وسجنه في بريتوريا. ورغم أنها كانت أكبر وأكثر الحروب تكلفةً - والتي خاضتها بريطانيا بين الحروب النابليونية والحرب العالمية الأولى (حيث أنفقت أكثر من 200 مليون جنيه استرليني)، إلا أنها دارت بين طرفين متحاربين غير متكافئين تماماً؛ حيث بلغ إجمالي القوة العسكرية البريطانية في جنوب أفريقيا ما يقرب من 500 ألف جندي، بينما لم يتجاوز عدد البوير حوالي 88 ألف مقاتل. لكن البريطانيين كانوا يقاتلون في بلد معادٍ على أرض وعرة، مع خطوط اتصالات طويلة، في حين كان البوير - في الغالب في وضع دفاعي - قادرين على استخدام نيران البنادق الحديثة بكفاءة عالية، في وقتٍ لم تكن القوات المهاجمة تملك أي وسيلة للتغلب عليها. ورغم مهارة البوير في حرب العصابات، استسلموا في النهاية للقوات البريطانية عام 1902، منهين بذلك الوجود المستقل لجمهوريتَيْ البوير. وقد لقي عشرات الآلاف من البوير حتفهم بسبب القتال والجوع والمرض، وضم البريطانيون المنتصرون جمهوريتَيْ جنوب أفريقيا وأورانج الحرة. وبعد الحرب أظهر الطرفان الاستعداد للتعاون بهدف التوحد ضد الأفارقة السود، ورغم ذلك ظلت العلاقات بين البوير (أو الأفريكانرز، كما أصبحوا يُعرفون) والجنوب أفريقيين الناطقين بالإنجليزية فاترة لعقود عديدة. وعلى الصعيد الدولي، ساهمت الحرب في تأجيج الأجواء بين القوى الأوروبية العظمى، إذ وجدت بريطانيا أن معظم الدول الأوروبية تتعاطف مع البوير. التمييز العنصري Getty Images في تحدٍّ لقوانين الفصل العنصري الصارمة، استولت مجموعة من السكان الأصليين من جنوب أفريقيا في عام 1952 على عربة قطار كُتب عليها "للأوروبيين فقط" - ودخلوا كيب تاون حيث اعتقلتهم الشرطة وعلى الرغم من إعادة دمجهم في النظام الاستعماري البريطاني بعد الحرب، احتفظ الأفريكانرز بلغتهم وثقافتهم، وحققوا في نهاية المطاف نفوذاً سياسياً عجزوا عن تحقيقه عسكرياً. وفي عام 1910 قام البريطانيون بتأسيس اتحاد جنوب أفريقيا من قِبل المستعمرات البريطانية السابقة، كيب تاون وناتال، وجمهوريتَيْ البوير جنوب أفريقيا (الترانسفال)، ودولة أورانج الحرة. وسرعان ما أُعيد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، وظلّ عنصراً أساسياً في السياسات العامة للبلاد طوال معظم القرن العشرين، ولم يُلغَ في تسعينيات القرن العشرين إلا بعد استنكار عالمي. وبين عامي 1910و1948 حكم جنوب أفريقيا 3 زعماء من البيض هم بوتا، وجان سميث، وهرتسوغ، وهم جنرالات سابقون في الجيش، وقد عمل هؤلاء على تطوير قوميةٍ جنوب أفريقية وإرساء قواعد نظام حكم عنصري في البلاد. وتعود بدايات نظام الفصل العنصري إلى قرار قانون الأراضي في عام 1913 لمنع السود في جنوب أفريقيا، باستثناء سكان مقاطعة كيب تاون، من شراء الأراضي خارج المحميات المُخصَّصة لهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، أصبحت جنوب غرب أفريقيا، الإقليم الألماني السابق، ناميبيا حالياً، تحت إدارة جنوب أفريقيا - وذلك في عام 1919. وتعزز التمييز ضد السود والآسيويين وأغلبهم من الهنود، الذين شجع البريطانيون هجرتهم إلى جنوب أفريقيا في القرن التاسع عشر، مع وصول الحزب الوطني، الذي أسسه الأفريكانرز في عام 1914، إلى الحكم في 1948، وذلك بسنّ قوانين لفصل البيض عن بقية السكان في التعليم والرعاية الصحية ووسائل النقل والمطاعم والشواطئ، ومنع الزواج المختلط بين الأعراق، والاستيلاء على 87 في المئة من الأراضي للبِيض، والتهجير القسري لأكثر من 3 ملايين من السود، وفرض تدريس اللغة الأفريكانية، كما أن السود لم يكن لهم حق التصويت ولم يكن لهم تمثيل في الحكومة. وفي عام 1950 بدأ تصنيف السكان حسب العرق، وإقرار قانون المناطق الجماعية لفصل السود عن البِيض، وقد رد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، الذي كان قد تأسس عام 1912، بحملة عصيان مدني بقيادة نيلسون مانديلا. ولقي 69 متظاهراً أسود مصرعهم في شاربفيل في عام 1960، كما تم حظر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي العام التالي انسحبت جنوب أفريقيا من الكومنولث وأعلنت الجمهورية، فيما قاد مانديلا الجناح العسكري الجديد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي بدأ تمرداً ضد النظام العنصري. وفي ستينيات القرن الماضي، بدأ الضغط الدولي على الحكومة العنصرية، واستبعاد جنوب أفريقيا من الألعاب الأولمبية. وفي عام 1964 - صدر الحكم على زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، نيلسون مانديلا، بالسجن المؤبد. نهاية حكم البِيض Getty Images قاد نيلسون مانديلا النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تولى فريدريك دبليو دي كليرك الرئاسة في عام 1989 خلفاً لـ بي دبليو بوتا، ليتم إلغاء الفصل العنصري في المرافق العامة. كما أُطلق سراح العديد من نشطاء حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي عام 1990 انتهى الحظر على حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وتم إطلاق سراح نيلسون مانديلا بعد 27 عاماً في السجن. وألغى دي كليرك في عام 1991 قوانين الفصل العنصري المتبقية، وتم ورفع العقوبات الدولية. وفي عام 1994 فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بأول انتخابات غير عنصرية، وأصبح نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد، وترأس حكومة وحدة وطنية، وعادت جنوب أفريقيا إلى الكومنولث، وشغلت مقعداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد غياب دام 20 عاماً. وفي عام 1996 بدأت لجنة الحقيقة والمصالحة برئاسة رئيس الأساقفة ديزموند توتو جلسات استماع بشأن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة السابقة وحركات التحرير خلال حقبة الفصل العنصري. ووصف تقرير لجنة الحقيقة والمصالحة الفصل العنصري بأنه جريمة ضد الإنسانية. يذكر أن العديد من الأفريكانرز غادروا جنوب أفريقيا منذ نهاية نظام الفصل العنصري، ويقيم الآن حوالي 100 ألف منهم في بريطانيا. ومن المتوقع أن يستمر تراجع عدد السكان البِيض في جنوب أفريقيا؛ وينعكس ذلك في التقديرات الرسمية التي أشارت إلى تراجع عددهم بنحو 113 ألف نسمة بين عامي 2016 و2021.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store